الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > منتدى اللغات الحية > اللغة العربية



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-08-16, 10:26 رقم المشاركة : 6
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: (علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان)


"المعنى ومعنى المعنى"


علم المعاني يعتني بالمعاني الثانوية، علم البيان يعتني بمعاني المعاني، أو المعنى ومعنى المعنى، يقول: "وتعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة، وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى، ثم يُفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر كالذي فسرته لك"،


يقول: "كثير رماد القدر" أي واحد يفهم أن الرماد عنده كثير، لكن ليس هذا هو مراد القائل، وإنما مراده أن يعبر عن كرم الضيافة، وعن كرم الممدوح، وأنه كثير القرى، وكثير الضيافة؛ لذلك يأتي بهذه اللوازم؛ ليصل إلى هذه النتيجة في النهاية، هذا هو معنى المعنى، فمعنى المعنى إذن كما يقول الإمام عبد القاهر:

"أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر كالذي فسرته لك، فالمعاني الثواني الذي يومأ إليها بتلك المعاني، هي التي تكسى تلك المعارض، وتزين بذلك الوشي والحلي، وهذا هو معنى المعنى".


ما هو أثر علم البيان في النفس؟


يقول شيخ البلاغة الإمام عبد القاهر: "إنك إذا قلت: "هو كثير رماد القدر" كان له موقع وحظ من القبول لا يكون إذا قلت: هو كثير القرى والضيافة، وكذا إذا قلت: "هو طويل النجاد" كان له تأثير في النفس لا يكون إذا قلت: "هو طويل القامة"، وأنت تستشعر هذه المعاني وأنت تميز بين هذه التعبيرات، كثير رماد القدر، يختلف تمامًا عن قولك كثير القرى والضيافة، فرق بين السماء والأرض، طويل النجاد تختلف عن كلمة طويل القامة.


إذا قلت أيضًا: رأيت أسدًا، كان له مزية لا تكون إذا قلت: رأيت رجلًا يشبه الأسد ويساويه في الشجاعة، وحسبك أنك اختصرت كل هذا في كلمتين: رأيت أسدًا، وكذلك إذا قلت: أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى، كان له موقع لا يكون إذا قلت: أراك تتردد في الذي دعوتك إليه كمن يقول: أخرج أو لا أخرج، فيقدم رجلًا ويؤخر أخرى، أنت لك أن تستشعر أيهما أبلغ في الدلالة، أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى، أم أنك تقول: أراك تتردد في الذي دعوتك إليه كمن يقول أخرج ولا أخرج فيقدم رجلا ويؤخر أخرى، هذه هي معنى المعنى،


كذلك إذا قلت: ألقى حبله على غاربه، كان له مأخذ في القلب لا يكون إذا قلت: هو كالبعير الذي يُلقى حبله عل غاربهى، الغارب هو الكاهل من ذي الخف هو الجمل، وهو ما بين السنام والعنق،

يقول: هو كالبعير الذي يلقى حبله على غاربه حتى يرعى كيف يشاء، ويذهب حيث يريد كل هذه العبارة تُختصر في كلمة ألقى حبله على غاربه.


وأخذ هذا المعنى وقاله لمن كان حاله هكذا، "فلا تُجهل المزية فيه، أو لا يجهل المزية في هذه الكلمات أو العبارات المختصرة" هذا كلام عبد القاهر "إلا عديم الحس ميت النفس، وإلا من لا يكلم؛ لأنه من مبادئ المعرفة التي من عدمها لم يكن للكلام معه معنى، وهكذا السبيل في كل كناية والاستعارة من هذه القضية" انتهى من كلام عبد القاهر.


هذا الكلام نخلص منه في النهاية إلى أن كل ما تعلق على جهة الحقيقة بالاعتبار المناسب، وكان مرجع البلاغة فيه مراعاة المعاني الثانوية، والاحتراز عن الخطأ في تعدية المعنى المراد؛ اختص بعلم المعاني، وكل ما كان على جهة الاتساع، أو بعبارة عبد القاهر "فيه على الجملة مجاز وعدول باللفظ عن الظاهر، وهو ما أطلقوا عليه معنى المعنى؛ اندرج تحت علم البيان"،

هذا هو الفرق بين هذا وذاك، أو بين العلمين، وكل ما كانت المزية فيه راجعة لتحسين الكلام بالأساس، وتزيينه بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة جاء بالطبع مؤخرًا ودخل تحت علم البديع، هذا هو الفرق بين المعاني والبيان والبديع.


كذلك نخلص من كل ما سبق إلى أن ذلك لا يعني انفصال هذه العلوم بعضها عن بعض، إذ ما من ضرب من هذه الضروب إلا وهو إذا وقع على الصواب، وعلى ما ينبغي أوجب الفضل والمزية، كما أن ثمة عاملًا مشتركًا يجمع بين علم المعاني المعني بالأساليب، وعلم البيان هو المعني بطرق إيرادها، يتمثَّل هذا العامل المشترك إلى جانب حسن الدلالة وإحداث المزية التي بها يتفاضل كلام على كلام، يتمثل في أن كلًّا يبحث بطريق غير الآخر عما وراء دلالات الألفاظ الوضعية، وفيما يتصل بخصائص القول التي تعود على المعاني.

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-16, 10:28 رقم المشاركة : 7
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: (علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان)


فقضية البلاغة وموضوعها في تصور عبد القاهر، بل وفي تصور عامة البلاغيين هو حسن الدلالة، أو المزية التي يتفاضل بها الكلام، وأن النظم مناط هذه المزية، وعامل مشترك بين النحو والبلاغة، وأن مقتضى الحال يتسع ليشمل ما لا نهاية له منمعاني النحو المتآخية فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يُصاغ لها الكلام، أو المرتبطة بالمعاني الثانوية، أو بخصوصيات الكلم وما يتخلله من الأحوال الداعية إليها، وأنه لذلك جعله عبد القاهر محور كتابيه (دلائل الإعجاز) و (أسرار البلاغة) اللذين خليا تماما من الحديث عن الدلالة الوضعية؛ لخلوها من المزية، وإن كانت صحتها قيدًا في البلاغة، وتمييز الكلام الفصيح من غيره.

على أن دائرة هذا النظم تتسع أكثر لتشمل إلى جانب ما اختص بعلم المعاني -أعني: المعاني الثانوية: وهو اللفظ الملتبس بتآخي معاني النحو- تشمل كذلك ألوان البيان؛ لدلالة اللفظ فيه على معنى معناه، وألوان البديع؛ لكونها لا تتم إلا بنصرة المعنى،


فلا ينبغي أن نعزل قضية النظم، ونقول: إنها أمر خاص بعلم المعاني، كما يفعل، أو كما يحدث من كثير من البلاغيين يظن أن قضية النظم إنما هي خاصة بعلم المعاني، ولا تمتُّ بصلة إلى علم البيان أو البديع، العكس صحيح النظم لا بد أن تتسع دائرته؛ لتشمل كل هذه الجوانب، الأمر الذي يؤكد أن هناك عوامل مشتركة تجمع بين هذه العلوم جعلت علماء البلاغة يجمعون فيما بينها، ويدرجونها تحت علوم البلاغة، أو تحت مسمى البلاغة.


هذا لا يعني أن هناك فروق دقيقة -كما ذكرنا- تميز بين هذه العلوم الثلاثة.


يتبع بتعريف :
علم البيان





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-16, 10:35 رقم المشاركة : 8
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: (علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان)


علم البيان

بقي أن نتكلم عن علم البيان الذي هو موضوع حديثنا، فنعرج على تعريفه، ونتكلم عن مرجع تفاوت دلالته اللفظية وأدواته:

البيان كما هو معلوم نعمة امتن الله بها على عباده حيث قال جل وعلا: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (الرحمن: 1 - 4) فهو بهذا التعليم تميز عن كثير من الخلق، وصار ناطقًا مبينًا يستطيع أن يعبِّر عما يجول بخاطره من المعاني، وأن يوصلها إلى غيره من البشر، ويتلقاها الغير عنه؛ فيتم التفاهم، وتتحقق السعادة بين البشر.


والبيان في اللغة يعني: الظهور، والوضوح، والإفصاح، يقال: بان الشيء بيانًا أي: اتضح، وأبنته أوضحته، واستبان الشيء أي: ظهر، وبان الصبح لذي عينين أي: ظهر ووضح،

والبيان الفصاحة والإفصاح مع ذكاء، والبيِّن من الرجال السمح اللسان، الفصيح الظريف، العالي الكلام، في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ((إن من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكم)) قال ابن عباس: "البيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ، وهو من الفهم وذكاء القلب مع اللسن، وأصله الكشف والظهور"، هذا الكلام ذكره صاحب (لسان العرب) في مادة بين.



البيان عند الجاحظ: "اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى، حتى يُفضي السامع إلى حقيقته، ويهجم على محصوله"،


وهو لدى الرماني "الإحضار لما يظهر به تمييز الشيء من غيره في الإدراك"،


يرى عبد القاهر أنه من مقتضيات النظم، فهو به يكون وعنه يحدث، ومحصلة كل ذلك أن البيان بمعناه اللغوي، أو المعنى العام، أو الأدبي يعني: التعبير عما يدور في الذهن، وتحسن به النفس بأسلوب فني رائع، أو هو المميزات التي يتفاضل بها الأدباء والشعراء، ويظهر بها فضل كلام على كلام.



وهو بهذا المعنى يشمل علوم البلاغة الثلاثة المعاني والبيان والبديع، ويرادف الفصاحة والبلاغة والبراعة التي أدرجها جميعًا عبد القاهر تحت مسمى، أو باب واحد. هذا كله كلام في معنى البيان لكن بمعناه الواسع، أو بمعناه اللغوي.


البلاغيون لهم اصطلاح في تعريف البيان، فما هو تعريف البيان في اصطلاح البلاغيين قالوا: "إنه العلم الذي به يُعرف إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه"

وهو بهذا يتميز عن علم المعاني الذي يُعرف به أحول اللفظ العربي، التي بها يطابق مقتضى الحال، كما يتميز عن علم البديع الذي يبحث في وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة، ووضوح الدلالة،


وقبل أن نتناول تعريف علم البيان بالشرح يروق لنا أن نسوق هذه الأمثلة؛ ليتكشف لنا علم البيان والمجال الذي يختص به دون سواه، أذكر بعض أبيات في معنًى واحد ينطبق عليها التعريف، أتت بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه، على هذا المعنى الواحد يقول الشاعر الحماسي:


هم البحور عطاء حين تسألهم وفي اللقاء إذا تلقى بهم بُهُم

شاعر آخر هو بديع الزمان الهمذاني يقول:
يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبًا لو كان طلق المحيَّا يمطر الذهب


يقول أبو نواس:
إن السحاب لتستحيي إذا نظرت إلى نداك فقاسته بما فيها


وتقول الخنساء:
وكنت إذا كفٌّ أتتك عديمة
ترجِّي نوالًا من سحابك بلتي




يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-26, 22:42 رقم المشاركة : 9
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: (علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان)


صانعة نهضة المنتدى
-*************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك
-******************************-





    رد مع اقتباس
قديم 2017-09-23, 13:53 رقم المشاركة : 10
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: (علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان)


يقول شاعر آخر هو الفرزدق:

أبي أحمد الغيثين صعصعة الذي متى تُخلف الجوزاء والدلو يمطر

يقول البحتري:

وصاعقة من نصله تنكفي بها على أرأس الأقران خمسً سحائب

يقول آخر:

يزكون نار القرى في كل شاهقة يًلقى بها المندل الهندي محطوما

يقول آخر:

وما يك في من عيب فإني جبان الكلب مهزول الفصيل
تقول أيضًا الخنساء في بيت ترثي فيها أخاها صخر:
طويل النجاد رفيع العماد كثير الرماد إذا ما شتى


ويقول أبو نواس:

فما جازه جود ولا حلَّ دونه ولكن يصير الجود حيث يصير
أنت واجد الأبيات العشرة جميعها في معنى واحد هو الكرم، هذا هو معنى واحد جمع بين هذه العشرة أبيات، لكنك تلحظ في كل بيت له ما يميزه عن سواه، فالبيت الأول جاء على هيئة تشبيه


حُذف أداته:
هم البحور عطاء حين تسألهم
حذفت الأداة، وهذا يسمى بالتشبيه المؤكد.


يقول:

هم البحور عطاء حين تسألهم وفي اللقاء إذا تلقى بهم بُهُم
فهنا البيت جاء على صورة التشبيه،

البيت الثاني فيه تشبيه بعيد يقول فيه الشاعر:


يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبًا لو كان طلق المحيا يمطر الذهب


هذا التشبيه البعيد إنما كان هكذا غريبًا وبعيدًا؛ لأنه أتى بأسلوب شرط ميز فيه كرم الممدوح عن الغيث، يقول: يكاد يحكيك


يعني: يشبهك.


يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا


جعل كرمه أو عطاؤه هو المشبه، وصوب الغيث هو المشبه به يعني: تشبيه مقلوب لذلك كانت فيه مبالغة، وكان فيه شرط


لو كان طلق المحيا يمطر الذهب


فهذا البُعد جاء من أسلوب الشرط الذي احتواه هذا البيت، كما جاء كذلك من التشبيه المقلوب، حينما جعل المشبه مشبهًا


به والمشبه به مشبه، نجد البيت الثالث يقول فيه الشاعر:


إن السحاب لتستحيي إذا نظرت إلى نداك فقاسته بما فيها


هذا تشبيه ضمني، حيث فُهم التشبيه من خلال فحوى الكلام، فيه يشبه الشاعر الممدوح بالسحاب، ولُمح فيه الطرفان من


المعنى وبما تضمنه السياق، ودون ما تصريح في المشبه أو المشبه به.


البيت الرابع الذي يقول فيه الشاعر:


وكنت إذا كفٌّ أتتك عديمةً ترجِّي نوالًا من سحابك بُلَّتي


فيه مجاز مرسل، هذا علاقته الجزئية حيث عبر بالكفِّ "وكنت إذا كف أتتك"، وأراد بهذا الكف الإنسان المعدم، فما أن


مُدَّت إلى الممدوح إلا ونادت بالعطاء.


البيت التالي هو يقول فيه الفرزدق:


أبي أحمد الغيثين صعصعة الذي متى تخلف الجوزاء والدلو يمطر


هذا البيت فيه استعارة مرشحة حيث ذكر ما يلائم المستعار منه، وهو قوله "يمطر"، وفي البيت نجد أنه بالغ في المدح أبيه صعصعة، فجعله أحمد الغيثين يعني: أفضل من الغيث الذي ينزل من السماء، وأكثر منه كرمًا، وندى، وعطاء، هذه مبالغة تُحمد للشاعر، والشعراء كما نعرف {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (الشعراء: 225).
البيت الثالثة
يقول فيه البحتري:
وصاعقة من نصله تنكفي بها
على أرأس الأقران خمس سحائب
فتجد فيها استعارة تصريحية؛ لأنه شبه أصابع الممدوح بالسحاب، وحذف المشبه، وصرح بلفظ المشبه به، لكن هذه الاستعارة تميزت بأن قرائنها قد تعددت والتأمت؛ بحيث لا تصلح إلا هكذا مجتمعة، ذلك أنه استعار السحائب لأصابع الممدوح بجامع الجود والعطاء، ثم جعل القرينة ما ذكره من وجود صاعقة ناشئة من نصل سيفه تنقلب على رءوس أقرانه من الأعداء، ثم جعل الذي يقلبها عدده خمسة هي عدد أصابع يده.
البيت السابع
الذي يقول فيه الشاعر:
يزكون نار القرى في كل شاهقة يلقى بها المندل الهندي محطوما
نجد أن فيه كناية قريبة عن الكرم؛ لأن إذكاء النيران في الأماكن العالية لإرشاد الضيوف، علامة كرم، العلاقة هنا علاقة تلازم؛ حيث عُرف هذا عن العرب، والمندل الهندي عود طيب الرائحة يُستجلب من الهند، والمحطوم يعني: المكسور.
البيت التالي وهو البيت الثامن:

وما يك في من عيب فإني جبان الكلب مهزول الفصيل



تجد أنه أيضًا كناية عن صفة، لكنها كناية بعيدة؛ لأنه انتقل من جبن الكلب إلى الكرم، بوسائط فجبن الكلب من النباح يستلزم استمرار تأديبه، وهذا يستلزم دوام مشاهدته، وهذا يستلزم أن صاحبه أضحى مقصد الداني والقاصي، هذا كله دالٌّ على جوده وكرمه، مهزول الفصيل الفصيل هو ولد الناقة، وهزاله بحرمانه من لبنها؛ لنحرها للضيوف أو إطعامهم لبنها، إيثار الضيوف بها على الفصيل.


قريب من ذلك بيت الخنساء التي تقول فيه:
طويل النجاد رفيع العماد كثير الرماد
هذا محل الشاهد.
كثير الرماد إذا ما شتى
فكثرة الرماد هذه كناية عن الكرم والجود؛
لأن كثرة الرماد، إنما تأتي من كثرة إحراق الحطب، وهذا يستلزم كثرة ما يُطبخ، وهذا يستلزم كرم الممدوح، ومدى الجود الذي يفيض به على الناس في إيثار الخنساء لكلمة "إذا ما شتى" دلالة على المبالغة في الكرم؛ لأنه وقت تشتد فيه حاجة المحتاجين.


نجد في البيت الأخير يقول الشاعر:
فما جازه جود ولا حل دونه
ولكن يصير الجود حيث يصير
هذه كناية عن نسبة حيث كنى عن نسبة الجود إلى الممدوح بإثباته للمكان الذي يوجد به، ويحل فيه، فلا يتجاوزه، ولا يحل دونه.


أقرأ مرة أخرى الأبيات العشرة في معنى الكرم؛ لنعرف معنى إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة: الأبيات العشرة:
هم البحور عطاء حين تسألهم وفي اللقاء إذا تلقى بهم بهم
يكاد يحكيك صوب الغيث
منسكبًا لو كان طلق المحيَّا يمطر الذهب
إن السحاب لتستحيي إذا نظرت إلى نداك فقاسته بما فيها
وكنت إذا
كف أتتك عديمة ترجي نوالًا من سحابك بلتي

سحابك بلتي
أبي أحمد الغيثين صعصعة الذي متى تخلف الجوزاء والدلو يمطر
وصاعقة من نصله تنكفي بها على أرأس الأقران خمس سحائب
يزكون نار القرى في
كل شاهقة يلقى بها المندل الهندي محطوما
وما يك في من عيب فإني جبان الكلب مهزول الفصيل
طويل النجاد
رفيع العماد كثير الرماد إذا ما شتى
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يصير الجود حيث يصير
هكذا نجد المعنى الواحد
وهو الكرم يتعدد، ويأتي في صور مختلفة، أو في طرق مختلفة مع وضوح الدلالة على معنى الكرم، ولعله قد وضح أمامنا الآن من خلال التمثيل معنى الكرم مقصود التعريف هو الميدان الذي يجول فيه هذا العلم؛ لأن الكثير من الحداثيين يقولون: أن العلم البلاغة قاصر؛ لأنه يقتصر على المعنى الواحد في علم البيان، وهم فاتهم أن هذا إنما هو علم مكمل لعلم المعاني


فالمعاني يشمل كل ضروب القول شعرًا ونثرًا، وقرآنًا وسنة، خصائص التراكيب في كل كلام العرب، وفي كل ما وصل إلينا من كلام بليغ.

لكن علم البيان تكلم عن الوجوه والطرق التي يتأتَّى بها هذا الكلام البليغ، فهذا له مجال، وهذا له مجال، وكل منهما يُكمل الآخر، ونزيد هنا فنقول: أن كلمة علم، نريد أن نعرج إلى تعريف علم البيان، يقولون: علم يُعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه، فكلمة علم تعني مجموعة القواعد، والضوابط، والقوانين التي يُعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة، كضوابط الاستعارة، والمجاز، وقوانين الكناية، والتعريض، والذي لا يقلُّ عن ذلك أهمية هو الملكة التي تتربَّى لدى الدارس؛ لتذوق هذه الضوابط، وتطبيقها على النصوص.
ومرادهم بالمعنى الواحد المعنى الذي يعبر عن المتكلم بكلام تام مطابق لمقتضى الحال، على ما مر بنا من أمثلة حول معنى الكرم،
قولهم بطرق مختلفة مع وضوح الدلالة عليه يعني: متعددة ومتفاوتة في درجة الوضوح، بأن يكون بعضها واضح، وبعضها أوضح، وبعضها أشد وضوحًا، ألا ومرادهم بكلمة مع، أو في وضوح الدلالة عليه.


المقصود من كلمة الدلالة في علم البيان:

الدلالة اللفظية، لماذا؟ لأننا عندنا عدة دلالات، فهناك ما يسمى بدلالة العقد، وهي دلالة الحساب التي تكون بأصابع اليد، وهناك دلالة الإشارة، وتكون باليد، أو بالرأس، أو العين، أو الحاجب، هناك دلالة الخط التي هي دلالة الكتابة، هناك دلالة الحال التي، كدلالة الحمرة على الخجل، الذي يعنينا هو الدلالة اللفظية.
والبلاغيون اعتمدوا هذه الدلالة اللفظية،
وأسموها بالدلالة العقلية، وهذه تشمل دلالة التضمين ودلالة الالتزام، هذه مصطلحات ذكرها السكاكي.


يتبع











التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:10 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd