عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-08-16, 10:26 رقم المشاركة : 6
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: (علوم البلاغة الثلاثة: أهميتها، والفرق بينها - علم البيان)


"المعنى ومعنى المعنى"


علم المعاني يعتني بالمعاني الثانوية، علم البيان يعتني بمعاني المعاني، أو المعنى ومعنى المعنى، يقول: "وتعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة، وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى، ثم يُفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر كالذي فسرته لك"،


يقول: "كثير رماد القدر" أي واحد يفهم أن الرماد عنده كثير، لكن ليس هذا هو مراد القائل، وإنما مراده أن يعبر عن كرم الضيافة، وعن كرم الممدوح، وأنه كثير القرى، وكثير الضيافة؛ لذلك يأتي بهذه اللوازم؛ ليصل إلى هذه النتيجة في النهاية، هذا هو معنى المعنى، فمعنى المعنى إذن كما يقول الإمام عبد القاهر:

"أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر كالذي فسرته لك، فالمعاني الثواني الذي يومأ إليها بتلك المعاني، هي التي تكسى تلك المعارض، وتزين بذلك الوشي والحلي، وهذا هو معنى المعنى".


ما هو أثر علم البيان في النفس؟


يقول شيخ البلاغة الإمام عبد القاهر: "إنك إذا قلت: "هو كثير رماد القدر" كان له موقع وحظ من القبول لا يكون إذا قلت: هو كثير القرى والضيافة، وكذا إذا قلت: "هو طويل النجاد" كان له تأثير في النفس لا يكون إذا قلت: "هو طويل القامة"، وأنت تستشعر هذه المعاني وأنت تميز بين هذه التعبيرات، كثير رماد القدر، يختلف تمامًا عن قولك كثير القرى والضيافة، فرق بين السماء والأرض، طويل النجاد تختلف عن كلمة طويل القامة.


إذا قلت أيضًا: رأيت أسدًا، كان له مزية لا تكون إذا قلت: رأيت رجلًا يشبه الأسد ويساويه في الشجاعة، وحسبك أنك اختصرت كل هذا في كلمتين: رأيت أسدًا، وكذلك إذا قلت: أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى، كان له موقع لا يكون إذا قلت: أراك تتردد في الذي دعوتك إليه كمن يقول: أخرج أو لا أخرج، فيقدم رجلًا ويؤخر أخرى، أنت لك أن تستشعر أيهما أبلغ في الدلالة، أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى، أم أنك تقول: أراك تتردد في الذي دعوتك إليه كمن يقول أخرج ولا أخرج فيقدم رجلا ويؤخر أخرى، هذه هي معنى المعنى،


كذلك إذا قلت: ألقى حبله على غاربه، كان له مأخذ في القلب لا يكون إذا قلت: هو كالبعير الذي يُلقى حبله عل غاربهى، الغارب هو الكاهل من ذي الخف هو الجمل، وهو ما بين السنام والعنق،

يقول: هو كالبعير الذي يلقى حبله على غاربه حتى يرعى كيف يشاء، ويذهب حيث يريد كل هذه العبارة تُختصر في كلمة ألقى حبله على غاربه.


وأخذ هذا المعنى وقاله لمن كان حاله هكذا، "فلا تُجهل المزية فيه، أو لا يجهل المزية في هذه الكلمات أو العبارات المختصرة" هذا كلام عبد القاهر "إلا عديم الحس ميت النفس، وإلا من لا يكلم؛ لأنه من مبادئ المعرفة التي من عدمها لم يكن للكلام معه معنى، وهكذا السبيل في كل كناية والاستعارة من هذه القضية" انتهى من كلام عبد القاهر.


هذا الكلام نخلص منه في النهاية إلى أن كل ما تعلق على جهة الحقيقة بالاعتبار المناسب، وكان مرجع البلاغة فيه مراعاة المعاني الثانوية، والاحتراز عن الخطأ في تعدية المعنى المراد؛ اختص بعلم المعاني، وكل ما كان على جهة الاتساع، أو بعبارة عبد القاهر "فيه على الجملة مجاز وعدول باللفظ عن الظاهر، وهو ما أطلقوا عليه معنى المعنى؛ اندرج تحت علم البيان"،

هذا هو الفرق بين هذا وذاك، أو بين العلمين، وكل ما كانت المزية فيه راجعة لتحسين الكلام بالأساس، وتزيينه بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة جاء بالطبع مؤخرًا ودخل تحت علم البديع، هذا هو الفرق بين المعاني والبيان والبديع.


كذلك نخلص من كل ما سبق إلى أن ذلك لا يعني انفصال هذه العلوم بعضها عن بعض، إذ ما من ضرب من هذه الضروب إلا وهو إذا وقع على الصواب، وعلى ما ينبغي أوجب الفضل والمزية، كما أن ثمة عاملًا مشتركًا يجمع بين علم المعاني المعني بالأساليب، وعلم البيان هو المعني بطرق إيرادها، يتمثَّل هذا العامل المشترك إلى جانب حسن الدلالة وإحداث المزية التي بها يتفاضل كلام على كلام، يتمثل في أن كلًّا يبحث بطريق غير الآخر عما وراء دلالات الألفاظ الوضعية، وفيما يتصل بخصائص القول التي تعود على المعاني.

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس