ان مفهوم الحضارة عولج مرارا في الكتابات الاوربية,لكن الكتابات العربية الحديثة في هذا المجال قليلة.
فتحديد مفهوم"الحضارة"لغويا,نجد ان القاموس يقدم لنا معنى الحضارة على انه نقيض البداوة من ناحية,و من ناحية اخرى فانه يجعلها تتضمن في معناها مستويات اقتصادية و اجتماعية معينة.و نفس هذا المعنى يتردد تقريبا في "مقدمة ابن خلدون",اذ يقول:"البدو هم المقتصرون على الضروري في احوالهم العاجزون عما فوقه,و ان الحضر هم المعتنون بحاجات الترف و الكمال في احوالهم و عوائدهم...فالبدو اصل للمدن و الحضر و سابق عليهما.و لهذا نجد التمدن غاية للبدوي يجري اليها...".
كما يقول ايضا في تعريفه للحضارو:"انما هي تفنن في الترف...".
من هنا يتضح ان ابن خلدون في تفسيره يقابل الحضارة بالبداوة و يربط بينها و بين حياة الترف و الرفاهية و مظاهر الكمال التي يحققها شعب ما في سلوكه و صنائعه و طرائق عيشه.اذن فهو يركز على الجانب المادي للحضارة دون جانبها المعنوي بما فيه من آداب و علوم و معتقدات دينية...

هام جدا
بانتظاراللاحق

اما بالنسبة للغرب,فمفهوم "حضارة لا يزال يمثل مشكلة للمفكرين.فاللفظة مشتقة من الاصل اللاتيني Civis بمعنى "مدني".و مع ذلك فقد اختلف علماء الانتروبولوجيا و المؤرخون حول مفهومها.فمثلا يرى بعض الانثروبولوجيين ان الانسان يعتبر متحضرا منذ ان اكتسب خصائصه المميزة ,العقل و القدرة على التفكير المنظم,اذ يعتبرون ان العقل خاصية مكتسبة اذا ما قورن بغيره من المخلوقات,لهذا ففي رأيهم ان الخضارة هي الانسان مقابل الحيوان.
و في النصف الاخير من ق.19 قام عالم الانثروبولوجيا Lewis Morgan بتقسيم المراحل التطورية التي تمر بها المجتمعات البشرية الر ثلاث مراحل:الوحشية_البربرية_الحضارة,و الذي بناه على أسس اقتصادية خاصة فيما يتعلق بطريقة كسب المجتمعات لعيشها.
ام فيما يتعلق بالمعيار الذي بموجبه يمكن التمييز بين المجتمعات البدائيةو المتحضرة,فهو الكتابة,اذ اعتبر بعض علماء الانثروبولوجيا(هنري مورجان,تشستر ستار و جورين تشايلد)ان الكتابة هي علامة على التطور الحضاري الهام الذي حققه مجتمع من المجتمعات,كما انها في نفس الوقتعامل هام في تنمية و تطوير المستوى الحضاري لهذا المجتمع.و مع هذا لايمكن اعتبارها المعيار الوحيد,و ما يؤكد هذا القول هو حضارة الانكا في البيرو التي حققت تقدما هائلا رغم ان شعب الانكا لم يعرف الكتابة.
خلاصة القول,ان هناك مجموعة متكاملة من المعايير هي التي تحدد ما اذا كان مجتمع ما متحضر ام لا:الكتابة,وجود نظام سياسي,نظام اقتصادي,وجود فئات داخل المجتمع من مهنيين و حرفيينو تجار و موظفين و فنانين و رجال دين..,المدينة.