الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الأخبار والمستجدات التربوية > منتدى الجمعيات التربوية > منتدى التضامن الجامعي المغربي > الإستشارة القانونية



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-07-27, 01:15 رقم المشاركة : 256
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


التربية على المواطنة..تبدأ من الأعلى

جميل أن تتبنى بعض المجتمعات العربية المعاصرة بعض الخطابات الجميلة والفاضلة، من أجل بناء مشروع مجتمعي جديد، يتجاوز البنيات المجتمعية والثقافية التقليدية، التي كرست الاستبداد والتفاوت والتمييز الطبقيين،

والجهل والتخلف العام... من بين هذه الخطابات أو الشعارات نجد الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ودولة المؤسسات،دولة الحق والقانون، الحداثة،حقوق المواطنة...وهنا سنركز على مسألة التربية على المواطنة، وذلك نظرا إلى أن مسألة المواطنة الحقة، قد تجمع في مشروع رؤيتها وقيمها وأهدافها كل ما سبق ذكره من قيم إنسانية ووطنية.فما هي التربية على المواطنة؟وكيف تم أو يتم تأسيسها وتكريسها على مستوى الخطاب الرسمي والأجرة المجتمعية؟وإلى أي حد هناك تطابق وانسجام بين خطاب/شعار التربية على المواطنة والمؤسسات المجتمعية؟

*مفهوم المواطنة والتربية على المواطنة:

دون الدخول في التدقيقات الخاصة بالمرجعية التاريخية والجغرافية والمعرفية لظهور المفهوم،فلتحديد المواطنة يمكن مقاربتها على الأقل من خلال ثلاث أبعاد أساسية:

- البعد الفلسفي والقيمي: مادامت المواطنة هي إنتاج ثقافي إنساني (أي ليس إنتاجا طبيعيا)،فهي تنطلق من مرجعية فلسفية وقيمية تمنح دلالاتها من مفاهيم الحرية، والعدل ،والحق،والخير، الهوية،المصير والوجود المشترك...

* البعد السياسي والقانوني: حيث تحدد المواطنة كمجموعة من القواعد والمعايير التنظيمية والسلوكية والعلائقية داخل المجتمع؛ التمتع بحقوق المواطنة الكاملة، كالحق في المشاركة والتدبيرواتخاد القرارات وتحمل المسؤوليات،القيام بواجبات المواطنة، الحق في حرية التعبير، الحق في مؤسسات وقوانين ديمقراطية،الحق في المساواة وتكافؤ الفرص...

* البعد الاجتماعي والثقافي: وهو كون المواطنة تصبح كمحدد لمنظومة التمثلات و السلوكيات والعلاقات والقيم الاجتماعية، بحيث تصبح المواطنة كمرجعية معيارية وقيمية اجتماعية،و كثقافة وناظم مجتمعي.

وفي كلمة واحدة يمكن اعتبار المواطنة كمجموعة من القيم والنواظم لتدبير الفضاء العمومي المشترك .ويمكن تحديد أهم تجليات المواطنة في أربعة نواظم على الأقل:

1- الانتماء: أي الشعور بالانتماء إلى مجموعة بشرية ما و في مكان ما(الوطن)،مما يجعل المواطن يندمج ويتمثل ويتبنى خصوصيات وقيم هذه المجموعة التي ينتمي...

2- الحقوق: التمتع بحقوق المواطنة الخاصة والعامة،كالحق في الأمن وفي السلامة،والصحة والتعليم والعمل و الصحة والخدمات الأساسية العمومية،الحق في التنقل وحرية التعبير والانتماء والمشاركة السياسيين،والحق في الحياة الكريمة...

3- الواجبات: كاحترام النظام العام، عدم خيانة الوطن، الحفاظ على الممتلكات العمومية، الدفاع عن الوطن، التكافل والوحدة الوطنيين، المساهمة في بناء وازدهار الوطن...

4- المشاركة في الفضاء العام: المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية العامة(الانتخاب والترشح)، تدبير المؤسسات العمومية،المشاركة في كل ما يهم تدبير ومصير الوطن...

وعليه،فإن التربية على المواطنة،هي تلك التنشئة الاجتماعية التي تحاول تربية الفرد/المواطن على تمثل وتبني كل تلك القيم والنواظم السياسية والقانونية والمعرفية لمفهوم المواطنة،لتنعكس في مؤسساته و سلوكاته وعلاقاته المجتمعية داخل الفضاء العام المشترك(الوطن)...

إذن، كيف تتبلور المواطنة والتربية عليها في الخطاب الرسمي(الدولة)، وكيف يتم أجرأتها مجتمعيا؟

· التربية على المواطنة بين الخطاب الرسمي والواقع المجتمعي

مع اختيار جل الدول العربية(ومنها المغرب الرسمي)،منذ السنوات الأخيرة، الدخول في دينامكية الانتقال الديمقراطي،وتبني مرجعية حداثية لتدبير هذه المرحلة الانتقالية(وهو تدبير لمرحلة بالغة الحساسية والخطورة)،أصبح تداول استعمال مفهوم المواطنة في الخطاب الرسمي ،وذلك بدعوة المواطنين والمؤسسات والقطاعات المجتمعية بالتحلي بقيم المواطنة...وتم التركيز في هذا الخطاب بشكل كبير على المجتمع المدني و مؤسسات التربية،حيث ثم إدماج التربية على المواطنة في منهاج(curriculum) التربية والتكوين.

إن الاقتصار على تركيز مفهوم المواطنة والتربية عليها في المؤسسة التربوية(المدرسة) – رغم إيجابية وصحة هذا الإختيارالمجتمعي الإستراتيجي)ينم عن نقص وقصور كبيرين في تكريس قيم وثقافة المواطنة مجتمعيا،حيث لا يمكن تربية المدرسة على المواطنة واستثناء باقي المنظومات والمؤسسات المجتمعية الأخرى والفاعلين العموميين الأساسيين فيها؛فهل يصبح لتربية الطفل/مواطن المستقبل على قيم المواطنة في المدرسة،ونترك البنيات والمؤسسات المجتمعية الأخرى خارج قيم وثقافة المواطنة؟!ابتداء من استمرار اللامساواة واللاعدل المجتمعين داخل الأسرة نفسها أو المجتمع عامة الذي ينتمي إليه هذا الطفل(ة)/الموطن(ة)(التفاوت الطبقي،عدم الاستفادة من ثروة الوطن،و من الخدمات الأساسية...)،استشراء قيم الأنانية والمصلحية الضيقة،الفساد السياسي والإداري والاجتماعي(نهب وتبديد المال العام،الرشوة،الكذب،الغش ،الجريمة...)،لا تكافؤ الفرص(مدارس النخبة، احتكار الوظائف والمهن السامية،البطالة...)،الزبونية،القبلية،الطائفية،المذ هبية،تعدد الإيديولوجيات والتيارات السياسية وااللوبيات المصلحية،لاديمقراطية المؤسسات وبعض المراجع القانونية العمومية(الدستور،القوانين الأساسية،مؤسسات تمثيلية شكلية...)،

تزويرالإنتخابات،اللاعدل،العمالة للأجنبي،الحروب والصراعات...نربي الطفل على المواطنة في المدرسة، وعندما يخرج، أو يتخرج منها، سيجد واقعا مجتمعيا تحكمه معايير وضوابط وقيم أخرى لا مواطنة غالبا!

وعليه ،فإن التربية على المواطنة يجب أن تبدأ من الأعلى، ونقصد بذلك،المؤسسات القانونية والدستورية التي تؤطر وتدبر وتحكم الوطن ككل،ويجب كذلك تربية" الكبار" والمسئولين والفاعلين العموميين على المواطنة كذلك ليكونوا القدوة والمثال للصغار والكبار على السواء.فالتربية على المواطنة ليست مجرد تربية مخصصة للأطفال و"صغار"المواطنين،إنها ثقافة وقيم معني بها الجميع،ويجب أن يستحضرها ويمارسها ويتربى عليها الجميع،ليكون الوطن للجميع في السراء والضراء،وفي الرفاهية والكرامة.

المواطنة هي ثقافة وقيم وسلوك يجب أن تتبلور في كل مؤسساتنا السياسية والقانونية،وفي كل منظوماتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلائقية،ليشعر الجميع بالفعل بأنه مواطن حقيقي،ليكون وطنيا حقيقيا،حيث قد تصبح المواطنة عند البعض،أحيانا مجرد انتماء لرقعة جغرافية ليس إلا، دون أن يكون وطنيا حقيقيا يحب وطنه ويكن له الولاء والإخلاص، ويؤمن بقيم التفاني و الغيرة من أجل بناء حاضره ومستقبله.فلا مواطنة بدون التمتع الحقيقي بحقوق المواطنة،واستعاضتها بالواجبات فقط، ولا مواطنة بدون روح جماعية وطنية حقيقية،والكل يجب أن يتربى على المواطنة من المهد إلى اللحد./.

* محمد الصدوقي/ المغرب






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 01:20 رقم المشاركة : 257
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


تطوير المناهج الدراسية في المنظومة التعليمية المغربية : المنهاج المندمج نموذجا


[COLOR="Blue"][SIZE="5"]إعداد : د. محمد الدريج
أولا : مدخل عام : التعريف بالمنهاج وبدواعي تطويره
لم يكن مفهوم المنهاج موظفا و شائعا ، سواء في الأدبيات أو الممارسات التربوية ، في قطاع التعليم. وكانت البرامج الدراسية إلى عهد قريب ،

تختزل في لوائح المواد و المحتويات المعرفية التي يتم تدريسها في مختلف المستويات التعليمية . كما كانت تختصر في جداول و استعمالات الزمن ، تحدد التوزيع الأسبوعي لتلك المواد . فعمل الرواد الأوائل في تخطيط البرامج ، وحتى يثبتوا تميزهم عن هذا التقليد الذي يولي أهمية كبرى لمحتويات التدريس ، على التركيز على التلميذ بدل المادة الدراسية و مضامينها ، فتم نحت مصطلح المنهاج curriculum )) و الذي يعرف بشكل عام ، بكونه " جملة ما تقدمه المدرسة من معارف و مهارات و اتجاهات ... لمساعدة المتعلم ، على النمو المتوازن و السليم في جميع جوانب شخصيته" .

وتبقى الأسئلة الأساسية التي تطرح في العادة عند الحديث عن المنهاج الدراسي ،هي:

- لمن يعود أمر بناء المنهاج الدراسي بمعناه الواسع ؟
- وكيف يتم بناؤه في بلادنا ؟
-ومن يتخذ القرار في ضبط احتياجات التلاميذ و تحديد أولويات المجتمع ومتطلباته
و بالتالي رسم الأهداف واختيار المحتويات والأساليب؟
وكيف يتخذ قرار تطوير المنهاج ؟
وما هي دواعي و آليات التطوير ومعيقاته ؟
كل هذه الأسئلة وغيرها... ، والتي لن نجيب الآن سوى عن بعضها وخاصة ما ارتبط منها بمشكلات ومعيقات ممارسة المنهاج وتطبيقه في المدرسة المغربية... ، تثبت، أن بناء المنهاج ليس مجرد مسألة تقنية ولا يطرح قضايا إجرائية فحسب ، بل يطرح بناء المنهاج و في المقام الأول ، قضايا فلسفية و سياسية واجتماعية وثقافية ، حيث تتدخل المبادئ و الانتماءات و جماعات الضغط والمصالح... مما يفسر ويبرر في نفس الآن، إلحاح معظم الباحثين على تفصيل الحديث ، في بدايات تقاريرهم و مؤلفاتهم ، على الأسس الفلسفية و الاجتماعية و المعرفية و النفسية وغيرها ، في تصميم المناهج وتطويرها.
ذلك لأن بناء وتطوير المنهاج ، يتأثر بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية، فمنها ما يرتبط بسوء وقصور المناهج السائدة ، ومنها ما يرتبط بالتغيرات التي تطرأ على المجتمع و البيئة أو تلك التي تصيب التلاميذ،أو التي تمس النظام التعليمي ذاته ، بحكم تأثير ما يستجد على الساحة التربوية محليا وعالميا وغيرها ...
و عموما وحتى لا نخرج من هذا التقديم دون تحديد أي مرتكز لعرضنا هذا، فإن ما يفسر حدوث التطوير و الإصلاح في المجال التربوي/التعليمي وخاصة في جوانبه البيداغوجية، هو أن التربية و التعليم نشاط اجتماعي بالأساس ، يؤثر فيه المجتمع ويتأثر به . و بما أن المجتمعات تخضع باستمرار للتحول ، فإن التربية (بالمعنى البيداغوجي هنا) كذلك لابد أن تتطور و بشكل مستمر، مما يسمح لها بالتكيف مع الاحتياجات الجديدة . ومن هنا يكون من الخطأ الاعتقاد في إمكانية الانتهاء إلى نموذج تام ومثالي للمنهاج . ذلك أن الأنظمة التعليمية تعمل على التلاؤم باستمرار مع التغيرات في الاحتياجات و الناتجة عن تحول المجتمعات ...
كذلك من دواعي التطوير ، الضغوط التي تمارس من خلال المنظمات و البنوك الدولية ووكالات تمويل مشاريع التنمية أو من خلال بعض الجامعات ذات الصيت العالمي أو من خلال الشركات متعددة الجنسيات أو مكاتب الدراسات ومن يرتبط بها من ذوي المصالح...أو مباشرة من بعض الحكومات...
وكما أسلفنا فإننا لن نفصل و نعمق الحديث عن كل تلك الجوانب في هذه الدراسة، ولكننا سنلامسها بشكل غير مباشر،حيث سنعالج موضوع بناء و تطوير المنهاج الدراسي ، من زاوية خاصة تتمثل في تقديم مقترح متكامل ، يذلل مبدئيا الكثير من الاختلالات والمشكلات التي تعاني منها منظومتنا التربوية ، مقترح سبق ان وضعنا أسسه وبعض أهم عناصره ووظائفه منذ أزيد من 16 سنة عندما نشرنا العديد من الدراسات والمؤلفات أواسط التسعينات من القرن الماضي ، ومنها على سبيل المثال ،كتابنا:
"مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في المدرسة المغربية"، (في جزئين)، سلسلة دفاتر في التربية ، (1996)ـ الرباط.
وكذلك الكتاب الذي نشرناه سنة 2004، بعنوان :
”الكفايات في التعليم : من أجل التأسيس العلمي للمنهاج المندمج“
منشورات رمسيس، الرباط.
وتنتظم هذه الدراسة وفق العناصر التالية :

محاور الدراسة وعناوينها الرئيسة

أولا : مدخل عام: التعريف بالمنهاج الدراسي و دواعي ومرتكزات تطويره

ثانيا : إشكالات تعيق تطوير مناهج التعليم في المغرب
أو مبررات إنشاء المنهاج المندمج

1- الإشكالية المرتبطة بتحديد مفهوم المنهاج والسياسات والنظريات الموجهة
لبنائه في منظومتنا التعليمية .
2- الخلل الملاحظ في مشاريع تطوير النموذج البيداغوجي .
3- إشكالية مواءمة المنهاج واندماجه في محيطه .
4- اللامساواة و انعدام تكافؤ الفرص أمام المنهاج الدراسي ، ومن أهم مظاهرها:
4 .1 - مسألة تعدد المدارس و تعدد المناهج السائدة
2.4 - إشكالية الفروق الفردية و تكافؤ الفرص
3.4 -إشكالية مستويات المنهاج .
5- الخلل المالي و التدبيري وظروف العمل التي يعاني منها قطاع التعليم
وتأثيره في تطبيق المنهاج .
واضطراب تأمين الدعم المتزايد للفاعلين داخل القطاع وخاصة المدرسين
الذين يمارسون المنهاج والمشرفين على تطبيقه .
6- هدر الزمن المدرسي الضروري لتطبيق المنهاج .

ثالثا : أسس بناء ”المنهاج المندمج “ ومكوناته

1- إعادة صياغة مفهوم الإدماج/الاندماج
2- إعادة صياغة مفهوم الكفايات وربطه بمفهوم معايير الجودة
3- الربط في المنهاج بين المعرفة النظرية والمعرفة التطبيقية
4- مأسسة المدارس وخلق الظروف الملائمة للتطوير
1.4 - تحويل المدارس إلى مؤسسات
2.4 - الإدارة المدرسية و قيادة التطوير
3.4 - متطلبات قيادة التطوير
5- الاندماج الاجتماعي و مشاريع المؤسسة والشراكة التربوية
1.5 - إحداث مشروع المؤسسة
2.5 - نظام الشراكة التربوية

ثانيا : إشكالات تعيق تطوير مناهج التعليم في المغرب
أو مبررات إنشاء المنهاج المندمج

1- الإشكالات المرتبطة بالتحديد النظري لمفهوم المنهاج في منظومتنا التربوية ، وغياب الفلسفات والسياسات والنظريات الموجهة لبناء المنهاج وتطويره . وبخصوص هذا الغياب وما يعاني منه المشهد التربوي في بلادنا من ضبابية مفاهيمية و منهاجية ، من حقنا أن نطرح بعض التساؤلات المصيرية :
ما هي شخصية الإنسان المغربي الذي تنشده منظومتنا التربوية ؟ وما هي المواصفات التي نسعى لتنشئة أبنائنا وبناتنا عليها ؟ أي ما هي القدرات والمهارات والاتجاهات والقيم التي نرغب في ان يعمل نظامنا التربوي على ترسيخها ؟ وهل تنسجم مع نوع المجتمع الذي سنسعى الى إيجاده من خلال المنظومة التربوية ،خاصة في جوانبها البيداغوجية و المنهاجية ؟
إن طرح هذه الأسئلة يعني أننا في حاجة إلى نظرية اجتماعية - تربوية شاملة ، ضرورية لأي إصلاح...والخروج بالتالي ، من دوامة اعتماد النظريات المستوردة و الخبرات الأجنبية. و نشير بهذا الخصوص ، إلى ازدياد الدراسات التي تنبه من مخاطر اقتباس التجديد و استيراد الإصلاح في المجال التربوي و في المنهاج الدراسي وأهدافه العامة على وجه الخصوص ( مخاطر ما يعرف بالتحويل أو النقل التربوي ) دون التأكد من ملاءمته لواقع المجتمع التعليمي المستقبل ، وقابليته للتطبيق . ولن نبالغ حين نقول ، بأن السبب الرئيسي وراء الفشل في مشاريع التجديد و الإصلاح التربوي في الدول النامية ، يعود إلى النقل التربوي ، والذي يؤدي في الغالب ، إلى عدم التحام منظومة الإصلاح الجديدة مع المنظومة التعليمية المحلية وعدم ملاءمة محتوياته مع الاحتياجات الفردية وتطلعات الجماعات المحلية ومنظومتها القيمية، فتحدث ردود فعل رافضة للجسم الغريب .( محمد الدريج ، 2004).

2- ضعف جودة و فعالية و مردودية النشاط التربوي داخل الأقسام وداخل المدارس، و المتمثلة في الاختلالات الملاحظة في مشاريع تطوير المقاربة أو النموذج البيداغوجي،وما يسبقها وما يرافقها وما ينتج عنها في العادة في منظومتنا التربوية من اضطراب في التنزيل ،كما حدث على سبيل المثال ، في تجربة تطبيق المقاربة بالأهداف الإجرائية أو التدريس بالكفايات أو بغيرها، وعدم تكييف البرامج الدراسية لتلائم الوافد الجديد وتكوين المدرسين وتمكينهم من الظروف الملائمة والاساليب الضرورية لتوظيف تلك المقاربات على الوجه الصحيح ، و الارتقاء بنظام التقويم والامتحانات و بنظام الإعلام والتوجيه ، و إدماج التكنولوجيات الحديثة في العملية التعليمية و غيرها من مكونات المنهاج بمعناه الشمولي .
3- إشكالية مواءمة المنهاج (والمدرسة عموما) واندماجه مع محيطه : حيث نلاحظ انعدام مخطط عملي ناجع ، كفيل بتوفر كل مؤسسة تعليمية على برنامجها البيداغوجي ومشروع المؤسسة الخاص بها و الذي يمكن أن يربطها بالخصوصيات البيئية والمجتمعية والاقتصادية في محيطها ومنطقتها ، مخطط ينطلق من تشخيص الوضع الخاص بها ويستجيب في نفس الآن لحاجيات الأفراد والجماعات المستفيدة من خدماتها...
4- اللامساواة و انعدام تكافؤ الفرص أمام المنهاج الدراسي ، ومن أهم متغيراتها :
1.4- مسالة تعدد المدارس و تعدد المناهج المطبقة :
من الصعب الحديث عن المدرسة المغربية ، كما لو كانت تشكل وحدة منسجمة ،لأننا لازلنا نجد أنفسنا في الواقع ، أمام عدة مدارس مغربية، وليس مدرسة واحدة ، وهذه المدارس المتعددة هي انعكاس موضوعي لأشكال اللا مساواة الفئوية و المجالية السائدة في المجتمع المغربي: إذ نجد مدرسة النخبة والأغنياء، ومدرسة الفقراء( المدرسة العمومية والتي بدورها تنقسم إلى مستويات) التي توجد غالبا في الأحياء الهامشية والفقيرة وفي المجال القروي...إن كل مدرسة من هذه المدارس تتميز عن الأخرى في جودة خدماتها البيداغوجية وبنياتها التحتية وخصوصياتها البشرية ، الأمر الذي ينعكس على طبيعة التكوين وجودته وكثيرة هي الأصوات التي تحذر من مخاطر هذا التعدد والتفاوت.
وكمثال على هذا "التعدد" ملاحظة النقابات والجمعيات (الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية على سبيل المثال) أن بعض مؤسسات التعليم الخاص تعرف تكريسا لما وصفته بالمد الفرنكوفوني، وذلك باعتمادها برامج ومقررات مستنسخة عن مناهج فرنسية بكل حمولتها الثقافية والحضارية، دون مراعاة الخصوصيات الحضارية والتاريخية للمجتمع المغربي.
وبناء عليه تصوغ العديد من الهيآت ، النقد الذي يعيب على وزارة التربية الوطنية تبنيها لمشروع صاغه مكتب للدراسات ، بعيدا عن الاستشارات الضرورية مع الفاعلين التربويين و النقابيين و الجمعويين، يسير في بناء منظومة تعليمية تقوم على مبدأ الاعتماد على القطاع الخاص، ويتضمن هذا المشروع رؤية، هي ترجمة عملية للاتفاق الإطار، بين الحكومة والتعليم الخصوصي الذي وقع بالصخيرات سنة 2007.
إن العديد من هؤلاء الفاعلين ما زالوا يرفضون هذه الاختيارات ، ويتمسكون بضرورة إصلاح المدرسة العمومية، وتعبئة الإمكانيات والطاقات لتصحيح أسباب الاختلال التي تشكو منها المنظومة التربوية ببلادنا، ودعمها بالكامل، لأنها تؤطر الأغلبية الساحقة من أبناء المغاربة، وبالتالي فإن الامتيازات والدعم اللامشروط للدولة للقطاع الخاص، ينبغي أن يتوجه أساسا إلى التعليم العمومي، بما يحقق ضمان تعليم عمومي جيد ومجاني للجميع،بدلا من دعم المدرسة الخصوصية والتي تضرب المدرسة العمومية في الصميم، وتتعارض مع المجانية ومبادئ تكافؤ الفرص وتعميم التعليم ، وتشكل مصدرا لاستقطاب و استنزاف طاقات المدرسين العاملين في المدرسة العمومية أنفسهم. وقد تبلور هذا الرفض مجددا في الأيام التربية التي عقدتها مؤسسة علال الفاسي بالرباط حول المدرسة العمومية المغربية ،حيث ظهرت دعوات ملحة لاعادة الاعتبار للمدرسة العمومية وإصلاحها والرفع من جودة خدماتها ، حتى ترتقي لمسنوى التنافسية ليس فقط في مواجهة المدرسة الخصوصية بل على المستوى الاقليمي والعالمي .كما تجسد هذا التوجه ، القديم الجديد ، في بعض الإجراءات التي أعلن عنها مؤخرا ، الأستاذ محمد الوفا وزير التربية الوطنية .

2.4- إشكالية الفروق الفردية و تكافؤ الفرص:
رهان البيداغوجيا كلها يكمن في حل المعادلة التالية :" مساعدة التلاميذ المختلفين في العمر والقدرات و السلوكات والمنتمين إلى قسم واحد ، على الوصول إلى نفس الأهداف".
ولا شك أن التربويين ينشغلون في البحث عن إيجاد مختلف الحلول الكفيلة بتحقيق هذا الرهان وحل هذه المعادلة وقد شهدت العقود الأخيرة العديد من البحوث المعمقة والدراسات الميدانية عبر مختلف بلدان العالم للحد من ظاهرة الفشل المدرسي والتقليص من نسب الهدر وقد برزت عدة مقاربات بيداغوجية نذكر منها : تجربة الفصول المتجانسة / التدريس وفق مقاربة الكفايات الأساسية/ بيداغوجيا الدعم / بيداغوجيا الاتقان....ومن بين هذه الحلول أيضا البيداغوجيا الفارقية.
لقد أبرزت العديد من الدراسات المتخصصة ، أن المؤسسة التربوية ترفع شعار ديموقراطية التعليم وذلك بتمكين كل فرد من التعليم )المجاني و الإجباري( منذ سن السادسة من العمر بصفة متكافئة.... والحقيقة أن هؤلاء الأطفال ليسوا متكافئي الامكانات والقدرات في استيعاب مقتضيات المنهاج... فقد برهنت أعمال B. Bernstein أن الأطفال المنحدرين من أوساط اجتماعية وثقافية محظوظة ، يمتلكون رصيدا ثقافيا متنوعا وغنيا ورصيدا لغويا متطورا من حيث ثراء المعجمية والصيغ.... في حين نرى أن اقرانهم المنحدرين من أوساط اجتماعية ثقافية غير محظوظة ، يفتقرون إلى هذا الزاد الثقافي واللغوي (أبناء الأمازيغية مثلا) الشيء الذي لا يساعدهم في أغلب الحالات على النجاح في دراستهم.
ولا يمكن الاعتماد على المنظومات التربوية التقليدية ومنها المنظومة المغربية ، لكسب مثل هذا الرهان وحل هذه المعادلة ، لأنها فشلت إلى حد الآن في تحقيق هدفين أساسيين على الأقل:
- كسب رهان ديمقراطية التربية أي مراعاة مبدأ تكافؤ الفرص .
- الحد من ظاهرة الفشل والهدر المدرسي .
إن قصور مناهج التعليم العام في منظومتنا التربوية ، وعدم اهتمامها بهذه الفروق يعمق اللامساواة وانعدام تكافؤ الفرص،حيث تتصف مناهج التعليم المدرسي العام ، و بطبيعتها ، بأنها جماعية التوجه نظراً لمحدودية الوقت المخصص لكل مادة دراسية، وطول برامجها، والأعداد الكبيرة من التلاميذ في معظم الأقسام الدراسية ( الاكتظاظ و الأقسام المشتركة ) والاضطراب الذي يعرفه الزمن المدرسي. .. فضلا عن تداعي البنايات وضعف التجهيزات، حيث لا يكون للمدرس من الناحية العملية ، من ملاذ ، سوى التركيز على الأغلبية التي تقع عادة حول الوسط. أما المتفوقون من التلاميذ والضعاف فلا حظ لهم من انشغالاته. وقد أثبتت الدراسات أن التلاميذ سواء المتفوقين أو الضعاف يحتاجون إلى رعاية تربوية متمايزة ودعما خاصا ، إضافة لما يقدم عموما في برامج المدرسة العادية.
وهكذا فإن عدم مراعاة قدرات التلميذ في هذا التعليم الذي يركز على المتوسط ، يجعل المتفوق يحس أنه غير معني بما يقدم فيه من معارف فيمل و يتقاعس، و يحس فيه الضعيف أنه دون مسايرة ما سيقدم له ، فيفضل الانسحاب و الهروب من المدرسة....فيشكل ذلك ألية من آليات الفشل والهدر المدرسي.

4. 3-إشكالية مستويات المنهاج ومن تجلياتها :
- درج الباحثون التربويون في العقدين الأخيرين ، على الحديث عن ثلاثة مستويات لتخطيط المنهاج الدراسي و تطويره:
المستوى الأول هو تخطيط المنهاج على الصعيد الوطني ( المنهاج القومي/الوطني الرسمي) والذي يوضع بإشراف من المصالح المختصة بالوزارة الوصية على التعليم . وأهم ما يميز المنهاج على هذا المستوى هو طابعه الشمولي و الموحد و تركيزه على المبادئ الأساسية و ترجمة مبدئيا ، فلسفة المجتمع و قيمه ومثله العليا و تشخيصها من خلال التوجيهات الرسمية و المذكرات والكتب المدرسية وغيرها .
المستوى الثاني يكمن في تشخيص المنهاج الرسمي و إعادة صياغته عند محاولة تنفيذ التوجيهات والمذكرات الوزارية، بمراعاة خصوصيات كل مؤسسة و إمكانياتها و الاحتياجات المحلية و ظروف حياة الجماعة التي تنتمي إليها.
وعلى هذا المستوى نتحدث ، عن المنهاج المندمج للمؤسسة ، و معناه أنه و بالإضافة إلى وجود منهاج رسمي وطني عام وموجه لجميع التلاميذ في مختلف الأقاليم ، هناك نوع من المنهاج "المعدل"و "المكيف" و الذي يلائم احتياجات التلاميذ وفروقهم الفردية وطبيعة المؤسسة والخصوصيات الاقتصادية و الثقافية للمنطقة التي توجد بها واحتياجات سكانها ويساهم بالتالي في حل الكثير من الإشكالات و الاختلالات السالفة الذكر...
المستوى الثالث للمنهاج يتمثل في برمجة الخطط الدراسية و تحضير الدروس التي ينجزها كل مدرس حسب تخصصه والأقسام الدراسية الـتي يتعامل معها . كما يتمثل أيضا ، في النشاط التعليمي الفعلي و أسلوب المدرس في التعامل مع التوجيهات و تنفيذ المقررات . و هنا نصل إلى أدنى مستوى من مستويات المنهاج و أغناها ، على اعتبار أنه يمثل المرحلة " النهائية " و الدقيقة في تأثير المنهاج في شخصية التلميذ وتحقيق أهدافه العامة و الخاصة.
كما يطرح بخصوص هذه الإشكالية مسالة المسافة بين اتخاذ القرار و تنفيذه .
الأمر الذي جعل العديد من الباحثين ( وينجرت وجرينبرج ،1996، ووليم عبيد ،1999، ...) يميزون في تصنيفهم للمناهج بين :
- المنهاج المستهدف : أي الذي تتصدره المبادئ و المثل العليا و القيم والأهداف العامة من خلال التوجيهات الرسمية على الصعيد الوطني ؛
- المنهاج المقرر : المتمثل في الكتب المدرسية والذي يأتي مضمونه أقل من المنهاج المستهدف ؛
- المنهاج المنفذ : والذي يتم تدريسه فعلا داخل القسم فتتراجع نسبته عن المنهاج المقرر ؛
-المنهاج المحصل : وهو الحصيلة المتبقية في الأخير لدى التلميذ و تقيسه الاختبارات النهائية و الذي لا يزيد " حجمه " في المتوسط عن 40 % من المنهج المنفذ .
كما تثار بخصوص مستويات المنهاج و رسم حدوده ومجالات تدخله ، مسألة ما ظهر من المنهاج و ما خفي ( أي ما يعرف بالمنهاج الخفي أو الضمني ) ، وهي مسألة شديدة الحساسية وتتلخص في كون المدرس ( و المدرسة بشكل عام ) ، لا يعلم فقط ما هو مسطر في الوثائق و المذكرات و الدلائل و الكتب المدرسية التي تجسد وتشخص المنهاج الرسمي. ولا يلقن فقط الأهداف المعلنة و الصريحة ، وذلك مهما كان حريصا ومهما بلغت درجة عنايته وتقيده بحرفية النصوص و التوجيهات . بل إنه يعلم بشكل ضمني ، أشياء أخرى ويستهدف عن وعي أو دونه ، أغراض غير معلنة وغير مكتوبة . لماذا ؟
لأنه وكما هو معلوم ،تتشكل لدى المدرس خلال دراساته وتكوينه الأكاديمي و التربوي و خلال مساره المهني ، قناعات و أفكار خاصة به ، فضلا عما راكمه في شخصيته من تجارب و ما عاينه من خبرات تربوية في مدرسته وداخل أسرته . ويؤلف من كل ذلك " تشكيلة " أو "نظرية تربوية ضمنية " خاصة به ، تقوم بدور الغربال أو المصفاة لكل ما يمر من معلومات وتقنيات وتوجيهات تربوية ... لذلك فهو ينفخ في المنهاج قليلا أو كثيرا من عنده ويطبع المقرر بطابع خاص.
ثم إن التلميذ لا يتأثر فقط بما يقوله المربون في المدرسة بل بما يفعلون كذلك، و بالشحنات الوجدانية التي ترافق سلوكهم و أداءهم وأسلوبهم في التعليم .. . كما يتأثرون خلال المدة الطويلة التي يقضونها في المدرسة الأساسية و الثانوية (حوالي 12ألف ساعة ) بزملائهم أثناء اللعب و المذاكرة ويتأثرون بالجو العام السائد في المدرسة و بالأنشطة وبتجارب النجاح والفشل...
الأمر الذي جعل بعض الباحثين يعتقد ،ربما بنوع من المبالغة ، في أن كثيرا من مخرجات التعليم ، ليست هي المخرجات المستهدفة و لا المتوقعة من المناهج المقررة و المعلنة رسميا.

5- الاختلالات المالية و التدبيرية ( ظروف العمل )التي يعرفها قطاع التعليم وتأثيرها في المنهاج الدراسي ، والتي تكشف عنها من حين لآخر العديد من الملاحظات والتقارير ، وهو ما سيضع الوزارة الجديدة أمام تحدي الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد في مختلف جوانب المنظومة التربوية بما فيها الجوانب البيداغوجية خاصة ما ارتبط منها بإصلاح المناهج وتطوير المقررات وصفقات تأليف ونشر وتوزيع الدلائل والمطبوعات والكتب المدرسية .
وما برتبط بهذه الاختلالات من صعوبات تأمين الدعم د للفاعلين داخل القطاع وخاصة المدرسين الذين يمارسون المناهج و الإداريين والمشرفين الذين يحرصون على تنفيذها ، وترتبط هذه الإشكالية بملف الموارد البشرية وتأهيلها وتدبيرها المستمر وحفزها وما يستتبع ذلك من تأمين حقوق أكثر من 290 ألف موظف وموظفة بهذا القطاع الذي حطم كل الأرقام في الإضرابات والوقفات الاحتجاجية وغياب المدرسين.
6- الهدر الكبير للزمن الضروري لتطبيق المنهاج المدرسي وبرامجه التي يشكو الجميع من طولها ، جراء الانطلاق المتأخر للدراسة، أو التوقف عنها قبل العطل، أو التوقفات المرتبطة بغياب التلاميذ أو الأساتذة أو الإضرابات أو الاضطرابات الجوية وما قد ينتج عنها من عزلة القرى و غير ذلك.


ثالثا : أسس بناء المنهاج المندمج للمؤسسة ومكوناته
إن معالجة أوجه الخلل في النظام التعليمي والرفع من فعاليته ، يقتضي بشكل أساسي استهداف المنهاج المدرسي في شموليته ،من حيث هندسته التنظيمية و التدبيرية ونماذجه وطرقه ومقارباته البيداغوجية... لكن وكما يعتقد الكثير من المشتغلين (نظريا وعمليا) بالموضوع ،" فإن مجرد اعتماد نموذج جديد (وغالبا بطريقة النقل الميكانيكي) غير كاف بحد ذاته لتحقيق فعالية وجودة "مدرسة النجاح"،لأن النموذج البيداغوجي هو عنصر واحد من عناصر أخرى، تشكل نظام التربية والتكوين،كنظام ترتبط متغيراته من خلال علاقات بنيوية ووظيفية ،تتفاعل ويؤثر بعضها في البعض ،.بمعنى أن نجاح أي نموذج بيداغوجي وتحقيق أهدافه المنشودة،يجب أن نوفر له شروطا أخرى ترتبط ببقية جوانب المنهاج والعملية التعليمية ، فتتداخل في علاقة بنيوية ووظيفية لضمان نجاحها..واسترشادا بذلك قمنا منذ سنوات ، بصياغة نموذج ، أسميناه "المنهاج المندمج للمؤسسة "(م 3) ، ينبني على جملة من الأسس ويتألف من مكونات سنقوم باستعراض أهمها، في العناوين التالية:
1- مفهوم الإدماج : الأساس الأول الذي ينطلق منها نموذج "المنهاج المندمج للمؤسسة"يكمن في القول بضرورة الربط بين مفهوم الدمج والاندماج وبالتالي تبني مفهوم جديد تركيبي يختلف مع بعض المفاهيم السائدة حوله ، ومنها على وجه الخصوص المفهوم الذي وضعه المجلس الأعلى للتربية في كيبك بكندا (وهو المفهوم الذي تبني عليه بعض المقاربات المنهاج الدراسي ،مثل مقاربة بيداغوجيا الإدماج)، والذي يعرفه بكونه "السيرورة التي يربط بها التلميذ معارفه السابقة بمعارف جديدة، فيعيد بالتالي بناء عالمه الداخلي، ويطبق المعارف التي اكتسبها في وضعيات جديدة ملموسة". نستشف من هذا التعريف الضيق ،ما يأتي:
-الإدماج هو ربط المعارف السابقة بالمعارف الجديدة، وتركيبها، ثم توظيفها لحل وضعيات-مشكلات جديدة.
-إن إدماج المكتسبات عملية شخصية وفردية بالأساس، لا يمكن أن يقوم بها متعلم مقام آخر.
لكننا نقترح في تصورنا للمنهاج الدراسي، أن يتسع مفهوم الاندماج حتى لا يبقى محصورا في جانب واحد من النشاط الذهني للمتعلم وهو إدماج الموارد والمكتسبات .لأن ذلك في نظرنا عيب يسقطنا في أساليب تقنية تجزيئية وسلوكية .
يركز الاندماج المقصود في هذا النموذج الذي نقترحه ، على الأبعاد الاجتماعية و الغايات الشمولية التي ينبغي إظهارها وتوظيفها منذ البداية ، سواء في محتويات البرامج او في طرق وأساليب أدائها و في طبيعة الأنشطة الموازية او في مشاريع المؤسسة وغيرها والتي ينبغي ان تعزز ما تستهدفه المدرسة من اندماج حقيقي في المجتمع بشكل شمولي .
لذلك فإننا قدمنا ، تصورا أكثر شمولية ، في إطار "المنهاج المندمج للمؤسسة" والذي يتسع فيه مفهوم الاندماج (نظريا وعمليا) ليشكل نسقا متكاملا . من بعض مميزاته أنه يمنح على سبيل المثال، المناطق والمؤسسات والجهات، سلطة ( حرية) تعديل ومواءمة المقررات الدراسية، للاحتياجات والخصوصيات المحلية مع احتفاظها بالأسس المشتركة في المنهاج الوطني العام أي نسمح للمدرسين والقائمين على التعليم عموما بنوع من المرونة بدل النمطية والأحادية اللتان تميزان كلا من بيداغوجيا الأهداف و بيداغوجيا الاندماج، شريطة خلق نوع من التوازن بين المستوى الوطني والمستوى الجهوي .
ونحن بصدد تطوير هذا النموذج ، وتحديثه والذي سنخصه قريبا بدراسات مستقلة،لكن يمكننا أن نشير الآن إلى أن الاندماج المنشود ينبغي أن يسير بشكل متواز ومتكامل في أربعة اتجاهات :
1- اندماج على مستوى المنهاج بمختلف مقرراته وهو اندماج أفقي (مستعرض) بين المواد الدراسية.
2- اندماج منهاجي على مستوى الأهداف العامة أو الكفايات الأساسية ، (المعارف ، المهارات ، منظومة القيم /الأخلاق ،الهوية ، مشاعر المواطنة...).
3- واندماج على مستوى المؤسسة. سواء داخل المؤسسة (بين أطرها وتنظيماتها وروادها من التلاميذ) وبينها وبين البيئة المحلية ( الطبيعية والمجتمعية والثقافية).
4- واندماج على مستوى المنطقة ( الجهة) والوطن أي على مستوى المجتمع ككل.

2- تبني مدخل الكفايات وتكييفه وربطه بمدخل المعايير:

عملنا في إطار نموذج "المنهاج المندمج للمؤسسة" على صياغة مقترح تركيبي،يربط بين الكفايات Competences والمعاييرNormes/Standarts، لاعتقادنا أن الكفايات
( قدرات ، مهارات ، اتجاهات ) يمكن أن تشكل معايير الجودة التي يستهدفها المنهاج بل معايير تستهدفها العملية التعليمية برمتها.
2. 1- سبق أن اقترحنا في العديد من مؤلفاتنا ، اعتماد مدخل الكفايات والذي أتى كما هو معلوم ليتجاوز ثغرات وعثرات مدخل الأهداف .و المقصود بالكفايات " تشكيلة من قدرات معرفية و مهارية ووجدانية ، كلما تمكن الفرد منها إلا وكان قادرا على تطبيقها وتوظيفها في سياقات كثيرة بعدما ارتبطت في بداية تشكلها واكتسابها بسياق واحد أو بمادة دراسية واحدة".
كما تعرف الكفايات بكونها نظام من المعارف ، المفاهيمية(الذهنية) والمهارية (العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية، تمكن في إطار فئة من الوضعيات والمواقف، من التعرف على المهمة –الإشكالية وحلها بنشاط وفعالية.
ولعل من أهم أسباب النجاح الكبير الذي لقيه هذا المدخل ، هو أن الكفايات تتميز عن المعارف من حيث العمل على احترام الرغبة الملحة في تمكين التلميذ من أدوات فكرية قابلة للنقل و التحويل(شبيه بما يعرف في علم النفس التربوي بانتقال أثر التدريب، كانتقال أثر التدريب بين اللغات ، فتعلم إحداها يساعد في تعلم الأخرى ). الأمر الذي لا تسمح به دائما المعارف و محتويات المواد الدراسية . وشكل هذا الاختيار أهم تحد بالنسبة للطرق المعروفة بطرق التربية الفكرية و التي وضعت أساسا لفائدة الجمهور العريض والذي كان يعاني من مشاكل مع المؤسسات المدرسية. وأيضا لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم أو الراشدين الذين لا يتمكنون من التأقلم مع تطور المهن و يعجزون عن تحويل ونقل خبرتهم من مجال تكوينهم الأصلي إلى مجالات مهنية جديدة.
إن الكفاية سلوك يمكن من التعبير عنه بأنشطة قابلة للملاحظة، لكنها أنشطة تتجمع وتندمج في عمل مفيد وذي مغزى، وهكذا فإن الوظيفة العملية(التطبيقية) هي التي تغدو حاسمة في الموضوع. "إن الكفايات تشكل مجموعات مهيكلة تتفاعل عناصرها وتتداخل مكوناتها وتنتظم حسب تسلسل معين، للاستجابة لمقتضيات الأنشطة التي ينبغي إنجازها".
كما أن الكفاية يمكن أن تتألف من تشكيلة غير متجانسة من المعارف والمهارات والقدرات العقلية والخطاطات الحسية...إلخ، وما يوحد بينها هو فائدتها ومنفعتها، أي النشاط التقني والاجتماعي الذي سينتج عن توظيفها. إن الكفاية غير منسجمة من حيث العناصر التي تتألف منها ولكنها منسجمة من حيث النتيجة المستهدفة.
كما تتضمن الكفايات تنائج المكتسبات المعقدة والتي تظهر كما لو كانت حصيلة المكتسبات السابقة. مما يؤكد الطابع اللولبي للكفاية حيث تعتبر تشكيلة مركبة من العناصر، منها ما هو مكتسب الآن ومنها ما تم اكتسابه في حصص ماضية، عناصر تتجمع شيئا فشيئا لتمكن صاحبها من التحكم في بعض المواقف والوضعيات.

2.2- أما بالنسبة لتبني مدخل المعايير فكان ثمرة قناعتنا بأن النموذج ينبغي الا يقتصر على مفهوم واحد وألا يحبس داخل مقاربة واحدة . ذلك أنه وفي سياق العولمة وفي إطار انتشار التنافس المعياري العالمي ، ظهرت الدعوة إلى " تعيـير التعليم وتجويده" . فمتطلبات سوق العمل وحياتنا اليوم عموما ، بما فيها من تقدم علمي وتكنولوجي فائق النوعية، وأثر المعطيات العلمية والتكنولوجية على التعليم ،تفرض على النظم التربوية الانفتاح و رفع التحدي ، وتبني شعار التعليم والعلم المتميزين تحقيقاً للجودة ، والتي تتمثل بمتعلمين مؤهلين أكاديمياً ، أكفاء يمتلكون كفايات أساسية و قدرات ومهارات نوعية ومستعرضة في شتى المجالات، تؤهلهم للمنافسة في المسابقات والاختبارات الدولية، و في السوق العالمية . و يحصلون على الفرص التعليمية والوظيفية، و يتفوقون في مجال الابتكار والإبداع. فظهر مدخل المعايير والذي تبنته العديد من الدول والذي لا يتناقض بالضرورة مع مدخل الكفايات.
والمعايير مؤشرات رمزية تصاغ في مواصفات / شروط ، تحدد الصورة المثلى التي نبغي أن تتوفر لدى التلميذ (أو المدرسة) الذي توضع له المعايير ، أو التي نسعى إلى تحقيقها، وهي نماذج و أدوات للقياس ، يتم الاتفاق عليها (محليا وعالميا) وضبطها و تحديدها للوصول إلى رؤية واضحة لمدخلات النظام التعليمي ومخرجاته ، لغاية تحقيق أهدافه المنشودة والوصول به للجودة الشاملة ..(انظر كتابنا "المعايير في التعليم " ،2008 منشورات رمسيس ، الرباط ).
تسهم المعاييروالمستويات المعيارية في رسم توقعات لطموحاتنا في التعليم ( صورة مثالية)، وتوجيه العمل التربوي في كافة مجالاته ، وتوفير محكات موضوعية لقياس نجاحاتنا في مسيرة التعليم.
-كما تؤكد المعايير والمستويات المعيارية ( مستويات معايير المناهج على وجه الخصوص) أن جميع التلاميذ قادرون على التعلم في مستويات عليا ، وأن التميز ينبغي أن يكون للجميع ، و بالتالي فإن توفر المعايير ضرورة حتمية لتوافر الفرص وتكافؤها.
-كما يؤدي حضور ووضوح المعايير إلى الشفافية والعدالة والمحاسبية ، وبالتالي إلى ثقة وتأييد الرأي العام.
- تعتبر المعايير ومستوياتها ومؤشراتها وسيلة فاعلة وركيزة أساسية لعمليات تطوير وتحسين التعليم.
- تمنح المعايير دورا فعالا للمعلمين في تخطيط التدريس وإدارته و قياس و تقويم نتائجه.
-كما تمكن المستويات المعيارية ومؤشراتها المعلمين ، من متابعة تعلم التلاميذ وتمكنهم من الإبداع في أساليب تقويم النتائج والمخرجات.
- وتنعكس نتائج تبني المعايير على الأنشطة التعليمية - التعلمية داخل حجرات الدرس ، فتزداد مساحة التعلم النشط ، وتكثر الأساليب الإبداعية ( محمود الضبع ، 2006).

على أن كل تلك المبررات لا تثنينا عن الإيمان بأن تبني مدخل المعايير في التعليم ، بل وبغيره من المداخل بما فيها مدخل الكفايات ، لا ينبغي أن يتجاهل الحقيقة الأساسية التالية ، وهي أن التعليم نتاج مجتمعي بالدرجة الأولى ، يجب أن تنسجم أهدافه واستراتيجياته مع أهداف واستراتيجيات المجتمع الأصل، وتستجيب للاحتياجات الحقيقية لساكنته وليس لضغوط و إملاءات خارجية تخدم مصالح الهيمنة الاستعمارية واقتصاديات العولمة المتوحشة.
لذلك فإن إصلاح التعليم من خلال أي مدخل ومن خلال أي نموذج بما فيه النموذج الذي نقترحه تحت مسمى "المنهاج المندمج للمؤسسة "، نقول ، يتطلب تغييراً حقيقيا في تصور سياسات التعليم، وفي إدارة عملياته في مستويات مختلفة، وفي الممارسات التعليمية التي يقتضيها. تغييرا يكون ملتحما ومتسقا مع الأهداف الأساسية المنشودة في إصلاح التعليم وفق متطلبات الواقع والاحتياجات الحقيقية للمجتمعات ، والتي لا تتطابق بالضرورة مع سياسات مراكز الهيمنة والسيطرة ومصادر القرار في الدول الغربية. بحيث نطوع المدخل/النموذج لمتطلبات مجتمعنا و مطامح واحتياجات أفراده ، وليس العكس.






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 01:21 رقم المشاركة : 258
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


3-الربط في المنهاج بين المعرفة النظرية و المعرفة التطبيقية:

إن القاعدة الأخرى التي نستند عليها في نموذجنا ،تكمن في البحث عن الأسلوب الأمثل لتطبيق المنهاج في الاقسام والمدارس والذي وجدناه في ما يعرف في العادة بالمنهاج النشط وفي طريقة حل المشكلات . يقوم هذا التوجه على تثبيت مكتسبات التلميذ بواسطة مواجهة المواقف المشخصة وحل ما تتضمنه من مشكلات وليس بواسطة تجميع المعلومات وتكديس الإجراءات(العمليات) دون أن يعرف التلميذ كيفية توظيفها في حياته اليومية ، وسرعان ما ينساها . والحقيقة أن هذه القاعدة ليست جديدة ، بل تتقاسمها جميع البيداغوجيات (تقليدية و حديثة ) . فقد كان أبو حامد الغزالي قديما ، يرى على سبيل المثال أن الأخلاق الفاضلة لا تولد مع الإنسان، وإنما يكتسبها عن طريق التربية والتعليم من البيئة التي يعيش فيها، والتربية الأخلاقية السليمة في نظره تبدأ بتعويد الطفل على فضائل الأخلاق وممارستها .فالطريق إلى تربية الخلق عند الغزالي هو التخلق أي حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب ، فمن أراد مثلا أن يحصل لنفسه خلق الجود فعليه أن يتكلف فعل الجود.
كما جعل عبد الرحمن ابن خلدون الملكة (القدرة او الكفاية في تعبيرنا الراهن) جسمانية وعقلية معاً؛ فلم يفرق بين تعليم عقلي وآخر عملي؛ بل ربط القوى العقلية والجسمانية، وجعلها تتعاون في اكتساب الملكة. أما من الناحية العملية فقد وضع مبدأين صحيحين، هما مبدأ المباشرة ومبدأ المعاينة. ويعني بالمباشرة القيام بالفعالية العملية: فمن يريد تعلم فعالية عملية، يجب عليه أن يباشرها بنفسه، لا أن يكتفي بمعاينة من يقومون بها، أو الإصغاء إلى كلام من يتحدثون عنها. ولكن المعاينة ضرورية مع ذلك؛ لأنها الطريق إلى المباشرة. وتعني المعاينة أن يشاهد (يعاين) المتعلم المتمرسين بالفعالية العملية، وهم يقومون بها و يؤدونها. ولا شك أن من يريد مباشرة فعالية ما، هو بحاجة إلى معاينتها قبل مباشرتها.‏
وإذا أخذنا البيداغوجيا التقدمية في إطار ما يسمى بالتربية الحديثة ،على سبيل المثال، لدى كل من بستالوتزي ( 1827) و منتسوري (1870) وخاصة لدى جون ديوي (1915)، فإنها تؤكد على:
ضرورة تزويد التلاميذ باستراتيجيات حل المشكلات وليس بالمعرفة والحفظ..
و يجب ان يشتق المنهاج من اهتمامات التلاميذ وليس من المواضيع الأكاديمية ، وما يقتضي ذلك من عناية بحاجياتهم العقلية والانفعالية والنفسية الحركية ،و المدرسون الفعالون هم الذين يزودون التلاميذ بخبرات تمكنهم من التعلم عن طريق العمل .
أما طرق التدريس التي ينبغي اعتمادها ، انسجاما مع مبادئ هذه التربية الحديثة ، فتنطلق من أهمية التعليم عن طريق مجموعة من الأنشطة المعدة بشكل منظم ، والتي تمكن كل تلميذ من المشاركة الايجابية ، التي تساعده في نموه الشخصي والاجتماعي ، و السماح له بالتجريب . ومن هنا تصبح المدرسة مضطرة لاستخدام مواقف الحياة الحقيقية في التعليم ولا تتركها إلى الدراسة النظرية- الأكاديمية ، فتتحول المدرسة إلى معمل اجتماعي يتم فيه التعلم عن طريق الخبرة بدلا من التعلم الشكلي .
وبخصوص ترسيخ الكفايات من خلال مواجهة الوضعيات والمشكلات ، فهي كما أسلفنا ليست مسالة جديدة ، فهناك ما يعرف بالتعلم النشط والتعلم بالعمل وأسلوب حل المشكلات وغيرها...و كلها تؤكد على :
- أن العمل أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل التلميذ مع عناصر البيئة لغرض التعلم وإنماء الشخصية .. .
-يمثل العمل وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم وتساعد في إدراك معاني الأشياء.
-وأن التعلم بالعمل أداة فعالة في تفريد التعلم وتنظيمه لمواجهة الفروق الفردية وتعليم الأطفال وفقاً لإمكاناتهم وقدراتهم.
-يعمل التعلم بالعمل على تنشيط القدرات العقلية وتحسين الموهبة الإبداعية لدى الأطفال.
-ربط التعلم بالعمل يثير دافعية المتعلم ويحفزه على التعلم ما دام يشارك يدوياً وفعليا بالنشاطات التي تؤدي إلى التعلم.
ويرى يوسف قطامي (2002) أن أهمية هذه الأساليب في التعليم تأتي من أنه : " يضع المتعلم أو الطفل في موقف حقيقي يعمل فيه ذهنه بهدف الوصول إلى حالة اتزان معرفي . وتعتبر حالة الاتزان المعرفي حالة دافعية يسعى الطفل إلى تحقيقها . وتتم هذه الحالة عند وصوله إلى حل أو إجابة أو اكتشاف ، وبالتالي فإن دافعية الطفل تعمل على استمرار نشاطه الذهني وصيانته حتى يصل إلى الهدف وهو : الفهم أو الحل أو الخلاص من التوتر ، وذلك بإكمال المعرفة الناقصة لديه فيما يتعلق بالمشكلة ."
إن توظيف أسلوب حل المشكلات في التعليم يجعل التعلم مشوقا وفعالا ؛ لأنه يستدعي الخبرات السابقة لدى المتعلم فيربطها بالخبرات اللاحقة، إضافة إلى أنه يتم من خلال الممارسة العملية و المشاركة الفعلية.
ولعل من أبرز مبررات توظيف أسلوب المشكلات في التعليم ما يلي:
- إثارة دافعية الطلبة للتعلم، حيث يولد لديهم الرغبة في التفكير من أجل التوصل إلى الحل السليم.:"إن أسلوب حل المشكلات يثير دافعية التلاميذ للتعلم و يمكن توظيفه في تدريس المفاهيم و القدرات التكنولوجية".
- تنمية المهارات والقدرات و المعلومات. فإذا أتقن المتعلمون أسلوب حل المشكلات ، و تدربوا على استخدامه في المدرسة ، فإنهم سيستفيدون منه في حياتهم العملية للتغلب على المشكلات التي تواجههم. ويدربهم على مهارات العمل الجماعي فينجزون أعمالهم بروح الفريق ، مما يحدث لديهم تغيرا اجتماعيا مرغوبا إضافة إلى تزويدهم بمهارات تطبيق النظريات ، ويقودهم الى الإبداع في العمل.

4- مأسسة المدارس وخلق الظروف الملائمة للتطوير:

من أهم شروط إصلاح التعليم بشكل عام و تجديد مناهجه بشكل خاص والتي انطلقنا منها في وضع نموذج "المنهاج المندمج للمؤسسة "، خلق الظروف الملائمة للنجاح و في مقدمتها إ يجاد المناخ المناسب لتطبيق مقتضيات الإصلاح و تنفيذ آليات تطوير المناهج داخل المدارس و الفصول ، أي على أرض الواقع . وقد نشطت في هذا الاتجاه، بحوث تربوية كثيرة مبرزة دور المدرسة كمؤسسة ، وانتهت إلى العديد من النتائج والتي يمكن اختصارها في العنوانين التاليين:
أولا- تحويل المدارس إلى مؤسسات .
ثانيا- الإدارة المدرسية وقيادة التطوير.

1.4 - تحويل المدارس إلى مؤسسات :

وذلك للاعتبارات التالية:
-إن دور المدرسة بشكلها الحالي وفي العديد من الدول ، يقتصر على تعليم التلاميذ وفق التعليم التقليدي الذي لا يتدخل في إثراء المناهج و تطويرها ، وفي إغناء أساليب التدريس و طرقه.
-عدم قدرة المدرسة اليوم ، على ضبط الجودة في جميع الأعمال و المهام المدرسية ، بحيث يصعب تطبيق أسلوب إدارة الجودة فيها ، كما يصعب تقييم أدائها تقييما شاملا .
-لا يتم استغلال المبنى المدرسي و موارده المادية و استثمار الإمكانيات المتاحة بالشكل الجيد.
-تناثر الأعمال و تشتت الأنشطة ( التربوية و الثقافية والرياضية ...) و عدم تحديدها في مشروع شامل و في منظومة متكاملة مكونة من عناصر مترابطة و متناسقة و متفاعلة بانتظام .
-انغلاق المدرسة و انكفائها على نفسها ، و عدم الانفتاح على المجتمع الخارجي و البيئة المحلية وعدم البحث عن سبل التأثير و التأثر فيها.
-المعاناة جراء الإشكالية الأزلية ، المتمثلة في علاقة المحيط بالمركز و الاستقلال عن مركزية التخطيط و التنفيذ و التقييم في المناطق التعليمية .
لكل تلك الأسباب ، برزت الحاجة إلى ضرورة تحويل المدارس إلى مؤسسات بالمعنى العصري للمؤسسة و ذلك من خلال:
-خلق ثقافة المؤسسة و مقوماتها و إيجاد آليات التحول ؛
-تطوير الهيكل التنظيمي المدرسي و إكسابه المرونة اللازمة ليتوافق مع مميزات كل مدرسة على حدة و خصوصيات المنطقة و المجتمع المحلي الذي توجد فيه؛
-ضرورة تطوير النمط القيادي بها و الرفع من كفاءة الإدارة وتسهيل سبل التواصل بين مختلف العاملين بالمؤسسة ؛
-تحسين أسلوب أداء مجالسها وخاصة مجلس الآباء و الأمهات و مجلس مربي الفصول و مجالس الفصول ؛
-تحديد هوية المؤسسة وخصوصيتها أي وضعيتها الراهنة وواقعها الحالي واحتياجاتها ثم ما تطمح إليه ؛
-التمتع بنوع من الاستقلال الذاتي على مستوى التسيير الإداري و المالي و خاصة على مستوى التأطير التربوي ؛
-القدرة على إدماج التجديدات التربوية المقترحة في مشاريع الإصلاح و مواءمتها مع خصوصيات المؤسسة و أولويات العمل التربوي بها .
على أن مأسسة المدارس لا يمكن أن تستقيم ، دون إقامة و تفعيل اتفاقيات التعاون والشراكة و إحداث مشروع المؤسسة ،الأمر الذي سنعود إليه في عنوان لاحق.
نلاحظ ازدياد العناية بتطوير المدارس على أسس علمية ببعض الدول العربية ،فقد أوصت على سبيل المثال ، الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون بدول الخليج العربية، في مرئياتها بشأن التعليم و تطوير المنظومة التعليمية ،( الدورة الرابعة - مملكة البحرين ، فبراير 2001 )" بإعادة هيكلة النظام التعليمي بشكل كامل بما في ذلك إعطاء مزيد من الاستقلالية الإدارية و التربوية للمدرسة و جعلها مسئولة عن مستوى أدائها" . كما توصي " بتقوية العلاقة بين مؤسسات التعليم و مؤسسات الإنتاج و كافة المؤسسات المجتمعية".

2.4 - الإدارة المدرسية و قيادة التطوير

حظي موضوع الإدارة التربوية باهتمام خاص من لدن الباحثين التربويين في العقود الأخيرة من القرن الماضي ، مما أثرى المشهد التربوي المعاصر ، و راكم حصيلة معرفية غنية أصبحت تزود المخططين و عموم الإداريين ، بالعديد من الحقائق و النماذج الكفيلة بتطوير أساليب العمل الإداري بما يساهم بدوره في تطوير المناهج وتحديث الممارسات التربوية .
ولعل من أهم تلك الحقائق ، تغيير النظر إلى العملية الإدارية ، باعتبارها ليست مجرد تسيير للأعمال أو ممارسة للسلطة ، بل هي عملية قيادة في المقام الأول. إنها عملية قيادية بما قد يكتسبه الإداري من قدرة على تحفيز الآخرين للاندماج في العمل التربوي و تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية.
" إن قيادة التطوير نمط يبني الالتزام و يخلق لدى العاملين في المؤسسة التعليمية، الحماس و الدافعية للتغيير ، ويزرع لديهم الأمل بالمستقبل ، و الإيمان بإمكانية مساهمتهم في التخطيط للأمور المتعلقة بنموهم المهني و إدارتها ." كما تعني " قيادة الجهد المخطط والمنظم ، للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة للتطوير، من خلال التوظيف العلمي للموارد البشرية و الامكانات المادية و الفنية المتاحة للمؤسسة " (منى مؤتمن ، 2003
و أيضا Fullan ,M. 1998 .)
كما تقتضي إدارة التطوير في المؤسسات و بالاضافة إلى بناء ثقافة المؤسسة ؛
- امتلاك القدرة على المبادرة و الإبداع لإحداث التطوير في مختلف عناصر المؤسسة وعلى رأسها المناهج و الطرق التعليمية ؛
- القدرة على إدارة الجودة والتي تقتضي إشراك جميع العاملين في جميع المستويات في توظيف الإمكانيات المادية و البشرية المتاحة لتطوير الأداء التربوي و تحقيق الأهداف بأقل تكلفة و أقصر وقت و أدنى جهد و أفضل النتائج ، في جميع مجالات العمل بحيث يتم تلبية احتياجات المتعلمين و مجتمعاتهم ؛
- الارتقاء بقدرات المؤسسة و أدائها و توفير المناخ الملائم لمواكبة المستجدات والانخراط في تطوير المناهج و تحديث أساليب العمل وأدواته ؛ و التعامل مع ما ينسجم منها مع الأهداف العامة بإيجابية ؛
- العمل الجماعي مع الآخرين و حل المشكلات المدرسية بصورة تعاونية ، بما يعزز الأساليب الجديدة في العمل الإداري والتربوي ؛
- تسهيل سبل التواصل داخل المؤسسة و خلق الثقة بين العاملين بها ؛
- الاهتمام بتعزيز النمو المهني المستمر للمعلمين و تجديد كفاياتهم المهنية و تجويدها بما يؤهلهم لأداء أدوارهم المتجددة بكفاءة و اقتدار، في مجتمع التعلم الدائم و التربية المستدامة.
.
5- الاندماج الاجتماعي و مشاريع المؤسسة والشراكة التربوية:
من الأسس التي استندنا عليها في بناء النموذج ، تكمن في ضرورة الربط بين المنهاج الدرسي والمجتمع ، و يتشخص هذا الربط في العديد من الإجراءات ومنها مشاريع الشراكة التربوية ، حيث تترك للمؤسسات حرية المبادرة وعقد اتفاقيات تعاون و شراكة مع القطاع الخاص وفعاليات المجتمع المحلي،وتعديل مناهجها الدراسية بشكل مندمج ، بما يساير خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويلبي في نفس الآن احتياجات التلاميذ ومتطلبات أسرهم.كما يساير مختلف المستجدات في مجال بناء وتطوير المناهج التعليمية وما ظهر حديثا في مجال إدارة الجودة الشاملة واعتماد معايير الجودة في التعليم (انظر محمد الدريج " المعايير في التعليم ،نماذج وتجارب لضمان جودة التعليم " ،2008).
هذا وقد لاحظنا لهذا الأساس بعض الآثار في نظامنا التعليمي، فمثلا ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين والعديد من المذكرات التي أصدرتها وزارة التربية الوطنية على ضرورة تبني نوعا من المرونة في تحديد نسبة حرية التصرف في المنهاج الوطني بالتعديل وإضافة مواضيع جديدة، و المتروكة جهويا للمؤسسات ، في 15 بالمائة. .( محمد الدريج،1996 و 2002).

1.5 - إحداث مشروع المؤسسة

على الرغم من تعدد استعمالات مصطلح المشروع في المجال التربوي منذ أوائل القرن الماضي و خاصة مع جون ديوي ، فإن مشروع المؤسسة في تعريف المعاصرين ، هو برنامج إرادي تطوعي مؤلف من سلسلة من الأعمال و الإجراءات والتي تتمحور حول مشروع واحد قد يستمر لمدة سنة كاملة أو أكثر ( مثل برنامج للدعم التربوي و العناية بالضعاف من التلاميذ و التقليل من نسب الرسوب أو برنامج توظيف خدمات الأنترنيت في تحسين شروط التعلم الذاتي للمعلمين و الطلاب ... ) إجراءات تستهدف بشكل منسجم ، الحصول على أفضل النتائج في المدرسة و الرفع من مستوى وجودة التعليم بها ، وتعميق ارتباطها بمحيطها و اندماجها في مجالها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي .
إن مشروع المؤسسة خطة منظمة متناسقة العناصر ، يتعاون على تنفيذها فريق تربوي (مجموعة عمل ) مشكل من أعضاء من هيئة التدريس و الإدارة و أولياء أمور التلاميذ
( وفي بعض الحالات من التلاميذ أنفسهم ) و بعض المهنيين من المنطقة ، بإشراف مدير المؤسسة وتوجيه منه . يعملون من خلال جملة من الأنشطة المتمحورة حول موضوع رئيسي واحد وتستهدف تحقيق جملة من الأهداف التربوية و التعليمية ، في انسجام تام ، بطبيعة الحال ، مع المنهاج المدرسي الرسمي و مع غاياته و مبادئه .
من خلال هذا التعريف نستنتج أن مشروع المؤسسة هو في المقام الأول ، وسيلة لخلق أكبر قدر من الانسجام داخل المؤسسة و الاندماج بين جميع الفاعلين فيها ، و توفير الشروط الملائمة لتطبيق التجديد في المناهج والطرق ،و ذلك بما يوفره من جو يسمح بالعمل الجماعي حول أهداف مشتركة. (محمد الدريج ،

5. 2- نظام الشراكة التربوية

بدأ نظام الشراكة منذ أواسط الثمانينات يبرز ويتسع ليشمل مجال التعليم و حدث ذلك في التعليم العمومي في بعض الدول الأمريكية قبل أن ينتقل إلى أوربا.
و تضافرت العديد من العوامل في ظهور الشراكة التربوية وهي في مجملها نفس العوامل التي شجعت ظهور مشروع المؤسسة و السعي نحو مأسسة المدرسة كآلية للتطوير و التجديد التربوي .
ولعل من أهم تلك العوامل ، تحول المجتمعات المرتبطة بالصناعة ، إلى مجتمعات تابعة للإعلام و الاتصال و قطاع الخدمات .كما نشطت الشراكة في المجال التربوي بفعل ظهور " التوجه إلى المحلي " و بالأهمية المتعاظمة للأقاليم و الجهات الاقتصادية و المدن والتجمعات
وكمثال على بعض مشاريع الشراكة ، نذكر تبنى أحد البنوك تحسين فضاء الأقسام الدراسية في إحدى المدارس العمومية وبناء مرافق صحية وملاعب رياضية وتجهيز المكتبة المدرسية والقاعة المتعددة الوسائط واستقطاب عدد من الخبراء التربويين لتطوير جوانب التعليم الحديثة في الرياضيات واللغات في إطار برنامج لتكوين الأساتذة. و لمثل هذه الشراكات مزايا كثيرة، يمكن ملاحظتها من خلال تصرفات التلاميذ، فالعمل الجماعي يعودهم على حسن الإنصات لبعضهم البعض، واعتماد الحجة في الإقناع، والامتثال للقرارات الجماعية التي تتخذ بشكل ديمقراطي.. وهذا يتطلب كذلك الجرأة في الخطاب ومواجهة الآخر، وينمي كفاءات التواصل، ويكسبهم الثقة في النفس.الأمر الذي يتيح إمكانيات واسعة أمام المدرسة ، للمبادرة و الاستقلال في اتخاذ القرار، فتتحول إلى مؤسسة في مستوى التفاوض و الدخول في علاقات التعاون مع محيطها و ابرام الاتفاقيات .
و بصفة عامة ، عندما تطبق الشراكة في المجال التربوي ، فإنها تكون في الغالب بين مؤسستين أو أكثر وتجند الفاعلين التربويين للعمل في إطار مشروع مشترك ، شريطة أن تحترم كل مؤسسة المؤسسات الأخرى المشاركة فيما يتعلق مثلا، بالبرامج الدراسية و استعمالات الزمن و أساليب التدريس و التنظيمات الإدارية والتربوية الجاري بها العمل . ( محمد الدريج ،1996 و 2002 ).

كما يقتضي نظام الشراكة ، أن تقدم كل مؤسسة دعما للمؤسسات الأخرى ، بأن تضع رهن إشارتها مختلف الإمكانيات المادية و البشرية المتوفرة ، بحيث تنفتح كل مؤسسة على الأخرى في اتجاه انفتاحها على محيطها. .
.
وقد وجدت هذه الأفكار الكثير من الأصداء الإيجابية و استأنست بها العديد من التجارب في بلادنا. من بينها ، على سبيل المثال ،تجربة " الشراكة بين القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية" بمدينة الدار البيضاء، والتي نالت جائزة «وايز» العالمية للابتكار في مجال التعليم. هذه التجربة تبنى فكرتها محمد عباد أندلسي، وهو مدير مصرف سابق. والذي يرى ضرورة "تحفيز رجال الأعمال على رعاية المؤسسات التعليمية، ليس فقط لكي يمولوا المشاريع ماديا، فهذا شيء سهل، ويمكن الحصول عليه، ولكن هناك ما هو أفضل من المال، وهو رفع المؤهلات ونقل التجارب". ويستطرد أندلسي قائلا: «قمت بزيارة لمدير المدرسة ومدير المصنع فاكتشفت عدم وجود أي تواصل بينهما، فعرضت على مدير المصنع دعم المدرسة كجزء من مسؤوليته الاجتماعية، وحدث التواصل وتم دعم المدرسة ...، ليس بالدعم المادي فقط ولكن من خلال تبني مشاريع تعليمية واجتماعية رائدة تدعم المدرسة، واستفادت منه حتى الآن نحو 300 مدرسة تعليمية محتضنة، وبخاصة في مدن الدار البيضاء والرباط، في المجالين القروي والحضري، وأصبح رجال الأعمال والشركات تتنافس في دعمه، إذ تجاوز عدد الداعمين 100 داعم"(عن جريدة الشرق الأوسط ، عدد 29 يناير 2012.)
واجب المجتمع إذن ، بجميع شرائحه وقطاعاته بما فيها القطاع الخاص ، أساسي وحاسم ماديا ومعنويا ، لضمان حصول أطفاله على تعليم يلائم حاجياتهم وتلبية في نفس الآن حاجيات الجماعة، ولضمان حصول الفرد على التكوين الذي تشترطه الوظائف المتوفرة و كذا تلبية الشروط الموضوعة لتنميته،مما يحتم ضرورة الانخراط بقوة في توعية أولياء الأمور بذلك، مما يساهم في المحافظة على الوضع الذي تتوازن فيه قيمة الفرد بقيمة الجماعة والمجتمع.
فالأطفال أجيال الغد و آمال المستقبل ، في حاجة لتمتيعهم بكافة حقوقهم وفي مقدمتها الحق في تعليم جيد وفي تنشئة اجتماعية سليمة، وهذا الأمر مسؤولية متقاسمة بين الأسر و الجماعات والمؤسسات والمدرسة والنظام التعليمي...،لان ذلك سيمنحهم المؤهلات الملائمة للقيام بالوظائف المطلوبة وسيمنحهم أيضا ، القدرة على اتخاذ القرارات بأنفسهم،وسيمكنهم مستقبلا من تأدية وظائفهم في المجتمع باعتزاز وكفاءة وروح المبادرة.
=====================================
المراجع
- أحمد المهدي عبد الحليم ( 2005) :" المناهج ومستويات المعايير القومية "، ضمن أعمال المؤتمر السنوي السابع عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ، القاهرة.
- الدريج محمد (1996):"مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في المدرسة المغربية"، (في جزئين)، سلسلة دفاتر في التربية ، (1996)ـ الرباط.
- الدريج محمد : ( 1998)" الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي " سلسلة دفاتر في التربية ، الرباط، .
- الدريج محمد (2002): "الشراكة التربوية في التعليم الثانوي: مشروع المؤسسة نموذجاً"، مداخلة ضمن أعمال المؤتمر الدولي حول: التعليم الثانوي من أجل مستقبل أفضل"، وزارة التربية والتعليم، مسقط، سلطنة عمان.
- الدريج محمد ( 2003) ” مدخل إلى علم التدريس“.دار الكتاب الجامعي ، العين . الامارات العربية المتحدة.
- الدريج محمد(2004) ”الكفايات في التعليم : من أجل التأسيس العلمي للمنهاج المندمج“، منشورات رمسيس، ، الرباط.
- الدريج محمد ( 2004): ” التدريس الهادف ” ، دار الكتاب الجامعي ، العين. الامارات العربية المتحدة.
-الدريج محمد (2005) :" تطوير مناهج التعليم : معايير علمية... متطلبات الواقع ...أم ضغوط خارجية ؟" السلسلة الشهرية المعرفة للجميع العدد 33-الرباط
- الدريج محمد" (2008) المعايير في التعليم ،نماذج وتجارب لضمان جودة التعليم " ، منشورات سلسلة المعرفة للجميع، الرباط.
-الدراكة مأمون و الشبلي طارق (2002) : "الجودة في المنظمات الحديثة" ، دار صفاء للنشر والتوزيع ، عمان.
- الزوواي خالد (2003):" الجودة الشاملة في التعليم "، مجموعة النيل العربية ،مدينة نصر، القاهرة.

- مراد لخصيم (2011) :"تعلم الإدماج: هل هو مستجد في المناهج المغربية؟" ، موقع (وجدة البوابة ) على الأنترنيت
- الضبع محمود (2004): " المعايير القومية للتعليم وعرض لتجربة مصر في بناء المعايير" ، مداخلة في أعمال اللقاء التربوي الرابع، وزارة التربية والتعليم ، مسقط.
- الضبع محمود ( 2006) : " الأهداف و الكفايات والمعايير " ، ورقة مقدمة للملتقى الثالث للتقويم التربوي ، مارس 2006 ، مسقط..
-يوسف قطامي " (2002) إدارة الصفوف : الأسس السيكولوجية" : دار الفكر, عمان الأردن.
- منى مؤتمن (2003) : "إعداد مدير المدرسة لقيادة التغيير "،مركز الكتاب الأكاديمي ، عمان .
- نجيب كمال (1993) : " إصلاح التعليم بين التبعية و الاستقلال " مجلة التربية المعاصرة ، العدد28، سبتمبر 1993
- شحاتة حسن ( 2003) :"نحو تطوير التعليم في الوطن العربي "، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة.
- شحاتة حسن (2004) :" مداخل إلى تعليم المستقبل في الوطن العربي " ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة.
- عبد الكريم غريب( 2004 )" بيداغوجيا الكفايات". منشورات عالم التربية، البيضاء ط5
-عبد الكريم غريب ( 2010):" بيداغوجيا الإدماج "، منشورات عالم التربية –الدار البيضاء.
- عبيد وليم و مجدي عزيز ابراهيم (1999) :" تنظيمات معاصرة للمناهج" رؤى تربوية للقرن الحادي والعشرين )، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة.
- الوكيل حلمي أحمد (1999) :" تطوير المناهج "، دار الفكر العربي، القاهرة
- مكتب التربية العربي لدول الخليج (2002):" التطوير الشامل للتعليم بدول مجلس التعاون الخليجي"، دراسة حول التوجهات الواردة في قرار المجلس الأعلى ، الدوحة.
-مركز دراسات الوحدة العربية، (2002):" التنمية البشرية في الوطن العربي" ، بيروت.
- اليونسكو (2000) :" التقرير الإقليمي حول التعليم للجميع في الدول العربية "، القاهرة.

- Astolfi j. p. (2001) : “ Eduquer et Former “ , Edi.Siences Humains Paris
- Rey B. (1998) :" Les competences transversales en question "E.S.F. Paris .
Champy. ph.,Eteve Ch. (1994) ictionnaire encyclopédique de l’éducation et de la formation." Ed.Nathan ,Paris.
-De Corte (1990)-" Les fondements de l’action didactique.. Ed. Universitaires De Boeck. Bruxelles..
-Legendre.R. (1988). "Dictionnaire actuel de l’éducation . Larousse. Paris Montreal..
-Meirieu PH. ,( 2007)" Faire l'Ecole, faire la classe. Paris, ESF, 1ère édition, nouvelle édition refondue 2008.
-Reuter Yves et al. (2007) " Dictionnaire des concepts fondamentaux des didactiques" Édition : DE BOECK, 2007


عداد : د. محمد الدريج
أستاذ باحث في علوم التربية –الرباط[/SIZE][/COLOR]






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 01:28 رقم المشاركة : 259
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


التكوين المستمر ودعم كفايات التنشيط التربوي

)البعد الوظيفي والمنهجي وتعدد المداخل البيداغوجية)
لطالما ارتكز نمط التعليم التقليدي على محدودية التنشيط، وأسلوب الإرسال الأحادي الاتجاه، مما شكل السمة الغالبة لوظيفة التدريس لعقود طويلة من الزمن،
مع اهتمام الطرائق بالأساس بإشكال إنجاز المقررات وتبليغ المادة المعرفية، وتفكيكها ميكانيكيا إلى سلوكات إجرائية هادفة، قابلة للملاحظة والقياس.
إن واقع تهميش التلميذ في ظل هذه الممارسات البيداغوجية التقليدية، وعدم اعتبار مؤهلاته ورغباته العاطفية، لصالح تراكم المعرفة، التي أعطيت لها الأهمية القصوى في المناهج الكلاسيكية، أفضى إلى تكوين نشء متشبع بثقافة السلطوية والتلقي السلبي، والتواكل على الغير، والتهيب من المسؤولية...
كبديل عن التدريس الهادف المغرق في النـزعة السلوكية، شكل مدخل بيداغوجيا التدريس بالكفايات الجوهر في التوجهات الإصلاحية التي تعرفها مناهج التعليم ببلادنا، كاختيار استراتيجي وظيفي يعيد المكانة المقدسة للتلميذ، كمركز رئيسي تتمحور حوله كل الاهتمامات المرتبطة بالفعل التربوي، في جميع امتداداته وتفاعلاته الإشعاعية والثقافية والإنتاجية والإبداعية.
«ينطلق إصلاح نظام التربية والتكوين من جعل المتعلم بوجه عام، والطفل على الأخص، في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية...»(عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ص: 10)
«تسعى المدرسة المغربية الوطنية الجديدة إلى أن تكون مفعمة بالحياة، تفضل نهجا تربويا نشيطا، يجاوز التلقي السلبي، والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار، والمشاركة في الاجتهاد الجماعي...»(عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ص: 11)
تفعيلا لفلسفة الإصلاح المنبثقة عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، أصبحت بيداغوجيا التدريس بمدخل الكفايات، تقتضي إعادة النظر في أساليب التنشيط، وتتطلب من المدرسين اكتساب كفايات مهنية جديدة، لكون بيداغوجيا التنشيط أصبحت مقاربة ضرورية موازية وحيوية لتفعيل الأنشطة التربوية، وأضحت أسسها المنهجية ذات بعد وظيفي وتنظيمي، ينبني على مبدأ التعددية في المقاربات البيداغوجية، ويفسح المجال أمام التلميذ لاتخاذ المبادرة والتفتح عبر التواصل الفعال مع جماعة الفصل...
1. كفايات التنشيط التربوي في علاقتها بأساليب التدبير ونشاط التواصل ومهام القيادة التربوية في الفضاء الصفي:
تقتضي مهمة تدبير جماعة الفصل، تحريك ديناميتها في اتجاه خلق تفاعلات إيجابية، تمنح فرصا حقيقية مبنية على مبدأ التشارك والانسجام والمساواة بين كل أعضائها، والانصهار في العمل الجماعي، حيث أصبح المدرس موجها لأنشطة فريق العمل، الذي يسعى بإمكاناته الذاتية إلى تطوير مهاراته وخبراته، وبالتالي إغناء شتى كفاياته عند بناء جميع ضروب المعرفة الإنسانية.
إن مجال التدبير ككل، يعتبر المدرسة منظومة إنتاجية ومقاولاتية في عمق توجهاتها الوظيفية، تنبني على الاستثمار والإنتاج والمردودية... بذلك، تشكل وحدة إنتاجية، يكون فيها المتعلمون المادة الخام، تسخر لهم إمكانيات مادية ومعنوية جبارة على المستوى التربوي والثقافي والفكري والاجتماعي، بغية إفراز وتكوين أجيال متعلمة في مستوى تطلعات وانتظارات المجتمع.
بناء عليه، يرتبط كل من مفهوم الجودة ومعاييرها، في مجال التدبير البيداغوجي لجماعة الفصل، بشروط ومقاييس موضوعية ذات طبيعةلوجيستيكية ترتبط بنوعية البنية المؤسساتية وجماليتها، ورونقها وتجهيزاتها المادية: من خزانات ومكتبات ووسائل ديداكتيكية للإيضاح... هذا، بجانب اعتبارات بنيوية وهيكلية أخرى: كعدد المتمدرسين في الفصول والمحيط السوسيو- ثقافي للمؤسسة المدرسية...
كما ترتبط أيضا، بشروط ومقاييس تربوية ومهنية، تتمركز حول شخصية المدرس نفسه، وكفاءاته المهنية والتربوية، ومدى تحكمه في أساليب تدبير جماعة الفصل، وطريقته في اختيار آليات عمله البيداغوجية، وطرائقه في التنشيط وطبيعتها، ومدى إيمانه بضرورة نسج علاقات تواصل ديمقراطية مع تلامذته، إلى جانب مدى تشبعه بثقافة التفتح، وقدرته على تأهيلهم بشكل حقيقي للإبداع وإثبات الذات، مع الاعتناء بميولاتهم واهتماماتهم... إنها مهام، كما تبدو معقدة ومتداخلة، وهي عند تحليلها، تؤكد على تموقع كفايات التنشيط في طليعة أدوار المدرس. إنها مهام جسيمة، تجعل منه القائد التربوي على رأس جماعة العمل، يوجه نشاطها لتحقيق أهداف مصاغة بدقة عند بداية كل نشاط تربوي.
إن السلوك القيادي التربوي، يتأسس انطلاقا من عدة اعتبارات ومبادئ متداخلة أهمها
- المبادأة:قدرة القائد التربوي على وضع وتنفيذ الخطط التربوية الكفيلة بإنجاز جميع الأنشطة التربوية المشتقة من الكفايات المسطرة في المنهاج، في ظل العمل بروح الفريق.
- التمثيلية لأعضاء جماعة فصله:حماية المتعلمين والدفاع عن مصالحهم في علاقة مع الإدارة وأولياء الأمور، وجميع المعنيين بالعملية التربوية في المجتمع المدني...
-التكامل بين أعضاء جماعة الفصل:التدخل للحد من النـزاعات والخلافات، بترسيخ ثقافة القبول بالاختلاف والتعارض والتعايش في البيئة الفصلية.
- التنظيم:توجيه مهام الجماعة بشكل مهيكل، مع تنسيق العلاقات داخلها لإنجاز التعلمات.
- السيطرة:الحسم في القرارات الكبرى والمواقف الحساسة، وتحديد طرائق العمل ونوع آليات التواصل، وأهداف الأنشطة التربوية والمدة الزمنية الكفيلة بإنجازها.
بذلك، تتجسر الروابط بين كفايات التنشيط التربوي والقيادة التربوية وأساليب التدبير التربوي، كما يستحيل فصلها عن نشاط التواصل في عمقه الوظيفي والنفعي في الممارسات البيداغوجية. إن التواصل مفاهيميا، يعني تداول الأخبار والمعرفة قصد التبليغ والنشر والإطلاع لفائدة شخص ما، أو مجموعة معينة من الأشخاص. في حين يعتبر تربويا، آلية حية ذات دينامية دائمة ومسترسلة، متنوعة الأساليب، موجهة نحو المتعلم، لتسهيل نسج علاقات تفاعل إيجابية معه، من أجل تحقيق المعرفة وبنائها واكتساب آلياتها. كما تتعدد وسائل وأنماط التواصل التعبيري، بين كلامية وشفهية وحس – حركية، يتم إرسالها من عضو مرسل إلى آخر متلق، بواسطة شفرة إرسالية (الترميز)، على مدى إيقاع زمني معين. بذلك، ترتبطكفايات التنشيط -في إطار مقاربة تواصلية- بعدة شروط تربوية، أهمها: تدفق وتيرة الإيقاع (البطء، الكثافة، السرعة)، وحركية المدرس داخل الصفوف، ومدى جاذبية شخصيته، ومؤهلاته الجسمية، وكفاءاته المهنية: (كنبرات الصوت، ودرجة انسجامه العاطفي مع مهنته والمتعلمين، وطريقته في الكتابة، وقدرته اللغوية على الصياغة والربط والتواصل، وإيماءاته ومدى تحكمه في المادة المعرفية...).

2. موقع كفايات التنشيط في أنماط القيادة التربوية واتجاهات التواصل:

تتنوع أنماط القيادة التربوية المرتبطة بنشاط تدبير جماعة الفصل، وتنشيط سيرورة التعلمات، على الشكل التالي:

- النمط التقليدي السلطوي:يقوم على مبدأ تقديس القائد التربوي وطاعته، والنهل من حمولته بدون نقاش، كنموذج يعكس على المستوى السيكولوجي السلطة الأبوية. كما تتوقف كافة أعمال المجموعة على شخص القائد، كقطب تتمحور حوله كل الاهتمامات. لهذا النمط عواقب نفسية وخيمة: على رأسها الذوبان في الآخر، وتحطم الشعور بالكيان الشخصي، وفقدان الثقة بالنفس، والخنوع والتبعية للآخر، والشعور بانعدام الاستقلالية عند اتخاذ القرارات... إنها جماعة مهددة بالانحلال في آية لحظة، قد يغيب فيها القائد أو توجيهاته السلطوية.

يندرج ضمن هذا النموذج، نمط القائد الجذاب المتميز بشخصية ذات جاذبية خارقة غير اعتيادية، تبعث على الاحترام والهيبة، ذات إشعاع وتأثير هائلين.

في المقابل، يوجد النمط العقلاني، يستمد سلطويته من الالتزام بالتطبيق المطلق للتعليمات والقوانين الداخلية للمؤسسة، ومضامين المناهج والكتب المدرسية والتشريعات، مع فرض عقوبات زجرية في حق مخالفيها. بذلك، يكون نموذجا قياديا يستمد سلطته خارج إمكاناته الذاتية. من عواقب هذا النمط، العمل في جو الدقة والزجر، والخوف من العقاب، وسيادة الحذر والحيطة...

- النمط الديمقراطي:يفوض مهمة اتخاذ القرارات النهائية إلى جماعة العمل، ويأخذ بالرأي السائد فيها. من آلياته: أسلوب الإقناع والتوعية، والحوار المفتوح، والاختيار اللامشروط، واحترام الرأي الآخر في التفاعلات الإنسانية وتجاذباتها العلائقية... بذلك، يسود جو الشعور بالطمأنينة والاستقرار والتناغم، مما يشبع حاجة الكل، ويحرك دينامية الجماعة بشكل إيجابي.

- النمط اللامبالي التراسلي:يتسم باللامبالاة، إذ يقتصر القائد التربوي على إرسال المعلومات إلى المتعلمين، تاركا الفرصة الكاملة لهم لتداولها في إطار حياد تام، دون توجيههم أو إرشادهم، مما يكرس لديهم شعورا حقيقيا بالضياع والإهمال لانعدام التحفيز والعناية، إلى جانب الشعور باحتقار قائدهم وعدم الاكتراث بتعليقاته المحدودة، وتدخلاته السطحية. يولد هذا النموذج، الشعور بانخفاض الروح المعنوية الجماعية، ويعمل على تردي وشائج الثقة بينها وبين قائدها.

يتضح من خلال تداول هذه الأنماط، كون النمط الديمقراطي هو الأكثر تناسبا مع بيداغوجيا التدريس بالكفايات، كنموذج مثالي كفيل بتكوين متعلم ذو سحنة بيداغوجية قابلة للتأهيل في المستقبل للمواطنة المسؤولة، الواعية بالحقوق والواجبات داخل النسيج الاجتماعي...

إن كفايات التنشيط التربوي، ترتبط كذلك إلى جانب نمط القيادة التربوية، باتجاهات التواصل التي تنبني طبيعتها على التنوع:

- التواصل من الأعلى إلى الأسفل:يراهن على تدفق المعلومات في دينامية عمودية أحادية، من القائد التربوي في اتجاه التلاميذ، ويتطابق مع طبيعة التعليم الإلقائي.

- التواصل من الأسفل إلى الأعلى:من أعضاء جماعة الفصل في اتجاه الأستاذ، يتطلب تحلي هذا الأخير بالصبر والتفهم، والتشبع بسلوك الإنصات، وتقبل الرأي الآخر بصدر رحب... إنه تواصل يعطي فرصا حقيقية للتلاقح وتكوين اتجاهات فكرية ناضجة...

- التواصل الدائري (الأفقي):يسمح بتدفق المعلومات بين أعضاء مجموعة الفصل في دينامية دائرية، مما يولد أفكارا متنوعة وإنتاجات ثقافية، يصبح فيها التلاميذ هم المنتجون الرئيسيون للتعلمات والمعرفة، بفعل التجاذب والتفاعل والتحاور الداخلي بين أفراد الجماعة، تحت إشراف المدرس وتوجيهه.

بذلك، تتبنى أساليب التنشيط الديمقراطية، اتجاهي التواصل الأخيرين، لمرونتهما ولجعلهما المتعلم – بشكل حقيقي واقعي- في صلب وقاعدة الممارسات التربوية الفصلية المتداولة يوميا.

يتبع....................

فائزة السباعي

مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية





(البعد الوظيفي والمنهجي وتعدد المداخل البيداغوجية)2/2

ب- وظيفة التتبع والمراقبة:توجد عدة مهام وقدرات يوظفها المدرس أثناء التنشيط، تتمثل في إدماج العناصر الشاردة في أجواء العمل الجماعي بلطف ولباقة، والحد من الثرثرة بتكليف الشاردين بعدة أدوار، ودعوتهم للتدخل، أو تلخيص وإعادة صياغة تدخلات الآخرين.

توجد بجانبها القدرة علىتنظيم طريقة توزيع الكلمة والأدوار والمهام بين أعضاء فريق العمل، وتنظيم اتجاهات العلاقات التفاعلية ووتيرة التدخلات، بناء على المساواة والإنصاف، لتعميم التجارب الناجحة والاستفادة منها. تليها القدرة على التحكم في تدبير عامل الزمن بشكل محكم، انطلاقا من جدول أعمال جماعي دقيق، لضبط سيرورة التعلمات ووتيرة تدفقها وسيولة أفكارها.

ج- التحكم في تقنيات التدبير:يتطلب التنشيط توظيف المدرس وتطويره لثلاث قدرات رئيسية، تتمثل في التعزيز والتحفيز وما يرتبط بهما من أساليب التشجيع، والقدرة على موضعة التدخلات عن طريق ضبط مواقف التوتر للحد منها، مع تجنب التعصب للآراء الذاتية، إلى جانب الحرص على الحد من التفاعلات السلبية، والخلافات والنـزاعات السلوكية العدوانية، قصد إعادة التوازنات المختلة. بذلك، يتدخل عامل قوة الشخصية لدى المدرس، ومدى قدرته على التأثير الإيجابي، وتحليل وفهم العلاقات واتجاهات التجاذب فيها وطبيعتها، مع ضبط أنماطها.

أخيرا، هناك القدرة على تنمية ملكة التعبير الشفوي لدى التلاميذ، عن طريق منحهم الفرصة للتدخل، وتوجيه الاستفسارات، والإسهام في رفع الغموض عن بعض المواقف اللغوية أو العلمية، والتعبير عن الاتجاهات والقرارات الفردية والجماعية.

عموما، تتشعب وتتداخل أدوار المنشط، يمكن إجمالها في عدة أنواع بهدف التمييز بينها:

 دور المنسق: بتوجيه العمل داخل فريق العمل، والإشراف عليه باستمرار، والتدخل للتنسيق بين التلاميذ وورشات العمل الجماعي.

 دور المنظم:بالسهر على توزيع الأدوار والمهام، وخلق مجموعات عمل منسجمة...

 دور القائد: على رأس المجموعة الفصلية، لتدبير سيرورة التعلمات، وقيادة الأنشطة التربوية، وضبط البناء المعرفي، ووتيرة الإيقاع الزمني لتراكماته.

 دور المتتبع: بمراقبة وتيرة الإنجاز، وضبط المناخ العـام المسيـطر –سيكولوجيا- على المتعلمين، مع اتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية الخاصة بتدبير جماعة الفصل، وطبيعة التفاعلات العلائقية، والإنتاجات الفكرية، مع تقويم هذه المكونات وضبطها وتحليلها...

 دور المستشار:بالتزويد بالنصائح والتوجيهات، للتغلب على الصعوبات...

 دور المحفــز: بتعزيز مواطن القوة في التفاعلات المواقفية والثقافية لدى المتمدرسين، والمساعدة على تجاوز نقط الضعف في تكوينهم وتمثلاتهم...

 دور المكـون: بمنح الفرصة الحقيقية للمتعلمين للبحث وبناء التعلمات وشحذ طاقاتهم، وتنمية مؤهلاتهم وتطويرها، في ظل العمل بروح الفريق.

دور المخطـط:بإخضاع منهجية العمل لتخطيط ديداكتيكي محكم، انطلاقا من التحديد الدقيق لأهداف الأنشطة التربوية، مرورا بتحديد الآليات، واختيار الطرائق النشيطة للتنفيذ، وصولا إلى بلورة خطة للتقويم والتتبع.

 دور المقــرر:بالتدخل في الوقت المناسب، للحسم في المواقف الكبرى، من أجل تحقيق أهداف الأنشطة التربوية بتوافق مع أعضاء الجماعة واتجاهاتهم الفكرية.

5.كفايات التنشيط التربوي: مقاربة منهجية لتقنيات وطرائق التنشيط:

يخضع نشاط بناء التعلمات وتحليل مختلف وضعيات التعلم، لعدة إجراءات تنظيمية، عملية متفاعلة ومتجاذبة، كتدابير يتخذها المدرس عند طرحه لمجموعة من الوضعيات –الإشكالات، يسعى إلى حلها، مع تقويم حصيلة التعلمات. إنها تتمثل في العمليات الإجرائية ذات الطبيعة المنهجية الآتية:

التخطيـط:يقضي كإجراء، وضع خطة عمل للتفكير الممنهج، برسم أهداف واضحة على مستوى كل نشاط تعليمي على حدة، ورسم مراحل إنجازه بتنسيق وتكامل مع أعضاء فريق العمل، مع وضع تصور إجرائي لتحديد أطوار التنفيذ ومدته وإطاراته الزمنية. هذا، بجانب وضع وتحديد طرق وآليات التنفيذ. بذلك، يفرض التخطيط منطق الانتقاء، ومراعاة المؤهلات والميولات الواقعية للمتمدرسين.

التنظيــم: كإجراء عملي يتخذه المدرس، لتوزيع وتحديد مهام وأدوار ومسؤوليات المتعلمين، مع توفير الشروط التربوية لذلك، واختيار أنسب الآليات والطرائق للتحاور والتنشيط والتفاعل الإيجابي. يتم ذلك في ظل تدابير عملية، كالإعلان عن نوع الأهداف المصاغة، وطريقة توزيع المهام، وتحديد المسؤوليات…

التنفيــذ:كإجراء عملي، يتم بتحديد مراحل وسيرورة إنجاز الأنشطة التربوية، والتحكم في وتيرة تدفقها زمنيا، مع معاينة النتائج وبلورتها في مواقف وإنتاجات فكرية محددة.

التوجيه والإرشاد والتنسيق: كتدابير منهجية ترتبط بكفايات التنشيط في عمقها الاستراتيجي، تتجسد في توفير الشروط التجهيزية والموضوعية، لخلق التفاعل الإيجابي بين أعضاء الجماعة، في ظل تدبير ديمقراطي لتحقيق الأهداف المسطرة.

تقويم حصيلة التعلمات:كإجراء، يتخذ في ظل التأسيس لقرارات بعدية، وتقدير المواقف والسلوكات النهائية، في ارتباط مع الأهداف المصاغة في بداية الأنشطة التربوية، يتم تتبعه بواسطة وقفات تصحيحية لتقويم مواطن التعثر، بأسلوب يتسم بالبساطة والفعالية.

يعتبر السؤال التربوي، أهم تقنيات وآليات التنشيط الحوارية والتعبيرية التواصلية، تختلف طبيعته باختلاف الهدف منه:

أ- "السؤال- الاختبار": يهدف إلى توضيح موقف تعلميغامض، أو شرح دلالة كلمة مجهولة أو معقدة، أو التعبير عن فكرة أو مفاهيم، يتم تداولها بمعان تختلف لدى الجميع.

ب- "السؤال الداعي للمشاركة المباشرة": يوظف لاستطلاع رأي أحد أعضاء الجماعة حول موقف ما، إما بعد طلب الكلمة، أو دون ذلك، بدعوة مفتوحة للمشاركة في الحوار التعلمي.

ج- "إرجاع السؤال": يتفرع عن "السؤال الصدى"، حيث يتم إرجاع السؤال إلى صاحبه الذي ألقاه، لمعرفة رأيه حول نفس الموضوع المطروح. يليه "السؤال –المحطة"، لإدارة السؤال بشكل أفقي، بإلقائه على عضو آخر من أعضاء المجموعة، خاصة الشاردين عن الحوار. أخيرا، هناك "السؤال المرآة": يتمثل في إرجاع السؤال إلى التلاميذ.

د- "السؤال التوضيحي": يأتي في خضم توقف المجموعة لبعض الوقت، لتوضيح بعض المواقف في إطار فريق العمل، مما يعطي فرصة التجاذب عاطفيا، وقد يولد بعض التوتر والاختلاف أحيانا، بجانب بعض المواجهات، والمطلوب في هذه الوضعية، عمل المجموعة على تجاوز خلافاتها. في الحالة العكس، يتدخل المنشط لإعادة جو الاستقرار النفسي والهدوء، والسيطرة على الوضع، عبر طرح "السؤال الفرضية"، كسؤال يوحي بالجواب المرتقب في طياته.

عموما، يتعين على المنشط تنويع أساليبه في اختيار السؤال، والعمل على مطابقة الاختيار مع طبيعة وضعيات التنشيط.

إلى جانب السؤال، تتنوع آليات التنشيط الأخرى: كالتلفاز والأشرطة المسجلة، والأقراص المدمجة، والصور والخرائط والمجسمات، والوثائق المكتوبة والنماذج... كلها آليات تواصلية، يمكن، توظيفها وتفعيلها كطرق حية فعالة للتنشيط، حسب طبيعة ديداكتيك التخصصات، وتدرج مستويات التعليم في مختلف الأسلاك والأطوار التعليمية.

بالموازاة مع ذلك، تتنوع تقنيات تنشيط جماعات العمل، كما يتم اختيارها بانسجام مع مشاريع العمل البيداغوجي وطبيعة التعلمات، وبنيات الفصول الدراسية...

· تقنية المناقشة المنهجية المفتوحة مع مجموع التلاميذ ككل: تنطلق من معطيات حوارية محضة، أو من دراسات وثائقية في الكتاب المدرسي، أو من السبورة أو خارجهما، أو من شروح مركزة تدعو إلى التفكير والتأمل، وإيجاد العلاقات، والربط والتحليل... ترمي كلها، إلى تحقيق الأهداف المرتبطة بأنشطة التعلم. هي أكثر الطرائق التنشيطية المتداولة في فصولنا الدراسية، يتعين العمل بها وفق تدخلات منظمة، تتم في جو هادئ وناضج، تكون معممة في جل الأحيان، تنطلق من الأستاذ نحو المجموعة، لتحليل بعض مواقف الدرس، أو استثمار بعض وسائل الإيضاح.

· تقنية زوبعة الذهن (تقنية العصف الذهني): تقضي بطرح إشكال أو موقف دراسي معقد، يستدعي الحل في البداية، ليعرض للنقاش على المجموعة الفصلية، مما يفجر آراء مختلفة في ظل تجاذب وتفاعلالتفكير الجماعي. بذلك، تتولد مجموعة من الأفكار الجديدة في إطار هذه الدينامية التنشيطية، مع بلورة حلول إبداعية تدعو إلى تطويق الإشكال وتدرجه نحو الحل، يتم اختيار الأنسب منها، وبنائها وفق منطق التسلسل والترابط المنهجي.

· تقنية فيليبس 6x6: تتم عبر توزيعفريق العمل إلى مجموعات صغرى منسجمة نفسيا وعاطفيا. تتشكل من 6 إلى 8 أعضاء يشرف عليها منسق، يتكلف كل منها بتحليل وضعيات دراسية، أو معطيات وثائقية معينة، لمدة زمنية محدودة لا تتجاوز 20 دقيقة. يلعب المدرس دور المنسق العام بين مختلف المجموعات، يزودها بالإرشادات والنصائح. بذلك، تتم مقاربة الموضوع المطروح للدراسة، من زاوية التفاعلات بين أعضاء جماعة العمل المصغرة.

· تقنية المحاكــاة: كتقنية تواصلية تقوم على تقليد الأدوار، وبناء نماذج الشخصيات المتماثلة، لمحاكاة شخصيات تاريخية أو قانونية بطريقة مسرحية، تنبني على التخيل لتقمص الأدوار، عن طريق التعبير الحر الطليق.

· تقنية البانيــل: تقوم على أساس تنظيم مائدة مستديرة، تحت إشراف مختص أو مختصين في المادة، يتم استدعاؤهم لتحليل موضوع معين، أو قضية دراسية محددة، أمام المجموعة الفصلية في مناسبة ما، لإتاحة الفرصة للكل للتدخل، وطرح التساؤلات أثناء وبعد هذا النشاط، كطريقة جيدة لتجاوز روتينية العمل الدراسي العادي.

عموما، يتوقف اختيار طرائق التنشيط الحية بالأساس، على طبيعة المعرفة ومواقف التعلمات، ومنهجية الأداء، وطبيعة مجموعة العمل. تعني هذه الأخيرة بشكل مبسط، توزيع مجموع التلاميذ إلى فئات منسجمة عاطفيا وتواصليا، بشكل متماثل عدديا تتوجه بعملها جماعيا إلى حل موقف تعليمي معقد، مع تقلدها لعدة مهام وقيامها بعدة أدوار، لتحقيق الأهداف المرسومة للنشاط التربوي، مع الخروج بمواقف بنائية مشتركة.

كما، ترتبط طبيعة العمل الجماعي التنشيطي في شقها الآخر، بتعدد المداخل البيداغوجية، رغم كونها متشابكة ومتداخلة، أبرزها :

أ- البيداغوجيا الفارقيــة: بيداغوجيا تتميز بالنـزعة الفردانية والتنوع، تأخذ بعين الاعتبار التمثلات الراسخة في أذهان المتعلمين كمنطلق أساسي عند بناء المعرفة. لذلك، ترتبط بمستوى معلوماتهم وأصنافها وبانطباعاتهم، ومواقفهم الوجدانية والنفسية، واتجاهاتهم السوسيوثقافية. بناء عليه، فهي تتعارض كبيداغوجيا، مع ممارسة التعلمات في فصول دراسية منسجمة، كما تنهل أسسها النظرية من علم النفس التربوي والسوسيولوجيا.

على المستوى السيكولوجي، تعتبر البيداغوجيا التقليدية التلاميذ، ذوي مؤهلات متساوية ومتكافئة. في الحين الذي توصل فيه كل من علم نفس التطور وعلم النفس الفارقي إلى قناعات عكسية، إذ أن تفاعلات التلاميذ في ظل وضعيات التعلم لا تتشابه في مساراتها، وكذا سلوكاتهم ومواقفهم في بناء المعرفة، كما أن تطوير خبراتهم يتم بأشكال متعارضة. من ثم، يميز علماء النفس بين السحنة البيداغوجية منجهة، والأساليب المعرفية ووتيرة العمل من جهة أخرى. تقوم السحنة البيداغوجية على كون مبدأ إدماج المعرفة، يتأسس بالضرورة ارتكازا على استيعاب المعلومات المسترجعة ذهنيا من قبل، عن طريق الالتقاط السمعي والبصري لدى التلاميذ، مما يشكل رصيدهم المخزون من التمثلات، انطلاقا من طريقتهم في التفكير، وبناء العلاقات والربط بينها. بذلك، تدخل الأساليب المعرفية لديهم في ديناميةتصفية المعلومات، حيث لا يستوعب التلاميذ ولا يكتسبون إلا نوع المعرفة المطابقة لطبيعة مخزونهم المعرفي السابق. يمكن التمييز في هذا المستوى، بين نوع المعرفة الاندفاعية، وبين المعرفة النابعة من التفكير والمعرفة المستهلكة، وتلك المنتجة والتركيبية والتحليلية... وأخيرا هناك وتيرة العمل، التي ترتبط بمدة إنجاز نشاط تربوي معين.

وعموما، تتنوع تقنيات التنشيط حين مقاربتها بمدخل البيداغوجيا الفارقية، التي تقترح تقنيات عديدة للعمل الجماعي أهمها:

فارقية سيرورة التعلم: تستدعي توزيع التلاميذ إلى عدة مجموعات، تشتغل كلها من أجل تحقيق نفس الأهداف، لكن من خلال أنشطة تعلم مختلفة.

فارقية البنيات:تعمل على توزيع التلاميذ إلى عدة مجموعات بناء على الاختلاف الحاصل في بنيات القسم.

فارقية المضامين:تقضي بتوزيع التلاميذ إلى عدة مجموعات تشتغل على مضامين متنوعة لكن محددة، على مستوى الأهداف المعرفية ونوعية الطرائق.

إجمالا، يمكن القول أن البيداغوجيا الفارقية، تسعى إلى تحسين العلاقات بين المدرسين والمتعلمين، والحد من الفشل المدرسي، وتثري الاستقلالية الذاتية، والاندماج الاجتماعي لدى المتعلم. من الأكيد، أنه لا يمكن على مستوى هذه المقاربة البيداغوجية، تجاهل العلاقة المتينة والأكيدة، الموجودة بين نجاح أو رسوب المتعلمين وبين مستوى محيطهم السوسيوثقافي.

ب- بيداغوجيا الإيقاظ وإثارة الفضول: مدخل بيداغوجي جد هام داعم لكفايات التنشيط، يهتم بإيقاظ حماس المتعلم ونشاطه الذاتي، بإثارة فضوله العلمي وحبه للبحث عن الحقائق، واكتشاف الأسباب والروابط وامتدادات الظواهر، مع بناء مواقفه الشخصية بشتى أنواع التعبير... إنها بيداغوجيا تتبلور عبر محطات رئيسية ثلاث:

- المرحلة التمهيدية:يقوم فيها التلميذ بالبحث وبالتالي بالإبداع المستقل.

- مرحلة الإنجاز: يعمل فيها على ضبط المعرفة، وتنظيم التفاعلات والتدخلات.

- مرحلة تجميع وتوظيف حصيلة التعلمات والاستنتاجات.

ج- بيداغوجيا الإبداع:كمقاربة بيداغوجية عملية منهجية منظمة، تهدف إلى إثارة وتطوير حس الإبداع لدى المتعلم، وحفز رغبته في الاكتشاف والابتكار، بتوظيفه لكل طاقاته الكامنة، ومؤهلاته العقلية والنفسية والوجدانية والحس حركية، مع تدبيره الشخصي لسيرورة الإنتاج المعرفي، ومراحل بناء التعلمات، وبناء المواقف والاتجاهات، واكتساب السلوكات الإيجابية. من تقنياتها العديدة: تقديمه لتفسيرات حول إشكال ما، أو عرض مشكل يدعو إلى الابتكار والتحليل، أو طرح الأفكار المثارة على أرضية التجريب. كما تتعلق هذه التقنيات، بتقويمه لنتائج الحصيلة الفكرية وتبنيه للأنجع منها... هذه كلها، عبارة عن أنشطة تتبلور في ظل احترام المدرس للمبادرات الحرة لتلامذته، وطريقتهم في التفكير والتحليل والتمحيص، مع تجنب إصدار الأحكام عليها، أو التدخل لمقاطعتها أو توقيفها... كما تتبلور أيضا في ظل منهجية الإبداع، بخلق المدرس لأوضاع التعلم الداعية إلى الإبداع والابتكار والحاجة إليهما، وكذا منحه فرصا حقيقية للمتعلمين، لتسهيل تدفق أفكارهم ومفاهيمهم وتعابيرهم، وكذا الانتقال من وضعية تعلم إلى أخرى بمرونة، مع التكيف مع الإبداعات الجديدة التي ينبغي أن تتميز بجدتها وخروجها عن مسار التفكير المألوف. هذا بجانب، مبدأ إعادة صياغة التعلمات، وإخراجها في قالب جديد.

الخلاصــة:

تتموقع كفايات التنشيط، على اختلاف أنماطها وتفرعاتها وامتداداتها، وطرائقها ومقارباتها البيداغوجية، في صلب استراتيجية التدريس بالكفايات، حيث يتخذ التعلم طابع المبادرة الذاتية الصادرة عن كل تلميذ، في إطار العمل بروحالفريق. بذلك، يصبح قطب الرحى الموجه لكل نشاط تربوي. في الحين، الذي يصبح فيه المدرس، وسيطا ومشرفا بيداغوجيا، ينكب على تنظيم العلاقات داخل فريق العمل، يوجه جميع العمليات والإجراءات وأشكال التطبيع البيداغوجي، عبر تدبير وتنشيط وضبط أنشطة تلامذته، بتوجيهها نحو الأهداف المصوغة.

بالتالي، لم يعد شخص المدرس، ذلك القائد النموذجي أو القطب، المسيطر –بشكل شبه تام- على اتجاهات ومصادر إنتاج المعرفة. وقد تم التطرق إلى مختلف كفايات التنشيط في هذا المقال المتواضع، وفق مقاربة تحليلية، عبر تفكيكمختلف القدرات والآليات والطرائق المؤسسة لوظائف التنشيط، قصد التمييز بينها، وإبراز أنماط التجاذب بين مكوناتها. في الحين، الذي يمارس فيه التنشيط في الفضاء الصفي الدراسي، في شكل كفايات معقدة ومتداخلة ومتشابكة، يستحيل معها فصل الجانب العلائقي الإنساني فيها، عن الجانب الإبستمولوجي، أو الديداكتيكي.

إنه بإنعاش التفاعلات والحياة في الفصل الدراسي، وإدماجها في قاعدة الطرائق التنشيطية الحية، نكون فعلا بصدد الإسهام الحقيقي، في إنعاش خلية الإنتاج الأساسية في الحياة المدرسية، والتي نريد لها نفسا جديدا وفضاء ديناميا لبناء الذات البشرية، على أساس المواطنة الصالحة والانخراط الفعال في البنية المجتمعية، بتربية وتكوين الشخصية المسؤولية والناضجة، في إطار نسيج علائقي ديمقراطي متفتح وواعد.

فائزة السباعي
مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-27, 01:32 رقم المشاركة : 260
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


التواصل البيداغوجي


إن ما يميز التواصل البيداغوجي هو كونه يتم بين مجموعة من الأشخاص تتفاعل فيما بينها بحيث يكون نشاطها نشاطا جماعيا يحده مكان محدد هو الفصل أو القاعة الدراسية وزمان محدد هو زمان الحصة الدراسية .


وفي محاولة لتوظيف التعريف الإجرائي للتواصل البيدلغوجي السالف الذكر يمكن ان أركز الاهتمام بالأساس على العلاقة بين عناصر الفعل التواصلي وهي هنا المدرس والتلميذ , وذلك في محاولة لإيصال الرسالة وهي هنا المعرفة المدرسية وهكذا سيكون الثالوث على الشكل التالي :
المدرس / التلميذ / المعرفةالمدرسية
هذه العلاقة التواصلية التفاعلية التي يمكن مقاربتها انطلاقا من النموذج المتمركز حول الجماعة , إذن ماذا نقصد بالنموذج المتمركز حول الجماعة؟
إنها نفسها النماذج التي يطلق عليها آخرون اسم الاتجاه السيكولوجي في التربية >أي الاتجاه الذي استخلص من الدراسات التي أنجزت في مجال > دينامية الجماعات حيث يتم التركيز على القوى التي تنشأ بين الأفراد في جماعة من الجماعات , وباعتبار أن القسم من الجماعات الصغرى التي تتجاذب الأفراد فيها قوة متعددة , فتنشأ ظواهر التبعية والزعامة والسلطة والخضوع وغيرها , فأن هذا النموذج يهتم بالواقع الاجتماعي للقسم , أي أن المدرس نفسه يصبح عنصرا من عناصر الجماعة ويحتل دورا قد يصبح في حالات قصوى شبيها بدور تلميذ داخل الفصل أي دورا عاما تماما
ولعل الأصل في هذا التصور للتربية قديم جدا يعود إلى العصور الوسطى , حيث كان يتم توزيع القسم الذي كان يشمل أحيانا عددا من الطلاب قد يقارب المائة إلى مجموعة أصغر يشرف عليها أحد الطلبة المجدين , وفي
العصور الحديثة فيكون بيستا لوزي ودوركايم من أبرز من انتبه إلى اجتماعية القسم , فقد دعا الأول إلى التعليم المتبادل بحيث يمكن لطالب نبيه أن يتحمل مسؤولية تعليم زملائه , في حين اعتبر دوركايم القسم مجتمعا صغيرا يتسم ببعض مظاهر المجتمع الكبير .
بصفة عامة يمكن القول أن العلاقة مدرس/تلميذ في علاقة النماذج المتمركز حول الجماعة تنبني على التصور الذي يحمله العاملون بهذه النماذج للطبيعة البشرية الأصلية على اعتبار أنها طبيعة اجتماعية /جماعية بالدرجة الأولى , وعلية فالحياة بالنسبة للبشر على الأقل لا يمكن أن تكون إلا من ذات الطبيعة أي أنها حياة اجتماعية , وعليه فإن الإنسان كائنا ما كان يساهم بوعي أو بغير وعي في إنشاء الاتفاقات الاجتماعية المنظمة لعلاقاته , وفي إيجاد القواعد السلوكية المتمثلة في العادات والتقاليد وأنماط السلوك المختلفة ولا يكتفي بالمشاركة في التأسيس بل تجده ينتقد ويغير ويعدل .. أي يؤسس تأسيسا جديدا ليحيا ويستمر لذلك فأن المسلمات التي بقوم عليها النموذج لها أثر على العلاقات بين المدرسين وتلامذتهم في كل مظاهرها وأهم هذه المسلمات هي :
1ـ أن المجتمع المعاصر مجتمع كثير التغير لذلك يجب على كل العاملين فيه أن ينتظروا في جماعات وأن يكون بعضهم بعضا وأن ينظموا التواصل فيما بينهم لمزيد من الفعالية والتعاون .
2ـ لا ينبغي للتواصل أن يظل محصورا في شكل يكون فيه المدرس العنصر الفعال الذي يملك المعرفة ويلقنها للمتعلم الذي يغلب على دوره الانفعال والتقبل .
3ـ ما دام القسم أحد الجماعات الصغرى فأن التواصل فيه ينبغي أن يصبح أفقيا لا عموديا
4ـ وعليه فإن نشاط الجماعة يصبح مزدوجا , نشاط من أجل التكوين الذاتي والجماعي ونشاط حول النشاط نفسه , حيث يمكن موضعة عمل الجماعة وإخضاعه للنقد الذاتي من أجل مزيد من الفعالية في العمل وتحسين المر دودية .
والجدير بالذكر أن هذا التصور للتربية وبالأحرى الوظيفة التربوية لا يشكل نقطة التقاء بين كل الباحثين الذين يمكن إدماجهم في هذه العائلة من النماذج خصوصا فيما يتعلق بتحديد مفهوم الديموقراطية وبالأخص في مجال التربية , فإذا كان الأمريكيون يركزون على مزايا الفرد في تحقيق السير العادي للمجتمع الديموقراطي < جون ديوي فإن التصور الأوروبي أكثرراديكالية ويدعو إلى المشاركة والتنظيم وتجنيد مختلف الجماعات و الأقليات ولا أدل على ذلك من مفهوم< التسيير الذاتي > الذي يشكل صلب التربية المؤسسية , وقبله مفهوم إعادة الإنتاج الذي انتقد به بورديو وباسرون وظيفة المدرسة في فرنسا والمجتمعات الرأسمالية .
العلاقة مدرس تلميذ من منظور النموذج المتمركز حول الجماعة
تقوم هذه العلاقة على أساس ثلاثة عناصر أساسية هي إلى حد ما خلاصة لوجهات نظر متعددة من مؤلفين مختلفين وأهم تلك العناصر هي :
1ـ التخلي عن الدور التقليدي الذي يقوم به المدرس , فيما يعتبره هذا النموذج ـ تربية تقليدية ـ متجاوزة أو ينبغي تجاوزها , وهو الدور الذي نعرفه جميعا ولا زال يطغى على كل الممارسات التعليمية حتى في الدول التي تعتبر متقدمة في هذا المجال , إلا ما خلا من بعض التجارب هنا وهناك وبعض المجهودات المبذولة في أماكن مختلفة ذلك هو الدور العادي للمدرس ’ دور التلقين والإلقاء دون أن يعني ذلك نزع كل وظيفة عنه .
2ـ قبول المدرسين لوظيفة جديدة هي وظيفة الشركاء في العمل بمعنى أن القسم هو جماعة يحتل فيها المدرس وضعية العنصر المنتمي إلى إلى الجماعة مع بعض التمييز لا كله , أي أن تصبح للمدرس وظيفة الإشراف تحت الطلب بحيث لا يتم التدخل من طرفه إلا إذا طلب منه ذلك , ويبقى إذن كعضو عامل له وظيفة تشبه إلى حد كبير وظيفة المتعلم , أي ما يمكن التعبير عنه بالمفهوم الذي برز في التحليل الذي أوجد هذه العائلة من النماذج , وهو مفهوم الشخص "المورد " أي الشخص الذي نعود إليه عندما نحتاج إلى معونة معرفية أو منهجية أو غيرها .
3ـ إن هذين الاعتبارين جعلا وظيفة تكوين المدرسين في المراكز المختصة تأخذ بالاعتبار إمكانية تغيير خطط واستراتيجيات العمل فيها بحيث تنتقل من التكوين إلى النظري إلى العملي التقليدي إلى تكوين يتم بنفس الصيغة التي يدل عليها العنصران الأول والثاني أي صيغة التكوين لذاتي الجماعي التي يكون فيها المكونون أشخاصا موارد بالمعنى السابق أيضا . وقد برزن إلى الوجود تجارب من هذا النوع كانت لها آثار إيجابية , منها التجربة التي قلدها جيل فيري في فرنسا , في إحدى المدارس العليا لتكوين الأساتذة .
على هذا الأساس يمكن ان نميز بين دور المدرس ودور المتعلم على النحو التالي :
1 ـ دور المدرس
سبق أن، فلنا أن دور المدرس في هذا النموذج سوف يتغير , ولكنه لن يمحي , ومن تم كان الحديث عن دور المدرس يحمل نوعا من المفارقة وحب التنبيه إليها , إذ في الوقت الذي ينسلخ فيه المدرس عن دوره , ينبغي أن يلعب دورا ما وهذا ممكن إذ المقصود هو تغيير الدور لا التخلي عنه تماما , إذ رغم ما يمكن أن نستشفه من حرية في الممارسة والعمل في هذه النماذج فهي تتميز بنوع من النظام والهيكلة .
وفيما يلي أهم تلك الأدوار:
1ـ يقوم المدرس بدور السعي إلى بلوغ الهدف من النشاط بمعية باقي المتعلمين , أنه واحد من الراشدين الذي ترغب فيه الجماعة أن يكون كذلك , أي أن يكون راشدا بحيث يتم الرجوع إليه كلما دعت الضرورة إلي ذلك .
2 ـ القيام بمقابلة المتعلمين ومواجهتهم بعضهم ببعض إزاء مشكلة للبحث يقترحها المدرس , أو تنبثق من الجماعة باقتراح منها , بمعنى أن الدور التقليدي للمدرس النابع من فوق , أو التعليمات الواردة في المقرر الدراسي ـ بمعناه التقليدي ـ يضعفان وتعطي السلطة التقريرية والتنفيذية للجماعة .
3 ـ يثير انتباه المتعلمين إلى احتمال بروز اختلافات في الأفعال بينهم عند بحثهم القضية أو المشكلة موضوع الدراسة , ويذكرهم بأن هذه علامات على سلامة العمل وسلامة التوجه وأنه يكفي تنظيم العمل والتدخلات والتواصل بينهم ليصبح كل شيء على ما يرام .
4 ـ يحرص على جعل الجماعة تقترح أسلوب التعامل الديموقراطي أثناء العمل لأن الغاية القصوى والمبدأ الفلسفي الذي يقوم عليه النموذج هي ـ كما تمت الإشارة إلي ذلك سابقا ـ خلق ترابط بين التربية على الأساس ديموقراطي بغية جعل المتعلمين قادرين على المحافظة على التوجه عندما
يلجون مؤسسات المجتمع الأخرى , ويتم ذلك على أساس من احترام المتبادل والنقد و النقد الذاتي والتنظيم والخضوع لقواعد اللعبة والالتزام بالقرارات التي تتفق حولها الغالبية .
5 ـ يحرص على أن يبق دوره ـ لأكبر فترة ممكنة ـ متمثلا في الاستشارة الأكاديمية له من قبل الجماعة , أي أن يتعلم كيف لا يتدخل في القسم على حد تعبير أحد دعاة التربية المؤسسية .
6 ـ إذا اظطر إلى إعطاء توجيهات خاصة تهم العمل أو نظامه أو إذا اضطر إلى توجيه انتقادات فليكن ذلك بأكثر الصيغ نسبية حتى لا تعتبر آراءه تعليمات يجب اتباعها وذلك بتوضيح الظواهر الوجدانية ـ تعاطف , كره, محبة , تأثر , صراع ...ـ التي تؤثر بل يمكن أن تضايق , أو تعطل أفراد الجماعة .
إذا كانت هذه الأدوار أو تلك المهام , هي أهم ما يمكن أن ينجزه المدرس في ظل هذه العائلة من النماذج , فإنها تحتاج في حقيقة الأمر إلى شروط معرفية تكوينية عامة , كما تحتاج إلى نوع من الاقتناع بالأسس التربوية التي تنبني عليها هذه النماذج , وتحتاج إلى خبرة ومهارة الشيء الذي جعل المسؤولين عن مراكز تكوين المدرسين على اختلاف مشاربهم يفكرون في صيغ تتناسب مع مكونات وتوجهات النماذج المتمركزة حول الجماعة , بغية تكوين مدرسين قادرين على التصرف ببصيرة وحسن نفاذ عندما يريدون تحقيق أهداف نمن مستوى الأهداف التي يؤسسها تلك النماذج
2ـ دور المتعلم
تتذكر أدوار المتعلمين في هذه النماذج على أساس من تحملهم لجزء كبير من مسؤوليات التعلم الذاتي الجماعي على اعتبار أن المدرس ليس العضو الفعال الوحيد الذي تلقى عليه مسؤولية التلقين المعتادة في النماذج التقليدية , ومن تم يمكن حصر الأشغال التي على الجماعة في النقط التالية .
1ـ يقترحون أو يساهمون في اقتراح القضايا على بساط الدرس خصوصا إذا كان في نموذج البحث الاجتماعي الذي تنجزه جماعة القسم باقتراح منها أو من المدرس أي ذلك النموذج الذي تعتبر أن المعرفة وباقي المكتسبات الأخرى الوجدانية والسيكولوجية لا تتم ولا تتجدر إلا بالممارسة العملية
والمشاركة في الإنجاز المؤدي إلى تلك المعارف والمهارات والمواقف ويمكن اعتبار أن إشراك الجماعة في اقتراح تلك القضايا للدراسية والبحث هو أن الجماعة كلما كانت لها الحوافز الكافية على المعرفة كلما كان إيقاعها في العمل مرتفعا وكانت نتائج ذلك العمل أكثر تقييما .
2 ـ يتصدون إلى المشاكل فيحددونها في عناصرها الأساسية , ويقترحون لها الفرضيات الممكنة للاشتغال عليها , بعد ذلك يرسمون خطوات إنجاز البحث التالية لتنفيذه أولا بأول :
أـ اختيار الأداة الملائمة لجمع البيانات المتعلقة بالقضية موضوع البحث .
بـ القيام بجمع تلك البيانات .
جـ استغلالها في القراءة والتأويل .
دـ حصر النتائج المستخلصة من البحث وتعميقها ...
إن الغرض الأساسي من هذه الممارسات هو التوصل فعلا إلى إكساب المتعلمين المبادئ الأصلية التي سبق أن تحدثنا عنها في ا لتقديم لهذه النماذج , وعلى المدرس أن يثير الانتباه إلى أن بروز الاختلافات وردود الأفعال داخل الجماعة علامتان على حسن السير , إذ أن المهم ليس فقط ما نتوصل من نتائج , ولكن أيضا ذلك النوع من العلاقات والتفاعلات الاجتماعية التي تكون الجماعة وتعزز من قدرتها على نشر مبادئها الديموقراطية في المؤسسات الاجتماعية الأخرى .
3 ـ يشاركون في تداريب جماعية خارج المدرسة ليتمكنوا من التعود على العيش في أوساط أخرى غير أوساط المؤسسة التعليمية ما دام المهم هم اكتساب المعارف والمهارات فحسب ولكن أيضا نسخ علاقات متنوعة مع المحيط الخارجي .
4 ـ يناقشون الناس ويناقشون المتعلمين الآخرين والمدرسين حول المعلومات التي يكتسبونها والحلول التي يقترحونها للقضايا والمشاكل التي يبحثون فيها باعتبار أن المعرفة تستقي من المحيط بمعناه العام وبواسطته أيضا على اعتبار أنها معرفة نافعة تليق في التعامل مع الواقع أثناء ذلك و بعده بالخصوص, أي أنها معرفة مجدية.
معيقات التواصل البيداغوجي
إن التواصل داخل القسم الدراسي عملية ضرورية لكن يمكن أن تكون هناك معيقات تحد من هذا التواصل أوتحول دون أن يتم في ظروف جيدة يمكن أن نذكر من بينها :
المعيقات الفكرية المعلوماتية: و تتعلق أساسا باللغة المستعملة في إيصال المعرفة المدرسية , هذه اللغة التي يمكن لها أن تفوق مستوى المستقبل حيت أن القاموس المرجعي لكل من المدرس/المرسل و التلميذ المستقبل لا يكونان في توافق تام.
المعيقات السيكولوجية:المستوى العلائقي و الانطباعات التي تتكون تجاه الآخر كالفكرة التي يكونها التلميذ على المدرس أو المدرس على التلميذ, هذا الرأي القبلي يمكن أن يكون سببا للتنافر أو للاستقبال السلبي.
- التمثلات التي تترسخ لدى التلميذ حول الدراسة أو النظام التعليمي أو حول علاقة المدرسة بسوق الشغل ... هذه التمثلات التي تجعل من ا لتلميذ عنصرا لا يساهم في العملية التواصلية .
ج- المعيقات المرضية: تتجلى فيما يمكن أن يلحق بالحواس, سواء المرسل أو المستقبل , من أعطاب و هذا يحدث و يلحق أضرارا بالقناتين المستعملتين في إيصال الرسالة داخل الفصل , سواء القناة السمعية الصوتية أو المرئية البصرية(أمثلة : صعوبة النطق ببعض الحروف – خلل في السمع- ضعف البصر-أعطاب حسية/حركية أخرى...)
د- عوائق تتعلق بظروف الإرسال و الالتقاط:
- التشوشات التي يحدثها الضجيج داخل القسم أو خارجه داخل القسم أو خارجه , هذه التشوشات التي تؤثر كما سبقت الإشارة إلى ذلك على انتقال الرسالة.
- النبرات الصوتية لكل من المدرس أو التلميذ أثناء الحوار التواصلي.
الاكتظاظ داخل القسم الدراسي مما يكون سببا في تعدد شبكة التواصل و كذا بعد المسافة بين المرسل و المستقبل و ذلك مما يزيد القناة التواصلية تعقيدا.
استــــنتاج
إن التواصل و كما أسلفت فعل ضروري في كل عملية تربوية و بيداغوجية و لكي تتم هذه العملية في أحسن الظروف يمكن أن أورد بعض الاقتراحات .
ـ لا تواصل بيداغوجي بمعنى الكلمة كلما كان المدرس متمركزا حول ذاته فعلى الرسالة التواصلية أن تكون ثنائية الاتجاه (معلم-متعلم)لذلك على المدرس أن يعزز عمله بعملية اختيارية ضرورية هي نظام ضبط التواصلFeed Bak)) كما بينا ذلك بنموذج وينر , فالفيدباك يعتبر بمثابة إخبار عن إخبار و لذلك فهو يمكن المدرس من تكييف رسالته و تعديلها و ضبطها على ضوء ردود فعل تلاميذه, و الفيد باك يمكن أن يتم عن طريق أسئلة (كتابية أو شفوية)يوجهها المدرس في آخر كل حصة دراسية, أو في نهاية كل وحدة دراسية.
- تشويق التلاميذ ضرورة قصوى . و يركز هنا على التشويق الداخلي , حيث يقبل التلميذ على الدرس , و يعيره اهتماما أكثر , و هذا ما يدفعه إلى المشاركة و الاندماج الإيجابي في الفعل التواصلي , و هذا التشويق لن يأتي إلا إذا أخذت انتظارات التلميذ و تمثلا ته المختلفة و المتعلقة أساسا بالدراسة بعين الاعتبار .
- إن مراجعة المناهج و البرامج مسألة ضرورية
فالبرنامج الذي يعطي الأهمية الأولى للمعلومات لا يمكن للطريق البيداغوجي إلا أن تكون دوغمائية و بالتالي تغيب التلميذ في العمل التواصلي لأن الهدف يبقى وضع نقطة في نهاية كل مقرر دراسي , و نفس الشيء يمكن أن يقال عن الوسائل و الفضاءات التعليمية التي يجب أن ترقى إلى مستوى يتماشى و الطرق الحديثة .
- إن التواصل يشترط أن تهيئ ظروف له , و بالتالي ظروف للعمل و بالخصوص داخل القسم حيث يعتبر معدل التلاميذ في الفصل الدراسي و كما أسلفت من العوائق الأساسية في عملية التواصل لأننا نعلم بأنه كلما ازداد حجم الجماعة ألا و كان التواصل عسيرا حيث الشبكة التواصلية متشعبة بالإضافة إلى عوائق أخرى :الضجيج و صعوبة ضبط أفراد العملية التعليمية ( التواصلية)...






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة , التعليم , تربوية , بنساء , ثقافية , خلق , خاصة , ورجال


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 17:09 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd