2016-03-02, 16:37
|
رقم المشاركة : 11 |
إحصائية
العضو | | | رد: جلسة تبهج الروح في مدارِجِ اللغة العربية!(من تجميعي) | ~ الفرق بين ~ " يشرب منهـــا ويشرب بهـــا " ** ** ** ** ** ** ** بقلم : محمد إسماعيل عتوك قال تعالى:{ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا }(الإنسان:5- 6) فأخبر سبحانه عن الأبرار أنهم يشربون من كأس ممزوجة بالكافور ؛ لبرده وعذوبته وطيب عرفه . وجيء بـ( كان ) في جملة الصفة لإِفادة أن ذلك الكافور هو مزاج الخمر ، لا يفارقها أبدًا ثم أبدل تعالى منه قوله :{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } ، فدل بذلك على أن هذا الكافور تجري به عين في الجنة ، من زيته ، وهو شرابه المستَخرَج من شجره . ومعنى كونه عينًا : أن شرابه المستخرج منه كثير كماء العين . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا قال تعالى في الآية الأولى: { يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ }، فذكر الأداة ( من ) ، وقال في الآية الثانية :{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا } ، فذكر ( الباء ) ؟ وهل من فرق بينهما ؟ والجواب عن ذلك : أولاً- أن الأصل في فعل الشرب أن يُعَدَّى إلى المفعول بنفسه ؛ كقولك : شربت الماء ، وشربت الحليب . وكثيرًا ما يحذف ذلك المفعول للعلم به ؛ كما في قوله تعالى :{ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ }(الواقعة:68) . أي : الماء الذي تشربونه ، وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي }(البقرة:249) . أي : فمن شرب الماء من النهَر . ولما كان لفظ ( الكأس ) في اللغة يطلق تارة على الإناء الذي فيه الماء ، ويطلق تارة أخرى على الماء الذي في الكأس ، حسُن تعدِّي فعل الشرب إليه بنفسه ؛ كقولك: شرب كأسًا . والمراد : ماء ؛ لأن مفهوم الكأس يتقوَّم بما في الإِناء من الماء . وحملوا على هذين القولين قوله تعالى :{ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ } ، فقالوا : يجوز أن يراد بالكأس : آنية الخمر ، فتكون ( مِنْ )لابتداء الغاية . ويجوز أن يراد بها : الخمر ، فتكون ( مِنْ ) للتبعيض . والقول الأول أفصح ، وأبين ؛ لأن ( يشرب ) لا يُعَدَّى إلى المفعول بـ( من ) ، خلافًا لمن زعم ذلك . ** وعليه يكون المعنى : "يشربون الخمر من كأس ممزوجة بالكافور" . و( من ) لابتداء الغاية . أي : إن الكأس هي مبدأ شربهم ، وأول غايته . -------------------- ثانيًا- وأما قوله تعالى :{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ } فالمراد به : أنهم يمزجون شرابهم بها ؛ فكأن المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر . أي : يشربونه ممزوجًا بمائها ؛ كما تقول : شربت الماء بالعسل . ولإفادة هذا المعنى جيء بهذه ( الباء ) التي هي باء الإلصاق . وأما قول من قال : إن ( الباء )زائدة ، أو هي بمعنى :( من ) ، أو هي للتعدية ، وأن ( يشرب ) مُضَمَّن معنى :( يرتوي ) ، أو ( يتلذَّذ ) ، وأن هذا من روائع الإِيجار في القرآن ؛ لأن جملة واحدة أغنت عن جملتين ، فليس بشيء ؛ لأن ذلك كله مجرَّد أقوال متكلَّفة ، لا تقوم على دليل ، فضلاً عن أنها خروج بالآية الكريمة عن المعنى المراد منها . | التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |