منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   المواضيع التربوية (https://www.profvb.com/vb/f300.html)
-   -   مواضيع تربوية جد مهمة (https://www.profvb.com/vb/t154268.html)

خادم المنتدى 2014-11-26 20:41

رد: مواضيع تربوية جد مهمة
 

http://www.al-shia.org/image/ara/atfal/image/05.jpg
العقوبة والتهديد

تختلف العوائل بعضها عن بعض في شكل العقوبة الموجهة للأبناء ، وكلٌّ يدافع عن طريقته في العقاب وأثره في التربية ، ونحن هنا نستعرض ثلاث حالات يحتاج فيها الوالدان للعقوبة ، والتي هي :
الأولى :

سوء السلوك ، فحين يستعمل الطفل الكلمات النابية ، أو يسيء إلى الآخرين ، فلا يجد والده غير العقوبة رادعاً عن قلة الأدب .
الثانية :

التصرفات الخاطئة ، وهي حالة أخرى يوجِّه فيها الآباء عادة العقوبة لأبنائهم حين يكون الطفل ثرثاراً ، أو غير مبالٍ في اتِّساخ ملابسه ، وتنظيم حاجاته .
الثالثة :

العناد ، فإن عدم طاعة والديه تدفع الآباء إلى عقوبة أبنائهم ، وإن الآباء - وبالخصوص أولئك الذين يستخدمون العقوبة القاسية - عليهم التريُّث قليلاً ليفكروا بأن ما أوصل الطفل إلى الحالة التي جعلته معانداً ، أو قليل الأدب ، أو غير ذلك ، هي نتيجة سوء تربيتهم له ، فما هو ذنب الأبناء إذن ؟
نحن لا نقول إن على الوالدين ترك أبنائهم مطلقاً دون عقاب ، بل نؤكد على اختيار العقوبة المفيدة الرادعة للطفل ، حيث نلحظ أن أنواع العقوبة التي تعارف عليها أفراد مجتمعنا هي باختصار :
1 - الإيذاء الجسدي ، بأن يستخدم الوالدان ضرب الطفل ، أو شَدِّه إلى أحد أركان البيت ، أو حرق أجزاء بدنه ، إلى غير ذلك من العقوبات الجسدية .
2 - الإيذاء النفسي ، مثل الشتم والسبِّ ، والقول للطفل بأنَّنا لا نحبك ، أو عدم تكليمه لمدة طويلة ، إلى غير ذلك من الأساليب المؤذية .
فكل أنواع هذه العقوبة سواء أكانت جسدية أو نفسية حسب المنظور الإسلامي للتربية خاطئة ، حيث ينصُّ الحديث الشريف : ( دَع ابْنَكَ يَلعَبُ سَبع سِنِين ، ويُؤدَّبُ سَبعاً ، وألْزِمْه نَفْسَكَ سَبع سِنين ) ، فالسبع سنوات الأولى من حياة الطفل تحمل عنوان اللعب ، واللعب يعني تعليمه وإرشاده دون إلزامه وتحمُّله لمسؤولية فعله .
والعقوبة تعني تحميله مسؤوليات العمل ، إضافة إلى أن الأذى الجسدي والنفسي الذي نسببه للآخرين هو من الذنوب الجسيمة التي لا ينفع الاستغفار وحده لمحوها ، بل نحتاج معها إلى الديَّة ، والديَّة ضريبة مالية تحدد قيمتها على الأثر الذي يتركه الأذى الجسدي أو النفسي ، وبدون الديَّة لا يمكن تحقق العفو الإلهي إلا بعفو المقابل ورضاه .
فالنهي عن استخدام العقوبة المؤذية للجسد والنفس لا تعني مطلقاً ترك الطفل يتمادى في غَيِّه دون فعل شيء ، فالمربِّي الإسلامي يدعونا إلى إظهار الخطأ بشكل لطيف ، وبدون أذى للطفل ، ويعتبره من أفضل أنواع العقوبة الرادعة لخلوها من الآثار السلبية على نفسية الطفل ، بالإضافة إلى الجوانب الإيجابية في إعداد الطفل في مرحلته الأولى لتحمُّل المسؤولية .
جاء في الحديث الشريف عن أحد أصحاب الإمام المعصوم قائلاً : شكوتُ إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) اِبناً لي ، فقال : ( لا تضربه واهجره ، ولا تُطِل ) ، فالمربي الإسلامي في الوقت الذي ينهى عن استعمال الضرب الذي هو ذا أثر سيئ على الجسد ، كذلك ينهى عن الإيذاء النفسي بقوله ( عليه السلام ) : ( لا تُطِل ) ، أي لا تُطِل مُدَّة عدم تكليمك إياه - الهَجْر - والاكتفاء بهجرانه لمدة قصيرة بسبب خطئه .
فإن توضيح الخطأ للطفل من أهم الأمور في هذه المرحلة ، ولكن البعض من الآباء يعاقبون أبناءهم دون أن يعرفوا ما الذي ارتكبوه ، أو إن الأم تنظر إلى طفلها فلا تمنعه من عمل يمارسه ، وفي وقت آخر يتعرَّض للعقوبة بسبب الفعل ذاته .
فإن هذه الحالة تُشوِّش الطفل كثيراً ، فلا يميز بين الخطأ والصواب ، وحين يأتي الطفل إلى أمه باكياً لأن لعبته انكسرت بيديه أو عند أصدقائه ، وبكاؤه دليل معرفته للخطأ ، فلا يصح من الأم أن تعاقبه ، فما دام يفهم الخطأ فعليها أن تكون معه ، تبدى تأسُّفها وحزنها لما حدث له .
التهديد :

إذا كانت العقوبة لغرض التأديب ، فليطمئن الوالدان بأنَّ التهديد يضعف من أثر التأديب ، كيف ؟ لأن التهديد وحده دون تنفيذ العقوبة كأن تهدِّد الأم صغيرها بالضرب أو حرمانه من شيء يحبه ونفَّذت التهديد ، فالسلبيات تدخل في أنواع العقوبة المؤذية التي لها آثار سلبية فضلاً عن عدم جدواها في التأديب ، وإذا لم تنفذ التهديد فهو خطأ جسيم آخر لأنه يضعف من شخصيتها أمام الطفل .
ومن هنا نلحظ أن التهديد سواء نفذ أم لم ينفذ فلا فائدة مَرْجوَّة منه ، ولا يصل بالوالدين إلى الهدف الذي ينشدانه في تأديب الطفل ، حتى بالتهديد المثير للذعر ، كتخويفه بالشرطة ، أو بمن يسرقه ، أو بالحيوان المفترس ، ويجب على الوالدين تركه لأنه يؤثر على مشاعره ، ويزيد في مخاوفه ، ويثير قلقه .
ولعل سائلاً يقول : لماذا تقرُّ التربية الإسلامية أسلوب التهديد ؟ كما جاء في الآية الكريمة : ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون : 4 - 5 .
وجوابه : إن العقوبة الإلهية للعبد تختلف عن العقوبة التي يستخدمها الوالدان للطفل ، لأنها - العقوبة الإلهية - نتيجة طبيعية لفعل العبد ، مثل حصاد الأشواك لمن زرع بذرته ، أو فشل الطالب الذي انشغل باللعب واللهو في وقت الامتحان ، كما تختلف عن عقوبة المربين بأنَّها عارضة على الإنسان ، مثل ضرب الوالدين للابن لعدم اهتمامه بدراسته ، أو طرد الفلاح من المزرعة لعدم زرعه النباتات المثمرة المفيدة .
فالعقوبة الإلهية إذن نتيجة طبيعية لفعل الإنسان ، وعقوبة الوالدين نتيجة غير طبيعية لفعل الأبناء ، ومن هنا كان التهديد الذي استعمله القرآن يختلف تماماً عن التهديد الذي يستعمله المربُّون ، فهناك اختلاف كبير بين أن تقول للطالب مثلاً : الويل لك إن لم تهتم بدراستك ، فإن الفشل نصيبك ، أو : الويل لك إن لم تهتم بدراستك ، فإن الضرب المبرح نصيبك .
فالنوع الأول من التهديد مفيد في التأديب والتربية ، لأنه لا يستبطن العقوبة المؤذية من جهة ، ولأنه يلفت النظر - وبدون إيذاء - إلى الخطأ الذي ينتظر الفاعل ، أما النوع الثاني من التهديد فهو غير مفيد لعدم تأثيره في الفاعل ، وللأسباب التي ذكرناها في موضوع التهديد ، ومن هنا كان الأسلوب القرآني في تربية العبد باستخدام التهديد مفيداً ومثمراً ومؤثراً .
فالعوامل النفسية التي تكمن وراء استخدام الوالدين أنواع العقوبة القاسية تجاه أخطاء أبنائهم ، وكما يراها علماء التربية الغربيون هي ما يلي :
1 - تعرُّض الوالدين في صغرهم لنفس العقوبة التي يستعملونها مع أبنائهم ، كَرَدَّة فعل نفسية يندفع إليها الفرد حين لا يتمكن من ردِّ الأذى عنه ضعيفاً في الصغر .
2 - تنفيس لحالة الغضب التي يعايشها المعاقب بسبب توتره من كلمة أو إهانة أو مشكلة يعاني منها لا يقدر على مواجهتها فتنعكس على الأبناء .
3 - شعور الوالدين بالعجز تجاه تصرفات أبنائهم الخاطئة أو مع الآخرين ، لضعف شخصيتهم ، وعدم ثقتهم بأنفسهم ، الأمر الذي يدفعهم إلى العقوبة القاسية مع أبنائهم للتغطية على ضعفهم والخروج بمظهر القوة .
-********************************-


خادم المنتدى 2014-11-26 20:43

رد: مواضيع تربوية جد مهمة
 
http://www.al-shia.org/image/ara/atfal/image/08.jpg
العناد عند الأطفال

إنَّ العناد مشكلة تعاني منها أكثر الأمهات ، وهو مصدر تعب ونكد لهنَّ ، والأم تحرص دوماً على طاعة ولدها لها ، ولذا تظل متحيرة حيال رفضه لما تريد منه ، ولا تدري كيف تتصرف إزاء عناده ، ومع أن العناد ليس غريزة تولد مع الطفل كما تتصور بعض من الأمهات ، بل هو مؤشر على خلل في نفسية الطفل نتيجة سوء التعامل مع غرائزه الفطرية النامية في المرحلة الأولى من عمره .
فالطفل حين بلوغه السنتين تبرز استعداداته الفطرية التي تحتاج إلى رعاية واهتمام لبناء شخصيته المتَّزِنة ، وأي خطأ أو انحراف عن الطريق الصحيح والسليم يجعله معانداً ، فالعناد إشارة خطر تدل الوالدين على ضرورة تقويم وتعديل سلوكهم ، ولذا جاء في الحديث الشريف : ( رَحِمَ اللهُ مَنْ أعَانَ وَلَدَه عَلَى بِرِّه ) .
ولكي يتجنب الوالدان حالة العناد عند أبنائهم لابد من الإشارة إلى كيفية التعامل الصحيح مع الطفل في المرحلة الأولى من حياته ، وهي كما يلي :
أولاً : إشباع حاجات الطفل :

إن الطفل في المرحلة الأولى من عمره - أي : من سنة إلى سبع سنين - يحتاج إلى الحب والحنان لتنمية قدراته النفسية ، كما يحتاج إلى الطعام والماء لتنمية قدراته الجسدية .
وكل فرد يحتاج إلى قوة النفس لممارسة نشاطاته الحياتية ، وتعتبر حجر الأساس في النجاح في الممارسات اليومية ، فالطالب في المدرسة يحتاج إلى قوة النفس مع المذاكرة لتحقيق النجاح ، لأن المذاكرة مع ضعف النفس لا تنفع شيئاً ، والمعلم يحتاجها أيضاً ، وكذلك الطبيب ، وكذلك الزوجة والأم .
وتاريخنا الإسلامي يسجل للأمة الإسلامية قوتها وصلابتها في مواجهة قريش وعدتها وعددها ، بما أوتيت من ثقة بالنفس يحمله أفرادها ، إضافة إلى أن باب خيبر الذي يعجز الرجال الأشداء عن حمله استطاع الإمام علي ( عليه السلام ) بقوة نفسه أن يحمله ، وليس بقوته العضلية .
فإن إشباع حاجة الطفل من الحب والحنان ضروري ، لذا أكدتها التربية الإسلامية في النصوص التالية : فعن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( أحِبُّوا الصِّبْيَانَ وارْحَمُوهُم ) ، وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنَّ اللهَ لَيَرْحَمُ الرَّجُلَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ لِوَلَدِهِ ) ، وعنه أيضاً ( عليه السلام ) : ( بِرُّ الرَّجُلِ بِوَلَدِهِ بِرُّهُ بِوَالِدَيهِ ) .
ولا يكفي أن نحمل الحبَّ لأولادنا في قلوبنا ، بل ينبغي من الوالدين إظهار الحب لهم من خلال السلوك ، مثل تقبيلهم ، وجاء في الحديث الشريف عن الإمام علي ( عليه السلام ) : ( مَن قَبَّلَ وَلَدَه كَانَ لَهُ حَسَنَة ، وَمَن فَرَّحَهُ فَرَّحَه اللهُ يَومَ القِيَامَة ) .
وجاء رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : ما قَبَّلتُ صبياً قط ، فلمَّا ولَّى قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( هَذَا رَجُلٌ عِنْدَنَا إنَّه مِنْ أهلِ النَّارِ ) .
وكذلك بإدخال الفرح إلى قلوبهم من خلال حمل الهدايا لهم ، والتوسعة عليهم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فاشْتَرَى تُحْفَةً فَحَمَلَها إلى عِيَالِه كَانَ كَحَامِلِ صَدَقَةٍ إلَى قَومٍ مَحَاويج ، وَليَبْدَأ بالإِنَاثِ قَبْلَ الذُّكُور ، فإنَّه مِنْ فرَّح ابْنَه فَكأنَّما اعْتَق رَقَبةً مِنْ وُلْدِ إسْمَاعِيل ) ، كما قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ وُسِّع عليه ثمَّ قَتَّرَ عَلى عِيَالِه ) .
ثانياً : الاهتمام بوجود الطفل :

إن الطفل بحاجة أيضاً في السبع السنوات الأولى من حياته إلى شعوره بأنه يحتلُّ في قلوب والديه مكاناً مُهمّاً ، سواءً أكان ذكراً أو أنثى ، ذكياً أو بليداً ، جميلاً أو قبيحاً ، وينبغي للوالدين الانتباه إلى هذه الناحية ، مثل الإصغاء إليه حين يتحدث ، وأخذ مَشورته في القضايا العائدة إليه ، واحترام رأيه حين يختار ، ونحن نلحظ أن المربِّي الإسلامي يوجِّهنا إلى هذه المعاني .
ففي قصة النبي إبراهيم ( عليه السلام ) الذي جاءه الأمر الإلهي في الذبح ، ومع أن الأمر الإلهي لا يتغير ولا يتبدل ، لكن النبي إبراهيم ( عليه السلام ) لا ينفذه إلا بعد المشورة : ( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ) الصافات : 102 .
كذلك سيدة النساء فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) تحرص على إسماع أبنائها دعاءها لهم في صلاة الليل مع استحباب إخفائه ، والسبب واضح ، لتأكيد اهتمامها بهم ، وبأنهم يحتلُّون في قلبها مكاناً ، الأمر الذي دعاهم إلى الاستغراب والتساؤل عن السبب في أن يكونوا في المرتبة الأخيرة في تعدادها للمؤمنين في ركعة الوتر ، فتقول لهم ( عليها السلام ) : ( الجَارُ ثُمَّ الدَّارُ ) .
إن من المؤسف أن نجد بعض الآباء لا يهتمون بوجود الأبناء ، فيتجاهلونهم في وجود الضيوف ، فلا يقدِّمون لهم الطعام ، ولا تعطى لهم فرصة في الحديث .
ثالثاً : تمتُّع الطفل بالحركة الكافية :

لابد أن يحصل الطفل على الحرية في المرحلة الأولى من حياته ، فلابد أن يجد المكان المناسب له في لعبه ، وحركته ، وترتيب لوازمه ، دون تدخُّل الكبار ، ولابد أن يجد الحرية في الحركة دون تحذير ، وأن لا يجد من يعيد ترتيب ممتلكاته بعد أن رتَّبها بنفسه ، وأن يجد الحرية في ارتداء ما يعجبه من الملابس ، واختيار ألوانها .
فما دام هو السيد في هذه المرحلة وهو الأمير فلابد أن يكون ترتيب البيت بشكل يتناسب مع حركته ووضعه كذلك ، ويجدر بالوالدين التحلِّي بالصبر للحصول على النتائج الحسنة .
-*******************************-

خادم المنتدى 2014-11-26 20:45

رد: مواضيع تربوية جد مهمة
 

http://www.al-shia.org/image/ara/atfal/image/03.jpg
الغضب عند الطفل وعلاجه

إن الغضب من الغرائز الفطرية المادية التي تولد مع الإنسان ، ويختلف تماماً عن التوتر ، فالغضب مفيد لأجل الحفاظ على النفس والدفاع عنها ، وبه يستطيع ردِّ الاعتداء والانتصار لمظلوميته ، وهو بهذا المقدار صحيح ومطلوب ، بل يعد التقصير فيه مهانة للنفس في المنظور الإسلامي ، ويعرضه للحساب في محكمة العدل الإلهي .
ولذا قالوا : ( من استُغْضِبَ ولم يَغضب فهو حِمار ) ، فمن اعتُدي عليه ورضي بذلك دون الدفاع عن حقِّه ونفسه فهو تدنَّى عن الإنسانية إلى حيث الحيوانية ، باستثناء العفو الذي هو خير بالنسبة للأخوة المؤمنين .
فإن زيادة الغضب بالاعتداء على المتعدي بأكثر مما سببه للآخر مرفوض أيضاً في المنظور الإسلامي ، كالتمثيل بجثة القاتل ، أو تعذيب السارق ، فقال تعالى : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) البقرة : 194 ، والقاعدة الفطرية الصحيحة في الإنسان هي الغضب الذي يدفع لردِّ الاعتداء مقابل أي عدوان يتعرض له .
ويجد الأبوان - عادة - بوادر الغضب عند أبنائهم وبشكل ملحوظ في السنوات ما بين الثلاث إلى الخمس ، فلا يكتفي الطفل حينها برَدِّ الأذى عنه ، بل يعمد إلى إيذاء نفسه بالتمرغ في الأرض ، وضربها بيده ورجليه ، وحتى رأسه ، وكذلك يكسِّر ما وجده أمامه .
وهذه الحالة إن وجدنا الطفل يقوم بها في الأسبوع مرة أو مرتين فهو أمر طبيعي ، وإن إيذاء نفسه وبهذا الشكل فلأنه يجهل الطريقة التي يردُّ بها الاعتداء عن نفسه ، أو لشعوره بالعجز أمام المعتدي عليه ، أمَّا إن تكررت أكثر من ذلك فهو أمر غير طبيعي ويحتاج إلى علاج .
وقبل أن نبدأ بعلاج الحالات المرضية لابد أن نشير إلى أمور مهمة ، نذكِّر بها الوالدين باعتبارهم المسؤولين الأولين في زيادة الغضب عند أبنائهم ، فلا الوراثة لها أثر على غضب الطفل وزيادته ، ولا هو خُلق يتعلمه من الآخرين ، بل زيادته تعود إلى تعرُّضِه لسوء التربية ، ونضرب لذلك أمثلة كالتالي :
1 - تنفيذ ما يريده بعد غضبه :

فإن بعض الأمهات حين يأتي الطفل إليها طالباً قطعة من الحلوى ، أو جلب لعبة معينة ، فترفض طلبه أولاً لانشغالها بحديث أو أمور المنزل ، فيغضب الطفل ويعلو صراخه وضجيجه ، وتحاول الأم إسكاته بالغضب عليه ، أو بأساليب متعددة ، وهو لا يكفُّ عن الصراخ والضجيج ، إلى أن تعجز الأم فتستجيب له وتعطيه ما أراد .
إن هذه الطريقة تدفع الطفل إلى زيادة غضبه ، والأولى بالأم أن تستجيب له في أول الأمر ، أو لا تستجيب له مطلقاً ، وإن زادت المدة التي يصرخ فيها .
2 - معاملته بلطف عند غضبه :

إن الطفل حين يغضب ويجد الوالدين يتعاملان معه بلطف في ظروف معينة ، ويستجيبان له في وجود الضيوف مثلاً ، أو في زيارة أحد الأصدقاء ، هذه حالة تشجع الطفل إلى زيادة الغضب في هذه الأوقات ، والأولى أن يكون التعامل بالاستجابة أو الرفض لطلباته في كل الأوقات بأسلوب واحد ، حتى لا يستخدم غضبه كورقة ضغط على والديه .
3 - إصابته بتوتر النفس :

إن الطفل حين تصاب نفسيته بالتوتر الذي تعود أسبابه إلى ما ذكرناه سابقه يتعرض إلى ازدياد نوبات الغضب وتكررها في أوقات مختلفة .
4 - توجيه الأوامر إليه بصرامة :

إن الطفل في مرحلته الأولى تأبى شخصيته النامية أن توجه إليه الأوامر بحِدَّة وتهَكُّم ، لأن عدم احترام شخصيته يعتبر أحد أنواع الاعتداء التي تثير غضب الطفل ، بل كل إنسان .
العلاج :

إن من الخطأ الاستهانة بالتصرفات التي تثير غضب الطفل ، وعدم الاكتراث بمعالجتها وبشكل سريع ، لأن زيادة الغضب تجعله متوتراً ، وبعد مرور الوقت يصبح عدوانياً مشاكساً يفتقد إلى المحبِّ والصديق ، بل حتى إلى الحياة الحلوة الهانئة .
والطفل حين تأتيه نوبة الغضب يجدر بالوالدين التعامل معه بشكل يختلف عن التعامل معه في الأوقات الطبيعية ، وهو كالتالي :
1 - عدم مناقشته :

إن الطفل في السبع سنوات الأولى من حياته حين يغضب يصبح بشكل لا يفهم ولا يسمع ما يقال له ، فالغضب يسدُّ منافذ وعيه الكبير تماماً ، فلا فائدة إذن أن يقول الوالدان أو يعترضا عليه بكلمة أو فعل .
2 - قبول غضبه :

حين ترفض الأم طلب طفلها في مرحلته الأولى ، يهيج ويصرخ ويضرب رأسه بالأرض ، أو يحاول تكسير كل حاجة أمامه ، وينبغي أن تمسك الأم طفلها بحنان ، وتمنعه من حركته المؤذية لنفسه ، أو أحد أفراد أسرته ، والحذر في مثل هذه الحالة أن تمسكه بعصبية وقسوة ، بل بقبول ورضا .
لأن الغضب في هذه المرحلة - ولعدم استجابة والديه له - تعتبر طبيعية ، لا يُحاسب عليها أولاً ، وتُقَابَل بلطف ثانياً .
3 - عدم معاقبته :

يحسن بالوالدين أن يتركا الطفل الغاضب وشأنه ، ويتحلَّون بالصبر وعدم معاقبته ، وكذلك مكافأته ، فليس من الصحيح أن تقول الأم لطفلها الغاضب وهو في المرحلة الأولى من عمره : لو تسكت أعطيك قطعة من الحلوى ، أو تقول له : إذا لم تكف عن الصراخ سأضربك .
4 - الاستمرار بالمطالبة :

لعل الأم تطلب من طفلها في مرحلته الأولى أن يخلع ملابسه ، أو يرتِّب أشياءه بشكل ودِّي وجذاب ، ولكن الطفل يثور ويغضب ، ويرفض الاستجابة للطلب .
وفي هذه الحالة على الأم أن تتركه في حالة غضبه ، دون أن تقول أو تطلب منه شيئاً ، حتى يرجع إلى وضعه الطبيعي ، ثم تكرر طلبها منه بشكل ودِّي أيضاً ، وهكذا تستمر دون عصبية وحدة حتى يستجيب لها ، لأجل إفهام الطفل أن الغضب لا يحول دون الانصياع للأمر ، فيستخدم الغضب في كل مرة لا يريد فيها الاستجابة لوالديه .
-*************************************-


خادم المنتدى 2014-11-26 20:52

رد: مواضيع تربوية جد مهمة
 
الطفل المدلَّل

http://www.al-shia.org/image/ara/atfal/image/mdll1a.jpg
لربما سأل سائل : هل يؤدي اتِّباع طرق تربوية صارمة إلى نتيجة إيجابية ، كترك الطفل يستمر في البكاء ، وعدم هزِّه في المهد ، وعدم إجابته إلى طلباته كل مرة ؟ والجواب عن ذلك هو النفي ، فحتَّى السنة الأولى من العمر يبكي الطفل لأنه يرغب حقا في الحصول على شيء ، ولا يملك القدرة على الشعور بالدلال .
وبعد السنة الأولى يشعر الطفل الذي يجد تلبية دائمة لرغباته في نهاية المطاف بأنه متعلِّق بأمه تعلقاً مفرطاً ، ولا يقبل استجابة سلبية منها ، ويصبح معتمداً عليها ، ولا يقدر أن يكون مستقلاً عنها ، وتتجسَّد هذه العوامل إذا بقي والداه تحت رحمته يحققان كل نزوة من نزواته ، ولا سيَّما عندما يكون هو بكر والديه ، أو إذا جاء هذا الطفل لوالديه بعد طول انتظار .
وطبيعي أنَّ الأبوين يوليان اهتمامهما كله للطفل ، ويحاولان عدم حرمانه من أي شيء حتى يصلا إلى مرحلة فرض وجودهما عليه بصورة مستمرة ، وبعد ذلك عندما يبتعدان عنه ينتابه شعور بالهجر يورثه إحساساً بالقلق وعدم الاطمئنان ، فيميل إذ ذاك إلى المضايقة والتشكي .
والدلال في معظم الأحوال لا يفسد الطفل إذا كان هذا الطفل يتلقَّى في أثناء الحياة اليومية القدر المناسب من الحنان والاهتمام والتعاون ، ولكن بشرط أن يترك وشأنه لفترات معينة من الزمن .
وخلاصة القول : أنَّ الطفل بحاجة إلى الأنس والحنان قبل كل شيء ، ولكن ينبغي أن يتاح له المجال ليكتسب استقلاله الذاتي ، ففي ذلك يتمثل النمو المتوازن الحقيقي له ، وربما كان هذا هو الطريق الوحيد لتوازنه ، ومن دون هذا التوازن تبرز عيوب التربية .
والحق أن هذا القول ينطبق على الأطفال الصغار ، لأن برنامج التربية يختلف باختلاف السن ، فالطفل الحديث الولادة يبكي من الألم ، فتأخذه أمُّه ، وتحضنه بين ذراعيها وتهزه فيهدأ .
وعلى النقيض من ذلك إذا خُدش طفل في الثانية أو الثالثة من العمر نفسه ، أو سقط من مرتفع ، وجب على أمِّه أن تواسيه ، وتعمل كل ما في وسعها لإرضاء شعوره ، وأن تخفِّف في الوقت نفسه من هول الحادث ، وتبعد انتباهه عنه بجعله يفكِّر في أشياء أخرى ، وصرف اهتمامه عن بكائه وألمه إلى حدٍّ كبير .
والحق أنه ينبغي للأمِّ الاهتمام بطفلها في الحالات جميعاً ، وعدم قصر اهتمامها به على بكائه ، أو تعرُّضه لمشكلة معيَّنة ، فذلك يفسد الطفل ويجعله بكاَّء ، فلا بأس في أن تحضن الأم طفلها وترعاه عندما يكون في مزاج سعيد ، حتى لا يشعر بضرورة اللجوء إلى البكاء والغضب عندما يواجه موقفاً غير سار .
فإذا شعر الطفل أو اعتقد أنَّ والديه لا يمنحانه وقتهما إلا عند بكائه وصراخه ، أخذ إذ ذاك بالتمثيل وتجسيد كل ما يتعرَّض له من المواقف التافهة ، لذلك ينبغي الاهتمام بالطفل وإحاطته بالحنان في حالة هدوئه ، فذلك يورثه ثقة في النفس أثناء نموِّه ، ويمنحه مزيداً من السعادة .
وعندما يبلغ الطفل السنتين تبرز مشكلة تربيته من دون تدليله ، ففي السنة الثانية يبدأ الطفل بإطلاق الرفض المتمثل في ( اللاءات ) ، والسنة الثانية هي سنة صعبة ، لأنها سنة تجارب واستقصاء ، وفي السنة الثانية هذه يبدأ الطفل بالمشي والكلام ، ويمثل ذلك ثورة صغيرة في طريقة حياته السابقة التي كانت تتسم بهدوء نسبي حتى هذه المرحلة ، والطفل عند انتهاء سنته الأولى يستطيع إظهار عواطفه من غضب وغيره وحب واستياء عن طريق إشارات مميَّزة واضحة .
أما في السنة الثانية فهو يستطيع السير إلى أماكن لم يكن حَظُّه منها سابقاً سوى أن ينظر إليها بعينيه ، وهذا ما يمنحه ثقة في نفسه ، كما يستطيع الإمساك بالأشياء وامتلاكها ، وأن ينطق بالأسماء ، ولا سيَّما كلمة ( لا ) ، وهذا الاستقلال الحديث للطفل ربما أضفى عليه صفة العدوانية والجرأة ، فأوجد موقفاً مُحرجاً أمام الحنان الذي تمنحه إياه الأم ، ويزداد هذا الموقف إحراجاً مع استقلال الطفل الذاتي .
وفي هذه المرحلة ينبغي للأبوين اتخاذ موقف مختلف إزاء الرفض والنفي لدى طفلهما الذي يرفض ، وعلى سبيل المثال : إرجاع شيء سبق أن أخذه ، أو لا يرغب في الطعام إلا إذا حصل منهما على كل ما يريد ، ومن الطبيعي أن يفضِّل التعامل وإياه بطريقة وسطى ، لا تجعل منه طفلاً مدلَّلا ينال كل ما يرغب فيه ، ولا تكبح كذلك محاولاته الأولى للاستقلال بصورة فظَّة .
وعلى الأم أن تقبل استقلال طفلها الذاتي ، وإنجازاته الأولى ( واللاءات ) التي يقذف بها في وجه كل شخص ، ومن جهة ثانية فإن على الأبوين ألا يقمعا موقف التحدِّي هذا بشدة ، وإن قبلاه من جانب طفلهما ، إذ ليست هذه المرحلة سوى مرحلة عابرة يفترض أن تزول بعد أشهر معدودات .
ومهما يكن من أمر ، فإن تلبية مواقف الرفض من جانب الطفل في أثناء هذه الفترة لا تعني تدليل الطفل ، بل هي في الحقيقة جزء من نموِّه النفسي .
-********************************-


خادم المنتدى 2014-11-26 20:54

رد: مواضيع تربوية جد مهمة
 
كيف يتصل الطفل بالآخرين ؟

http://www.al-shia.org/image/ara/atfal/image/ist4a.jpg
يلجأ الطفل إلى الاتصال بالآخرين منذ أيامه الأولى عن طريق البكاء أو الابتسام ، والحقيقة أنَّ عدم قدرة الطفل على الحركة والكلام خلال السنة الأولى من عمره يمنعه من لفت انتباه الآخرين إليه ، وشرح رغباته لهم ، فعن طريق البكاء والابتسام يتمكَّن الطفل من التفاعل مع البيئة التي يعيش فيها ، ويستخدم هذه الأشكال من الاتصال ، ليُجيب عن المنبهات والدوافع التي يتلقاها من الوسط المحيط به .
وهو لا يملك أيَّة وسيلة أخرى للاتصال غير البكاء ، عدا ما يرتسم على وجهه من تعابير ، ولذلك ينبغي لأمه أن تعرف كيف تفسِّر صراخه .
البكاء وأنواعه :

في الواقع أن بكاء الطفل يؤدي غرضاً أساسياً ، وهو دعوة الناس إلى الاقتراب منه ، لأنها الوسيلة الوحيدة المتاحة للوليد من أجل إشعار الآخرين بحاجاته الجسميَّة أو العاطفية ، ومن الممكن تقسيم البكاء الذي يلجأ الطفل إليه بعد الولادة مباشرة إلى أنواع ثلاثة :
النوع الأول :

وهو يتميَّز بطابع منخفض غير منتظم يأخذ بالارتفاع والانتظام ، ويرتبط هذا النوع من البكاء في معظم الأحوال بالجوع ، أو بالانزعاج الجسمي ، الناجم عن الحرارة أو البرد مثلاً .
النوع الثاني :

وهو يتمثل في نشج غاضب يتميَّز عن النوع الأول بطول مدَّته ، وينشأ عن عدم قدرة الطفل على تحريك نفسه حسبما يرغب .
النوع الثالث :

وهو يرتبط بالألم ، ولذلك ينبغي للأم أن تعرف كيف تميِّز هذا النوع من البكاء ، إذ ربَّما تطلَّب حضور طبيب ، والبكاء المرتبط بالألم يبدأ بصورة فجائية وبصوت عال ويعقبه لهاث قصير .
والطفل لا يختار النوع المناسب من البكاء للإفصاح عن ذاته ، فهو لم يكتسب القدرة على ذلك بعد ، بل هو يكتفي بالتفاعل بطرق مختلفة ، بحسب الظروف التي تثيره ، وذلك لإشعار الآخرين باعتراضه المسموع على الجوع والظمأ والبرد والحرِّ والألم ، فالطفل يهدف أن ينقل بغرائزه إلى الآخرين رسالة ينبغي تفسيرها بصورة صحيحة ، حتى يتمكن الآخرون من مساعدته قدر المستطاع .
ويُعدُّ البكاء اللغة الأولى للطفل ، إذ حتى لو لم يكن البكاء معبِّراً عن شيء خاص بصورة دقيقة ، فهو يعد دائماً شكلاً من أشكال الالتماس ، ولذلك من المستحسن الإسراع إلى الطفل بغية مراقبته ، ومعرفة سبب بكائه ، وفي البداية يكون البكاء تلقائياً معبراً عن مجموعة من المنبهات العضوية التي تدفع الطفل إلى الانفجار بالبكاء دون ما سبب معيَّن .
وبمرور الزمن ، وبعد أن يهرع أبواه مراراً لإرضاء حاجاته ، يكتسب بكاؤه طابعاً معيَّناً ، وينشأ إذ ذاك عن قصد معيَّن تثيره معرفة الطفل للنتائج التي يؤدِّي إليها بكاؤه ، وعلى الأم أن لا تلجأ إلى إخراج طفلها من مهده وحمله عندما يطلق صوته في البكاء فحسب ، فهذا خطأ ترتكبه الأم ، لأنها بذلك تغرس في نفسه فكرة خاطئة ، مفادها : أن البكاء وحده هو سبيله للاتصال بأبويه .
وفي الحقيقة أن هناك آراء متعدِّدة في التعامل مع الطفل الباكي ، فمن الناس من يرى أن يترك الطفل يبكي ، وحجَّتهم في ذلك أن الهرع إليه بصورة مستمرة قد يفسده ، وهناك فريق آخر من الأمَّهات يستبد الخوف الشديد بهنَّ لدى بكاء الطفل ، فيبذلن كل ما في وسعهن لتلبية حاجاته .
والقول الفصل في ذلك - كما هو الحال دائماً - أن خير الأمور أوسطها ، وهذا ما أثبتته التجربة ، فلا بأس في التعرف على أسباب البكاء عند الطفل قدر المستطاع ، ولكن ينبغي عدم مواساته ساعات طويلة بعد إرضاء حاجاته الأساسية .
الابتسام :

أما النوع الآخر من أشكال الاتصال ، الذي يلجأ الطفل إليه فهو الابتسام ، والابتسامة هي استجابة اجتماعية خاصة ، والطفل لا يلجأ إليها لإيجاد الاتصال مع الآخرين ، بل للمحافظة على هذا الاتصال .
فالأم تزيد من اهتمامها بالطفل بسبب ابتسامه ، وتنشأ إذ ذاك رابطة المحبة الأولى بينها وبينه ، وإذا كان البكاء يرتبط بحاجات الطفل الجسمية فالابتسام يرتبط بحاجاته العاطفية ، والحق أن بَسْمة الطفل عند الولادة تمثِّل إطلاقاً عفوياً لمشاعره ، أكثر منها استجابة مرتبطة بمنبِّهات خارجية خاصة ، ومع نموِّ الطفل تتخذ البسمة العفويَّة طابعاً اجتماعياً ، فيشرع الطفل إذ ذاك بالابتسام للوجه الذي يألفه .
وحقيقة الأمر أن الطفل يظلُّ يبتسم حتى الشهر السابع في أي وجه ، سواء أكان ذلك الوجه معروفاً لديه أم كان غير معروف ، وباسماً كان ذلك الوجه أم عابساً ، وفيما بعد ذلك ترتسم الابتسامة على شفتي الطفل عندما تقع عيناه على وجهٍ باسم ، سواء أكان ذلك الوجه لأحد أفراد أسرته أم كان لشخص يُحبُّه الطفل .
أمّا الأم فيسعدها كثيراً أن تكتشف بأن طفلها قد أصبح قادراً على هذا النوع من الاندماج الاجتماعي ، ولكن ينبغي ألا يغيب عن ذهنها أنَّ هذا التقدم الذي أحرزه طفلها يمثل إلى حدٍّ كبير وظيفة من وظائف البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها ، وما عليها إلا أن تشجِّع طفلها على الابتسام ، حتى يتحول عن البكاء ، ويلجأ إلى هذا الشكل السار من أشكال الاتصال .
-****************************************-



الساعة الآن 16:33

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd