منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   المواضيع التربوية (https://www.profvb.com/vb/f300.html)
-   -   مقالات تربوية (https://www.profvb.com/vb/t139083.html)

خادم المنتدى 2014-03-16 07:18

مقالات تربوية
 
مقالات تربوية

" برنامج مسار " سؤال مقال
المتتبع للحدث اليومي التعليم برنامج مسارالمثير للكثير من الجدل هذه الأيام، والذي وظفته بعض التنظيمات الحزبيةوالنقابية والمدنية في غياب أسئلة جوهرية عن العقل التربوي المغربي خاصةوالشعبي عامة، والتي يرجح حضورها علمية تفكير العقل التربوي المغربي ووعيهبموضوعاته، ويرفع درجة الثقة به في قيادة المجتمع. وفي تصحيح موقف السياسيالحزبي والنقابي والمدني بمعطى الحقائق العلمية والمنطقية والموضوعيةوالواقعية من المعيش اليومي للمجتمع التربوي المغربي، ويجبره على التساؤلقبل أن يتخذ القرار، خاصة إذا كان قراره يمس شريحة عريضة من الشعب المغربيحتى يقطع عن الهمروجة الحضور فيما يفترض فيه أن يمتلك مكاتب للدراساتوالبحوث توجه قراراته وتمكنه من الحقائق.
والأسئلة الجوهرية التي يطرحها العقل بداهة هي:
ـ ما أثر برنامج مسار على أداء التلميذ والأستاذ والمؤسسة التعليمية سلبا أو إيجابا؟
ـ ما الحقائق العلمية والموضوعية والواقعية التي نملكها تجاهه لكي نرفضه أو نتبناه أو نطالب بوقفه أو تسكينه لفترة زمنية ما؟
ـ هل ننطلق من معطى كمي ونوعي كائن في الواقع أم من معطى وهمي متخيل أو من مصالح معينة للقول بالرفض أو القبول؟
ـ إلى أي حد يمكن للواقع عن مسافة عن العقل التربوي والعقل السياسي الحزبيوالنقابي والمدني والفردي والجمعي المغربي الحكم على هذه العقول بالعلميةوالرزانة والوعي ... ؟
أسئلة تنطلق منبرنامج مسارلتؤسس المقال الافتتاحي في موضوعه. فهل من مجيب؟
عبد العزيز قريش

**************************

خادم المنتدى 2014-03-16 07:21

رد: مقالات تربوية
 

مدخل المعايير في التعليم: من مستجدات تطوير المناهج وتجويد المدرسة

د. محمد الدريج

جامعة محمد الخامس - الرباط

تقديم :

بدأ مدخل المعايير يغزو الساحة التربوية عالميا و عربيا ، في سياق العولمةوفي إطار انتشار التنافس المعياري العالمي . إن ما يصيب العالم اليوم فيكافة المجالات، يدعو إلى " تعيـير التعليم وتجويده". فمتطلبات سوق العملوحياتنا اليوم عموما ، بما فيها من تقدم علمي وتكنولوجي فائق النوعية،وأثرالمعطيات العلمية والتكنولوجية على التعليم ،تفرض على النظمالتربوية رفعالتحدي ، وتبني شعار التعليم والعلم المتميزين تحقيقاًلجودة مخرجاتها ،والتي تتمثل بمتعلمين مؤهلين أكاديمياً ، أكفاء يمتلكونمهارات نوعية فيشتى المجالات، يكونون قادرين على المنافسة في المسابقاتوالاختباراتالكونية، وقادرين على المنافسة في السوق العالمية ، يحصلونعلى الفرصالتعليمية والوظيفية، و يتفوقون في مجال الابتكار والإبداع ؛ وإلى جانبذلك يكونون قادرين على مواصلة المسار العلمي الأكاديمي أوالتحول إلى سوقالعمل .

وتستخدم المعايير الكمية في كثير من أعمال الصناعة وأعمال التشييد والبناء والخدمات، ويستوي في هذا الاستخدام للفظة "معيار"، صناعة السياراتوالأجهزةوالأدوية والأغذية...، كما يستخدم المعيار في الطب وفي الأعمالالتجاريةوالمصرفية، وتنشئ الدول أجهزة معينة "للقياس "، توخياً لضمانجودة الإنتاج،وتحقيق العدل بين أطراف التعامل.

وسنعمل في دراستنا هذه ، بعد تعريف المعايير في التعليم والتعريف بمنطلقاتمدخل المعايير و أصل نشأته ، على عرض نماذج من تطبيقاته على سبيل المثال .


تعريف المعايير :

المعايير ) StandardsNormes , (ضرورية لتقدير الكميات والمساحات،والمعدودات... وتستخدم فيها الملاحظة المباشرة، ويستعان في تقديرهابالأجهزة والأدوات التي تعين على ضبط المقادير وتقنينها، استهدافاً للدقة وللوقاية والسلامة... ويستعمل مصطلح "المعيار" في كل ما سبق استعمالاًلغوياً حقيقياً.

وعرفت المعايير بكونها "النماذج التي يتم الاتفاق عليها و يحتذى بها لقياسدرجة اكتمال أو كفاءة شيء ما.إن المعايير ، حسب محمود الضبع ، عباراتوصفيةتحدد الصورة المثلى التي نبغي أن تتوفر في الشيء الذي توضع لهالمعايير ،أو التي نسعى إلى تحقيقها ".( محمود الضبع ( 2006) .

وثمة نمط آخر للمعيار – حين يعرض في رموز- وذلك عند صياغته في كلمات وجمل. ويتميز هذا النمط اللفظي للمعيار إما بالبساطة والوضوح ،مثل قولنا: "السرعةالقصوى على الطريق بين مدينتي الرباط والدار البيضاء 120كم/ ساعة"، فإن منيقرأ مثل هذه اللافتة من السائقين يعرف متطلباتها، وعدمالتزامه بما تنصعليه يعرضه للمحاسبة، أو قد يتميز المعيار بالتعقيدوالغموض، خاصة عندمايرتبط بجوانب معقدة في النشاط العقلي أو الوجدانيللإنسان.

و انتقل مصطلح المعيار إلى مجالات العلوم الاقتصادية والاجتماعية وبعدهاإلى العلوم النفسية والتربوية ؛ حيث يستعمل المصطلح بصورة مجازية، فياختبارات الذكاء وتقويم التحصيل، واختبارات الاتجاهات والميول... كمايستخدم المعيار في تقدير متوسط الدخل، وفي نسبة النماء الاقتصادي، وفي مدىتوازن الميزانيات المالية. وفي هذه الحالات يشير المعيار إلى عدد، يمثلمتوسط مجموعة أعداد؛ ولكنه لا يشير إلى واقع أو وقائع حيوية، لأنالمعاييرالرقمية ليست حقائق؛ وإنما هي "تمثيل رمزي" ، وقد يفيد هذا التمثيلالرمزيفي رسم السياسات العامة كأن يقال: معيار القبول للصف الأولالابتدائي هوأنيكون الطفل في سن السادسة من عمره ، وهذا المعيار لايعني أن الأطفالدونالسادسة غير قادرين على التعلم، أو كأن يقال "المعيار" في متابعةالدراساتالعليا هو ألا يقل "المعدل التراكمي" لإنجازات الطالب فيالمقررات المختلفةالتي أنجزها عن 3 درجات من درجةنهائية هي 4 ( أو 15على 20 ) وتوصف هذهالمعايير بأنها تأشيرية، وليستتعبيراً عن الواقع، أوتجسيماً للوقائعالفعلية .(أحمد المهدي عبد الحليم، 2005) .

ومما ساعد انتقال مفهوم المعيار إلى قطاع التعليم ، هو أنه و في ضوءالتحديات العلمية والتكنولوجية،أصبحت العملية التعليميةتتحمل مسئولية إعدادأطر المستقبل ، في عالم يتطلب الجودة الشاملة في كل مناحي الحياة ؛مجتمعينمو ويتقدم في ظل منافسة يفوز فيها الأقوى ، ويسود بامتلاكه أرقىأنواعالتربية والتعليم .

لذا بدأت الدول المصنعة في وضع توصيف دقيق (عبارات وصفية محددة) ،يضبط مايجب أن يكون عليه كل مجال من مجالات العملية التعليمية ، وتعتبر هذهالعبارات الوصفية بمثابة المستويات المعيارية التي يسعى المسئولون فيالتعليم للوصول إليها ، لأنها محكات يقاس في ضوئها مستوى التقدم الذي تحققهأية أمة في التعليم.

ومن هنا يتحدد مفهوم المعايير في التعليم في تعريف تركيبي نجتهد في صياغته على النحو التالي :

المعاييرمؤشرات رمزية تصاغ في مواصفات / شروط ، تحدد الصورة المثلى التينبغي أن تتوفر لدى التلميذ (أو المدرسة) الذي توضع له المعايير ، أو التينسعى إلى تحقيقها، وهي نماذج و أدوات للقياس ، يتم الاتفاق عليها (محلياوعالميا) وضبطها و تحديدها للوصول إلى رؤية واضحة لمدخلات النظام التعليميومخرجاته، لغاية تحقيق أهدافه المنشودة والوصولبه للجودة الشاملة.


خصائص بناء المعايير في التعليم :

يعتقد المتحمسون للمعايير و لتطبيق مدخل المعايير في التعليم ، أن هناكمبررات كثيرة وراء دعوتهم ، تتمثل في جملة من الخصائص والوظائف التي تميزالمفهوم عن غيره من المفاهيم الأساسية ، التي وظفت لحد الآن في بناءالمناهج وفي تطوير العملية التعليمية بشكل عام ، و يقدم محمود الضبع تحديدادقيقا لتلك الخصائص والوظائف التي تميز مفهوم المعايير وكذا للإطارالعامالذي نشأت في حضنه ،نجمله في النقاط التالية:

- في إطار زيادة الاهتمام بدور التعليم ونواتجه على المستوى العالمي .

- و في سياق العولمةومجتمع المعرفة ، وما نتج عنه .

-و الاهتمام بالجودة الشاملة ، وإعداد البرامج الخاصة بها في كل المناحي .

- وفي إطار انتشار التنافس المعياري العالمي.

- وفي مواجه تحديات المستقبل ،وعدم القدرة على تحديد ملامح فارقة له .

-تسهم المعاييروالمستويات المعيارية في رسم توقعات لطموحاتنا في التعليم ( صورة مثالية)، وتوجيه العمل التربوي في كافة مجالاته ، وتوفير محكاتموضوعية لقياس نجاحاتنا في مسيرة التعليم .

-كما تؤكد المعايير ومستوياتها( مستويات معايير المناهج على وجه الخصوص) أنجميع التلاميذ قادرون على التعلم في مستويات عليا ، وأن التميز ينبغي أنيكون للجميع ، و بالتالي فإن توفر المعايير ضرورة حتمية لتوافر الفرصوتكافؤها .

-كما يؤدي حضور ووضوح المعايير إلى الشفافية والعدالة والمحاسبية ، وبالتالي إلى ثقة وتأييد الرأي العام.

- تعتبر المعايير ومستوياتها ومؤشراتها وسيلة فاعلة وركيزة أساسية لعمليات تطوير وتحسين التعليم.

- تمنح المعايير دورا فعالا للمعلمين في تخطيط التدريس وإدارته و قياس و تقويم نتائجه.

-كما تمكن المستويات المعيارية ومؤشراتها المعلمين ، من متابعة تعلمالتلاميذ وتمكنهم من الإبداع في أساليب تقويم النتائج والمخرجات .

- وتنعكس نتائج توافر المعايير على الأنشطة التعليمية التعلمية داخل الفصل ( القسم) الدراسي ، فتزداد مساحة التعلم النشط ، وتكثر الأساليب الإبداعيةفي العملية التعليمية ( محمود الضبع ، 2006 ).


مبررات التوظيف التربوي لنموذج المعايير:

يقدم عبد العزيز الرويس ( 2004) جملة من المبررات وراء توظيف نموذجالمعايير في المجال التربوي، و التي يمكن اعتبارها في نفس الآن ، من أهمخصائص المعايير ، نعرضها على النحو التالي :

الطالب والتنافس المعياري العالمي :إن متطلبات سوق العمل حاليا ومستقبلا،بما فيها من تقدم علمي وتكنولوجي فائق النوعية ، وأثر المعطيات العلميةوالتكنولوجية والتربوية في التعليم والتعلم ، تتطلب من النظم التربوية تبنيشعار التعليم والعلم المتميزين تحقيقاً لجودة مخرجاتها ، والتي تتمثلبمتعلمين مؤهلين أكاديمياً أكفاء يمتلكون مهارات نوعية في شتى المجالات،بحيث يكونون قادرين على المنافسة في المسابقات والاختبارات العالمية ،وقادرين على المنافسة بالضرورة ، في السوق العالمية . بحيث يحصلون علىالفرص التعليمية والوظيفية ، ويتفوقون في مجال الابتكار والإبداع

- تطبيق مبدأ المحاسبية : إن إعداد متعلمين ذوي كفايات عالية للقرن الجديد ،يتطلب نظرة متأنية خاصة بماذا ندرس ؟ وكيف ندرس ؟ وما الضمانات لنجاح مانقوم به ؟ بمعني أن يكون لدينا معايير جيدة لأداء التلاميذ ، وفي الجانبالآخر معايير لمعرفة مستوى أداء المؤسسات التعليمية . فوجود معايير خاصةبعمل المؤسسة التعليمية يساعد على تطبيق مبدأ المحاسبية ، وهذا يفعلكثيراًعمل المؤسسات في تحقيق الأهداف المرجوة منها وفقاً لاستراتيجيةمحددة ،وهو ما يجعل الوصولإلى معيار قياس جودة العملية التعليمية ،أمراً ممكناً .

- التقويم التكويني المستمر : ومما لا شك فيه ، ودائما حسب الداعيين لهذاالمدخل، فإن بناء وتطبيق المعايير التربوية يساعد كثيراً في تحسين مستوىالتعليم من خلال قياس ما يتعلمه المتعلم وما يستطيع فعله . وهذا بخلاف ماكان سائداً ومازال في كثير من الأساليب ، وهو التركيز على المعلومات التييحفظها التلميذ فقط ، وهي في غالب الأحيان مهارات بسيطة مجزأة لا رابطبينها ومعلومات متقطعة لا انسجام بينها . وحتى تحقق المعايير التحولاتالإيجابية المرجوة في عملية التعليم والتعلم ، لا بد لها أن تقوم تقويماًتكوينياً مستمراً يأخذ في الحسبان المعرفة وتطبيقها ، و يتابع بالأساسمسيرة المتعلم بشكل مستمر ، لتحديد مناطق القوة والضعف لديه وسبل التعاملمعها . ومن هنا مبرر الدعوةلأن يكون تقويم التلاميذ تقويماً مبنياً علىأسسمعيارية تحدد مستوى أداء معين يجب على التلميذ الوصول إليه ، وكذلكمهامعملية معينة في شكل تكليفات تطبيقية ( مهام وواجبات)ينبغي إنجازها . ومثاللذلك التقويم من خلال ما يعرف بسجل أو ملف إنجازات وأداءالتلميذportfolio،والذي بدأت العديد من الدول ، تطبيقه خلال مراحلالتعليم المختلفة . وهذايقود إلى أن يكون تقويم التلميذ وتطوير أدائه فيضوء مستوياته وخبراتهالسابقة .كما يقود إلى أن تكون نظم التعليمالمستقبلي ، تراعي ضرورة أنيكون التلميذ خاضعاً دائماً إلى بعض التجاربوالخبرات التي تؤهله إلىالتنافس المعياري . ومعايير التنافس التي يتحققمن خلالها التميز ، يمكنصياغتها حسبعبد العزيز الحر ، في النقاط التالية (2000):

تحديد مستويات معرفية ومهارية لما ينبغي أن يمتلكه المتعلم .

تحديد سقف مرتفع لمعدلات التحصيل ، بحيث يحصل (90%) من إجمالي المتعلمينعلى نسبة (90%) على الأقل من الدرجات النهائية في الاختبارات .

تحقيق نسبة حضور عالية والتزام من جميع التلاميذ في المدارس .

توفير مناهج عصرية ، وتوفر مستوى رفيع من التدريس من قبل المعلمين .


عوامل نشأة مدخل المعايير في التعليم.

بخصوص البدايات الأولى لمدخل المعايير في التعليم، يذهب العديد من الباحثينو المهتمين ولعل من أبرزهم أحمد المهدي عبد الحليم، في معرض مناقشتهوانتقاده لأسلوب تطبيق هذا المدخل في مصر، إلى أن أصل نشأته أمريكي (MAD IN USA صناعة أمريكية)؛ حيث اتخذ إصلاح التعليم في الولايات المتحدةالأمريكية شكل مداخل وحركات تتزامن وتتنافس،ولعل من أبرزها :


1- حركة تحديث بنية العلوم ، التي قامت في أمريكا بعد نجاح الاتحادالسوفيتي عام 1957 في إطلاق أول صاروخ في الفضاء لجمع معلومات. وقد اقتضتهذه الحركة إعادة النظر في بنية العلوم كلها، وشاع وصف "جديد" لمناهجالمواد المختلفة في المدارس ، وكانت العناية الكبرى في هذه الحركة موجهةإلى محتويات المنهاج؛ للتأكد من أنها صادقة بمقاييس التقدم العلمي المعاصر،وأنها مشروعة ومبررة اجتماعياً ، وأنها قابلة للتعلم. وكان حجر الزاويةفيهذه الحركة مقولة برونر (Bruner, J.):

"إنك تستطيع أن تعلم أي شيء للمتعلمين في أي عمر إذا استطعت أن تضع المادةالمتعلمة في صورة أمينة وملائمة للبنية الذهنية للمتعلمين".


2-حركة إصلاح التعليم المؤسس على مدخل الكفايات و تدعو ، كأساس للإصلاح،إلى ضرورة تحديد وتنمية كفايات المعلمين وكفايات المتعلمين على حد سواء،وقد شاعت هذه الحركة في البحوث الصادرة عن عدد من الجامعات الأمريكيةومراكز البحث التربوي، وانتقلت إلى العالم العربي من خلال من ابتعثواللتعلم في أمريكا، ومن خلال الأدبيات الأمريكية التي تمت ترجمتها في بعضالدول الأوروبية مثل فرنسا و بلجيكا وبعدها إلى العربية ،فتبنت بعض الأنظمةالتعليمية في دول عربية مثل المغرب وتونس مدخل الكفايات في بناء و تطويرالمناهج الدراسية.(الدريج محمد ، 2004).


3- مدخل الإصلاح القائم علىالمعايير القومية للتعليموالمحاسبيةStandards-BasedEducation Reform and Accountabilityوهو المدخلالذي لقي انتشارا كبيرا وربما يحمل اليوم قصب السبق في العديد من الولاياتالأمريكية لأسباب سيأتي ذكرها في عناوين لاحقة ، وهو المدخلالذي تماستنساخه لإصلاح التعليم في بعض الدول ومنها العربية و دخل بالتالي فيمعركة التنازع على المواقع بينه وبين مداخل أخرى مثل مدخل الأهداف السلوكيةالذي أصبح في طور الانقراض ، ومدخل الكفايات والذي لا يتناقض بالضرورةمعمدخل المعايير كما سنبين لاحقا.


دواعي اختيارمدخل المعايير لإصلاح التعليم في أمريكا.

ظهر مدخل "المعايير في إصلاح التعليم" في عدد من الولاياتالأمريكية منذثمانينات القرن الماضي ،وساد في التسعينيات ، وأنجزت حوله العديدمنالدراسات تم نشر أهمها في المجلد السنوي الثاني لأقدم جمعية مهنية فيأمريكا ، تحت عنوان:

From the Capitol to the classroom : Standards- Based Reform in the States.

(أي من الكونجرس إلى الفصل المدرسي: الإصلاح المؤسس على المعايير في الولايات).

وأصدرت الجمعية الأمريكية للبحث التربوي ، في شأن هذا المدخل، عدداً خاصاً من إحدى مطبوعاتها ربع السنوية المخصصة للبحث التربوي.

ووراء ذلك الانتشار ، عوامل يمكن اختصارها في النقاط التالية :

أولا- العامل الاقتصادي:

لعل من أدوات دعم سيطرة القطب الأوحد ، اللجوء إلى محاولة عولمة "الاقتصاد" في سائر دول العالم ، فكانت دعوة الدول جميعها – وبمعاونة البنك الدوليوصندوق النقد الدولي- على أن تعيد هيكلة اقتصادياتها، لتكون جزءاً منالاقتصاد العالمي؛ دون رعاية للتباينات والفروق الشاسعة بين الدول المتقدمةوالدول النامية. وأن تتبنى الدول كافة ،تحرير اقتصادها وتوجيهه إلىاقتصاديات السوق الذي تتنافس فيه أضعف الاقتصادات في دول العالم مع أعتاها.

وفي هذا الإطار ،شكَّل الرئيس الأسبق "رونالد ريجان"، رغبة منه في محافظةبلاده على موقع الصدارة ، لجنة رفيعة المستوى للنظر في الاستراتيجياتوالسياسات التعليمية التي تكفل لأمريكا السبق والتميز في مخرجات التعليم،وتجاوز كل أخطار الضعف العلمي والتكنولوجيفي المجتمع الأمريكي وأطلقتشعارات "تعلم لتربح Learn to Earn" وتعلم لتعمل "Learn to Work".(

خادم المنتدى 2014-03-16 07:24

رد: مقالات تربوية
 
إنماء السلوك المدني بين طموح الخطاب المدرسي وتعثر الممارسة اليومية.
محمد الجيري – مفتش تربوي، نيابة تنغير.
__________________________
من المؤكد أن الاضطرابات التي تطال السلوك المدني للمتعلمين باتت تمثلمشكلة اجتماعية حقيقية تحتاج إلى كثير من البحث والدراسة والتقصي، وأيضالكثير من التأمل والتأني والوعي والاستعانة بما توصلت إليه مختلف العلومالإنسانية في هذا المجال، من تقنيات وأساليب للكشف عن مختلف الجوانبالمتعلقة بهذه المشكلة. وإذا كانت الأبحاث والدراسات قد وفرت للباحثينإنتاجا غزيرا حول موضوع المواطنة والسلوك المدني ، محققة بذلك زخما نظرياهاما يستجلي كل الجوانب المرتبطة بهذه الظاهرة، طارحة بذلك عددا منالاجتهادات الفكرية المتمحورة أساسا حول دراسة وتفسير الأسباب والدوافعالنفسية والاجتماعية والثقافية لهذه الظاهرة،فإنه مع ذلك لا يزال أمامالبحث والدراسة مجال واسع لتسليط الضوء على الآليات والمقاربات البيداغوجيةالكفيلة بأجرأة الخطاب المتعلق بقيم المواطنة والسلوك المدني،وتحويلهإلىقناعة فكرية، وإلى التزام ينعكس بالإيجاب على سلوكيات المتعلمينومعاملاتهم، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية الجارية على مختلف الأصعدة.
تحديد المفهوم:
السلوك المدني مفهوم مركب من مكونين يحيلان على الأخلاق والإيتيقا، وعلىالتمدن كحالة مجتمعية سمتها التحضر، وينطوي المفهوم على حمولة سياسيةوثقافية ، وتؤطره منظومة أخلاقية محددة وضوابط قانونية معينة، وهذايمنحهأبعادا متعددة: أخلاقية، اجتماعية، قانونية ، تربوية..، ويندرج هذاالمفهومضمن شبكة مفاهيمية واسعة تتعدد في إطارها الدلالات ، بيد أن هذاالتعددالذي تسنده حقول واسعة مثل القانون والأخلاق وقواعد السلوك وأنماطالتربية ،من شأنه وبصورة مزدوجة: أن يسهم وبخصوبة في تحديد المفهومنظريامن جهة،وأن يجعل تحديده على صعيد الممارسة أمرا صعبا من جهةثانية، غيرأنالاقتراب من المفهوم وملامسته من منظور تربوي يقتضي تعيينعمليات تتصلبترسيخ مبادئ المجتمع وقيمه، وجعلها منفتحة على القيمالكونية، ومعرفةالمؤسسات والقواعد والالتزام بها، والوعي بالتفكير الحروالنقدي، وقبولالآخر، واحترام حق الاختلاف، والاقتناع بفضيلةالحواروالتواصل.
إنمشاريع إصلاح قطاع التربية والتكوين ببلادنا ، والمكتسبات المتحققةفيمجال التربية على المواطنة وحقوق الانسان لم تحل دون الاحتفاظ براهنيةسؤال المدرسة ودورها في تنمية السلوك المدني قياسا الى تنامي مظاهرالسلوكاتاللامدنية في فضاءات مؤسساتنا التعليمية، ومنها ظاهرتي العنف والغشبشتى تجلياتهما، وثقافة التخريب وإلحاق الضرر بالمرفق العام وبالبيئة،والتمرد عن القوانين التنظيمية،وعدم الانضباط لقواعد التدبير الإداريوالقرارات الصادرة عنه، فلماذا تواجه المدرسة المغربية تعثرا في تأديةدورها الطبيعي في إنماء السلوك المدني؟ هل التحول العميق الذي تشهدهالأنساق القيمية والثقافية وطنيا وكونيا يفوق من حيث وثيرته وحجمه جهودالمدرسة بوصفها فاعلا أساسيا لاستيعاب التحول الذي تعرفه منظومة القيم؟ هلتعزى بعض السلوكاتاللامدنية إلى الاكراهات التي حالت دون أداء المدرسةلوظيفتها التربوية أم الى الاختلالات المرتبطة بوظائف بعض بنيات المجتمعومؤسساته؟هل التنافر بين القيم التي تنشرها وتسيدها مؤسسات التنشئة ، ومنهاوسائل الاعلام بصفة خاصة يقلل من فاعلية مجهودات المؤسسة المدرسية فيإرساء السلوك المدني وتنميته؟
يندرجإنماء السلوك المدني ضمن الأدوار الطبيعية المنوطة بالمدرسة،بالنظر إلىتشعب أبعاد هذا السلوك، وتعدد تجلياته التربوية والاجتماعيةوالاخلاقيةوالقانونية، فالمدرسة قياسا الى وظائفها المحورية ذات الصلةبالتعلموالتكوين والتنشئة مؤسسة مؤهلة أكثر من غيرها للتربية على السلوكالمدنيباعتبارها فضاءايجسد مظاهر هذا السلوك وينشرها، ويسعى في الآننفسه الىاجتثات المظاهر اللامدنية المنافية للسلوك القويم، ومن ثم فتأهيلالمدرسةللقيام بدورها الاستراتيجي من أجل إنماء السلوك المدني تفرضهاعتباراتعدةمنها واجب ترسيخ قيم المواطنة وإشاعة السلوك المدني من منظوراجتماعيمحايث لاشتغال الافراد والمؤسسات وممارسة المهام في ظل واقع متغيرمنحيثنظمه القيمية والثقافية عبر العالم من جهة، وكذا حاجة المجتمع الىالتعبئةالشاملة من أجل إعمال السلوكات الإيجابية، وهذابدوره ينبع منصميمالوظيفة الدينامية للمدرسة كفضاء للتعلم والمواطنة يراهن عليه لتقديمإجابات عملية لأسئلة لصيقة بقيم المواطنة والسلوك المدني تطرحهاالممارسةالفعلية باستمرار.
يتأسسالفعل التربوي للمدرسة على ترسيخ القيم، بوصفها (أي المدرسة) منبرا لخلقفكر حر ، وترسيخ تفكيرنقدي ، وتقدير المسؤولية ، وممارستهاواحترامالاخر، فتقدير الذات يبدأ بتقديرالآخر،وذاك جسر لترسيخ قيمالديمقراطيةفي حياة المتعلم وسلوكه، فالتربية على المواطنة تغذي العقولبقيمإيجابية.ويحيلنا الهدف التربوي: بناء مواطن منفتح، معتز بهويته، مشبعبثقافة الحوار والتواصل بالضرورة على عملية بالغة التعقيد كونها مسؤوليةمجتمعية مشتركة تساهم بها كل من موقعه مختلف مؤسسات المجتمع المهتمةبالتنشئة الكامنة في انتاج القيم، ومعايير السلوك وضمان استمرارها .وتقعالمؤسسة المدرسية في طليعة مؤسسات التنشئة باعتبارها فضاء يراهن عليهالمجتمع لإنتاج الحصانة والمناعة الثقافيتين بقصد حماية الذات الاجتماعيةمن شبح الاختراق الثقافي الذي تسيده العولمة ، وهذا ما يسميه “إدغارمورانبلحظة “الفهم الانساني”، فالقيم هي الأصل في العملية التربوية،وهيالركيزةالرئيس للسياسة التعليمية، والموجه لغايات التربية، فالمصدرالأساسللأهداف التربوية ليس المجتمع، أو المتعلم، أو حتى المادةالمدرسة، والقيمهي التي تتحكم في جميع مراحل العملية التعليمية، فأزمةالتربية كمايرى”روجي غارودي”منأزمة القيم، وأول نتيجة لتطور العلموالتكنولوجيا هيالتأكيد على ضرورة التربية، حيث لا يمكن تكوين مواطنينبصفات مجتمع حديثإذا لم نبلغ مستوى كاف ومعقول من التربية، ومن مهامالمؤسسة المدرسية تحقيقالإدماج الاجتماعي عبر التنشئة التي تقوم بهابغية تمكين الفرد/المتعلممناستبطان القيم الاجتماعية والثقافية السائدةفي محيطه بما فيها منمفاهيموعادات وتقاليد…، ومن ثم يتحول الفرد/ المتعلم إلى كائن اجتماعي/ مواطنحامل لقيم المجتمع ومعاييره ولغته، ومنشأن ما تحقق من مكتسبات فيهذاالمضمار أن يؤطر تفكير الفرد، ويوجه سلوكهفي إطار البناء الاجتماعيالذيتتعهده المدرسة بجانب المؤسسات الموازيةالتي تضطلع بمهام التربية.
أضحىدور المدرسة المركزي في التربية على القيم يكتسي أهمية قصوى بالنظرالىالتحول المجتمعي وتأثر منظومة القيم داخله، والى التحولات الكونية منالناحيتين الثقافية والاجتماعية،فالتحولات العميقة التي تطال حياة الأفرادوالجماعات والدول بعالمنا المعاصر تثير إشكالية الثابت والمتغير فيمنظومةالقيم، هذه التحولات تقودنا حتما الى مساءلة وظيفة المدرسة،ودورهاالفاعلفي تنمية وترسيخ السلوك المدني ، فهل ما تشهده الممارسةاليومية منسلوكلامدني دليل يكفي لإثارة الشك حيال نجاعة المقاربةالمدرسية فيالاضطلاعبمطلب التنشئة الاجتماعية وبناء السلوك المدني؟ولعلالهدف الأسمىالذي تسعىإليه التنشئة هو البناء الشخصي لذات المتعلم،فالتنشئة تعدالطفل لتمثلقيم مجتمعه والحفاظ عليها، ودور المدرسة يكمنفي إكسابالمتعلمين الثقافةالايجابية، فالمناهج الدراسية ترمي الى إرساءوترسيخالقيم الايجابية لدىالمتعلمين نحو ذواتهم ونحو الآخرين،والتاريخ والتراث، عبر إنماء سلوكتقدير خبرات وتجارب الغير، والتفاعلمعها واستثمارها فيإطار التكاملالانساني، وتمكين الفرد من القدرة علىمساءلة الفكر، ونقدالثقافة بقصدتمثل ما هو إيجابي، فمعنى المدرسة يقومعلى ترسيخ القيمالنبيلة، وتمكينالمتعلمين من مواجهة المشاكل الحقيقية،والقيام باختياراتمسؤولة، وتقديمأجوبة تتعلق بالمستقبل الشخصي والمهنيللمتعلم.
يثيرموضوع تنمية السلوك المدني إشكالات عدة منها ما يتصل بواقعالممارسةالميدانية عنوانه تراجع الانضباط للواجبمرده البون الفاصل بينهاوبينالخطاب حول القيم ، ومنها كذلك ما له علاقة بالأجراة البيداغوجية،وانتقاءالآليات الكفيلة بإرساء حقيقي وفعلي للسلوك المدني، وترسيخه علىمستوىالحياة المدرسية وخارجها، وتعديلممارسات المتعلمين وتصحيحها، وفقمقارباتمتكاملة ومتدرجة، علاوة على التلاؤم المطلوب تحقيقه على صعيدالمناهجوالبرامج الدراسية وطرائق التدريس لضمان فاعليتها من أجل توطيدالسلوكالمدني.
تؤديالمدرسة رهانا معرفيا من خلال ما تقدمه من معارف مدرسية، بيد أنعملهايتجاوز ذلك نحو تحفيز فكر المتعلم، وإقداره على المساءلة ،والتمحيصوالنقد، وإثارة الشك داخل تفكير المتعلمين، وخلق وضعيات التفاعلالسوسيومعرفي التي تتيح تعديل وجهات النظر،وتعديل التصورات والتمثلات،واستدماج أفكار جديدة، فتلك مقومات أساسية لكل تنشئة تأخذ في الحسبانالتعلم والاشتغال المعرفي والوجداني،لم يعد القصد من التعلم هو تخزين أكبرعدد من المعارف، بل أضحى يخص تدريب المتعلم على قواعد التفكير، وتدبيرالوضعيات المشكلة بإعمال الذهن، ومنحه حركية ودينامية أساسهما الذهابوالإياب في منظومة التفكير الخاصة به من أجل تفكيك وهدم ومعاودة البناء لمايتوفر عليه جهازه المعرفي من رأسمال رمزي.
ليستالمضامين المعرفية هدفا في حد ذاتها ، بل المهم هو توظيف هذهالمعارفوالاقتناع بها، واعتمادها مرجعية للسلوك وللتفاعل داخل الواقعالاجتماعي،وهذا ليس معناه أن فهم الظواهر أصبح عديم الجدوى، فتقنياتالتواصلالمتطورة وإن كانت تتيح إمكانيات هائلة لبلوغ المعارف ، فإن تفسيرالظواهريكتسي ضرورة ، وتربية المواطن ينبغي ألا تكون بقصد جعله أداة فيخدمةقوةخارجية، وإنما لكي يتمكن من أخذ القرار الفردي والجماعي بخصوصكيفيةاستعمال مفهوم/قاعدة وتحديد الهدف وتقدير الامكانيات، ففي إطار تقديرالآخر وتثمين جهوده يبقى إدراك الحقيقة العلمية وحده غير مجد، دونمااستيعاب الطريقة المتبعة في إنتاجها وفهمها.
إن التربية على المواطنة وترسيخ السلوك المدني ليس معرفة تلقن، بقدرما هينشاط ذاتي يتعهده الفرد/المتعلم بنفسه انطلاقا مما تخلقه له المدرسة منوضعيات تعلم حقيقية يكتسب من خلالها المتعلم قواعد التفكير les Régles de raisonnement والتدبير الواعي للأنشطة الذهنية Gestion consciente des activités mentales، ومن خلال العمل بمبدأ المزاوجة بين نقل المعارف،والتكوين الهادف الى بناء الحكم عليها/ ومن خلال ترسيخ الفكر النقدي، وبينالتربية على القيم والتكوين الهادف الى الحكم على تلك القيم.
تعتبر الممارسة الفعلية السليمة من خلال الخبرات والتجارب اليومية داخلالمدرسة، وفي غيرها من الفضاءات العامة، مدخل أساس لإكساب الطفل الكفاياتالقيمية النبيلة التي تجعله يمارس إنسانيته بوعي متحرر يمنحه القدرة علىاقتراح مبادرات، وإنجاز مشاريع، باعتبارها أدوات للتواصل والإدماج المهني،وللتشبع بروح المواطنة، وهذا ما يجعل المدرسة تواجه تحديا حقيقيا له صلةوطيدة برهان تكافؤ الفرص وتحقيق المساواة في التحصيل والتكوين، فإذاكانتالمدرسة معنية بتأسيس فعلها التربوي على ترسيخ القيم، فلا يمكن أنتتحققديمقراطية المعرفة العلمية إلا بالمعنى الذي تكون فيه تلك المعرفةديمقراطية، وفي متناول أكبر عدد من الأفراد، ومهمة المدرس تصبح ذات معنىإذا كان منخرطا ومشاركا في إنتاج قيم لدى أطفال مؤسسة على إكسابهم ثقافةالنقد، والتمحيص والمبادرة، وتفعيل المشاريع، وإبداء الرأي وتقدير الآخر.
إنخيار التوافق المعمول به فيما يتعلق بمنظومة القيم في المدرسةالمغربيةتنجم عنه تأثيرات سلبية تجعل المدرسة فاقدة لتجانسها وفعاليتها منتجلياتهالتضارب القيمي الذي تحمله المقررات الدراسية على اختلافها، وإذاكان

خادم المنتدى 2014-03-16 07:26

رد: مقالات تربوية
 
المنظومة التربوية بالمغرب وسؤال المناهج الدراسية
د.رشيد جرموني
الثلاثاء 24 دجنبر 2013
تشهدالساحة المغربية في اللحظة الراهنة، نقاشا مجتمعيا حيويا ومفيداحول واقعالمدرسة المغربية، وإن كان النقاش يتمظهر حول إشكالية اللغة، فإنهيستحضرفيما يستحضر المعضلة التعليمية ببلادنا. ورغم تقديرنا الشخصي بأنبعضالنقاشات –خصوصا التي تلك التي تتظلل بنظرية المؤامرة أو التخوين، أوالقول بالتعصب والانطواء والرجعية- تنحرف بالنقاش العلمي الهادئ والمتوازنوالحكيم إلى لغة الادانة والإدانة المضادة، فإننا نعتبر أن القدرة على نقلالنقاش في قضايا التعليم من الدائرة الضيقة (ونقصد بها النخب والمؤسساتالمغلقة) إلى نقاش عمومي ومفتوح، يعد أمرا هاما ومعبرا عن حركية مجتمع حيوييبحث باستمرار عن أجوبة مقلقة لواقعه المأزوم، وخصوصا واقع التربيةوالتعليم.
فيسياق هذا النقاش، نود في هذا المقال المتواضع، أن نطرح وجهة نظرنا فيمسألة حيوية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، وهي إشكالية المناهج الدراسيةبالمنظومة التعليمية، ولعل إقدامها على هذا الموضوع، إنما يستمد قيمته،- فيما نعتقد- بالتشخيص الذي يباشره المجلس الأعلى للتعليم، خصوصا بعد الخطابالملكي الأخير حول واقع المنظومة التربوية، والذي تحدث عن أهم الأعطابالتي لا زالت تشرط المنظومة، وهي قضية المناهج.
هذاعلاوة على كون المغرب، بعد توصله إلى إخراج وثيقة دستورية جديدة، -تعبرعن بعض المعالم الكبرى للمشروع المجتمعي المنشود-، طرح السؤال منجديد: هلتمثل هذه الوثيقة "الإجماع الوطني" حول نوعية المواطن المغربيالذي نريدتكوينه في المستقبل؟ وهل يترتب على ذلك، أن يكون المشروع التربويالمأمول،معبرا عن روح هذا "الإجماع الوطني"؟ وهل يستلزم ذلك، مراجعة عامةلفلسفة ولبنود ومضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين؟ أم أن هذهالمراجعة لنتكون إلى جزئية ومحدودة؟ وهل يمكن القول أننا بالتوصل إلىالتوافق حولالوثيقة الدستورية، أننا فعلا قطعنا مع إشكالات التوافق الهجينوالمغشوش،والتي تتفجر عند كل عملية بناء المناهج الدراسية أو تغييرها أوتحيينها؟
هذهالأسئلة وغيرها، قد يطرحها أي متتبع للحقل التربوي، باعتباره حقلاصراعيابامتياز، والذي تتداخل فيه مصالح الفئات المجتمعية، ورهاناتهاالإديولوجية سواء المعلنة والمصرح بها، أو الخفية والمسكوت عنها.
لاشك أن طرح هذه الأسئلة وغيرها مما لم نتمكن من الإحاطة به، يساعدنافيفهم بعض الإشكالات المتعلقة بالمنهاج الدراسي، فكما هو معلوم لدىالدارسينللمناهج، أنها تتضمن –بالإضافة إلى المكونين المعرفي(المعارفالواجبتعلمها)، والمنهجي (الآليات وأساليب التدريس والتقويم وما إلى ذلك)،فإنهاتتضمن الرؤية القيمية والفلسفية، والتي يمكن أن نعبر عنها بالأسئلةالوجودية التالية: ما ذا نريد بالمدرسة؟ ولأية أهداف؟ وما هو نوع المواطنالذي نريد تخريجه من النظام التعليمي؟ وما هي الغايات الكبرى التي نسعىلتحقيقها؟ ووفق أية رؤية فلسفية أو فكرية أو سياسية أو اقتصادية أو علميةوحتى تقنية ؟
نظرالخطورة هذه الأسئلة، فإن عملية بناء أو تغيير أو حتى تحيينالمناهج، تتخذأهمية قصوى في بناء المشروع التربوي داخل أي مجتمع ما. ونحنعندما نطرحهذه الأسئلة وغيرها، لا ندعي أننا الوحيدين الذين طرحناها، بقدرما نسعى،للمساهمة المتواضعة في إغناء النقاش حول هذا الموضوع. ولعلاستحضار النقاشالذي تساوق مع لحظة تنزيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين،يعد مدخلاحيويا لفهم جزء من الأسئلة المحرجة التي طرحناها قبلا. فغني عنالذكر، أنوثيقة الميثاق، تضمنت جوابا عن بعض هذه الأسئلة، عندما حددتها فيالمرتكزات التابثة، التي يهتدي بها النظام التربوي المغربي، وهي "الاهتداءبمبادئ العقيدة الإسلامية السمحاء، وحب الوطن والتمسك بالمملكة الدستورية،والتواصل باللغة العربية مع التفتح على اللغات الأكثر انتشارا في العالم،وتبني الممارسة الديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون، والتوفيق الإيجابيبين الوفاء للأصالة والتطلع الدائم للمعاصرة..." (الميثاق الوطني للتربيةوالتكوين،2000).
لكنواقع الحال بين حجم التخبط والصراع والتصدع الذي هيمن على عملياتتنزيلوأجرأة هذه البنود، ولو أردنا أن نتحدث بتفصيل على هذه المحطة، لماوسعتناهذه المساهمة، لكن يمكن الإشارة فقط، إلى السجال الذي تفجر إبانعمليةتغيير المقررات الدراسية، والذي كان قد شهد معارك إديولوجية بينتوجهينمجتمعيين: الأول يمثله الإسلاميون والثاني يمثله "العلمانيون" أولنقلالتيار المتأثر بالقيم الحداثوية.
ولعلالجدل الذي صاحب الموقف من مادة التربية الإسلامية وفائدتهابالنسبةللتلاميذ أو عدم ذلك، يبين إلى أي حد، وقعت النخبة المثقفةوالفاعلونالاجتماعيون، في معركة حقيقية من أجل تنزيل بنود الميثاق. وهذهالواقعةتبين أن طبيعة التوافق الذي –قد يظهر- أنه تحقق في محطة من المحطاتالحاسمة في المغرب، كمحطة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، أو حتى لحظةالتوصل إلى توافق حول الوثيقة الدستورية الحالية، يبدو هشا وقابلا للانفجارفي بعض المنعطفات الحاسمة في بلورة رؤية مشتركة ومنسجمة.
انطلاقامما سبق، نتساءل هل بالإمكان تفادي التقاطب والتقاطب المضاد، فيعمليةتغيير المناهج الحالية، مع الورش الإصلاحي الذي دشنه المجلس الأعلىللتعليم والبحث العلمي، أم أننا سنعيد اجترار نفس الأعطاب البنيوية التيلازمت حال ومآل منظومتنا التربوية؟
يمكناعتبار أن عملية بناء أو تغيير أو حتى تحيين المناهج الدراسية،عملية جدمركبة وجد حساسة، فمن جهة تنتصب إشكاليات محايثة لهذه العمليات،أولاها،الجدل المرتبط بعملية انتقاء المحتويات الدراسية، وصعوبة التوفيقبين ماهو خاص محلي أصيل وما هو كوني وعالمي. ففي هذه المرحلة مطلوب ايجادصيغةتوافقية بين القيم الكونية والقيم الدينية الإسلامية، وهي العمليةالتي لاتسلم عواقبها في المغرب.
فكماهو معلوم، كيف يمكن أن نجد صيغة مقبولة للجميع بين حرية المعتقدوإلزاميةالدين الإسلامي على الطريقة المالكية السنية الأشعرية في البناءالأيديولوجي للدولة، وتتعقد العملية أكثر عندما نتفحص جيدا المواد المكونةلبنود الدستور، فرغم إقرارها بأن المغرب دولة إسلامية، وليست بلداإسلاميا،إلا أن هناك بنود أخرى تتحدث عن حرية المعتقد. أو حتى من خلالمفهومالمساواة بين الرجل والمرأة،كما يفهمه العقل الغربي، وكما هو مبثوثفي نصوصالدين الإسلامي وفي مخيال ووجدان الأفراد والمجموعات والتجمعات. هذه منأعوص الإشكاليات التي ستعترض أية مغامرة نحو الوصول إلى توافق ما.
ربمالم نستحضر مجموعة من الأمثلة الدالة على وجود تنافر بل تناقض بينالقيمالدينية الإسلامية وبين القيم الكونية العالمية بصيغتها المطروحةحاليا،لكننا نعتقد أن هذا المدخل سيؤثر لا محالة في تفجير نقاشات حادة،وقد أجزمبأن حتى السياق الحالي لا يسمح للإسلاميين المغاربة في المضي فيالمنافحةعن بعض الخطوط الحمراء التي كانت تشكل لديهم الحصن الحصين، وحصانطروادة،وهي قضية المناهج في مثالنا الحالي.
أماثاني أكبر تحد يمكن أن يشكل عقبة في وجه تسريع عملية إعادة النظر فيالمناهج التعليمية، هي مسألة تدريس اللغة ولغات التدريس. كيف ندرس اللغة؟ووفق أية مناهج؟ وبأية رؤية؟ وما هي لغات التدريس التي سيمسها نقاش فيعملية التغيير؟ فرغم أن الدستور قد حدد لغتين وطنيتين وهما العربيةوالأمازيغية، فإن واقع الحال لا ينسجم مع هذا التنصيص الدستوري، فوضعيةاللغة العربية في منظومتنا التعليمية ليست بخفية عن أحد، فتعليمنا لا زاليراوح نفسه، ولا زال العطب الكبير يلازمه، فالتعريب لم يصل إلا إلى مرحلةالثانوي، وهو في أدق العبارات ليس تعريبا حقيقيا، بل لنقل إنه أشبه بتعريب.
فالواقعأن اللغة التي تدرس للتلاميذ هي مزيج من الدراجة والعربيةوأشياء أخرى (كالفرنسية الهجينة في مناطق النفوذ السابق لفرنسا، والإسبانيةفي مناطقالشمال). وستزداد الصعوبة، مع إقرار تعميم الأمازيغية، في كلجهاتالمملكة، مما سيتطلب مجهودات كبرى في سبيل معيرة هذه اللغة، وخصوصاوأنجزء من المغاربة، اختاروا أن يكتبوها بحرف تيفناغ، وهنا نفتح قوسا: ربماكان الأولى –في اعتقادي الشخصي- أن تكتب بالعربية، حتى تسهل عمليةالتعرفعليها من طرف كل المغاربة.
إلاأن أكبر تحد يمكنه أن يواجهنا الآن، وهو على الأقل مطروح علينابإلحاح أننقدمه بشأنه جوابا –ليس سياسيا- بقدر ما هو جواب فني علمي ينهلمن علماللسانيات وما يجاورها من علوم أخرى، ونظريات التربية وتعلم اللغات،وماتفرزه من تطورات، قلت هذا التحدي، هو لغات التدريس، هل من الممكنالتفكيرفي إستبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى؟ أمأنمجرد التفكير في هكذا سيناريو يعد شيئا نشازا في رهانات السياسةالتعليميةالمغربية؟ وهل ستتمكن الحكومة الحالية، من خرق سقف التحكم اللغويالذيليالتابع لفرنسا؟
ونحنعندما نطرح هذا الاقتراح، فإننا نقرأ في تجارب الدول التي اختطتلنفسهاسياسات تعليمية مطابقة لواقعها ومتجاوبة مع تحديات المرحلة، ونخصبالذكرالتجربة الماليزية، التي كانت تتشابه مع المغرب في أعطابه التعليميةوالتربوية في لحظة ما بعد الاستقلال، لكنها اليوم تعد من أكبر القوىالإقتصادية العالمية الكبرى. وقد كان لنخبتها وخصوصا رئيس الوزراء الذي كانوزيرا للتعليم، عندما قرروا التدريس باللغة الأصلية المالوية، بجانباللغةالانجليزية، باعتبارها لغة العلم والانفتاح والتقدم.
فيحين يمثل التحدي الثالث، والذي يمكن اعتباره بمثابة التحدي المحايثلكلالمنظومة التعليمية، وليس فقط المناهج، فهو إشكالية القيم المتضمنة فيالمحتويات الدراسية. وهنا نتساءل ما سر هذه الازدواجية الرهيبة التي تسمالقيم المغربية؟ وهل يمكن أن نفترض، أن ضعف القيم في المقررات الدراسيةيعتبر من بين الأسباب التي لا زالت تعيق عملية أجرأة قيم منسجمة يتملكهاالمدرسون أولا ويتمثلها المتمدرسون ثانيا، وتشيع على بقية المجتمع؟ لا حاجةلنا للتدليل على التشظي القيمي الذي أصبح ميزة وخاصية تميز الأجيالالمغربية المتعاقبة، فالدراسات البحثية التي سهر عليها العديد من الفعالياتوالهيئات والباحثين، لعل آخرها ما توصل إليه البحث المتميز للمجلسالاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والموسوم ب"إدماج الشباب عن طريقالثقافة"(2012)، إلى أن الشباب المغربي الحالي، يعرف تحولات عميقة في مجالالقيم، وأن غياب الرؤية الثقافية والقيمية المنسجمة، شكل مدخلا لاهتراءمنظومة القيم الحالية عند مجموع الفئات الشابة، دونما قدرة على إبداع نموذججديد لهذه القيم.
وقدتحدث التقرير الآنف الذكر، عن مسؤولية المناهج في إنتاج وإعادةإنتاج هذهالقيم المأزومة والتي تتضمن التناقض والتافر في الآن نفسه. وربمايتقاسمالكثير من الباحثين هذه الخلاصة، فبدوري في دراستي الموسومةب"الشبابوتحول القيم والاتجاهات والممارسات الدينية بمدينة سلا"، توصلتإلى نتيجةمشابهة لذلك. وقد اعتبرت أن المدخل القيمي، خصوصا عبر بوابةالمناهجالتعليمية، يمكن أن يشكل مدخلا من بين المداخلـ التي يمكنها أنترفدالمنظومة القيمية ببلادنا.
ونحنفي هذه المساهمة، وبعد البحث والتنقيب، توصلنا إلى أن ما تطرحهمدرسةالتكامل المعرفي، ليست بصيغتها الغربية (إدغار موران ومن شاكله)، بلبصيغتها الحضارية، الملتصة بالثقافة الأصيلة للمغرب (خصوصا في تجربةالتدريس بجامعة القرويين قديما)، يمكنها أن تشكل –في اعتقادنا- جوابا عنعلاقة القيم بالمنظومة التعليمية، حيث يتم الحديث عن "النظام المعرفيالتوحيدي، الذي تتقلص فيه المسافة الفاصلة بين ما هو فكر وما هو واقع، وبينما هو تاريخ وما هو عقيدة، إذ تتكامل أسس هذا النظام ومكوناته حتى تبلغحدالتطابق. فالعقيدة والشريعة والحضارة والثقافة والسلوك والتاريخ،والدينوالدولة، كل ذلك يشكل حزمة واحدة جامعة لبنية النظام المعرفيالأصيل". ونحنهنا لا نعلن عن موقف رجعي أو متماه مع الثرات، بقدر ما نريدأن نقرأ هذاالنموذج في إطار دينامي ومتجدد ومستجيب للشروط وللتحدياتالمطروحة آناومستقبلا.
إننالا ندعي أننا أتينا على كل الأسئلة التي تؤرق حال المناهجالتعليمية،

خادم المنتدى 2014-03-16 07:28

رد: مقالات تربوية
 
أهمية التواصل البيداغوجي مع الصفوف الأخيرة
يرتكزالتواصل البيداغوجي- للأسف- في مؤسساتنا التعليمية ومراكزنا التربوية والتكوينية{بمختلف أسلاكها و مستوياتها} على التلاميذالجيدين، أيعلىالفئة القليلة التي تجعل من الصفوف الأولى عنوان جديتها ودينامكيتهاداخلالقسم، وذلك صمانا لإنجاح العملية التدريسية و تحقيقالأهدافالمتوخاة منالنشاط أو المواد المقدمة، وبما أن الفئة العريضةتتخلف عنالفهم و كسبالمهارةو الكفاية اللازمة ، بسبب النقص الفظيعالحاصل فيالتواصل معها ،فإن هذه الطريقة التعليمية تكون قد أخطأت الطريقورمتبرهانات إصلاحالمنظومة التربوية عرض الحائط ، لأن زمن الطبخاتالسريعة والاقتصار علىعنصر أو عنصرين في تقديم وإنجاز الأنشطة التعليميةقد أكلعليه الدهروشرب، لذلك نلفت انتباه الفاعلين التربويين و المهتمينبهذاالميدانالاجتماعي الصرف، أن عملية إشراك كل الفئات داخل العمليةالتدريسية والتواصل معها أضحى ضرورة بيداغوجية و إنسانية لا مفر منها.
فإذا كان رجال وعلماء الاقتصاد يرون أن محور الدولة وعمودها الفقري يكمن فيقوة اقتصادها؛ فان رجال الفكر والمعرفة بصفة عامة والمهتمين بشؤونالتربيةوالتكوين والفاعلين التربويين بشكل خاص يجزمون بأن المدرسة هيإكسير حياةكل المجتمعات الإنسانية؛ إذ بواسطتها تتميز هذه الأخيرة عنباقي المجتمعاتالكونية- أي بالقراءة والكتابة- وعلى رأسها المجتمعاتالوحشية- كما يرىالانتروبولوجي الفرنسي كلود لفي ستراوس-هذا فضلا عن كونالمدرسة تلعب دورارياديا في تقدم المجتمع و ازدهاره. لكن عن أيةمدرسةنتحدث؟ وهل الأمريتعلق بأنواع عديدة من المدارس؟ وإذا كان الأمر كذلكفماهي المدرسة التييتطلع لها جيلنا الجديد؟
أجل؛ إن الأمر هنا يتعلق بالمدرسة الواقعية التي تقدم لتلاميذها تعلمات؛مفاهيم ومعارف ذات معنى ومدلول وهو ما يعنى به اليوم: مدرسة منسجمة معتاريخها الفكري والثقافي ومعنية بتحولات مجتمعها الداخلية ومنفتحة على مايجري في الخارج.ولعل أول ميزةتبرر هذا المعنى وهذه الواقعية الحداثية هوالخطاب التربوي المتداول داخل فظاءاتها الرحبة سواء بين المتعلمينوالإدارةأو بينهم و بين المدرسين أو بين بعضهم أنفسهم.
إن التواصل الذي تفتقده جل مؤسساتنا التربوية في وطننا العربي؛ يظل السمةالبارزة للمدرسة الجديدة- مدرسة جيل النجاح كما اصطلح عليها المخططألاستعجالي للتربية والتكوين- إنها المدرسة التي تقوم على قيم إنسانيةكونية عادلة وعلى مبادئ ثقافية يتقاسمها أبناء العالم مثل مبدأ التعاونوالإنصاف والتشارك والإنصات للآخر والتحفيز والتشجيع اللذان يولدان لدىالمتعلم حب الاستطلاع والمبادرة والتساؤل والانخراط عن حب واقتناع في كلالاوراش والأنشطة التي تقوم بها مؤسسته؛ إنها بعبارة أخرى مدرسة التواصلالفاعل والهادف الذي يبني الأجيال الجديدة ويقلص المسافات بين الثقافاتوالحضارات العالمية.
ترى لماذا التواصل كمادة دراسية وسلوك مدني وثقافة بيداغوجية؟
لان بصراحة؛ إذا كانت قيمة المواد الدراسية تموت- تقريبا- بانتهاء المواسمالدراسية والانتقال من مستوى إلى آخر؛ فان دينامكية التواصل تتقوى وتتطورأكثر فأكثر مع السيرورات التعليمية/ التعلمية للمتعلم ومع النجاحالمتواصلالذي يحرزه ليس فحسب على مستوى الامتحانات وإنما على مستوىالعلاقاتوالمعارف والقيم والكفايات التي اكتسبها هذا الأخير من جراءتواصلانهاليومية سواء مع أصدقاء القسم أو غيرهم وسواء معالطاقمالإداريومدرسيهداخل المؤسسةأو مع جيرانه وأقاربه خارجها.
وتأسيسا على ما سبق يمكن القول: إن امتلاك المتعلم للكفاية التواصلية يعدبمثابة المفتاح الذهبي الذي سيلج به المتعلم كل أبواب الكفايات – وعلىرأسها الكفاية السلوكية التي تربي المتعلمعلىالسلوك المدني الحسنوالمروءة – والمهارات المتبقية- وعلى رأسها مهارة الملاحظة والتحليل وإبداءالرأي- ولن نبالغ في هذا المقال إذا أعطينا أمثلة حية من مشروع المربيالفرنسي سيليستيان فرينيه في التربية على التواصل التربوي وروح المبادرةومشروع مدرسة سامير هيل ورائدها ألكسندر نايل؛ إنهما المربيان اللذانجعلامن إستراتيجية التواصل سواء مع التلاميذ أو مع الآباء وأولياء أمرهموفيانفتاح المدرسة على محيطها الخارجي أنجع طريقة لتحقيق أهداف وغاياتالعمليةالتدريسية من جهة ومعالجة كل الصعوبات والمشاكل التي تحول دوناستيعابالمتعلم لدروسه وفهمها فهما جيدا يقوده في نهاية المطاف إلىاستثمارها فيواقعه المعيشي اليومي من جهة ثانية ؛ ناهيك عن الأساليبالبيداغوجيةالمتميزة التي تتهجها الأوساط الإدارية والتربوية لهاتينالمؤسستين فيالوصول بالمتعلم إلى تخطي كل العقبات النفسية- الخوف؛ القلقوالارتباك- للإقبال على دراسته بحبوشغف.
ترى؛ هل سيتربى الجيل الجديد- جيل مدرسة النجاح- على مبدأ التواصل والاختيار وروح المبادرة؟
ثم إلى أي حد سنعمل على تغيير طرائقنا التعليمية للتواصل مع الفئات الضعيفة التي غالبا ما ترسو محافظها بالصفوف الأخيرة؟
الحسين وبا
فاعل تربوي


الساعة الآن 20:18

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd