2011-07-02, 20:43
|
رقم المشاركة : 22 |
إحصائية
العضو | | | رد: شخصية الساحرة | (15) ليكن صدرك واسعا
قلنا أن النصيحة واجبة بين المؤمنين .. وبدون النصح والنقد البناء لن يتقدم فرد .. أو يزدهر مجتمع .. أو تتميز أمة .
وطالبناك عزيزي القارئ أن تقدم النصح للآخرين بشرط أن يكون نصح جميل لا يجرح أو يخدش من كرامة المرء .
ولكن إذا أحببنا أن نضع أنفسنا في الموقف العكسي ، أي كنا نحن الواقعين تحت سهام النقد ، ترى هل سنفتح قلوبنا وعقولنا وقتئذ للنقد أم أننا سنضيق به ونشحذ الهمة لتفنيده ، والنيل من الشخص الذي تجرأ على نقدنا ؟؟
كثير منا سيرحب بالنقد .. ويشترط أن يكون نقدا بناء ..
لكن التجارب أثبتت أن هذا ادعاء بعيد عن الحقيقة !!!
وأن معظم البشر لديهم حساسية ضد النقد .. ولو كان بناء كما نزعم !!.
لماذا نرفض النقد ..؟ :
يقول الشاعر :
ربَّ أخلاقٍ صانَها من فسادٍ * خوفُ أصحابِها من النقادِ
وإِذا لم يكنْ هنالكَ نقدٌ * عمَّ سوءُ الأخلاقِ أهلَ البلادِ
بالرغم من أن الإنسان يجب أن ينظر إلى انجازاته وإنتاجه على أنها شيء ليس بالكامل ، ويحرض الآخر على نقض العمل وتطويره إلا أننا لا نملك اليقظة النقدية التي تجعلنا نتعامل مع انجازاتنا بهذه الرؤية ، بل إننا ننظر على النقد الموجه لشيء يتصل بنا على أنه نقد لذواتنا ، ونرى فيه تجرأ على الكرامة الشخصية !! .
فلماذا نرفض النقد على الرغم من كونه ينقي ذواتنا وأعمالنا ويدفعها إلى المثالية والكمال ...؟؟!
في أحيان كثيرة لا نقبل بالنقد؛ لأنه سيجعلنا نخسر بعض المكاسب التي حصلنا عليها من وراء أوضاع مغشوشة .
و أحياناً نرفض النقد؛ لأننا لا نثق بالذي ينقد، أو لا نرتاح إليه. وأحياناً نرفض النقد؛ لأن قبوله سيعني التغيير والتطوير، وهذا لا يتم من غير بذل جهد، ونحن غير مستعدين للقيام بأي شيء إضافي.
بعض الناس يرفض النقد؛ لأن لديه نوعاً من الإعجاب بالذات والاستبداد بالرأي، وهذا يجعله يستخفّ بما يسمعه من الآخرين... النقد البناء . د. عبدالكريم بكار ( مقال نشر في شبكة الإسلام اليوم)
كيف نقبل النقد ؟؟:
نقبل النقد عندما .. نعلم .. وندرك .. ونفهم :
• أننا لسنا ملائكة وأننا نخطئ ونسهو .. وأن النقد في حقيقة أمره تحقيق لإنسانية الإنسان .
• أن هناك في أي موضوع وجهة نظر أخرى ، وحقائق غائبة ، ومعلومات غير متوفرة ، وأننا يجب أن نراعي ونحن نبني آرائنا أنها قابلة للتغيير والتطوير و المراجعة والتدقيق
• أن النقد مرآة تكشف لنا ما لا نراه من خلل في ذواتنا .
• أن النقد هو كشف عن مساحات الخير والجمال في نفس الشخص المنقود لا العكس ..
• أن النقد لا يعني بالضرورة أننا سيئون ، وبأننا لا نصلح للمهمة التي وكلنا بها .
• أن النقد هدية ، ودفعة للكمال . كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي ) .
• وأخيرا سنقبل النقد عندما نخشى ألا يسدي الناس لنا النصح مخافة غضبنا وعبوسنا ورفضنا لهم ، ويتركونا في وهم الكمال والتميز والتفرد ، ونكون كصاحب الشاعر الذي قال فيه :
تَنَخَّلْتُ آرائي وسُقْتُ نصيحتي * إِلى غيرِ طَلْقٍ للنصحِ ولا هشِّ
فلما أبى نُصْحي سَلَكْتُ سبيلهُ * وأوسعتهُ من قولِ زُورٍ ومن غِشِّ
أنواع النقد الذي يقابلك :
هناك4أنواع من النقد توجه إليك ، ويجب أن تتعرف جيدا على نوعية النقد الذي يقابلك كي تستطيع مواجهته بلا أضرار :
النوع الأول النقد البناء :
وهو النقد المطلوب ، الذي لا مغزى من ورائه سوى تقويم اعوجاج ، وتهذيب مسلك .
وعندما يقابلك مثل هذا النوع عليك أن تشكر الله ، أن قيد لك ناصح أمين يخلص لك النصح ويصدقك .
ثم يجب أن تعيد النظر فيما قال ، وتنظر لمدى صحة النقد ، ربما كان نقده يفتقر إلى الدقة ، أو غير صحيح ، لا يغير هذا من الأمر شيء ، يكفيك صدقه ، وحسن نيته .
أما إذا كان نقده سليم ، فعليك أن تشكره وتعده بمحاولة تغيير الشيء الذي نبهك إليه .
النوع الثاني ( النقد المعوج) :
واقصد به النقد الذي ينبع من جاهل لا يعرف حدود المسألة ، ولا أبعادها ، فهو ينقد من أجل النقد ، أو من أجل إشباع شهوة لديه ، فالنقد يعطيه تميزا فوريا في المجلس الذي يجلس فيه ، ونقده يكون مبنيا في الغالب على رأي ضعيف ، أو شائعة أو تحليل سمعه من أحد ما.
فإذا رأيت أنك تستطيع تفهيمه وتبيين ما خفي عنه فافعل ، وإلا فتجنب هذا النوع من النقد أفضل ، لا أقول امنعه ، فلن تستطيع تكميم الأفواه ، ولكن لا تقف عنده كثيرا ، وما دمت ترى فيه اعوجاجا فدعه .
النوع الثالث ( النقد القاسي) :
والذي ربما كان نقدا صحيحا ، لكنه يقال بإسلوب شديد ، وبلهجة قاسية ، هنا يجب أن تُغلب حلمك ، وتوضح وبهدوء قبولك للنقد ورفضك للإسلوب الذي اتبعه الناقد .
فقبولك للنقد بسعة صدر ، على الرغم من شدة الإسلوب الذي انتهجه الناقد ، يفيدك من عدة أوجه ، فبخلاف معرفتك بنقص أو خلل ما ، فإن رحابة صدرك ربما تعلم الناقد أدب النقد ، فغالبا ما تكون الشدة في النقد محاولة لردع مقاومة المنقود لما يقال ! ، كذلك فعدم جدالك للناقد وكبت غيظك من اسلوبه توفر عليك الكثير من المهاترات ، والشد والجذب .
موقـــف للنقد القاسي :
صعد يوما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر وقال : "أيها الناس اسمعوا وأطيعوا"، فقام رجل من الرعية من عامة الناس، وقال: "لا سمع ولا طاعة!" فقال: "لم، رحمك الله؟" قال: "أعطيتنا ثوبًا ثوبًا ولبست ثوبين!" فقال: "قم يا عبد الله بن عمر!"، فيقوم ابن عمر ويبين لهم أنه أعطى أباه ثوبه نظرا لأن أباه رجلا فارع الطول ، حينها قال الرجل : الآن سمعنا وأطعنا .!!
النوع الرابع ( النقد الجائر) :
وهو النقد الذي يوجه إلى شخصك مباشرة ، وهو نقد مخالف للواقع ، مليء بالكذب والأباطيل ، فهو لا يستند إلى حقائق ، ولا يريد أن يعترف بالحقائق ! .
والناقد ( الجائر) غالبا ما تحركه عداوة سابقة ، أو شيء في صدره ( كحقد أو غيرة ) أو على أحسن الأحوال قصور في الفهم ، والتعامل مع هذه الفئة يحتاج إلى فطنة كبيرة ، ففي بعض الأحيان يتعين عليك الرد بهدوء عما يثار ، وفي موقف آخر يكون تجاهلك لهذا النقد هو أبلغ رد عليه وقديما قال حكماء العرب : إذا سكت عن الجاهل فقد أوسعته جوابا وأوجعته عقابا . .
موقف للرد على النقد :
أنظر للرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يقسم التبر والغنائم وهو في حجر بلال فقال رجل اعدل يا محمد فإنك لم تعدل فقال ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل . رواه بن ماجه وصححه الألباني . هنا رد النبي على النقد الجائر من الأعرابي ، ولم يسكت ، فاتهام النبي بالجور وعدم العدل ، وسكوته على ذلك يفتح أبواب للقيل والقال .
وكما قلنا فإن هناك سهام من النقد الجائر لا يجب أن نتوقف عندها ولو للحظة ، بل نجاهد كي نمررها ، ، ولا نسمح في أن تؤثر فينا .
موقف لتمرير النقد :
يحكي الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ، موقف اثر فيه فيقول :
"شهدت رجلاً كان يهاجم الأستاذ البنا - رحمه الله - في الهيئة التأسيسية مهاجمة عنيفة، ويخاطبه بما لا يليق من الألفاظ. فلما ثار عليه الإخوان غضب الإمام الشهيد وثار في وجه الغاضبين، حتى لقد أخرج بعضهم، ثم أقبل مبتسمًا على هذا المهاجم المتجني، وقال له: قل ما شئت وانقدني كما ترى، فلن تُقاطَع بعد ذلك، ولعلي أجد في قولك ما أصلح به خطأ أو أقوم به معوجًا.
هنا كان من الحنكة تمرير المسألة ببساطة ويسر ، فلن تكون الشدة هي الحل الأمثل للرد على النقد الجائر هاهنا ، بل احتواء الأمر بهدوء ولين . الخلاصة:
إن كل الأشجار تموت واقفة شامخة؛ لأن موتها لا يكون في سقوطها على الأرض، ولكن في انقطاع مادة الحياة عنها، وفي عجزها عن التكيّف مع الظروف المحيطة بها، ورفض النقد هو رفض للتوائم مع متطلبات الحياة ، ورفض لمراجعة الرؤى والمناهج والأفكار ، وينبئ بأننا نخطو نحو النهاية .
فحاذر أن تصل إلى مرحلة التخشب وأنت لا تدري !!. | |
| |