2015-07-07, 21:53
|
رقم المشاركة : 23 |
إحصائية
العضو | | | رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني | “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(21).. الحلم بمجتمع شيوعي في المغرب وانشقاق القاعديين – بشرى الشتواني
— 7 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة (…) مَرَّ الصيف رتيبا إلاَّ من اتصالات بعض الرفاق للإطمئنان علي ولقاءاتي الخاطفة برفيقي الحبيب، كنت أحاول امتصاص الملل بالمطالعة والتواصل مع الرفاق.. كنا ونحن طلبة خصوصا، من حلَّت عليه منا لعنة انتظار المجتمع الشيوعي، بمثالية زائدة، نعاني من عدم القدرة على التواصل مع الناس والأصدقاء والصديقات الذين واللواتي كانوا يعيشون حياتهم كما قدر لهم أن يعيشوها.. كنا نتحدث لغة غريبة عن الناس من حوالينا، ونحلم أحلاما لا يفهمونها كنا بالنسبة إليهم مجانين نحلم بالمستحيل ونفكر فيه وندرجه على رتبة الممكن، بينما كنا نحن ننظر إليهم نظرة متعالية، كنا نعتبرهم قاصرين لم يستطيعوا فهم العالم أو يصدقوا حتمية التاريخ في تحقيق حلم المجتمع الشيوعي يوما ما. خلاصة القول أننا كنا غريبين في مجتمع يكاد أفراده يكونون متشابهين ما عدانا نحن.. والأفظع أننا كنا أقلية أو هكذا كان يظهر لي، ويبقى السؤال: مَن على صواب ومَن على خطأ؟ شخصي كنت متيقنة أننا كنا على صواب، بل كان عندي يقين أن أشرف الناس هم القاعديون وأصدقهم وأكثرهم قولا للحقيقة.. كنت مؤمنة أن الحقيقة نسبية، لكن عندما تخص القاعديين فأنا أتقبلها بإطلاقية غبية في كثير من الأحيان.. كنا نؤمن بأفكارنا حد التقديس، وهنا كنا نسقط في التناقض الذي يفصلنا عن المجتمع والناس أو على الأقل من خلالي أنا وتجربتي. في ذلك الصيف كانت النقطة المفصلية التي جعلتني أطرح تساؤلات، جعلتها مؤجلة إلى حين، تتمثل هذه النقطة في سؤال واحد دائم: ماذا سنفعل عندما ننتهي من مرحلة الجامعة؟ سنضطر للابتعاد عن القاعديين، بل لن نصبح قاعديين، سنتحول إلى ماركسيين لينينين في الشارع، فكيف سنندمج في الحياة ونحن الذين لم نستطع التواصل مع التنظيمات في الشارع؟ كنت أظن أنني الوحيدة فقط التي تطرح هذا السؤال خلسة وبصوت منخفض، خوفا من تفسيره بشكل خاطئ، لكن بعد الدخول الجامعي سأكتشف أن صيفي فقط الذي مر رتيبا، أما رفاقي فقد كان صيفهم صيف نقاش قد يؤدي أو أدى فعلا الى انقسام كبير بدأ في مراكش وأرخى بظلاله على أكادير بحكم القرب.. وهنا فهمت لماذا في آخر أسبوع كان ذلك الإنزال الكبير من مراكش، ولماذا كانت هناك مجموعتان من موقع واحد لا يكلم أفرادهما بعضهم بعضا، ولا يتبادلون حتى التحايا، فهمتُ أيضا لماذا كان الرفاق في أكَادير حريصين على إبعادنا عن كل هذا وتنبيهنا أن نهتم بالنقاش الجماهيري فقط.. بطبعي لم أكن وما زلتُ، لا أحبذ النقاشات الثنائية أصلا، لذا لم أكن أشكل خطرا وسط كل ذلك الصراع. تكلف أحد الرفاق بوضعي في الصورة وتنبيهي إلى أن هناك مجموعة من مراكش تراكم الأفعال للخروج بخط تحريفي سيقسم الذات القاعدية ويدمر كل ما راكمناه خصوصا أن من يتزعم المجموعة أشخاص كانوا بالنسبة إلينا نماذج نضالية مثل الرفيق الذي من فاس المتحصص في نقاش الوضع السياسي الراهن ومهام الحركة الطلابية، والذي لم نكن نفهم شيئا مما كان يقوله. ربما تلك الضبابية كانت مقصودة كي نبقى على عمانا ونتبعه، كان رفاق فاس ومكناس هم من فطنوا أولا إلى خطة الانقسام تلك ونبهوا رفاق مواقع أكَادير والراشيدية ووجدة ومجموعة من مراكش كانت تنسق معنا بشكل مباشر.. كنا في أكَادير ننتظر من رفاق مكناس معركة كبيرة من أجل إرجاع المطرودين الذين تجاوز عددهم العشرة، لكن رفاق مكناس كان قرارهم هو الإنسحاب وهذا ما آخذه عليهم مجموعة من الرفاق في مراكش الذين دخلوا في معركة كبيرة لمواجهة بنود الميثاق علنا، ولفرض سيطرتهم على كليات مراكش كخطوة استراتيجية.. كانت معركة قوية، ولم يكن لدينا خيار سوى دعمها ودعم معتقليها الذين كانو يتزايدون كل مرة، وفي السجن كانت مرحلة الفرز بين مَن كان مع المجموعة الأولى التي أعلنت عن نفسها في وقت لاحق، على أساس أنها خط ماوي والمجموعة الثانية والتي انضمت لما أصبح يُعرف بمواقع الصمود.. بالنسبة لي لم أواكب كل ذلك، كنت أطرح فقط السؤال الذي أسلفت: ماذا بعد مرحلة الجامعة؟ أما الصراعات فلم تكن تعنيني. كان رفاق مكناس يجرِّمون العمل من داخل الإطارات الجماهرية تجريما قاطعا، ورفاق مراكش ينادون للعمل من داخلها لبناء عمل جماهيري ثوري عن طريق الالتحام بالجماهير، وكنا نحن نركض بين هاته المجموعة وتلك، كانت مشكلتنا أننا نتفرج على النقاش دون أن نتموقع أولا، لأننا لم نكن نريد أن نخسر الكثير من رفاقنا، ثم لأننا لم نكن نعرف حتى عمَّ يتحدثون لأننا لا نتواصل مع الجماهير سوى في مسيرة فاتح ماي. لم يلهِنا النقاش عن الساحة المقدسة، بل كنا نتواجد بشكل يومي إلى جانب الطلبة الذين لم تكن لهم رغبة في إنجاح أي معركة نقابية، خصوصا أننا نجحنا في إسقاط النقطة الموجبة للسقوط والحضور الإجباري، ثم فروض المراقبة المستمرة، ولأن نسبة النجاح كانت مرتفعة جدا، فقد كان الطلبة مصرون على إبقاء الوضع على ما هو عليه، رغم نقاشاتنا معهم.. كل هذه الامتيازات والمكتسبات كنا سنفقدها إن نحن توقفنا، خصوصا جزئية النقطة الموجبة للسقوط والتطبيب المجاني. كل هذا لم يُلهِ رفاق أكَادير عن مواكبة نزيف البيانات الصادرة من مراكش تارة ومن مكناس تارة أخرى. كنا في أكادير وكأننا نقوم مقام رجل المطافئ الذي يريد إطفاء الحريق دون خسائر.. هكذا كانت الأجواء إلى أن جاء صباح يوم غريب دخلت فيه مقصف الكلية لأجد أحد الرفاق المعطلين يوزع كراسا “في التناقض” و كراسا “في الممارسة العملية لبعض الطاقات والطلبة الجدد” سألته عن السبب فقال لأنه مفيد لهم. فسكتت. وبعد وصول أحد الرفاق الذي كنت أثق في موضوعيته، حكيت له عن ممارسات ذلك الرفيق الغريبة. استفزه الأمر وقال لي بأنهم يراقبونه لأن تصرفاته فعلا مريبة، وأن سفره المستمر للرباط حيث يوجد أحد منظري التنظيم الجديد، ليس بريئا.. هنا بدأ الرفاق يتخذون موقف التموقع لصالح رفاق العمل من داخل الإطارات الجماهيرية ويعتبرونها جريمة وحراما واكتمل تموقعنا بشكل عملي بعد احتجاز الرفيق الموضوعي والجدي جدا في مراكش هو ورفيق آخر، حيث تم ترهيبه بالسلاح الأبيض إن لم يكف عن التواصل مع مجموعة مراكش المتمردة عليهم أو “مجموعة باب دكالة” كما كانو يسمونها… (يُتبع). | |
| |