2011-12-11, 19:17
|
رقم المشاركة : 3 |
إحصائية
العضو | | | رد: موقف الإسلام من المعاق و الإعاقة . | تابع
3 المعاق في المجتمع الإسلامي بالنسبة للإسلام إذن، كل ما يحدث للإنسان، خيراً كان أو شراً، نفعاً كان أو ضرراً، هو أولاً وقبل كل شيء قضاء وقدر، والمفروض أن المسلم لا يكتمل إيمانه إلا بتسليمه المطلق بالقضاء والقدر، وبالتالي فحدوث العاهة أو العجز أو الإعاقة، يدخل من باب أولى في إطار القضاء والقدر، والتسليم بذلك والصبر عليه والعيش وفقه، هو جزء لا يتجزأ من الإيمان، على اعتبار أيضاً أن الحياة الدنيا عابرة، وأن اللّه يعد في الآخرة أحسن الجزاء للمؤمنين الصابرين. من ناحية أخرى ميز الفقه الإسلامي، بين الإعاقات على أساس مبدأ الأهلية. فقد تناولت عدة مراجع فقهية درجات استحقاق الأهلية ودرجات فقدانها في حالة الإعاقة الذهنية بشكل خاص، وهو ما لا نرى داعياً للدخول في تفاصيله، نظراً لشساعة الموضوع ولتضارب اجتهادات الفقهاء بصدده. لكن يهمنا أن نسجل أن الإسلام لم يقف مكتوف الأيدي أمام مسألة الإعاقة وما يطرحه حاملوها من قضايا تهم في الصميم مبادئ التآزر والعدل وتكريم الإنسان. وقد ازداد موقف الإسلام في هذه القضية قوةً، بسبب أعداد المعطوبين والمصابين الذين كانت تخلفهم مختلف الحروب والغزوات التي انطلقت منذ صدر الإسلام، وهو ما يفسر أن العديد من أولئك المعطوبين كانوا يشاركون في الدورة العادية للحياة على قدر ما تسمح به قدراتهم. قد يكون ذلك في إسعاف الجرحى ومواساتهم، كما قد يكون في تحضير الأسلحة ولوازم العتاد الحربي، وغيرها من المهام اليدوية التي كانت لها قيمة كبرى في حينها، على اعتبار أن المجتمع الإسلامي الجديد كان يعبئ كل قواه المادية والبشرية للدفاع عن نفسه ونشر مبادئه. والمعروف عن الإسلام من ناحية أخرى، أنه إلى جانب النص على المبادئ الأصلية والمطالبة بالالتزام بها، فتح باب التيسير والمرونة وهو الأمر الذي استفاد منه الأشخاص المعاقون، مثلما جاء في سورة النور : { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج، ولا على المريض حرج، ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم، أو بيوت أمهاتكم، أو بيوت إخوانكم، أو بيوت أخواتكم، أو بيوت أعمامكم... } ( الآية 61 ). ورفع الحرج هنا ليس انتقاصاً من أهلية الأعمى أو الأعرج، فكرياً واجتماعياً، ولكنه فتح للباب أمامهم، من أجل التواصل الاجتماعي، والقرآن الكريم والسنة النبوية صريحان في موقفهما المبدئي من ضرورة عدم تجاهل الشخص المعاق وإعطائه الاعتبار الذي يستحق، انطلاقاً من كونه إنساناً أولاً، وقبل كل شيء، يعيش مع الآخرين في مجتمع ويتفاعل معهم داخله، وقد وجدنا أفضل تعبير عن هذا الموقف في الحديث النبوي الشريف الذي رواه البخاري ومسلم :"ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". يمكن القول إذن، إن الموقف القرآني والنبوي من الإعاقة ومن حالات الأشخاص المعاقين، كان إيجابياً، بل إنه تاريخياً، كان متميزاً، حيث قام العديد من الخلفاء المسلمين بمبادرات طلائعية لصالح المعاقين. ويرى الأستاذ النصراوي أنه "... لما ازدهرت الحضارة الإسلامية اعتبرت الإعاقات بمختلف أنواعها أمراضاً تتطلب العلاج والتأهيل، وقد ظهر أطباء مثل الكندي والرازي وابن سينا اعتمدوا التجربة والتحليل العلمي في الطب، واعتبروا أنه لا دخل للشياطين في الإعاقات الذهنية. كما أسس الوليد بن عبد الملك سنة 707م (88 هـ) أول معهد للمتخلفين ذهنياً، ثم أسس بعد ذلك بيمارستان بغداد، سنة 756م (137 هـ)، الذي كان أول بيمارستان خاص بالأمراض العقلية، ثم انتشرت هذه المؤسسات في شمال إفريقيا ومنها إلى أوربا عبر إسبانيا. لكن لما أتى القرن الخامس عشر، انطفأت هذه الشعلة العلمية وعادت الشعوذة والخرافات والدجل إلى مفاهيم الإعاقة في العالم العربي والإسلامي"(18). وحسب ما ورد في النبذة التاريخية بكتيب "التأهيل الاجتماعي" الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية سنة 1993، فإن "الخليفة الوليد بن عبد الملك هو أول خليفة جعل لكل أعمى قائداً يقوده ولكل مقعد خادماً يخدمه". يتبع | التوقيع | " اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا " | |
| |