الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات الــــتــــربـــــويــــة الــــعــــــامــــة > منتدى المكتبة التربوية العامة > المواضيع التربوية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2014-03-16, 08:59 رقم المشاركة : 26
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


دورالتواصل في تدبير العمل التربوي ( أنشطة النيابات والإدارات التربوية نموذجا )
بقلم د محمد بن العياشيإذا كان مطلب الجودة في تدبير الشؤون التربوية والتكوينية يعد ثمرة رؤية عقلية وإنسانية استشرافية لهذا القطاع، فإن الوصول إليه صار رهينا بتحقيق مبدأ التواصل بمفهومه الشامل، الذي يعني القدرة على نسج جملة من الوشائج والجسور والروابط والصلات فيما بين المتدخلين، على سبيل التعايش والتفاهم ، والذي نلمس أقرب مظاهره في تبادل مشاعر التوقير والاحترام، ومعاني المحبة والقرب ، والتعاون بين الإدارة التربوية وسائر المتدخلين على إنجاز المهام والأهداف والبرامج ؛ وذلك باعتبار أن الإدارة فضلا عن أنها تنظيم وتدبير وتوجيه وتنسيق وتخطيط ، فهي أيضا خدمة للآخر، وتلبية لاحتياجاته، وإسعافا له على قضاء مآربه، طبقا لمفهوم النفع العام.حيث أضحى من المتعذر اليوم، أن تستمر إدارة ما، لوحدها، في تدبير مهامها واختصاصاتها، على أرضية هشة، من التفرد بالقرار، وعدم الإشراك، والمعالجة الجزئية المغلقة، والاكتفاء بالأمر بالتنفيذ القسري للتعليمات، التي لا تفضي غالبا سوى إلى الهدر، والنمطية، وضعف المردودية، واحتكار الحقيقة، وما يصحبها من توتر، وسلبية ، واحترام مفتعل بين مختلف الفاعلين.
وحري بالذكر أن هذا النوع التقليدي من التدبير، أصبح يتوارى أمام منطق التطور، وأساليب التداول والتواصل الجديدة ،التي أضحت عنوانا للتدبير الإداري الرصين، وشكلا فعالا من أشكال الجودة والانفتاح الحضاري، وبخاصة في الميدان التربوي، الذي يبدأ التواصل فيه عادة من حيث ينتهي الاضطراب والقلق وعمليات التدليس والتلبيس...؛ لأنه إذا أمن الإنسان- متعلما كان أو معلما أو إداريا- من الرعب و القسر ، تحررت في نفسه- كمايرى علماء النفس- دوافع التطلع وعوامل الإبداع والابتكار، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية ، تستنهضه للانفتاح على الحياة، و العطاء والبناء. بدلا من الانغلاق على النفس، والميل إلى السلبية والانطواء، و العدائية الناتجة عن الحقد والحسد ، والصراعات والكراهية الشخصية والفئوية.
وفي هذا السياق ، يندرج هذا المقال الذي يتغيى تحقيق جملة أهداف تقوم أساسا على تصحيح العلاقات وأنسنتها ، واعتماد ثقافة التواصل ومحبة الآخر، ومبدأ التفاوض، لتوفير أجواء التواصل السليم، بين مختلف الفاعلين( فرقاء وشركاء) ؛ وذلك بقصد المساهمة في تجديد أساليب الإدارة، وتفعيل العمل الجماعي، للارتقاء بجودة الفعل الإداري و التربوي، في مختلف مظاهره ورهاناته.
إن اقتراحي لطرح موضوع التواصل في رحاب النيابات التعليمية والإدارات التربوية جاء بعد خبرة ميدانية لما يزيد عن ست وعشرين سنة من العمل ، لاحظت من خلالها أن النيابة أو الإدارة هي أقرب خلية إقليمية أومحلية إلى الفاعلين التربويين أو المتدخلين بصفة عامة... ، كما أن الاقتراح يأتي في ظرفية خاصة تتميز بعدد من الرهانات التي تعرفها البلاد في زمن التواصل، والتي لا يمكن كسبها بالتطاحن والصراعات الشخصية الماكرة أوالخلافات السياسية السطحية ، وإنما بتحصين الفعل التربوي ، وبالقدرة على التواصل والتعاون، والتشارك والمحبة ؛ محبة الله والوطن والمواطنين، ومحبة بعضنا البعض ، وبخاصة في مجال مصيري ؛ كالتربية والتكوين، الذي يعد أحد المشاريع الاستراتيجية الكبرى للتنمية البشرية المنشودة ، و الذي يقتضي من جميع المتدخلين التربويين ، وبخاصة الإمكان البشري لنواب الوزارة وإداراتها التربوية، التعبئة والانخراط الحازم لبلوغ هذا الرهان ؛ وقيادة سفينة التربية والتعليم على هدي من التواصل والمحبة، ووحدة الصف، واعتماد اختيارات تربوية جديدة تقطع مع أساليب التوصيل، والقسر، والحقد والبهتان وكل الممارسات المعيقة للمغرب الممكن والمأمول.
إن مجال التواصل المبني على محبة الآخر والسعي إلى خدمته لم يحظ بما يستحقه من تفعيل لدوره ، وعناية بمكانته إلا حديثا ، حيث اشتدت الحاجة إليه وازدادت أهمية الوعي به ،- وبخاصة بعد سنوات تاريخية من القهر والتسلط وهدر الفرص-؛ مما حفز عددا من حملة الأقلام ، وذوي الغيرة والروح المواطنة للدفاع عن مشروعيته، وتحفيز الهمم لاكتشاف قارته،والاستفادة من درره وذخائره ، من خلال تكثيف الندوات واللقاءات والمقالات المعرفة بأهمية ثقافة التواصل ودوره في بناء الشخصية السوية للمعلمين والمتعلمين على السواء. .
وغني عن البيان أن المسؤوليات المسندة للسادة النواب والمدبرين وأعوانهم في هذا الحقل التربوي كانت وستظل أوراشا تواصلية واستراتيجية مفتوحة المدى والأفق ، رغم اختلاف الظروف والأحوال والمتغيرات .وإن كان الذي يتغيرحقا أو ينبغي أن يتغير في نظري المتواضع هو أسلوب أدائها، وظروف مزاولتها؛ حيث أصبح الانفتاح والتواصل اليوم ،-من خلال التدبير التشاركي والشراكي- مطالب جوهرية ، وهو الأمر الذي يفرض على أي مسئول التسلح بروح المحبة والتواصل، والمبادرة الذاتية، وفضيلة العمل الجماعي، وثقافة المسئولية والمواطنة، لبلوغ الهدف المنشود. خاصة وأن جل اختصاصات منصب السادة النواب والمدبرين وأعوانهم لها علاقة وثيقة بالعمل الجماعي، سواء من خارج العملية التربوية، أو من داخلها ، والتي تقتضي بالضرورة القدرة على تمرير التوجيهات مع التسامح في قبول الاختلاف .
ومن مظاهر المسؤوليات التربوية التي تجعل النيابة التعليمية أو الإدارة التربوية منخرطة في أنشطة تواصلية مستمرة نذكر ما يأتي:
* تنظيم جل الأنشطة الإدارية والتربوية وتتبع أعمالهاواستثمار التقاريربشأنها.
* تطوير عمليات التوجيه والإعلام المدرسي بما يسهم في تصحيح توجهات التلاميذ نحو الأهداف الإصلاحية الجديدة (التوجه العلمي والإعلاميائي والمهني ودراسة اللغات).
*تنظيم التعليم الأولي والارتقاء بالتعليم الخصوصي(قطاع خاص أساسا) ، والعمل على إشراك الفاعلين ، وحفزهم وإقناعهم بفضيلة الاهتمام بمنطق الفائدة التربوية أولا.
*السهر على تنفيذ برامج التربية غير النظامية ومحو الأمية من خلال تفعيل اللجان المختصة بها
* تنظيم الفضاءات المكانية والزمانية للمؤسسات العمومية والخصوصية وبخاصة موضوع الدعم البيداغوجي والأنشطة الموازية.
* دعم عمليات محاربة الهدر و تعميم التمدرس بالعالم القروي وبخاصة تعليم الفتاة ؛ مما يقتضي استحضار روح التواصل والتشارك على مستوى الإقليم ، والإسهام في دراسة مشاريع اتفاقيات الشراكة مع مختلف الفاعلين( قطاعات حكومية ، سلطات ، جماعات ، وجمعيات...
*المساهمة في تطوير الامتحانات التي تفرض التواصل مع السادة المؤطرين والمدرسين لتقويم نجاعة الفروض والمحكات اللازمة لقياس المردودية في ضوء معايير التقويم الإديومتري والسيكومتري....
* التكوين الأساسي والتكوين المستمر. وما يقتضيه من تأطيروتحفيز، وحسن معاملة وترحيب بالأطر المكونة (المبيت ، الإطعام..)...
وغير ذلك من المحاور الأخرى ... و المتناغمة مع مقتضيات القرارات الجديدة المنظمة للأكاديميات والنيابات و مع مهام التدبير التربوي الجديد، والتي تقتضي جميعها استحضار روح المحبة والتواصل التشاركي والشراكي لتدبير أوراشها وتنشيط مساراتها التربوية والتنموية.
فالتواصل بهذا المعنى الحميمي والتنموي يجعلنا في عمق المشروع الوطني ، الذي يستهدف أساسا التنمية البشرية وتقديم الخدمة العمومية وترشيد الإمكانات ، وحسن تدبيرها على الوجه الأمثل، سواء تعلق الأمر بالنظام الدراسي، أو بالفضاءات، والتجهيزات، أو الوسائل التعليمية، أو الزمن التربوي، أو أنشطة التدبير والتأطير المختلفة التي تتغيى جميعها الرفع من جودة المدرسة أو- ما أصبح يعرف بمدرسة النجاح- وتخصيب جاذبيتها، و تحسين مردودية النظام التربوي، و خدمات القطاع (محتوى وبرامج ومناهج ...) وتحفيز الموارد البشرية ...
ومن المؤكد أن أساليب التتبع، والتنسيق، والعمل الجماعي، والتشاور، والتواصل وتبادل مشاعرالمحبة بين مختلف الأطراف وتعاونهم(مدبرين، أساتذة ، مؤطرين، آباء وأولياء التلاميذ، مجتمع مدني، سلطات، مواطنين) هو الكفيل بضمان تدبير جيد لأنشطة الإدارة التربوية والتنموية، والذي من شأنه أن يشكل خارطة طريق، وهاجس فعل تواصلي أساسي في تدبير العمل التربوي وإنجاح الجهود المبذولة فيه ، وإن الفشل في هذا المسار هو فشل جماعي ولا يمكن بأي حال أن ننسبه لقطاع التعليم أو المسؤولين عنه فقط..
وفي الأخير أدعوكم أن تتذكروا دائما أن التواصل هو المحبة فالمحبة ثم المحبة، محبة الغير والسعي إلى خدمته وإسعاده، ونعتقد أن أهلنا وشعبنا يستحق منا ذلك





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 09:02 رقم المشاركة : 27
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية






تنشيط القسم وفق بيداغوجيا المجموعات
الأستاذ رياض الجوادي متفقد المدارس الإعدادية والمعاهد

العمل في القسم وفق بيداغوجيا المجموعات تقنية من التقنيات التي أصبحت ملحّة على العمليات التربوية في هذ العقود الأخيرة خاصة بعد ولادة مفاهيم مثل "التفاعل الاجتماعي المعرفي" أو "حيوية المجموعات"، وزادها تأكيدا متطلبات "البيداغوجيا الفارقية" عندما أعلنت عن الحاجة إلى "مجموعات دعم" ما كان منها خاصا بالقسم الواحد وما كان عابرا للأقسام..

1/ ماذا يعني العمل في مجموعات؟

- القيم الأساسية للطرق الحديثة (الطرق النشيطة):
oإثارة الاهتمام التلقائي لدى التلاميذ، حتّى تتوفّر الدافعية في كلّ النشاط
oاحترام حرية الابتكار والمبادرة لدى التلاميذ
oإيلاء العناصر النفسية والاجتماعية في تطور الأشخاص ما تستحقّ من الاعتبار
وفي إطار هذه القيم يتنزّل الحديث عن بيداغوجيا المجموعات.
- يُقصد بـ"بيداغوجيا المجموعات" تلك التي تتعلّق بمجموعات تلاميذ لا تصل إلى حدّ تكوين قسم بالمعنى العاديّ للكلمة. وتنبثق هذه المجموعات سواء عن طريق تقسيم القسم إلى عدد من الأجزاء الصغرى، أو عن طريق ضمّ تلاميذَ لا ينتمون عادة إلى نفس القسم.
وتقتضي بيداغوجيا "المجموعات" وضع التلاميذ في "وضعيات" بناء ذاتي للمعرفة، وذلك بجعله نشطا وفاعلا خلال عملية التعلّم. وبتعبير آخر، فهي محاولة للانطلاق من "حقيقة" التلميذ وواقعه، بما يستوجبه من توفير جملة من الآليات كـ"الوضعيات المشكلة" و"مقاطع التعلّم" التي تكفل تنوّعا في الإجابات تناسب الفروق الكثيرة بين التلاميذ.
- عمل التلاميذ في مجموعات يعني حسب "فيليب ماريو" وضع التلاميذ في وضعية تعلم جماعيّ، لأن التعلّم ليس مجرّد تلقّ للمعلومة (10% فقط يتعلمون جيّدا بمجرّد الإنصات) ولكنّه كذلك، وأهم من ذلك معالجة تلك المعلومة لامتلاكها.
- بيّنت الدّراسات أنّه عندما تتوفّر في مجموعتين نفس الشّروط بحيث لا تختلفان إلاّ في طريقة العمل، فإن الأطفال الذين يشتغلون جماعيا يحققون تقدما أكبر من الذي يحققه المشتغلون فُرادى. وليس سبب ذلك هو اقتداء بعضهم ببعض، بل إنّ الاختلاف في وجهات النّظر يجبر الأفراد على إعادة تنظيم مقارباتهم المعرفية، وبذلك تنتج حركية العمل الجماعيّ تقدّما معرفيّا فرديّا.[1]فالمسألة وفق هذا الطّرح تأخذ "طبيعة اجتماعية في المقام الأول"[2]، لأنّ كلّ واحد سيحاول إثبات وجهة نظره أمام الآخر ومن هنا جاءت عبارة "الصّراع الاجتماعي المعرفي" (Conflit socio-cognitif). وتستمدّ هذه المواقف والمقولات روحها من تيارين أساسيّن:
oنموذج "بياجيه" (Piaget) الذي يرى بأن عملية بناء الذكاء تفترض نوعا من فقدان التوازن التّكيّفي: لأنّه عندما تستعصي علينا الحقائق نكون في حاجة إلى مراجعة كيفيّاتنا في التفكير والفعل.
oعديد البحوث والدراسات التجريببية التي أنجزت أواخر الخمسينات في رحاب علم النفس الاجتماعي لاكتشاف دور الصراع الاجتماعي في تكوين الحكم الفردي. والتي تدعّمت بكتابات النفسانيّ الرّوسيّ "Lev S. Vygotsky" والتي لم يقع ترجمتها إلى الأنجليزية إلا في نهاية السبعينات، وفي بعضها يقول: "في تصوّرنا، الاتجاه الحقيقيّ للتفكير، لا يمشي من الفردي إلى الجماعي، وإنما من الجماعي إلى الفردي".
ومن أهمّ الكتب التي سعت إلى نشر هذا المفهوم "La construction de l'intelligence dans l'interaction sociale"[3]
- "المجموعة" فضاء لتعويد التلاميذ على اتخاذ القرار، وبالتالي فهي فضاء لتحمّل المسؤولية وللتّرشّد الذاتي. وتوفر المجموعةُ الآليةَ التي تنخرط فيها جهود الجميع للبحث والإبداع والابتكار، وبذلك تصبح "منظومة" قادرة على تفعيل القدرات الكامنة وعلى تعديلها في آن.

2/ لمـــاذا العمل في مجموعـــــــــات؟

لتجاوز جملة من المعوّقات مثل:
- انحباس التواصل: حيث تعين تقنيات العمل في مجموعات كلّ تلميذ على التعبير عن رأيه عن طريق شخص آخر، إلى أن يتعوّد بتدرج على الاندماج في المجموعة وأخذ زمام المبادرة.
- الضعف في التفاعل الاجتماعي: فتقنيات العمل في مجموعات توفّر فضاء "تفاعل" اجتماعيّ متنوّع يعلّم التلاميذ مع الأيّام كيف يتصرّفون شيئا فشيئا في نزاعاتهم "conflits" التي تجمع "التدافع" مع "الشّدة" مع اللعب مع علاقات "السيطرة/الاستسلام" مع القيادة.
- اهتزاز الثقة بالنفس: حيث يجد كلّ تلميذ نفسه مضطرّا في بعض المواقف إلى أن يشرح بعض "التعلّمات" إلى بعض زملائه أو إلى أن يعبّر عنها، مما يعيد له الثقة في إمكانياته.
- فقدان الدّافعية والرّغبة: فتقنيات العمل في مجموعات توفر وضعيات "حيوية" "dynamiques" تسمح بالحركة والتحدّث بين الزملاء، وتنظيم الطاولات بطريقة مغايرة، بأخذ المبادرات والقرارات، ولعب الأدوار، وتوزيع المهامّ.. وهذه الحيوية من شأنها أن تقنع التلاميذ بأنهم الفاعلون الحقيقيون في تعلّمهم، فتتولد لديهم الرّغبة في التعلّم.
3/ ما هي المكوّنات الأساسية للنّشاط وفق بيداغوجيا المجموعات؟
- المطلوب الواضح: ولذلك ينبغي التّأكّد من أنّه قد فُهم من الجميع، ويحسن تسجيله بما يجعله في متناول كلّ طرف.
- الابتداء بمرحلة تفكّر فرديّة: تدوم ما بين دقيقة أو خمس دقائق يستجمع فيها كلّ تلميذ أفكاره وموارده حول القضيّة المطروحة، ويسجلها في ورقة، ليُدمجها بعد ذلك مع مجلوبات زملائه في إطار المجموعة.
- اشتراط أثر مكتوب: يصلح للتلاميذ حتّى يراجعوا عملهم، وللأستاذ حتّى يتابع سير نشاطهم، إلا إذا كانت أهداف النشاط تقتضي عكس ذلك: في حالات العمل على الذّاكرة مثلا أو اختبار القدرة على المبادهة أو الارتجال..
- توزيع الوقت على مراحل إنجاز العمل: فالدراسات في هذا المجال تؤكّد أنه كلّما كانت مدّة "المهمّة" محدّدة وقصيرة كلّما كان الإنتاج أفضل. بالإضافة إلى أنّ التلاميذ يستحسنون هذا التوقيت المنضبط، ويعيشونه كتحدّ.
- إنجاز تحليل جماعيّ لنتائج كلّ مجموعة: وذلك من خلال:
o تعليق النتائج
o إصلاحها عبر التفاعل المتواصل مع التلاميذ
oتطعيمها بمعطيات إضافيّة مكمّلة
oإثراؤها بمعطيات جديدة، كالقاعدة التي تنظم كلّ النتائج التي توصّل إليها التلاميذ..
وهذه الطريقة في التحليل من شأنها أن تساهم في بناء شخصية التلاميذ لأسباب ثلاثة على الأقلّ:
*تعطي للقسم صورة واضحة عن إمكانياته
*تمكّن من إعادة تنظيم المعارف التي وُلدت في أحضان المجموعة
*تضمن الأثر الذي يسعى إلى إحداثه النشاط في مجموعه
- التّكليف بعمل فردي للمواصلة: يكون في شكل تمارين أو درس إضافي، أو بحث، أو تحرير... تدعّم التعلّم المحَصَّل في القسم وتثريه.
4/ متــى يمكن اللجوء إلى "المجموعات"؟

*في بداية الحصة:
- لإثارة قسم
- تيسيرا للتواصل وذلك لوجود معوّق أو صراع ينبغي تنظيمه
- لجمع معلومات ضرورية للانطلاق في الدّرس
- لإيقاظ الفضول والدّافعيّة، وصنع الجاهزية للدخول في تعلّم جديد يكتشفونه بأنفسهم
*وسط الحصة:
- لتطبيق ما نظّر له
- لتعديل مسار الدّرس حسب درجة الفهم
- لتبين ما يحتاج إلى معالجة
*نهاية الحصّة:
وذلك لإطلاق نشاط ذاتي يستكمله التلميذ في فضاءات أخرى غير القسم: كالنّادي أو البيت أو المكتبة أو المخبر.. ولا مانع من أن يكون هذا العمل مع كبار آخرين مسؤولين عن مجموعات..
5/ نماذج من تقنيات المجموعات:

هناك أكثر من تقنية لتنشيط المجموعات لا يمكن استيفاؤها في مثل هذا الموجز، ولكن سنقتصر هنا على بعضها الذي كثر استعماله وظهرت نجاعته:
- تقنية 1 .2 .4 .8 .16
§ يقدّم المطلوب لكامل القسم
§ تدوم فترة التفكّر الذاتي خمس دقائق
§ اشتراط الأثر المكتوب، لأنها تقنية قائمة على البناء المتدرّج للتّعلّم
§ توقيت مراحل الإنجاز:
· ينصرف التلاميذ بعد ذلك إلى العمل اثنين اثنين: كلّ مع جاره، مع ضرورة تأليف إجابتيهما في ثماني دقائق
· يمرّون بعد ذلك إلى مجموعة رُباعيّة أين يؤلفون الإجابتين السابقتين في عشر دقائق
· ثمّ يمرّون إلى مجموعة ثُمانية بنفس المطلوب مدّة خمس عشرة دقيقة
§ ينجز التأليف الجماعي بأن يُطلب من كلّ مجموعة (رباعيّة أو ثمانيّة حسب الوقت الذي اختار الأستاذ أن يوقف فيه العملية) أن تسجّل إنجازها النهائي على السبّورة. ولأن هذه المرحلة قد تكون طويلة فمن الأفضل أن توزّع أوراق كبيرة (أو أوراق شفافة عند توفر عارضها) على المجموعات النهائية لتسجيل الحصيلة الأخيرة لعملهم بطريقة واضحة. وتدوم عملية التأليف الجماعية هذه عشر دقائق.
§ يطلب من التلاميذ تسجيل التأليف الذي أصلحه الأستاذ وأثراه، ليكون بمثابة عمل فردي تدعيمي.
- التقنية الكلاسيكية لتجميع التلاميذ في ثلاثة أو أربعة أفراد:
§ ينتظم التلاميذ في مجموعات ثلاثية أو رباعيّة باختيار شخصي، أو بإملاء من الأستاذ (يعتمد على مواصفات التفريق التي اختارها بناء على التشخيص الأولي)
§ يوزّع الأستاذ على كلّ مجموعة وثائق مختلفة، حتّى وإن تعلقت بنفس الأهداف، ويطلب منهم تقريرا حول أعمالهم ليُعتمد في التأليف النهائي الجماعي.
§ تعمل كلّ مجموعة ما بين 10 إلى 20 دقيقة حسب دقّة التعلّم، ثم تعرض عملها على القسم في دقيقتين أو ثلاث.
§ ينجز الأستاذ في عشر دقائق التأليف بين مختلف التقارير، مع إثرائها بمعطيات مكملة أو جديدة..
- تقنية الرّسول:
§ يجتمع التلاميذ في مجموعات ذات 4 أو 5 أفراد لإنجاز التعلّم المطلوب مدّة 10 أو 15 دقيقة، بعد أن تكون كلّ مجموعة قد اختارت "رسولا" يمثّلها
§ يطوف الرسل في نهاية الوقت المخصّص على كلّ مجموعة لإفادتهم بما أنجزوه، وذلك بحساب دقيقتين لكلّ رسالة.
§ يسجّلون ما نقلوه على السبورة لإعلام الرسل الآخرين وإعلام الأستاذ الذي سيستثمر بدوره هذا المسجّل في مداخلته
- تقنية "فيليبس 6.6 Philips"
§ "فيليبس" هو اسم مبتكر هذه التقنية، و6.6 تعني 6 مشاركين مدّة 6 دقائق
§ يجتمع التلاميذ وفق مجموعات سداسية تختار "منشطا" و"مقررا" و"ناطقا"
§ دور "المنشط" أن يحاور كلّ عضو (بما في ذلك نفسه) مدّة دقيقة حول الموضوع المطروح، بما يجعل الوقت الجمليّ 6 دقائق.
§ يسجّل المقرر ما يدور في كلّ حوار مع اجتناب المعلومات المتكررة، والأفضل أن يكون التسجيل على ورقة كبيرة وبخط واضح حتّى يعرض العمل على كامل القسم.
§ عندما تنتهي المحاورات، يعيد أعضاء الفرق قراءة التقارير ومناقشتها وتنقيحها مدّة خمس دقائق.
§ دور "الناطق" أن يعلّق تقرير مجموعته وأن يقرأه على القسم
- تقنية المحادثــة:
§ يختار كلّ تلميذ أحد الرقمين 1 أو 2 ليتسمّى به داخل مجموعة ثنائية
§ كلّ حامل رقم 1 يسأل زميله الحامل رقم 2 مدة دقيقة، ثم تتبادل الأدوار
§ يعرض كلّ تلميذ نتيجة حواره أمام كامل القسم
§ تدخل الأستاذ يكون مساوقا للعروض، مع تسجيل المعطيات التي يراها ضرورية لعمليّة التأليف
- تقنية العيّنــة:
§ يقسّم التلاميذ إلى مجموعتين:
· مجموعة "العينة"، التي تجلس في شكل نصف دائرة قبالة القسم، وتمثل ربع عدد التلاميذ الإجمالي، وهي التي تتولّى مناقشة الموضوع المطروح
· مجموعة المشاهدين الذين يتمثل دورهم في الإنصات إلى المناقشة التي يديرها زملاؤهم، ويطرحون عليهم الأسئلة
§ تجري هذه التقنية على النّحو التالي:
· الخطوة الأولى: تكلّف "العينة" بمناقشة الموضوع المطروح مدّة 10 دقائق. ويمكن للأستاذ أن يتدخّل لإثارة النقاش عبر معطيات تكميلية أو جديدة. بينما يسمع فريق المشاهدين في صمت ويقتصرون على تسجيل أسئلتهم على أوراق
· الخطوة الثانية: تَكُفّ "العيِّنة" عن الحديث وتأخذ في تقبّل الأسئلة (ينهض تلميذ منشط بالعملية)، ثمّ تتولى الإجابة مدة 10 دقائق. وكلما عجزت "العَيِّنَةُ" عن الإجابة يتدخل الأستاذ.
· الخطوة الثالثة: صياغة تأليفية جماعية يشرف عليها الأستاذ.
§ تقنية "العَيِّنَة" هذه مجدية جدا في تعليم التلاميذ أن ينصتوا إلى بعضهم البعض، وأن يتحكموا في وقت تدخلاتهم، وأن يستدلوا على أفكارهم..
- تقنية زوبعة العقل:
§ هي تقنية هامّة لإثارة الخيال والابتكار ولذة الاكتشاف، ولتنشيط الذاكرة
§ المطلوب هو التعبير عن كلّ ما يخامر الذهن مما يتعلّق بالموضوع المطروح
§ يسجّل الأستاذ هذه التعبيرات على السبورة مذكرا بين الفينة والأخرى بالموضوع
§ بمعونة التلاميذ يَنْظُم الأستاذ المعطيات المحصَّلة في محاور مختلفة مستعملا وسائل شتى كالألوان..





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 09:07 رقم المشاركة : 28
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


عوائق التواصل البيداغوجي

كاتب المقالة: الأستاذ عبد الجليل الميساوي متفقد أول للتعليم الثانوي

تعريف :
العوائق جمع عائق، وهو ما يعوق الفكر أو الإدارة من شواغل داخلية أو موانع خارجية تمنع تحقيق الهدف أو تحول دون اكتماله.
شروط وضمانات
إذا كان هذا هو تعريف العائق بصورة عامة : البيداغوجي منه وغير البيداغوجي، فإنّ تساؤلات كثيرة تبقى مطروحة لا يجاب عنها بمجرد التعريف، فكيف نستطيع اكتشاف العوائق والصعوبات المانعة من التواصل البيداغوجي ؟ وكيف نتفهم طبيعتها ونتعرف أنواعها ؟ وما هي الضمانات الكفيلة بحماية نشاطنا التربوي من تأثيراتها ونتائجها ؟
تقويم التواصل :
أولى الخطوات التي ينبغي قطعها في طريق اكتشاف عوائق التواصل البيداغوجي تتمثل في تقويم التواصل وهو غير تقويم عمل التلميذ إذ هو عبارة عن جملة من المتابعات الحينية والملاحظات الفورية اليقظة، تتناول كل فرد من أفراد جماعة المتلقين أو المتعلمين في استقلال عن غيره، لاختبار مدى استجابته، بينما يبقى تقويم عمل التلميذ نشاطا تقويميا لاحقا يهتم بقيس مكتسبات المتعلمين فرادي أو مجتمعين، وتحديد نوعية التغيرات الوجدانية أو المهارية الحاصلة لكل منهم :
ويتحقق اختبار الاستجابة من خلال مراقبة مظاهر أربعة :
1) ما يصدر عن الملتقى من أقوال وأفعال، ومهارات يتعامل بها مع الرسالة البيداغوجية الموجهة إليه
2) نوعية إجاباته عن الأسئلة الموجهة إليه حول فهم محتوى الرسالة أو تحديد مكوناتها.
3) ما يطرحه المتلقي تساؤلات وما يثيره من إشكاليات ذات علاقة بمضمون الرسالة
4) ما يتخذه المتلقي من مواقف ومبادرات وردود فعل تجاه الباث أو تجاه الرسالة
ولا مناص للمربي اليوم من استخدام هذه الوسائل الأربع مجتمعة أو متعاقبة في الحصة الواحدة، ولا يمكنه الاكتفاء ببعضها عن البعض الآخر لما يكتنف سلوك المتعلمين من تظاهر وادعاء. فقد يظهر المتلقي الانتباه وهو غير منتبه، وقد يحاول تأكيد فهمه مضمون الرسالة وإدراكه مكوناته، والحال أنه غير فاهم، إلى غير ذلك من ضروب المغالطة التي يعرفها المربون من تلاميذهم.
لذلك كان استخدام هذه الوسائل الأربع ضروريا متأكدا، حتى إذا أفلت المتلقي من رقابة بعض الوسائل أو غالطها لم يفلت من رقابة البعض الآخر.
وبكثير من الإجمال والاختزال فإن المربي الذي يسيء استخدام هذه الوسائل أو يكتفي ببعضها عن البعض الأخر تقويم نوعية التواصل البيداغوجي الحاصل بينه وبين تلاميذه، ومن ثم يستحيل عليه تعرف الصعوبات واكتشاف العوائق التي منعته من تحقيق التواصل المطلوب، أو قلّلت من جدواه وقلّصت من نتائجه.
ولابدّ من الإشارة إلى ما يتطلبه تقويم التواصل البيداغوجي من المدرس من يقظة ذهنية ومن حيوية ونشاط، وحركة في المجال البيداغوجي، واقتراب من هذا التلميذ تارة ومن ذاك تارة أخرى، ومن إقبال على هذا حينا وعلى ذاك حينا آخر، بحيث لا يستقيم اختبار الاستجابة لمدرس خيّر الجلوس على الكرسي أو على حافة مكتبه، ولا لمدرّس يلازم وضعا واحدا في الفصل لا يغيّره أو يلازم السبورة لا يغادرها، ولا يستقيم تقويم التواصل لمدرّس دفن وجهه في الكتاب المدرسي أو في الوثيقة المنهجية أو في مذكرّة إعداد الدرس فهو يتجول بها في الفصل ولا يستطيع أن يتكلم إلا منها.
فهم طبيعة التواصل :
قد يكون الخلط بين أنواع التواصل البيداغوجي، والاكتفاء بأدناها على أعلاها واحدا من أقوى عوائق التواصل، لذلك لا بد للمربي الناجح من استيعاب صنافات التواصل وتعرف الأنواع المكونة لكل صنافة من تلك الصنافات حتى لا ينخدع بما يشبه التواصل فيعتبره تواصلا، ويكتفي به، ونكتفي من ذلك بالصنافتين التاليين :
1) تصنيف أول يصنف التواصل حسب العلاقة التي يقيمها أو يقوم عليها بين الباث والمتقي، إلى ثلاثة أنواع :
1-1 : تواصل عمودي هو قوام التربية التقليدية، وهو نوع من التواصل لم يعد مستساغا في غير خطب الجمعة ونشرات الأخبار، ولكنه مع ذلك لا يمكن الاستغناء عنه نهائيا في التربية الحديثة فهو مفتاح لابد منه للمرور إلى ما بعده، يحتاجه المربون في جميع الاختصاصات اللسانية والفكرية والاجتماعية والعلمية على السواء، لإعداد الوضعيات التطبيقية ولتوفير منطلقات الدخول في الدرس، ونحتاج إليه لفتح النوافذ اللازمة لفهم النص أو استقراء الوثائق والبدائل التشخيصية. وعلى العموم فإن التواصل البيداغوجي الناجح هو الذي تتداخل فيه الأنواع الثلاثة بوعي ومهارة، فلا سبيل إلى الدخول في تواصل أفقي سليم ولا إلى الدخول في تواصل مفتوح متنوع الاتجاهات دون المرور لمرحلة التواصل العمودي الذي لا يجوز أن يأخذ أكثر من لحظات موزعة بإحكام على أجزاء الحصة وخطوات الدرس توجه مسار الدرس، ولا تتحكم في بناء مضامينه.
1-2 :تواصل أفقي هو قوام الطريقة الاستجوابية يتحقق بين المدرس من ناحية وبين أفراد المتلقين من ناحية أخرى بحيث يعمل الأستاذ على توزيع لحظات التواصل بينه وبين أكبر عدد ممكن من تلاميذه، ولكنه يبقى دائما هو السائل ليضل التلميذ طوال الحصة هو المجيب. غير أنه يتحتم التنبيه إلى بعض المحاذير التي تكتنف هذا النوع من التواصل، فرغم قيمة الاستجواب بيداغوجيا فإنه قد يتحول إلى نوع من التواصل العمودي، والتلقين المقنّع، وذلك حين يكتفي المدرس لسؤاله بإجابة واحدة يتصرف فيها ليكتب على السبورة عدة جمل أو عدة أسطر.
لذلك ولكي يكون الاستجواب أداة لتواصل أفقي حقيقي لابد من أن يحرص الأستاذ على توفير الشروط والضمانات التالية لبعث الحيوية في الدرس :
أ.تفكيك المعاني وعدم الاكتفاء بالاطلاقات والعموميات والعبارات الفضفاضة والمعاني الرجراجة
ب.تجزئة الأسئلة وضمان ترابطها وفق تدرج منطقي معقول
ج.الإصغاء إلى التلاميذ وحملهم على تنويع الإجابات واستخراج ما لديهم من أفكار وتصورات
د.عدم الاكتفاء بالاجابة الواحدة ولو كانت صائبة
هـ.الحرص على تغليب المعلومة الشفوية على المعلومة الكتابية حتى لا يثقل كاهل تلاميذه بكثرة النقل والكتابة فيعوقهم عن النشاط الذهني وعن المشاركة الفاعلة وممارسة التواصل الحقيقي
1-3 : تواصل مفتوح متنوع الاتجاهات هو قوام الطرق النشيطة القائمة على الملاحظة الحية والتجربة المباشرة والممارسة الشخصية. و يكون فيه المدرس مجرد عنصر من عناصر المجموعة يساعد ويوجه ولا يفرض شيئا من عنده، ولا يقدم حلولا جاهزة من صنعه أو من صنع غيره.
هذا النوع من التواصل المفتوح يتمتع بالأولوية المطلقة في الدروس ذات الصبغة التجريبية والمرتبطة بملاحظة ظواهر واقعية : طبيعية كانت أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، لكنه لا يمكن أن يتمتع بنفس الأولوية في الدروس ذات الصبغة النظرية التجريدية ولا في الدروس المتعلقة بالمغيبات سواء في ذلك معالجة أحداث الماضي أو الخوض في الماورائيات أو التعامل مع القيم والأحكام غير المرئية.
على هذا فإذا أخفق المربي أو أخطأ، فوضع أي نوع من أنواع التواصل في غير إطاره البيداغوجي، أو حاول القفز على ما لابدّ من المرور به، فإنه يخلق لنفسه ولتلاميذه صعوبات إضافية، ويتسبب في ظهور عوائق تمنع التواصل، بدل أن يوفّر الظروف المساعدة عليه، ومن هذا القبيل محاولة إقامة دروس السيطرة على سير الدرس، ويستحيل التحكم في الوقت، إذ ليس هناك حدود مادية أو ضوابط واقعية مشاهدة يتقيد بها التلاميذ في تساؤلاتهم، لذلك فإن طبيعة القضايا التي تعالجها المادة تحتم الاكتفاء بالاستجواب واعتماد التواصل الأفقي الذي يقوده المدرس ويوجهه بأسئلته ثم لا مانع بعد ذلك من إتاحة الفرصة للتساؤل والنقد والمناقشة وإثارة بعض الإشكاليات وفي ذلك كفاية لتحقيق الإضافة النوعية دون حياد عن المسار الطبيعي للدرس، ودون خروج عن الموضوع.
2) تصنيف ثان يصنف التواصل البيداغوجي على أساس طبيعته إلى ثلاثة أنواع أيضا :
2-1 : تواصل عرضي طارئ يحدث نتيجة بعض الأفكار العابرة أو المعلومات
والمواقف العارضة بصورة عفوية مفاجئة لم يقصدها المدرس ولم يخطط لإثارتها أثناء إعداد الدرس والقيام بعملية النقل البيداغوجي. وربما لم يكن ينتظرها ولم يتوقعها، ومن ذلك جر التلاميذ الأستاذ للخوض في مسائل وقضايا هامشية ذات صلة ببعض أفكار الدرس تغريهم بالحديث فيها ومناقشتها ويعتبرونها من المسائل الحيوية.
2-2 : تواصل انطباعي يعبر فيه الباث عن انطباعات ذاتية تتصل بشخصه أو تتعلق ببعض تلاميذه أو كلهم، تكون غايته منها استثارة هممهم أو لومهم أو تهديدهم، أو يسعى من خلالها لتحديد موقفه الشخصي من بعض الأفكار والقيم المتعلقة بالدرس.
وهذا النوع من التواصل الانطباعي ما يزال له حضور مكثف في دروس التربية والتفكير الإسلامي حيث ما يزال الأستاذ يتبنى المواقف والأفكار أو يناهضها، ولا يقف موقف المحلل المحايد، ليمكن تلاميذه من تحديد مواقفهم بتلقائية واختيار حر، وليساعدهم على تحقيق التنوع الفكري.
2-3 : تواصل مقصود مخطط له مسبقا محدد الأهداف واضح التصور لتأثير المراد إحداثه في ذهن المتلقي أو في نفسه، أو في خبرته وقدراته المهارية، وهو التواصل البيداغوجي الفاعل المعني في هذا البحث.
النظام العلامي للتواصل :
كذلك تتوقف سلامة تقويم التواصل واكتشاف الصعوبات والعوائق التي تعترض سبيله على جملة المبادئ التالية :
1- اقتناع المربي بأن اللغة ليست النظام العلامي الوحيد للتواصل، وليست الأداة الأفضل دائما.
2- مدى حرصه، ومدى قدرته على استخدام الوسائل والعلامات غير اللغوية.
3- مدى توفّقه في ترشيد تلاميذه وإقدارهم على فهم العلامات الماوراء لغوية، وعلى استعمالها وإثراء التعبير بها.
4- مدى قدرته على تحقيق التوازن بين مختلف الوسائل العلامية واستخدام كل منها في الموقف المناسب والاطار المناسب، تلك الوسائل التي يمكن تصنيفها على النحو التالي :
4-1 : وسائل سمعية : أ- وسائل لغوية منطوقة
ب-وسائل ما وراء لغوية هي بمثابة قرائن أحوال تصاحب الخطاب فتوحي بمعاني قد تكون أعمق وأكثر دلالة مما تعبر عنه الألفاظ المنطوقة (نبرة النطق طبقة الصوت، نسق الكلام الخ)
ج-أصوات غير لغوية : آهات تعجب، أهات توجع أو تفجيع، ضحك، صفير، بكاء الخ)
4-2 : وسائل بصرية : أ- علامات تواصل مباشر (ملامح الوجه نظرات العينين حركات البدن حركات الأعضاء أوضاع الجسم الخ)
ب- وسائل لغوية مكتوبة
ج- وسائل ما وراء اللغة المكتوبة (قراءة ما بين السطور) وهي دلالات يفصح عنها السياق، واختيار ألفاظ وصيغ بعينها، أو تطلب عن طريق دلالات التلازم والاقتضاء الخ)
د- وسائط وبدائل تشخيصية
هـ : مؤشرات ورموز
و- علامات شبه بصرية تدرك ببقية الحواس الخمس (لمس، ذوق، شم) مما لا تستغني عنه التجربة الحسية المباشرة
5- وظيفة التربية الحديثة : وتتوقف على مدى اقتناع المربين بأن المتعلم لم يعد مطالبا بمعرفة كل ما يعرفه أستاذه أو ما يريد له أن يعرفه، وليس هو مطالبا حتى بمجرد الاقتناع بوجاهة الأفكار والمواقف المعروضة عليه، وهذا هو ممكن الصعوبة ومصدر الكثير من عوائق التواصل المترتبة على مبدأ واحدية الحقيقة الذي يسيطر على أذهان الكثير من مدرسي التربية والتفكير الإسلامي حيث تقدم الحقيقة بالجملة ويحمل التلاميذ على قبولها والتسليم بها دون تجزئة، ودون تفكيك أو تحليل، وفي غياب كلي للمناقشة وللبعد النقدي مما يتعذر معه بعث الحيوية في الدرس ويمتنع معه التواصل النشيط المفضي إلى توسيع مشاركة التلاميذ.
أنواع العوائق والصعوبات

تتوقف معالجة عوائق التواصل البيداغوجي، والاحتياط لها على مدى فهم المربي طبيعتها، ومعرفة أنواعها، وقدرته على تصنيفها، وتبيّنه حدود كل منها ووظيفته، وفي هذا السياق يمكن ملاحظة صنافات ثلاث رئيسية تنتظم أنواع العوائق :
تصنيف أول تصنيف فيه عوائق التواصل حسب طبيعتها إلى نوعين :
1- عوائق داخلية : وهي في جملتها ثلاث مظاهر أو تجليات :
1-1 : عوائق داخلية ذات صبغة نفسية نابعة من ذات الباث أو كامنة في نفس المتلقي وتتمثل في جملة العوامل النفسية كالخجل والاضطراب، والشعور بالحرج، والخوف، وعدم الإحساس بالحرية والتلقائية.
منها ما هو طبيعي في نفس المتلقي، ومنها ما يتسبب فيه الباث أو المدرس بتصرفاته غير المدروسة، وعدم مراعاته قواعد بيداغوجيا الفوارق، ذلك أن مدرس المجموعة يجد أمامه خليطا من التلاميذ المختلفي الشخصيات والتكوين النفسي. وإنّ قمعه للمغرور المتعالي أو تتفيهه لإجابة الثرثار لسوف تكون له آثاره على الخجول والجبان وضعيف الشخصية فتقتل فيهم روح الرغبة في المشاركة، فيكون ذلك من أقوى موانع التواصل بينهم وبين الأستاذ.
1-2 عوائق داخلية ذات صبغة ذهنية وتتمثل في جملة العوامل الذهنية مثل قصور المتلقي عن فك الترميز، ومثل اختلاف المرجعية وتباين المفاهيم بين الباث والمتلقي.
1-3 عوائق داخلية ذات صبغة وجدانية وتتمثل في جملة المشاعر والأحاسيس الجاذبة أو المنفرة وفي مقدمتها تأثير الأستاذ في نفوس تلاميذه بشخصيته وهيئته ودرجة حيوية مما يشدهم إليه ويرغبهم في التواصل معه أو ينفرهم منه ويصرف نفوسهم عنه.
2- عوائق خارجية : وهي جملة الموانع المادية التي تعيق التواصل أو تمنع فاعليته، ومنها :
2-1 : قصور في وسائل التبليغ لدى الباث
2-2 :ضعف وسائل الاستقبال لدى المتلقي
2-3 : صعوبات تتعلق بمضمون الرسالة البيداغوجية أو بشكلها وبنيتها
2-4 : عوامل معيقة يشتمل عليها المحيط الذي يكتنف العملية التواصلية
2-5 : عوامل متولدة عن الوسط الثقافي والمستوى الحضاري
تصنيف عوائق التواصل حسب مصدرها :
1- صعوبات نابعة من مضمون الرسالة أو من مبناها وشكلها
2- عوائق تتصل بذات الباث أو بسلوكه ويندرج ضمنها كل ما يترتب عن النظام العلامي المستخدم وتقنيات التواصل
3- عوائق تتصل بذات المتلقي
4- عوائق وصعوبات مصدرها المحيط المدرسي أو المحيط العام الذي يكتنف المدرسة
5- عوائق وصعوبات تتربت عن نوعية التنظيم والتنظيم والتيسير ونوعية التراتيب المدرسية والنظام الداخلي أو النظام العام للمؤسسة المدرسية
ويمكن تصنيف جملة تلك العوائق المشار إليها في الصنافتين السابقتين إلى نوعين :
1- عوائق مشتركة بين مختلف الاختصاصات المدرسية والمواد التعليمية
2- عوائق خاصة تقتضيها طبيعة مادة بعينها أو يقتضيها استعمال نظام علامي معين لا تمثل عائقا في غيره، فضعف السمع لدى المتلقي لا يمثل عائقا عند اعتماد نظام علامي بصري وقل مثل ذلك في ضعف البصر عند اعتماد وسائل سمعية، والخلل المتعلق بنطق المدرس أو نطق التلميذ لا يكون له تأثير ذو خطورة على تعلم التقنيات والمهارات وتعليمها.
عوائق مصدرها الرسالة

الصعوبات المتعلقة بمضامين الرسالة البيداغوجية أو بشكلها ومبناها هي أعقد الصعوبات وأكثرها تشعبا، ويمكن تصنيفها إلى نوعين رئيسيين :
عوائق نصبة تتعلق ببنية الرسالة وتقديمها المادي، نذكر منها :
1- استخدام نظام علامي غير محيّن، ومنه استعمال مصطلحات غير محينّة أو غير دقيقة الدلالة وقد يكون لنا من الألفاظ والمصطلحات المتداولة في دروس الزكاة في مادة التربية الإسلامية أوضح الأمثلة لهذا النوع من العوائق والصعوبات فما يزال مدرسو هذه المادة يتمسكون باستعمال أسماء لمكاييل ومقاييس لم تعد مستعملة مثل : المد والصاع، والأوسق )جمع وسق(، وقوت أهل البلد الخ، ومازالوا يصرون على استعراض مصارف للزكاة لم يعد لها وجود إلا في كتب الفقه القديمة مثل (المؤلفة قلوبهم، والغارمين، والعاملين عليها، وفي الرقاب) فجميعها أسماء لا توجد لها اليوم مسميات على أرض الواقع، ولو يعد لها تداول في غير النص القرآني، المر الذي يجعل استخدامها والتعبير بها في لغة الدرس مثارا لصعوبات إضافية ومصدرا لعوائق تمنع التواصل وتحد من فهم الرسالة البيداغوجية الموجهة من المدرس إلى تلاميذه، ولا حل لهذه المشاكل إلا بتحيين هذه المصطلحات وتعويضها بما يؤدي معناها مما هو متداول في حياتنا اليومية.
2- استخدام عبارات فضفاضة ليست لها دلالات محددة، ويمكن أن يفهم بفهوم مختلفة تكون سببا في اختلاف المرجعية بين الباث والمتلقي من ذلك عبارات : التقوى الصدق الصبر القناعة بر الوالدين التكافل التعاون الإحسان. فبعض هذه الألفاظ قد ضاقت دلالتها وانحصرت معانيها حتى فقد مضامينها الشرعية والحضارية، وبعضها قد اتسعت دلالاتها حتى أصبحت عبارات فضفاضة ذات معاني رجراجة ليست لها حدود متفق عليها. وهذا النوع من الصعوبات كثيرا الحضور في دروس التربية والتفكير الإسلامي لا يكاد يخلو منه درس، وهو ليس معيقا للتواصل البيداغوجي فقط، وإنما معيق للمادة كلها عن تحقيق الأبعاد الفكرية والحضارية المرادة من غالب دروسها.
3- التعقيد والغموض، وهما يأتيان إما نتيجة للاكتفاء بالتلميح عن التصريح مثلما هو الحال عند الحديث عن موجبات الغسل، ونواقض الوضوء في دروس العبادات من مادة للتربية الإسلامية. وإما نتيجة الإسهاب والتطويل حيث تشتمل الرسالة البيداغوجية على فائض من الكلام أو من الرموز، لا تقتضيه مضامين الرسالة، وإنما يعالج مثل هذه العوائق بتحديد الكفايات الأساسية للدرس. وضبط حدود المعارف الواجب الاكتفاء بها فيه حتى لا يكون هناك اختزال مخلّ ولا تطويل مملّ.
4- الاكتفاء بالمعارف الجاهزة والحقائق الثابتة على حساب الأبعاد المنهجية والنتائج الحضارية مما يفضي إلى الغفلة عن تنمية الملكات الذهنية، وإهمال الأهداف الحقيقية للدرس، وهي المتمثلة في ترقية المفاهيم والتصورات وتنمية النزوع إلى المرونة العقلية، ومنع المعارف الجاهزة والمسلّمات النقلية من أن تتحول إلى سلطة معرفية تفرض نفسها على الباث والمتلقي جميعا، تكرّس التبعية والعلاقة العمودية وتمنع التواصل القائم على النشاط الذهني والحيوية.
وفي هذا السياق قد نجد أوضح مثال للواقع التربوي غير القويم في مجموع الدروس المتعلقة بمصادر التشريع الإسلامي من برنامج الحضارة للسنة الأولى من التعليم الثانوي حيث ما يزال البعد الفقهي هو الغالب على دروس هذا المحور لدى الأغلبية الساحقة من مدرسي مادة التفكير الإسلامي، فكثيرا ما ينسى هؤلاء الأساتذة أنهم يتعاملون مع دروس في الحضارة الإسلامية وليس مع مجرد دروس فقه ومن ثم يغيّبون البعد الحضاري، ويجردون الدرس من المصطلحات الحضارية، بل كثيرا ما يغيّبون عبارة "حضارة" نفسها ويكتفون بترديد المصطلحات الفقهية التقليدية مستعرضين المصادر الأساسية الأربعة ثم المصادر التكميلية ثم القواعد تشريعية ثم خصائص الشريعة الإسلاميةالخ، فلا يكون في دروسهم ما يساعد على فتح الباب لاستحضار الأبعاد الحضارية للدرس، ولا يكون في سلوكهم البيداغوجي ما يحفز التلاميذ ما يحفز التلاميذ على التواصل ويغريهم بالمشاركة.
وإنما تبعث الحيوية في مثل هذه الدروس بتجزئة الأسئلة وتفكيك المعاني ومساعدة التلاميذ على الاقتناع بأن مصادر التشريع الإسلامي كانت في حياة الرسول عليه السلام مصدرين فقط لا ثالث لهما، هما القرآن والسنة المتمثلة في شخص الرسول ذاته، وأنه لم يكن هناك مصدر للأحكام الملزمة غيرهما، فلما توفي الرسول انقطع الوحي واكتمل القرآن، وغالب المثال وهو شخص الرسول واستمرت وقائع الحياة فاحتاج الناس إلى التماس مصادر جديدة للتشريع فكان الإجماع، وكان القياس، فلما تقدم الزمن واتسعت المساحة الترابية للبلاد الإسلامية وتغيرت الظروف، وتفرق المسلمون شيعا ومذاهب، أصبح صعب المنال، وجدّت قضايا ومشاكل ليس فيها نص ولا تقبل القياس فاحتاج الناس إلى مصادر تكميلية تكمل المصادر الأربعة في مواصلة مسيرة التشريع ومنع توقفه حتى يكون مستجيبا لمشاغل الناس أينما كان زمانهم أو مكانهم.
إن مثل هذا المنهج يفتح الباب للأبعاد الحضارية حيث يرسخ في أذهان التلاميذ مبدأ تطوير التشريع فيقتنعون بأنه كلما تغيرت ظروف الزمان والمكان وجب إثراء مصادر التشريع بمصادر جديدة لم تكن من قبل، ويثبّت في أذهانهم مبدأ حضاريا قائما على عدم توقّف مسيرة التشريع، وعلى عدم كفاية الحلول الجاهزة، والأحكام الموروثة.
كذلك فإنه لا يكفي أن يعرف التلاميذ خصائص الشريعة الإسلامية (العموم والشمول والخاتمية وقابلية التطور ومسايرة الفطرةالخ) وإنما ينبغي أن يعرفوا مقتضيات كل خصوصية، من ذلك اقتضاء خصوصية العموم لمبدأ المرونة والتسامح والانفتاح على الآخرالخ
عوائق منهجية :
يمكن تصنيف جملة العوائق المنهجية إلى ثلاثة أنواع رئيسية :
1- صعوبات مصدرها الوسائل المنهجية المعتمدة في تحقيق التواصل البيداغوجي، ويأتي في مقدمتها :
1-1 : عدم وضوح الأهداف وضبابية التصور للتأثيرات المراد إحداثها في المتلقي، وفي المثال السابق المتعلق بمصادر التشريع الإسلامي ما يكفي لتوضيح خصوصيات هذا النوع من العوائق، حيث تصبح المعلومة المعرفية هدفا في حد ذاتها فينسى المربي ما وراء المعلومات من اهداف منهجية، وأبعاد حضارية، وما ينبغي أن تساعد عليه تلك المعلومات من تغييرات يتحتم إحداثها في قدرات المتعلم وملكاته الذهنية أو في خبرته ومهاراته العملية أو في ميوله وقواه الوجدانية.
1-2 : ضعف النقل البيداغوجي وإخفاق المربي في تحديد النوافذ الواجب فتحها في النص للوصول من خلالها إلى الأهداف الحيوية في الدرس، ولنا في سورة "الحجرات" من برنامج السنة الثانية من التعليم الثانوي، والسنة التاسعة مثال جيد لبلورة ملامح هذا العائق وتصور الكيفية الواجب احتذاؤها والنسخ على منوالها لبعث الحيوية في درس القرآني وتنشيط أذهان التلاميذ وتحقيق التواصل البيداغوجي المنشود، ونكتفي لهذا العرض بالمقطع القرآني التالي : " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمونالخ"
إن النسبة الغالبة من مدرسي مادة التربية والتفكير الإسلامي ما يزالون يكتفون في إنجاز هذا الدرس بشرح معنى السخرية، ومعنى اللمز، والتنابز بالألقاب ثم يتبعونه ببعض المضامين الوعظية يحولون بها الدرس إلى درس أخلاق غير مقرر بالبرامج الرسمية، والحال أن النقل البيداغوجي السليم يقتضي التركيز على تنزيل هذا الدرس في إطاره من البرامج حيث يحرص على تحقيق الأبعاد التي تتناسب مع محور الإصلاح في السنة الثانية من التعليم الثانوي، ومع محور الأخوة الإنسانية من برامج السنة التاسعة من التعليم الأساسي، وهذا يقتضي منا فتح واحدة من ثلاث نوافذ على الأقل.
أ- الأولى نافذة الشروح اللغوية وفيها نستعيض عن شرح الألفاظ التفصيلية (السخرية، اللمز، التنابز بالألقاب) بشرح المعاني. واعتبار مسميات الأسماء الثلاثة ضروبا من العنف اللفظي، ومطالبة التلاميذ بتنويع الأمثلة لهذا النوع من العنف، ثم نمر إلى دلالة الاقتضاء المتمثلة في اقتضاء النهي عن العنف اللفظي رفض العنف المادي وتحريمه، وبذلك نكون قد حققنا بعدا منهجيا وبعدا حضاريا لا يمكن التضحية بأي منهما في مثل هذا الدرس. ويبقى باب التوسع في استخراج مثل هذه المضامين مفتوحا، غير أن هذا البحث لا يتسع لاستعراض نماذج أكثر.
ب-الثانية : نافذة استثمار الصيغ، ونكتفي منها باستثمار صيغة النكرة : "لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء" لنصل من خلالها إلى مساعدة التلاميذ على إدراك ما تفيده النكرة هنا من عموم وإطلاق يستغرقان البشر جميعا بقطع النظر عن أديانهم ولغاتهم وعن ألوانهم، وأعراقهم وطبقاتهم الاجتماعية، فهي لا تعني تحريم السخرية من المسلمين فقط وإنما تعني تحريم السخرية من البشر جميعا. وما أروع القرآن إذ يحرم سب آلهة المشركين فيقول : "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم " (سورة الأنعام 108)
ج-الثالثة : نافذة الأحكام : ويكفينا لها الوقوف عند قوله تعالى : "ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" لنساعد تلاميذنا على إدراك ما يفتحه الإسلام من أبواب لقبول توبة المخطئينالخ وما في ذلك من مرونة وتسامح ومراعاة لطبيعة الإنسان.
1-3 : إخفاق الأستاذ في تحديد الكفايات الأساسية للدرس وضبط المعارف أو المهارات الواجب الاكتفاء بها في كل درس.
2- صعوبات وعوائق مصدرها الإجراءات المنهجية ويأتي في مقدمتها :
2-1 : عدم فهم المربي طبيعة التواصل البيداغوجي، وعدم وعيه بأن التواصل لا يمكن أن يتم في إطار وحدة متماسكة تستمر عبر وحدة زمنية تستغرق كامل الحصة أو تستغرق وقتا طويلا منها. وإنما يتحتم تجزئة التواصل إلى وحدات صغيرة متنوعة في وسائلها، مختلفة في مضامينها تتخللها لحظات فراغ هي بمثابة محطات الاستراحة، وأن هذه الوحدات التواصلية تتوقف على مدى توفق المدرس في تفكيك المعاني والأفكار وتجزئة الأسئلة لضمان التقدم في سير درسه وفق خطوات منهجية واضحة يفضي بعضها إلى بعض وتفضي في جملتها إلى تحقيق الهدف العام المراد من الدرس. وبسبب عدد استيعاب الكثير من مدرسينا هذه الحقيقة نراهم ينصرفون مباشرة إلى ا لمعاني الكلية العامة، فيغرقون دروسهم في العموميات التي تفقد الدرس حيويته وتمنع التلاميذ من المشاركة الفاعلة فتعيق التواصل وتحول الدرس إلى نوع من التلقين والتقرير المقنع أو الصريح. قد لا نبالغ إذا قلنا ان أكثر من 90 % من مدرسي مادة التربية والتفكير الإسلامي يرددون على مسامع تلاميذهم عدة مرات كل سنة مقولة : "إذا بني الإيمان على أسس سليمة انقلب إلى قوة فاعلة" وهي عبارة فارغة لا تحمل أية دلالة فكرية أو عقدية أو حضارية ما لم يقع تفكيكها إلى معاني فرعية يقع تضمينها في أسئلة جزئية متدرجة تنطلق من مطالبة التلاميذ بالرجوع إلى المناجد والمعاجم لتحديد المعاني والدلالات المختلفة لكلمة "الايمان" في اللغة وفي الاصطلاح : الاصطلاح الدينين الاصطلاح الفلسفي، اصطلاح علم النفس مرارا إلى تعرف أنواع الإيمان ودرجاته ومراتبه، وصولا إلى تحديد الأسس النفسية والفكرية التي يستند إليها كل نوع
2-2 : القصور أو التقصير في استخلاص المعلومات
2-3 : الإخفاق في تحليل النتائج وتعرف العوامل المساعدة واكتشاف الصعوبات والعوامل المعيقة.
2-4 : الاكتفاء بالأدوات المعطاة مسبقا
لتعرف خصوصيات هذا النوع من العوائق المنهجية نحتاج إلى تقسيم الأدوات والوسائل التي يحتاجها المدرس لتحليل مضامين درسه إلى ثلاثة أنواع متكاملة لا يمكن الاكتفاء ببعضها عن البعض الآخر :
3-1 : الدوات المعطاة مسبقا وهي وسائل متوفرة للتلميذ والأستاذ على السواء قبل الدرس وقبل الإعداد والاستعداد له، وهي الأدوات والوسائل التي يوفرها الكتاب المدرسي بنصوصه وبصوره وبجهازه البيداغوجي، وتوفرها البرامج الرسمية بمقرراتها وأهدافها وتوجيهاتها، وتوفرها الوثائق المنهجية، والمناشير التكميلية والمذكرات التطبيقية الصادرة عن إدارة البرامج أو عن إدارة الامتحانات أو عن التفقدية العامة للتربية أو عن إدارة التكوين المستمر
3-2 : أدوات يوفرها الأستاذ خلال إعداده الدرس وقيامه بعملية النقل البيداغوجي وتتمثل بالدرجة الأولى في ما يعدّه من أسئلة وما يصوغه من وضعيات تطبيقية وما يستحضره من معينات وبدائل تشخيصية، وتجدر الإشارة هنا إلى الخطأ الذي يرتكبه مدرسونا في مرحلة إعداد الدرس إذ يكتفون بإعداد معلومات، وقد يكتفون بتسطير عبارات في النص ويعلقون عليها بقلم الرصاص على الكتاب المدرسي، فيكون لهم من ذلك ضرب من الارتجال المقنّع الذي يعيق التواصل ويقلّص من مشاركة التلاميذ، وإنما الإعداد صياغة الأسئلة، وتصور الإجابات، المتوقعة عن كل سؤال، وتفكيك المعاني على ضوء تلك التوقعات واستحضار الأمثلة، والتماس المعينات
3-3 : أدوات ينتجها سير الدرس باعتبار أن السؤال قد تتولد عنه أسئلة، وأن الجواب قد يفتح نوافذ جديدة على جوانب من الدرس لم تكن في الحسبان، ويكشف عن أفكار وخواطر وتصورات لم تكن واردة، فينتج أدوات جديدة لمواصلة التحليل ولتحقيق المزيد من الإثراء والتعميق، وبذلك يوفر وسائل جديدة للتواصل البيداغوجي ولدعم مشاركة التلاميذ في الدرس. فإذا قصر المدرس في استخدام هذه والاستفادة من تلك، مكتفيا بالاعتماد على الأدوات المعطاة مسبقا ضيق على تلاميذه قنوات التواصل وحرمهم من التفاعل مع الدرس والشعور بدورهم في تحقيق الإضافة النوعية.
العوائق المتعلقة بذات الباث





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 09:09 رقم المشاركة : 29
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


مهارات التعبير والتواصل اللغوي
ذة : حياة شتواني
تقديــــــم:
بادئ ذي بدء، نبادر إلى القول إن التعبير عن الأفكار واﻵراء ، ومحاولة التواصل اللغوي ، سواء المنطوق منه أو المكتوب ، ليس عملية سهلة كما قد يتصور البعض ، بل هو فن معقد يتطلب امتلاك ناصيته ضرورة الإلمام بعدد من المهارات والطرائق والإجراءات العملية والمعرفية المرتبطة بعدد من الحقول العلمية (علم النفس , علم الاجتماع , علم التاريخ.....).
ولعل ﻫﻨ ا ما ذهب إليه أحد الدارسين الغربيين حين عرف فن التعبير بأنه علم الصواريخ واصفا إياه بالفن المعقد بدرجة لا تصدق.
ولا يخفى ما لهذا الموضوع من أهمية بالغة وبخاصة في عصرنا هذا، عصر الاتصال والتواصل الذي يقتضي التجاوب معه القدرة على اكتساب أفضل مهارات التعبير وطرائقها الصحيحة, لنقل الأفكار و اﻵراء بكل وضوح دون الزج بالمتلقي في متاهات الغموض والتأويل.
ولبلوغ هده الأهداف التواصلية السالفة الذكر، يتغيى هذا العرض بسط مجموعة من التوجيهات المنهجية حول عدد من مهارات التعبير والتواصل ، ودلك بهدف إقدار المتلقي على اكتساب أهم أسس هده المهارات وإجراءاتها العملية التي تسعفه على تمتين جسور التواصل ووشائج الاتصال مع غيره ، وتمكنه من ﺁليات وأساليب الاشتغال على مختلف النصوص والمقامات التواصلية المكتوبة أو المسموعة.
وقبل رصد بعض هذه المهارات التواصلية وذكر أهم الأساليب المنهجية لاكتسابها ،يجدر بنا أولا تحديد مفهومها حتى يكون هدا الموضوع سهل التناول ، مفتوح المسارب أمام أعيننا. فما معنى مهارات التعبير والتواصل اللغوي؟
- تحديد المفهوم:
مهارات التعبير و التواصل اللغوي هي طرائق التعبير وتقنيات الكتابة التي تجعل المتلقي قادرا على مقاربة النصوص المقروءة أو المسموعة، واكتشافها سعيا إلى التعبير عنها شفهيا أو كتابيا بصورة واضحة، وبشكل منظم ومركب.
وتندرج النصوص المقروءة في إطار التواصل اللفظي المكتوب؛ وتشمل النص الأدبي شعرا أو نثرا أو رواية ، والمقال الإخباري الصحفي ، وتبادل الرسائل ،وقائمة المراجع لكتاب معين ... ويكون التواصل مع النصوص المقروءة عبر قناة بصرية أو لمسبة بالنسبة لفئة المكفوفين الذين يعتمدون على اللمس جهازا لاستقبال المعلومات من الكتاب أو الجريدة مثلا. أما النصوص المسموعة، فهي تندرج في إطار التواصل اللفظي المنطوق ،ويندرج فيها الحوار والاستجواب والمحادثة والخطبة والمحاضرة... ويكون التواصل معها عبر قناة سمعية (مثل المذياع)، أو سمعية بصرية (مثل التلفاز). وغني عن القول إن مهارات التعبير والتواصل اللغوي عديدة ، منها:
vمهارة تدوين رؤوس الأقلام
vمهارة التلخيص
vمهارة التصميم المنهجي للموضوع
vمهارة البحث عن المعلومات ومعالجتها
vمهارة الاستدلال والبرهنة
vمهارة المقارنة والموازنة
وسوف نكتفي في هذا المقال بمعالجة المهارة الأولى على أن نعود إلى رصد بقية المهارات الأخرى إن شاء الله لقرائنا الكرام بموقعنا كراسات تربوية.
مهارة تدوين رؤوس الأقلام ( أو رؤوس الأفكار)

I. تحديد المفهوم:
تدوين رؤوس الأقلام « عملية تقنية تقوم على تسجيل المعلومات الأساسية من نص مسموع أو نص مقروء ، بأسلوب مقتضب ، وبعبارات جد مختزلة ،بحيث تظهر هذه المعلومات واضحة للعين ،ثم إعادة صياغتها باختصار وبأسلوب شخصي» (1)
وتشكل هذه العملية إحدى ﺁليات الاستيعاب ، وهي تسعف على تطوير الكفاءات الذهنية والثقافية للمتلقي ،وتجعله يتمرن على التفكير المنطقي والعمل المنظم .
II.إجراءات تدوين رؤوس الأقلام:
يتطلب اكتساب هذه المهارة القيام بالإجراءات الآتية:
- حصر الانتباه السمعي البصري , وذلك عن طريق التوقف عند عدد المعلومات وعند ترتيبها .
- التركيز من أجل فهم المعنى؛ فتدوين رؤوس الأقلام ليس عملية سهلة وبسيطة كما قد يتصورها البعض ، بل إنها تفرض قوة تركيز كبيرة ،وتتطلب مستوى من الذكاء لدى المستمع.

- تدوين الكلمات المفاتيح للنص المسموع أو المقروء: فعند تدوين رؤوس الأقلام ، علينا أن نميز الأساس المهم من الثانوي الأقل أهمية، فنختار الأفكار الأساس التي تناسب الهدف الذي نقصده . فمثلا عندما يستمع الطالب إلى الأستاذ المحاضر ،لا ينبغي له أن يدون كل ما يتفوه به ، بل عليه أن يميز في سياق خطابه المحاور الأساس للموضوع الذي يعالجه ، عن التفاصيل والشروحات والأسئلة والأقواس المفتوحة والتكرار والجمل الطويلة . فكل ذلك مما ينبغي إهماله أثناء تدوين رؤوس الأقلام . فالهدف من تسجيلها هو إعادة إنتاج ما هو أساس ومحوري من الخطاب أو المحاضرة ،بحيث يمكننا تذكر كل الجوانب المهمة والثانوية من المحاضرة أو الخطاب ، بمجرد مراجعتنا لما دوناه من خلاصات للأفكار التي تم التعبير عنها .(2)

- إتباع الترتيب المنطقي للأفكار ، وتحديد العلاقة القائمة بينها .

- اعتماد طريقة اقتصادية في التدوين مثل الرموز والخطوط والأسهم والألوان , لإبراز الأفكار المهمة وعناوين الفقرات .
وخلاصة القول إن مهارة تدوين رؤوس الأقلام هي إحدى مهارات التواصل اللغوي التي ينبغي علينا اكتسابها وإتباع إجراءاتها لأنها وسيلة مهمة تمكننا من التقاط الأفكار والمعارف، وتعيننا على قراءة الكتب والمراجع بكيفية منظمة ، واستثمار مضامينها في كتابة الموضوعات ، وإعداد العروض، والتدخل أثناء المناقشة .





    رد مع اقتباس
قديم 2014-03-16, 09:14 رقم المشاركة : 30
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مقالات تربوية


حوار حول منظومة التربية والتعليم بالمغرب

1- جاء البرنامج الاستعجالي بعد سلسلة من الإصلاحات التي عرفتها منظومة التربية والتكوين بالمغرب،إصلاحات رأى فيه البعض مجانبتها لواقع التعليم بالمغرب.وكذلك تطرح بإلحاح مسألة علاقة القرار التربوي بالقرار السياسي.إلى أي أحد توافق هذا الرأي؟وكيف تفسرون هذه العلاقة؟
- صحيح جاء البرنامج الاستعجالي بعد إخفاق(جزئي أو كلي) لمجموعة من الإصلاحات،وخاصة المشروع الإصلاحي الطموح الأخير(الميثاق الوطني للتربية والتكوين)،وبعد كذلك مجموعة من الانتقادات والتقارير السلبية(خاصة البنك الدولي،تقرير الخمسينية، والمجلس الأعلى للتعليم). والإصلاح نظريا هو أداة نظرية وإجرائية لمواكبة حركة التاريخ والواقع المجتمعي المتغير باستمرار حسب تغير الفاعلين والمعطيات السوسيوثقافية والحضارية عامة. وبالفعل ،فإن من بين الأسباب الرئيسية التي تفسر إخفاق إصلاح منظومة التربية والتعليم نجد مجانبتها للواقع المغربي....

ويمكن أن نفهم هذه المجانبة من خلال المعطيات التالية:عدم تكييف وملاءمة المشروع الإصلاحي التربوي في أبعاده النظرية والتخطيطية مع الواقع العيني للمغرب التربوي (بشريا ورمزيا وماديا) ، وحسب خصوصياته وحاجياته السوسيوثقافية والاقتصادية ،عدم إخضاع الإصلاح قبل الشروع في تطبيقه للتجريب وللبحث الميداني العلمي،عدم جعل أهداف الاصلاح واستراتجياته في خدمة مشروع مجتمعي مغربي أساسا.حيث ظل الإصلاح غالبا مشروعا نظريا افتراضيا يلبي حصريا غايات واستراتيجيات ذات أهداف إيديولوجية وسياسية ضيقة(وطنية وأجنبية) وليس مشروعا يلبي الحاجيات الحقيقية للمجتمع المغربي ككل في التنمية والديمقراطية والتحديث؛مما جعل السياسة التعليمة في المغرب(ومشاريع الإصلاح) تخضع لمنطق وأهداف سلطة السياسي والتقنوقراطي الأحادية،وليس لمنطق وخصوصيات "الواقع" التربوي والتعليمي وغاياته المجتمعية المؤملة.

ومن هنا تأتي أهمية إشكالية العلاقة بين القرار التربوي والقرار السياسي في صناعة الإصلاح التربوي بالمغرب.
مفهوم القرار ينتمي لبنية ونظام السلطة،ومفهوم السلطة( خاصةحسب ميشيل فوكو) هو مفهوم يشمل ويُحايث عدة مجالات مجتمعية وأشكال الوجود الإنساني(الاجتماعي،النفسي ،المعرفي،الثقافي، الاقتصادي،القانوني...والتربوي)،وليس فقط السياسي.والملاحظ أنه في المغرب، ولمدة عقود،هيمن القرار السياسي على القرار التربوي.و لذلك،كانت(وربما لازالت) هذه الهيمنة السياسية(بمعناها الاستبدادي والتقليدي) من أكبر معوقات نجاح الإصلاح التعليمي بالمغرب.لأن القرار السياسي له منطقه الخاص الذي يحركه،وهو غالبا منطق ينتمي إلى عالم الصراع السياسي،بمعطياته الإيديولوجية والطبقية والنخبوية والإثنية،والوطنية والدولية...في حين منطق القرار التربوي(بمعناه الحقيقي والتخصصي)ينتمي لمجال المواطنة والصالح العام،ولمجال المعرفة العلمية( التربوية والبيداغوجية أساسا)،وتخضع أهدافه واستراتيجياته أساسا لخصوصيات وحاجيات الطفل/المتعلم النمائية،ككائن إنساني ومواطن(محلي وكوني)،ولحقه في التعلم والتنشئة الاجتماعية الايجابية،لتأهيله وإدماجه الإيجابي في المجتمع،وجعله مواطنا يساهم في تنمية ونهضة وطنه،وإنسانا يساهم إيجابيا في الحضارة الإنسانية ككل.
لذا،كلما كان القرار التربوي الإصلاحي ديمقراطيا وعلميا وحداثيا،ومن صناعة المهنيين و الفاعلين التربويين المتخصصين،وبعيدا عن منطق القرار السياسي الضيق والأحادي وصراعاته السلبية والنخبوية والخارجية،إلا وضمنا شروط نجاحه،وخلصنا المدرسة من العوائق والصراعات اللابيداغوجية واللامواطنة أحيانا،وجعلناها تنخرط إيجابا في مشروع التحديث والمواطنة.
2- البرامج والمناهج إحدى المداخل المهمة للإصلاح،كيف قاربها الإصلاح الأخير؟
- للإنصاف،يعتبر الإصلاح البيداغوجي الأخير(الميثاق،والبرنامج الاستعجالي)،جد متقدم عن الاصلاحات السابقة،التي هيمن عليها المقاربات التقليدية،حيث عرف(الإصلاح الأخير) توظيف المقاربات الحديثة في تخطيط وبناء المنهاج التربوي المغربي(البرامج والمناهج والطرق،الكتب المدرسية، التنظيم البيداغوجي،الإيقاعات الزمنية،نظام التقييم...)؛حيث ،مثلا،انتقلت البرامج والمناهج من التمركز حول المحتويات والمواد المعرفية،إلى التمركز حول الكفايات والتعلمات الأساسية، والتربية على القيم والاختيار،وتم اعتماد مقاربات وطرق بيداغوجية حديثة وفعالة تتمحور حول المتعلم/ة والتعلم الذاتي،وتم اعتماد التوظيف (غير المعمم حاليا)للتكنولوجيات الحديثة للاتصال والمعرفة،وتم نسيبا تجديد نظام التقييم المدرسي...فمثلا من النقط التي يتبناها البرنامج الاستعجالي الحالي(2009/2012) لمراجعة المناهج:تدقيق مواصفات التخرج، اعتماد نظام الأقطاب والمجزوءات،اعتماد مقاربة بيداغوجيا بيداغوجيا الادماج(الابتدائي والإعدادي) لبناء هندسة بيداغوجية جديدة وفعالة( التنظيم البيداغوجي ،بناءالتعلمات والتقويم)،إعادة تنظيم الغلاف الزمني والايقاعات المدرسية ،توسيع تدريس مواد التفتح،تعميم تدريس المجزوءات المحلية والجهوية،تعزيز تدريس العلوم والتكنولوجيا،تأهيل الوسائل البيداغوجية...
نظن،نظريا،بأن الاجراءات الاصلاحية التي تهم البرامج والمناهج التي أتى بها البرنامج الاستعجالي جيدة على العموم،لكن هناك بعض الصعوبات والمشاكل التي تبقى عالقة،ويجب الانتباه إليها والحسم معها،قبل الإقدام على التطبيق الفعلي للهندسة البيداغوجية الجديدة المتمركزة على بيداغوجيا الادماج:مشكل تضخم المواد والمضامين،مشكلة التعدد السلبي للكتب المدرسية(حيث إن هذا التعدد الحالي، هو تعدد شكلي وتجاري يثقل كاهل الأسر والمدرسين والإدارة ليس إلا،وقد أفرغ من أهدافه البيداغوجية ولم يلزما بها غالبا...)لذا من الأحسن العودة للكتاب المدرسي الوطني الموحد لكن حسب شروط تأليف تراعي الفروقات المختلفة(للمتعلمين،والسيويوثقافية والمجالية...)والمواصفات البيداغوجية والديداكتيكية الملائمة للمنهاج الجديد، ويجب كذلك تكييف تطبيق بيداغوجيا الادماج مع الخصوصيات والفروقات المحلية للمتعلم العمومي(أغلبه ينتمي إلى فئات اجتماعية هشة ذهنيا وثقافيا واجتماعيا)، ومع المضامين المعرفية ونظام التقييم الموضوعي والمنصف،مشكل كثرة ساعات الدراسة والعمل(المغرب من بين الدول التي تعرف تضخما في ساعات الدراسة،رغم ذلك يصنف عالميا في آخر الرتب مقارنة مع الدول التي تحتل الرتب الأولى والتي تدرس ساعات أقل منا بكثير)...
3- المدرس(ة) قطب أساسي ومهم ويجب استحضاره في كل الاصلاحات.التقرير الأخير(2008) للمجلس الأعلى للتعليم حمل المدرسين مسؤولية كبيرة في فشل منظومة التربية والتعليم،مامدى صحة هذا الطرح؟وكيف تنظرون إلى وضعية رجال ونساء التعليم؟
-للإنصاف،المجلس الأعلى حمل مسؤولية فشل منظومة التربية والتعليم إلى عدة عناصر وأطراف(الحكامة،النموذج البيداغوجي،الموارد المالية وإشكالية توزيعها،التعبئة...)بالإضافة إلى المدرس من حيث ظروف مزاولة مهنته وانخراطه في الاصلاح؛حيث سجل المجلس صعوبة وتعقد ظروف عمل المدرس،و النقص في تكوينهم وتأطيرهم،وتباين وعدم كفاية التزام المدرسين وتعبئتهم وانخراطهم وضعف آليات تقويمهم ومراقبتهم(وهذه هي النقط التي أثارت الزوبعة).
من الناحية المبدئية نتفق مع المجلس في هذا التشخيص،لكن لا نتفق معه في تعميمه على جميع المدرسين(وهذا حيف في حق البعض)،كما أننا مع التقويم والمحاسبة ولكن بعد تقويم ومحاسبة الدولة(الوزارة الوصية) على مسؤوليتها في توفير الشروط والظروف المهنية والاجتماعية الجيدة والمساعدة على الفعالية والمردودية.الكل يعرف الظروف المهنية المزرية لرجال ونساء التعليم ؛حيث إنه من المعوقات الأساسية والحاسمة والمسكوت عنها ،و التي تساهم في إفشال أي إصلاح بشكل كبير،هي عدم عدم الأخذ بعين الاعتبار وبكيفية جدية للمدرس ،حيث جل الإصلاحات تتمركز حول المنهاج والتلميذ والبنيات والتجهيزات وتهمش المدرس أساس أي إصلاح،وتتذكره فقط عند إصدار تعليمات الواجب ومذكرات الزجر والصرامة الإدارية... المدرس ليس كائنا ديداكتيكيا فقط(يُختزل كأداة ديداكتيكية)،فهو كذلك كائن نفسي واجتماعي واقتصادي... فكيف يمكن أن نسائل ونحاسب المدرس/ة ونطالبه بالتعبئة والنتائج الجيدة دون أن نوفر له مجموعة من الشروط المهنية والاجتماعية التي تخلق الجو النفسي الايجابي للرضى المهني و تساعد على الاستقرار الشخصي والفعالية المهنية،وبالتالي الانخراط الايجابي والفعال والتلقائي في إنجاح أوراش الإصلاح والرقي بمنظومة التربية والتكوين.
4- ماهي هذه الشروط؟
- يمكن ان نذكر منها:منحه أجرة محترمة ومنصفة تضمن كرامة العيش،و تلائم وظيفته الحاسمة والاستراتيجية في تنمية وتقدم الوطن، ومكانته الاجتماعية والاعتبارية والرمزية،وتسايرالارتفاعات الصاروخية لتكلفة العيش المعاصرة،تمتيعه بنظام ترقية منصف وسريع،تشجيعه وتحفيزه، توفير حلول لمشاكل النقل والسكن والاستقرار الاجتماعي،توفير ظروف مهنية سليمة ومساعدة(وسائل وتجهيزات بيداغوجية حديثة وكافية،القضاء على الاكتظاظ والأقسام المشتركة،تكوبن متين ومستمر...)،التعامل الإيجابي والجدي والمسؤول مع الملفات المطلبية العالقة او المجمدة المرفوعة للجهات المسؤولة من طرف ممثلي المدرسين.
فرغم المجهودات الرسمية المبدولة مؤخرا لتحسين وتجويد ظروف عمل المدرسين،فإنها تبقى غير كافية أمام تراكم وتزايد المشاكل والحاجيات عددا ونوعا،والارتفاع الفاحش وغير المراقب لتكلفة العيش الكريم.
5- البنيات التحتية والتجهيزية تخضع للتأهيل عند كل إصلاح،لكن واقع الحال دون الطموحات المنتظرة،ويعرف عدة اختلالات،إلى ماذا ترجعون هذا؟
- أظن ان هذه الاختلالات تعود إلى عدة عوامل،منها:ارتفاع الطلب التربوي وعدم كفاية العرض المدرسي وتأهيله،ضعف الميزانية المخصصة للوزارة(وأظن أن الإصلاح الأخير خصص له ميزانية ضخمة وغير مسبوقة، الشيء الذي يجعل الوزارة مجبرة على نجاحها في توفير العرض التربوي وتأهيله وتجويده، ولن يشفع لها أي مبرر)،غياب الحكامة الجيدة والتدبير الراشد والمسؤول وهدر المال العام والفساد وعدم المراقبة والتتبع والمحاسبة...والملاحظ رغم أننا في السنة الثانية من البرنامج الاستعجالي لازال واقع البنيات والتجهيزات التربوية يعرف عدة اختلالات، سواء على مستوى جودة المشاريع المنجزة وعدم كفايتها وتعميمها،وهناك عدة مؤشرات سلبية تدعو إلى التشاؤم.غير أنه،وموضوعيا،لن نصدر حكما نهائيا وقطعيا حتى نهاية البرنامج الاستعجالي،والذي يعد واعدا على الورق،ونتمنى ان يتحول مافي الورق إلى واقع عيني حقيقي،لأن أكبر مشكل بواجه أي إصلاح هو مشكل التطببيق،واجرأة الأهداف والشعارات على أرض الواقع.
6-يعاني سوق النشر التربوي بالمغرب شحا من حيث الإنتاج.فهل لا نتوفر على مبدعين وكتاب في مستوى الحاجيات والضرورات الحقيقية لهذه السوق؟أم أن هناك أسباب أخرى؟
-أشكرك على إثارة هذا التساؤل المهم،والذي يظل مهمشا ومنسيا في كل إصلاح ورسميا:الفاعل التربوي ومشاكل النشر والتواصل التربوي.ذلك أن أي إصلاح يظل فارغا دون المراهنة على الإطار التربوي المثقف،وعلى تواصل وتفاعل وتبادل الأفكار والتجارب بين الفاعلين التربويين.(من خلال الكتاب والمجلة والجريدة...)
كحقيقة النظام التعليمي المغربي يتوفر على كفاءات وطاقات مبدعة ومثقفة كثيرة ونوعية،وعلى فئة قارئة هي الأكبر في المجتمع،لكن في الواقع(باستثناء التنامي الملاحظ للنشر الإلكتروني) نلاحظ قلة النشر التربوي الورقي،وضعف القرائية(ضعف مبيعات المنشورات التربوية التي قد لا تتجاوز غالبا في المعدل 1000).هذا الواقع المفارق وغير المقبول لفئة اجتماعية تخصصها ومهنتها نشر المعرفة،يمكن إرجاعه إلى الأسباب التالية:على مستوى النشر،يجد عدد من الكتاب التربويين صعوبات كثيرة لإخراج أعمالهم: عدم كفاية الأجرة وغلاء تكلفة الطبع والتوزيع،استغلال الناشرين والتلاعب بحقوقهم،ضعف القرائية وتكبدهم الخسائر...مما يجعل الكثير إما يعزف عن النشر بالمرة، أو عدم اللإقدام على مغامرة النشر من جديد.كما أن الجهات المسؤولة لا تشجع وتدعم النشر التربوي؛فمثلا لما لا تدعم وتتبنى بشكل جدي وزارة التربية ووزارة الثقافة الكتاب التربوي(طبعا وتوزيعا وترويجا)،كما تُدعم السينما والمسرح والمهرجانات...غريب أن يُهدر المال العام بسخاء في هذا البلد على الفرجة والرياضة والرقص والغناء بالملايين، ولا ندعم المعرفة والعلم والتربية(الكتاب) أساس ورافعة تنمية ونهضة وتقدم المجتمعات؟!مشكلة النشر التربوي(والمعرفي عامة) هي مشكلة تتعلق باختيارات السياسة الثقافية والمعرفية العمومية،وتعكس انحطاط سلم أولوياتنا القيمية والحياتية(الذي تتبوأ فيه المعرفة والتربية آخر الرتب والاهتمامات)،وتخلفنا الثقافي والحضاري العام،الذي تحاول النيات الإصلاحية الحسنة والمواطنة الأخيرة إخراج بلدنا منه،فهل سننجح،أم سنظل فاشلين ومتأخرين كالعادة؟ نتمنى كل الخير لوطننا.
محمد الصدوقي
حاوره المحجوب ادرويش (الملحق التربوي لجريدة العلم المغربية)





آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2014-03-16 في 14:33.
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 01:07 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd