الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى المواضيع الأدبية المنقولة



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-12-30, 08:25 رقم المشاركة : 11
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: وقفات مع الشعر والتاريخ


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشريف السلاوي مشاهدة المشاركة
لله درّك أخي الكريم روبن هود !
كيف لا أتذوق - هذا الشعر - و أنا أقرأ

النَّهْرُ سَلَّ حُسَامَا عَلَى قُدُودِ الغُصُونْ
وَلِلنَّسِيمِ مَجَالْ
وَالرَّوْضُ فِيهِ اخْتِيَالْ
مُدَّتْ عَلَيْهِ ظِلالْ
وَالزَّهْرُ شَقَّ كِمَامَا وَجْدًا بِتِلْكَ اللُّحُونْ
أَمَا تَرَى الطَّيْرَ صَاحَا
وَالصُّبْحَ فِي الأُفْقِ لاحَا
وَالزَّهْرَ فِي الرَّوْضِ فَاحَا
وَالبَرْقَ سَاقَ الغَمَامَا تَبْكِي بِدَمْعٍ هَتُونْ

دمت مبدعا رائعا أستاذي الكريم

جميل، بل رائع.





    رد مع اقتباس
قديم 2014-01-01, 11:39 رقم المشاركة : 12
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: وقفات مع الشعر والتاريخ


وفي سنة 635هـ، سقطت قرطبة بصفة نهائية في يد النصاري، ثم اشتد الخناق على مدينة بلنسية فصارت النصرة مطلوبة، وفي ذلك أنشد ابن الأبار القضاعي مناديا سلطان تونس، أبا زكرياء بن حفص:

أدرك بخــيلك خــيل الله أندلســـا *** إن السبيل إلى منجاتها درسا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست*** فلم يزل منك عزّ النصر ملتمسا
مدائن حلها الإشراك مبتسمــا *** جذلان، وارتحل الإيمان مبتئسا
ياللمساجد عادت للعـــدا بيعــا *** وللنداء غدا أثناءها جرسـا

ثم في قصيدة أخرى:

نَادَتــْكَ أنْدَلُسٌ فَلَبِّ نــِداءَها *** واجْعل طَواغيتَ الصّليبِ فِداءَها
صَرَختْ بِدَعوَتك العليّة فاحْبُها*** من عاطِفاتك ما يقي حوْباءها
واشدُدْ بِجلبك جُرْد خَيلك أزْرَها*** تَرْدُدْ على أعْقَابِها أرْزَاءها


لكن لا راد للقدر المحتوم. فقد سقطت المدينة وحصل ما يرافق السقوط دائما. وقد سطر ابن خفاجة أبياتا رائعة تصور حجم المأساة:

عاثت بساحتك العدا يا دار *** ومحا محاسنك البلى والنار
فإذا تردد في جنابك ناظر *** طال اعتبار فيك واستعبار
أرض تقاذفت الخطوب بأهلها *** وتمخضت بخرابها الأقدار
كتبت يد الحدثان في عرصاتها *** لا أنت أنت ولا الديار ديار


طبعا من اطلع على المدينة بعد سقوطها لم يكن ليتعرف عليها. فقد لحقها الخراب، وتغيرت ملامحها، وهدمت مساجدها أو حولت إلى كنائس. أما مأساة المسلمين، فقد كانت عصية على الوصف، إذ هجروا من منازلهم وسلبت أموالهم وممتلكاتهم وتعرضوا لعمليات حرق جماعي كانت تقودها محاكم التفتيش، وذلك في احتفالات يطلق عليها اسم أوتودافي، يحضر فيها الأمراء والقساوسة وعامة الشعب لأخذ العبرة ورؤية مصير من يتهم بالهرطقة. وتهمة الهرطقة كانت تلصق بكل من يخالف الديانة المسيحية الكاثوليكية، ويقدم إلى المحكمة بناء على وشاية، دون التأكد من صحتها، ودون إعطاء الشخص حق الدفاع عن نفسه.


ولم تكن المصائب تأتي فرادى، إذ سقطت مدينة جيان في سنة 643هـ ، وأصاب أهلها نفس ما أصاب غيرهم من سكان المدن الأندلسية.


وقد أتى على ذكرها أبو البقاء الرندي في قصيدته الشهيرة في سياق المدن التي شهد الشاعر سقوطها:

فاسأل بلنسية ما شأن مرسية *** وأين شاطبة أم أين جيان
وأين قرطبة دار العلوم فكم *** من عالم قد سما فيها له شان


ووجد بيتان من الشعر في أحد مخطوطات تلك الفترة. وهما لشخص مجهول، يبدو أنه كان من سكان المدينة:

أودعكم أودعكم جياني *** وأنثر عبرتي نثر الجمان
فإني لا أريد لكم فراقا *** ولكن هكذا حكم الزمان

ويمكن للإنسان أن يتصور لوعة الفراق. ففراق البلد فيه الكثير من القسوة والشدة ولو كان البلد صحراء قاحلة، فكيف إذا كان مثل الأندلس حسنا وبهاء.





    رد مع اقتباس
قديم 2014-01-05, 10:56 رقم المشاركة : 13
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: وقفات مع الشعر والتاريخ


وبما أن كل مدينة كانت تمثل مملكة في عصر الطوائف، فقد كان سقوط المدن يعني سقوط الممالك. وهكذا عندما سقطت طليطلة كما سبق، فإن ذلك كان سقوطا لبني ذي النون، وسقط بنو عباد بسقوط إشبيلية. وقد رثاهم ابن اللبانة بأبيات جميلة:

تَبْكِي السَّمَاءُ بِدَمْعٍ رَائِحٍ غَادِي*** عَلَى البَهَالِيلِ مِنْ أَبْنَاءِ عَبَّادِ
عَلَى الْجِبَالِ الَّتِي هُدَّتْ قَوَاعِدُهَا*** وَكَانَتِ الأرْضُ مِنْهُمْ ذَاتَ أَوْتَادِ
يَا ضَيْفُ أَقْفَرَ بَيْتُ الْمَكْرُمَاتِ فَخُذْ*** فِي ضَمِّ رَحْلِكَ وَاجْمَعْ فَضْلَةَ الزَّادِ
وَيَا مُؤمِّلَ وَادِيهِمْ لِيَسْكُنَهُ ***خَفَّ القَطِينُ وَجَفَّ الزَّرْعُ بِالوَادِي
إِنْ يُخْلَعُوا فَبَنُو الْعَبَّاسِ قَدْ خُلِعَوا*** وَقَدْ خَلَتْ قَبْلَ حِمْصٍ أَرْضُ بَغْدَادِ

وحمص اسم آخر لإشبيلية.


وبسقوط مدينة بطليوس، انتهى أمر بني الأفطس الذين رثاهم الشاعر ابن عبدون قائلا:

الدَّهُر يفجَع بعد العين بالأثرِ .... فما البكاءُ على الأشباح والصّور
أنهاكَ أنهاكَ لا آلُوك موعظةً .... عن نومةٍ بين نابِ اللّيث والظُّفُر
فالدّهر حربٌ وإن أبدي مسالمّةً .... والبيضُ والسودُ مثلُ البيِض والسُّمُر
ولا هوادةَ بين الرّأس تأخُذُه .... أيْدي الضِّرابِ وبين الصّارِمِ الذّكر
فلا يغرنّك من دنياك نومتُها .... فما صناعةُ عينيها سِوَى السَّهر
بني المظفَّر والأيّامُ ما برحت .... مراحلاً والوَرى منها على سَفَر
سُحقاً ليومكم يوماً ولا حملت .... بمثله ليَلٌة في غَابِر العمر
من للأسّرة أو من للأعنّة أو .... من للأسنّة يهديها إلى الثُّغَر


وتذكر كتب التاريخ أن المظفر كان من أهل الفضل والصلاح.


ونتيجة لا الوضع، تقلص حجم البلاد بشكل كبير، وانتقلت الأندلس من بلاد مترامية الأطراف إلى أرض في جنوب إسبانيا، وهي ما كان يعرف بالأندلس الصغرى، أو مملكة غرناطة التي حكمها بنو الأحمر.


لقد كان طبيعيا أن يكون السقوط خاتمة لهذا الوضع بعد أن توفرت مقدماته. فالضعف وصل درجة لا يمكن تصورها، والتعلق بالحكم كان يدفع البعض إلى التعاون مع النصارى في قشتالة وغيرها ضد إخوانهم من المسلمين في الممالك الأخرى.

ولما بلغ الضعف مبلغه، شرع الملوك يؤدون الجزية للمسيحيين مقابل الحماية. وهذا ما أغرى هؤلاء بالمسلمين وغذى أطماعهم في الإستيلاء على باقي أراضي الأندلس.









    رد مع اقتباس
قديم 2014-01-10, 10:15 رقم المشاركة : 14
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: وقفات مع الشعر والتاريخ


في سنة 836هـ، استولى النصارى على حصن اللقون بعد معركة سميت باسمه. واللقون من أهم حصون مدينة واد أش. فخاطب الشاعر عبد الكريم القيسي البسطي أهلها قائلا:


يا أهلَ وادي الأشى لا در دركمُ **** ولا برحتمْ لقى للكربِ والكمدِ
ضيعتمُ سفهاً حصنَ اللقونِ ولمْ **** تراقبوا فيه حقَّ الواحدِ الصمد
حتى حواهُ العدا غدراً وصار لهمْ **** لغزوكمْ عمدةً من أفضل العمدِ
فاستشعروا إذ أضعتمْ فيه حزمكمُ **** والجدَّ قربَ انقضاءِ الوقتِ والأمد


والشاعر هو نفسه الذي آلمه ما آل إليه حال الأندلس وأهلها فقال:


لمصاب أندلسٍ تصوب الأدمع ***** ولما جرى فيه تذوب الأضلع


وتكررت المأساة مع مدينة رندة، إذ سقطت في أيدي الأسبان في سنة 890هـ. وإليها ينتمي أبو البقاء الرندي، الذي أضحت المدينة تفتخر بأنه من أبنائها، ووضعت له نصبا مازال يشاهده زوار المدينة إلى اليوم.

سقوط رندة اختزل الصورة. فكل ما كانت تعانيه أي مدينة سقطت في أيدي النصارى عانته مدينة رندة. وقد صور حالتها في قالب بديع شاعر مجهول، يظهر أنه كان من سكانها. وفي قصيدته تلك، أتى على ذكر مالقا التي سقطت بعد رندة بسنتين، وبلش وبسطة وغيرها. كما أتى على ذكر الاضطهاد الذي حصل للمسلمين وكيف كانت تنتهك حرمة المساجد وكيف كان النصارى يعتدون على أعراض النساء الأندلسيات. وهي قصيدة مفعمة بالصدق، لذلك جاء الرثاء فيها مؤثرا:


أحقا خبا من جو رندة نورها *** وقد كسفت بعد الشموس بدورها
وقد اظلمت ارجاؤها وتزلزلت *** منازلها ذات العلا وقصوره
احقا خليلي ان رندة اقفرت *** وازعج عنها اهلها وعشيرها
أحقا أخلائي القضاء أبادكم *** ودارت عليكم بالصروف دهورها
فقتل وأسر لا يُفادَى وفرقة *** لدى عرصات الحشر يأتي سفيرها
فمالقة الحسناء ثكلى اسيفة *** قد استفرغت ذبحا وقتلا حجورها

وجزت نواصيها وشلت يمينها *** وبدل بالويل المبين سرورها
وقد كانت الغربية الجنن التي *** تقيها فاضحى جنة الحرب سوره
وبلش قطت رجلها بيمينها ***ومن سريان الداء بان فطورها
وضحت على تلك الثنيات حجرها ***فأقفر مغناها وطاشت حجورها
وبالله ان جئت المنكب فاعتبر*** فقد خف ناديها وجف نضيرها
وقد رجفت وادي اش فبقاعها *** سكارى وما استاكت خمورها
وبسطة ذات البسط ما شعرت بما *** دهاها وانى يستقيم شعورها
وما انس لا انس المرية انها *** قتيلة ادجال ازيل عذيرها
فوا حسرتا كم من مساجد حولت *** وكانت الى البيت الحرام شطورها
ووا أسفا كم من صوامع أوحشت *** وقد كان معتاد الأذان يزورها
فمحرابها يشكو لمنبرها الجوى *** وآياتها تشكو الفراق وسورها
وكم طفلة حسناء فيها مصونة *** إذا أسفرت يسبي العقول سفورها
تميل كغصن البان مالت به الصبا *** وقد زانها ديباجها وحريرها
فأضحت بأيدي الكافرين رهينة *** وقد هتكت بالرغم منها ستورها
وكم من صغير مات في حجر أمه *** فأكبادها حرّاء لفح هجيرها
وكم من صغير بدّل الدهر دينه *** وهل يتبع الشيطان إلا صغيرها
لأندلس ارتجت لها وتضعضعت *** وحق لديه محوها ودثورها
منازلها مصدوعة وبطاحها *** مدائنها موتورة وثغورها
وقد لبست ثوب الحداد ومزّقت *** ملابس حسن كان يزهو حبورها









    رد مع اقتباس
قديم 2014-01-16, 11:16 رقم المشاركة : 15
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي رد: وقفات مع الشعر والتاريخ


لا يمكن أن يمر الفرد على الشعر الأندلسي دون إلقاء نظرة على أروع ما كتب في رثاء حضارة دامت ثمانية قرون، وحملت كل معاني الإنسانية والرقي والجمال. وأعني بذلك قصيدة أبي البقاء الرندي، الذي أقامت له سلطات مدينة رندة، مسقط رأسه، تذكارا يشاهده زوار المدينة، اعترافا بهذا الرجل كأحد الشخصيات الهامة في تاريخ المدينة، واعترافا بالإرث الذي تركه. ولو كان ما تركه هو قصيدته الشهيرة فقط لكن كافيا. فهي قصيدة شعر، إضافة إلى لمسة الصدق التي تلفها، ونبرة الحنان التي تطبعها، تحمل بين أبياتها كل ما يود الإنسان قوله. فقد اختزلت كل المشاعر والأحداث.

يستهل أبو البقاء الرندي القصيدة بتأكيد سنة الخالق في عباده، إذ كل ما يرتبط بالدنيا يعتوره النقص، وهذه الدنيا نفسها مآلها الزوال، ثم يدعو إلى الإعتبار من الذين سبقوا. وبعد ذلك يعرج على ذكر المدن المتساقطة، مبلغا نداءه إلى من وراء البحر في باقي بلاد المسلمين أن يقوموا بواجب النصرة. وحتى يستثير نخوتهم يصف لهم ما تتعرض له بيوت الله من عدوان، وأعراض نساء المسلمين من انتهاك، وفي الأخير يستثير العاطفة الدينية عساها تكون كافية لحثهم على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

يقول رحمه الله:

لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول *** من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد *** ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ *** إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو *** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ *** وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما شاده شداد في إرمٍ *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهب *** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد له *** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك *** كما حكى عن خيال الطيف وسنان
دار الزمان على دارا وقاتله *** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ *** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة *** وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها *** وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له *** هوى له أحدٌ وانهد ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ *** حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ *** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبة دارُ العلوم فكم *** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ *** ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما *** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ *** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما *** فيهنَّ إلا نواقيس وصلبان
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ *** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبة أنْسَتْ ما تقدَّمها *** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً *** كأنها في مجال السبقِ عقبان
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ *** كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ *** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطان
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ *** فقد سرى بحديثِ القوم ِركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لم التقاطع في الإسلام بينكمُ *** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوس أبيَّاتٌ لها هممٌ *** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قوم بعد عزِّهُمُ *** أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *** واليومَ هم في بلاد الكفْرِ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عليهم من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ *** لهالكَ الأمر ُواستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما *** كما تفرقَ أرواح وأبدان
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ *** إذ طلعت كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً *** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

لكن لم يكن ذلك ليمنع النهاية الحزينة. ففي أواخر القرن التاسع الهجري ـ الخامس عشر الميلادي، حاصر النصارى مدينة غرناطة، التي كانت تحت حكم آخر ملوك بني الأحمر، أبي عبد الله الصغير. وقد دام الحصار طويلا، حتى أجهد الناس وعانوا من الجوع، فاضطر في الأخير أبو عبد الله أن يسلم المدينة إلى ملك أرغون فيرديناند، وملكة قشتالة إيزابيلا. وهذان كانا يعرفان بالملكين الكاثوليكيين. وكان التسليم في شهر يناير 1492.

كان يوم التسليم يوما حزينا، لأنه كان بمثابة التوقيع النهائي لحيازة المسيحيين للأندلس، وبمثابة نقطة النهاية لتجربة حضارية لا يكاد يوجد مثيل لها.

في الثاني من يناير 1492 ذاك، خرج أبو عبد الله الصغير من قصر الحمراء رفقة أسرته وحاشيته، ثم استدار ليشاهد للمرة الأخيرة مدينة غرناطة بقصرها ومساجدها وقلاعها وبساتينها، ولم يتمالك نفسه، فبكى. ولما رأت أمه ابنها الملك يبكي، تمثلت بيتا من الشعر قائلة:

ابك مثل النساء ملكا مضاعا *** لم تحافظ عليه مثل الرجال





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 20:15 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd