مفارقات على أرض خصبة أفقدت الميزان التوازن
في بلد يُقال أنه يملك من الدراهم أكثر من غيره , وفي شارع ما من منطقة ما ,
اصطفّت البيوت الفارهة تروي ألف حكاية وحكاية من قصص قارون وعزيز مصر وإرم ذات العماد ,
وتنطق بلغة الذهب الأسود , ذلك الذي أطلّ من زمن ليخبر فئة أنه لهم فقط لا لغيرهم ,
من أمام ذلك الباب المنقوش بزخارف بلون الذهب ,
مرّ ( العربي ) ابن نفس الأرض ويحمل نفس الجنسية وله نفس الإنتماء لذلك التراب ,
في فترة ظهيرة وقد اشتدت أشعة الشمس , يجر خطاه في مشقة بنصف جسم يكاد يخلو من الحياة ,
رفع نظرة متثاقلة إلى الأسوار العالية , وتمتم بكلماات لم يسمعها إلى هو ,
واستمر يجر خيبات الزمن التي أثقلت كاهله وملأت قلبه آلاما ..
في نفس اللحظة خرجت صاحبة القصر في سيارة من عالم العجائب ,
تجلس في خيلاء وراء السائق المتعجرف , كيف لا وهو من بيده زمام الطريق ,
يوجّه المركبة إلى وجهة معلومة من سيدته القابعة في أبّهة موروثة ,
وتغدق عليه ليبقى ماسكا بالمقوة ( بإخلاص مدفوع ) بنظرة عابرة مرت بعينيها على ذلك ( العربي ) ,
وهو ما يزال يحاول قطع المسافاات المجهولة ,
استرق إليها النظر في غفلة من إشارة المرور الحمرااء ,
التي استوقفت السيارة برهة حتى تسنى للعربي أن يُكمل همهماته بصوت مسموع هذه المرة وخالي من الوجل .. قائلا : - البطن الممتليء لن يحس أبدا بالفارغ , تنعموا وعيشوا فليس بالضرورة أن نحرك فيكم ساكنا ,
ملكتموها بالكامل حتى أصبحنا نحن أيضا من ممتلكاتكم ,
فأوراقنا الثبوتية تشهد بذلك , صدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام حينما
قال : ( لكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ,
ولكنه زمن كلهم راع وكلهم ليس له أدنى مسؤولية عن الرعية , لقد ماتت مشاعرهم ,
فقد نحرتها سكين الثراء , لقد أعمت أبصارهم السلطة وحجبت عنهم حقيقة هذه الدار الفانية ,
اجمَعوها وعُدّوها فلن تأخذوا معكم إلا قطعة قماش تستر جسدا سيكون طعاما للديدان إلى أن تنخر منه العظم ,
أجمعوا ما طاب لكم فلن تأخذوا منها إلا ما أطعمتم به مسكينا ..
وسترتم به عوراات فقير جعل من التراب فراشا ومن السماء غطاءا ,
اليوم لكم وغدا عليكم إن اصرّيتم على الطغياان ,
لنا ربنا يرزقنا وقد رزقنا من الخير العميم ما يكفينا حاجياتنا دون نقصاان ,
ولكن أنتم من أخذ منا حقنا وتركتمونا نصارع الحياة كأمواج البحر العاتية ,
حتى انكسرت المجاذيف وأوشكت السفينة على الغرق ,
فهل من منقذ يا أصحاب المعالي ؟
فإن غرقنا اليوم فغرقكم غذا لا منجي منه إلا يدا امتدت بالحق لأصحابه ,
ولكن هيهات أين الحق ؟ وأنتم تحسبونها خالدة ..... من واقع مُعاش \ وشخصيات القصة حقيقية
فطيمة المراكشية
المملكة المغربية