عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-07-27, 01:21 رقم المشاركة : 258
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: خلق موسوعة تربوية ثقافية خاصة بنساء ورجال التعليم


3-الربط في المنهاج بين المعرفة النظرية و المعرفة التطبيقية:

إن القاعدة الأخرى التي نستند عليها في نموذجنا ،تكمن في البحث عن الأسلوب الأمثل لتطبيق المنهاج في الاقسام والمدارس والذي وجدناه في ما يعرف في العادة بالمنهاج النشط وفي طريقة حل المشكلات . يقوم هذا التوجه على تثبيت مكتسبات التلميذ بواسطة مواجهة المواقف المشخصة وحل ما تتضمنه من مشكلات وليس بواسطة تجميع المعلومات وتكديس الإجراءات(العمليات) دون أن يعرف التلميذ كيفية توظيفها في حياته اليومية ، وسرعان ما ينساها . والحقيقة أن هذه القاعدة ليست جديدة ، بل تتقاسمها جميع البيداغوجيات (تقليدية و حديثة ) . فقد كان أبو حامد الغزالي قديما ، يرى على سبيل المثال أن الأخلاق الفاضلة لا تولد مع الإنسان، وإنما يكتسبها عن طريق التربية والتعليم من البيئة التي يعيش فيها، والتربية الأخلاقية السليمة في نظره تبدأ بتعويد الطفل على فضائل الأخلاق وممارستها .فالطريق إلى تربية الخلق عند الغزالي هو التخلق أي حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب ، فمن أراد مثلا أن يحصل لنفسه خلق الجود فعليه أن يتكلف فعل الجود.
كما جعل عبد الرحمن ابن خلدون الملكة (القدرة او الكفاية في تعبيرنا الراهن) جسمانية وعقلية معاً؛ فلم يفرق بين تعليم عقلي وآخر عملي؛ بل ربط القوى العقلية والجسمانية، وجعلها تتعاون في اكتساب الملكة. أما من الناحية العملية فقد وضع مبدأين صحيحين، هما مبدأ المباشرة ومبدأ المعاينة. ويعني بالمباشرة القيام بالفعالية العملية: فمن يريد تعلم فعالية عملية، يجب عليه أن يباشرها بنفسه، لا أن يكتفي بمعاينة من يقومون بها، أو الإصغاء إلى كلام من يتحدثون عنها. ولكن المعاينة ضرورية مع ذلك؛ لأنها الطريق إلى المباشرة. وتعني المعاينة أن يشاهد (يعاين) المتعلم المتمرسين بالفعالية العملية، وهم يقومون بها و يؤدونها. ولا شك أن من يريد مباشرة فعالية ما، هو بحاجة إلى معاينتها قبل مباشرتها.‏
وإذا أخذنا البيداغوجيا التقدمية في إطار ما يسمى بالتربية الحديثة ،على سبيل المثال، لدى كل من بستالوتزي ( 1827) و منتسوري (1870) وخاصة لدى جون ديوي (1915)، فإنها تؤكد على:
ضرورة تزويد التلاميذ باستراتيجيات حل المشكلات وليس بالمعرفة والحفظ..
و يجب ان يشتق المنهاج من اهتمامات التلاميذ وليس من المواضيع الأكاديمية ، وما يقتضي ذلك من عناية بحاجياتهم العقلية والانفعالية والنفسية الحركية ،و المدرسون الفعالون هم الذين يزودون التلاميذ بخبرات تمكنهم من التعلم عن طريق العمل .
أما طرق التدريس التي ينبغي اعتمادها ، انسجاما مع مبادئ هذه التربية الحديثة ، فتنطلق من أهمية التعليم عن طريق مجموعة من الأنشطة المعدة بشكل منظم ، والتي تمكن كل تلميذ من المشاركة الايجابية ، التي تساعده في نموه الشخصي والاجتماعي ، و السماح له بالتجريب . ومن هنا تصبح المدرسة مضطرة لاستخدام مواقف الحياة الحقيقية في التعليم ولا تتركها إلى الدراسة النظرية- الأكاديمية ، فتتحول المدرسة إلى معمل اجتماعي يتم فيه التعلم عن طريق الخبرة بدلا من التعلم الشكلي .
وبخصوص ترسيخ الكفايات من خلال مواجهة الوضعيات والمشكلات ، فهي كما أسلفنا ليست مسالة جديدة ، فهناك ما يعرف بالتعلم النشط والتعلم بالعمل وأسلوب حل المشكلات وغيرها...و كلها تؤكد على :
- أن العمل أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل التلميذ مع عناصر البيئة لغرض التعلم وإنماء الشخصية .. .
-يمثل العمل وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم وتساعد في إدراك معاني الأشياء.
-وأن التعلم بالعمل أداة فعالة في تفريد التعلم وتنظيمه لمواجهة الفروق الفردية وتعليم الأطفال وفقاً لإمكاناتهم وقدراتهم.
-يعمل التعلم بالعمل على تنشيط القدرات العقلية وتحسين الموهبة الإبداعية لدى الأطفال.
-ربط التعلم بالعمل يثير دافعية المتعلم ويحفزه على التعلم ما دام يشارك يدوياً وفعليا بالنشاطات التي تؤدي إلى التعلم.
ويرى يوسف قطامي (2002) أن أهمية هذه الأساليب في التعليم تأتي من أنه : " يضع المتعلم أو الطفل في موقف حقيقي يعمل فيه ذهنه بهدف الوصول إلى حالة اتزان معرفي . وتعتبر حالة الاتزان المعرفي حالة دافعية يسعى الطفل إلى تحقيقها . وتتم هذه الحالة عند وصوله إلى حل أو إجابة أو اكتشاف ، وبالتالي فإن دافعية الطفل تعمل على استمرار نشاطه الذهني وصيانته حتى يصل إلى الهدف وهو : الفهم أو الحل أو الخلاص من التوتر ، وذلك بإكمال المعرفة الناقصة لديه فيما يتعلق بالمشكلة ."
إن توظيف أسلوب حل المشكلات في التعليم يجعل التعلم مشوقا وفعالا ؛ لأنه يستدعي الخبرات السابقة لدى المتعلم فيربطها بالخبرات اللاحقة، إضافة إلى أنه يتم من خلال الممارسة العملية و المشاركة الفعلية.
ولعل من أبرز مبررات توظيف أسلوب المشكلات في التعليم ما يلي:
- إثارة دافعية الطلبة للتعلم، حيث يولد لديهم الرغبة في التفكير من أجل التوصل إلى الحل السليم.:"إن أسلوب حل المشكلات يثير دافعية التلاميذ للتعلم و يمكن توظيفه في تدريس المفاهيم و القدرات التكنولوجية".
- تنمية المهارات والقدرات و المعلومات. فإذا أتقن المتعلمون أسلوب حل المشكلات ، و تدربوا على استخدامه في المدرسة ، فإنهم سيستفيدون منه في حياتهم العملية للتغلب على المشكلات التي تواجههم. ويدربهم على مهارات العمل الجماعي فينجزون أعمالهم بروح الفريق ، مما يحدث لديهم تغيرا اجتماعيا مرغوبا إضافة إلى تزويدهم بمهارات تطبيق النظريات ، ويقودهم الى الإبداع في العمل.

4- مأسسة المدارس وخلق الظروف الملائمة للتطوير:

من أهم شروط إصلاح التعليم بشكل عام و تجديد مناهجه بشكل خاص والتي انطلقنا منها في وضع نموذج "المنهاج المندمج للمؤسسة "، خلق الظروف الملائمة للنجاح و في مقدمتها إ يجاد المناخ المناسب لتطبيق مقتضيات الإصلاح و تنفيذ آليات تطوير المناهج داخل المدارس و الفصول ، أي على أرض الواقع . وقد نشطت في هذا الاتجاه، بحوث تربوية كثيرة مبرزة دور المدرسة كمؤسسة ، وانتهت إلى العديد من النتائج والتي يمكن اختصارها في العنوانين التاليين:
أولا- تحويل المدارس إلى مؤسسات .
ثانيا- الإدارة المدرسية وقيادة التطوير.

1.4 - تحويل المدارس إلى مؤسسات :

وذلك للاعتبارات التالية:
-إن دور المدرسة بشكلها الحالي وفي العديد من الدول ، يقتصر على تعليم التلاميذ وفق التعليم التقليدي الذي لا يتدخل في إثراء المناهج و تطويرها ، وفي إغناء أساليب التدريس و طرقه.
-عدم قدرة المدرسة اليوم ، على ضبط الجودة في جميع الأعمال و المهام المدرسية ، بحيث يصعب تطبيق أسلوب إدارة الجودة فيها ، كما يصعب تقييم أدائها تقييما شاملا .
-لا يتم استغلال المبنى المدرسي و موارده المادية و استثمار الإمكانيات المتاحة بالشكل الجيد.
-تناثر الأعمال و تشتت الأنشطة ( التربوية و الثقافية والرياضية ...) و عدم تحديدها في مشروع شامل و في منظومة متكاملة مكونة من عناصر مترابطة و متناسقة و متفاعلة بانتظام .
-انغلاق المدرسة و انكفائها على نفسها ، و عدم الانفتاح على المجتمع الخارجي و البيئة المحلية وعدم البحث عن سبل التأثير و التأثر فيها.
-المعاناة جراء الإشكالية الأزلية ، المتمثلة في علاقة المحيط بالمركز و الاستقلال عن مركزية التخطيط و التنفيذ و التقييم في المناطق التعليمية .
لكل تلك الأسباب ، برزت الحاجة إلى ضرورة تحويل المدارس إلى مؤسسات بالمعنى العصري للمؤسسة و ذلك من خلال:
-خلق ثقافة المؤسسة و مقوماتها و إيجاد آليات التحول ؛
-تطوير الهيكل التنظيمي المدرسي و إكسابه المرونة اللازمة ليتوافق مع مميزات كل مدرسة على حدة و خصوصيات المنطقة و المجتمع المحلي الذي توجد فيه؛
-ضرورة تطوير النمط القيادي بها و الرفع من كفاءة الإدارة وتسهيل سبل التواصل بين مختلف العاملين بالمؤسسة ؛
-تحسين أسلوب أداء مجالسها وخاصة مجلس الآباء و الأمهات و مجلس مربي الفصول و مجالس الفصول ؛
-تحديد هوية المؤسسة وخصوصيتها أي وضعيتها الراهنة وواقعها الحالي واحتياجاتها ثم ما تطمح إليه ؛
-التمتع بنوع من الاستقلال الذاتي على مستوى التسيير الإداري و المالي و خاصة على مستوى التأطير التربوي ؛
-القدرة على إدماج التجديدات التربوية المقترحة في مشاريع الإصلاح و مواءمتها مع خصوصيات المؤسسة و أولويات العمل التربوي بها .
على أن مأسسة المدارس لا يمكن أن تستقيم ، دون إقامة و تفعيل اتفاقيات التعاون والشراكة و إحداث مشروع المؤسسة ،الأمر الذي سنعود إليه في عنوان لاحق.
نلاحظ ازدياد العناية بتطوير المدارس على أسس علمية ببعض الدول العربية ،فقد أوصت على سبيل المثال ، الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون بدول الخليج العربية، في مرئياتها بشأن التعليم و تطوير المنظومة التعليمية ،( الدورة الرابعة - مملكة البحرين ، فبراير 2001 )" بإعادة هيكلة النظام التعليمي بشكل كامل بما في ذلك إعطاء مزيد من الاستقلالية الإدارية و التربوية للمدرسة و جعلها مسئولة عن مستوى أدائها" . كما توصي " بتقوية العلاقة بين مؤسسات التعليم و مؤسسات الإنتاج و كافة المؤسسات المجتمعية".

2.4 - الإدارة المدرسية و قيادة التطوير

حظي موضوع الإدارة التربوية باهتمام خاص من لدن الباحثين التربويين في العقود الأخيرة من القرن الماضي ، مما أثرى المشهد التربوي المعاصر ، و راكم حصيلة معرفية غنية أصبحت تزود المخططين و عموم الإداريين ، بالعديد من الحقائق و النماذج الكفيلة بتطوير أساليب العمل الإداري بما يساهم بدوره في تطوير المناهج وتحديث الممارسات التربوية .
ولعل من أهم تلك الحقائق ، تغيير النظر إلى العملية الإدارية ، باعتبارها ليست مجرد تسيير للأعمال أو ممارسة للسلطة ، بل هي عملية قيادة في المقام الأول. إنها عملية قيادية بما قد يكتسبه الإداري من قدرة على تحفيز الآخرين للاندماج في العمل التربوي و تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية.
" إن قيادة التطوير نمط يبني الالتزام و يخلق لدى العاملين في المؤسسة التعليمية، الحماس و الدافعية للتغيير ، ويزرع لديهم الأمل بالمستقبل ، و الإيمان بإمكانية مساهمتهم في التخطيط للأمور المتعلقة بنموهم المهني و إدارتها ." كما تعني " قيادة الجهد المخطط والمنظم ، للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة للتطوير، من خلال التوظيف العلمي للموارد البشرية و الامكانات المادية و الفنية المتاحة للمؤسسة " (منى مؤتمن ، 2003
و أيضا Fullan ,M. 1998 .)
كما تقتضي إدارة التطوير في المؤسسات و بالاضافة إلى بناء ثقافة المؤسسة ؛
- امتلاك القدرة على المبادرة و الإبداع لإحداث التطوير في مختلف عناصر المؤسسة وعلى رأسها المناهج و الطرق التعليمية ؛
- القدرة على إدارة الجودة والتي تقتضي إشراك جميع العاملين في جميع المستويات في توظيف الإمكانيات المادية و البشرية المتاحة لتطوير الأداء التربوي و تحقيق الأهداف بأقل تكلفة و أقصر وقت و أدنى جهد و أفضل النتائج ، في جميع مجالات العمل بحيث يتم تلبية احتياجات المتعلمين و مجتمعاتهم ؛
- الارتقاء بقدرات المؤسسة و أدائها و توفير المناخ الملائم لمواكبة المستجدات والانخراط في تطوير المناهج و تحديث أساليب العمل وأدواته ؛ و التعامل مع ما ينسجم منها مع الأهداف العامة بإيجابية ؛
- العمل الجماعي مع الآخرين و حل المشكلات المدرسية بصورة تعاونية ، بما يعزز الأساليب الجديدة في العمل الإداري والتربوي ؛
- تسهيل سبل التواصل داخل المؤسسة و خلق الثقة بين العاملين بها ؛
- الاهتمام بتعزيز النمو المهني المستمر للمعلمين و تجديد كفاياتهم المهنية و تجويدها بما يؤهلهم لأداء أدوارهم المتجددة بكفاءة و اقتدار، في مجتمع التعلم الدائم و التربية المستدامة.
.
5- الاندماج الاجتماعي و مشاريع المؤسسة والشراكة التربوية:
من الأسس التي استندنا عليها في بناء النموذج ، تكمن في ضرورة الربط بين المنهاج الدرسي والمجتمع ، و يتشخص هذا الربط في العديد من الإجراءات ومنها مشاريع الشراكة التربوية ، حيث تترك للمؤسسات حرية المبادرة وعقد اتفاقيات تعاون و شراكة مع القطاع الخاص وفعاليات المجتمع المحلي،وتعديل مناهجها الدراسية بشكل مندمج ، بما يساير خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويلبي في نفس الآن احتياجات التلاميذ ومتطلبات أسرهم.كما يساير مختلف المستجدات في مجال بناء وتطوير المناهج التعليمية وما ظهر حديثا في مجال إدارة الجودة الشاملة واعتماد معايير الجودة في التعليم (انظر محمد الدريج " المعايير في التعليم ،نماذج وتجارب لضمان جودة التعليم " ،2008).
هذا وقد لاحظنا لهذا الأساس بعض الآثار في نظامنا التعليمي، فمثلا ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين والعديد من المذكرات التي أصدرتها وزارة التربية الوطنية على ضرورة تبني نوعا من المرونة في تحديد نسبة حرية التصرف في المنهاج الوطني بالتعديل وإضافة مواضيع جديدة، و المتروكة جهويا للمؤسسات ، في 15 بالمائة. .( محمد الدريج،1996 و 2002).

1.5 - إحداث مشروع المؤسسة

على الرغم من تعدد استعمالات مصطلح المشروع في المجال التربوي منذ أوائل القرن الماضي و خاصة مع جون ديوي ، فإن مشروع المؤسسة في تعريف المعاصرين ، هو برنامج إرادي تطوعي مؤلف من سلسلة من الأعمال و الإجراءات والتي تتمحور حول مشروع واحد قد يستمر لمدة سنة كاملة أو أكثر ( مثل برنامج للدعم التربوي و العناية بالضعاف من التلاميذ و التقليل من نسب الرسوب أو برنامج توظيف خدمات الأنترنيت في تحسين شروط التعلم الذاتي للمعلمين و الطلاب ... ) إجراءات تستهدف بشكل منسجم ، الحصول على أفضل النتائج في المدرسة و الرفع من مستوى وجودة التعليم بها ، وتعميق ارتباطها بمحيطها و اندماجها في مجالها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي .
إن مشروع المؤسسة خطة منظمة متناسقة العناصر ، يتعاون على تنفيذها فريق تربوي (مجموعة عمل ) مشكل من أعضاء من هيئة التدريس و الإدارة و أولياء أمور التلاميذ
( وفي بعض الحالات من التلاميذ أنفسهم ) و بعض المهنيين من المنطقة ، بإشراف مدير المؤسسة وتوجيه منه . يعملون من خلال جملة من الأنشطة المتمحورة حول موضوع رئيسي واحد وتستهدف تحقيق جملة من الأهداف التربوية و التعليمية ، في انسجام تام ، بطبيعة الحال ، مع المنهاج المدرسي الرسمي و مع غاياته و مبادئه .
من خلال هذا التعريف نستنتج أن مشروع المؤسسة هو في المقام الأول ، وسيلة لخلق أكبر قدر من الانسجام داخل المؤسسة و الاندماج بين جميع الفاعلين فيها ، و توفير الشروط الملائمة لتطبيق التجديد في المناهج والطرق ،و ذلك بما يوفره من جو يسمح بالعمل الجماعي حول أهداف مشتركة. (محمد الدريج ،

5. 2- نظام الشراكة التربوية

بدأ نظام الشراكة منذ أواسط الثمانينات يبرز ويتسع ليشمل مجال التعليم و حدث ذلك في التعليم العمومي في بعض الدول الأمريكية قبل أن ينتقل إلى أوربا.
و تضافرت العديد من العوامل في ظهور الشراكة التربوية وهي في مجملها نفس العوامل التي شجعت ظهور مشروع المؤسسة و السعي نحو مأسسة المدرسة كآلية للتطوير و التجديد التربوي .
ولعل من أهم تلك العوامل ، تحول المجتمعات المرتبطة بالصناعة ، إلى مجتمعات تابعة للإعلام و الاتصال و قطاع الخدمات .كما نشطت الشراكة في المجال التربوي بفعل ظهور " التوجه إلى المحلي " و بالأهمية المتعاظمة للأقاليم و الجهات الاقتصادية و المدن والتجمعات
وكمثال على بعض مشاريع الشراكة ، نذكر تبنى أحد البنوك تحسين فضاء الأقسام الدراسية في إحدى المدارس العمومية وبناء مرافق صحية وملاعب رياضية وتجهيز المكتبة المدرسية والقاعة المتعددة الوسائط واستقطاب عدد من الخبراء التربويين لتطوير جوانب التعليم الحديثة في الرياضيات واللغات في إطار برنامج لتكوين الأساتذة. و لمثل هذه الشراكات مزايا كثيرة، يمكن ملاحظتها من خلال تصرفات التلاميذ، فالعمل الجماعي يعودهم على حسن الإنصات لبعضهم البعض، واعتماد الحجة في الإقناع، والامتثال للقرارات الجماعية التي تتخذ بشكل ديمقراطي.. وهذا يتطلب كذلك الجرأة في الخطاب ومواجهة الآخر، وينمي كفاءات التواصل، ويكسبهم الثقة في النفس.الأمر الذي يتيح إمكانيات واسعة أمام المدرسة ، للمبادرة و الاستقلال في اتخاذ القرار، فتتحول إلى مؤسسة في مستوى التفاوض و الدخول في علاقات التعاون مع محيطها و ابرام الاتفاقيات .
و بصفة عامة ، عندما تطبق الشراكة في المجال التربوي ، فإنها تكون في الغالب بين مؤسستين أو أكثر وتجند الفاعلين التربويين للعمل في إطار مشروع مشترك ، شريطة أن تحترم كل مؤسسة المؤسسات الأخرى المشاركة فيما يتعلق مثلا، بالبرامج الدراسية و استعمالات الزمن و أساليب التدريس و التنظيمات الإدارية والتربوية الجاري بها العمل . ( محمد الدريج ،1996 و 2002 ).

كما يقتضي نظام الشراكة ، أن تقدم كل مؤسسة دعما للمؤسسات الأخرى ، بأن تضع رهن إشارتها مختلف الإمكانيات المادية و البشرية المتوفرة ، بحيث تنفتح كل مؤسسة على الأخرى في اتجاه انفتاحها على محيطها. .
.
وقد وجدت هذه الأفكار الكثير من الأصداء الإيجابية و استأنست بها العديد من التجارب في بلادنا. من بينها ، على سبيل المثال ،تجربة " الشراكة بين القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية" بمدينة الدار البيضاء، والتي نالت جائزة «وايز» العالمية للابتكار في مجال التعليم. هذه التجربة تبنى فكرتها محمد عباد أندلسي، وهو مدير مصرف سابق. والذي يرى ضرورة "تحفيز رجال الأعمال على رعاية المؤسسات التعليمية، ليس فقط لكي يمولوا المشاريع ماديا، فهذا شيء سهل، ويمكن الحصول عليه، ولكن هناك ما هو أفضل من المال، وهو رفع المؤهلات ونقل التجارب". ويستطرد أندلسي قائلا: «قمت بزيارة لمدير المدرسة ومدير المصنع فاكتشفت عدم وجود أي تواصل بينهما، فعرضت على مدير المصنع دعم المدرسة كجزء من مسؤوليته الاجتماعية، وحدث التواصل وتم دعم المدرسة ...، ليس بالدعم المادي فقط ولكن من خلال تبني مشاريع تعليمية واجتماعية رائدة تدعم المدرسة، واستفادت منه حتى الآن نحو 300 مدرسة تعليمية محتضنة، وبخاصة في مدن الدار البيضاء والرباط، في المجالين القروي والحضري، وأصبح رجال الأعمال والشركات تتنافس في دعمه، إذ تجاوز عدد الداعمين 100 داعم"(عن جريدة الشرق الأوسط ، عدد 29 يناير 2012.)
واجب المجتمع إذن ، بجميع شرائحه وقطاعاته بما فيها القطاع الخاص ، أساسي وحاسم ماديا ومعنويا ، لضمان حصول أطفاله على تعليم يلائم حاجياتهم وتلبية في نفس الآن حاجيات الجماعة، ولضمان حصول الفرد على التكوين الذي تشترطه الوظائف المتوفرة و كذا تلبية الشروط الموضوعة لتنميته،مما يحتم ضرورة الانخراط بقوة في توعية أولياء الأمور بذلك، مما يساهم في المحافظة على الوضع الذي تتوازن فيه قيمة الفرد بقيمة الجماعة والمجتمع.
فالأطفال أجيال الغد و آمال المستقبل ، في حاجة لتمتيعهم بكافة حقوقهم وفي مقدمتها الحق في تعليم جيد وفي تنشئة اجتماعية سليمة، وهذا الأمر مسؤولية متقاسمة بين الأسر و الجماعات والمؤسسات والمدرسة والنظام التعليمي...،لان ذلك سيمنحهم المؤهلات الملائمة للقيام بالوظائف المطلوبة وسيمنحهم أيضا ، القدرة على اتخاذ القرارات بأنفسهم،وسيمكنهم مستقبلا من تأدية وظائفهم في المجتمع باعتزاز وكفاءة وروح المبادرة.
=====================================
المراجع
- أحمد المهدي عبد الحليم ( 2005) :" المناهج ومستويات المعايير القومية "، ضمن أعمال المؤتمر السنوي السابع عشر للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ، القاهرة.
- الدريج محمد (1996):"مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في المدرسة المغربية"، (في جزئين)، سلسلة دفاتر في التربية ، (1996)ـ الرباط.
- الدريج محمد : ( 1998)" الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي " سلسلة دفاتر في التربية ، الرباط، .
- الدريج محمد (2002): "الشراكة التربوية في التعليم الثانوي: مشروع المؤسسة نموذجاً"، مداخلة ضمن أعمال المؤتمر الدولي حول: التعليم الثانوي من أجل مستقبل أفضل"، وزارة التربية والتعليم، مسقط، سلطنة عمان.
- الدريج محمد ( 2003) ” مدخل إلى علم التدريس“.دار الكتاب الجامعي ، العين . الامارات العربية المتحدة.
- الدريج محمد(2004) ”الكفايات في التعليم : من أجل التأسيس العلمي للمنهاج المندمج“، منشورات رمسيس، ، الرباط.
- الدريج محمد ( 2004): ” التدريس الهادف ” ، دار الكتاب الجامعي ، العين. الامارات العربية المتحدة.
-الدريج محمد (2005) :" تطوير مناهج التعليم : معايير علمية... متطلبات الواقع ...أم ضغوط خارجية ؟" السلسلة الشهرية المعرفة للجميع العدد 33-الرباط
- الدريج محمد" (2008) المعايير في التعليم ،نماذج وتجارب لضمان جودة التعليم " ، منشورات سلسلة المعرفة للجميع، الرباط.
-الدراكة مأمون و الشبلي طارق (2002) : "الجودة في المنظمات الحديثة" ، دار صفاء للنشر والتوزيع ، عمان.
- الزوواي خالد (2003):" الجودة الشاملة في التعليم "، مجموعة النيل العربية ،مدينة نصر، القاهرة.

- مراد لخصيم (2011) :"تعلم الإدماج: هل هو مستجد في المناهج المغربية؟" ، موقع (وجدة البوابة ) على الأنترنيت
- الضبع محمود (2004): " المعايير القومية للتعليم وعرض لتجربة مصر في بناء المعايير" ، مداخلة في أعمال اللقاء التربوي الرابع، وزارة التربية والتعليم ، مسقط.
- الضبع محمود ( 2006) : " الأهداف و الكفايات والمعايير " ، ورقة مقدمة للملتقى الثالث للتقويم التربوي ، مارس 2006 ، مسقط..
-يوسف قطامي " (2002) إدارة الصفوف : الأسس السيكولوجية" : دار الفكر, عمان الأردن.
- منى مؤتمن (2003) : "إعداد مدير المدرسة لقيادة التغيير "،مركز الكتاب الأكاديمي ، عمان .
- نجيب كمال (1993) : " إصلاح التعليم بين التبعية و الاستقلال " مجلة التربية المعاصرة ، العدد28، سبتمبر 1993
- شحاتة حسن ( 2003) :"نحو تطوير التعليم في الوطن العربي "، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة.
- شحاتة حسن (2004) :" مداخل إلى تعليم المستقبل في الوطن العربي " ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة.
- عبد الكريم غريب( 2004 )" بيداغوجيا الكفايات". منشورات عالم التربية، البيضاء ط5
-عبد الكريم غريب ( 2010):" بيداغوجيا الإدماج "، منشورات عالم التربية –الدار البيضاء.
- عبيد وليم و مجدي عزيز ابراهيم (1999) :" تنظيمات معاصرة للمناهج" رؤى تربوية للقرن الحادي والعشرين )، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة.
- الوكيل حلمي أحمد (1999) :" تطوير المناهج "، دار الفكر العربي، القاهرة
- مكتب التربية العربي لدول الخليج (2002):" التطوير الشامل للتعليم بدول مجلس التعاون الخليجي"، دراسة حول التوجهات الواردة في قرار المجلس الأعلى ، الدوحة.
-مركز دراسات الوحدة العربية، (2002):" التنمية البشرية في الوطن العربي" ، بيروت.
- اليونسكو (2000) :" التقرير الإقليمي حول التعليم للجميع في الدول العربية "، القاهرة.

- Astolfi j. p. (2001) : “ Eduquer et Former “ , Edi.Siences Humains Paris
- Rey B. (1998) :" Les competences transversales en question "E.S.F. Paris .
Champy. ph.,Eteve Ch. (1994) ictionnaire encyclopédique de l’éducation et de la formation." Ed.Nathan ,Paris.
-De Corte (1990)-" Les fondements de l’action didactique.. Ed. Universitaires De Boeck. Bruxelles..
-Legendre.R. (1988). "Dictionnaire actuel de l’éducation . Larousse. Paris Montreal..
-Meirieu PH. ,( 2007)" Faire l'Ecole, faire la classe. Paris, ESF, 1ère édition, nouvelle édition refondue 2008.
-Reuter Yves et al. (2007) " Dictionnaire des concepts fondamentaux des didactiques" Édition : DE BOECK, 2007


عداد : د. محمد الدريج
أستاذ باحث في علوم التربية –الرباط[/SIZE][/COLOR]






    رد مع اقتباس