الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-09-28, 07:17 رقم المشاركة : 1
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي شبهات مهترئة و ردود قاصمة



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

يقول الله عزوجل: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران : 7].

ويقول عز من قائل: وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً [النجم : 28].

وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات : 6].

لعل مسألة إثارة الشبهات والظنون من أقدم الوسائل التي لجأ إليها أعداء الأنبياء والرسل ومن سار على نهجهم وفي ركابهم من الأتباع، وستظل هذه المعركة قائمة بين أصحاب الحق والباطل، ولعلها لن ترفع إلى قيام الساعة.وكم هي تلك الأخبار التي تلقيناها دون تدبر وتمحيص وعلى ضوئها رمينا الآخرين بالتهم، جازمين بإرتكابهم لها، ثم تبين لنا أن قبولنا لها لم يكن سوى أنها صادفت هوى في نفوسنا، ضاربين عرض الحائط مناهج الكتاب والسنة من قول الله عزوجل قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. وقوله وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء : 36]. وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: بئس مطية الرجل زعموا. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إيّاكم والظّنّ؛ فإنّ الظّنّ أكذب الحديث.

وأول مصائد الشيطان من ترك التثبت هو سوء الظن. ثم يستدرج الظان إلى نشر ظنه. حتى يخرجه عن أهم أصول التثبت فيما يُنقل من أخبار وهو السماع من الطرفين.

يقول الإمام الغزالي: ليس لك أنتعتقد في غيرك سوءًا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يقبل التأويل. ويقول: اعلم أن سوء الظن حرام،مثل سوء القول.. فلا يستباح ظن السوء إلا بما يستباح به المال، وهو بعين مشاهدة أوبينة عادلة.[1]

وقال مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان : هو أن يظن بأخيه المسلم سوءا ، ولا بأس به ما لم يتكلم به ، فإن تكلم بذلك الظن وأبداه أثم.[2]

وحكى القرطبي عن أكثر العلماء: أنالظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز.[3]


وفي الحديث أن الله تعالى حرم من المسلم دمه وعرضه وأن يظن به ظن السوء " وعن عائشة مرفوعا من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه الظن إن الله تعالى يقول : ( اجتنبوا كثيرا من الظن )[4]

قال ابن قدامة المقدسيّ- رحمه اللّه-: فليس لك أن تظنّ بالمسلم شرّا، إلّا إذا انكشف أمر لا يحتمل التّأويل، فإن أخبرك بذلك عدل. فمال قلبك إلى تصديقه، كنت معذورا، لأنّك لو كذّبته كنت قد أسأت الظّنّ بالمخبر، فلا ينبغي أن تحسن الظّنّ بواحد وتسيئه بآخر، بل ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة وحسد؟ فتتطرّق التّهمة حينئذ بسبب ذلك.[5]


ويروى أن سليمان بن عبد الملك قال لرجل: بلغني أنك وقعت فيَّ وقلتكذا وكذا. فقال الرجل: ما فعلت. فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق. فقال الرجل: لايكون النمام صادقًا. فقال سليمان: صدقت.. اذهب بسلام.[6]


والشبهات كما قال ابن فارس رحمه الله : " الشين والباء والهاء أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لوناً ووصفاً ، يقال شِبْه وشَبَه والشبَهُ من الجواهر الذي يشبه الذهب ، والمشبهات من الأمور المشكلات ، واشتبه الأمران إذا أشكلا "[7] .

وقال ابن منظور : ( الشبه : الالتباس ، وأمور مُشْتَبِهةٌ : مشكلة يشبه بعضها بعضاً .. "[8].

قال أحمد الفيومي : " الشبهة في العقيدة المأخذ الملبس ؛ سميت شبهة لأنها تشبه الحق "[9] .

وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق ، فأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ، ودليلهم سمت الهدى ، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ، ودليلهم العمى.[10]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( الشُّبه التي يضل بها بعض الناس وهي ما يشتبه فيها الحق والباطل )) [11] .

وقال أيضاً : (( لا يشتبه على الناس الباطل المحض بل لا بد أن يشاب بشيء من الحق ))[12]

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : (( الشبهة إذا كانت واضحة البطلان لا عذر لصاحبها فإن الخوض معه في إبطالها تضييع للزمان وإتعاب للحيوان ))[13]

ومن أعظم الوسائل التي إنتهجها أصحاب إثارة الشبهات والظنون في تلبيسهم الأمور على العوام، اللجوء إلى المتشابهات من المسائل، وإن لم يجدوا في هذا ما يغني، عمدوا إلى آيات الكتاب وما صح من روايات فحملوها على محامل بعيده وصرفوها عن ظاهرها، وإن أعياهم ذلك كله، عمدوا إلى وضع الأحاديث بما تهواه أنفسهم إنتصاراً لباطلهم.

وهذا الأخير من أعظم الوسائل التي لجأ إليه هؤلاء، خصوصاً وأن الكثير من رواياتهم الموضوعة هذه قد تسربت إلى كتب المسلمين. ولا شك أن هناك آلاف الروايات حوتها مصادر المسلمين في شتى العلوم، كلها موضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنسوبة اليه وإلى صحابته رضوان الله عليهم وإلى الأئمة رحمهم الله.

ووضع الحديث عادة قديمة، وقد اختلفت أسباب هؤلاء الوضاعين بين زنادقة أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ووضعوا الأحاديث استخفافاً بالدين وتلبيساً على المسلمين، وبين أصحاب أهواء وعصبيات ومذاهب، يضعون ما ينتصرون به لمذاهبهم، وبين من وضع ذلك ترغيباً في فضائل الأعمال وترهيباً من النار .. إلى غير ذلك من أسباب ذكرها واتفق عليها كل من تكلم في هذا الباب.

وكان لانتشار هذه الروايات في كتب الفقه والتفسير والتاريخ والسير والمغازي وغيرها أثراً سيئاً في نشوء عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، أدت بدورها إلى ظهور فرق ومذاهب باطلة جل بنيانها على هذه الموضوعات، ولم يكن يتورع أصحابها في أن يصيروا كل ما هوته قلوبهم وأنفسهم حديثاً.

وكان المسلمون الأوائل لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتن بينهم، فكان أن سألوا عن الرجل، فإن كان من أهل السُنة أخذوا حديثه وإن كان من أهل البدعة فلا يؤخذ حديثه.

فصار الإسناد المتصل إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمة رحمهم الله عند الإمامية هو السبيل إلى معرفة الشرايع والأحكام، فتشددوا في معرفة حال كل من وقع في إسناد حديث حتى قيل لهم: أتريدون أن تزوجوه؟

وكان ابن سيرين رحمه الله يقول: «إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم»([14]).

وكان من هدي الرعيل الأول أن يأتوا بالإسناد قبل الحديث.

قال الزهري: «لا يصلح أن يرقى السطح إلا بدرجة»([15]).

قال الأوزاعي: «ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد»([16]).

وقال شعبة: «وإنما يعلم صحة الحديث من الإسناد»([17]).

وقال سفيان الثوري: «الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن سلاح فبم شيء يقاتل»([18]).

وقال ابن المبارك: «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء»([19])، وقال أيضًا: «مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم»([20]).

وقال الشافعي رحمه الله: «مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى وهو لا يدري»([21]).

وغيرها من أقوال بينوا فيها أهمية الإسناد.

فكان أن ظهر علم الرجال، الذي يبحث في أحوال رجال الأسانيد المنتهية إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة رضي الله عنهم أو الأئمة رحمهم الله لمعرفة صحة نسبة هذا الحديث أو ذاك إليهم من حيث خلو إسنادها من وضاعين إلى غيرها من علل وشذوذ.

وقد أورد الإمامية أيضاً من طرقهم حث الأئمة رحمهم الله على التثبت في نقل الأخبار بعد أن هالهم حجم الكذب عليهم.

فعن الصادق رحمه الله قال: «إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس»([22]).

وقال رحمه الله: «إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا، وإني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم كانوا لا يطلبون بأحاديثنا ما عند الله، وإنما يطلبون الدنيا وكل يحب أن يدعى رأساً»([23]).

وقال: «لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق الكتاب والسنة، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد دسَّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا محمد، فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»([24]).

وعن يونس بن عبد الرحمن قال: «وافيت العراق فوجدت جماعة من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله متوافرين، فسمعت منهم، وأخذت كتبهم، وعرضتها من بعد على أبي الحسن، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أصحاب أبي عبد الله، وقال: إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله، لعن الله أبا الخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون من هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله فلا تقبلوا علينا خلاف القــرآن»([25]).

وعنه أيضاً قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه، فيأمرهم أن يبثوها في الشيعة، فكل ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم»([26]).

وعن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا: «يا بن رسول الله! إن عندنا أخباراً في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها؟ فقال: يا ابن أبي محمود أن مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها الغلو وثانيها التقصير في أمرنا وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا وقد قال الله عز وجل: ((وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ))[الأنعام: 108] يا ابن أبي محمود! إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فالزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه، إن أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة هذه نواة ثم يدين بذلك ويبرء ممن خالفه، يا بن أبي محمود! احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك خير الدنيا والآخرة»([27]).

وقد اتفق المسلمون على حرمة نقل الحديث إذا كان موضوعاً لكونها إعانة على الإثم وإشاعة للفاحشة وإضلالاً للمسلمين، وأن من أراد أن يروي حديثاً ضعيفاً أو مشكوكاً في صحته بغير إسناد، يقول: روي، أو بلغنا، أو ورد، أو جاء، أو نقل، ونحوه من صيغ التمريض، ولا يذكره بصيغة الجزم، كقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولو أتى بالإسناد مع المتن لم يجب عليه بيان الحال، لأنه قد أتى به عند أهل الاعتبار([28]).

ولا شك أن قولهم: «إن الإتيان بالخبر مع الإسناد يغني عن بيان الحال» صحيح على نحو ما، فإن كثيراً من كتب المسلمين مليئة بالروايات الموضوعه بأسانيدها، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن علماءنا الأوائل رحمهم الله كانوا يمرون بمراحل في التأليف، بدءاً بالجمع والذكر لكل ما سمعوه في المقام، وانتهاءً بتحقيق الروايات لتمييز الغث من السمين، وقد يقتصر أكثرهم على الأول، أي: الجمع والذكر لكل ما سمعوه، معتقدين براءة ذمتهم ما داموا قد ذكروا الإسناد الذي يمكن من خلاله معرفة صدق الخبر من كذبه، وذلك لاستحالة تحقيق كل خبر في حينه، لاعتبارات عدة؛ كأن يكون للحديث المذكور طرق أخرى ينجبر به، أو أن ضعف بعض الرواة لم يثبت عنده، وغيرها، وأضف إلى ذلك عدم اشتراطهم لذكر الحديث أن يكون صحيحاً، كما صرحوا بذلك في مقدمة مصنفاتهم، مع هذا فلم يجز العلماء رواية أمثال هذه الموضوعات دون بيان وضعه، وعدوا من فعل ذلك مذنب عليه التوبة.

وأخطر ما يستغله هؤلاء هو جهل الكثير من العوام بالفرق بين مجرد الإيعاز وبين التخريج.

فالإيعاز هو مجرد ذكر المصدر الذي وردت فيه الرواية، وقد تكون هذه الرواية موضوعة وقد بين المصنف وضعها، ولكن أصحاب الشبهات لا يبيّنون هذه الحقيقة عند نقلهم للرواية. وربما ذكرها المصنف للرد عليها، فيستغل هؤلاء ورودها في الكتاب فيلبسون الأمر على العوام بأن هذه المسألة من المسلمات، حيث أوردها المخالفين في مصنفاتهم.

وأكثر الشبهات من هذين الصنفين.

والأمر الآخر هو التخريج، وهو دراسة سند الرواية ومتنها لبيان صحتها من ضعفها. وهذا علة ترديد الكثير من العلماء مقوله: المطالبة بصحة النقل، وأن مجرد العزو إلى فلان أو علان لا تقوم به حجّة باتّفاق أهل العلم.

وفي هذا يقول ابن خلدون رحمه الله : ( وكثيراً ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل ، من المغالط في الحكايات والوقائع ، لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثاً أو سميناً).

ونحن إن شاء الله تعالى سنورد خلاصة أقوال العلماء في هذه الشبهات، ومن أراد الإستزادة فعليه بطلبها في مظانها.


ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[1] - فيض القدير، 3/ 157

[2] - نيل الأوطار، للشوكاني، 5/ 64

[3] - المصدر السابق.

[4] - سلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني، 3420

[5] - مختصر منهاج القاصدين، لإبن قدامة المقدسي

[6] - المصدر السابق، وانظر أيضاً، إحياء علوم الدين، للغزالي، 4/ 268

[7] - مقاييس اللغة ( 3/243)

[8] - لسان العرب ( 13/504)

[9] - الصباح المنير ( 1/304)

[10]- نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج 1 /89 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 67 /181 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) - الشيخ هادي النجفي - ج 5 /271

[11] - التدمرية ص 106

[12] - مجموع الفتاوى 8/37

[13] - مؤلفات الشيخ 4/ 93

([14]) مقدمة صحيح مسلم (1/14).

([15]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/16).

([16]) التمهيد لابن عبد البر (1/57)، طبقات الشافعية الكبرى (1/314).

([17]) التمهيد لابن عبد البر (1/57).

([18]) شرف أصحاب الحديث (42)، جامع التحصيل (59).

([19]) مقدمة صحيح مسلم (1/15).

([20]) شرف أصحاب الحديث (42).

([21]) المدخل إلى السنن الكبرى (211).

([22]) أعيان الشيعة لمحسن الأمين (3/564)، بحار الأنوار، للمجلسي (2/217) و(25/263).

([23]) بحار الأنوار، للمجلسي (2/246)، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي (1/226)، فرائد الأصول، للأنصاري (1/326)، تاريخ آل زرارة، لأبي غالب الزراري (51)، اختيار معرفة الرجال، للطوسي (1/347)، إكليل المنهج في تحقيق المطلب، للكرباسي (50)، معجم رجال الحديث، للخوئي (8/232)، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين (7/48)، موسوعة المصطفى والعترة (ع)، لحسين الشاكري (8/429).

([24]) مستدرك الوسائل، للميرزا للنوري (10/48)(ه‍(، بحار الأنوار، للمجلسي (2/250) (69/211)(ه‍( )84/101)(ه‍( (96/262)(ه‍(، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي (1/262)، رسائل في دراية الحديث، للبابلي (2/237،253)، أصول الحديث، لعبد الهادي الفضلي (147)، اختيار معرفة الرجال، للطوسي (2/489)، معجم رجال الحديث، للخوئي (19/300)، قاموس الرجال، للتستري (10/188) (11/181).

([25]) رجال الكشي (195)، بحار الأنوار، للمجلسي (2/250)، خاتمة المستدرك للميرزا النوري (4/177) (هـ)، اختيار معرفة الرجال للطوسي (2/490)، معجم رجال الحديث للخوئي (18/276) (20/208).

([26]) تحف العقول، لابن شعبة الحراني (310) (ه‍(، بحار الأنوار، للمجلسي (2/250) (46/332)(ه‍( (64/202)(ه‍(، رسائل في دراية الحديث، للبابلي (2/253، 528) (ه‍(، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع)، لهادي النجفي (8/163)، أصول الحديث، لعبد الهادي الفضلي (143)، اختيار معرفة الرجال، للطوسي (2/491)، معجم رجال الحديث، للخوئي (19/300)، قاموس الرجال، للتستري (10/189).

([27]) عيون أخبار الرضا (ع)، للصدوق (2/272)، من لا يحضره الفقيه، للصدوق (4/502)(ه‍(، بحار الأنوار، للمجلسي (26/239)، مستدرك سفينة البحار، للمجلسي، للنمازي (8/223)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع)، لهادي النجفي (8/159)، مستدركات علم رجال الحديث، للنمازي (1/111).

([28]) مقباس الهداية (1/417)، دراسات في علم الدراية، لعلي أكبر غفاري (77)، رسائل في دراية الحديث، لأبي الفضل حافظيان البابلي (1/210)، الرعاية في علم الدراية، للشهيد الثاني (165).







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=259055
التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2010-09-28, 07:24 رقم المشاركة : 2
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: شبهات مهترئة و ردود قاصمة


مسألة عدالة الصحابة رضي الله عنهم

من أعظم الشبهات التي يرددها الطاعنون في الصحابة رضي الله عنهم ويشنعون على من يعتقد بها، مسألة مفهوم عدالة الصحابة.

معنى العدالة


العدالة لغة : العدل خلاف الجور ، يقال : عدل عليه في القضية فهو عادل ، وبسط الوالي عدله ومعدِلته ومعدَلته ، وفلان من أهل المَعدلة ، أي : من أهل العدل ، ورجل عدل ، أي : رضا ومقنع في الشهادة ، وهو في الأصل مصدر ، وقوم عدل وعدول أيضاً : وهو جمع عدل وقد عُدل الرجل بالضم عدالة .. إلى أن قال : وتعديل الشيء : تقويمه ، يقال : عدلته فاعتدل ، أي : قومته فاستقام.[1]

وجاء في المصباح المنير : وعدلت الشاهد نسبته إلى العدالة ووصفته بها .[2]

وجاء في القاموس : العدل ضد الجور ، وما قام في النفوس أنه مستقيم كالعدالة والعَدولة والمعدِلة والمعدَلة .[3]

فمن هذه التعاريف اللغوية تبين أن معنى العدالة في اللغة الاستقامة ، وأن العدل هو الذي لم يظهر منه ريبة ، وهو الذي يرضى الناس عنه ويقبلون شهادته ويقتنعون بها .

العدالة اصطلاحاً : تنوعت عبارات العلماء في تعريف العدالة في الاصطلاح :

عرف الخطيب البغدادي في الكفاية العدالة بقوله : العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقي ما نهي عنه ، وتجنب الفواحش المسقطة وتحري الحق والواجب في أفعاله ومعاملته والتوقي في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه ومعروف بالصدق في حديثه وليس يكفيه في ذلك اجتناب كبائر الذنوب التي يسمى فاعلها فاسقاً حتى يكون مع ذلك متوقياً لما يقول كثير من الناس أنه لا يعلم أنه كبير . [4]

ويعرف ابن الحاجب العدالة بقوله كما في مختصر المنتهى : محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ، وليس معها بدعة ، وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر ، وبعض الصغائر وبعض المباح .[5]

تعريف ابن الهمام : ذهب ابن همام الذين في تعريف العدالة كما في كتابه التحرير إلى أنها : ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ، والشرط : أدناه ترك الكبائر ، والإصرار على صغيرة ، وما يخل بالمروءة .[6]

ويعرف بعض أهل العراق العدالة بأنها : عبارة عن إظهار الإسلام فقط مع سلامة المسلم عن فسق ظاهر ، فمتى كانت هذه حاله وجب أن يكون عدلاً ، فكل مسلم مجهول عنده عدل . [7]

ويعرف القرافي العدالة على أنها كما في كتابه شرح تنقيح الفصول إلى أنها : اجتناب الكبائر وبعض الصغائر والإصرار عليها ، والمباحات القادحة في المروءة .[8]

وعرفها الغزالي كما في المستصفى: والعدالة عبارة عن استقامة السيرة والدين ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً ، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه فلا ثقة بقول من لا يخاف الله تعالى خوفاً وازعاً عن كذب ن ثم لا خلاف في أنه لا يشترط العصمة من جميع المعاصي ولا يكفي أيضاً : اجتناب الكبائر بل من الصغائر ما يرد به كسرقة بصلة وتطفيف في حبة قصداً ، وبالجملة كل ما يدل على ركاكة دينه إلى حد يستجرئ على الكذب بالأغراض الدنيوية كيف وقد شرط في العدالة التوقي عن بعض المباحات القادحة في المروءة نحو الأكل في الطريق والبول في الشارع وصحبة الأراذل وإفراط المزاح وضبط ذلك فيما جاوز محل الإجماع أن يرد إلى اجتهاد الحاكم فما دل عنده على جرأته على الكذب رد الشهادة به وما لا فلا .[9]

وعرفها الحافظ ابن حجر في نزهة النظر : المراد بالعدل من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة ، والمراد بالتقوى : اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة .[10]

وعرفها أيضاً في الفتح بقوله : والعدل والرضا عند الجمهور من يكون مسلماً مكلفاً حراً غير مرتكب كبيرة ولا مصر على صغيرة . [11]

هذه تعريفات أهل العلم للعدالة في الاصطلاح ، وهي وإن تنوعت عباراتها إلا أنها ترجع إلى معنى واحد وهو أن العدالة ملكة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة ولا يتحقق للإنسان إلا بفعل المأمور وترك المنهي ، وأن يبعد عما يخل بالمروءة ، وأيضاً : لا تتحقق إلا بالإسلام والبلوغ والعقل والسلامة من الفسق .

والمراد بالفسق : ارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب والإصرار على صغيرة من الصغائر لأن الإصرار على فعل الصغائر يصيرها من الكبائر .

والمروءة التي يعبر عنها أهل العلم : هي الآداب النفسية التي تحمل صاحبها على الوقوف عند مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وما يخل بالمروءة يعود إلى سببين :

الأول : ارتكاب الصغائر من الذنوب التي تدل على الخسة كسرقة شيء حقير كبصلة أو تطفيف في حبة قصداً .

الثاني : فعل بعض الأشياء المباحة التي ينتج عنها ذهاب كرامة الإنسان أو هيبته وتورث الاحتقار ، وذلك مثل كثرة المزاح المذموم .

ولم تتحقق العدالة في أحد تحققها في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فجميعهم رضي الله عنهم عدول تحققت فيهم صفة العدالة ومن صدر منهما يدل على خلاف ذلك كالوقوع في معصية فسرعان ما يحصل منه التوجه إلى الله تعالى بالتوبة النصوح الماحية التي تحقق رجوعه وتغسل حوبته فرضي الله عنهم أجمعين .

تعديل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم للصحابة رضي الله عنهم أجمعين ..

لقد تضافرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على تعديل الصحابة الكرام ، مما لا يبقى معها لمرتاب شك في تحقيق عدالتهم ، فكل حديث له سند متصل بين من رواه وبين المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد أن تثبت عدالة رجاله ، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم بنص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. [12]

ولبيان هذه المسألة نقول أولاً وقبل كل شيء لابد لنا من بيان إن الأصل عندنا هو ثناء الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الصحابة رضي الله عنهم. فالقرآن الكريم مليء بعشرات النصوص الدالة على إيمان وفضل هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، كقوله تعالى : وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال : 62-64].

وقوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً }البقرة/143 . ووجه الاستدلال بهذه الآية : أن معنى كلمة ( وسطاً ) عدولاً خياراً ، ولأنهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة . وقد ذكر بعض أهل العلم أن اللفظ وإن كان عاماً إلا أن المراد به الخصوص ، وقيل : إنه وارد في الصحابة دون غيرهم .[13] فالآية ناطقة بعدالة الصحابة رضي الله عنهم قبل غيرهم ممن جاء بعدهم من هذه الأمة .
وقوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }آل عمران/110 . ووجه الاستدلال : أنها أثبتت الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها وأول من يدخل في هذه الخيرية المخاطبون بهذه الآية مباشرة عند النزول هم الصحابة الكرام رضي الله عنهم ، وذلك يقتضي استقامتهم في كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخاطبة ، ومن البعيد أن يصفهم الله عز وجل بأنهم خير أمة ولا يكونوا أهل عدل واستقامة ، وهل الخيرية إلا ذلك ، كما أنهلا يجوز أن يخبر الله تعالى بأنه جعلهم أمة وسطاً أي عدولاً وهم غير ذلك. [14]

وقوله : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال : 74-75]. ففي هذه الآية وصف الله تعالى عموم المهاجرين والأنصار بالإيمان الحق ومن شهد الله له بهذه الشهادة فقد بلغ أعلى مرتبة العدالة .

وقوله تعالى : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]. ووجه الدلالة : أن الله تعالى أخبر فيها برضاه عنهم ولا يثبت الله رضاه إلا لمن كان أهلاً للرضا ، ولا توجد الأهلية لذلك إلا لمن كان من أهل الاستقامة في أموره كلها عدلاً في دينه .

يقول الطبرسي وهو من كبار علماء الإمامية في تفسيره لهذه الآيات : ((وفي هذه الآية دلالة على فضل السابقين ومزيتهم على غيرهم لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين، فمنها : مفارقة العشائر والأقربين، ومنها : مباينة المألوف من الدين، ومنها : نصرة الإسلام وقلة العدد وكثرة العدو، ومنها : السبق إلى الإيمان والدعاء إليه)).[15]

ويقول الطباطبائي : ((المراد بالسابقين هم الذين أسسوا أساس الدين ورفعوا قواعده قبل أن يشيد بنيانه ويهتز راياته، صنف منهم بالإيمان واللحوق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والصبر على الفتنة والتعذيب، والخروج من ديارهم وأموالهم بالهجرة إلى الحبشة والمدينة، وصنف بالإيمان ونصرة الرسول وإيوائه وإيواء من هاجر إليهم من المؤمنين والدفاع عن الدين قبل وقوع الوقائع)).[16]

ولا شك أن الله عز وجل لا يرضى لعباده إتباع من خالف نهجه ثم يعدهم الجنات والفوز العظيم لولا أنهم تمسكوا بهدية ونالوا رضاه. فبمجموعهم ارتفع عنهم الخطأ والضلالة فكانوا القدوة وأصبحوا بذلك أولى وأول من شملهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا تجتمع أمتي على ضلالة أو خطأ)).

وفي رواية : ((إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم)).

وفي رواية : ((إن الله لا يجمع أمتي - أو قال : أمة محمد - على ضلالة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار.

وقال : عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ولم يجمع الله عز وجل أمتي إلا على هدى)).

وقال : ((لا يجمع الله عز وجل أمر أمتي على ضلالة أبدا)).

وقال : ((لن تجتمع أمتي على ضلالة أبدا)).

وقال : ((إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على الضلالة وغيرها)).[17]

وفي هذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : ((وما كان الله ليجعلهم أي المهاجرين والأنصار - وفي لفظ : ليجمعهم- على ضلالة ولا يضربهم بالعمى)).[18]

ويقول رضي الله عنه للخوارج وقد خطئوه وضللوه : ((فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت فلم تضللون عامة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بضلالي)).[19]

وعن الصادق رحمه الله وقد سأله سائل : ((إن للإيمان درجات ومنازل، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله ؟ قال : نعم، قلت : صفه لي رحمك الله حتى أفهمه، قال : إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه، لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا، تفاضل لذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها ولو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الأمة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السابقين وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلاة وصوما وحجا وزكاة وجهادا وإنفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن أبى الله عز وجل أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها، ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله.

قلت (أي الراوي) : أخبرني عما ندب الله عز وجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان.

فقال : قول الله عز وجل : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله " وقال : " السابقون السابقون أولئك المقربون " وقال : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه " فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده، ثم ذكر ما فضل الله عز وجل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز وجل : " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات - إلى آخر الآية - " وقال : " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض " وقال : " انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " وقال : " هم درجات عند الله " وقال : " ويؤت كل ذي فضل فضله " وقال : " الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله " وقال : " فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة " وقال : " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا " وقال : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " وقال : " ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح " وقال : " وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله " وقال : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " فهذا ذكر درجات الإيمان ومنازله عند الله عز وجل)).[20]

وكذلك لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن الكريم المدنية إلا وتحدثت عن جهادهم في سبيل الله عز وجل، اقرأ مثلاً قوله تعالى : الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التوبة : 20-22].

وقوله : لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 88-89].

وقوله : وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد : 10].

وقوله تعالى : الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران : 172-174].

وقوله تعالى : إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال : 11].

وهذه الآية نزلت في غزوة بدر، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما سأله أن يدعه يضرب عنقه، قال : ((وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)).[21]

وقيل: ((الأمر في قوله: ((اعملوا)) للتكريم. وأن المراد أن كل عمل البدري لا يؤاخذ به لهذا الوعد الصادق)). وقيل: ((المعنى إن أعمالهم السيئة تقع مغفورة، فكأنها لم تقع)).[22]
وقال النووي: ((قال العلماء: معناه الغفران لهم في الآخرة، وإلا فإن توجب على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا. ونقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحد. وأقامه عمر على قدامة بن مظعون، وضرب النبي صلى الله عليه وآله سلم مسطحاً الحد، وكان بدرياً)).[23]
وقال ابن القيم: ((والله أعلم، إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم. ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة. فلو كانت حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهذا محال)).[24]
وقال تعالى : أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة : 214].

قال الطبرسي : قيل : نزلت في المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة إذ تركوا ديارهم وأموالهم ومسهم الضر.[25]

وفيهم يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

فجاء بفرقان من الله مـنزل مبينة آياتـه لـذوي العقـل
فآمن أقوام كرام وأيـقنوا وأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل
وأنكر أقوام فزاغت قلوبهم فزادهم الرحمن خبـلاً على خبل
وأمكن منهم يوم بدر رسوله وقوماً غضاباً فعلهم أحسن الفعل
بأيديهم بيض خفاف قواطع وقد حادثوهـا بالجلاء وبالصقل [26]
وقال تعالى : {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتوا وكلا وعد الله الحسنى} (سورة الحديد: 11). والحسنى: الجنة. قال ذلك مجاهد وقتادة.[27] واستدل ابن حزم من هذه الآية بالقطع بأن الصحابة جميعاً من أهل الجنة لقوله عز وجل: {وكلا وعد الله الحسنى}.[28]
وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالصدق والتقوى، ووعدهم بالفلاح في مواطن كثيرة، منها : قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة : 119].

ذكر بعض المفسرين أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم. [29]

ولا تخفى منزلة من أمرنا بالاقتداء بهم، وهذا الأمر باقٍ إلى يوم القيامة ولا يحتج هنا بأن هذا إنما كان في حال الصلاح قبل الردة كما يدعي القوم، فإن ذلك مقياس البشر، لا مقياس علام الغيوب الذي لا تخفى عنه خافية في السماء أو الأرض فضلاً عن سرائر النفوس.

وقال آخر: وهم من لا يجوز عليهم الكذب، والكون معهم والانقياد لهم وإطلاق الأمر به يقتضي فرقاً بين من يحب معه ومن يحب عليه[30].

وقال آخر : وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عز وجل عليه من جهاد عدوه ، وبذل أنفسهم في سبيله ، ونصرة رسوله ، وإعزاز دينه حيث يقول : ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ).[31]

وقد جاء في تفسير الآية من طرق الإمامية ما يناسب نزولها في الصحابة. يقول أحدهم : يعني الاقتداء بهم ، إذ الأمر بالكون معهم في المكان لا فائدة فيه ، وذلك يقتضي وجوب الاقتداء بهم في كل شئ ، لأنه سبحانه يخص شيئا من شئ ، ولا يحسن الأمر بالاقتداء على هذا الوجه مع جواز القبيح على المقتدى به ، وإذا ثبت عصمة الصادقين ثبت توجه الخطاب إلى ما ذكرناه لما بيناه من الاعتبار . ولأنه تعالى وصف المأمور باتباعهم بالصدق عنده سبحانه ، وذلك مانع من توجهه إلى من يجوز عليه الكذب.[32]

ويقول : أمر باتباع المذكورين ، ولم يخص جهة الكون بشئ دون شئ ، فيجب اتباعهم في كل شئ ، وذلك يقتضي عصمتهم ، لقبح الأمر بطاعة الفاسق أو من يجوز منه الفسق.[33]

ويقول المفيد وهو من كبار علماء الإمامية : قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " ، وقد ثبت أن المنادى به غير المنادى إليه ، وأن المأمور بالاتباع غير المدعو إلى اتباعه . فدل ذلك على أن المأمورين باتباع الصادقين ليسوا هم الأمة بأجمعها ، وإنما هم طوائف منها ، وأن المأمور باتباعه غير المأمور بالاتباع ، ولا بد من تمييز الفريقين بالنص ، وإلا وقع الالتباس وكان فيه تكليف ما لا يطاق.[34]

ويقول عبدالله الشبر : ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من أحد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم وأخبارهم وأعمالهم وشرائعهم في جميع أحوالهم وأزمانهم.

وإذا تركنا كل التأويلات في تفسير الآيه، وكذلك الروايات، وفسرنا القرآن بالقرآن، نجد أن الآية تنطيق بوضوح على قوله عزوجل : لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر : 8]. إذن فهؤلاء هم المعنيين بالآية.

ولعل ما يدل على ذلك، الأدعية التي وردت على لسان أئمة أهل البيت، كقول الصادق رحمه الله: ربنا انك أمرتنا بطاعة ولاة أمرك وأمرتنا أن تكون مع الصادقين ، فقلت : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، وقلت اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ، فسمعنا وأطعنا ربنا فثبت أقدامنا وتوفنا مسلمين مصدقين لأوليائك ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.[35]

وكذلك ما يذكر عن الإمام زين العابدين رحمه الله أنه كان إذا تلى قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) يقول دعاءا طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية.[36]

وفيهم يقول عز وجل : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29].

ففي هذه الآية مع غيرها من الدلائل دليل على أن الله يغيظ بالصحابة رضوان الله عليهم من ينتقص من حقهم ومنزلتهم التي أنزلهم الله.
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: ((بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا.
وصدقوا في ذلك؛ فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: {ذلك مثلهم في التوراة}. ثم قال: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه} أي فراخه. {فآزره} أي: شده {فاستغلظ} أي: شب وطال. {فاستوى على سوقه يعجب الزراع} أي فكذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار)) .[37]
وقال ابن الجوزي: ((وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور)). [38]
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ((الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلى قوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى قوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلى قوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم)).[39]
وروى الإمامية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((سأل قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيمن نزلت هذه الآية : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29] قال : إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض، ونادى منادٍ : ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا فقد بعث محمد، فيقوم علي بن أبي طالب فيعطي الله اللواء من النور الأبيض بيده، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، ويعرض الجميع عليه رجلاً رجلاً فيعطى أجره ونوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم : قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إن ربكم يقول لكم : عندي لكم مغفرة وأجر عظيم -يعني : الجنة- فيقوم علي بن طالب والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل الجنة)).[40]
وعن عائشة رضي الله عنها قال: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسبوهم)).[41]
وقال أبو نعيم: ((فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215).
فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته والإسلام والمسلمين.[42]
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)).[43]
وعلى صلة بالآية السابقة، روى الإمامية عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه الآية، قال : ((نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، يقول الله تبارك وتعالى : والذين آتيناهم الكتاب يعرفونه يعني يعرفون رسول الله كما يعرفون أبنائهم لأن الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد وصفة أصحابه ومهاجرته، وهو قوله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا - يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، وهذه صفة رسول الله في التوراة وصفة أصحابه، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله : فلما جائهم ما عرفوا كفروا به)).[44]

نعود إلى ما كنا فيه من ذكر فضائل الصحابة من القرآن، يقول الله عز وجل : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً * وَعَدَكُمْ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [الفتح : 18-20].

وهذه الآية فيها دلالة واضحة على تعديل الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية ، ووجه دلالة الآية على تعديلهم أن الله تعالى أخبر برضاه عنهم وشهد لهم بالإيمان وزكاهم بما استقر في قلوبهم من الصدق والوفاء والسمع والطاعة ولا تصدر تلك التزكية العظيمة من الله تعالى إلا لمن بلغ الذروة في تحقيق الاستقامة على وقف ما أمر الله به.

يقول الطبرسي : يعني بيعة الحديبية، وتسمى بيعة الرضوان لهذه الآية ورضا الله سبحانه عنهم، وإرادته تعظيمهم وإثابتهم، وهذا إخبار منه سبحانه أنه رضي عن المؤمنين إذ بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي شجرة السمرة.[45]

وكان عدد الصحابة رضوان الله عليهم يوم بيعة الرضوان ألفاً ومائتين، وقيل : وأربعمائة، وقيل : وخمسائة، وقيل : وثمانمائة. [46]

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أخبرنا الله عز وجل أنه رضي عنهم -عن أصحاب الشجرة- فعلم ما في قلوبهم، هل حدثنا أحد أنه سخط عليهم بعد؟. [47]
فالآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم، ومن هنا رضي عنهم. ((ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام. فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام))[48].
ومما يؤكد هذا ما ثبت في صحيح مسلم من قول رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: ((لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها)).[49]
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أن يوافيه على موجبات الرضا -ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً- فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له. فلو علم أنه يتعقب ذلك بما سخط الرب لم يكن من أهل ذلك))[50]
وقال ابن حزم: ((فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزلا السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة)). [51]
وقال فيهم هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج : 78]

قالوا فيه أقوال : أحدها أن المعنى لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى " وجئ بالنبيين والشهداء " وقال : " ويوم يقوم الاشهاد " وقيل : الاشهاد أربعة : الملائكة والأنبياء وأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والجوارح، والثاني أن المعنى لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين، ويكون الرسول شهيدا مؤديا إليكم. والثالث : إنهم يشهدون للأنبياء على أممهم المكذبين لهم بأن قد بلغوا، وجاز ذلك لإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياهم بذلك " ويكون الرسول عليكم شهيدا " أي شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم، وقيل : حجة عليكم، وقيل شهيدا لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به. " كنتم خير أمة " قيل : هل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، وقيل : هو خطاب للصحابة، ولكنه يعم سائر الأمة. [52]

وعلى أي حال، لا يسعنا هنا حصر جميع الآيات الدالة على فضائل الصحابة خشية خروجنا عما التزمنا به من الإيجاز، لذا فإننا نختم هذا بإيراد التالي، ففيما أوردناه آنفاً غنىً لمن كان لـه قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

يقول الله عز وجل : لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر : 8-10].

وآيات الثناء في الصحابة رضي الله عنهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي»([53]).

وقال فيهم كما يروي الإمام الكاظم عن آبائه رضي الله عنهم : «أنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني»([54]).

وهذه الآيات كثيرة لا يمكن حصرها.

ولا بأس أن ننقل بعض الروايات من طرق الإمامية عن أئمة أهل البيت رضي الله عنهم في فضائل الصحابة رضي الله عنهم.

روى الإمامية أن نفراً من أهل العراق وفدوا على الإمام زين العابدين رحمه الله، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم : ((ألا تخبروني : أنتم المهاجرون الأولون الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ [الحشر : 8]؟ قالوا : لا. قال : فأنتم وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر : 9] قالوا : لا، قال : أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر : 10] اخرجوا عني فعل الله بكم)). [55]

ولم يزل وهو يرى نفسه من الفريق الثالث يدعو الله لهم بالمغفرة، يقول في أحد أدعيته : ((اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا لـه، حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون : رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر : 10] خير جزائك الذين قصدوا سمتهم، وتحروا وجهتهم في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والائتمام لهم يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم)). [56]

ولا عجب في أن ينتهج الإمام السجاد رحمه الله نهج جده أمير المؤمنين رضي الله عنه في بيان فضائلهم لأهل العراق.

فعن الباقر رحمه الله قال : صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله تعالى، ثم قال : ((أما والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خائفون)). [57]

وعن زين العابدين رحمه الله قال : ((صلى أمير المؤمنين الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح، وأقبل على الناس بوجهه، فقال : والله لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يخالفون بين جباههم وركبهم كأن زفير النار في آذانهم إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر)). [58]

وكان رضي الله عنه يقول لمعاوية : ((أما بعد : فإن لله عباداً آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبيَّن الله فضلهم في القرآن الكريم، وأنتم في ذلك الزمان أعداء للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فكنتم فيمن دخل هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وفاز المهاجرون والأنصار بفضلهم، ولا ينبغي لمن ليست لـه مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الإسلام أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله وأولى به فيجور ويظلم)). [59]

وقال رضي الله عنه مادحا لهم ومعاتبا أصحابه بعد أن تخاذلوا عنه : ((أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه. وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها. وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا وصفا صفا. بعض هلك وبعض نجا. لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مره العيون من البكاء. خمص البطون من الصيام. ذبل الشفاه من الدعاء. صفر الألوان من السهر. على وجوههم غبرة الخاشعين. أولئك إخواني الذاهبون. فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الأيدي على فراقهم)). [60]

وقال رضي الله عنه : ((لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا. ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ومضيا على اللقم وصبرا على مضض الألم وجدا في جهاد العدو. ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين. يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون. فمرة لنا من عدونا. ومرة لعدونا منا. فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه. ومتبوئا أوطانه. ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود. ولا أخضر للإيمان عود. وأيم الله لتحتلبنها دما ولتتبعنها ندماً)).[61]

وقال رضي الله عنه : ((فما سمعت بأحد ولا رأيته هو أنصح لله في طاعة رسوله ولا أطوع لنبيه في طاعة ربه ولا أصبر على اللاواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء النفر الذين سميت لك وفي المهاجرين خير كثير تعرفه جزاهم الله خيرا بأحسن أعمالهم)). [62]

ولم يكن رضي الله عنه يفرق بين أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم،كما يفعل من يدعي موالاته والسير على نهجه. فعن أبي عمرو الكندي قال : ((كنا ذات يوم عند علي عليه السلام فقالوا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك، قال : عن أي أصحابي ؟ قالوا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال : كل أصحاب محمد أصحابي)). [63]

وقال فيهم الإمام الصادق رحمه الله : ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثني عشر ألفاً. . ثمانية آلاف من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجيء ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار، ويقولون : اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير)). [64]

ومن وصايا قال الإمام الصادق رحمه الله : ((لا تدع اليقين بالشك والمكشوف بالخفي ولا تحكم ما لم تره بما تروى قد عظم الله أمر الغيبة وسوء الظن بإخوانك قوله المؤمنين فكيف بالجر أه على اطلاق قول واعتقاد زور وبهتان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال الله عز وجل : تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وما دمت تجد إلى تحسين القول والفعل غيبتك وحضرتك سبيلا فلا تتخذ غيره. قال الله وقولوا للناس حسنا واعلم أن الله تعالى اختار لنبيه أصحابه طائفة أكرمهم بأجل الكرامة وحلاهم بحليه التأييد والنصر والاستقامة لصحبته على المحبوب والمكروه وأنطق لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بفضائلهم ومناقبهم وكراماتهم واعتقد محبتهم واذكر فضلهم واحذر مجالسه أهل البدع فإنها تنبت في القلب كفرا وضلالا مبينا وان اشتبه عليك فضيلة بعضهم فكلهم عالم الغيب وقل اللهم إني محب لمن أحببته ورسولك ومبغض لمن أبغضته أنت ورسولك)). [65]

وعن الباقر رحمه الله قال : (( أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألوه هل يخاف عليهم النفاق. فقال : كلا. . . ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا، ثم يستغفروا الله فيغفر الله لهم)). [66]

وإذا قارنت هذه الروايات بقوله سبحانه عن المهاجرين والأنصار : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]. علمت أن الله عز وجل لما وعدهم بالجنات والخلود فيها دل ذلك على أنهم يموتون على الإيمان والهدى، ولا ينافي هذا وقوع المعاصي منهم فهم غير معصومين، ووعد الله حقٌ لا خلف فيه، ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً.

يقول ابن تيمية: (فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان. ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان).[67]

ومن أقوال الإمام الصادق رحمه الله : ((كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع حصاة في فمه، فإذا أراد أن يتكلم بما علم أنه لله وفي الله ولوجه الله أخرجها، وإن كثيراً من الصحابة كانوا يتنفسون تنفس الغرقى، ويتكلمون شبه المرضى)). [68]

لذا صلح أمرهم، كما قال علي رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين وهلاك آخرها بالشح والأمل)). [69]

وكان من عظمة هذا الجيل المثالي، أن نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يأتي من بعده أن يذكرهم بسوء أو ينتقصهم، وكأنَّ الله عز وجل أطلعه على الغيب ليرى ما سيؤول إليه الأمر، فقال : ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)). [70]

وعن الرضا، عن آبائه رضي الله عنهم قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من سب نبيا " قتل، ومن سب أصحابي جلد. وفي رواية عنه أيضاً عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من سب نبيا قتل، ومن سب صاحب نبي جلد)). [71]

وعن الصادق، عن آبائه، عن علي رضي الله عنه قال : ((أوصيكم بأصحاب نبيكم، لا تسبوهم وهم الذين لم يحدثوا بعده ولم يؤووا محدثاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم. وفي رواية : الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم)). [72]

ولا يسعف من أراد حمل أمثال هذه الأقوال على من لم يحدث بعده، فإن علياً رضي الله عنه وهو راوي الحديث لم ير ذلك في أهل الشام الذين رأوا الخروج عليه، حيث قال فيهم كما ورد في كتب الإمامية عن جعفر، عن أبيه : أن عليا عليه السلام كان يقول لأهل حربه : ((إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم، ولم نقاتلهم على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنا على حق، ورأوا أنهم على حق)). [73]

وعن جعفر رحمه الله أيضاً، عن أبيه عليه السلام : (( أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا)). [74]

وعن مروان بن الحكم قال : ((لما هزمنا علي بالبصرة، رد على الناس أموالهم، من أقام بينة أعطاه، ومن لم يقم بينة أحلفه، قال : فقال له قائل : يا أمير المؤمنين، أقسم الفئ بيننا والسبي، قال : فلما أكثروا عليه، قال : أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه، فكفوا)). [75]

وقال رضي الله عنه : ((إن ربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يستزيدونا، الأمر واحدٌ إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء)). [76]

وكيف لا يكون بريء من دم عثمان وهو كما ذكر المسعودي وهو من مؤرخي الشيعة أنه لما بلغه أنهم يريدون قتله - أي عثمان - بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم. . . فصدُوهم عن الدار، واشتبك القوم، وجُرح الحسن، وشُبئَ قنبر،. . ولما بلغه مقتل عثمان دخل عليّ الدار، وهو كالواله الحزين، وقال لابنيه : كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب. ولَطَم الحسن وضرب صدر الحسين. [77]

بل وقد حضر هو بنفسه مرارا وطرد الناس عنه. [78] وانعزل عنه بعد أن دافع عنه طويلا بيده ولسانه.[79] بعد أن قال عثمان : اعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم، ولزمتم بيوتكم.

وكان يقول رضي الله عنه : والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما. [80]

وكان أثناء الحصار يبعث إليه بالماء مع ابنه الحسن رضي الله عنهم أجمعين. [81]

ثم أن هذا المسلك هو قول الخوارج في علي حيث حملوا روايات المدح فيه على حاله قبل كفره بزعمهم. فتدبر.

وكان أهل البيت رضي الله عنهم يوصون بالتمسك بهدى الصحابة رضي الله عنهم إقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي حيث من سيأتي بعدهم بالتمسك بكتاب الله عز وجل وسنته صلى الله عليه وآله وسلم وهديهم رضي الله عنهم، ويؤكد أن ظهور هذا الدين إنما بمن بقي منهم رضي الله عنهم.

فعن الصادق رحمه الله قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل به لا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل وكانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به، فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيما أخذ اهتدى، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة)). [82]

وعن الكاظم عن آبائه رحمهم الله : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني)). [83]

وكذلك كان شأن أئمة آل البيت رضي الله عنهم، فقد كانوا يحثون غيرهم على العمل بسيرتهم. فهذا الحسن رضي الله عنه اشترط في صلحه مع معاوية أن يعمل بسيرة الشيخين حيث قال : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان : صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين – وفي رواية الصالحين.[84]

وعن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير : جعلت فداك أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة ؟ فقال : . . كان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل. [85]

وروايات حث الأئمة رحمهم الله على إتباع هدي الصحابة رضي الله عنهم كثيرة.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)). [86]

وعن أنس رضي الله عنه قال : ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا لـه، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده)). [87]

وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة)). [88]

وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم فيهم : (المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة)). [89]

ولم يقتصر بيانه صلى الله عليه وآله وسلم لفضائلهم في حياته -كما يزعم البعض- من أن ذلك إنما هو في حال صلاحهم، بل بين فضلهم في حال وفاته، وذلك باستغفاره لما قد يبدر منهم من ذنوب، فعن الباقر رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن مقامي بين أظهركم خيرٌ لكم، وإن مفارقتي إياكم خيرٌ لكم، أما مقامي فلقول الله عز وجل : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال : 33]، أما مفارقتي لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس، فما كان حسناً حمدت الله تعالى عليه، وما كان سيئاً استغفرت لكم)). [90]

وفي رواية عن الصادق رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم، فأما حياتي فإن الله هداكم بي من الضلالة، وأنقذكم من شفا حفرة من النار، وأما مماتي فإن أعمالكم تعرض علي، فما كان من حسن استزدت الله لكم، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم)). [91]

وجعل ثبات المؤمنين على الصراط بسبب شدة حبهم لأصحابه رضي الله عنهم، فعن الباقر، عن آبائه رحمهم الله، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أثبتكم على الصراط أشدكم حباً لأهل بيتي ولأصحابي)). [92]

وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه أجمع ما كانوا فقال : ((يا أصحاب محمد لقد رأيت الليلة منازلكم في الجنة وقرب منازلكم من منزلي)). [93]

وقد كان الأصحاب من مهاجرين وأنصار وكذا أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين يختصمون لا في حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم فحسب، فإن ذلك من المسلمات، ولكن في أيهم أولى بذلك الحب، وأيهم أحب إليه، فعن كعب بن عجرة، أن المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أينا أولى به وأحب إليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم، فقالوا : الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا معشر المهاجرين فإنما أنا منكم، فقالوا : الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا بني هاشم فأنتم مني وإلي، فقمنا وكلنا راضٍ مغتبط برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)). [94]

وعلى ذكر الأنصار، روى القوم عن الصادق رحمه الله أنه قال : ((ما سلت السيوف ولا أقيمت الصفوف في صلاة ولا زحوف ولا جهر بأذان ولا أنزل الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ حتى أسلم أبناء القيلة : الأوس والخزرج)). [95]

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار. يا معشر الأنصار : أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله؟ قالوا : بلى رضينا، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينئذٍ : الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم اغفر للأنصار)). [96]

وزاد الطبرسي رحمه الله بعد قوله : ((لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار)). [97]

قال الصادق رحمه الله : ((جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسلموا عليه فرد عليهم السلام، فقالوا : يا رسول الله، لنا إليك حاجة. فقال : هاتوا حاجتكم، قالوا : إنها عظيمة، فقال : هاتوها ما هي؟ قالوا : أن تضمن لنا على ربك الجنة. قال : فنكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه ثم نكت في الأرض ثم رفع رأسه، فقال : أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحداً شيئاً، قال : فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان: ناولنيه، فراراً من المسألة، فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه، فلا يقول : ناولنيه حتى يقوم فيشرب)). [98]

وقال لامرأة أنصارية وهبت نفسها لـه صلى الله عليه وآله وسلم : ((رحمك الله ورحمكم يا معشر الأنصار، نصرني رجالكم، ورغبت في نساؤكم)). [99]

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((إن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس رضي الله عنهم دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فقالوا : يا رسول الله، هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك، فقال : وما يبكيهم؟ قالوا : يخافون أن تموت، فقال : أعطوني أيديكم، فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال فيما قاله : أوصيكم بهذا الحي من الأنصار، فقد عرفتم بلاءهم عند الله عز وجل وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار، ويشاطروا الثمار، ويؤثروا وبهم الخصاصة؟ فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار، وليتجاوز عن مسيئهم، وكان آخر مجلس جلسه حتى لقى الله عز وجل)). [100]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((ألا وإن الأنصار ترسي، فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم)). [101]

وعن الكاظم رحمه الله قال : ((لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة دعا الأنصار، وقال : يا معشر الأنصار، قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس، والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى)). [102]

وقال علي رضي الله عنه في مدحهم : ((هم والله ربوا الإسلام كما يربى الفلو مع غنائهم بأيديهم السياط وألسنتهم السلاط)). [103]

وعنه رضي الله عنه قال : ((أما بعد أيها الناس فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر من الأنصار في العرب وما كانوا يوم أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات ربه إلا قبيلتين صغير مولدهما وما هما بأقدم العرب ميلادا ولا بأكثرهم عددا فلما آووا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ونصروا الله ودينه رمتهم العرب عن قوس واحدة وتحالفت عليهم اليهود وغزتهم اليهود والقبائل قبيلة بعد قبيلة فتجردوا لنصرة دين الله وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لأهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن والسهل وأقاموا قناة الدين، وتصبروا تحت أحلاس الجلاد حتى دانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العرب ورأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه)). [104]

وأي شيء أعظم من أن يقيهم صلى الله عليه وآله وسلم بقرة عينه وهم أهل بيته رضي الله عنهم، حيث قال أمير المؤمنين رضي الله عنه : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا احمر البأس وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة. [105]

وليس بعزيز على الله بعد كل هذا أن يجعلهم أئمة ويجعلهم وارثين وأن يستخلفهم في الأرض، كما قال في محكم كتابه : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [النور : 55].

فالله عز وجل وعد في هذه الآيات المؤمنين بالاستخلاف وتمكين الدين والأمن العظيم من الأعداء، ولا بد من وقوع ما وعد به ضرورةً، لامتناع الخلف في وعده تعالى، ووقع ذلك في عهد الخلفاء الراشدين الذين كانوا حاضرين وقت نزول هذه الآيات، كما ذكر ذلك بعض المفسرين.

ومن هذه البشارات ما كان يوم حفر الخندق، عندما اعترضت المسلمين صخرة فاستعصت عليهم، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ المعول وضرب به ضربة فلمعت منها برقة كأنها مصباح في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون، ثم ضرب ضربة أخرى، فلمعت برقة أخرى ثم ضرب به الثالثة فلمعت برقة أخرى، فقال صلى الله عليه وآله وسلم عن الأولى : ((أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت الضربة الثانية فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها فابشروا، فاستبشر المسلمون، وقالوا : الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر)). فقال المنافقون : ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفرق -أي : الخوف- ولا تستطيعون أن تبرزوا؟ فنزل القرآن : وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً [الأحزاب : 12] [106]

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر، فإذا فتحتموها فاستوصوا بالقبط خيراً، كان لهم رحم وذمة. يعني : أن أم إبراهيم منهم، أي : مارية القبطية)). [107]

وفي رواية : ((الله الله في القبط، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعواناً في سبيل الله)). [108]

ومن البشارات التي تدل على عدالة الصحابة وإيمانهم، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن ابني هذا -يعني : الحسن بن علي رضي الله عنهما- سيد، وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، وكان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم)). [109]

ومنها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((يقتل بهذه الحَرة خيار أمتي بعد أصحابي. قال أنس بن مالك رضي الله عنه : قتل يوم الحرة سبع مائة رجل من حملة القرآن، فيهم ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم)). [110]

وسرد كل ما ورد في الباب يطول. وفيما ذكرناه كفاية لمعرفة أن الأصل هو ثناء الله عزوجل ورسوله صلى الله عيله وآلله وسلم وأئمة آل البيت على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

فخلاصة أقوال العلماء في كل ما ورد يتلخص في:
أولاً: إن الله عز وجل زكى ظاهرهم وباطنهم؛ فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة، ومنها: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} (الفتح/29). {وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} (الحشر/9). {ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (الحشر/10).
أما بواطنهم، فأمر اختص به الله عز وجل، وهو وحده العليم بذات الصدور. فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم؛ فقال على سبيل المثال: {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} (الفتح/18). {يحبون من هاجر إليهم} (التوبة/177). {يبتغون فضلاً من الله ورضواناً} (الفتح/9). {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} (التوبة/117). فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم. والتوبة عمل قلبي مخص كما هو معلوم. . وهكذا.
ثانياً: بسبب توفيق الله عز وجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهراً وباطناً أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم، ووعدهم الحسنى.
ثالثاً: وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم، وأمر النبيُ صلى الله عليه وآله وسلم بإكرامهم، وحفظ حقوقهم، ومحبتهم. ونُهينا عن سبهم وبغضهم. بل جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق.
رابعاً: ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون، وأماناً لهذه الأمة. ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجباً، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)).[111]
يقول الإمام مالك في الذين يقدحون في الصحابة : إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين .[112]
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الطعن فيهم طعن في الدين.[113]
وكما قال أبو زرعة الرازي رحمه الله : ( إذا رأيت الرجل يتنقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن ، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة).
فنخلص من كل هذا ومن المزيد الذي سيأتي أن مفهوم عدالة الصحابي لا تقتضي العصمة للأفراد، إنما العصمة في إجماعهم لقول النبي صلى الله عليه وآله سلم كما مر أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة. فعصمتهم في مجموعهم، أما كأفراد فهم غير معصومين.
[1] - جاء في الصحاح للجوهري (ص 415- 416) :

[2] - المصباح المنير (2/397)

[3] - القاموس (4/13)

[4] - الكفاية (ص 103)

[5] - مختصر المنتهى (2/63)

[6] - التحرير (3/44)

[7] - راجع الكفاية للخطيب البغدادي (ص 141) .

[8] - شرح تنقيح الفصول (ص 361)

[9] - المستصفى (1/157)

[10] - نزهة النظر (ص 29)

[11] - الفتح (5/251- 252)

[12] - مفهوم عدالة الصحابة، لأبو عبدالله الذهبي

[13] - الكفاية للخطيب (ص 64)

[14] - الموافقات للشاطبي (4/40- 41) .

[15] - مجمع البيان للطبرسي (5/98).
[16] - تفسير الميزان (9/373).

[17] - انظر هذه الروايات في دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للمنتظري (2/66).


[18] - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (3/89، 10/285)، أعيان الشيعة لمحسن الأمين (1/471)، بحار الأنوار للمجلسي (32/380، 33/78)، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني (4/27)، كتاب الأربعين للقمي (164)، الغدير للأميني (9/157، 10/298)، نهج السعادة للمحمودي (4/93).


[19] - نهج البلاغة (2/7)، بحار الأنوار للمجلسي (33/373)، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد (30، 427، 438)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (8/112)، جواهر التاريخ لعلي الكوراني

(1/361)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري (6/364).

[20] - الكافي للكليني (2/41- 42)، شرح أصول الكافي للمازندراني (121- 122)، بحار الأنوار للمجلسي (22/308- 309، 66/8- 9)، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين للشيرازي (2/88 في

الهامش)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي (1/503)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي للحويزي (2/255، 5/205، 246).


[21] - مجمع البيان للطبرسي (9/270)، الإرشاد (34)، إعلام الورى (66)، بحار الأنوار للمجلسي (21/94، 121، 125، 31/253)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي للحويزي (5/301)، تفسير فرات

(2/421)، منتهى المطلب للحلي (2/939)، دراسات في ولاية الفقيه لمنتظري (2/741)، نظام الحكم في الإسلام لمنتظري (438)، كتاب سليم بن قيس بتحقيق الأنصاري (246، الحاشية)، الإيضاح للفضل بن شاذان

(507)، شرح الأخبار للمغربي (2/301)، الإفصاح للمفيد (49)، الأربعين للشيرازي (314)، مواقف الشيعة للميانجي (2/255)، نهج السعادة للمحمودي (5/220)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (4/100،

13/285، 17/267، 20/11)، تفسير الميزان (19/236)، الأمثل لمكارم الشيرازي (18/236)، أعيان الشيعة (1/113، 116)، الإستغاثة للكوفي (2/10)، شرح إحقاق الحق للمرعشي (18/57)، العقائد الإسلامية،

مركز المصطفى (3/249، 251).

[22] - (معرفة الخصال المكفرة لابن حجر العسقلاني: ص 31 .

[23] - (صحيح مسلم بشرح النووي: 16/56، 57).

[24] - (الفوائد لابن القيم: ص 19

[25] - تفسير مجمع البيان للطبرسي (2/68).

[26] - ديوان أمير المؤمنين ا (107)، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (1/75، 2/331)، بحار الأنوار للمجلسي (19/321، 41/94).

[27] - (تفسير ابن جرير: 27/128.

[28] - (الفصل: 4/148، 149).

[29] - انظر - مثلاً - مجمع البيان للطبرسي (3/122)

[30] - أنظر: إشارة السبق لأبي المجد الحلبي (59).

[31] - انظر: كتاب الغيبة للنعماني (64).

[32] - الكافي لأبي الصلاح الحلبي (95).

[33] - تقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي (179).

[34] - المسائل العكبرية للشيخ المفيد (47).

[35] - تهذيب الأحكام للطوسي (3/147)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (7/402)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي (8/30)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي للحويزي (1/319، 2/281)،

تفسير كنز الدقائق للمشهدي (2/29)، غاية المرام لهاشم البحراني (1/343)، كشف المهم في طريق خبر غدير خم لهاشم البحراني (215).

[36] - انظر: المراجعات لشرف الدين (69)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (1/40)، أمان الأمة من الاختلاف للطف الله الصافي (186)، مكاتيب الرسول للأحمدي الميانجي (1/573)، مجموعة الرسائل للطف الله
الصافي (2/74)، نهج الحق وكشف الصدق للحلي (227هـ)، نفحات الأزهار لعلي الميلاني (2/60).

[37] - الاستيعاب لابن عبد البر 1/6. تفسير ابن كثير: 4/204.

[38] - (زاد المسير: 4/204)

[39] - (الصارم المسلول: 574، والأثر رواه الحاكم 2/3484 وصححه ووافقه الذهبي).

[40] - أمالي الطوسي (387)، بحار الأنوار للمجلسي (8/4)، كنز جامع الفوائد (345)، البرهان (4/202)، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (3/27)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (5/79، 245)،

التحصين لابن طاووس (556)، تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لابن كرامة (162)، كشف اليقين للحلي (418)، غاية المرام للبحراني (4/262، 7/45).

[41] - (رواه مسلم في كتاب التفسير- حديث [3022] صحيح مسلم 4/2317).

[42] - )) (الإمامة: ص 375- 376. لأبي نعيم تحقيق د. علي فقهي، مكتبة العلوم والحكم بالمدينة ط1 عام 1307 هـ).

[43]- (الصارم المسلوم: 574. وانظر منهاج السنة 2/14 والأثر رواه أحمد في الفضائل رقم (187، 1741) وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية، ونسب الحديث لابن بطة منهاج السنة 2/22).

[44] - بحار الأنوار للمجلسي (69/92)، التفسير الصافي للفيض الكاشاني (5/45، 6/509)، تفسير نور الثقلين للحويزين للحويزي (1/99، 138، 708، 2/84، 5/77)، تفسير كنز الدقائق للميرزا محمد المشهدي
(1/(369)، تفسير الميزان للطباطبائي (1/(334).

[45] - مجمع البيان للطبرسي (5/176).

[46]- مجمع البيان للطبرسي (5/167)، بحار الأنوار للمجلسي (20/346، 365، 24/93، 36/55، 121)، روضة الكافي للكليني (322)، تأويل الآيات لشرف الدين الحسيني (2/595)، البرهان (4/196)، مناقب آل

أبي طالب لابن شهر آشوب (2/22)، تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لابن كرامة (160)، صحيح البخاري: كتاب المغازي - باب عزوة الحديبية- حديث [4154]

[47] - الإرشاد (13)، روضة الواعظين للنيسابوري (75)، بحار الأنوار للمجلسي (38/243، 40/51)، تفسير فرات (2/421)، كشف الغمة للإربلي (1/81)، كشف اليقين للحلي (33).

[48] - (الصواعق المحرقة: ص 316 )

[49]- (صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة. . حديث [2496]. صحيح مسلم 4/1943.

[50]- الصارم المسلول: 572، 573. طبعة دار الكتب العلمية. تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد).

[51] - (الفصل في الملل والنحل: 4/148)

([52]) تفسير مجمع البيان للطبرسي (1/418)، بحار الأنوار للمجلسي (22/442، 23/334)، التبيان للطوسي (2/(7)، مجلة تراثنا لمؤسسة آل البيت (11/(28).

([53]) الغدير للأميني (10/270)، العقائد الإسلامية مركز المصطفى (3/255).

([54]) سيأتي تخريج هذه الرواية.

([55]) كشف الغمة للإربلي (2/291)، الفصول المهمة لابن الصباغ (2/864)، الصوارم المهرقة لنور الله التستري (249)، الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية (293)، الإمامة وأهل البيت لمحمد بيومي مهران (3/39).

([56]) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (ع) (39)، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للسدي علي خان المدني الشيرازي (2/81)، الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية (293)، رسائل
ومقالات لجعفر السبحاني (47، 427)، مجلة تراثنا لمؤسسة آل البيت (47/48).

([57]) الكافي للكليني (2/236)، شرح أصول الكافي للمازندراني (9/166)، وسائل الشيعة للحر العاملي (1/65)، الإرشاد للمفيد (1/237)، الأمالي للطوسي (102)، حلية الأبرار لهاشم البحراني (2/182)، بحار الأنوار
للمجلسي (22/306، 64/302، 66/303)، وقال في بيانه، جميع، أي، مجتمعون على الحق لم يتفرقوا كتفرقكم.، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (1/408)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (6/174)، موسوعة أحاديث
أهل البيت (ع) لهادي النجفي (6/5، 85)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (5/141)، منتقى الجمان لحسن صاحب المعالم (2/344)، أعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي (111)، جامع السعادات لمحمد مهدي
النراقي (1/209).

([58]) الكافي للكليني (2/236)، شرح أصول الكافي للمازندراني (9/166، 166)، وسائل الشيعة للحر العاملي (1/65، 87)، الإرشاد للمفيد (1/237)، الأمالي للطوسي (102)، حلية الأبرار للبحراني (2/182)، بحار
الأنوار للمجلسي (22/306، 64/302، 66/303)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (1/408)، مستدرك سفينة البحار للشاهرودي (6/174)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي (5، 85)، تفسير نور
الثقلين للحويزي للحويزي (5/141)، منتقى الجمان للشيخ حسن صاحب المعالم (2/344)، أعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي (111)، جامع السعادات للنراقي (1/209)، النظرات حول الإعداد الروحي لحسن معن (87).

([59]) بحار الأنوار للمجلسي (32/429، 33/74 الحاشية)، مصباح البلاغة للميرجهاني (4/25)، نهج السعادة للمحمودي (4/218 الحاشية).

([60]) نهج البلاغة (1/234)، الاختصاص للمفيد (156)، بحار الأنوار للمجلسي (33/362، 40/112، 66/308)، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للشيرازي (2/108)، فهارس رياض السالكين
للمظفر، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد (414)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (3/210، 291)، جواهر التاريخ لعلي الكوراني (1/341)، سنن الإمام علي (ع) لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع، 186)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري (6/229، 7/188)، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي (169).

([61]) نهج البلاغة (1/104)، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني (2/267)، الغارات لإبراهيم الثقفي (2/373 الحاشية)، بحار الأنوار للمجلسي (32/549)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي
(2/162).

([62]) بحار الأنوار للمجلسي (33/112)، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني (4/32)، نهج السعادة للمحمودي (4/180)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري
(6/25).

([63]) الغارات للثقفي (1/177)، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي (210).

([64]) الخصال للصدوق (640)، بحار الأنوار للمجلسي (22/305)، حدائق الأنس (200) مستدرك سفينة البحار للشاهرودي (6/173)، خاتمة المستدرك للنوري الطبرسي (2/212).

([65]) مصباح الشريعة (67)، خاتمة المستدرك للنوري الطبرسي (1/209 الهامش)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (3/582)، ميزان الحكمة: (3/2330).

([66]) الكافي للكليني (2/424)، تحف العقول لابن شعبة الحراني (38)، شرح أصول الكافي للمازندراني (10/148)، بحار الأنوار للمجلسي (6/42)، بحار الأنوار للمجلسي (67/57)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع)
لهادي النجفي (9/182)، ميزان الحكمة للريشهري (2/1173)، تفسير العياشي (1/109).

[67] - (الصارم المسلول: 572).

([68]) مصباح الشريعة (20)، بحار الأنوار للمجلسي (68/284، 71/284)، مستدرك الوسائل للحر العاملي (9/21)، جامع السعادات للنراقي (2/267).

([69]) أمالي الصدوق (189)، بحار الأنوار للمجلسي (67/173، 311، 70/173، 311، 73/164، 300)، الخصال للصدوق (79)، روضة الواعظين للنيسابوري (433)، وسائل الشيعة للحر العاملي (2/438،
16/16، 2/651، 11/315)، الزهد للكوفي، مقدمة التحقيق (3)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (14/41، 141)، موسوعة أحاديث الشيعة لهادي النجفي (1/443، 5/297، 12/332)، تفسير نور الثقلين
للحويزي (3/3).

([70]) نور الثقلين (4/407)، بحار الأنوار للمجلسي (55/276، 58/276)، خلاصة عقبات الأنوار لحامد النقوي (3/182)، نفحات الأزهار للميلاني (3/170).

([71]) صحيفة الرضا (ع)، مؤسسة الإمام المهدي (ع) (299)، بحار الأنوار للمجلسي (76/222 الهامش)، قاموس الرجال للتستري (9/512)، معارج اليقين في أصول الدين للسبزواري (456، 456)، جواهر الكلام
للجواهري (41/437)، در المنضود للگلپايگاني (2/257)، فقه الصادق (ع) لمحمد صادق الروحاني (25/476 الهامش)، مسند زيد بن علي (464، 495)، وسائل الشيعة للحر العاملي (28/213)، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي (18/172)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (25/495، 26/73)، حياة الإمام الرضا (ع) لباقر شريف القرشي (1/248).

([72]) أمالي الطوسي (332)، بحار الأنوار للمجلسي (22/306)، مستدرك سفينة البحار للشاهرودي (6/174)، من لا يحضره الفقيه للصدوق (4/191)، تهذيب الأحكام للطوسي (9/177)، مصباح البلاغة مستدرك نهج
البلاغة للميرجهاني (3/41)، كتاب سليم بن قيس (446)، مقاتل الطالبيين للأصفهانى (24)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (6/120)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (5/79)، أعيان الشيعة لمحسن الأمين (1/533).

([73]) قرب الإسناد للحميري القمي (93)، بحار الأنوار للمجلسي (32/324)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (13/93).

([74]) قرب الاسناد للحميري القمي (94)، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للمنتظري (2/806)، نظام الحكم في الإسلام للمنتظري (409)، وسائل الشيعة للحر العاملي (15/83)، بحار الأنوار للمجلسي (32/324)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (13/93).

([75]) السرائر لابن إدريس الحلي (2/18)، تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي (9/425)، مختلف الشيعة للعلامة الحلي (4/453)، جواهر الكلام للجواهري (21/336)، قرب الإسناد للحميري القمي (132)، علل الشرائع
للصدوق (2/603)، تهذيب الأحكام للطوسي (6/155)، وسائل الشيعة للحر العاملي (15/78)، بحار الأنوار للمجلسي (33/441)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (13/102).

([76]) نهج البلاغة (114)، بحار الأنوار للمجلسي (33/307)، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد (409)، شرح نهج البلاغةن لابن أبي الحديد (17/141)، الانتصار للعاملي (9/142).

([77]) مروج الذهب للمسعودي (1/441)، الغدير للأميني (9/237)، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ للطيف القزويني (107).

([78]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (10/256).

([80]) نهج البلاغة (2/233)، بحار الأنوار للمجلسي (31/268 الهامش، 473)، الغدير للأميني (8/381، 9/69)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (13/296) وقال في شرحه: ويحتمل أنه يريد: لقد دفعت عنه حتى
كدت أن ألقي نفسي في الهلكة، وأن يقتلني الناس الذين ثاروا به، فخفت الإثم في تغريري بنفسي وتوريطها في تلك الورطة العظيمة. ويحتمل أنه يريد: لقد جاهدت الناس دونه ودفعتهم عنه، حتى خشيت أن أكون آثماً بما نلت منهم من الضرب بالسوط، والدفع باليد، والإعانة بالقول. أي فعلت من ذلك أكثر مما يحب. أعيان الشيعة لمحسن الأمين (1/443)، جواهر التاريخ للكوراني (1/191)، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه لمحمد محمديان (3/351، 359)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري (3/261، 264)، موسوعة شهادة المعصومين (ع) للجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع، 1/323).

([81]) دلائل الإمامة لابن جرير الطبري الشيعي (168)، مدينة المعاجز لهاشم البحراني (3/235)، الدر النظيم لابن حاتم العاملي (503)، موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع، 51).

([82]) معاني الأخبار للصدوق (50)، بحار الأنوار للمجلسي (2/220، 22/307)، الاحتجاج للطبرسي (2/259).

([83]) نوادر الراوندي (23)، بحار الأنوار للمجلسي (22/309)، خلاصة عقبات الأنوار (1/80، 3/168)، دراسات في الحديث والمحدثين لهاشم معروف (78)، إحقاق الحق للتستري (267)، نفحات الأزهار للميلاني (1/80، 3/157، 12/68).

([85]) وسائل الشيعة للحر العاملي (6/215)، الكافي للكليني (2/617)، شرح أصول الكافي للمازندراني (11/53)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (15/52)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي،/4/273، 9/113)، التفسير الصافي (1/70).

([86]) مكارم الأخلاق للطبرسي (21)، بحار الأنوار للمجلسي (16/236)، سنن النبي للطباطبائي (128)، موسوعة أحاديث أهل البيت (1/138)، الأمثل لمكارم الشيرازي (18/537).

([87]) مكارم الأخلاق (17)، بحار الأنوار للمجلسي (16/233)، دراسات في ولاية الفقيه (2/792)، منية المريد للشهيد الثاني (195، الحاشية)، سنن النبي للطباطبائي (122)، موسوعة أحاديث أهل البيت (1/139)، ميزان الحكمة للريشهري (1/50، 4/3224)، تفسير الميزان (6/314).

([88]) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (1/185)، بحار الأنوار للمجلسي (19/124، 20/218، 238، 22/354)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (4/244)، القمي (2/153)، الخرائج والجرائح للراوندي (3/1048)، خلاصة عقبات الأنوار (3/52)، مستدرك سفينة البحار للشاهرودي (5/447، 6/179)، تفسير تفسير الصافي للكاشاني (4/171، 6/21)، تفسير الميزان (15/6)، الصحيح من سيرة النبي لجعفر مرتضى (4/219، 9/108، 114، 117).

([89]) الأمالي للطوسي (268)، بحار الأنوار للمجلسي (22/311)، النصائح الكافية لمحمد بن عقيل (140)، جواهر التاريخ لعلي الكوراني (2/16، 96).

([90]) البصائر للصفار (464)، تفسير العياشي (2/54)، بحار الأنوار للمجلسي (23/338)، أمالي الطوسي (408)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (2/153)، تفسير البرهان (2/79)، تفسير الصافي (2/300)، تفسير القمي (1/276)، معاني الأخبار للصدوق (113)، وسائل الشيعة (آل البيت) (16/111)، وسائل الشيعة (الإسلامية) (11/389)، ينابيع المعاجز للبحراني (106)، جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (13/303).

([91]) بحار الأنوار للمجلسي (22/550، 27/299، 108/398)، درر الأخبار لخسروشاهي (196).

([92]) بحار الأنوار للمجلسي (27/133)، الغدير للأميني (2/312)، شرح إحقاق الحق للمرعشي (24/4217، الحاشية (26/223) (33/119).

([93]) شرح إحقاق الحق للتستري (6/187، 223/205)، المسترشد للطبري الشيعي (353، الحاشية)، أهمية الحديث عند الشيعة للعراقي (168).

([94]) بحار الأنوار للمجلسي (22/312)، مناقب آل أب طالب لابن شهرآشوب (3/112).

([95]) بحار الأنوار للمجلسي (22/312)، نفسير نور الثقلين (5/80)، تفسير مجمع البيان للطبرسي (9/217)، تفسير الميزان (18/317).

([96]) الإرشاد (75)، إعلام الورى (126)، بحار الأنوار للمجلسي (21/159، 172)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (10/70)، أعيان الشيعة لمحسن الأمين (1/281)، كشف الغمة للإربلي (1/224)، الاحتجاج للطبرسي (1/90، 211)، شجرة طوبى للحائري/2/311)، تفسير كنز الدقائق للمشهداني (2/208، الحاشية)

([97]) مجمع البيان للطبرسي (5/19)، بحار الأنوار للمجلسي (21/162، 22/137)، التفسير الكاشف (7/290)، تفسير الميزان للطباطبائي (9/233)، الأعلام من الصحابة والتابعين للحاج حسين الشاكري (11/25).

([98]) الكافي للكليني (4/21)، بحار الأنوار للمجلسي (22/129)، أمالي الطوسي (675)، منتهى المطلب للحلي (1/544)، من لا يحضره الفقيه للصدوق (2/71)، وسائل الشيعة (آل البيت) (9/440)، وسائل الشيعة (الإسلامية) (6/307)، جامع أحاديث الشيعة للبرجودي (8/450)، موسوعة أحاديث أهل البيت (8/340).

([99]) تفسير القمي (2/169)، بحار الأنوار للمجلسي (22/196، 211)، الكافي للكليني (4/79)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (4/292، 293)، تفسير الصافي (4/196)، مسالك الأفهام للشهيد الثاني (7/70)، جامع أحاديث الشيعة للبرجودي (20/130)، التفسير الصافي (4/196، 6/56)، تفسير الميزان (16/342).

([100]) أمالي المفيد (28)، بحار الأنوار للمجلسي (22/475، 28/177)، غاية المرام للبحراني (2/366).

([101]) بحار الأنوار للمجلسي (22/312، 23/146)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (10/70).

([102]) بحار الأنوار للمجلسي (22/476)، موسوعة شهداء المعصومين (1/67)، غاية المرام للبحراني (2/119، 349)، مجمع النورين (350).

([103]) نهج البلاغة (4/106)، بحار الأنوار للمجلسي (22/312)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (20/184).

([104]) الغارات للثقفي (2/479 الهامش)، الأمالي للطوسي (173)، بحار الأنوار للمجلسي (34/56)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (2/89)، تفسير مجمع البيان للطبرسي (7/266)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري (7/123).

([105]) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع، 3/9)، بحار الأنوار للمجلسي (33/115)، سنن النبي (ص) للطباطبائي (139)، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد (106، 398)، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري (4/3230)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (14/47)، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه لمحمد محمديان (1/114)، معجم المحاسن والمساوئ لأبي طالب التجليل التبريزي (195).

([106]) انظر: مجمع البيان للطبرسي (2/270)، بحار الأنوار للمجلسي (17/169- 171)، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي (148)، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (9/140).

([107]) مناقب آل أبي طالب (1/109)، بحار الأنوار للمجلسي (18/131)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (8/391).

([108]) أمالي الطوسي (404)، بحار الأنوار للمجلسي (18/144، 97/65)، جامع أحاديث الشيعة للبرجودي (13/225)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (10/564).

([109]) إعلام الورى للطبرسي (1/12) مناقب آل أبي طالب (3/185)، بحار الأنوار للمجلسي (43/298، 299، 305، 317)، شرح إحقاق الحق (26/356) لوامع الحقائق للآشتياني (1/104).

([110]) إعلام الورى للطبرسي (1/96)، بحار الأنوار للمجلسي (18/125)، إثبات الهداة (1/365)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (2/254)، معالم المدرستين (3/188).

[111] -(رواه أحمد 4/126، 127 وأصحاب السنن والدارمي. والحديث صححه جماعة من المحدثين - انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث (38) ص 387، دار الفرقان ط. الأولى 1411ه وانظر الإرواء (2544) 107/8 للتوسع). أنظر اعتقاد أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهملمحمد عبد الله الوهيبي.

[112] - الصارم المسلول (ص 553) .

[113] - منهاج السنة (1/18)





التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2010-09-28, 07:29 رقم المشاركة : 3
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: شبهات مهترئة و ردود قاصمة


صُلح الحُدَيبِية

قالوا في مجمل القصة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في السنة السادسة للهجرة يريد العمرة مع ألف وأربعمائة من أصحابه فأمرهم أن يضعوا سيوفهم في القرب، وأحرم هو وأصحابه بذي الحليفة وقلدوا الهدي ليعلم قريش أنه إنما جاء زائرا معتمرا وليس محاربا، ولكن قريشا بكبريائها خافت أن يسمع بأن محمداً دخل عنوة الى مكة وكسر شوكتها فبعثوا اليه بوفد يرأسه سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري وطلبوا منه أن يرجع في هذه المرة من حيث أتى على أن يتركوا له مكة في العام القادم ثلاثة أيام، وقد اشترطوا عليه شروطاً قاسية قبلها رسول الله لاقتضاء المصلحة التي أوحى إليه ربه عزوجل، ولكن بعض الصحابة لم يعجبهم هذا التصرف من النبي وعارضوه في ذلك معارضة شديدة وجاءه عمر بن الخطاب فقال: ألست نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، قال عمر:أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال عمر: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به، ثم أتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فقال: يا أبابكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، ثم سأله نفس الأسئلة التي سألها رسول الله، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلاً له: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، ولما فرغ رسول الله من كتاب الصلح قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يمتثل لأمره منهم أحد، فدخل خباءه ثم خرج فلم يكلم أحداً منهم بشيء حتى نحر بدنة بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعض، ..
هذه مجمل قصة الصلح في الحديبية وهي من الأحداث المتفق عليها عند الشيعة والسنة وقد ذكرها المؤرخون وأصحاب السير كالطبري وابن الأثير وابن سعد وغيرهم كالبخاري ومسلم.
وقالوا: لا يمكن لنا أن نقرأ مثل هذا ولا نتأثر ولا أعجب من تصرف هؤلاء الصحابة تجاه نبيهم، وهل يقبل عاقل قول القائلين بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يمتثلون أوامر رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وينفذونها، فهذه الحادثة تكذبهم وتقطع عليهم مايرومون، هل يتصور عاقل بأن هذا التصرف في مواجهة النبي هو أمر هين، أو مقبول، أو معذور قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما }.
من ردود العلماء على هذه الشبهة
أن ما ذكر من مراجعة عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمر الصلح، وكذلك تأخر الصحابة في بداية الأمر عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحلق، كل هذا صحيح ثابت في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث التي نقلت أخبار صلح الحديبية.[1]
وعلى هذين الأمرين مدار الطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا مطعن في شيء من هذا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا عمر ولا غيره من الصحابة الذين شهدوا الحديبية.
وبيان ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا معه عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع أمر الصلح وفيه أن يرجعوا عامهم هذا، ثم يعودوا العام القادم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم[2] فجعل عمر رضي الله عنه على ما عرف به من القوة في الحق والشدة فيه يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويراجعه في الأمر، ولم تكن أسئلته التي سألها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لشك في صدق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أو اعتراض عليه، لكن كان مستفصلاً عما كان متقرراً لديه، من أنهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت، وأراد بذلك أن يحفز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على دخول مكة، وعدم الرجوع إلى المدينة، لما يرى في ذلك من عز لدين الله وإرغام للمشركين.
قال النووي: «قال العلماء لم يكن سؤال عمر رضي الله عنه وكلامه المذكور شكاً بل طلباً لكشف ما خفي عليه، وحثاً على إذلال الكفار وظهور الإسلام، كما عرف من خلقه رضي الله عنه وقوته في نصر الدين وإذلال المبطلين».[3]
ونقل هذا أيضاً ابن حجر -رحمه الله- عن بعض شراح الحديث. [4]
فعمر رضي الله عنه كان في هذا مجتهداً حمله على هذا شدته في الحق، وقوته في نصرة الدين، والغيرة عليه، مع ما كان قد عودهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المشورة وإبداء الرأى، امتثالاً لأمر الله تعالى: {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}وقد كان كثيراً ما يستشيرهم ويأخذ برأيهم، كما استشارهم يوم بدر في الذهاب إلى العير، وأخذ بمشورتهم، وشاورهم يوم أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج للعدو فأشار جمهورهم بالخروج إليهم فخرج إليهم، وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذٍ فأبى عليه السعدان (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة) فترك ذلك، وشاورهم يوم الحديبية أن يميل على ذراري المشركين، فقال أبو بكر: إنا لم نجيء لقتال، وإنما جئنا معتمرين فأجابه إلى ما قال[5]، في حوادث كثيرة يطول ذكرها.
فقد كان عمر رضي الله عنه يطمع أن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برأيه في مناجزة قريش وقتالهم، ولهذا راجعه في ذلك، وراجع أبا بكر، فلما رأى اتفاقهما أمسك عن ذلك وترك رأيه، فعذره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما يعلم من حسن نيته وصدقه.
أما توقف الصحابة عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحلق، فليس معصية لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ذكر العلماء له عدة توجيهات.
قال ابن حجر: «قيل كأنهم توقفوا لاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب، أو لرجاء نزول وحي بإبطال الصلح المذكور، أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام لإتمام نسكهم، وسوّغ لهم ذلك لأنه كان زمان وقوع النسخ، ويحتمل أنهم ألهتهم صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم، مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم على بلوغ غرضهم، وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، أو أخروا الامتثال لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم».[6]
وجاء في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى عدم امتثالهم، دخل على أم سلمة فذكر لها ذلك فقالت: (يا رسول الله لاتكلمهم فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح).[7]
فأشارت عليه كما جاء في رواية البخاري: (أن اخرج ثم لاتكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا).[8]
قال ابن حجر: «ويحتمل أنها فهمت عن الصحابة أنه احتمل عندهم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بالتحلل أخذاً بالرخصة في حقهم، وأنه يستمر على الإحرام أخذاً بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أن يتحلل لينتفي عنهم هذا الاحتمال، وعرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم صواب ما أشارت به ففعله... ونظير هذا ما وقع لهم في غزوة الفتح من أمره لهم بالفطر في رمضان، فلما استمروا على الامتناع، تناول القدح فشرب، فلما رأوه شرب شربوا».[9]
وهذا الوجه حسن، وهو اللائق بمقام أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنهم كانوا على قدر كبير من تعظيم الإحرام والحرص على إكمال النسك، فلما أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتحلل ولم يفعل ، ظنوا أن الذي حمله على هذا هو الشفقة عليهم، كما كانت سيرته معهم، فكأنهم رضي الله عنهم آثروا التأسي به على ما رخص لهم فيه من التحلل، ثم لما رأوه قد تحلل أيقنوا أن هذا هو الأفضل في حقهم، فبادروا إليه، وهذا مثل ما حصل منهم في الحج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما بلغوا مكة وطافوا وسعوا أمرهم أن يحلوا، وأن يصيبوا النساء ويجعلوها عمرة، فكبر ذلك عليهم لتعظيمهم لنسكهم، وقالوا: نذهب إلى عرفة ومذاكيرنا تقطر من المني، فلما علم بذلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان لم يتحلل، قال لهم: (أيها الناس أحلوا فلولا الهدى الذي معى فعلت كما فعلتم) قال جابر رضي الله عنه راوي الحديث: فحللنا وسمعنا وأطعنا.[10]
وهذا كله من حرص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الخير والرغبة في التأسي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التأسي الكامل. فرضي الله عنهم أجمعين.
وبهذا تظهر الوجهة الصحيحة لمواقف الصحابة الجليلة في هذه الغزوة المباركة، التي ازدادوا بها رفعة عند الله، وسبقاً في دينه، ومحبة في قلوب المؤمنين.
فإن أبى الطاعن قبول ذلك استكباراً وعناداً، وظلماً وطغياناً وأصر على ما هو عليه من الكذب والتدليس، فإني أورد هنا عدة أوجه فيها إلزامه وفضيحته، ودحض شبهته بحول الله وقوته وهي:
الوجه الأول: ما بدر من الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية كان بحضور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد كان الوحي ينزل عليه، فهل ذمهم الله بذلك؟ فإن الله لا يقر على باطل. أو أنكر عليهم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فإنه لا تأخذه في الله لومة لائم. فإذا لم يحصل شيء من ذلك ولم ينقل عن أحد من الصحابة الذين شهدوا الواقعة أنهم سعوا في الإنكار على من يدعي هذا الطاعن أنه مخالف ومنازع، ثم تتابعت الأمة بعد ذلك جيلاً بعد جيل على عدم الإنكار بل الترضي على أولئك الأخيار، أفاد كل ذلك حقيقة حتمية، وضرورة شرعية عند كل متدين بهذا الدين داخل في عقد المسلمين ألا وهي: براءة الصحابة وطهارتهم من كل ما يرميهم به الطاعنون والزنادقة من العظائم وأن الطعن فيهم بعد هذا رد على رب العالمين، ومشاقة لرسوله الكريم، واتباع لغير سبيل المؤمنين.
الوجه الثاني: أن الله عزوجل قال في سورة الفتح التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد رجوعه من الحديبية في طريقه إلى المدينة[11]: {لقد رضي الله عن
المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً}.
وكان عدد أهل الحديبية الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة ألفاً وأربعمائة رجلٍ، كما ذكر جابر رضي الله عنه- قال: (كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة).[12]
وفي صحيح مسلم أن أم بشر سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لايدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها).[13]
فثبت بصريح الكتاب والسنة أن الله رضي عنهم، وأنزل السكينة في قلوبهم، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة، والنجاة من النار، فالطعن فيهم بعد هذا تكذيب صريح لما دلت عليه النصوص، ورد على الله ورسوله، ولهذا لم يتوقف العلماء في تكفير من كفّر، أو فسق عامة الصحابة لمناقضته لصريح الكتاب والسنة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في تفصيل حكم سب الصحابة: «... وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضاً في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين».[14]
الوجه الثالث: يتعلق بما جاء في سياق بعض الروايات الصحيحة وفيها فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: (قوموا انحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات).[15]
الوجه الرابع: ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنهم- قال: (كتب علي أبي طالب الصلح بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله، فقالوا: لاتكتب رسول الله فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: امحه، فقال: ما أنا بالذي أمحاه، فمحاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده). وفي بعض الرويات أن علياً -رضي الله عنهم- قال: (والله لا أمحاه أبداً..).[16]
فما ثبت عن علي -رضي الله عنهم- هنا نظير ما ثبت عن عمر -رضي الله عنهم- في مراجعته رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر الصلح فإذا لم يكن في هذا مطعن على علي -رضي الله عنهم- وهو الحق، لم يكن فيما ثبت عن عمر رضي الله عنه، فإن قيل إنما منعه من محو كلمة (رسول الله) محبته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه، قلنا: وإنما حمل عمر على ما فعل نصرته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعزاز دينه.
الوجه الخامس: أن الباعث لما صدر من الصحابة -رضي الله عنهم- يوم الحديبية هو شدة حرصهم على الخير ورغبتهم في الأجر، يشهد لهذا أن الذي أرادوا كان أشد عليهم في الدنيا مما أريد منهم، فعمر -رضي الله عنهم- كان يريد القتال ومناجزة الكفار، وما أراده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أمر الصلح كان أهون عليه وأسلم، وكذلك الصحابة لما تأخروا في بداية الأمر عن النحر والحلق إنما أرادوا إكمال النسك، وما أمرهم به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من التحلل في مكانهم كان أيسر عليهم وأسهل، وإن كنا لا نشك أن ما أراده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمرهم به هو أكمل لهم وأفضل في الدنيا والآخرة، لكن المقصود هنا هو حسن نياتهم، وصدق رغباتهم فيما عند الله والدار الآخرة، وهذا بخلاف من أراد الدنيا، كمثل حال المنافقين الذين يتثاقلون عن الجهاد، وأعمال البر ويتلمسون الاعذار في التأخر عنها، كما هو معلوم من قصصهم في القرآن، ولذا أثنى الله على أهل الحديبية وأعطاهم من الخير والفضل بما علمه عنهم من صدق الرغبة فيما عنده وطلب رضوانه فقال: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم}.[17]
قال ابن كثير: «أي من الصدق والوفاء والسمع والطاعة».
[1] - صحيح البخاري مع فتح الباري: (كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد...) 5/329، ح2731- 2732، و(كتاب الجزية) 6/281، ح3182، وصحيح مسلم: (كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية) 3/1411، ح1785، ومسند أحمد 3/486.

[2] - تاريخ الطبري 2/635، والبداية والنهاية لابن كثير 4/170.

[3] - شرح صحيح مسلم 12/141.

[4] - فتح البارى 5/346.

[5] - تفسير ابن كثير 1/420 عند تفسير قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر}.

[6] - فتح الباري 5/347.

[7] - ذكره ابن حجر في فتح الباري 5/347.

[8] - صحيح البخاري مع الفتح (كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد)5/332

[9] - فتح الباري 5/347.

[10] - ملخصاً من حديث جابر بن عبدالله الذي رواه البخاري في (كتاب الاعتصام، باب نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التحريم إلا ما تعرف إباحته) فتح الباري 13/337، ح7367، ومسلم (كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام..) 2/883- 884، ح1216.

[11] - انظر تفسير ابن كثير 4/182.

[12] - رواه مسلم (كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش..) 3/1483، ح1856.

[13] - رواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة..) 4/1942، ح2496.

[14] - الصارم المسلوك على شاتم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ص586.

[15] - وردت هذه العبارة ضمن الحديث الطويل الذي رواه البخاري من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في (كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد..) فتح الباري 5/329، ح2731،2732.

[16] - رواه البخاري في (كتاب الصلح، باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان ابن فلان..) فتح الباري 5/303، ح2698، ومسلم (كتاب الجهاد، باب صلح الحديبية) 3/1409، ح1783.

[17] - أوردها البخاري في كتاب (الجزية، باب المصالحة على ثلاثة أيام) فتح الباري 6/282، ح3184، ومسلم في الكتاب والباب السابقين 3/1410.





التوقيع






آخر تعديل عمر أبو صهيب يوم 2010-09-28 في 07:32.
    رد مع اقتباس
قديم 2010-09-28, 07:35 رقم المشاركة : 4
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: شبهات مهترئة و ردود قاصمة


حَدِيثُ الحَوضِ
من الشبهات التي يثيرها ويرددها كثيراً الطاعنون في الصحابة رضي الله عنهم حديث الحوض. فقد روى البخاري عن أنس بن مالك ا عن النبي ص قال: «ليرِدنّ عليّ ناسٌ من أصحابي الحوض، حتى عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول: أُصيحابي، فيقول: لا تَدْري ما أحدثوا بعدك»([1]).
وعن أبي حازم عن سهل بن سعد ا قال: قال النبي ص: «إني فرطكم على الحوض، من مرَّ عليَّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردنّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يُحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني. فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي»([2]).
وعن أسماء بنت أبي بكر ل قالت: قال النبي ص: «إنّي على الحوض حتى أنظر مَنْ يَرِد عليّ منكم، وسيؤخذ ناسٌ دوني، فأقول: يا ربّ! منّي ومن أُمتي؟ فيُقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما بَرِحوا يرجعون على أعقابهم. فكان ابن أبي مُليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا»([3]).
وفي رواية ابن مسعود ا: «وليُرفَعَنّ رِجال منكم»([4]). وفي أخرى: «يرد عليّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي، فيُجلون عن الحوض»([5]) وفي ثالثة: «فإذا زُمرةٌ حتى إذا عرفتهم»([6]).
وفي رواية ابن المُسَيّب عن أصحاب النبي ص: «يَرِد على الحوض رجال من أصحابي فيُحلؤون عنه»([7]). وغيرها من ألفاظ.
فقال أصحاب الشبهات: أن المتمعن في هذه الآحاديث العديدة التي أخرجها علماء أهل السنة في صحاحهم ومسانيدهم، لا يتطرق إليه الشك في أن أكثر الصحابة قد بدلوا وغيروا، بل ارتدوا على أدبارهم بعده صلى الله عليه وآله وسلم، إلا القليل الذي عبر عنه بهمل النعم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال حمل هذه الآحاديث على القسم الثالث: وهم المنافقون لأن النص يقول: فأقول أصحابي، ولأن المنافقين لم يبدلوا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فأصبح المنافق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً».
ردود العلماء على هذه الشبهة
ولكن قبل بيان ردود العلماء على هذه الشبهة لا بد من بيان موجز عن مفهوم ومعني الصحبة.
تعريف الصحابي:
الصاحب في اللغة : اسم فاعل من صحب يصحب فهو صاحب ، ويقال في الجمع : أصحاب وأصاحيب وصحب وصحبة وصُحبان - بالضم - وصَحابة – بالفتح - وصِحابة - بالكسر-[8]
وعرفاً : هو من طالت صحبته وكثرت ملازمته على سبيل الإتباع.[9]
و اصطلاحاً كما عند جمهور المحدثين : هو من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة ، مؤمناً به ، بعد بعثته ، حال حياته ، ومات على الإيمان .[10]
شرح التعريف :
قولنا من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هو جنس في التعريف ، ويدخل فيه :-
من طالت مجالسته ، مثل :- أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وغيرهم ممن لازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، رضي الله عنهم أجمعين .
أو قصرت ، مثل :- الوافدين عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، كضمام بن ثعلبة - ، وغيرهم ممن لم يمكث مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا قليلاً .[11]
أو رآه ولم يجالسه ، مثل :- بعض الأعراب الذين شهدوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع ، فإنهم رأوه ولم يجالسوه ، كأبي الطفيل عامر بن واثلة.[12]
ويدخل فيه : من روى عنه حديثاً ، مثل :- مهران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.[13]
ومن روى حديثين ، مثل :- عبد الله بن حنظلة الغسيل.[14]
أو أكثر ، مثل :- أبي هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وغيرهم من مكثري الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
أو لم يرو شيئاً أصلاً ، مثل :- كعبد الرحمن بن الحنبل.[15]
ويدخل فيه من غزا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم غزوة ، مثل :- كخبيب بن عدي.[16]
أو غزوتين ، مثل :- مليل بن وبرة الأنصاري.[17]
أو أكثر ، مثل :- البراء بن عازب ، وسعد بن مالك - أبو سعيد الخدري - وغيرهما من مشاهير الصحابة رضي الله عنهم.[18]
أو لم يغزو مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصلاً ، مثل :- حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه .
ويدخل فيه الذكور والإناث . أما البالغون منهم ، فباتفاق أهل الحديث .
أما غير البالغين ، فيدخل فيهم المميزين ، مثل :- سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : سيدنا الحسن ، وأخوه الحسين ، وعبد الله بن الزبير ، وغيرهم .
وغير المميزين ، مثل :- محمد بن أبي بكر الصديق.[19] ، ومحمد بن ثابت[20]، فقد حنكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بريقه وسماه محمداً ، وغيرهم ممن حنكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ودعا له ولم يكن مميزاً .
كما يدخل فيهم أيضاً ، الجن والملائكة .
أما الجن : فإنهم يدخلون في مفهوم الصحابة على القول الصحيح ، وهو الذي رجحه الحافظ بن حجر .[21] وذلك مثل :- زوبعة ، وسمهج أو سمحج ، وعمرو بن جابر ، ومالك بن مهلهل ، وشاصر ، وماصر ، ومنشي ، وحس ، ومس ، غيرهم.[22]
وأما الملائكة : فاختلف في دخولهم في مفهوم الصحبة ، فقد ذهب جماعة منهم إلى أنه كان مبعوثاً لهم ، ومرسلاً إليهم ، وقد لقيه بعضهم وهم مؤمنون به ، فثبتت لهم الصحبة ، وممن جرى على هذا القول : الإمام السيوطي [23]. ورجحه القاضي شرف الدين البارزي وتقي الدين السبكي والإمام الحافظ ابن كثير ، وأثبت بعض الأصوليين فيه الإجماع[24].
ويخرج من الصحبة بقولنا من لقي :- من آمن به ولم يره كأصحمة النجاشي وزيد بن وهب وأبي مسلم الخولاني وغيرهم .[25]
وإنما آثرنا التعبير بقولنا من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قولنا من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ليدخل في الصحابة مثل عبد الله بن أم مكتوم ، فهو ممن ثبت لقاؤه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم يره ، لأنه كان ضريراً .
وقولنا يقظة : فصل خرج به من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه ، فإنه ليس بصحابي، كما جزم به البلقيني ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري ، والسخاوي في فتح المغيث. [26]
وقولنا مؤمناً به : فصل يخرج به من لقيه كافراً به ، فإنه لا يعد من الصحابة سواء أكان من المشركين أم من المجوس أم من أهل الكتاب - اليهود والنصارى - وسواء بقي على كفره مثل أبي جهل وأبي لهب وغيرهما من الكفرة والمشركين ، أم آمن بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى كرسول قيصر .[27]
كما يدخل بهذا الفصل من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ، وعاد إلى إيمانه في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولقيه مرة أخرى . وهذا يدخل في مفهوم الصحبة باللقاء الثاني بلا خلاف بين العلماء ، وذلك مثل : عبد الله بن سعد بن أبي السرح.[28]
ويدخل فيه أيضاً : من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ، وعاد إلى إيمانه في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يلقه مرة أخرى ، أو عاد بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ، كما قال ذلك ابن حجر[29] ، مثل :- قرّة بن هبيرة [30] - ، والأشعث بن قيس[31] ، وعطارد بن حاجب التميمي.[32]
كما يدخل فيه أيضاً : من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ارتد واستمر على ردته حتى الموت ، مثل : عبيد الله بن جحش ، الذي هاجر إلى الحبشة وهناك تنصر ومات على نصرانيته ، وربيعة بن أمية الجمحي ، فإنه ارتد في خلافة عمر حيث فرّ إلى بلاد الروم ، فلحق بهم وتنصر ، وابن خطل الذي ارتد وقتل على ردته يوم فتح مكة، غير أن هذا سيخرج فيما بعد من مفهوم الصحابة بالقيد الأخير .[33]
وقولنا بعد بعثته : فصل آخر خرج به من لقيه مؤمناً به قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم ، مثل: زيد بن عمرو بن نفيل ، وجرجيس بن عبد القيس المعروف ببحيرا الراهب ، فقد عرفه وهو ذاهب إلى الشام وآمن به قبل بعثته . فإن هؤلاء لا يدخلون في مفهوم الصحابة ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يكن مبعوثاً حين أمنوا به وصدقوه . [34]
وعلى هذا : فما مثّل به البعض هنا بورقة بن نوفل غير صحيح ، لأنه قد لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وآمن به بعد أن بعث صلى الله عليه وآله وسلم ، وجاءه الوحي ، ولهذا فقد جزم ابن الصلاح بثبوت صحبته.[35]
وقولنا حال حياته : فصل آخر خرج به من لقيه يقظة مؤمناً به بعد انتقاله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ،[36] مثل : أبي ذؤيب الهذلي الشاعر، فقد رآه وهو مسجى ، قبل أن يدفن صلى الله عليه وآله وسلم. [37]
وقولنا : ومات على الإيمان : هو فصل آخر خرج به من لقيه مؤمناً به ، ثم ارتد واستمر على ردته ، حتى الموت ، وقد تقدمت أمثلته . هذا بالنسبة لتعريف الصحابي عند جمهور المحدثين ، أما تعريف الصحابي عند جمهور الفقهاء والأصوليين فهو: من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة مؤمناً به ، بعد بعثته ، حال حياته ، وطالت صحبته وكثر لقائه به ، على سبيل التبع له ، والأخذ عنه ، وإن لم يرو عنه شيئاً ، ومات على الإيمان .
شرح التعريف :
قولهم : من لقي النبي .. الخ : تقدم شرح ذلك وبيان ما فيه ، في تعريف الصحابي عند جمهور المحدثين .
وقولهم : طالت صحبته :- أي أن يكون الصحابي قد جالس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولقيه كثيراً.
وقد اختلف العلماء في المدة التي يقال فيها طالت صحبته ، فمنهم من حددها بسنة فأكثر ، وعليه ابن المسيب ، كما نقله عنه الشوكاني ، وابن الهمام والآلوسي وغيرهم . [38]
ومنهم من حددها بستة أشهر فأكثر ، كما نقله عن بعض العلماء صاحب التيسير والشوكاني والآلوسي وغيرهم . [39]
وقد رد على هذين القولين بما ذكره حيث قال : ولا وجه لهذين القولين ، لاستلزامهما خروج جماعة من الصحابة الذين رووا عنه ولم يبقوا لديه إلا دون ذلك ، وأيضاً لا يدل عليهما دليل من لغة ولا شرع . [40]
ومنهم من رأى أنها لا تحدد بمقدار ، وإنما هي تطول بحيث يطلق عليها اسم الصحبة عرفاً .
و هذا هو القول الراجح والأصح عندهم ، وإليه ذهب الجمهور منهم .
وقولهم : على سبيل التبع له والأخذ عنه :- هذا قيد إنما جيء به في الحقيقة لبيان الواقع ، لأن من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عرفاً لا يكون إلا على سبيل المتابعة له والأخذ عنه ، ولا يصح أن يكون قيداً له مفهوم ، إذ لا نعلم أن هناك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن متابعاً له ، آخذاً عنه .
وقولهم : وإن لم يرو عنه شيئاً :- اختلف جمهور أهل الفقه والأصول في ذلك ، فمنهم من يشترط لثبوت الصحبة ثبوت الرواية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، مثل الشوكاني والسيوطي وغيرهما.[41]
ومنهم من ذهب إلى أنه لا يشترط لثبوت الصحبة ثبوت الرواية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، مثل القاضي أبي يعلى الفراء والآمدي والسبكي في جمع الجوامع وغيرهم . [42]
والقول الراجح هو القول الثاني ؛ لأن القول باشتراط الرواية لتحقق مفهوم الصحبة يؤدي إلى خروج كثير من الصحابة الذين لم تحفظ لهم رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مع اتفاق العلماء الذين ترجموا للصحابة على عدهم فيهم . وقد تقدمت الأمثلة على ذلك في تعريف الصحابي عند جمهور المحدثين .
ومن خلال ما ذكرت نستطيع أن نقول الآن بأن التعريف الراجح للصحابي هو ما ذهب إليه جمهور المحدثين ، وذلك لسلامة أدلتهم وخلوها من الانتقاد . والله أعلم .
طريق إثبات الصحبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ..
نقول وبالله التوفيق : هناك طريقتين لإثبات الصحبة :-
الطريقة الأولى : إثبات الصحبة بالنص – أي بالخبر – وتحته أنواع :-
1- القرآن الكريم : وذلك مثل قوله تعالى{ إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} - التوبة/40 . فهذا النص يثبت صحبة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، حيث استقر الإجماع بأن المعني بالصاحب في هذه الآية هو أبو بكر رضي الله عنه .[43]
2 - الخبر المتواتر : وذلك كما في صحبة العشرة المبشرين بالجنة ، فقد تواترت الأخبار بثبوت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .[44]
3 - الخبر المشهور ، كما في صحبة عكاشة بن محصن وأبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي موسى الأشعري وغيرهم الكثير ممن لا يرتاب مسلم في إثبات الصحبة لهم .[45]
4 - الخبر الآحاد : ويدخل تحته أربع طرق :-
أ - رواية أحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطريق الرؤية أو السماع ، مع معاصرته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كأن يقول أحد التابعين : أخبرني فلان أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ، أو رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعل كذا ، كقول الزهري فيما رواه البخاري في فتح مكة من صحيحه.[46]
ب - إخبار الصحابي عن نفسه أنه صحابي ، وقد افترق العلماء في هذا الطريق إلى أربع مذاهب :
المذهب الأول : أنه يقبل قوله مطلقاً من غير شرط ، وجرى على ذلك ابن عبد البر كما نقله السخاوي.[47]
المذهب الثاني : أنه يقبل قوله بشرطين :-
الأول : أن يكون ذلك بعد ثبوت عدالته .
الثاني : أن يكون بعد ثبوت معاصرته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وممن جرى على ذلك وجزم به : جمهور علماء الأصول والحديث .[48]
والعلة في صحة قبول إخباره عن نفسه أنه صحابي ، أنه لو أخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبلنا روايته ، فلأن نقبل خبره عن نفسه أنه صحابي من باب أولى .[49]
والمعاصرة التي اشترطوها في إثبات الصحبة هي : المعاصرة الممكنة شرعاً ، وإنما تكون المعاصرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ممكنة شرعاً إذا ادعى الصحبة في حدود مائة وعشر سنين من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر[50]، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في آخر حياته لأصحابه : أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد – يقصد من أصحابه - .[51]
ومن هنا يتبين أن من ادعى الصحبة وكانت المعاصرة غير ممكنة ، فإنه لا يقبل قوله ويعتبر في ذلك من الكذابين .[52]
المذهب الثالث : عدم قبول إنه صحابي ، وجرى على هذا القول ابن القطان كما نقل عنه ذلك الشوكاني [53]، وبه قال أبو عبد الله الصيرمي من الحنفية ، كما ذكره ابن النجار[54]. وأيضاً ممن يرى ذلك الإمام البلقيني [55]، وغيرهم .
وعللوا ذلك : أنه متهم بأنه يدعي رتبة عالية يثبتها لنفسه ، وهي منصب الصحابة ، والإنسان مجبول على طلبها قصداً للشرف .[56]
المذهب الرابع : قالوا بالتفصيل في ذلك ، فمن ادعى الصحبة القصيرة قبل منه ، لأنها مما يتعذر إثباتها بالنقل ، إذ ربما لا يحضره حاله اجتماعه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو رؤيته له أحد ، ومن ادعى الصحبة الطويلة وكثرة التردد في السفر والحضر ، فلا يقبل منه ذلك ؛ لأن مثل ذلك يشاهد وينقل ويشتهر ، فلا تثبت صحبته بقوله ، كما قال بذلك السخاوي. [57]
ج - قول أحد الصحابة بصحبة آخر :
و هو إما أن يكون بالتصريح ، كأن يقول الصحابي : إن فلاناً صحابي ، أو من الأصحاب ، أو ممن صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وإما أن يكون بطريق اللزوم ، كأن يقول : كنت أنا وفلان عند النبي ، أو سمع معي هذا الحديث فلان من النبي ، أو دخلت أنا وفلان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم . غير أن هذا الطريق الأخير إنما يثبت فيه الصحبة إذا عرف إسلام المذكور في تلك الحالة ، كما قال السخاوي[58]. ومثلوا ذلك بصحبة حمحمة بن أبي حمحمة الدوسي الذي مات بأصبهان ، فشهد له أبو موسى الأشعري.[59]
و يعلل لقبول قول الصحابي في آخر أنه صحابي : بأن الصحابي عدل فإن صح لناأن نقبل قوله حين يخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلأن نقبل قوله حين يخبر أن فلاناً صحابي من باب أولى .
د - إخبار أحد التابعين الموثقين عند أهل الحديث بأن فلاناً صحابي :
اختلف العلماء من المحدثين والأصوليين في ذلك ، فذهب جماعة منهم إلى قبول قوله ، ومنهم الإمام السخاوي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم .[60]
و ذهب جماعة آخرون إلى أنه لا يقبل قوله ، ولا يثبت به صحبة من أخبر عنه ، وممن ذهب إلى ذلك بعض شراح اللمع على ما ذكره الإمام السخاوي.[61]
وكانت حجتهم في هذا النفي أن التزكية إذا صدرت من مزك واحد غير مقبولة ، بل لابد فيها من اثنين ، لأن التزكية تلحق بالشهادة ، فكما أن الشهادة لا تصح ولا تتحقق إلا بمتعدد اثنين فأكثر ، فكذلك التزكية لا تقبل إلا من اثنين فأكثر ، ولأن اشترط التعدد في المزكي أولى وأحوط من الإفراد ، إذ فيه زيادة ثقة .[62]
والقول الراجح إن شاء الله : هو في ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من قبول تزكية التابعي الواحد : أن فلاناً صحابي . وقد أجابوا عما ذكره النافون بما يلي :-
1 - إن التزكية تتنزل منزلة الحكم ، فلا يشترط فيها العدد ، بخلاف الشهادة فإنها تكون عند الحكم فلا بد فيها من العدد ، فلا يصح إلحاق التزكية بالشهادة .[63]
2 - إن التزكية إن كانت صادرة عن اجتهاد المزكي فهي بمنزلة الحكم ، وحينئذ لا يشترط التعدد في المزكي ، لأنه بمنزلة الحكم .
3 - أن المزكي يكتفى فيه بواحد ، لأنه بمثابة الخبر ، وكما يصح قبول خبر الواحد ، فكذلك يقبل قول المزكي ، لأنه بمنزلته .[64]
4 - أن اعتبار الواحد في الجرح والتعديل أصل متفق عليه ، واعتبار ضم قول غيره إليه يستدعي دليلاً والأصل عدمه .[65]
5 - ينبغي القول بعدم اشتراط التعدد في المزكي ، لأن اشتراط التعدد قد يؤدي إلى تضييع بعض الأحكام ، فكان عدم التعدد أولى وأحوط .[66]
الطريق الثاني : إثبات الصحبة بعلامة من العلامات :
العلامة الأولى : أن يكون من يدّعي الصحبة قد تولى في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عزوة من غزواته ، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام لم يؤمّر على عزوة من غزواته إلا من كان من أصحابه .[67]
العلامة الثانية : أن يكون المدعي صحبته ممن أمّره أحد الخلفاء الراشدين على إحدى المغازي في حروب الردة والفتوح .[68]
العلامة الثالثة : أن يكون المدعي صحبته قد ثبت أن له ابناً حنكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو مسح على رأسه ، أو دعا له ، فإنه كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعا له ، كما أخرجه الحاكم عن عبدالرحمن بن عوف على ما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/9) .[69]
العلامة الرابعة : أن يكون من يدعي صحبته ممن كان بمكة أو الطائف سنة عشر من الهجرة ، إذ من المعلوم عند المحدثين أن كل من كان بمكة أو الطائف سنة عشر قد أسلم وحج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع ، فيكون من الصحابة .[70] ، وفي هذه العلامة نظر ؛ لأنه وإن سلّم بإسلامهم جميعاً ، فإنه لا يسلّم بأن جميعهم حجوا معه صلى الله عليه وآله وسلم .
العلامة الخامسة : أن يكون من يدعي صحبته من الأوس أو الخزرج الذين كانوا بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد ثبت أنهم دخلوا في الإسلام جميعاً ، ولم يثبت عن أحد منهم أنه ارتد عن الإسلام[71] .[72]

إذا عرفت هذا فيكون الكلام في حديث الحوض.
لا شك في صحة روايات الحوض، فقد رواها عشرات الصحابة رضي الله عنهم، وللعلماء في تأويل هذه الروايات أقوال ليس منها أنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، منها:
أنه كيف يجوز أن يرضى الله -عزوجل- عن أقوام ويحمدهم، ويضرب لهم مثلاً في التوراة والإنجيل، وهو يعلم أنهم يرتدون على أعقابهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن يقولوا: إنه لم يعلم وهذا هو شر الكافرين».
وقالوا : لم يرتد من الصحابة أحد، وإنما ارتد قوم من جفاة العرب، ممن لانصرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحاً في الصحابة المشهورين، ويدل قوله: (أصيحابي) على قلة عددهم».[73]
وليس كل من ورد الحوض.
وجاء في رواية أخرى بلفظ ( رهط ) فعن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( يرد علي يوم القيامة ( رهط ) من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يارب أصحابي. فيقول: أنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري )) والرهط كما هو معلوم ما دون العشرة من الرجال.
ومنها: إنا لا نسلم أن المراد بالأصحاب ماهو المعلوم في عرفنا، فالصحبة إسم جنس ليس له حد في الشرع ولا في اللغة، والعرف فيها مختلف والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقيد الصحبة بقيد ولا قدّرها بقدْرٍ بل علّق الحكم بمطلقها ولا مطلق لها إلا الرؤية. بل المراد بهم مطلق المؤمنين به صلى الله عليه وآله وسلم المتبعين له، وهذا كما يقال لمقلدي أبي حنيفة أصحاب أبي حنيفة، ولمقلدي الشافعي أصحاب الشافعي، وهكذا وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع، وكذا يقول الرجل للماضين الموافقين له في المذهب أصحابنا، مع أنه بينه وبينهم عدة من السنين، ومعرفتة صلى الله عليه وآله وسلم لهم مع عدم رؤيتهم في الدنيا بسبب أمارات تلوح عليهم... ولو سلمنا أن المراد بهم ما هو المعلوم في العرف، فهم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق، وقوله: أصحابي أصحابي، لظن أنهم لم يرتدوا كما يُؤْذِن به ما قيل في جوابه: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
فإن قلت: إن (رجالاً) في الحديث كما يحتمل أن يراد منه من ذكرت من مرتدي الأعراب، يحتمل أن يراد ما زعمه الطاعنون في الصحابة؟ أجيب: إن ما ورد في حقهم من الآيات والآحاديث وأقوال الأئمة مانع من إرادة ما زعمه هؤلاء».
وإذا ثبت هذا فاعلم أن العلماء قد اختلفوا في أولئك المذادين عن حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم -كما في الأحاديث- بعد اتفاقهم أن الصحابة –رضي الله عنهم- غير مرادين بذلك.
قال النووي في شرح بعض روايات الحديث عند قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (هل تدري ما أحدثوا بعدك): «هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال:
أحدها: أن المراد به المنافقون والمرتدون، فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل، فيناديهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيما التي عليهم، فيقال: ليس هؤلاء مما وعدت بهم، إن هؤلاء بدلوا بعدك: أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم. وما من شكٍّ أن المنافقين ليسوا بحالٍ من أقسام الصحابة ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذكرهم وذكر المرتدين في بعض روايات الحديث ( بأصيحابي ) أو ب( من صاحبني ) لأنهم صحبوه ورأوه في الدنيا وذلك تصغيراً لهم وتحقيراً لا تعظيماً ولا يقول ذلك لأصحابه من المهاجرين والأنصار الذين كانت لهم رواياته في حقهم بصيغة الإجلال والتقدير والتعظيم والتكريم. وذلك أن المنافقين كانوا يظهرون الإسلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال الله جل وعلا { إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ 1 } ..
وقد يقول قائل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرف المنافقين فنقول نعم كان يعرف بعضهم ولم يكن يعرفهم كلهم ولذلك قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } فبين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم جميع المنافقين وكان يظن أن أولئك من أصحابه وليسوا كذلك بل هم من المنافقين . وهناك جواب ثالث وهو أن المعنى كل من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو لم يتابعه , وإن كان النبي يعلم ذلك كعبد الله بن أبي بن سلول وهو كما هو معلوم رأس المنافقين وهو الذي قال : لإن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل , وهو الذي قال ما مثلنا ومثل محمد وأصحابه إلا كما قال الأول سمن كلبك يأكلك .
فهذا سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه فيكون هذا هو المقصود ولذلك إن تعريف الصحابة بأنه كل من لقي النبي مؤمناً به ومات على ذلك تعريف متأخر وأما كلام العرب كل من صحب الرجل فهو من أصحابه مسلماً أو غير مسلم متبع له أو غير متبع هذا أمر آخر . ولذلك لما قال عبد الله بن أبي بن سلول كلمته الخبيثة ( ليخرجن الأعز منها الأذل ) قام عمر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما بلغته هذه الكلمة قال : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق , فقال صلى الله عليه وآله وسلم : (لا يا عمر لا يقول الناس إن محمد يقتل أصحابه ) , فسماه من أصحابه صلوات الله وسلامه عليه وهو رأس المنافقين , فهو غير داخل فالذين نحن نسميهم صحابة رضي الله عنهم وأرضاهم .
والثاني: أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ارتد بعده فيناديهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء، لما كان يعرفه صلى الله عليه وآله وسلم في حياته من إسلامهم، فيقال: ارتدوا بعدك.
يقول الفضل الطبرسـي ( وهـو من أكابر علماء الشيعة ) في تفسيره ( مجمع البيان ) عند تفسير قولـه تعـالى { فأما الذين اسودت وجـوههم أكفرتم بعد إيمانكم } ...اختلف فيمن عنوا به على أقوال فذكر أربعة أقوال وذكر في آخرها أنهم أهل البدع والأهـواء مـن هـذه الأمـة ثم استدل على ذلك من حديث ( الارتداد ) فقال (( ورابعها أنهم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة عن علي (عليه السلام) ومثله عن قتادة أنهم الذين كفروا بالارتداد، ويروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال والذي نفسي بيده ليردن على الحوض ممن صحبني أقوام حتي إذا رأيتهم اختلجوا دوني فلأقولن أصحابي أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعد إيمانهم ارتدوا على أعقابهم القهقري، ذكره الثعلبي في تفسيره فقال أبو أمامة الباهلي: هم الخوارج ويروي عن النبي أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية...))[74].
والثالث: أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثم يرحمهم الله عزوجل فيدخلهم الجنة بغير عذاب».‎‎
ونقل هذه الأقوال، أو قريباً منها، القرطبي، وابن حجر -رحمهما الله تعالى-.
قلت: ولا يمتنع أن يكون أولئك المذادون عن الحوض هم من مجموع تلك الأصناف المذكورة، فإن الروايات محتملة لكل هذا، ففي بعضها يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقول: (أصحابي) أو (أصيحابي -بالتصغير-)، وفي بعضها يقول: (سيؤخذ أناس من دوني فأقول ياربي مني ومن أمتي) وفي بعضها يقول: (ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني)، وظاهر ذلك أن المذادين ليسوا طائفة واحدة.
وهذا هو الذي تقتضيه الحكمة، فإن العقوبات في الشرع تكون بحسب الذنوب، فيجتمع في العقوبة الواحدة كل من استوجبها من أصحاب ذلك الذنب.
كما روى عن طائفة من الصحابة منهم عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}: قالوا: (أشباههم يجئ أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا، وأصحاب الربا مع أصحاب الربا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر)، وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين أن سبب الذود عن الحوض هو الارتداد كما في قوله: (إنهم ارتدوا على أدبارهم)، أو الإحداث في الدين، كما في قوله: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)(، فمقتضى ذلك هو أن يُذاد عن الحوض كل مرتد عن الدين سواء أكان ممن ارتد بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأعراب، أو من كان بعد ذلك، يشاركهم في هذا أهل الإحداث وهم المبتدعة.
وهذا هو ظاهر قول بعض أهل العلم.
قال ابن عبد البر: «كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض، كالخوارج، والروافض، وسائر أصحاب الأهواء، قال: وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق، والمعلنون بالكبائر، قال: وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر والله أعلم».(
وقال القرطبي في التذكرة: «قال علماؤنا -رحمة الله عليهم أجمعين- فكل من ارتد عن دين الله، أو أحدث فيه ما لا يرضاه، ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائهاء، فهؤلاء كلهم مبدلون).
وإذا ما تقرر هذا ظهرت براءة الصحابة من كل ما يرميهم به أعدائهم فالذود عن الحوض إنماهو بسبب الردة أو الإحداث في الدين، والصحابة من أبعد الناس عن ذلك، بل هم أعداء المرتدين الذين قاتلوهم وحاربوهم في أصعب الظروف وأحرجها بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ماروى الطبري في تأريخه بسنده عن عروة بن الزبير عن أبيه قال: (قد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة، ونجم النفاق، واشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية، لفقد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم وقلتهم وكثرة عدوهم).
ومع هذا تصدى أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهؤلاء المرتدين وقاتلوهم قتالاً عظيماً وناجزوهم حتى أظهرهم الله عليهم فعاد للدين من أهل الردة من عاد، وقتل منهم من قتل، وعاد للإسلام عزه وقوته وهيبته على أيدي الصحابة -رضي الله عنهم- وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.
يقول سعد القمي : وارتد قوم فرجعوا عن الإسلام، ودعت بنو حنيفة إلى نبوة مسيلمة، وقد كان ادعى النبوة في حياة رسول الله ص فبعث أبو بكر إليهم الخيول عليها خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، فقاتلهم وقُتل من قُتل ورجع من رجع منهم إلى أبي بكر فسمّوا أهل الردة)([75]).
ويقول الإمام علي عن إمساكه عن بيعة الخليفة الراشد أبي بكر في بادئ الأمر ثم مبايعته له ومؤازرته له وللصحابة في دحر المرتدين: «فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد ص، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل..»([76]).
ويقول: «فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته، ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسّر وسدد وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً».
وهذه المواقف العظيمة للصحابة من أهل الردة وأهل البدع، من أكبر الشواهد الظاهرة على صدق تدينهم، وقوة إيمانهم، وحسن بلائهم في الدين، وجهادهم أعداءه بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أقام الله بهم السنة وقمع البدع، الأمر الذي يظهر به كذبهم في رميهم لهم بالردة والإحداث في الدين، والذود عن حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم. بل هم أولى الناس بحوض نبيهم لحسن صحبتهم له في حياته، وقيامهم بأمر الدين بعد وفاته.
ولا يشكل على هذا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني)(19) فهؤلاء هم من مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم على دينه، ثم ارتدوا بعد ذلك، كما ارتدت كثير من قبائل العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهؤلاء في علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه، لأنه مات وهم على دينه، ثم ارتدوا بعد وفاته ولذا يقال له: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، وفي بعض الروايات: (إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري)(20) فظاهر أن هذا في حق المرتدين بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأين أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين قاموا بأمر الدين بعد نبيهم خير قيام، فقاتلوا المرتدين، وجاهدوا الكفار والمنافقين، وفتحوا بذلك الأمصار، حتى عم دين الله كثيراً من الأمصار، من أولئك المنقلبين على أدبارهم.
وهؤلاء المرتدون لا يدخلون عند أهل السنة في الصحابة، ولا يشملهم مصطلح (الصحبة) إذا ما أطلق. فالصحابي كما عرفه العلماء المحققون: «من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام».
وأما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)
والإحتجاج به على تكفير الصحابة إلا القليل منهم فلا حجة له فيه، لأن الضمير في قوله (منهم) إنما يرجع على أولئك القوم الذين يدنون من الحوض ثم يذادون عنه، فلا يخلص منهم إليه إلا القليل وهذا ظاهر من سياق الحديث فإن نصه: (بينما أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلَمّ فقلت أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم).
فليس في الحديث للصحابة ذكر وإنما ذكر زمراً من الرجال يذادون من دون الحوض ثم لا يصل إليه منهم إلا القليل.
قال ابن حجر في شرح الحديث عند قوله: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم) «يعني من هؤلاء الذين دنوا من الحوض وكادوا يردونه فصدوا عنه... والمعنى لا يرده منهم إلا القليل لأن الهَمَل في الإبل قليل بالنسبة لغيره».
وأما القول أن في الحديث أنه عرفهم ليس بالضرورة أنه عرفهم بأعيانهم بل بمميزات خاصة كما يوضحها الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (( ترد عليَّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله، قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟ قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم تردون عليّ غراً محجلين من آثار الوضوء. وليُصدَّن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يارب هؤلاء من أصحابي فيجبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟))
فهذا الحديث يفيد أن أهل الأهواء والنفاق يحشرون بالغرة والتحجيل وقوله ( منكم ) الميم ميم الجمع وهذا يعني أنهم يحشرون جميعاً بنفس سيما المؤمنين كما في حديث الصراط في قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((....وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها.. )) فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين.
وأخيراً لو قال أحد النواصب وهم الذين يبغضون آل البيت رضي الله عنهم وقال أن هؤلاء الذين إرتدو وهؤلاء الذين يذادون عن الحوض هم علي والحسن والحسين كيف تردون عليهم ؟؟!
الرد عليهم بأن نقول لهم ليسوا من هؤلاء بل هؤلاء جاءت فيهم فضائل ..
فنقول أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة جاءت فيهم فضائل فما الذي يخرج علياً ويدخل أبا بكر وعمر !!
فالقصد إذاً أن حديث الحوض لا يشمل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
([1]) رواه البخاري برقم (6582) واللفظ له، ومسلم برقم (2304).

([2]) رواه البخاري برقم (6585).

([3]) رواه البخاري برقم (6593) واللفظ له، ومسلم برقم (2293).

([4]) رواه البخاري برقم (6576).

([5]) رواه البخاري برقم (6585).

([6]) رواه البخاري برقم (6587).

([7]) رواه البخاري برقم (6586).

[8] - لسان العرب ( 7/286)

[9] - جامع الأصول لابن الأثير (1/74 )

[10] - أنظر : فتح المغيث (4/74) وما بعدها ، والباعث الحثيث (ص 169و172) هامش رقم (1) ودفاع عن السنة (ص108) والإصابة (1/6) وغيرها من الكتب ، ومن مجموع ما ذكره هؤلاء العلماء وغيرهم صغت هذا التعريف .

[11] - أنظر : الاستيعاب (2/751) وأسد الغابة (3/57) - ، ومالك بن الحويرث - أنظر : الإصابة (5/719- 720)- ، وعثمان ابن أبي العاص - أنظر : أسد الغابة (3/579) والإصابة (4/451- 452) - ، ووائل بن حجر - أنظر : الاستيعاب (4/1562- 1563) وأسد الغابة (5/435)

[12] - أنظر : الإصابة (3/605) والاستيعاب (4/1696) ، وأسد الغابة (3/145) - ، وأبي جحيفة وهب بن عبد الله - أنظر : الإصابة (6/626)

[13] - أنظر : الإصابة (6/232) وأسد الغابة (5/281) - ، وحسان بن ثابت - أنظر : الإصابة (2/62- 64) وأسد الغابة (2/5- 7 ) ، وسهل بن حنيف - أنظر : الإصابة (3/198) وأسد الغابة (2/470)

[14] - أنظر : الإصابة (4/65- 67) وأسد الغابة ( 3/218) - ، وحمزة بن عبد المطلب - أنظر : الإصابة (2/121- 123) والاستيعاب (1/369- 375) - ، وشرحبيل بن حسنة - أنظر : الإصابة (3/328- 329)

[15] - أنظر : أسد الغابة (3/439) والاستيعاب (2/828) - ، وثمامة بن عدي - أنظر : الإصابة (1/410) والاستيعاب (1/213) - ، وزياد بن حنظلة التميمي - أنظر : الاستيعاب (2/531)

[16] - أنظر : الإصابة (2/262- 264) وأسد الغابة (2/120- 122) - ، وأنس بن النضر- أنظر : الإصابة (1/132- 133) وأسد الغابة (1/155- 156).

[17] - الإصابة (6/382) والاستيعاب (4/1484) - ، وعبد الله بن عمرو بن حرام - أنظر : الإصابة (4/189- 190) - ، وعتبة بن فرقد السلمي - أنظر : الإصابة (4/439- 440) وأسد الغابة (3/567)

[18] - الإصابة (1/278- 279) وأسد الغابة (1/205- 206)

[19] - الإصابة (6/245- 246) وأسد الغابة (5/102- 103)

[20] - أسد الغابة (5/83)

[21] - انظر : الفتح (7/ 7 )

[22] - روض الأنف (2/304) وإرشاد الساري (5/306)

[23] - الحبائك في معرفة أخبار الملائك (ص211)

[24] - المواهب اللدنية (7/28)

[25] - أنظر : محاضرات في علوم الحديث (ص37- 40).

[26] - محاسن الاصطلاح (ص423) ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/ 7 ) ، والسخاوي في فتح المغيث (4/81) .

[27] - فتح المغيث (4/ 82 ) .

[28] - الإصابة (4/109- 111 )

[29] - في نزهة النظر (ص109 )

[30] - الإصابة (5/437- 440)

[31] - الإصابة (1/87 –90 )

[32] - الإصابة (4/507- 509)

[33] - الإصابة (1/7 ) ، ومحاضرات في علوم الحديث (ص39 )

[34] - الزرقاني على المواهب (7/27) ومحاضرات في علوم الحديث (ص39 )

[35] - الزرقاني على المواهب (7/27)

[36] - فتح الباري (7/7 ) والإصابة (1/7- 8 ) وفتح المغيث (4/80 )

[37] - - أنظر : الإصابة (2/364 )

[38] - إرشاد الفحول، للشوكاني، ( ص 70) ، التحرير، لابن الهمام (3/66)، الآلوسي في أجوبته العراقية (ص 9).

[39] - المصادر السابقة.

[40] - إرشاد الفحول، للشوكاني، (ص70)

[41] - إرشاد الفحول (ص70)، تدريب الراوي (2/112).

[42] - العدة، للقاضي أبي يعلى الفراء، (ص3/989)، الإحكام، للآمدي، (1/275)، جمع الجوامع، للسبكي، (2/179).

[43] - تفسير الرازي (16/65) .

[44] - راجع الحديث في سنن الترمذي (3/311- 312) .

[45] - راجع دراسات تاريخية في رجال الحديث (ص 39).

[46] - راجع صحيح البخاري كتاب المغازي (3/64) . ومن الذين قالوا بهذه الطريقة ابن كثير في الباعث الحثيث (ص190) والسخاوي في فتح المغيث (3/97) .

[47] - فتح المغيث (3/99)

[48] - راجع : شرح الكوكب المنير لابن النجار (2/479) ، والمختصر في أصول الفقه لابن اللحام (ص89) وجمع الجوامع للسبكي (2/167) وشرح الألفية للعراقي (3/11) وابن حجر في الإصابة (1/8) والسخاوي في فتح المغيث (3/97) وغيرهم الكثير .

[49] - راجع شرح الكوكب المنير لابن النجار (2/479).

[50] - في الإصابة (1/8 )

[51] - البخاري (1/33- 34) ومسلم برقم (1965) .

[52] - راجع الأمثلة على من ادعى أنه صحابي وظهر كذبه : الإصابة (1/9) ومحاضرات في علوم الحديث (1/138- 139) ودراسات تاريخية (ص46) .

[53] - إرشاد الفحول (ص71)

[54] - شرح الكوكب المنير (2/479)

[55] - محاسن الاصطلاح (ص427)

[56] - راجع : البلبل (ص 62) وشرح مختصر الروضة (2/13) وتيسير التحرير ( 3/67) وغيرهم الكثير .

[57] - فتح المغيث (3/98- 99)

[58] - فتح المغيث (3/96)

[59] - ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم (1/71) والإصابة (1/355) وأسد الغابة (2/58- 59) .

[60] - فتح المغيث، للسخاوي، (3/96)، الإصابةن لالحافظ ابن حجر (1/8).

[61] - فتح المغيث (3/99) .

[62] - راجع تيسير التحرير (3/58) .

[63] - نزهة النظر (ص134) .

[64] - شرح الألفية للعراقي (1/295) .

[65] - الإحكام للآمدي (1/271) .

[66] - تيسير التحرير (3/58) .

[67] - انظر : محاضرات في علوم الحديث (1/140) والمختصر في علم رجال الأثر (ص 27) .

[68] - الإصابة (1/9) .

[69] - وانظر صحيح مسلم (1/237) .

[70] - الإصابة (1/9) ومحاضرات في علوم الحديث (1/139)

[71] - الإصابة (1/8) ومحاضرات في علوم الحديث (1/139) .

[72] - مفهوم عدالة الصحابة، لأبي عبدالله الذهبي

[73] - ولفظ أصيحابي .. مذكور في كتب الإمامية: أنظر مثلاً: دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية - الشيخ المنتظري - ج 1 /47 ، مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) - الميرجهاني - ج 1 /164 ، الأمالي - الشيخ المفيد 38(ه‍) ، عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج 1 /59 ، الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري 10 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 8 /27 ، 28 /22 ، 29 /566 ، الغدير - الشيخ الأميني - ج 3 /408 ، أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج 2 /28 ، أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي 433 ، 436 ، معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري - ج 1 /99 ، العدد القوية - علي بن يوسف الحلي 198 ، سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج 10 /96 ، النصائح الكافية - محمد بن عقيل 164 ، تقوية الإيمان - محمد بن عقيل 61 ، تقريب المعارف - أبو الصلاح الحلبي 395 ، شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج 18 /37 ، آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) 26 ، الانتصار - العاملي - ج 8 /220 ، الصحابة في القرآن والسنة والتاريخ - مركز الرسالة 70 ، العترة والصحابة في السنة - محمد حياة الأنصاري - ج 2 /7 ، المنتخب من الصحاح الستة - محمد حياة الأنصاري 76 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج 1 /219 ، 2 /587 ، رسائل ومقالات - الشيخ جعفر السبحاني 206 ، كذبوا على الشيعة - السيد محمد الرضي الرضوي 159 ، مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج 50 /119 ، وركبت السفينة - مروان خليفات 600 ، فلك النجاة في الإمامة والصلاة - علي محمد فتح الدين الحنفي 64 ، الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب 407

[74] - تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 2 /360 ، تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي - ج 1 /382

([75]) المقالات والفرق لسعد القمي (ص 4).

([76]) رسائل المرتضى (3/ 21 الهامش) نهج البلاغة (3/119) الغارات (1/ 305- 306 الهامش)، بحار الأنوار للمجلسي (28/ 186 هامش)، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة (104/ 381، 383) موسوعة أحاديث أهل البيت: (5/102، 11/6) ميزان الحكمة للريشهري (1/ 132).





التوقيع






    رد مع اقتباس
قديم 2010-09-28, 07:41 رقم المشاركة : 5
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: شبهات مهترئة و ردود قاصمة


سَرِيةُ أسامَةَ بنُ زَيد رضي الله عنه

تقول الشبهة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهز جيشاً لغزو الروم قبل وفاته بيومين، وأمّر على هذه السرية: أسامة بن زيد بن حارثة، وعمره ثمانية عشر عاماً، وقد عبأ صلى الله عليه وآله وسلم في هذه السرية وجوه المهاجرين والأنصار، كأبي بكر وعمر، وأبي عبيده، وغيرهم من كبار الصحابة المشهورين، فطعن قوم منهم في تأمير أسامة، وقالوا: كيف يؤمر علينا شاب لا نبات بعارضيه، وقد طعنوا من قبل في تأمير أبيه، وقد قالوا في ذلك وأكثروا النقد، حتى غضب صلى الله عليه وآله وسلم غضباً شديداً مما سمع من طعنهم وانتقادهم، فخرج معصّب الرأس محموماً، يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، من شدة ما به من لغوب، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أبيه من قبله، وأيم الله إنه كان خليقاً بالإمارة، وإن ابنه من بعده لخليق بها».
وقالوا: وإذا أردنا أن نتمعن في هذه القضية، فإننا سنجد عمر من أبرز عناصرها، إذ أنه هو الذي جاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الخليفة أبي بكر وطلب منه أن يعزل أسامة ويبد له بغيره. فقال أبو بكر: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، أتأمرني أن أعزله وقد ولاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
ردود العلماء على هذه الشبهة
منها أن دعوى معارضة الصحابة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في تأمير أسامة معارضة صريحة: فمن أظهر الكذب، الذي ترده الأخبار الصحيحة.
والثابت في هذه الحادثة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه أمر أصحابه بالمسير إلى تخوم البلقاء من الشام، والإغارة على أهل مؤته، حيث قتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحه الذين كانوا أمراء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على غزوة مؤته المعروفة، فلما تجهز الصحابة لما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أسامة بن زيد أميراً عليهم، وقال له: سر إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل وأغر صباحاً على أُبْنى[1] وحرّق عليهم، وأسرع المسير تسبق الخبر، إن ظفرك الله بهم، فأقل اللبث فيهم، فتكلم في تأمير أسامة قوم منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي، فرد عليه عمر وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم[2] فخطب وقال: (إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان من أحب الناس إليّ وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده).[3]
فظاهر أن من تكلم في إمارة أسامة كانوا أفراداً من الصحابة وليس كل الصحابة، وكانوا بذلك مجتهدين في ما قالوا لأنهم خشوا أن يضعف عن الإمارة لصغر سنه، ومع هذا فقد أنكر عليهم عمر وأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرهم إنه جدير بالإمارة فما يعرف أن أحداً منهم تكلم فيه بعد ذلك.
فأي لوم على الصحابة -رضي الله عنهم- بقول أفراد منهم أنكره عليهم بعضهم، ثم نهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانتهوا.
ومنها دعوى أنهم رضي الله عنهم تباطؤوا في الخروج مع أسامة حتى مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يحصل شيء من ذلك بل إن الصحابة بادروا بالاستعداد للقتال، وأعدوا العدة لذلك، فقد نقل ابن هشام والطبري بسنده عن ابن إسحاق قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وأمره أن يوطئ تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين،فتجهزالناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون».‏[4]
وفي الطبقات لابن سعد: «وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار، إلا انتدب في تلك الغزوة».‏[5]
فكان الصحابة قد تهيؤوا للخروج مع أسامة، وخرج بهم وعسكر بالجرف استعداداً للانطلاق، لكن الذي حصل بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشتد عليه المرض فجاءه أسامة وقاليارسول الله قد أصبحت ضعيفاً وأرجوا أن يكون الله قد عافاك فأذن لي فأمكث حتى يشفيك الله، فإني إن خرجت وأنت علىهذه الحالة خرجت وفي نفسي منك قرحة وأكره أن أسأل عنك الناس، فسكت عنه رسول الله.[6]
فكان أسامة هو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم التأخر في الخروج حتى يطمئن على رسول صلى الله عليه وآله وسلم فأذن له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولو أراد أسامة الخروج ما تأخر عنه أحد ممن كان تحت إمرته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا امتنع أحد من أصحاب أسامة من الخروج معه لو خرج، بل كان أسامة هو الذي توقف في الخروج لما خاف أن يموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: كيف أذهب وأنت هكذا، أسأل عنك الركبان؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المقام، ولو عزم على أسامة في الذهاب لأطاعه، ولو ذهب أسامة لم يتخلف عنه أحد ممن كان معه وقد ذهب جميعهم معه بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يتخلف عنه أحد بغير إذنه».[7]
ثم إن أسامة بقي معسكراً في الجرف ينتظر شفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا كان يوم الإثنين أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفيقاً فدخل عليه أسامة، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (أغد على بركة الله، فودعه أسامة وخرج إلى معسكره، فأمر الناس بالرحيل، فبينما هو يريد الركوب إذ رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة، فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يموت فتوفي عليه الصلاة والسلام).[8]
فهذا هو حقيقة ما حصل، ولم يكن تأخر خروج أسامة إلا بطلب منه أذن له فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على أنه لم يكن بين أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بالتهيؤ للغزو، ووفاته إلا ستة عشر يوماً، فقد كان ندبه أصحابه لذلك يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة، وعين أسامة أميراً على الجيش في اليوم الثاني.
فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرض فما زال مريضاً حتى توفاه الله يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول[9]، ومعلوم أن هذه المدة ليست طويلة في تجهيز جيش في مثل ذلك الوقت على أن الصحابة كانوا قد استعدوا وتهيؤوا للخروج قبل هذه المدة بكثير لولا استئذان أسامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تأخير الخروج، فقد ثبت أن أسامة قد خرج بالجيش وعسكر في الجرف يوم الخميس أي بعد ثلاثة أيام من أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتهيؤ للقتال.[10]
وبهذا تبطل دعوى القول في تثاقل الصحابة عن الخروج بل إن هذا يدل على سرعة امتثالهم -رضي الله عنهم- لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك بتجهيزهم جيشاً كهذا قيل: إن قوامه ثلاثة آلاف مقاتل[11] بكل ما يحتاج إليه من مؤونة وعتاد في خلال ثلاثة أيام على ماهم فيه من فاقة وفقر وحاجة فرضي الله عنهم جميعاً، وجزاهم على جهادهم، وحسن بلائهم في الإسلام، خير ما جازى به المحسنين.
ومنها القول بأنه كان في جيش أسامه أبو بكر وعمر، بتعيين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهما ثم تثاقلا عن الخروج معه.
فجوابه: أنه لم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر أبا بكر وعمر أن يلتحقا بجيش أسامة، بل ولا أمر غيرهما بذلك، إذ لم يكن من عادته إذا أراد أن يجهز سرية أو غزوة أن يعين من يخرج فيها باسمائهم، وإنما كان يندب أصحابه لذلك ندباً عاماً، ثم إذا اجتمع عنده من يقوم بهم الغرض عين لهم أميراً منهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن من عادته في سراياه، بل ولا في مغازيه، أن يعين كل من يخرج معه في الغزو بأسمائهم ولكن يندب الناس ندباً عاماً مطلقاً، فتارة يعلمون منه أنه لم يأمر كل أحد بالخروج معه ولكن ندبهم إلى ذلك، كما في غزوة الغابة، وتارة يأمر الناس بصفة كما أمر في غزوة بدر أن يخرج من حضر ظهره فلم يخرج معه كثير من المسلمين، وكما أمر في غزوة السويق بعد (أحد) أن لا يخرج معه إلا من شهد أحداً، وتارة يستنفرهم نفيراً عاماً،ولايأذن لأحد في التخلف كما في غزوة تبوك...
ولما أمّر أسامة بن زيد بعد مقتل أبيه، فأرسله إلى ناحية العدو الذين قتلوا أباه لما رآه في ذلك من المصلحة، ندب الناس معه فانتدب معه من رغب في الغزو، وروي أن عمر كان ممن انتدب معه لا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عين عمر ولا غير عمر».[12]
فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعين أحداً باسمه، للالتحاق بجيش أسامة، وإنما دعا أصحابه إلى ذلك فالتحق بالجيش كبار المهاجرين والأنصار.
وكان من بين هؤلاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما نص على ذلك المؤرخون[13]، وثبت أنه فيمن خرج في معسكر أسامة بالجرف، ثم عاد للمدينة مع أسامة، لما بلغه
احتضار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما تقدم بذلك النقل عن ابن سعد.
ثم إن عمر -رضي الله عنه- بقي مكتتباً في جيش أسامة فلما استخلف أبو بكر وأمر بمسير الجيش استأذن أبو بكر أسامة أن يأذن لعمر بالبقاء معه لحاجته إليه.
قال الواقدي: «ومشى أبو بكر-رضي الله عنه- إلى أسامة في بيته، وكلمه أن يترك عمر، ففعل أسامة وجعل يقول له: أذنت ونفسك طيبة؟ فقال أسامة: نعم».‎‎[14]
ويذكر الطبري أن أبابكر قال لأسامة لما شيعه في خروجه بالجيش: (إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل فأذن له).[15]
كما نص على هذا غير واحد من المؤرخين والمحققين.[16]
فثبت بهذا أن التحاق عمر بجيش أسامة كان برغبته واختياره، وأن خروجه منه كان بطلب الخليفة، وإذن الأمير فأي لوم على عمر -رضي الله عنه- في ذلك.
وأما أبو بكر فالذي عليه أكثر المؤرخين: أنه لم يكن في جيش أسامة أصلاً، فإنهم سموا من التحق بجيش أسامة من كبار الصحابة، ولم يذكروا فيهم أبا بكر.
قال الواقدي ضمن حديثه عن غزوة أسامة: «فلم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل...».‎‎[17]
وقال الطبري: «ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بعثاً على أهل المدينة ومن حولهم، وفيهم عمر بن الخطاب، وأمر عليهم أسامة بن زيد».[18]
وقال الذهبي ضمن ترجمة أسامة: «استعمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جيش لغزو الشام، وفي الجيش عمر والكبار».[19]
فلم يذكر هؤلاء المؤرخون أبا بكر في جيش أسامة، وذكروا بعض كبار الصحابة كعمر، وأبي عبيدة، وسعد وغيرهم، ولو كان أبو بكر في الجيش لكان ذكره أولى وأشهر. وإنما عدّ أبا بكر في جيش أسامة: ابن سعد قال: «فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة...».[20]
وإلى هذا ذهب ابن حجر في الفتح.[21]
وقال ابن كثير في سياق الموضوع: «وكان بينهم: عمر بن الخطاب، ويقال: أبوبكر فاستثناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للصلاة».[22]
وقد جزم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بأن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة ونقل اتفاق أهل العلم عليه.
قال:«وأبوبكر-رضي الله عنه- لم يكن في جيش أسامة باتفاق أهل العلم، لكن روي أن عمر كان فيهم، وكان عمر خارجاً مع أسامة، لكن طلب منه أبو بكر أن يأذن له في المقام عنده لحاجته إليه، فأذن له».[23]
وقال في موضع آخر : «وأما قوله إنه أمّر أسامة على الجيش الذي فيهم: أبو بكر، وعمر، فمن الكذب الذي يعرفه من له أدنى معرفة بالحديث، فإن أبا بكر لم يكن في ذلك الجيش، بل كان صلى الله عليه وآله وسلم يستخلفه في الصلاة من حين مرضه إلى أن مات. وأسامة قد روى أنه عقد له الراية قبل مرضه، ثم لما مرض أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فصلى بهم إلى أن مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلو قُدر أنه أُمر بالخروج مع أسامة قبل المرض، لكان أمره بالصلاة تلك المدة، مع إذنه لأسامة أن يسافر في مرضه، موجباً لنسخ إمرة أسامة عنه، فكيف إذا لم يُؤمر عليه أسامة بحال».[24]
وبهذا يظهر أن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة. وهو قول عامة المؤرخين إلا من شذ منهم، بل نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- اتفاق أهل العلم والحديث على هذا، لاشتغال أبي بكر -رضي الله عنه- بالصلاة بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
على أن من قال بالقول الآخر، لم يقل: إن أبا بكر بقي في جيش أسامة بعد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له بالصلاة، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم، لما هو معلوم عندهم بالتواتر من اشتغال أبي بكر بإمامة الناس في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات، في حين أن الجيش كان معسكراً بالجرف، استعداداً للخروج. ولهذا ذكر ابن كثير أن من قال بدخول أبي بكر في جيش أسامة، ذكر أنه مستثني بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالصلاة. والروايات كثيرة التي تبين أن أبابكر كان يصلي بالمسلمين يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنه صلى الله عليه وآله وسلم كشف عن سترة الحجرة فرآهم صفوفا خلف أبي بكر، فكيف يكون في جيش أسامة إذاً؟!
وأما قوله: إن عمر كان من أبرز عناصر المعارضة، وهو الذي جاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي بكر، وطلب منه أن يعزل أسامة ويبدله بغيره.
فجوابه: أنه لم تكن هناك معارضة أصلاً حتى يكون لها عناصر بارزة أو غير بارزة، وإنما هذا أوهام وأكاذيب من الذين يحاولون عن طريقها التلبيس على ضعاف العقول بقصد الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والنيل منهم. والعبرة في هذا بصحة النقل فأين النقل؟
وأما قوله: إن عمر طلب من أبي بكر عزل أسامة فليس هذا رأي عمر وحده، بل رأى بعض الصحابة، وسبب هذا أنه لما مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ارتدت كثير من قبائل العرب، ونجم النفاق، وتربص الأعداء بالمسلمين من كل ناحية، وقد كان في جيش أسامة جل الصحابة وخيارهم، فخشى كبار الصحابة على المدينة بعد خروج الجيش منها أن يحيط بها الأعداء، وفيها خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمهات المؤمنين، والنساء، والذراري، فأشاروا على أبي بكر أن يؤجل بعث أسامة حتى يستقر الحال، ويفرغ من قتال المرتدين، فلما أبى عليهم ذلك أشار عليه بعضهم أن يولي الجيش من هو أسن من أسامة، وأعرف بالحرب منه حرصاً منهم على سلامة الجيش في ذلك الوقت العصيب الذي يمرون به.
وبهذا جاءت الروايات:
فقد روى الطبري من حديث عروة عن أبيه قال: (لما بويع أبو بكر -رضي الله عنه- وجمع الأنصار في الأمر الذي افترقوا فيه، قال: ليتم بعث أسامة، وقد ارتدت العرب، إما عامة، وإما خاصة في كل قبيلة، ونجم النفاق وأشر أبت اليهود والنصارى، والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية، لفقدهم نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم وقلتهم وكثرة عدوهم، فقال له الناس: إن هؤلاء جل المسلمين، والعرب -على ماترى- قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين، فقال أبو بكر: والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذنه).[25]
وفي روايه للواقدي: «فلما بلغ العرب وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وارتد من ارتد عن الإسلام، قال أبو بكر -رضي الله عنه- لأسامة -رحمة الله عليه- أنفذ على وجهك الذي وجهك فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأخذ الناس بالخروج وعسكروا في موضعهم الأول، وخرج بريده باللواء حتى انتهى إلى معسكرهم الأول فشق على كبار المهاجرين الأولين، ودخل على أبي بكر، عمر، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد، فقالوا ياخليفة رسول الله إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئاً، اجعلهم عُدة لأهل الردة ترمي بهم في نحورهم؟ وأخرى لا نأمن على أهل المدينة أن يغار عليها، وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه وتعود الردة إلى ما خرجوا منه، أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة حينئذ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا؟ فلما استوعب أبو بكر -رضي الله عنه- منهم كلامهم قال: هل منكم أحد يريد أن يقول شيئاً؟ قالوا: لا قد سمعت مقالتنا، فقال: والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث، ولا بدأت بأولى منه، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينزل عليه الوحي من السماء يقول: أنفذوا جيش أسامة).[26]
وفي رواية للطبري: أن هذا هو رأي أسامة نفسه، وهو الذي بعث عمر إلى أبي بكر بهذا وعلى هذا الرأى الأنصار أيضاً، وأنهم قالوا لعمر فإن أبى ذلك فليول الجيش أقدم سناً من أسامة، وهاهوذا نص الرواية من رواية الحسن البصري قال: (ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بعثاً على أهل المدينة ومن حولهم، وفيهم عمر بن الخطاب وأمّر عليهم أسامة بن زيد، فلم يجاوز آخرهم الخندق، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوقف أسامة بالناس ثم قال لعمر: ارجع إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستأذنه يأذن لي أن أرجع بالناس، فإن معي وجوه الناس وحدَّهم، ولا آمن على خليفة رسول الله، وثقل رسول الله، وأثقال المسلمين أن يتخطفهم المشركون، وقالت الأنصار: فإن أبي إلا أن نمضي فأبلغه عنا، واطلب إليه أن يولي أمرنا رجلاً أقدم سناً من أسامة، فخرج عمر بأمر أسامة، وأتى أبا بكر فأخبره بما قال أسامة، فقال أبو بكر: لو خطفتنى الكلاب والذئاب، لم أرد قضاءً قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: فإن الأنصار أمروني أن أبلغك، وإنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلاً أقدم سناً من أسامة، فوثب أبو بكر-وكان جالساً- فأخذ بلحية عمر، فقال له: ثكلتك أمك وعدمتك يابن الخطاب؟ استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتأمرني أن أنزعه؟ فخرج عمر إلى الناس فقالوا له: ما صنعت؟ فقال: امضوا، ثكلتكم أمهاتكم؟ مالقيت في سببكم من خليفة رسول الله؟).[27]
فظاهر من هذا أن الذي حمل الصحابة على ما قالوا إنما هو النصح لدين الله، وشفقتهم على المسلمين، وأن القول بتأجيل خروج جيش أسامة، هو قول عامة الصحابة، بما فيهم أسامة، وذلك لشدة الظروف التي كانوا يمرون بها، نظراً لموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما تبع ذلك من كثرة الارتداد، وشيوع النفاق، وتربص الأعداء، وطمعهم في المسلمين، في حين أن الجيش سيقطع مسافات بعيدة يخترق من خلالها كثيراً من أحياء العرب الذين لا يؤمن جانبهم، ويخشى من غدرهم وردتهم، مما حمل الأنصار أن يطلبوا من عمر -كما في رواية الطبري- أن يطلب من خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ما عزم على مسيرة الجيش أن يولي إمرته من هو أسن من أسامة، فإنه كان شاباً عمره ثماني عشرة سنة[28]، وهذا لا مطعن فيه على أسامة، وإنما للسن أثره في الحكمة وسياسة الأمور، خصوصاً في تلك المرحلة الحرجة.
ومع هذا فقد صمم الصديق -رضي الله عنه- على تسيير الجيش بقيادة أسامة امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وثقة بنصر الله، فسار الجيش إلى ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأغار على أهل تلك البلاد فقتل أسامة قاتل أبيه وغنموا منهم ورجع الجيش سالماً إلى المدينة.[29]
والصحابة على كل حال مجتهدون في شأن جيش أسامة سواء من رأى منهم تسيير الجيش، أو لم ير ذلك، أو رأى عزل أسامة، أو لم ير ذلك، فما أرادوا من ذلك إلا الخير، والنصح لدين الله والمسلمين، وهم أبعد ما يكونون على كل ما يرميهم به هؤلاء من التهم الباطلة الجائرة.
وختاماً لم يصح في قصة سرية أسامة حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ) فهذا كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
[1] - أُبْنَى: بوزن حُبْلى موضع بالشام من جهة البلقاء، معجم البلدان لياقوت الحموي 1/79.
[2] - انظر: تاريخ الطبري 3/184، وفتح الباري لابن حجر 8/152.
[3] - من قوله: إن تطعنوا... رواه البخاري في (كتاب المغاري، باب بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسامة) فتح الباري 2/152، ح4469، ومسلم: (كتاب فضائل الصحابة،باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد)4/1884، ح2426.
[4] - سيرة ابن هشام 4/1499، تاريخ الطبري 3/184.
[5] - الطبقات الكبرى لابن سعد 2/190.
[6] - نقلة شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة 5/488.
[7] - منهاج السنة 6/318- 319.
[8] - الطقبات الكبرى لابن سعد 2/191.
[9] - انظر: المصدر السابق 2/189- 191.
[10] - انظر: المصدر السابق.
[11] - انظر: كتاب المغازي للواقدي 3/1122، وفتح الباري لابن حجر 8/152.
[12] - منهاج السنة 4/277- 279.
[13] - انظر: المغازي للواقدي 3/1118، والطبقات الكبرى لابن سعد 2/190، وتاريخ الطبري 3/226، والبداية والنهاية 6/308، وسير أعلام النبلاء للذهبي 2/497.
[14] - المغازي للواقدي 3/1121- 1122.
[15] - تاريخ الطبري 3/226.
[16] - انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 2/191، والبداية والنهاية لابن كثير 6/309، ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية 5/448، 6/319.
[17] - المغازي 3/1118.
[18] - تاريخ الطبري 3/226.
[19] - سير اعلام النبلاء 2/497.
[20] - الطبقات الكبرى لابن سعد 2/190.
[21] - انظر: فتح الباري 8/152.
[22] - البداية والنهاية لابن كثير 6/308.
[23] - منهاج السنة 6/319.
[24] - المصدر نفسه 4/276- 277.
[25] - تاريخ الطبري 3/225، وأورد هذه الرواية ابن كثير أيضاً في البداية والنهاية 6/308.
[26] - المغازي للواقدي 3/1121.
[27] - تاريخ الطبري 3/226.
[28] - انظر: سير اعلام النبلاء للذهبي 2/500.
[29] - انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 2/191.





التوقيع






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مهترئة , ردود , شبهات , قاسمة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 10:26 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd