منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى الأنشطة التربوية (https://www.profvb.com/vb/f137.html)
-   -   فك الحصار عن المهدي المنجرة (https://www.profvb.com/vb/t138652.html)

بالتوفيق 2014-03-09 12:56

فك الحصار عن المهدي المنجرة
 



دعوة لنشاط تربوي هام

مغاربة يستعدّون لـ"فكّ الحظر" عن المهدي المنجرة
مغاربة يستعدّون لـ"فكّ الحظر" عن المهدي المنجرة
هسبريس - طارق بنهدا
الأحد 09 مارس 2014 - 08:30


"مَعاً من أجل تكريم الدّكتور المهدي المنجرة بالمغرب"، هكذا أطلق العشرات من الشّباب المغربي حَملَتَهُم الالكترونية لمساندة عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة، الذي يعاني من آلام المرض هذه الأيام، وهي الدعوة التي وافق عليها المئات من الطلبة والأساتذة والباحثين والأكاديميين بالقبول، وتطالب بفكّ الحظر والمنع وإزالة التهميش الذي يطال المنجرة نتيجة مواقفه الوطنية، وفق منشور الحملة.

وتأتي الدعوة إلى تكريم المنجرة، حسب المنظمين، من أجل ردّ الاعتبار "إلى هذا المفكر والقامة العلمية"، مؤكدين أن الحملة "بمثابة صرخة من أجل تكريم المثقفين والكتاب وأعلام الثقافة والعلم الذين وهبوا الغالي والنفيس في سبيل نفع وتقدم البشرية والوطن".

ويضيف بلاغ الحملة، التي انطلقت على موقع "فيسبوك" و"أفاز" للعرائض الالكترونية، أن المهدي المنجرة "من بين شخصيات علمية مرموقة أصابها الحيف والظلم لذلك انضوت تحت الصمت والنسيان.. غير أننا كشباب مثقف لم و لن ننساها، وفي عز مرض ووجع الدكتور المنجرة نتذكره وندعو له بالشفاء".

الكتاب المغربي سلمان بونعمان، أثنى على المبادرة، وقال لهسبريس إن سيرة المنجرة "تجعلنا نقف أمام رجل استثنائي بكل المقاييس سبق عصره، فآمن بالإنسانية المشتركة وناضل من أجل الحقوق والحريات، وانتفض في زمن الذلقراطية ورفض الإهانة في عهد الميغاإمبرالية، وانحاز لقيمة القيم"، مشيرا أنه فشكل بذلك "مفخرة كبيرة كل المغاربة والمسلمين".

مسيرة علم وكفاح

يعرج بونعمان على المسار الوطني والعلمي والكفاحي الطويل لعالم المستقبليات المغربي بالقول إنه مسار غني ومتعدد ومبدع، "هذا الرجل الذي تعددت روافد تكوينه بين الأصالة الحضارية المتحيزة للقيم والثقافة والهوية الإسلامية الحضارية، وبين تخصصاته الأكاديمية في مجالات العلوم السياسية والعلاقات الدولية والعلوم الاقتصادية والدراسات المستقبلية، وخبرته في المؤسسات الإعلامية والثقافية والتنموية الدولية والأممية".

وكشف الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية أن المنجرة يتمزي بحس وطني غيور ومقاوم، حيث مثل الحركة التحررية المغربية كما مثل جبهة التحرير الجزائرية؛ ونسق وتعاون مع الحركة الوطنية خلال مراحل الاستعمار الفرنسي، "معبرا باسمها عن أهدافها بالولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا وغيرهما في المنتديات الدولية لأجل إقناع الرأي العام الدولي بدعم طموحات الشعوب المغاربية بالتحرر والاستقلال والوحدة".

مُنَظّر التحرر عن الشمال

ودافع المنجرة عن ضرورة تحرر الجنوب من هيمنة الشمال، حسب سلمان، الذي تابع قائلا، "منبها طيلة مساره على مخاطر العولمة الامبريالية الساعية إلى التنميط الثقافي وفرض مسار تغريبي واحد ووحيد على مستوى الثقافة والقيم والنماذج التنموية"؛ فيما انتبه المنجرة مبكرا إلى دخول العالم العربي والإسلامي إلى مرحلة ما بعد الاستعمار الجديد عبر تحليله لمفهوم "الحرب الحضارية" و"حرب القيم" و"الحروب السيميائية" و"الاستعمار البعدي".

ويشير الكاتب المغربي إلى أن المنجرة انتبه إلى أن تخلف دول العالم الثالث يتسع كلما كانت الهوة بين الوقائع ومستوى توقعها، فحالة الدهشة والاستغراب، من وجهة نظر المنجرة، من وقوع الأحداث والتحولات والانبهار الساذج بالنتائج "دليل على استمرار التخلف وبرهان على انعدام الرؤية الإستراتيجية والبوصلة الحضارية والاستخفاف بأهمية توطين علوم المستقبليات في الوعي ومحاولات تحطيم الذاكرة التاريخية".

هذا الواقع، دفع المنجرة، حسب بونعمان، إلى التنبيه على الحاجة إلى الإبداع والتجدد دون السقوط في درك التقليد الغبي أو التبعية العمياء؛ "ما فتئ المنجرة في هذا السياق يستلهم التجارب الآسيوية عموما واليابانية على وجه الخصوص في بناء مسار النهوض في تفاعل مع الحداثة دون تغريب أو استلاب أو تقليد".

مفكر دول العالم الثالث

يصفه بونعمان بـ"مفكر دول العالم الثالث" و"صوت عبقرية دول الجنوب بامتياز"، الذي حطم الحدود بين النضال الأكاديمي والنضال السياسي "بمعناه النبيل"، مشيرا أنه تميز في ربط البعد الأكاديمي بالبعد الكفاحي والإنساني، "يكفي أنه أول من استشرف دخول العرب في عصر الانتفاضة الشاملة ضد الظلم والاستبداد والقهر، إبان تحليله لاندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 ونموذجها الانتفاضي الفريد، فأثبت الزمن الثوري صدق طروحاته وتوقعاته".

ويستحسن بونعمان ضرورة الالتفاتة إلى قيمة المهدي المنجرة "حان الوقت لكي يحظى بكل تقدير واعتراف وتكريم في الساحة الثقافية والعلمية والجامعية، ليبقى رمزا حيا وقدوة ملهمة للأجيال الشابة وشعلة من المبدئية والطهرانية"، معتبرا أن الرجل يجمع بين عظمة التواضع وعبقرية التفكير ونبوغ العقل الاستراتيجي "الذي ضيعناه زمن الغفلة والنكبة والصراعات الإيديولوجية والأنانيات السياسية الضيقة".

a.khouya 2014-03-09 14:52

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 

نتمنى للدكتور المهدي المنجرة الشفاء العاجل وفك الحظر عنه.
شعلة علمية غابت ثم انطفأت.
شكرا

بالتوفيق 2014-03-09 18:27

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة a.khouya (المشاركة 724816)

نتمنى للدكتور المهدي المنجرة الشفاء العاجل وفك الحظر عنه.
شعلة علمية غابت ثم انطفأت.
شكرا


صحيح أخي الكريم

معلمة مغربية حية و نادرة

و لا تلقى ما يجب من تقدير و تقديم و تعريف

بالتوفيق 2014-03-09 18:33

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
المهدي المنجرة مثقف ومفكر وعالم الدراسات المستقبلية مغربي, يعتبر أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية. حاز على أكثر من جائزة في أكثر من بلد، جال كثيرا من دهاليز المنظمات الدولية وبلغ بداخلها أسمى المناصب وندد بمواقفها في قضايا الحاضر والمستقبل، على المستوى العربي والدولي،

ولد بالرباط عاصمة المملكة المغربية يوم 13 مارس 1933م, أتم دراسته الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية، عمل مستشارا وعضوا في العديد من المنظمات والأكاديميات الدولية.

ساهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس خلال أربعين سنة أكبر معهد للأبحاث المستقبلية والاستراتيجية في العالم، ويعتبر أكبر خبير مستقبليات على مستوى العالم.

عرف بمواقفه النضالية ، وعرضت عليه وزارة المالية والوزارة الأولى لكن رفضهما، وتعرض لهذه الأسباب للمنع من إلقاء المحاضرات في المغرب.

تولى عمادة الجامعات اليابانية في التسعينات، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية.
اشتهر بكونه المؤلف الذي نفذت طبعة كتاب له في اليوم الأول من صدورها، واعتبرت كتبه الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و 1990.

يؤلف في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، ويهتم بالخصوص بقضايا الحقوق والعولمة والقيم والاستراتيجيا والتنمية وثنائية التطور والتخلف.
يتقن عدة لغات ويؤلف بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليابانية.

والده محمد المنجرة كان مهتما بالعلوم المستقبلية وأسس في سنة 1924 نادي الطيران، وهو أول نادي عربي مختص في الطيران.
و حسب الدكتور المهدي المنجرة فقد طار على متن الطائرات مسافات مجموعها 5 ملايين كلمتر، ويقول "و بهذا أكون قد أمضيت معظم عمري طائرا".

طرد من ثانوية ليوطي - جنرال فرنسي - سنة 1948 لأسباب سياسية إذ كان يواجه الأساتذة الفرنسيين ويناقشهم بحدة فيما يخص موضوع الاستعمار الفرنسي للمغرب حينها، وحينها أرسله أبوه لدراسة الثانوي في أمريكا، وكان أول طالب عربي يدرس الثانوي في أمريكا.
نال الإجازة في الكيمياء، وفي العلوم السياسية.
حصل على جائزة من الإمبراطور الياباني عن بحث بخصوص أهمية النموذج الياباني بالنسبة للعالم الثالث.
حصل على الوسام الملكي في العديد من المناسبات . عينه الملك محمد الخامس مديرا للإذاعة والتلفزة المغربية في سنة 1954.
رفض عدة مناصب وزارية، للتفرغ للثقافة والبحث العلمي.

بالتوفيق 2014-03-09 18:35

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
في عام 1948 سافر إلى أمريكا حيث التحق بمؤسسة "بانتي", ثم التحق بجامعة كورنل وتخصص في البيولوجيا والكيمياء. غير ان ميولاته السياسية والاجتماعية دفعته إلى المزاوجة بين دراسته العلمية من جهة، والعلوم الاجتماعية والسياسية من جهة ثانية،

وفتحت إقامته بأمريكا عينيه على العمل الوطني والقومي. ومن هذا المنطلق كان انشغاله بمكتب الجزائر والمغرب بالأمم المتحدة، كما تحمل رئاسة رابطة الطلاب العرب.

في سنة 1954 غادر أمريكا متجها إلى إنجلترا لمتابعة دراسته العليا بـجامعة لندن الاقتصادية والعلوم السياسية، حيث قدم أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه حول موضوع "الجامعة العربية". وفي سنة 1957 عاد إلى المغرب ليعمل أستاذا بكلية الحقوق فتولى في هذه الفترة إدارة مؤسّسة الاذاعة المغربية, في سنة 1962 عينه "روني ماهو" المدير العام لليونسكو آنداك المدير العام لديوانه.

سنة 1970 عمل بكلية العلوم الاقتصادية بلندن أستاذا محاضرا وباحثا في الدراسات الدولية.
خلال سنتي 1975 و 1976 تولى مهمة المستشار الخاص للمدير العام لليونسكو.وفي تلك الأثناء تأسس"الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية" الذي انتخبه رئيسا له إلى سنة 1981.

بالتوفيق 2014-03-09 18:36

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
ألف المهدي المنجرة أكثر من 500 مقالة في العلوم الاقتصادية، السوسيولوجية والإنسانية.ومن أهم كتبه :

نظام الأمم المتحدة : تحليل. 1973

من المهد إلى اللحد. ط 1, القاهرة، 1981, ط 3 النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2003.

الحرب الحضارية الأولى. منشورات العيون، الرباط، 1991, ط. 7, النجاح الجديدة.

القدس العربي، رمز وذاكرة، ط 1. مطبعة وليلي، مراكش، 1996, ط 3 النجاح الجديدة، الرباط 2002.

حوار التواصل، منشورات شراع، طنجة؛ 1996, ط 10، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء. 2004.
مسار الكفر، حوارات مع حسن نجمي ومحمد بهجاجي، منشورات وليلي، مراكش،1997. ط 4, مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء. 2003.

عولمة العولمة.منشورات الزمان 1999.


انتفاضات في زمن الذلقراطية.منشورات البوكيلي، القنيطرة 2002

الإهانة في عهد الميغاإمبريالية.2004. ط 2, 2005 مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء.

قيمة القيم.، ط 1, 2007, ط 2 2007, مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء

بالتوفيق 2014-03-09 18:45

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
المهدي المنجرة في سيرة مفكر استثنائي:

خيبات المفكر… وجراحات ‘الاستشراف’ أمام أزمة الثقافة العربية المعاصرة
عمار عوني
كاتب و باحث تونسي
DECEMBER 11, 2013

القدس العربي



يرقد المهدي المنجرة منذ أشهر طويلة في مستشفى عريق بالرباط وهو يعاني ربما من مرض قاس وقد بلغ من الكبر عتيا. وربما الأنكى من ثقل المرض أنه يعاني من جراحات مسار فكري طويل تميز بالالتصاق بقضـــايا الحريات وحقوق الإنسان ومواجهة بغي السلطة الحاكمة عبر العالم…

كيف لا وهو المفكر الذي ابتكر مفاهيم فكرية جديدة مثل ‘الاستعمار الجديد’ و’ الميغــا-امبريالية’ وسخر كتاباته لفضح جشع النيولبرالية-الامبريالية الجديدة المتوحشة والدفاع عن حق دول العالم الثالث في التنمية المستقلة وكتب عن نظام دولي منشود يقوم على العدالة والإنصاف والكرامة لـــكل الشعــوب والمجتمعات.

هذا المفكر وعالم المستقبليات الاستثنائي-وهو يصارع المرض الفاجع حاليا- ربما قد يجد سلوى في رؤية تنبؤاته تتحقق في الواقع العربي.إذا كان بشر بسيناريو ‘التغيير الجذري’ للأنظمة الحاكمة في العالم العربي واعتبر أن’ الانتفاضات الشعبية’ هي الحل الأخير لبناء مجتمعات عربية معاصرة تتوفر فيها المشاركة الشعبية وحقوق الإنسان منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي…

*خيبات المفكر العربي:
إن ما دفعني إلى كتابة هذه الورقة المستعجلة بعض كلمات حدثتني بها إحدى المدرسات الجامعيات التونسيات- وكان لقاؤنا صدفة في قسم اللغة والآداب العربية بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس- عن زيارتها الأخيرة إلى المغرب للمشاركة في ندوة علمية حيث سألتها عن المنجرة فصمتت قليلا وقالـــت بنبرة يغلبها الأســـى والحسرة:’أجل ! ..تمكنت من زيارته في المستشفى بعد عناء شديد وصعوبات شتي ووساطات…هناك حراسة مشددة على المستشـــــــفى والغرفة التي يرقد فيها. حتى الكثير من أصدقائه وطلبته لم يتمكنوا من زيارته…الموت قدر من الله ! لكنني رأيته في حالة غيبوبة شديدة… !! ‘.لقد دفعتني هذه الكلمات المقتضبة المتقطعة التي يلفها رداء الأسى والحزن التي قالتها هذه الأستاذة الجامعية إلى استدعاء هذه الأسطر المتفلتة من ذاكرة مكتظة بآلام الماضي وجراحات الحاضر المثخنة.

يمكن القول أن المنجرة ليس باحثا ومفكرا عربيا وإسلاميا فحسب وإنما هو مفكر ارتقى إلى العالمـــية وأصبح مفكرا كونيا إنسانيا بعد اعتراف أشهر المفكرين الأمريكيين المعاصرين صامويل هنتغتون بأن المهدي المنجرة قد سبقه إلى اكتشاف مفهوم ‘الحرب الحضارية’ وهو مصطلح من المصطلحات الفكرية التي غدت حاضرة بكثافة في كتـابات وبحوث علماء الاجتماع والسياسة والعلاقات الدولية منذ تسعينات القرن الماضي:’على خلاف موقف صامويل هانتنغتون التي اعترف ضمن مؤلفه’ صدام الحضارات’ بمرجعيــتي وأسبقيتي في طرح مفهوم الحرب الحضارية الأولى، فان موقفي هو موقف وقائي، أي أننا إذا أردنا تفادي الصدام فلا بد من خلق حوار حضاري بين شمال العــالم وجنوبه. أما عبارة”الحرب الصليبية’ التي تبناها بوش الابن في خطابه وإن بصورة عابرة فهي تبين ما ذهب إليه من قبله ابن خلدون حين قال بان القوي يفرض على الضعيف المنهزم قيمه وعباراته ولغته. وهذا الأمر ينطبق على دول الجنوب وينطبق أيضا على نظام الأمم المتحدة الذي اثبت صراحة سيره هو الآخر صوب نهايته…’

و يمكننا القول أيضا في هذا السياق أن هذا المفكر و باحث المستقبليات الذي سخر مسيرته العلمـــــية والفكرية الطويلة لتحليل المشكلات السياسية والاقتصادية والثقافية لدول العالم الثالث وبلورة بديل تنموي مستقبلي أصيل يجمع بين المحافظة على القيم الثقافية والتحرر من التبعية للقوى الامبريالية المتوحشة وبين التفتح على منجزات الحضارة المعاصرة من تكنولوجيــــــات وعلوم التربية ومعرفة قد عاش طيلة رحلة الحياة الزاخرة بالعطاء والإبداع الفكري نموذجا للمفكر العربي الاستثنائي، المفكر الذي يجمع بين موضوعية البحــث والنظر ونزاهة التحلــــــــــــيل والاستنتاج واقتراح الحلول والبدائل الفكرية والاجتماعية،و المفكر الذي ضحى بـ’الوزارات’ والمناصب السياسية في المغرب وحتى على المستوى الدولي (استقال من الوظيفة السامية لليونسكو: Unesco ) من أجل أن لا يخون أفكاره ولا يقع في التناقض مــــــع القناعات والمبادئ التي يؤمن بها (الحرية،الكرامة،العدالة الاجتماعية والاقتصادية…).


وهكذا كان تركيز كتاباته ودراساته على دور القيم الثقافية في حياة المجتمعات والشـــــــــعوب ومحوريتها في أي مسعى مستقبلي لبناء حوار عادل وإنساني بين الحضارات: ‘الغرب متغطرس ثقافيا لأن فضاءه الزمني التاريخي محدود. حين تذهب إلى العراق أو الصين أو إلى أمريكا الجنوبية ثمة ثقافة متجذرة ومتطورة. في الولايات المتحدة تجد بالمقابل الأكلات السريعة (الفاست فود). إن التقدم العلمي لا يعني آليا امتلاك ثقافة التواصل مع الآخر. أنا أعتقد أن العالم يعيش حالة انفجار،وهنا أعود لتعبير ‘الانتفاضة’. فالانتفاضة انفجار يحدث حين يبلغ السيل الزبى. ثمة ظلم هائل في العالم، ومن اللازم إيجاد الحلول كي يكون كل الناس رابحين وكي لا يكون هناك خاسر

لقد قدم المنجرة نموذجا متميزا وفريدا للمفكر والمثقف العربي المؤمن بآفاق التغيير السياســـي والاجتماعي والفكري في العالم العربي والإسلامي المعاصر، وأصبحت أفكاره منذ ثمانينات القرن الماضي مصدر اهتمام وقراءة ومتابعة على صعيد العالم العربي وحده وإنما على الصعيد العالمي. وكان التزامه الحقيقي والصادق بالدعوة إلى ‘التغيير الجذري’ في عالمنا العربي والإسلامي مصدر أتعاب كبيرة إذ تمت مضايقته ومحاصرة أفكاره وكتاباته في بلده المغرب ومنع من إلقاء المداخلات والمحاضرات لأكثر من أربعين سنة، ومنع أيضا من دخول أغلب البلدان العربية مرات عديدة لخوف الأنظمة السياسية من أفكاره والمواقف التي يبشر بها أينما سافر وحيثما تكلم أو كتب أو ألقى مداخلته في أي مكان.
ذلك أن ممارسة التفكير العميق والحقيقي الذي ينشد بناء الإنسان الواعي وإعادة القيم الإنسانية الميتة إلى صفائها وجذوتها نشاط خطير على الأنظمة السياسية والبنيات الجامدة والمنغلقة على ذاتها وتصوراتها المنخرمة. فالتفكير الذي يشرح أوجاع الحاضر وينشد المستقبل العادل يعبر عن مشروع للنسف والتغيير المبدع حيث يسمح: ‘لنا باعتبار النسق البيئي الاجتماعي بوضع مسافة بيننا وبين أنفسنا وبأن ننظر إلى أنفسنا من الخارج وبأن نموضع أنفسنا، أي الاعتراف بذاتيتنا’

*سيرة زاخرة بالأحداث:
تذكرني بعض الصفحات القليلة من السيرة الذاتية للمهدي المنجرة والتي أمكنني العثور عليها متفرقة في بعض مؤلفاته بنموذج المفكر/ المثقف الحامل لمشروع فكري أو ثقافي. وقليل من المفكرين أو الفلاسفة حملوا مشاريع فكرية مستقبلية في تاريخ ثقافتنا العربية الإسلامية ومنهم
ابن رشد وابن خلدون وأبو إسحاق الشاطبي فكانت حياتهم محنا على محن وكان ثمن حلمهم بإعادة بناء منظومة التفكير وتغيير الواقع نشدانا للأفضل وتوقا إلى التجديد باهضا. فالمفكر حامل المشروع الفكري يكون مثقفا إذا اتجه بأفكاره واطروحاته إلى الناس والتحم بهموم المجتمع وعاش آلامه وآماله. لم يخصص هذا المفكر والباحث المختص في الدراسات المستقبلية مؤلفا لكتابة سيرته الذاتية ولكنه اكتفى بسرد نتف من الأحداث والوقائع التي عاشـــها وظلت حاضرة في ذاكرته وضمنها في فصول قصيرة ومقتضبة من بعض كتبه

ولعل من بين الوقائع التي احتفظت بها ذاكرته منذ أيام الطفولة تلك الحادثة التي كان شاهدا عليها والتي جعلته ينتبه إلى مظاهر الذل الاجتماعي ودوس معاني الكرامة الإنسانية مبكرا، فماسح الأحذية الفقير الذي تعرض إلى الإهانة من طرف أحد الزبائن في مقهى من مقاهي الدار البيضاء ليست مجرد حادثة بسيطة إنما هي حادثة عميقة تكشف عن تجليات الشعور بالذل والمهانة في نفسية المواطن المغربي والعربي عموما. وتعبر عن تراتبية ممارسة الإذلال وإلغاء الكرامة البشرية فيما بين المواطنين أنفسهم وفيما بينهم وبين السلطة الحاكمة، ثم ترتقي هذه الممارسة البشعة اللاإنسانية إلى القوى الامبريالية التي تمارسها على دول وشعوب العالم الثالث: ‘منذ أكثر من خمسين سنة وكنت وقتها في إحدى ثانويات الدار البيضاء، أعطانا أستاذ اللغة الفرنسية موضوعا للإنشاء يقول ‘أحكوا كيف أحسستم لأول مرة بالسخط أمام مشهد للظلم’..ولا زلت أحتفظ إلى اليوم بورقة درس الإنشاء هذا التي تتطرق لحدث معيش: كان أحد ماسحي الأحذية يعرض خدماته على أحد الزبائن على سطحية إحدى المقاهي، غير أن الزبون رفضها لمرتين قبل أن يقوم بركله . تقدم الماسح إلى الشرطي كان شاهدا على الحدث شاكيا له ما تعرض له .طلب منه الشرطي الذهاب إلى حال سبيله لأنه هو المخطئ باعتبار أنه كان يتحرش بالزبون . إنها قصة طبعت حياتي ولا زالت ماثلة أمامي حتى اليوم من خلال الظلم الذي يتعرض له ملايين البشر في العالم … وقد توسع هذا الشطط بعد بعد تفكك الإتحاد السوفياتي وبروز عصر الميغا-إمبريالية أي الإمبراطورية العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفها ذات الهندسة المتنوعة


لقد إستحضر المنجرة في هذا السياق بعض اللحظات القاسية التي عاشها في بلده المغرب لا سيما ما يتعلق منها بمحاصرته ومنعه من إيصال أفكاره إلى الطبقة المتعلمة وعموم الناس في المجتمع المغربي، علاوة على منعه من إلقاء المحاضرات في الملتقيات والمنتديات: ‘احتجاجي سنة 1999 عن منع محاضرتي في فاس وسفري إلى اليابان كان بسبب اقتناعي بان وظيفة الأستاذ مزدوجة: وظيفة معرفية وعلمية ووظيفة أخلاقية من خلال المواقف والدفاع عن القضايا العادلة.عشت في الولايات المتحدة الأمريكية على عهد ماكرثي وقوانينه المتعصبة، وشهدت كيف كان أساتذة الجامعة يدفعون طلبتهم للاحتجاج في الشارع ومناهضة قوانين ماكرثي. فكان تقييم أداء الأستاذ نابعا من درجة انسجامه بين ما يدعو له من أفكار وما يتبناه من مواقف علمية وشخصية

ويتحدث المنجرة عن واقعة أخرى من وقائع المنع السياسي التي تعرض لها في بلده اذ وقع منعه مرات عديدة من إلقاء المحاضرات ومنها ما جد في سنة 2003 حيث لم يسمح له بتقديم مداخلات حول إشكالية الإستعمار الجديد (neo-colinlisme )في مكناس وعين اللوح وإبن سليمان والدار البيضاء :’في كل هذه الأنشطة كنت ألبي دعوة جمعيات ثقاقية أو دعوات طلابية أو منتديات علمية لباحثين في الكليات وفي دور الشباب .لا أقبل أية دعوة لنشاط حكومي أو رسمي … أنا اتحدث حول موضوع علمي . ولست بصدد الدعاية لبرنامج إنتخابي أو سياسي، ولا أتوفر على شركة أو وضعية أو بنك ربما قد تتضرر من إتفاق المتبادل الحر.موضوعي كان حول أفاق الإستعمار الجديد، وإهتمامي بالموضوع يرجع إلى أربعة عقود ودخلت بسببه السجن بسبب نضالي ضد الإستعمار القديم وعمري 15 سنة. وأنا اليوم أمنع لأنني أتحدث علنا عن الإستعمار الجديد. وأنا مستعد غدا للموت من أجل محاربة هذا الإستعمار في الداخل والخارج

مذكرات وشهادات سياسية:
والقارئ للورقات المقتضبة التي تؤرخ لبعض الأحداث التي عاشها هذا المفكر الاستثنائي في حياته الزاخرة بالبحث العلمي والكتابات الفكرية والنضال السياسي والثفافي المستمر يقف عند بعض الوقائع التي يستحضرها بوفاء وحميمية لبعض الأشخاص الذين عرفهم عن قرب وتأثر بمواقفهم ونزاهتـــــهم وتضحياتهم من أجل مبادئ وقيم الحرية والعدالة والكرامة . من ذلك استحضاره للحظة تعرفه على الدكتور المهدي بن عبود في نوفمبر 1951 في ميناء نيويورك عندما سافر إلى الولايات المتحدة
الأمريكية لشغل مهمة مدير مكتب *تحريرالمغرب* لدى الحكومة الأمريكية وهيئة الأمم المتحدة
وكذلك تعرفه على المناضل المغربي محمد السعداني في بريطانيا سنة 1954 حينما إلتحق بالجامعة للدراسات العليا في لندن: ‘عرفت سي محمد في أنجلترا عام 1954 في مدرسة لندن للاقتصاد التي سجل فيها بعيد تسجيلي لمتابعة دراسته برسم السلك الثالث. فلما فرغ من هذه المدرسة قصد أكسفورد Oxford
فحصل منها على شهادة الدكتوراه،وقد جمع بيننا النضال في سبيل تحرير الشعوب المستعمرة.إذ كنا يومئذ المغربين الوحيدين اللذين يدرسان في جامعة أنجليزية،و كان سي محمد يسكن في ‘شيبيــردس دس بوش وقد كان يرأس عندئذ حركة تحرير المستعمرات التي أفلحنا نحن الاثنين في أن ننشئ داخلها لجنة خاصة بشمال إفريقيا، ورأيت سي محمد يعمل كذلك داخل اتحاد الطلاب العرب في المملكة المتحدة وقد كان عضوا نشيطا فيه. فكانت تخونه عاطفته كلما دار الحديث عن التجاوزات التي تقترفها السلط الاستعمارية

a.khouya 2014-03-09 18:50

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 

شكرا لكم على المعلومات ، كنت أجهل نصفها.

بارك الله فيك.

سلامي

بالتوفيق 2014-03-09 19:28

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة a.khouya (المشاركة 724888)

شكرا لكم على المعلومات ، كنت أجهل نصفها.

بارك الله فيك.

سلامي


شكرا جزيلا لكم على المتابعة و المواكبة و الاهتمام

بالتوفيق 2014-03-09 20:15

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
http://www.youtube.com/watch?v=X3xKZnPMu-c

بالتوفيق 2014-03-09 20:16

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
http://www.youtube.com/watch?v=ohsxB11uEcQ

بالتوفيق 2014-03-09 20:17

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
http://www.youtube.com/watch?v=ISGWPhul2kQ

بالتوفيق 2014-03-10 20:08

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 



قراءة في كتاب “قيمة القيم” لـ”المهدي المنجرة”


الكتاب: قيمة القيم
تأليف: المهدي المنجرة
عرض: تقية محمد



شكل مفهوم “القيمة” محور جدل العديد من الفلاسفة والمفكرين على اختلاف مشاربهم ومناهلهم وكذا مجالات إنتاجيتهم, بالرغم من التنوع في التأويلات والمقاربات البحثية, نجدنا دوما بحاجة ملحة أكثر من ذي قبل إلى الإقتراب بتجديد من هذا المفهوم بالتوازي مع ما وجد في عوالم الفكر وصدقه الفعل حتى نتمكن من “معلمة” أنفسنا في دائرة الأحداث ونقيم كل ما يحيط بنا من أشياء وأشخاص ووقائع بـ”معلم” مستحدث يتوافق مع ما نعيشه وما نستشرفه من نظرات مستقبلية ومرتكز على ما عايشناه وأدركناه من خلال قراءاتنا للتاريخ.
إن دلالة “القيم” جمع “قيمة” كمفهوم تتنوع باختلاف الثقافات, فمثلا عند الفرنسيين لها مدلول نفسي ومعنوي, وفي اللغة العربية “القيم” مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدافع نحو الإيجابي من الأمور والقدر والمنزلة بل وحتى التنمية. يمكننا كذلك رصد بعض استعمالات المصطلح وربطها بواقع الإنسان, فعلى سبيل المثال:
مع الرياضيات نفهم أن لكل مجهول قيمة سواءً كانت سلبية أو إيجابية أو حتى منعدمة, وإسقاط ذلك على واقع الحياة له دلالة قوية إذ أن الأفراد متباينون في “من هم” و”ما هم عليه” و”ما هم باحثون عليه وفيه”.
مع الاقتصاد نعي جيدا أن “القيمة” و”السعر” شيئان متلازمان حيث أن مثلا قانون “العرض والطلب” يفيد بأن نقطة تلاقي كل من العرض والطلب لها دلالة قيمية جزئية مرتبطة بثمن المعروض أو المطلوب في ظروف نسبية مرتبطة بالأمكنة والأزمنة على اختلافها وتعددها.
مع علم النفس نعرف بأن ” القيمة “هي كل ما يمكن أن يشكل دافعا للآدميين نحو ما يجمعهم تحت سقف عنوانه ” إنسان” متجاوزين بذلك كل ما يصنفهم ويميز “أناهم” عن الباقين من النوع البشري ومترفعين عن الظنون والحسابات والتحيزات على أشكالها في معالم النخبوية.فالقيمة هنا يمكن اعتبارها أحد محركات السلوك البشري نحو الإيجابية سواءا الفردية أو الجماعية.
مع علم الاجتماع ” القيمة ” تشكل منطلق وغاية ينشدها الناس لبناء مجتمعي مترابط يكفل للفرد منه التواجد في أي قطر على اعتبار معلومية هذه “المادة” لدى جل أفراد هذا المجتمع.
إن “القيمة” كمفهوم, لها في العلوم الإنسانية دلالة إيجابية طابعها الارتقاء والرفعة, وسيلتها كما غايتها واعدة سامية, مرتبطة بجذور الفطرة الأصل في الإنسان لذلك فاستحسانها غالبا ما يكون عفوي ومناشدتها تأتي باندفاع ذاتي بغير تدخل وإجبار, لأنها تندمج ونقاء الفطرة الضامن الأساس لتعايش الناس مع بعضهم البعض وتقاربهم بالرغم من كل مفرق. لذا كان ” إحياؤها ” في الدواخل وسماع صداها منطلق مرغوب وترجمتها فكرا وقولا وفعلا نبع فخر وعز, وتخطيها بتجاهلها مدعاة للقلق بل للعلاج والتصالح مع النفس بالانفتاح عليها داخليا وخارجيا, لأن “بتر” القيم من شخص الإنسان ومن مجتمعه ما هو إلا مرض مزمن فتاك ببناء هذا الشخص الآيل للسقوط في أي لحظة بدونها.
من هذا المنطلق وفي محاولة التقرب أكثر من مفهوم “القيم” اجتماعيا وقيمتها في مجتمعاتنا العربية كانت هذه المحاولة لقراءة كتاب “قيمة القيم” للمفكر المغربي الدكتور “المهدي المنجرة”.
“قيمة القيم” عبارة عن مجموعة من المداخلات والمحاضرات والمقتطفات للمؤلف وكذا الحوارات التي أجريت معه, فالناظر لأول ولهة في فهرس الكتاب وصفحاته نظرة أولية ينتابه ما يشبه “التشتت” كون مواده تمت في تواريخ متباينة وليست متسلسلة هذا من جهة ومن أخرى يصعب المسك بسهولة برأس الخيط الرابط بين هذه المواد. لكن بالرغم من هذا النوع من “الضبابية” التي قد تنتابنا عند إلقاء إطلالة سريعة على الكتاب فإننا عند المضي قدما في قراءته شيئا فشيئا نكشف تراصا لأفكار “تحتية” تدور جلها في فلك فكرة مركزية التي نخلص إليها بمجرد تقدمنا بتركيز في قراءة الكتاب. والفكرة الجوهرية التي يمكن أن نرتشفها من محتوى الكتاب تدور أساسا حول نوعية الصراعات الحضارية والثقافية التي يضمرها المستقبل للعلاقات الدولية وبين المجتمعات على اختلاف مرجعيتها وتموقعها جغرافيا ووفق معالم التصنيفات على أشكالها.
كتاب “قيمة القيم” عبارة عن ثلاثة أجزاء مثلما يوضحه فهرسه, أما الجزء الأول فبعنوان “القيم والمجتمع” – في هذا الجزء يولي المؤلف الاهتمام بمختلف القيم الموجهة للمجتمع توجيها صوابا سواء من داخله أو حتى فيما يمكن أن يربطه بالخارج من علاقات. فعلى سبيل المثال في الجزئية الأولى منه يقول: “… ورغم كثرة البرامج الدولية للتنمية, لاسيما في أفقر الدول حيث يزداد الاهتمام الدولي, فإن المساهمة الوطنية نادرا ما تمثل أقل من سبعين في المائة من المجموع, وتبقى المساعدة الدولية التي تنتج عن هذا التعاون ضعيفة من ناحية الكم, إذن يصبح من الضروري القيام بمقاربة منظومية في التحليل لتقييم جودة التفاعل الثابت بين المستوى الوطني والمستوى الدولي, والمهم في هذه المساعدة الخارجية هي الأفكار والتصورات الناتجة عنه والتجارب الصادرة منه”. بربط هذا المحتوى بالأحداث الراهنة خصوصا بما يتعلق بدول صنفت اقتصاديا بـ”دول نامية” أو “في طور النمو”, فإن إشكالية تبعية الدول النامية للدول “المتطورة” مستفحلة كلما ارتبطت بما يسمى “مساعدات” من هذه الدول وجعلت معتمدها الرئيس عليها بالرغم من ثبوت ضآلة مساهمتها في النهوض خصوصا بقطاع الإقتصاد الذي أصبح ركيزة أساسية للإعتراف بوجود الدول في معالم القوة. إذ أن أهم ما يمكن أن يساهم في “النهوض” انطلاقا من التعاونات بين الدول مرتبط بعالم الأفكار والتصورات الناتجة عنها.
في الجزئية الثانية ينبه الكاتب إلى أهمية “الثقافة المتوسطية” التي تربط بين دول البحر الأبيض المتوسط بل أكثر من ذلك ربط مستقبل هذه الدول ومستقبل قضاياها رهين بمستقبل الثقافة بها على اعتبار أن الثقافة لها ارتباط عريق وثيق بجميع جوانب الحياة ولا يمكن نسخ ثقافة مجتمع ما أو دولة ما في حيز آخر تحت مسمى “نقل الثقافة”, لأن التعدد وارد بحكم أن لا شمولية لثقافة ما من جهة, ومن جهة أخرى باعتبار الثقافة نسبية والموروث الثقافي هو مفتاح من مفاتيح التنمية وبالتالي أي محاولة لتعميم ثقافة ما أو نقلها واستنساخها وإجبارها ما هي إلا محاولة للتشتيت والتفرقة والهدم وليس البتة البناء. في هذا الصدد يقول المؤلف:” إن إحدى القضايا الأساسية بالنسبة لدول حوض البحر الأبيض المتوسط, تتعلق بمستقبل ثقافاتهم, لأن هذا المستقبل مرتبط بجميع الجوانب الأخرى للتنمية, الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية إلخ..أضف إلى ذلك أن هذا المستقبل غير قابل للانقسام لأن هناك ثقافة متوسطية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني سامية”.. وعليه فإن مفهوم “الثقافة” بما تضمره من أبعاد لها وقع عميق على مستقبل الشعوب ووجودها وارتباطاتها فيما بينها ولما لها من جذور ضاربة في عمق التاريخ وما تكتنزه لواقع المستقبل, هنا يردف المؤلف بقوله “إن الفرضية السابقة قد يظهر فيها شئ من المبالغة بالنسبة لأولئك الذي لا يهتمون بالماضي ولا بالإطلاع على كتب التاريخ, وحسب تجربتي, فإنني أدرك أنه كلما ازددت اهتماما بالدراسات المستقبلية, زادني ذلك الشعور بالحاجة لترسيخ رؤيتي على أسس تاريخية صلبة”.
مركزا على مفهوم “الثقافة” والقيم الثقافية للمجتمعات, يتحدث المؤلف عن “الهوية الثقافية” معتبرا إياها سببا في وجود “منظومة القيم” وبغيابها تفشل المجتمعات في إثبات ذاتها,فيقول بأن “هناك فترات يؤدي فيها الانفتاح التلقائي وليس الانتقائي إلى غزو كبير وإضعاف أعز ما للإنسان: هويته الثقافية وهي الخلاصة وسبب وجود منظومة القيم”. ثم يطرح المؤلف في هذا الصدد مجموعة من التساؤلات التي تهم دول الحوض المتوسط والتي لا بأس من سردها لأهميتها البالغة وما تحيل إليه إذ جاءت على النحو التالي:
هل وصلت الضغوطات السياسية والاقتصادية والثقافية اللامتوسطية إلى درجة من الحدة؟
ما هي حاليا قدرة منظومة القيم المتوسطية على المقاومة؟
ما هي قدرة ثقافة المتوسط على التكيف والتطور أمام التطورات الداخلية والخارجية التي تفرغ وتتحمل في نفس الوقت في عالم يزداد اعتماده على التضامن؟
ما هي درجة وعي سكان المنطقة وحكامها بالمشاكل وأولوية التفكير في حلول مستقبلية؟
بعد ذلك يمضي المؤلف إلى الجزئية الثالثة إذ نلحظ تركيزه على ضرورة صيرورة حركية “التعلم” من المهد إلى اللحد منبها إلى ما يمكن أن يجابه أو يعوق المسيرة العلمية بين هاتين المحطتين مستقبلا, مشددا على أن أهم عناصر التعلم “القيم” قائلا: “وأهم عناصر التعلم هي القيم, وعندما نشير إليها كعناصر فإننا نؤكد على دورها الفعال في عملية التعلم, فقيمة البقاء مع الكرامة يمكن أن تكون ذات آثار مباشرة في التوجيه, ويلاحظ أن ظهور القيم هو ظهور للحد الفاصل بين الذاتية والموضوعية وبين الحقائق والأحكام وبين ما هو كائن وما يجب أن يكون وبين العلم والأخلاق والأحكام وبين العلوم الحقة والعلوم الإنسانية وبين الغايات والوسائل وبين المعقول واللامعقول”.
أما الجزئية الرابعة والمعنونة بـ”الثورة الفرنسية – تأملات معاصرة” فتعطي تأملات عميقة وبالتالي تساؤلات حول الثورة الفرنسية ونتائجها على منظومة القيم في المجتمع الفرنسي آنذاك وخارجيا أيضا موصولة بالواقع الحالي على اعتبار ارتباطات فرنسا خارجيا واستراتيجيا ثم بربط الفجوات الناتجة عنها بالثغرات التي أفسدت إلى حد ما منظومة القيم.يقول المؤلف: “إن الجهل والنسيان أو تهميش حقوق الإنسان تشكل الأسباب الوحيدة للبؤس الإجتماعي وارتشاء الحكومات”.
هكذا يمضى المؤلف في كتابه مركزا في جزئيات الفصل الأول كاملا عن الأخلاقيات والقيم باعتبارها مرجعا وموجها لسلوك الإنسان نحو الإيجابي وكونها الركيزة الأساسية لتقارب المجتمعات على اختلاف جذورها وأن أي تفاضل على مستوى الأخلاق والقيم بإمكانه أن يشكل أهم أسباب التباعد والصراع بين الثقافات والحضارات مثلما يوضح ذلك في جزئية ” أي مستقبل للإسلام في أوروبا ؟ “, فيقول المؤلف: ” لقد كتب روبرت فيسك مقالا في صحيفة “الإنديبندنت” تحت عنوان “فقدنا بوصلتنا الأخلاقية منذ زمن, فكيف نستطيع إذن أن نخطب على العالم الإسلامي؟” هذا هو السؤال, مثلما كان سيقول شيكسبير , ولعل مشكلة الأخلاقيات,من أهم القضايا عند دراسة مسألة مستقبل الإسلام في أوروبا”. ثم يردف المؤلف بقوله “…هكذا سيبقى التسامح المتبادل حاضرا ومستقبلا هو الحل من أجل البقاء”, على اعتبار القاسم المشترك وما يمكن أن يقرب بين الثقافات على اختلاف مشاربها وإلغاء خلافات مجتمعاتها يكمن بالأساس في منظومة القيم المجاوزة لأي بعد حضاري ثقافي الذي تطبعه بل تطغى عليه النسبية الزمنية والمكانية.
بعد استفاضة في طرح دور القيم في سلوك الأفراد كما المجتمعات والعلاقات الدولية والجهوية خصوصا بين جهة دول “الشمال” وجهة دول “الجنوب”, ينتقل الدكتور المهدي المنجرة إلى الفصل الثاني المعنون بـ “القيم والخلق والإبداع” وهنا يولي المؤلف اهتماما بليغا بتعميم التعليم للخروج بشعوب “العالم الثالث” من براثن الجهل كمعطى أساسي بل ومبدأ أول نحو تحقيق المساواة وتبديل علاقات الأفراد فيما بينهم نحو إلغاء التراتبية بكل أنواعها ومشاركة الجميع في تحد أهم بكثير من التحدي الإقتصادي أو التحدي العالمي وهو تحدي البناء الإنساني في أوساط مجتمعاتنا, فيقول: “بعضهم ارتبك عند احتمال تعميم التعليم, ويفترض أنه سيصبح من الصعب العثور على حمال في محطة القطار أو حارس أو كناس أو ما شابه ذلك… إن الخوف قائم بسبب غياب الشجاعة لتصور مجتمع مغاير تطبعه المساواة”.
إن العلم لا يخضع حسب المؤلف بدوره إلى توزيع منسجم ومتساو, ومردودية استعمال المعارف غير معقولة لأنها لا تخدم إلا فئة قليلة من البشر سواء في الدول المتقدمة أو النامية, علاوة على هذا فإنه ما لم يكن للعلم مقصد وجيه وظاهر فإنه يصبح مجرد “رحى” تدور في الفراغ وطاقتها تهدر في الهواء دون إنتاج, ثم يشير على أنه ليس مع أولئك الذين يؤمنون بالعلم من أجل العلم, هنا يجعل مدخلا للفن في مسألة الإيمان هذه مشيرا إلى أن العلم من أجل العلم بدون فن يتعارض مع أسمى أهداف العلم. بعد ذلك يخضع المؤلف العلاقة بين القيم والتجديد والتطوير التقني إلى التساؤل حول ما إذا كانت المبتكرات التقنية تتناقض وسلم القيم من حيث الأهداف فيشير بوضوح جلي إلى نقطة تعارض بين الابتكار والقيم من حيث مهمة كل واحد فيهما, على اعتبار أن الأول يعني التغيير في حين تنحصر مهمة القيم في التركيز والمحافظة على أنماط الحياة وأنواع السلوك, كما هو ملاحظ في طرق التربية الحديثة السائدة في العالم المانعة لكل إبداع والحاجزة لانطلاق الخيال الخلاق. وكما يبدو ذلك بوضوح بالغ في الحيز المكاني الذي استأثرت به التقنية لنفسها باستقلال عن العلم مما يبعدها شيئا فشيئا عن القيم الإنسانية, في هذا الصدد يقول المؤلف “..من ذلك ما يؤكده بعض الأخصائيين في مجالات اللآلية والذكاء الاصطناعي والتقنية الإحيائية, من أن تقنياتهم قادرة على توليد تقنيات أخرى دون المرور بالعلم”, بعد ذلك يمضي المؤلف إلى مفهوم “الزمن” باعتباره “خميرة القيم الإنسانية” فيستحضر في هذا توافقه مع “جون لادريير Jean LADRIERE”
في فكرة: أن الخلل في المنظومات الثقافية ما هو إلا نتاج للاضطراب في مفهوم الزمن لدى المجتمعات. بعد ذلك يردف المؤلف بتوصيف الدول بـ”الفقيرة” تلك التي لا تعيش بدون فن وليست تلك التي لا تملك موارد طبيعية على اعتبار أن الفن من الناحية الجمالية يكمن في مكونات الذهن وكل شخص – حسب المؤلف – يعيش حياة يجهل فيها الجمال أو ينكره فهو شخص حي- ميت.
غير بعيد عن ارتباط العلم بالثقافة والفن وأيضا بالسلطة, يعرب المؤلف أمله في محاربة “جهل الفن” عند المسئولين على اعتبار تواجد الفكر في العلاقة مع أمور الفن ليست بقضية تربوية فحسب بل وتتعداها إلى كونها إشكالية ترتبط بمسلسل تقدم المجتمع وهنا يضرب مثلا للدول المتقدمة في انتقائها لمسئوليها إذ تأخذ بعين الاعتبار العديد من المعايير والشروط الضرورية لولوجهم إلى السلطة من بينها ثقافة المرشح على العكس تماما لما يحدث في الدول “المتخلفة” أو “دول العالم الثالث” إذ يأسف فيها على قيادة “الجهل” أصحابه إلى السلطة ويقصد هنا جهل الفن والجهل الثقافي بالرغم من توفر معايير أخرى للكفاءة, تبقى غير كافية في غياب الحس الفني لارتباطه العميق بمسألة الهوية, وهنا يمكننا استحضار فكرة الدكتور عبد الوهاب المسيري حول مفهوم “الجمال” باعتباره مكون أساسي ضروري في الوجود الإنساني.
ثم الجزء الأخير من الكتاب والمعنون بـ”قيم وذاكرة”, هو جزء خصصه المؤلف بدرجة كبيرة إلى لفت أنظار ذاكرة القارئ إلى تقدير بعض أعلام المغرب الذين أثروا بإنتاجهم في مجالات مختلفة في قيم وثقافة المجتمع المغربي بل وفي التواجد والبناء الإنساني داخله.
وفي الختام, يمكن أن نخلص إلى أن التغيير بالقيم ظل على مر الأزمان وأصبح وسيبقى الطريق الأقصر والأضمن نحو “مشروع مجتمع” إنساني راق يطمح له كل من يعتقد بأحقية هذه الوسيلة فينتمي إليه انتماءً جوهريا حضاريا ثقافيا فكريا فعليا حتى يحققه أو بوادره داخل منظومة ذاته ثم يترجم ذلك عبر سلوكياته في محيطه, أما عن مستقبل الصراعات بين الدول والمجتمعات فيما بينها, وهي من أهم أطروحات الكتاب, فالمؤلف يربطها بمدى احترام منظومة القيم في كل مجتمع على حدة وكيفية التعاطي معها بل وكيف توظف لتفادي الانهيار الثقافي المتسارع بتواصل, خصوصا في دول العالم الثالث على اعتبار أنه إذا فقدت الثقافة والمبادئ القيمية فلا قائمة مع أي تقدم اقتصادي وسبق على أي مستوى. بل إن انهيار منظومة القيم في المجتمعات وإتلاف معنى الثقافة وحس الجمالية في أوساط المجتمع لا يمكنه إلا أن يقود إلى تراجع التنمية على أشكالها باعتبار الثقافة هي منطلق التنمية بل مفتاحها.
صحيح أن قراءة الكتاب وربط أوله بوسطه ثم بآخره قد يكون أمرا ليس من السهولة بمكان, لكنه يبقى كتاب فريد من نوعه وحتى في محتواه, كون من يغوص فيه متصفحا إياه لا يملك إلا أن يمضي مع المؤلف في طرحه بل وقد يفتح في ذهنه آفاقا جديدة للتساؤل والبحث, وهذا من أهم أدوار الكتب الراقية الهادفة التي بمجرد الإنتهاء من تصفحها تشعرك كأنك ودعت رفيقا.

بالتوفيق 2014-03-11 21:10

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
أتمنى من الأعضاء الكرام تخصيص كلمات في حق معلمة مغربية فريدة من نوعها

الأستاذ المهدي المنجرة

تعريفا و شهادةً و دعوةً لفك الحصار و دعاءً بالشفاء

بالتوفيق 2014-03-12 18:36

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 


الدكتور سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي السابق، ثمَّن عبر حسابه الشخصي "تويتر" هذه المبادرة مبديا شكره لكل من أطلقوا هذه المبادرة لأن الرجل حسب العثماني أسدى خدمات جليلة لبلده وكان صوتا متميزا في الدعوة للإصلاح ومواجهة التبعية والاستبداد، في حين اعتبرالقائمون على الحملة أن المنجرة يعتبر من بين الشخصيات العلمية المرموقة التي أصابها الحيف والظلم، والذي يعاني من آلام المرض هذه الأيام، حيث يجب تذكره في عز المرض والوجع.

a.khouya 2014-03-12 19:40

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 

أعطى الكثير وبجفائنا له احتضنه الآخر ونسيناه.لنكرمه اذا ولو بدعواتنا.

اللهم ألبسه ثوب الصحة والعافية عاجلا غير آجلا يا أرحم الراحمين.

بالتوفيق 2014-03-12 19:44

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة a.khouya (المشاركة 725621)

أعطى الكثير وبجفائنا له احتضنه الآخر ونسيناه.لنكرمه اذا ولو بدعواتنا.

اللهم ألبسه ثوب الصحة والعافية عاجلا غير آجلا يا أرحم الراحمين.


شكرا جزيلا لكم على هذا التفاعل مع النداء

أكرمكم الله

أحسنتم و أحسن الله إليكم

بالتوفيق 2014-03-13 05:01

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
من أقوال المهدي المنجرة:

عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان؛ بنوا سور الصين العظيم ..
واعتقدوا بأنه لايوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه..
ولكن.. خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ..
وفي كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه ..
بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب..
لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس ..
فبناء الإنسان .. يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم ..
يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمه ..
فهناك وسائل ثلاث هي: اهدم الأسرة .. اهدم التعليم...اسقط القدوات والمرجعيات..
لكي تهدم اﻷسرة..
عليك بتغييب دور اﻷم.. اجعلها تخجل من وصفها بربة بيت..
ولكي تهدم التعليم..
عليك بالمعلم.. لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه..
ولكي تسقط القدوات..
عليك بالعلماء.. اطعن فيهم قلل من شأنهم..شكك فيهم حتى لايسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد..
فإذا اختفت اﻷم الواعية واختفى المعلم المخلص وسقطت القدوة والمرجعية فمن يربي النشئ على القيم..؟!!

abo fatima 2014-03-13 05:19

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
لنصرة الدكتور المهدي المنجرة و الدعوة الى فك الحظر و المنع و ازالة التهميش الذي يطاله.و محاولة الى رد الاعتبار الى هذا المفكر و القامة العلمية. الحملة بمثابة صرخة من اجل تكريم المثقفين و الكتاب و أعلام الثقافة و العلم الذين وهبوا الغالي و النفيس في سبيل نفع و تقدم البشرية و الوطن ,انها دعوة لازالة الحيف عن اناس ماتوا بصمت في ظل التعتيم عليهم , ماتوا دون ادنى اعتراف بالجميل و العلم الذي استفادت به بلدان و اعترفت بمقدراتهم و كفائاتهم غير ما يحز في انفسهم ان بلدانهم ادارت ظهرها عنهم. المهدي المنجرة من بين شخصيات علمية مرموقة اصابها الحيف و الظلم لذلك انضوت تحت الصمت و النسيان غير اننا كشباب مثقف لم و لن ننساها ,و في عز مرض و وجع الدكتور المنجرة نتذكره و ندعو له بالشفاء .

abo fatima 2014-03-13 05:22

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
ما أشد الظلم الذي تعرض له المهدي المنجرة...



https://www.lakome.com/images/storie...dialmanjra.jpgالمهدي المنجرة

البروفيسور المهدي المنجرة قصة كفاح، إنه من الوجوه المضيئة والأسماء الكبيرة التي صنعت تاريخ المغرب المفترى عليه، إنه من أبناء المغرب البررة الذين عشقوا البلاد و العباد، إنه من العلماء القلائل الذين حملوا في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم رسالة تجاوزت حدود البلاد و امتدت للدفاع عن مستضعفي العالم الثالث في كل مكان، إنه من العلماء الذين قدموا للمغرب و العالم الثالث و للإنسانية ككل خدمات جليلة وأسهموا في التعريف و التبيه بالخروقات التي تعتري حاضرها وتهدد مستقبلها ، إنه من القلائل الذين كافحوا ضد الاستبداد و الاستغلال المحلي و الأجنبي وتيه كثيرا بانتفاضات تفجرها الشعوب لقد رسم صورة مابحدث الآن في العالم العربي منذ عقود فهو القائل بصراع الحضارات و بالحرب الحضارية هو صاحب مصطلح "الذلقراطية " .
إنه العالم الذي رفع رأس المغرب في المحافل الدولية انه المناضل الكوني و المثقف العضوي الذي لم ينفصل عن قضايا وطنه و أمته، لقد ساهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس خلال أربعين سنة أكبر معهد للأبحاث المستقبلية والإستراتيجية في العالم، ويعتبر أكبر خبير مستقبليات على مستوى العالم.
إنه مناضل سياسي استطاع أن يقول لملك المغرب الراحل الحسن الثاني "لا" رغم أنه كان زميله في الدراسة، و عندما رحل الملك إلى مثواه الأخير امتنع عن نقده بل رفض الحديث عنه عملا بالحكمة الخالدة "اذكروا أمواتكم بخير "، هذا الهرم الفكري عرضت عليه في عهد الحسن الثاني وزارة المالية والوزارة الأولى لكن رفضهما، وتعرض لهذه الأسباب للمنع من إلقاء المحاضرات في المغرب، وكان يرجع إلى بيته في هدوء مع أن له طلبة ومحبين من الممكن أن يحموه و يمكنوه من إلقاء محاضراته لكنه كان أنيقا في كل شيء ....
تولى عمادة الجامعات اليابانية في تسعينات القرن الماضي، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية، في الوقت الذي لازلنا لم نستطع في بلادنا إيجاد خارطة طريق لإقامة نموذج تعليمي سليم، الغرب استفاد من خبرة أحد علماءنا بينما ساستنا حاربوه و الآن يبكون على انهيار المنظومة التعليمية لا يعلمون أن تدمير العلماء و الرفع من شأن السفهاء هو مصيبة المصائب في مجتمعنا ، حيث أصبح النجاح في أدهان شبابنا مرادفا للعري و الرقص و الانحلال ...فكم من جاهل أصبح مشهورا و كم من سفيه توج بوسام من قبل ملك البلاد..فكيف يمكن لوطن أن يكون جاحدا لمثل هؤلاء الرجال العظماء ؟
العالم الجليل المهدي المنجرة لم يتم تجاهله فقط، بل تمت محاربته والتضييق عليه وعرقلة تواصله مع مواطنيه وطلبته والمعجبين به، حتى أن أخباره ومرضه ومعاناته يتم التعتيم عليها.المهدي المنجرة - شافاه الله- لم يحمل سلاحا في وجه الفاسدين والانتهازيين، هذا الرجل لم يجمع ثروات و لم يبني قصور و كان بإمكانه فعل ذلك لكنه دافع عن بلده المغرب و ناضل من أجل قضايا أمته العربية في المحافل الدولية كتبه نشرت بأغلب لغات العالم المهدي المنجرة هو السفير فوق العادة الذي جعل المغرب يعرف في اليابان و كوريا و الصين و كل بقاع العالم ...تهميش هذا الرجل هو قتل لنضال كل مثقف نزيه و لكل عالم يقدس رسالة العلم...
اليوم، المهدي المنجرة يمر بظروف صحية صعبة وهو معزول في بيته، يموت ببطء جسديا و معنويا، الموت و المرض أمر رباني ليس بيدنا حيلة في رده و ليس لنا سوى التضرع إلى الله العلي القدير أن يشفي هذا الرمز و يخفف ألامه، و الله جلا و علا لن يضيع أجر مجاهد جاهد في سبيل الله و في سبيل نصرة الحق ، لكن بيدنا أيضا أن نكرمه بنشر علمه و خير تكريم للعلماء وورثة الأنبياء أن تنشر رسالتهم فذلك هو التكريم الذي ليس مثله تكريم..
نرجو من كل الشرفاء في ربوع الوطن العربي أن يتضامنوا مع هذا العالم الجليل الإنسان ذو القلب الكبير، الرجل المؤمن ذو القلب الطيب الذي يدمع و يتأسف لحال كل فقير و مظلوم ومهمش، رجل اسمه سيظل و ساما على كتف كل من عرفه أو سمعه أو قرأ له ...
هذا الرجل أول من توقع بانفجار الثورات الشعبية في بلدان العالم العربي نتيجة للذل و الفقر و التهميش و انعدام الكرامة، كم كنت أود أن يحصل هذا العالم على جائزة نوبل للسلام فهو يستحقها، لكن من المؤكد أنه حصل على الكثير من الجوائز و الأوسمة خارج بلاده، لكن يظل أفضل و أشرف الأوسمة التي وشحت قلبه و صدره و يفتخر بها في تواضع المؤمن الخاشع هو حب الناس له و لعلمه..
إن المنجرة لا يقل في رمزيته و نضاله عن رمزية ساحة رابعة العدوية في مصر بعد انقلاب العسكر عن إرادة الشعب...
إن المنجرة لا يقل في رمزيته عن دم شهداء الحرية في كل ربوع الوطن العربي الذين ضحوا بأرواحهم من أجل التحرر والكرامة التي طالما رفع المهدي شعارهما...
المهدي المنجرة ليس أقل من نيلسون مانديلا الذي جعلته إفريقيا رمزا لنضالها.. المهدي المنجزة جزء من التراث الإنساني المشترك بفكره و علمه..
سلوك بسيط من كل مواطن مغربي و عربي يمكن أن يكون أفضل وسام لهذا الرجل يكفي نشر صورته على كل صفحات الفايسبوك و في باقي وسائل التواصل الاجتماعي فهذا أقل مايمكن أن نجازي به هذا العالم الذي من الصعب إيجاد بديل له... إن مثل هذا الدعم المعنوي الذي لن يكلفنا أي تضحية سيكون أفضل هدية وفاء و محبة لرجل دعم قضايانا بصحته و جهده وراحته ..فعلى الرغم من مرضه لازال القائمون على خدمته يطلعونه على كل المستجدات فما أجمل أن يرى تضامنا شعبيا و عفويا صادرا من قلوب لاتراه لكن عشقته لعلمه وتضحيته ...إنه طالما تمنى أن يكون المغرب و العالم العربي مثل اليابان وكوريا بلدان متقدمة دون انسلاخ عن قيمها الدينية و التاريخية والحضارية ...
ما أعظمك أيها الرجل.. و ما أحقركم أيها الساسة والطغاة و ما أشد سخافاتكم يا بعض الصحفيين... يكفي العلماء فخرا أن لهم أكثر من حياة يكفيهم فخرا أن لهم سلطان على القلوب و هذا الأمر لا يستطيع أن يصل إليه إلا العظماء
انه عالم جليل في حاجة إلى أن يشعر بتضامننا معه في و حدته و شدته ، وفي ذلك رسالة ضمنية لكل العلماء الشرفاء الذين لا زالو بصحة وعافية، رسالة مفادها " لن تندموا إذا اخترتم التموقع و الدفاع عن هذه الشعوب المستضعفة، فهي سوف تجازيكم ليس بالمال الزائل أو بأوسمة العار، و إنما ستجازيكم بأن تجعلكم عشاقا لقلوبها ومصابيحا تنير عقولها وقادة لرحلة كفاحها في وجه الاستبداد والطغيان "...
لا تبخلوا و لا تعجزوا عن إيصال اسم هذا العالم الذي ظلم كثيرا في بلده المغرب...انشروا صورته وعلمه على صفحاتكم فأمجاد الأمم تبنى بالعلم و الالتزام لا بالرقص و الانحلال...انشروا صورته وعلمه في كل مكان حتى تكونوا أداة من أدوات الحق و العدل حتى لا تكونوا شياطينا بصمتكم عن الحق، فالظلم طعمه مر وما أشد الظلم الذي تعرض له المهدي المنجرة ..
للأسف الساسة العرب يكرمون الراقصات و الغواني وعارضات الفتن، لكن حمدا لله لازالت الشعوب العربية والإسلامية لا تكرم إلا العلماء و العظماء...لأنها تدرك أن العلماء ورثة الأنبياء و الأنبياء لا يتركون درهما و لا دينارا و إنما علما نافعا...وبذلك فالأمل في غد أفضل لا زال قائما رغم سيادة الظلم و الجور في أوطاننا .. و لك أيها القارئ الكريم واسع النظر ...

بالتوفيق 2014-03-13 05:24

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abo fatima (المشاركة 725692)
لنصرة الدكتور المهدي المنجرة و الدعوة الى فك الحظر و المنع و ازالة التهميش الذي يطاله.و محاولة الى رد الاعتبار الى هذا المفكر و القامة العلمية. الحملة بمثابة صرخة من اجل تكريم المثقفين و الكتاب و أعلام الثقافة و العلم الذين وهبوا الغالي و النفيس في سبيل نفع و تقدم البشرية و الوطن ,انها دعوة لازالة الحيف عن اناس ماتوا بصمت في ظل التعتيم عليهم , ماتوا دون ادنى اعتراف بالجميل و العلم الذي استفادت به بلدان و اعترفت بمقدراتهم و كفائاتهم غير ما يحز في انفسهم ان بلدانهم ادارت ظهرها عنهم. المهدي المنجرة من بين شخصيات علمية مرموقة اصابها الحيف و الظلم لذلك انضوت تحت الصمت و النسيان غير اننا كشباب مثقف لم و لن ننساها ,و في عز مرض و وجع الدكتور المنجرة نتذكره و ندعو له بالشفاء .


شكرا جزيلا لكم على المرور الكريم و المشاركة القيّمة

جزاكم الله خيرا

abo fatima 2014-03-13 05:25

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
المهدي المنجرة في سيرة مفكر استثنائي: خيبات المفكر… وجراحات ‘الاستشراف’ أمام أزمة الثقافة العربية المعاصرة

عمار عوني




http://www.alquds.co.uk/wp-content/u...1/11qpt899.jpg

يرقد المهدي المنجرة منذ أشهر طويلة في مستشفى عريق بالرباط وهو يعاني ربما من مرض قاس وقد بلغ من الكبر عتيا. وربما الأنكى من ثقل المرض أنه يعاني من جراحات مسار فكري طويل تميز بالالتصاق بقضـــايا الحريات وحقوق الإنسان ومواجهة بغي السلطة الحاكمة ليس في بلده المغرب فحسب وإنما عبر العالم… كيف لا وهو المفكر الذي ابتكر مفاهيم فكرية جديدة مثل ‘الاستعمار الجديد’ و’ الميغــا-امبريالية’ وسخر كتاباته لفضح جشع النيولبرالية-الامبريالية الجديدة المتوحشة والدفاع عن حق دول العالم الثالث في التنمية المستقلة وكتب عن نظام دولي منشود يقوم على العدالة والإنصاف والكرامة لـــكل الشعــوب والمجتمعات. هذا المفكر وعالم المستقبليات الاستثنائي-وهو يصارع المرض الفاجع حاليا- ربما قد يجد سلوى في رؤية تنبؤاته تتحقق في الواقع العربي.إذا كان بشر بسيناريو ‘التغيير الجذري’ للأنظمة الحاكمة في العالم العربي واعتبر أن’ الانتفاضات الشعبية’ هي الحل الأخير لبناء مجتمعات عربية معاصرة تتوفر فيها المشاركة الشعبية وحقوق الإنسان منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي…

*خيبات المفكر العربي:
إن ما دفعني إلى كتابة هذه الورقة المستعجلة بعض كلمات حدثتني بها إحدى المدرسات الجامعيات التونسيات- وكان لقاؤنا صدفة في قسم اللغة والآداب العربية بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس- عن زيارتها الأخيرة إلى المغرب للمشاركة في ندوة علمية حيث سألتها عن المنجرة فصمتت قليلا وقالـــت بنبرة يغلبها الأســـى والحسرة:’أجل ! ..تمكنت من زيارته في المستشفى بعد عناء شديد وصعوبات شتي ووساطات…هناك حراسة مشددة على المستشـــــــفى والغرفة التي يرقد فيها. حتى الكثير من أصدقائه وطلبته لم يتمكنوا من زيارته…الموت قدر من الله ! لكنني رأيته في حالة غيبوبة شديدة… !! ‘.لقد دفعتني هذه الكلمات المقتضبة المتقطعة التي يلفها رداء الأسى والحزن التي قالتها هذه الأستاذة الجامعية إلى استدعاء هذه الأسطر المتفلتة من ذاكرة مكتظة بآلام الماضي وجراحات الحاضر المثخنة.
يمكن القول أن المنجرة ليس باحثا ومفكرا عربيا وإسلاميا فحسب وإنما هو مفكر ارتقى إلى العالمـــية وأصبح مفكرا كونيا إنسانيا بعد اعتراف أشهر المفكرين الأمريكيين المعاصرين صامويل هنتغتون بأن المهدي المنجرة قد سبقه إلى اكتشاف مفهوم ‘الحرب الحضارية’ وهو مصطلح من المصطلحات الفكرية التي غدت حاضرة بكثافة في كتـابات وبحوث علماء الاجتماع والسياسة والعلاقات الدولية منذ تسعينات القرن الماضي:’على خلاف موقف صامويل هانتنغتون التي اعترف ضمن مؤلفه’ صدام الحضارات’ بمرجعيــتي وأسبقيتي في طرح مفهوم الحرب الحضارية الأولى، فان موقفي هو موقف وقائي، أي أننا إذا أردنا تفادي الصدام فلا بد من خلق حوار حضاري بين شمال العــالم وجنوبه. أما عبارة”الحرب الصليبية’ التي تبناها بوش الابن في خطابه وإن بصورة عابرة فهي تبين ما ذهب إليه من قبله ابن خلدون حين قال بان القوي يفرض على الضعيف المنهزم قيمه وعباراته ولغته. وهذا الأمر ينطبق على دول الجنوب وينطبق أيضا على نظام الأمم المتحدة الذي اثبت صراحة سيره هو الآخر صوب نهايته…’ (1)
و يمكننا القول أيضا في هذا السياق أن هذا المفكرو باحث المستقبليات الذي سخر مسيرته العلمـــــية والفكرية الطويلة لتحليل المشكلات السياسية والاقتصادية والثقافية لدول العالم الثالث وبلورة بديل تنموي مستقبلي أصيل يجمع بين المحافظة على القيم الثقافية والتحرر من التبعية للقوى الامبريالية المتوحشة وبين التفتح على منجزات الحضارة المعاصرة من تكنولوجيــــــات وعلوم التربية ومعرفة قد عاش طيلة رحلة الحياة الزاخرة بالعطاء والإبداع الفكري نموذجا للمفكر العربي الاستثنائي، المفكر الذي يجمع بين موضوعية البحــث والنظر ونزاهة التحلــــــــــــيل والاستنتاج واقتراح الحلول والبدائل الفكرية والاجتماعية،و المفكر الذي ضحى بـ’الوزارات’ والمناصب السياسية في المغرب وحتى على المستوى الدولي (استقال من الوظيفة السامية لليونسكو: Unesco ) من أجل أن لا يخون أفكاره ولا يقع في التناقض مــــــع القناعات والمبادئ التي يؤمن بها (الحرية،الكرامة،العدالة الاجتماعية والاقتصادية…).

(1)المهدي المنجرة: الإهانة في عهد الميغا- امبريالية/ المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء، 2007،ط 5، ص:42.
وهكذا كان تركيز كتاباته ودراساته على دور القيم الثقافية في حياة المجتمعات والشـــــــــعوب ومحوريتها في أي مسعى مستقبلي لبناء حوار عادل وإنساني بين الحضارات: ‘الغرب متغطرس ثقافيا لأن فضاءه الزمني التاريخي محدود. حين تذهب إلى العراق أو الصين أو إلى أمريكا الجنوبية ثمة ثقافة متجذرة ومتطورة. في الولايات المتحدة تجد بالمقابل الأكلات السريعة (الفاست فود). إن التقدم العلمي لا يعني آليا امتلاك ثقافة التواصل مع الآخر. أنا أعتقد أن العالم يعيش حالة انفجار،وهنا أعود لتعبير ‘الانتفاضة’. فالانتفاضة انفجار يحدث حين يبلغ السيل الزبى. ثمة ظلم هائل في العالم، ومن اللازم إيجاد الحلول كي يكون كل الناس رابحين وكي لا يكون هناك خاسر…’ (2)
لقد قدم المنجرة نموذجا متميزا وفريدا للمفكر والمثقف العربي المؤمن بآفاق التغيير السياســـي والاجتماعي والفكري في العالم العربي والإسلامي المعاصر، وأصبحت أفكاره منذ ثمانينات القرن الماضي مصدر اهتمام وقراءة ومتابعة على صعيد العالم العربي وحده وإنما على الصعيد العالمي. وكان التزامه الحقيقي والصادق بالدعوة إلى ‘التغيير الجذري’ في عالمنا العربي والإسلامي مصدر أتعاب كبيرة إذ تمت مضايقته ومحاصرة أفكاره وكتاباته في بلده المغرب ومنع من إلقاء المداخلات والمحاضرات لأكثر من أربعين سنة، ومنع أيضا من دخول أغلب البلدان العربية مرات عديدة لخوف الأنظمة السياسية من أفكاره والمواقف التي يبشر بها أينما سافر وحيثما تكلم أو كتب أو ألقى مداخلته في أي مكان.
ذلك أن ممارسة التفكير العميق والحقيقي الذي ينشد بناء الإنسان الواعي وإعادة القيم الإنسانية الميتة إلى صفائها وجذوتها نشاط خطير على الأنظمة السياسية والبنيات الجامدة والمنغلقة على ذاتها وتصوراتها المنخرمة. فالتفكير الذي يشرح أوجاع الحاضر وينشد المستقبل العادل يعبر عن مشروع للنسف والتغيير المبدع حيث يسمح: ‘لنا باعتبار النسق البيئي الاجتماعي بوضع مسافة بيننا وبين أنفسنا وبأن ننظر إلى أنفسنا من الخارج وبأن نموضع أنفسنا، أي الاعتراف بذاتيتنا’ (3)
*سيرة زاخرة بالأحداث:
تذكرني بعض الصفحات القليلة من السيرة الذاتية للمهدي المنجرة والتي أمكنني العثور عليها متفرقة في بعض مؤلفاته بنموذج المفكر/ المثقف الحامل لمشروع فكري أو ثقافي. وقليل من

(2) م.ن.ص:30
(3) ادغار موران: الفكر والمستقبل/ترجمة أحمد القصوار ومنير الحجوجي،دار توبقال للنشر، الدار البيضاء 2004،ط1،ص:47
المفكرين أو الفلاسفة حملوا مشاريع فكرية مستقبلية في تاريخ ثقافتنا العربية الإسلامية ومنهم
ابن رشد وابن خلدون وأبو إسحاق الشاطبي فكانت حياتهم محنا على محن وكان ثمن حلمهم بإعادة بناء منظومة التفكير وتغيير الواقع نشدانا للأفضل وتوقا إلى التجديد باهضا. فالمفكر حامل المشروع الفكري يكون مثقفا إذا اتجه بأفكاره واطروحاته إلى الناس والتحم بهموم المجتمع وعاش آلامه وآماله. لم يخصص هذا المفكر والباحث المختص في الدراسات المستقبلية مؤلفا لكتابة سيرته الذاتية ولكنه اكتفى بسرد نتف من الأحداث والوقائع التي عاشـــها وظلت حاضرة في ذاكرته وضمنها في فصول قصيرة ومقتضبة من بعض كتبه. ولعل من بين الوقائع التي احتفظت بها ذاكرته منذ أيام الطفولة تلك الحادثة التي كان شاهدا عليها والتي جعلته ينتبه إلى مظاهر الذل الاجتماعي ودوس معاني الكرامة الإنسانية مبكرا، فماسح الأحذية الفقير الذي تعرض إلى الإهانة من طرف أحد الزبائن في مقهى من مقاهي الدار البيضاء ليست مجرد حادثة بسيطة إنما هي حادثة عميقة تكشف عن تجليات الشعور بالذل والمهانة في نفسية المواطن المغربي والعربي عموما. وتعبر عن تراتبية ممارسة الإذلال وإلغاء الكرامة البشرية فيما بين المواطنين أنفسهم وفيما بينهم وبين السلطة الحاكمة، ثم ترتقي هذه الممارسة البشعة اللاإنسانية إلى القوى الامبريالية التي تمارسها على دول وشعوب العالم الثالث: ‘منذ أكثر من خمسين سنة وكنت وقتها في إحدى ثانويات الدار البيضاء، أعطانا أستاذ اللغة الفرنسية موضوعا للإنشاء يقول ‘أحكوا كيف أحسستم لأول مرة بالسخط أمام مشهد للظلم’..ولا زلت أحتفظ إلى اليوم بورقة درس الإنشاء هذا التي تتطرق لحدث معيش: كان أحد ماسحي الأحذية يعرض خدماته على أحد الزبائن على سطحية إحدى المقاهي، غير أن الزبون رفضها لمرتين قبل أن يقوم بركله . تقدم الماسح إلى الشرطي كان شاهدا على الحدث شاكيا له ما تعرض له .طلب منه الشرطي الذهاب إلى حال سبيله لأنه هو المخطئ باعتبار أنه كان يتحرش بالزبون . إنها قصة طبعت حياتي ولا زالت ماثلة أمامي حتى اليوم من خلال الظلم الذي يتعرض له ملايين البشر في العالم … وقد توسع هذا الشطط بعد بعد تفكك الإتحاد السوفياتي وبروز عصر الميغا-إمبريالية أي الإمبراطورية العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفها ذات الهندسة المتنوعة …’(4)
ومن بين الوقائع النادرة التي يستحضرهنا المهدي المنجرة في سياقات متنوعة من كتاباته علاقاته بالملك الراحل الحسين الثاني والتي لم يكشف عن الكثير من أسرارها وملابساتها :’علاقتي بالراحل الحسين الثاني ترجع إلى فترة الطفولة، تعرفت عليه وعمري ست سنوات، وكانت

(4) الإهانة في العهد الميغا إمبريالية ص:7-8.
علاقتنا مبنية على الاحترام في إطار قول الحقيقة حتى أن أعضاء في أكاديمية المملكة كانوا يعتبرون جرأتي في الحديث عن أوضاع المغرب وعن الحياة السياسية راجعة إلى نوع خاص من الحماية أستمدها من معرفة قديمة بالملك، وهذا ليس صحيحا أبدا، ليس في الموضوع سر .كان الملك يعرف أرائي وطبعي وموقفي وعدم أستعدادي للتفاوض أو التنازل عن حريتي وكان يحترم ذلك’(5)
إن العلاقة التي طبعت علاقة هذا المفكر المستقل بالسلطة السياسية في بلاده ولئن كانت تقوم على الحذر والحيطة حينا والتنافر والصدام أحيانا أخرى نظرا لتثبثه بأفكاره وعدم تقديمه للتنازلات المطلوبة فإنها تنكشف عن لحظات قليلة يسود فيها الحوار خاصة مع الملك الحسن الثاني ومنها ما يتعلق باللقاء الذي تعرض إلى تأسيس رابطة لحقوق الإنسان بالمغرب بعد فترة طويلة من تصلب الحكومة في القبول بمعالجة ملف الحريات وحقوق الإنسان ‘ في سنة 1989 جاء ممثلون عن ثلاثة أحزاب (الإتحاد الإشتراكي، التقدم الإشتراكية، منظمة العمل الشعبي) إلى مكتبي وطلبوا مساعدتي لتجميع عدد من الأشخاص من مختلف الإتجاهات لتأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بإعتباري شخصا مستقــــــلا ولدي علاقات طيبة مع الجميع . تقدمنا بطلب ترخيص للمنظمة . كان معنا إدريس البصري وأحمد عصمان وعبدة ربه بأنني سألتقي مع الملك في قصر إفران وإمتد الحديث بيننا في عدة موضوعات إلى أن توجه الملك بالسؤال عن مبررات تأسيس منظمة لحقوق الإنسان فأجبته بالقول: ‘إن أي تفحص سريع للائحة أعضاء المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا يكشف عن عدد كبير من المغاربة العاملين بهذا المركز وهو مايسمى ظاهرة هجرة الأدمغة . لقد قمنا ياجلالة الملك بدراسات وأنا شخصيا تابعت تجربة خوان كارلوس في إسبانيا حيث إستدعى جميع العقول المهاجرة للدخول إلى إسبانيا. إن جميع الدراسات حول هجرة الأدمغة ترجع الأمر لسببين رئيسيين: الأمر الأول هو غياب إمكانيات ووسائل البحث العلمي في الدول التي يهاجر أهلها إلى الخارج و السبب الثاني هو الحرية .فالباحثون أول شئ يطلبونه هو الحرية .و أضفت:أنت تعرف بإجلالة الملك أن أهل فاس كلهم خرجوا إلى الشارع زمن الاستعمار يوم دخل عسكري فرنسي إلى جامع القرويين خرجوا دفاعا عن حرمة الجامعة … لهذا أنا أدافع اليوم عن حقوق الإنسان .فأجاب الملك ونحن في القصر وبحضور كل الحكومة وقال بالفرنسية :
Manjra ma donn’ une mauvaise conscience : المنجرة أعطاني الاحـاس بتأنيب الضمير وسأضع كل أمكانياتي في البحث العلمي في الميزانية المقبلة …’(6)
(5)م.ن ص :255
(6)م،ن، ص:254
لقد إستحضر المنجرة في هذا السياق بعض اللحظات القاسية التي عاشها في بلده المغرب لا سيما ما يتعلق منها بمحاصرته ومنعه من إيصال أفكاره إلى الطبقة المتعلمة وعموم الناس في المجتمع المغربي، علاوة على منعه من إلقاء المحاضرات في الملتقيات والمنتديات: ‘احتجاجي سنة 1999 عن منع محاضرتي في فاس وسفري إلى اليابان كان بسبب اقتناعي بان وظيفة الأستاذ مزدوجة: وظيفة معرفية وعلمية ووظيفة أخلاقية من خلال المواقف والدفاع عن القضايا العادلة.عشت في الولايات المتحدة الأمريكية على عهد ماكرثي وقوانينه المتعصبة، وشهدت كيف كان أساتذة الجامعة يدفعون طلبتهم للاحتجاج في الشارع ومناهضة قوانين ماكرثي. فكان تقييم أداء الأستاذ نابعا من درجة انسجامه بين ما يدعو له من أفكار وما يتبناه من مواقف علمية وشخصية (7). ويتحدث المنجرة عن واقعة أخرى من وقائع المنع السياسي التي تعرض لها في بلده اذ وقع منعه مرات عديدة من إلقاء المحاضرات ومنها ما جد في سنة 2003 حيث لم يسمح له بتقديم مداخلات حول إشكالية الإستعمار الجديد (neo-colinlisme )في مكناس وعين لوح وإبن سليمان والدار البيضاء :’في كل هذه الأنشطة كنت ألبي دعوة جمعيات ثقاقية أو دعوات طلابية أو منتديات علمية لباحثين في الكليات وفي دور الشباب .لا أقبل أية دعوة لنشاط حكومي أو رسمي … أنا اتحدث حول موضوع علمي . ولست بصدد الدعاية لبرنامج إنتخابي أو سياسي، ولا أتوفر على شركة أو وضعية أو بنك ربما قد تتضرر من إتفاق المتبادل الحر.موضوعي كان حول أفاق الإستعمار الجديد، وإهتمامي بالموضوع يرجع إلى أربعة عقود ودخلت بسببه السجن بسبب نضالي ضد الإستعمار القديم وعمري 15 سنة. وأنا اليوم أمنع لأنني أتحدث علنا عن الإستعمار الجديد. وأنا مستعد غدا للموت من أجل محاربة هذا الإستعمار في الداخل والخارج’(8)
مذكرات وشهادات سياسية:
والقارئ للورقات المقتضبة التي تؤرخ لبعض الأحداث التي عاشها هذا المفكر الاستثنائي في حياته الزاخرة بالبحث العلمي والكتابات الفكرية والنضال السياسي والثفافي المستمر يقف عند بعض الوقائع التي يستحضرها بوفاء وحميمية لبعض الأشخاص الذين عرفهم عن قرب وتأثر بمواقفهم ونزاهتـــــهم وتضحياتهم من أجل مبادئ وقيم الحرية والعدالة والكرامة . من ذلك استحضاره للحظة تعرفه على الدكتور المهدي بن عبود في نوفمبر 1951 في ميناء نيويورك عندما سافر إلى الولايات المتحدة

(7)م.ن.ص :252
(8) م.ن.ص 248

الأمريكية لشغل مهمة مدير مكتب *تحريرالمغرب* لدى الحكومة الأمريكية وهيئة الأمم المتحدة (9) وكذلك تعرفه على المناضل المغربي محمد السعداني في بريطانيا سنة 1954 حينما إلتحق بالجامعة للدراسات العليا في لندن: ‘عرفت سي محمد في أنجلترا عام 1954 في مدرسة لندن للاقتصاد التي سجل فيها بعيد تسجيلي لمتابعة دراسته برسم السلك الثالث. فلما فرغ من هذه المدرسة قصد أكسفورد Oxford
فحصل منها على شهادة الدكتوراه،وقد جمع بيننا النضال في سبيل تحرير الشعوب المستعمرة.إذ كنا يومئذ المغربين الوحيدين اللذين يدرسان في جامعة أنجليزية،و كان سي محمد يسكن في ‘شيبيــردس دس بوش وقد كان يرأس عندئذ حركة تحرير المستعمرات التي أفلحنا نحن الاثنين في أن ننشئ داخلها لجنة خاصة بشمال إفريقيا، ورأيت سي محمد يعمل كذلك داخل اتحاد الطلاب العرب في المملكة المتحدة وقد كان عضوا نشيطا فيه. فكانت تخونه عاطفته كلما دار الحديث عن التجاوزات التي تقترفها السلط الاستعمارية’ (10). كما تستحضر ذاكرة المهدي المنجرة في هذا المجال الظروف التي تعرف فيها على الزعيم المغربي المهدي بن بركة الذي اختطفته القوى الاستعمارية وتم اغتياله في ظروف غامضة لم تتوضح حقيقتها إلى حد الآن، وكانت لقاءاته معه مصدرا لاستلهام القيم الإنسانية التي كان ينادي بها وهي استقلال دول العالم الثالث عن الاستعمار الأوروبي-الغربي وتحرير الشعوب المستضعفة من التبعـية وبناء تكتل اقتصادي وسياسي فاعل لدول الجنوب: ‘عرفت المهدي بن بركة من خلال فترة نفيه التي بدأت قي يناير 1960 لأنني كنت أتواجد بباريس كموظف دولي وغالبا ما كنت أراه خلال زياراته لفرنسا وكان آخرها في أكتوبر 1965 ربما قبل اختفائه بقليل. وكنت كذلك أزوره في شامبيزي (chambesy) عندما أكون في جنيف بمناسبة مؤتمرات دولية…لقد فهم المهدي بن بركة مبكرا أن استقلال دول العالم الثالث لم يكن سوى محطة هشة في طريق طويل جدا.لقد كان أيضا واعيا بأن التحرر يتطلب تعاونا وثيقا بين دول الجنوب، وكذا جمع كتلة انتقادية قادرة على وقف امبريالية وحشية لم تغادر المكان إلا ظاهريا حتى تتجذر فيه أكثر’ (11)
(9) م،ن. ص-ص :265-267
(10) المهدي المنجرة: قيمة القيم/ المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء يوليو 2008،ص:260
(11) م،ن: ص-ص:267-268.

كاتب وباحث تونسي

abo fatima 2014-03-13 05:28

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
ألف المهدي المنجرة أكثر من 500 مقالة فالعلوم الاقتصادية، السوسيولوجية والإنسانية.ومن أهم كتبه :
  • نظام الأمم المتحدة : تحليل. 1973
  • من المهد إلى اللحد. ط 1, القاهرة، 1981, ط 3 النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2003.
  • الحرب الحضارية الأولى. منشورات العيون، الرباط، 1991, ط. 7, النجاح الجديدة.
  • القدس العربي، رمز وذاكرة، ط 1. مطبعة وليلي، مراكش، 1996, ط 3 النجاح الجديدة، الرباط 2002.
  • حوار التواصل، منشورات شراع، طنجة؛ 1996, ط 10، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء. 2004.
  • مسار الكفر، حوارات مع حسن نجمي ومحمد بهجاجي، منشورات وليلي، مراكش،1997. ط 4, مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء. 2003.
  • عولمة العولمة.منشورات الزمان 1999.
  • انتفاضات في زمن الذلقراطية.منشورات البوكيلي، القنيطرة 2002
  • الإهانة في عهد الميغاإمبريالية.2004. ط 2, 2005 مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء.
  • قيمة القيم.، ط 1, 2007, ط 2 2007, مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء.

الشريف السلاوي 2014-03-13 07:37

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
نتمنى للدكتور المهدي المنجرة الشفاء العاجل وفك الحظر عنه و ردّ الاعتبار إليه
منارة علم لم تنل حظّها من الاهتمام


روبن هود 2014-03-13 10:02

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
العالم تشرف بوجود عالم المستقبليات والمغرب أبى التشريف. فتبا لوطن لا يرضى التشريف. أقولها هكذا لأنني غاضب. ألا يستحق الدكتور نصف الحفاوة التي تلقاها المغنية والراقصة؟
في عز الحرب على العراق في بداية التسعينات قرأت كتابه "الحرب الحضارية الأولى" فساعدني على الفهم.
المنجرة حمل هم الثقافة والسياسة والتربية واللغة والمستقبل، أي هم وطن بأكمله.
أما إذا أصر أبناء هذا البلد على تجاهله، فقد أتى الله بآخرين يقدرونه.
أسأل الله تعالى أن يشفيه ويعافيه.

abouimane 2014-03-13 11:55

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 

لا إله الا الله الحليم الكريم .. لا اله الا الله العلي العظيم ..
لا إله الا الله رب السماوات السبع و رب العرش العظيم .. لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك .. و له الحمد و هو على كل شيء قدير .. الحمد لله الذي لا إله إلا هو .. و هو للحمد أهل .. و هو على كل شيء قدير .. و سبحان الله .. و لا إله إلا الله .. و الله أكبر .. و لا حول و لا قوة إلا بالله ..
  • أذهب البأس رب الناس اشف و أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ..
  • أذهب البأس رب الناس بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت .. يارب العالمين آمين ..
  • إني أسألك من عظيم لطفك وكرمك و سترك الجميل أن تشفيه و تمده بالصحة و العافية ..
  • لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك .. إنك على كل شيء قدير ..
*ربى إنى مسنى الضر و أنت أرحم الراحمين.

بالتوفيق 2014-03-13 12:29

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشريف السلاوي (المشاركة 725708)
نتمنى للدكتور المهدي المنجرة الشفاء العاجل وفك الحظر عنه و ردّ الاعتبار إليه
منارة علم لم تنل حظّها من الاهتمام



آمين يا رب العالمين

شكرا جزيلا لكم أخي الكريم على المرور الطيب

بالتوفيق 2014-03-13 12:34

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روبن هود (المشاركة 725729)
العالم تشرف بوجود عالم المستقبليات والمغرب أبى التشريف. فتبا لوطن لا يرضى التشريف. أقولها هكذا لأنني غاضب. ألا يستحق الدكتور نصف الحفاوة التي تلقاها المغنية والراقصة؟
في عز الحرب على العراق في بداية التسعينات قرأت كتابه "الحرب الحضارية الأولى" فساعدني على الفهم.
المنجرة حمل هم الثقافة والسياسة والتربية واللغة والمستقبل، أي هم وطن بأكمله.
أما إذا أصر أبناء هذا البلد على تجاهله، فقد أتى الله بآخرين يقدرونه.
أسأل الله تعالى أن يشفيه ويعافيه.


و لذلك في الحديث في سنن الترمذي عن أبي هريرة قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها،

إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم.

صدق رسول الله

شكرا جزيلا لكم أخي الفاضل

غيرة و حرقة و ضمير حي

بارك الله فيكم

الوطن فيه شرفاء أمثالكم، نتأمل فيه خيرا إن شاء الله

بالتوفيق 2014-03-13 12:36

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abouimane (المشاركة 725749)

لا إله الا الله الحليم الكريم .. لا اله الا الله العلي العظيم ..
لا إله الا الله رب السماوات السبع و رب العرش العظيم .. لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك .. و له الحمد و هو على كل شيء قدير .. الحمد لله الذي لا إله إلا هو .. و هو للحمد أهل .. و هو على كل شيء قدير .. و سبحان الله .. و لا إله إلا الله .. و الله أكبر .. و لا حول و لا قوة إلا بالله ..
  • أذهب البأس رب الناس اشف و أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ..
  • أذهب البأس رب الناس بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت .. يارب العالمين آمين ..
  • إني أسألك من عظيم لطفك وكرمك و سترك الجميل أن تشفيه و تمده بالصحة و العافية ..
  • لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك .. إنك على كل شيء قدير ..
*ربى إنى مسنى الضر و أنت أرحم الراحمين.


آمين يا رب العالمين

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

بارك الله فيكم

أحسنتم و أحسن الله إليكم

دعوات نافعة مستجابة إن شاء الله بفضله و منّه و كرمه

خادم المنتدى 2014-03-13 12:49

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
http://img849.imageshack.us/img849/3358/0g4v.jpg

من أقوال الدكتور المهدي المنجرة ..؟؟

عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان؛ بنوا سور الصين العظيم ..
واعتقدوا بأنه لايوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه..
ولكن.. خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ..
وفي كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه ..
بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب..
لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس ..
فبناء الإنسان .. يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم ..
يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمه ..
فهناك وسائل ثلاث هي: اهدم الأسرة .. اهدم التعليم...اسقط القدوات والمرجعيات..
لكي تهدم اﻷسرة..
عليك بتغييب دور اﻷم.. اجعلها تخجل من وصفها بربة بيت..
ولكي تهدم التعليم..
عليك بالمعلم.. لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه..
ولكي تسقط القدوات..
عليك بالعلماء.. اطعن فيهم قلل من شأنهم..شكك فيهم حتى لايسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد..
فإذا اختفت اﻷم الواعية واختفى المعلم المخلص وسقطت القدوة والمرجعية فمن يربي النشئ على القيم..؟!!
*******************
**********


خادم المنتدى 2014-03-13 12:54

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
http://img593.imageshack.us/img593/4782/67tv.jpg

خادم المنتدى 2014-03-13 13:04

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 

نشطاء مغاربة يدعون لتكريم الدكتور المهدي المنجرة


http://www.yakinepress.com/files.php..._963590540.jpg



الدكتور المهدي منجرة المغيب من وسائل الإعلام و المحاط بلثام من الصمت حول نشاطاته و أعماله و حياته. هو ذلك العالم الذي أضاء بعلمه دولا غربية بينما حجب نوره بحائط صمت ببلده، هو فخر و رمز يعتز المغرب بولادته على أرضه.
ولد المهدي المنجرة بالرباط يوم 13 مارس 1933 و اتم دراسته الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية، تقلد عدد من المناصب السامية بمنظمات دولية و عمل على عمادة أرقى الجامعات العالمية التي اشتغل بها كأستاذ زائر و ألقى بها العديد من المحاضرات.
يعتبر الدكتور المنجرة مرجعا عربيا و دوليا في العلاقات السياسية و الدولية و في الدراسات المستقبلية. صاحب كتاب الحرب الحضارية الأولى و العديد من المؤلفات الأخرى بلغات العالم،يرقد اليوم ببيته يصارع المرض وحيدا.
واعترافا بإعماله الجليلة دعا نشطاء على الفايسبوك لتكريم الدكتور المهدي اعترافا منهم على مساره العلمي و حسه الوطني، بعد أن حرم من التواصل مع أبناء الشعب المغربي عبر وسائل الإعلام العمومية. وتنكرت لمساره جهات مسؤولة.

خادم المنتدى 2014-03-13 13:06

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
قراءة في كتاب “قيمة القيم” لـ”المهدي المنجرة”

http://feker.net/ar/wp-content/uploa...1/71534976.jpg

شكل مفهوم “القيمة” محور جدل العديد من الفلاسفة والمفكرين على اختلاف مشاربهم ومناهلهم وكذا مجالات إنتاجيتهم, بالرغم من التنوع في التأويلات والمقاربات البحثية, نجدنا دوما بحاجة ملحة أكثر من ذي قبل إلى الإقتراب بتجديد من هذا المفهوم بالتوازي مع ما وجد في عوالم الفكر وصدقه الفعل حتى نتمكن من “معلمة” أنفسنا في دائرة الأحداث ونقيم كل ما يحيط بنا من أشياء وأشخاص ووقائع بـ”معلم” مستحدث يتوافق مع ما نعيشه وما نستشرفه من نظرات مستقبلية ومرتكز على ما عايشناه وأدركناه من خلال قراءاتنا للتاريخ.
إن دلالة “القيم” جمع “قيمة” كمفهوم تتنوع باختلاف الثقافات, فمثلا عند الفرنسيين لها مدلول نفسي ومعنوي, وفي اللغة العربية “القيم” مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدافع نحو الإيجابي من الأمور والقدر والمنزلة بل وحتى التنمية. يمكننا كذلك رصد بعض استعمالات المصطلح وربطها بواقع الإنسان, فعلى سبيل المثال:
  • مع الرياضيات نفهم أن لكل مجهول قيمة سواءً كانت سلبية أو إيجابية أو حتى منعدمة, وإسقاط ذلك على واقع الحياة له دلالة قوية إذ أن الأفراد متباينون في “من هم” و”ما هم عليه” و”ما هم باحثون عليه وفيه”.
  • مع الاقتصاد نعي جيدا أن “القيمة” و”السعر” شيئان متلازمان حيث أن مثلا قانون “العرض والطلب” يفيد بأن نقطة تلاقي كل من العرض والطلب لها دلالة قيمية جزئية مرتبطة بثمن المعروض أو المطلوب في ظروف نسبية مرتبطة بالأمكنة والأزمنة على اختلافها وتعددها.
  • مع علم النفس نعرف بأن ” القيمة “هي كل ما يمكن أن يشكل دافعا للآدميين نحو ما يجمعهم تحت سقف عنوانه ” إنسان” متجاوزين بذلك كل ما يصنفهم ويميز “أناهم” عن الباقين من النوع البشري ومترفعين عن الظنون والحسابات والتحيزات على أشكالها في معالم النخبوية.فالقيمة هنا يمكن اعتبارها أحد محركات السلوك البشري نحو الإيجابية سواءا الفردية أو الجماعية.
  • مع علم الاجتماع ” القيمة ” تشكل منطلق وغاية ينشدها الناس لبناء مجتمعي مترابط يكفل للفرد منه التواجد في أي قطر على اعتبار معلومية هذه “المادة” لدى جل أفراد هذا المجتمع.
إن “القيمة” كمفهوم, لها في العلوم الإنسانية دلالة إيجابية طابعها الارتقاء والرفعة, وسيلتها كما غايتها واعدة سامية, مرتبطة بجذور الفطرة الأصل في الإنسان لذلك فاستحسانها غالبا ما يكون عفوي ومناشدتها تأتي باندفاع ذاتي بغير تدخل وإجبار, لأنها تندمج ونقاء الفطرة الضامن الأساس لتعايش الناس مع بعضهم البعض وتقاربهم بالرغم من كل مفرق. لذا كان ” إحياؤها ” في الدواخل وسماع صداها منطلق مرغوب وترجمتها فكرا وقولا وفعلا نبع فخر وعز, وتخطيها بتجاهلها مدعاة للقلق بل للعلاج والتصالح مع النفس بالانفتاح عليها داخليا وخارجيا, لأن “بتر” القيم من شخص الإنسان ومن مجتمعه ما هو إلا مرض مزمن فتاك ببناء هذا الشخص الآيل للسقوط في أي لحظة بدونها.
من هذا المنطلق وفي محاولة التقرب أكثر من مفهوم “القيم” اجتماعيا وقيمتها في مجتمعاتنا العربية كانت هذه المحاولة لقراءة كتاب “قيمة القيم” للمفكر المغربي الدكتور “المهدي المنجرة”.
“قيمة القيم” عبارة عن مجموعة من المداخلات والمحاضرات والمقتطفات للمؤلف وكذا الحوارات التي أجريت معه, فالناظر لأول ولهة في فهرس الكتاب وصفحاته نظرة أولية ينتابه ما يشبه “التشتت” كون مواده تمت في تواريخ متباينة وليست متسلسلة هذا من جهة ومن أخرى يصعب المسك بسهولة برأس الخيط الرابط بين هذه المواد. لكن بالرغم من هذا النوع من “الضبابية” التي قد تنتابنا عند إلقاء إطلالة سريعة على الكتاب فإننا عند المضي قدما في قراءته شيئا فشيئا نكشف تراصا لأفكار “تحتية” تدور جلها في فلك فكرة مركزية التي نخلص إليها بمجرد تقدمنا بتركيز في قراءة الكتاب. والفكرة الجوهرية التي يمكن أن نرتشفها من محتوى الكتاب تدور أساسا حول نوعية الصراعات الحضارية والثقافية التي يضمرها المستقبل للعلاقات الدولية وبين المجتمعات على اختلاف مرجعيتها وتموقعها جغرافيا ووفق معالم التصنيفات على أشكالها.
كتاب “قيمة القيم” عبارة عن ثلاثة أجزاء مثلما يوضحه فهرسه, أما الجزء الأول فبعنوان “القيم والمجتمع” – في هذا الجزء يولي المؤلف الاهتمام بمختلف القيم الموجهة للمجتمع توجيها صوابا سواء من داخله أو حتى فيما يمكن أن يربطه بالخارج من علاقات. فعلى سبيل المثال في الجزئية الأولى منه يقول: “… ورغم كثرة البرامج الدولية للتنمية, لاسيما في أفقر الدول حيث يزداد الاهتمام الدولي, فإن المساهمة الوطنية نادرا ما تمثل أقل من سبعين في المائة من المجموع, وتبقى المساعدة الدولية التي تنتج عن هذا التعاون ضعيفة من ناحية الكم, إذن يصبح من الضروري القيام بمقاربة منظومية في التحليل لتقييم جودة التفاعل الثابت بين المستوى الوطني والمستوى الدولي, والمهم في هذه المساعدة الخارجية هي الأفكار والتصورات الناتجة عنه والتجارب الصادرة منه”. بربط هذا المحتوى بالأحداث الراهنة خصوصا بما يتعلق بدول صنفت اقتصاديا بـ”دول نامية” أو “في طور النمو”, فإن إشكالية تبعية الدول النامية للدول “المتطورة” مستفحلة كلما ارتبطت بما يسمى “مساعدات” من هذه الدول وجعلت معتمدها الرئيس عليها بالرغم من ثبوت ضآلة مساهمتها في النهوض خصوصا بقطاع الإقتصاد الذي أصبح ركيزة أساسية للإعتراف بوجود الدول في معالم القوة. إذ أن أهم ما يمكن أن يساهم في “النهوض” انطلاقا من التعاونات بين الدول مرتبط بعالم الأفكار والتصورات الناتجة عنها.
في الجزئية الثانية ينبه الكاتب إلى أهمية “الثقافة المتوسطية” التي تربط بين دول البحر الأبيض المتوسط بل أكثر من ذلك ربط مستقبل هذه الدول ومستقبل قضاياها رهين بمستقبل الثقافة بها على اعتبار أن الثقافة لها ارتباط عريق وثيق بجميع جوانب الحياة ولا يمكن نسخ ثقافة مجتمع ما أو دولة ما في حيز آخر تحت مسمى “نقل الثقافة”, لأن التعدد وارد بحكم أن لا شمولية لثقافة ما من جهة, ومن جهة أخرى باعتبار الثقافة نسبية والموروث الثقافي هو مفتاح من مفاتيح التنمية وبالتالي أي محاولة لتعميم ثقافة ما أو نقلها واستنساخها وإجبارها ما هي إلا محاولة للتشتيت والتفرقة والهدم وليس البتة البناء. في هذا الصدد يقول المؤلف:” إن إحدى القضايا الأساسية بالنسبة لدول حوض البحر الأبيض المتوسط, تتعلق بمستقبل ثقافاتهم, لأن هذا المستقبل مرتبط بجميع الجوانب الأخرى للتنمية, الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية إلخ..أضف إلى ذلك أن هذا المستقبل غير قابل للانقسام لأن هناك ثقافة متوسطية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني سامية”.. وعليه فإن مفهوم “الثقافة” بما تضمره من أبعاد لها وقع عميق على مستقبل الشعوب ووجودها وارتباطاتها فيما بينها ولما لها من جذور ضاربة في عمق التاريخ وما تكتنزه لواقع المستقبل, هنا يردف المؤلف بقوله “إن الفرضية السابقة قد يظهر فيها شئ من المبالغة بالنسبة لأولئك الذي لا يهتمون بالماضي ولا بالإطلاع على كتب التاريخ, وحسب تجربتي, فإنني أدرك أنه كلما ازددت اهتماما بالدراسات المستقبلية, زادني ذلك الشعور بالحاجة لترسيخ رؤيتي على أسس تاريخية صلبة”.
مركزا على مفهوم “الثقافة” والقيم الثقافية للمجتمعات, يتحدث المؤلف عن “الهوية الثقافية” معتبرا إياها سببا في وجود “منظومة القيم” وبغيابها تفشل المجتمعات في إثبات ذاتها,فيقول بأن “هناك فترات يؤدي فيها الانفتاح التلقائي وليس الانتقائي إلى غزو كبير وإضعاف أعز ما للإنسان: هويته الثقافية وهي الخلاصة وسبب وجود منظومة القيم”. ثم يطرح المؤلف في هذا الصدد مجموعة من التساؤلات التي تهم دول الحوض المتوسط والتي لا بأس من سردها لأهميتها البالغة وما تحيل إليه إذ جاءت على النحو التالي:
  • هل وصلت الضغوطات السياسية والاقتصادية والثقافية اللامتوسطية إلى درجة من الحدة؟
  • ما هي حاليا قدرة منظومة القيم المتوسطية على المقاومة؟
  • ما هي قدرة ثقافة المتوسط على التكيف والتطور أمام التطورات الداخلية والخارجية التي تفرغ وتتحمل في نفس الوقت في عالم يزداد اعتماده على التضامن؟
  • ما هي درجة وعي سكان المنطقة وحكامها بالمشاكل وأولوية التفكير في حلول مستقبلية؟
بعد ذلك يمضي المؤلف إلى الجزئية الثالثة إذ نلحظ تركيزه على ضرورة صيرورة حركية “التعلم” من المهد إلى اللحد منبها إلى ما يمكن أن يجابه أو يعوق المسيرة العلمية بين هاتين المحطتين مستقبلا, مشددا على أن أهم عناصر التعلم “القيم” قائلا: “وأهم عناصر التعلم هي القيم, وعندما نشير إليها كعناصر فإننا نؤكد على دورها الفعال في عملية التعلم, فقيمة البقاء مع الكرامة يمكن أن تكون ذات آثار مباشرة في التوجيه, ويلاحظ أن ظهور القيم هو ظهور للحد الفاصل بين الذاتية والموضوعية وبين الحقائق والأحكام وبين ما هو كائن وما يجب أن يكون وبين العلم والأخلاق والأحكام وبين العلوم الحقة والعلوم الإنسانية وبين الغايات والوسائل وبين المعقول واللامعقول”.
أما الجزئية الرابعة والمعنونة بـ”الثورة الفرنسية – تأملات معاصرة” فتعطي تأملات عميقة وبالتالي تساؤلات حول الثورة الفرنسية ونتائجها على منظومة القيم في المجتمع الفرنسي آنذاك وخارجيا أيضا موصولة بالواقع الحالي على اعتبار ارتباطات فرنسا خارجيا واستراتيجيا ثم بربط الفجوات الناتجة عنها بالثغرات التي أفسدت إلى حد ما منظومة القيم.يقول المؤلف: “إن الجهل والنسيان أو تهميش حقوق الإنسان تشكل الأسباب الوحيدة للبؤس الإجتماعي وارتشاء الحكومات”.
هكذا يمضى المؤلف في كتابه مركزا في جزئيات الفصل الأول كاملا عن الأخلاقيات والقيم باعتبارها مرجعا وموجها لسلوك الإنسان نحو الإيجابي وكونها الركيزة الأساسية لتقارب المجتمعات على اختلاف جذورها وأن أي تفاضل على مستوى الأخلاق والقيم بإمكانه أن يشكل أهم أسباب التباعد والصراع بين الثقافات والحضارات مثلما يوضح ذلك في جزئية ” أي مستقبل للإسلام في أوروبا ؟ “, فيقول المؤلف: ” لقد كتب روبرت فيسك مقالا في صحيفة “الإنديبندنت” تحت عنوان “فقدنا بوصلتنا الأخلاقية منذ زمن, فكيف نستطيع إذن أن نخطب على العالم الإسلامي؟” هذا هو السؤال, مثلما كان سيقول شيكسبير , ولعل مشكلة الأخلاقيات,من أهم القضايا عند دراسة مسألة مستقبل الإسلام في أوروبا”. ثم يردف المؤلف بقوله “…هكذا سيبقى التسامح المتبادل حاضرا ومستقبلا هو الحل من أجل البقاء”, على اعتبار القاسم المشترك وما يمكن أن يقرب بين الثقافات على اختلاف مشاربها وإلغاء خلافات مجتمعاتها يكمن بالأساس في منظومة القيم المجاوزة لأي بعد حضاري ثقافي الذي تطبعه بل تطغى عليه النسبية الزمنية والمكانية.
بعد استفاضة في طرح دور القيم في سلوك الأفراد كما المجتمعات والعلاقات الدولية والجهوية خصوصا بين جهة دول “الشمال” وجهة دول “الجنوب”, ينتقل الدكتور المهدي المنجرة إلى الفصل الثاني المعنون بـ “القيم والخلق والإبداع” وهنا يولي المؤلف اهتماما بليغا بتعميم التعليم للخروج بشعوب “العالم الثالث” من براثن الجهل كمعطى أساسي بل ومبدأ أول نحو تحقيق المساواة وتبديل علاقات الأفراد فيما بينهم نحو إلغاء التراتبية بكل أنواعها ومشاركة الجميع في تحد أهم بكثير من التحدي الإقتصادي أو التحدي العالمي وهو تحدي البناء الإنساني في أوساط مجتمعاتنا, فيقول: “بعضهم ارتبك عند احتمال تعميم التعليم, ويفترض أنه سيصبح من الصعب العثور على حمال في محطة القطار أو حارس أو كناس أو ما شابه ذلك… إن الخوف قائم بسبب غياب الشجاعة لتصور مجتمع مغاير تطبعه المساواة”.
إن العلم لا يخضع حسب المؤلف بدوره إلى توزيع منسجم ومتساو, ومردودية استعمال المعارف غير معقولة لأنها لا تخدم إلا فئة قليلة من البشر سواء في الدول المتقدمة أو النامية, علاوة على هذا فإنه ما لم يكن للعلم مقصد وجيه وظاهر فإنه يصبح مجرد “رحى” تدور في الفراغ وطاقتها تهدر في الهواء دون إنتاج, ثم يشير على أنه ليس مع أولئك الذين يؤمنون بالعلم من أجل العلم, هنا يجعل مدخلا للفن في مسألة الإيمان هذه مشيرا إلى أن العلم من أجل العلم بدون فن يتعارض مع أسمى أهداف العلم. بعد ذلك يخضع المؤلف العلاقة بين القيم والتجديد والتطوير التقني إلى التساؤل حول ما إذا كانت المبتكرات التقنية تتناقض وسلم القيم من حيث الأهداف فيشير بوضوح جلي إلى نقطة تعارض بين الابتكار والقيم من حيث مهمة كل واحد فيهما, على اعتبار أن الأول يعني التغيير في حين تنحصر مهمة القيم في التركيز والمحافظة على أنماط الحياة وأنواع السلوك, كما هو ملاحظ في طرق التربية الحديثة السائدة في العالم المانعة لكل إبداع والحاجزة لانطلاق الخيال الخلاق. وكما يبدو ذلك بوضوح بالغ في الحيز المكاني الذي استأثرت به التقنية لنفسها باستقلال عن العلم مما يبعدها شيئا فشيئا عن القيم الإنسانية, في هذا الصدد يقول المؤلف “..من ذلك ما يؤكده بعض الأخصائيين في مجالات اللآلية والذكاء الاصطناعي والتقنية الإحيائية, من أن تقنياتهم قادرة على توليد تقنيات أخرى دون المرور بالعلم”, بعد ذلك يمضي المؤلف إلى مفهوم “الزمن” باعتباره “خميرة القيم الإنسانية” فيستحضر في هذا توافقه مع “جون لادريير Jean LADRIERE”
في فكرة: أن الخلل في المنظومات الثقافية ما هو إلا نتاج للاضطراب في مفهوم الزمن لدى المجتمعات. بعد ذلك يردف المؤلف بتوصيف الدول بـ”الفقيرة” تلك التي لا تعيش بدون فن وليست تلك التي لا تملك موارد طبيعية على اعتبار أن الفن من الناحية الجمالية يكمن في مكونات الذهن وكل شخص – حسب المؤلف – يعيش حياة يجهل فيها الجمال أو ينكره فهو شخص حي- ميت.
غير بعيد عن ارتباط العلم بالثقافة والفن وأيضا بالسلطة, يعرب المؤلف أمله في محاربة “جهل الفن” عند المسئولين على اعتبار تواجد الفكر في العلاقة مع أمور الفن ليست بقضية تربوية فحسب بل وتتعداها إلى كونها إشكالية ترتبط بمسلسل تقدم المجتمع وهنا يضرب مثلا للدول المتقدمة في انتقائها لمسئوليها إذ تأخذ بعين الاعتبار العديد من المعايير والشروط الضرورية لولوجهم إلى السلطة من بينها ثقافة المرشح على العكس تماما لما يحدث في الدول “المتخلفة” أو “دول العالم الثالث” إذ يأسف فيها على قيادة “الجهل” أصحابه إلى السلطة ويقصد هنا جهل الفن والجهل الثقافي بالرغم من توفر معايير أخرى للكفاءة, تبقى غير كافية في غياب الحس الفني لارتباطه العميق بمسألة الهوية, وهنا يمكننا استحضار فكرة الدكتور عبد الوهاب المسيري حول مفهوم “الجمال” باعتباره مكون أساسي ضروري في الوجود الإنساني.
ثم الجزء الأخير من الكتاب والمعنون بـ”قيم وذاكرة”, هو جزء خصصه المؤلف بدرجة كبيرة إلى لفت أنظار ذاكرة القارئ إلى تقدير بعض أعلام المغرب الذين أثروا بإنتاجهم في مجالات مختلفة في قيم وثقافة المجتمع المغربي بل وفي التواجد والبناء الإنساني داخله.
وفي الختام, يمكن أن نخلص إلى أن التغيير بالقيم ظل على مر الأزمان وأصبح وسيبقى الطريق الأقصر والأضمن نحو “مشروع مجتمع” إنساني راق يطمح له كل من يعتقد بأحقية هذه الوسيلة فينتمي إليه انتماءً جوهريا حضاريا ثقافيا فكريا فعليا حتى يحققه أو بوادره داخل منظومة ذاته ثم يترجم ذلك عبر سلوكياته في محيطه, أما عن مستقبل الصراعات بين الدول والمجتمعات فيما بينها, وهي من أهم أطروحات الكتاب, فالمؤلف يربطها بمدى احترام منظومة القيم في كل مجتمع على حدة وكيفية التعاطي معها بل وكيف توظف لتفادي الانهيار الثقافي المتسارع بتواصل, خصوصا في دول العالم الثالث على اعتبار أنه إذا فقدت الثقافة والمبادئ القيمية فلا قائمة مع أي تقدم اقتصادي وسبق على أي مستوى. بل إن انهيار منظومة القيم في المجتمعات وإتلاف معنى الثقافة وحس الجمالية في أوساط المجتمع لا يمكنه إلا أن يقود إلى تراجع التنمية على أشكالها باعتبار الثقافة هي منطلق التنمية بل مفتاحها.
صحيح أن قراءة الكتاب وربط أوله بوسطه ثم بآخره قد يكون أمرا ليس من السهولة بمكان, لكنه يبقى كتاب فريد من نوعه وحتى في محتواه, كون من يغوص فيه متصفحا إياه لا يملك إلا أن يمضي مع المؤلف في طرحه بل وقد يفتح في ذهنه آفاقا جديدة للتساؤل والبحث, وهذا من أهم أدوار الكتب الراقية الهادفة التي بمجرد الإنتهاء من تصفحها تشعرك كأنك ودعت رفيقا.

خادم المنتدى 2014-03-13 13:19

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
نتمنى له الشفاء العاجل و العودة إلى محبيه و قراء مؤلفاته

بالتوفيق 2014-03-13 15:52

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خادم المنتدى (المشاركة 725764)


شكرا جزيلا لكم على الإضافة الجديدة الهامة

بارك الله فيكم

مرور طيب و مواكبة محفّزة

صانعة النهضة 2014-03-13 16:02

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
المهدي* ‬المنجرة* ‬..


عالم المستقبليات الذي* ‬يراد* ‬له* ‬أن* ‬يصبح* ‬ماضيا



http://s1.hespress.com/cache/thumbna..._672135355.jpg
*‬


بعد* ‬مسار* ‬مليئ* ‬بالعطاءات* ‬والإنجازات* ‬والكتب* ‬والمحاضرات* ‬تعكس* ‬غيرة* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬وخوفه* ‬على* ‬مستقبل* ‬المغرب،* ‬يعيش* ‬الرجل* ‬اليوم* ‬طريح* ‬الفراش*. ‬أما* ‬المسؤولون* ‬الذين* ‬طالما* ‬أرقهم* ‬كلامه* ‬فإنهم* ‬نسوه،* ‬بل* ‬تناسوه*. ‬لأن* ‬المرض* ‬ناب* ‬عنهم* ‬في* ‬منعه* ‬من* ‬محاضراته* ‬التي* ‬تزعجهم*.‬


في* ‬سنة* ‬1924* ‬كان* ‬الطيار* ‬امحمد* ‬المنجرة* ‬من* ‬بين* ‬المؤسسين* ‬لأول* ‬نادي* ‬للطيران* ‬في* ‬المغرب،* ‬بل* ‬في* ‬العالم* ‬العربي*. ‬بعدها* ‬بتسع* ‬سنوات* ‬قرر* ‬المغرب* ‬إجراء* ‬أول* ‬رحلة* ‬جوية* ‬في* ‬اتجاه* ‬الجارة* ‬الجزائر،* ‬لكن* ‬الطيار* ‬امحمد* ‬اعتذر* ‬عن* ‬المشاركة* ‬في* ‬هذه* ‬الرحلة* ‬لأن* ‬زوجته* ‬حامل* ‬على* ‬وشك* ‬الوضع*. ‬
هكذا* ‬تخلف* ‬عن* ‬هذه* ‬الرحلة* ‬التي* ‬شارك* ‬فيها* ‬صديقه* ‬الطيار* ‬المهدي* ‬الصقلي* ‬الذي* ‬كان* ‬من* ‬أبرز* ‬الوطنيين* ‬آنذاك*. ‬على* ‬الساعة* ‬السادسة* ‬صباحا* ‬طرق* ‬ساعي* ‬البريد* ‬بالرباط* ‬بيت* ‬المنجرة* ‬ليسلمه* ‬برقية* ‬وجد* ‬فيها*: ‬*"‬لقد* ‬وصلنا* ‬بخير* ‬والرحلة* ‬مرت* ‬على* ‬أحسن* ‬وجه*.. ‬تحيات* ‬المهدي* ‬الصقلي*"‬،* ‬وفي* ‬الصباح* ‬ذاته* ‬من* ‬سنة* ‬1933* ‬وضعت* ‬زوجة* ‬الطيار* ‬المنجرة* ‬مولودا* ‬ذكرا* ‬قرر* ‬والده* ‬أن* ‬يسميه* ‬المهدي* ‬تيمنا* ‬بصديقه* ‬المهدي* ‬الصقلي*.‬


ابن* ‬الطيار


إنه* ‬عالم* ‬المستقبليات* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬الذي* ‬درس* ‬بمدرسة ديكارت* ‬بالعاصمة* ‬الإدارية* ‬الرباط،* ‬وهي* ‬من* ‬أعرق* ‬المدارس* ‬الفرنسية* ‬بالمغرب*. ‬كما* ‬تلقى* ‬دراسته* ‬الجامعية* ‬بالولايات* ‬المتحدة* ‬الأمريكية* ‬بجامعة* ‬كورنيل*. ‬


حصل* ‬على* ‬الإجازة* ‬في* ‬البيولوجيا* ‬والعلوم* ‬السياسية* ‬ثم* ‬تابع* ‬دراسته* ‬بإنجلترا* ‬وحصل* ‬هناك* ‬على* ‬الدكتوراه* ‬في* ‬الاقتصاد*. ‬كل* ‬هذا* ‬المسار* ‬العلمي* ‬للمنجرة* ‬ساعده* ‬في* ‬أن* ‬يتقن* ‬علم* ‬المستقبليات،* ‬المجال* ‬الذي* ‬ألف* ‬فيه* ‬عددا* ‬كبيرا* ‬من* ‬الكتب،* ‬بل* ‬وحاضر* ‬فيه* ‬في* ‬العديد* ‬من* ‬الدول،* ‬لكنه* ‬بالمقابل* ‬منع* ‬أزيد* ‬من* ‬عشر* ‬مرات* ‬من* ‬المحاضرة* ‬بمدن* ‬مغربية* ‬من* ‬طرف* ‬السلطات*.‬


سنة* ‬1958* ‬كان* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬من* ‬بين* ‬الأساتذة* ‬الأوائل* ‬الذين* ‬قاموا* ‬بالتدريس* ‬بجامعة* ‬محمد* ‬الخامس*. ‬وقبلها* ‬بأربع* ‬سنوات* ‬فقط* ‬كان* ‬قد* ‬شد* ‬الرحال* ‬إلى* ‬لندن* ‬لتحضير* ‬الدكتوراه* ‬في* ‬موضوع* ‬حول* ‬الجامعة* ‬العربية،* ‬وفي* ‬السنة* ‬الموالية* ‬أي* ‬1955* ‬حصل* ‬على* ‬منحة* ‬من* ‬مؤسسة* ‬روكفلر* ‬مكنته* ‬من* ‬السفر* ‬إلى* ‬مصر* ‬للالتقاء* ‬ببعض* ‬المسؤولين* ‬في* ‬الجامعة* ‬العربية*. ‬وهناك* ‬في* ‬بلاد* ‬الفراعنة* ‬التقى* ‬بأسد* ‬الريف* ‬المجاهد* ‬امحمد* ‬بن* ‬عبد* ‬الكريم* ‬الخطابي*


. ‬كما* ‬حظي* ‬باستقبال* ‬من* ‬الراحل* ‬محمد* ‬الخامس* ‬بباريس* ‬وهو* ‬في* ‬طريق* ‬عودته* ‬من* ‬المنفى* ‬إلى* ‬أرض* ‬الوطن* ‬قبيل* ‬الاستقلال*. ‬ليلتقيه* ‬للمرة* ‬الثانية* ‬سنة* ‬1959،* ‬إذ* ‬استقبله* ‬الراحل* ‬كأول* ‬أستاذ* ‬مغربي* ‬بكلية* ‬الحقوق،* ‬وأصغر* ‬الأساتذة* ‬سنا* ‬بها* ‬وعينه* ‬مديرا* ‬للإذاعة* ‬والتلفزة* ‬المغربية* ‬خلفا* ‬لقاسم* ‬الزهيري*.‬


الكلب* ‬والسفر* ‬إلى* ‬أمريكا


كان* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬سنة* ‬1948* ‬بأحد* ‬المسابح* ‬بمدينة* ‬إفران،* ‬حيث* ‬كان* ‬في* ‬المسبح* ‬عدد* ‬من* ‬المغاربة* ‬والفرنسيين*. ‬بينما* ‬هو* ‬هناك،* ‬اقترب* ‬كلب* ‬من* ‬المسبح* ‬وبدأ* ‬يشرب* ‬من* ‬مياهه،* ‬الأمر* ‬الذي* ‬أثار* ‬حفيظة* ‬إحدى* ‬النساء* ‬التي* ‬طالبت* ‬بإبعاده*


. ‬لكن* ‬أحد* ‬الفرنسيين* ‬خاطبها* ‬قائلا*: ‬*"‬إذا* ‬كان* ‬العرب* ‬يسبحون* ‬في* ‬المسبح* ‬فلماذا* ‬نمنع* ‬الكلاب* ‬من* ‬ذلك*"‬* ‬وهي* ‬العبارة* ‬العنصرية* ‬التي* ‬أغضبت* ‬الشاب* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬لينخرط* ‬في* ‬مشادات* ‬كلامية* ‬مع* ‬هذا* ‬الفرنسي*. ‬لكن* ‬لسوء* ‬حظ* ‬المنجرة* ‬كان* ‬هذا* ‬الفرنسي* ‬رئيس* ‬فرقة* ‬الأمن* ‬الإقليمي* ‬بإفران،* ‬لذلك* ‬لم* ‬يتردد* ‬في* ‬اعتقاله* ‬مدة* ‬عشرة* ‬أيام*. ‬بعد* ‬خروجه* ‬من* ‬الاحتجاز* ‬أرسله* ‬والده* ‬إلى* ‬الولايات* ‬المتحدة* ‬الأمريكية* ‬لمتابعة* ‬دراسته* ‬هناك*.‬


وهناك* ‬في* ‬بلاد* ‬العم* ‬سام* ‬أسس* ‬النادي* ‬العربي،* ‬وعمل* ‬مديرا* ‬للمجلس* ‬الدولي* ‬للطلبة*. ‬كما* ‬كان* ‬أحد* ‬مؤسسي* ‬النادي* ‬الشرقي* ‬وعضوا* ‬في* ‬جمعية* ‬من* ‬أجل* ‬عالم* ‬جديد*. ‬كل* ‬هذه* ‬الدينامية* ‬والحيوية* ‬كانت* ‬توحي* ‬بأن* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬سيكون* ‬له* ‬شأن* ‬عظيم* ‬في* ‬المستقبل*.‬


في* ‬سنة* ‬1954* ‬حيث* ‬كان* ‬المنجرة* ‬مازال* ‬يتابع* ‬دراسته* ‬في* ‬أمريكا،* ‬نشبت* ‬حرب* ‬مع* ‬كوريا* ‬فطلب* ‬من* ‬الطالب* ‬المهدي* ‬التجنيد* ‬لأنه* ‬يتوفر* ‬على* ‬البطاقة* ‬الخضراء* ‬لكنه* ‬رفض*. ‬أما* ‬هجرته* ‬إلى* ‬اليابان* ‬فجاءت* ‬بعد* ‬منعه* ‬من* ‬إلقاء* ‬محاضرة* ‬بمدينة* ‬فاس*.‬
السؤال* ‬المؤرق


إن* ‬السؤال* ‬الذي* ‬يؤرق* ‬عالم* ‬المستقبليات* ‬هو*: ‬
إلى* ‬أين* ‬نسير؟* ‬
خصوصا* ‬وهو* ‬يلاحظ* ‬غياب* ‬رؤية* ‬مستقبلية* ‬لدى* ‬القائمين* ‬على* ‬الأمور* ‬في* ‬البلاد*. ‬لذلك* ‬لا* ‬يتردد* ‬في* ‬القول* ‬كلما* ‬سمحت* ‬له* ‬الفرصة* ‬لذلك*: ‬*"‬أتحدى* ‬أي* ‬شخص* ‬أن* ‬يعطي* ‬رؤية* ‬شاملة* ‬حول* ‬مستقبل* ‬المغرب،* ‬للأسف* ‬الكل* ‬مشغول* ‬بالآنية* ‬وما* ‬يسمى* ‬بالانتقال،* ‬وأنا* ‬أتساءل* ‬الانتقال* ‬إلى* ‬أين؟*"‬* ‬هكذا* ‬ظلت* ‬هذه* ‬الأسئلة* ‬تؤرق* ‬بال* ‬المنجرة* ‬الذي* ‬يؤكد* ‬أن*: ‬*"‬


علم* ‬المستقبليات* ‬ليس* ‬تنبؤا* ‬لأنه* ‬موجود* ‬عند* ‬البشر،* ‬والتنبؤ* ‬كان* ‬لخاتم* ‬الرسل* ‬محمد* ‬صلى* ‬الله* ‬عليه* ‬وسلم*"‬* ‬وما* ‬يزيد* ‬من* ‬قلق* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬على* ‬الوضع،* ‬ليس* ‬فقط* ‬انشغال* ‬السياسيين* ‬بالآني،* ‬بل* ‬حتى* ‬صمت* ‬المؤرخين* ‬وانكبابهم* ‬فقط* ‬على* ‬تاريخ* ‬القرون* ‬الوسطى* ‬متناسين* ‬الحاضر* ‬وغافلين* ‬كليا* ‬عن* ‬المستقبل*. ‬


تفتقت* ‬عبقرية* ‬المنجرة* ‬منذ* ‬ريعان* ‬شبابه* ‬فقد* ‬طرد* ‬من* ‬ثانوية* ‬ليوطي* ‬سنة* ‬1948* ‬لأسباب* ‬سياسية* ‬محضة*. ‬لقد* ‬كان* ‬يواجه* ‬الأساتذة* ‬الفرنسيين* ‬ويناقشهم* ‬بحدة* ‬فيما* ‬يخص* ‬موضوع* ‬الاستعمار* ‬الفرنسي* ‬للمغرب*. ‬في* ‬سنة* ‬1954* ‬حصل* ‬على* ‬جائزة* ‬الإمبراطور* ‬الياباني* ‬عن* ‬بحث* ‬بخصوص* ‬أهمية* ‬النموذج* ‬الياباني* ‬بالنسبة* ‬للعالم* ‬الثالث*.‬


سابق* ‬لعصره


*

التغيير* ‬آت* ‬أحب* ‬من* ‬أحب* ‬وكره* ‬من* ‬كره*. ‬السؤال* ‬الوحيد* ‬الذي* ‬يجب* ‬أن* ‬نفكر* ‬فيه* ‬هو* ‬ثمن* ‬هذا* ‬التغيير،* ‬فكل* ‬تأخير* ‬سيدفع* ‬عنه* ‬الثمن*"‬* ‬هذه* ‬العبارة* ‬قالها* ‬عالم* ‬المستقبليات* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬قبل* ‬الربيع* ‬العربي* ‬بكثير،* ‬وهي* ‬العبارة* ‬التي* ‬تلقتها* ‬العديد* ‬من* ‬الآذان* ‬باعتبارها* ‬ترفا* ‬فكريا* ‬لا* ‬غير*. ‬


لكن* ‬أحداث* ‬الربيع* ‬العربي* ‬التي* ‬افتتحتها* ‬ولاعة* ‬البوعزيزي* ‬أكدت* ‬أن* ‬كلام* ‬الرجل* ‬علم* ‬مدروس* ‬بدقة*. ‬كما* ‬تأكد* ‬كلامه* ‬الذي* ‬قسم* ‬فيه* ‬الزمن* ‬إلى* ‬ما* ‬قبل* ‬التغيير* ‬وما* ‬بعد* ‬التغيير*"‬* ‬في* ‬عهد* ‬ما* ‬قبل* ‬العهد* ‬الجديد،* ‬فالتغيير* ‬هو* ‬مفهوم* ‬منظومي* ‬يأتي* ‬بصورة* ‬شمولية،* ‬إذ* ‬عندما* ‬يحدث* ‬يطال* ‬جميع* ‬الميادين*…‬* ‬والتغيير* ‬الوحيد* ‬الذي* ‬لاحظناه* ‬هو* ‬تغيير* ‬الذين* ‬أتوا* ‬بقصد* ‬التغيير* ‬دون* ‬أن* ‬نلمس* ‬أي* ‬تغيير*"‬*. ‬أما* ‬ثمن* ‬التغيير* ‬الذي* ‬طالما* ‬حذر* ‬منه* ‬فإنه* ‬جاء* ‬غاليا*.‬
*


"‬يكتب* ‬لفترة* ‬لا* ‬يعتقد* ‬أنه* ‬سيعيشها،* ‬أي* ‬أنه* ‬لا* ‬يكتب* ‬من* ‬أجل* ‬مصالحه* ‬اللحظية* ‬والقصيرة* ‬المدى*"‬* ‬هذا* ‬هو* ‬علم* ‬المستقبليات* ‬بتعبير* ‬المهدي* ‬المنجرة*. ‬يقول* ‬في* ‬كتابه* ‬*"‬الإهانة* ‬في* ‬عهد* ‬الميغا* ‬إمبريالية*"‬*: ‬الرفض* ‬أن* ‬تقول*: ‬*"‬لا…لا* ‬للاستبداد* ‬لا* ‬للظلم* ‬لا* ‬للقمع*…‬* ‬هذا* ‬الرفض* ‬كله* ‬بلا* ‬عنف،* ‬وبلا* ‬انتفاضة* ‬حجر،* ‬وبلا* ‬رصاص،* ‬فقط* ‬بقوة* ‬لا*"‬* ‬وهو* ‬ما* ‬حدث* ‬تماما* ‬في* ‬ثورات* ‬الربيع* ‬العربي،* ‬إذ* ‬خرج* ‬المتظاهرون* ‬بصدور* ‬عارية* ‬وتمكنوا* ‬من* ‬الإطاحة* ‬بالأنظمة*.‬


رجل* ‬الكرامة


رغم* ‬أنه* ‬أهين* ‬في* ‬العديد* ‬من* ‬المرات* ‬في* ‬بلده* ‬المغرب،* ‬حيث* ‬منعت* ‬محاضراته* ‬في* ‬مدن* ‬مغربية* ‬دون* ‬أن* ‬تخبره* ‬السلطات* ‬عن* ‬سبب* ‬المنع،* ‬إلا* ‬أنه* ‬ما* ‬فتئ* ‬يدافع* ‬عن* ‬الكرامة* ‬الإنسانية* ‬كلما* ‬سنحت* ‬له* ‬الفرصة* ‬بذلك*. ‬لم* ‬يتوقف* ‬أثناء* ‬نضاله* ‬من* ‬أجل* ‬الكرامة* ‬عند* ‬حد* ‬الكلام* ‬والكتابة* ‬والمحاضرات*. ‬بل* ‬إنه* ‬خصص* ‬من* ‬ريع* ‬كتبه* ‬جائزة* ‬لذلك*.‬


كان* ‬المنجرة* ‬قد* ‬أحدث* ‬جائزة* ‬*"‬الحوار* ‬الثقافي* ‬شمال*-‬جنوب*"‬* ‬عقب* ‬صدور* ‬كتابه* ‬*"‬* ‬الحرب* ‬الحضارية* ‬الأولى*. ‬وهي* ‬الجائزة* ‬التي* ‬تمنح* ‬منذ* ‬1992،* ‬يوم* ‬17يناير* ‬من* ‬كل* ‬سنة،* ‬وهو* ‬اليوم* ‬الذي* ‬يصادف* ‬ذكرى* ‬اندلاع* ‬حرب* ‬الخليج* ‬الأولى*. ‬هذه* ‬الجائزة* ‬حولها* ‬المنجرة* ‬إلى* ‬جائزة* ‬الكرامة،* ‬ينالها* ‬كل* ‬من* ‬يدافع* ‬عن* ‬الكرامة*.‬


بعد* ‬هذا* ‬المسار* ‬المليئ* ‬بالعطاءات* ‬والإنجازات* ‬والكتب* ‬والمحاضرات* ‬تعكس* ‬غيرة* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬وخوفه* ‬على* ‬مستقبل* ‬المغرب،* ‬بل* ‬مستقبل* ‬البشرية* ‬جمعاء*. ‬بعد* ‬كل* ‬هذا* ‬يعيش* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬اليوم* ‬طريح* ‬الفراش*
. ‬أما* ‬المسؤولون* ‬الذين* ‬طالما* ‬أرقهم* ‬كلامه* ‬فإنهم* ‬نسوه،* ‬بل* ‬تناسوه*. ‬لأن* ‬المرض* ‬ناب* ‬عنهم* ‬في* ‬منعه* ‬من* ‬محاضراته* ‬التي* ‬تزعجهم*. ‬الزلة* ‬الوحيدة* ‬التي* ‬ارتكبها* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬هو* ‬أنه* ‬ولد* ‬في* ‬وطن* ‬عاق،* ‬لا* ‬يعترف* ‬بالجميل* ‬الذي* ‬يقدمه* ‬له* ‬بعض* ‬أبنائه*. ‬لكن* ‬رغم* ‬كل* ‬ذلك* ‬غيرة* ‬على* ‬وطنه* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬مازالت* ‬متقدة*.‬ ‬


المهـدي* ‬المنجـرة* ‬ليس* ‬شخصــا* ‬لذاتــه


الحياة* ‬الشخصية* ‬والاجتماعية* ‬للأستاذ* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬تظهر* ‬من* ‬خلال،* ‬زيارة* ‬منزله*. ‬فالداخل* ‬إليه* ‬سيجد* ‬*"‬صالونا* ‬بلديا*"‬* ‬وآخر* ‬غربيا*. ‬والمنزل* ‬كله* ‬عبارة* ‬عن* ‬مكتبة،* ‬وأينما* ‬تجولت* ‬في* ‬أرجاء* ‬المنزل* ‬ستجد* ‬كتبا* ‬أو* ‬مجلات،* ‬ما* ‬يعكس* ‬تعلقه* ‬بالقراءة* ‬والكتابة*. ‬المنجرة* ‬إنسان* ‬منفتح* ‬على* ‬الحداثة،* ‬لكنه* ‬مغربي* ‬أصيل* ‬لا* ‬يتنكر* ‬لمغربيته*. ‬بل* ‬يعتز* ‬بها* ‬ولا* ‬يمكن* ‬أن* ‬يزايد* ‬عليه* ‬أحد* ‬في* ‬ذلك*. ‬رغم* ‬أن* ‬تكوينه* ‬الأكاديمي* ‬كان* ‬بإنجلترا* ‬إلا* ‬أنه* ‬يبقى* ‬المهدي* ‬المنجرة* ‬المغربي* ‬البسيط،* ‬الذي* ‬يعيش* ‬الطقوس* ‬والعادات* ‬المغربية* ‬بنوع* ‬من* ‬الاعتزاز*. ‬


أما* ‬التهميش* ‬الذي* ‬يتعرض* ‬له* ‬المنجرة* ‬فإنه* ‬ليس* ‬تهميشا* ‬لذاته* ‬كشخص،* ‬وإنما* ‬تهميش* ‬لمنظومة* ‬الحداثة* ‬والتغيير* ‬في* ‬زمن* ‬الرداءة*. ‬فليس* ‬المنجرة* ‬وحده* ‬من* ‬تعرض* ‬للتهميش،* ‬فهناك* ‬العديد* ‬من* ‬المفكرين* ‬طالهم* ‬التهميش*. ‬


لكن* ‬المنجرة* ‬كان* ‬أكثر* ‬تهميشا،* ‬بل* ‬إنه* ‬تعرض* ‬للمنع* ‬من* ‬المحاضرة* ‬بجامعات* ‬مغربية* ‬رغم* ‬أنه* ‬كان* ‬أول* ‬أستاذ* ‬مغربي* ‬درس* ‬بالجامعة* ‬المغربية* ‬وأصغر* ‬أستاذ* ‬بجامعة* ‬محمد* ‬الخامس*.‬المهدي* ‬المنجرة* ‬ليس* ‬شخصا* ‬لذاته* ‬إنه* ‬منظومة* ‬وبنيان،* ‬لقد* ‬نظر* ‬لقيم* ‬عالمية* ‬تجاوزت* ‬ما* ‬هو* ‬ذاتي*.‬


اسماعيل* ‬التزارني*
الأربعاء 24 أبريل 2013 - 13:30

صانعة النهضة 2014-03-13 16:13

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
المهدي المنجرة في سيرة مفكر استثنائي: خيبات المفكر… وجراحات ‘الاستشراف’ أمام أزمة الثقافة العربية المعاصرة

عمار عوني

December 11, 2013





يرقد المهدي المنجرة منذ أشهر طويلة في مستشفى عريق بالرباط وهو يعاني ربما من مرض قاس وقد بلغ من الكبر عتيا.

وربما الأنكى من ثقل المرض أنه يعاني من جراحات مسار فكري طويل تميز بالالتصاق بقضـــايا الحريات وحقوق الإنسان ومواجهة بغي السلطة الحاكمة ليس في بلده المغرب فحسب وإنما عبر العالم…

كيف لا وهو المفكر الذي ابتكر مفاهيم فكرية جديدة مثل ‘الاستعمار الجديد’ و’ الميغــا-امبريالية’ وسخر كتاباته لفضح جشع النيولبرالية-الامبريالية الجديدة المتوحشة والدفاع عن حق دول العالم الثالث في التنمية المستقلة وكتب عن نظام دولي منشود يقوم على العدالة والإنصاف والكرامة لـــكل الشعــوب والمجتمعات.

هذا المفكر وعالم المستقبليات الاستثنائي-وهو يصارع المرض الفاجع حاليا- ربما قد يجد سلوى في رؤية تنبؤاته تتحقق في الواقع العربي.إذا كان بشر بسيناريو ‘التغيير الجذري’ للأنظمة الحاكمة في العالم العربي واعتبر أن’ الانتفاضات الشعبية’ هي الحل الأخير لبناء مجتمعات عربية معاصرة تتوفر فيها المشاركة الشعبية وحقوق الإنسان منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي…

يتبع

صانعة النهضة 2014-03-13 16:34

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
*خيبات المفكر العربي:

إن ما دفعني إلى كتابة هذه الورقة المستعجلة بعض كلمات حدثتني بها إحدى المدرسات الجامعيات
التونسيات- وكان لقاؤنا صدفة في قسم اللغة والآداب العربية بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس- عن زيارتها الأخيرة إلى المغرب للمشاركة في ندوة علمية حيث سألتها عن المنجرة فصمتت قليلا وقالـــت بنبرة يغلبها الأســـى والحسرة:’أجل ! ..تمكنت من زيارته في المستشفى بعد عناء شديد وصعوبات شتي ووساطات…هناك حراسة مشددة على المستشـــــــفى والغرفة التي يرقد فيها. حتى الكثير من أصدقائه وطلبته لم يتمكنوا من زيارته…الموت قدر من الله ! لكنني رأيته في حالة غيبوبة شديدة… !! ‘.لقد دفعتني هذه الكلمات المقتضبة المتقطعة التي يلفها رداء الأسى والحزن التي قالتها هذه الأستاذة الجامعية إلى استدعاء هذه الأسطر المتفلتة من ذاكرة مكتظة بآلام الماضي وجراحات الحاضر المثخنة.
يمكن القول أن المنجرة ليس باحثا ومفكرا عربيا وإسلاميا فحسب وإنما هو مفكر ارتقى إلى العالمـــية وأصبح مفكرا كونيا إنسانيا بعد اعتراف أشهر المفكرين الأمريكيين المعاصرين صامويل هنتغتون بأن المهدي المنجرة قد سبقه إلى اكتشاف مفهوم ‘الحرب الحضارية’ وهو مصطلح من المصطلحات الفكرية التي غدت حاضرة بكثافة في كتـابات وبحوث علماء الاجتماع والسياسة والعلاقات الدولية منذ تسعينات القرن الماضي:’على خلاف موقف صامويل هانتنغتون التي اعترف ضمن مؤلفه’ صدام الحضارات’ بمرجعيــتي وأسبقيتي في طرح مفهوم الحرب الحضارية الأولى، فان موقفي هو موقف وقائي، أي أننا إذا أردنا تفادي الصدام فلا بد من خلق حوار حضاري بين شمال العــالم وجنوبه. أما عبارة”الحرب الصليبية’ التي تبناها بوش الابن في خطابه وإن بصورة عابرة فهي تبين ما ذهب إليه من قبله ابن خلدون حين قال بان القوي يفرض على الضعيف المنهزم قيمه وعباراته ولغته. وهذا الأمر ينطبق على دول الجنوب وينطبق أيضا على نظام الأمم المتحدة الذي اثبت صراحة سيره هو الآخر صوب نهايته…’ (1)

و يمكننا القول أيضا في هذا السياق أن هذا المفكرو باحث المستقبليات الذي سخر مسيرته العلمـــــية والفكرية الطويلة لتحليل المشكلات السياسية والاقتصادية والثقافية لدول العالم الثالث وبلورة بديل تنموي مستقبلي أصيل يجمع بين المحافظة على القيم الثقافية والتحرر من التبعية للقوى الامبريالية المتوحشة وبين التفتح على منجزات الحضارة المعاصرة من تكنولوجيــــــات وعلوم التربية ومعرفة قد عاش طيلة رحلة الحياة الزاخرة بالعطاء والإبداع الفكري نموذجا للمفكر العربي الاستثنائي،

المفكر الذي يجمع بين موضوعية البحــث والنظر ونزاهة التحلــــــــــــيل والاستنتاج واقتراح الحلول والبدائل الفكرية والاجتماعية،و المفكر الذي ضحى بـ’الوزارات’ والمناصب السياسية في المغرب وحتى على المستوى الدولي (استقال من الوظيفة السامية لليونسكو: Unesco ) من أجل أن لا يخون أفكاره ولا يقع في التناقض مــــــع القناعات والمبادئ التي يؤمن بها (الحرية،الكرامة،العدالة الاجتماعية والاقتصادية…).

يتبع

صانعة النهضة 2014-03-13 16:37

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
(1)المهدي المنجرة: الإهانة في عهد الميغا- امبريالية/ المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء، 2007،ط 5، ص:42.


وهكذا كان تركيز كتاباته ودراساته على دور القيم الثقافية في حياة المجتمعات والشـــــــــعوب ومحوريتها في أي مسعى مستقبلي لبناء حوار عادل وإنساني بين الحضارات: ‘الغرب متغطرس ثقافيا لأن فضاءه الزمني التاريخي محدود. حين تذهب إلى العراق أو الصين أو إلى أمريكا الجنوبية ثمة ثقافة متجذرة ومتطورة. في الولايات المتحدة تجد بالمقابل الأكلات السريعة (الفاست فود).

إن التقدم العلمي لا يعني آليا امتلاك ثقافة التواصل مع الآخر. أنا أعتقد أن العالم يعيش حالة انفجار،وهنا أعود لتعبير ‘الانتفاضة’. فالانتفاضة انفجار يحدث حين يبلغ السيل الزبى. ثمة ظلم هائل في العالم، ومن اللازم إيجاد الحلول كي يكون كل الناس رابحين وكي لا يكون هناك خاسر…’ (2)

لقد قدم المنجرة نموذجا متميزا وفريدا للمفكر والمثقف العربي المؤمن بآفاق التغيير السياســـي والاجتماعي والفكري في العالم العربي والإسلامي المعاصر، وأصبحت أفكاره منذ ثمانينات القرن الماضي مصدر اهتمام وقراءة ومتابعة على صعيد العالم العربي وحده وإنما على الصعيد العالمي.

وكان التزامه الحقيقي والصادق بالدعوة إلى ‘التغيير الجذري’ في عالمنا العربي والإسلامي مصدر أتعاب كبيرة إذ تمت مضايقته ومحاصرة أفكاره وكتاباته في بلده المغرب ومنع من إلقاء المداخلات والمحاضرات لأكثر من أربعين سنة، ومنع أيضا من دخول أغلب البلدان العربية مرات عديدة لخوف الأنظمة السياسية من أفكاره والمواقف التي يبشر بها أينما سافر وحيثما تكلم أو كتب أو ألقى مداخلته في أي مكان.

ذلك أن ممارسة التفكير العميق والحقيقي الذي ينشد بناء الإنسان الواعي وإعادة القيم الإنسانية الميتة إلى صفائها وجذوتها نشاط خطير على الأنظمة السياسية والبنيات الجامدة والمنغلقة على ذاتها وتصوراتها المنخرمة.

فالتفكير الذي يشرح أوجاع الحاضر وينشد المستقبل العادل يعبر عن مشروع للنسف والتغيير المبدع حيث يسمح: ‘لنا باعتبار النسق البيئي الاجتماعي بوضع مسافة بيننا وبين أنفسنا وبأن ننظر إلى أنفسنا من الخارج وبأن نموضع أنفسنا، أي الاعتراف بذاتيتنا’ (3)

يتبع



صانعة النهضة 2014-03-13 16:42

رد: فك الحصار عن المهدي المنجرة
 
*سيرة زاخرة بالأحداث:

تذكرني بعض الصفحات القليلة من السيرة الذاتية للمهدي المنجرة والتي أمكنني العثور عليها متفرقة في بعض مؤلفاته بنموذج المفكر/ المثقف الحامل لمشروع فكري أو ثقافي. وقليل من

(2) م.ن.ص:30

(3) ادغار موران: الفكر والمستقبل/ترجمة أحمد القصوار ومنير الحجوجي،دار توبقال للنشر، الدار البيضاء 2004،ط1،ص:47

المفكرين أو الفلاسفة حملوا مشاريع فكرية مستقبلية في تاريخ ثقافتنا العربية الإسلامية ومنهم
ابن رشد وابن خلدون وأبو إسحاق الشاطبي فكانت حياتهم محنا على محن وكان ثمن حلمهم بإعادة بناء منظومة التفكير وتغيير الواقع نشدانا للأفضل وتوقا إلى التجديد باهضا.

فالمفكر حامل المشروع الفكري يكون مثقفا إذا اتجه بأفكاره واطروحاته إلى الناس والتحم بهموم المجتمع وعاش آلامه وآماله.

لم يخصص هذا المفكر والباحث المختص في الدراسات المستقبلية مؤلفا لكتابة سيرته الذاتية ولكنه اكتفى بسرد نتف من الأحداث والوقائع التي عاشـــها وظلت حاضرة في ذاكرته وضمنها في فصول قصيرة ومقتضبة من بعض كتبه.

ولعل من بين الوقائع التي احتفظت بها ذاكرته منذ أيام الطفولة تلك الحادثة التي كان شاهدا عليها والتي جعلته ينتبه إلى مظاهر الذل الاجتماعي ودوس معاني الكرامة الإنسانية مبكرا، فماسح الأحذية الفقير الذي تعرض إلى الإهانة من طرف أحد الزبائن في مقهى من مقاهي الدار البيضاء ليست مجرد حادثة بسيطة إنما هي حادثة عميقة تكشف عن تجليات الشعور بالذل والمهانة في نفسية المواطن المغربي والعربي عموما.

وتعبر عن تراتبية ممارسة الإذلال وإلغاء الكرامة البشرية فيما بين المواطنين أنفسهم وفيما بينهم وبين السلطة الحاكمة، ثم ترتقي هذه الممارسة البشعة اللاإنسانية إلى القوى الامبريالية التي تمارسها على دول وشعوب العالم الثالث:

‘منذ أكثر من خمسين سنة وكنت وقتها في إحدى ثانويات الدار البيضاء، أعطانا أستاذ اللغة الفرنسية موضوعا للإنشاء يقول ‘أحكوا كيف أحسستم لأول مرة بالسخط أمام مشهد للظلم’..ولا زلت أحتفظ إلى اليوم بورقة درس الإنشاء هذا التي تتطرق لحدث معيش: كان أحد ماسحي الأحذية يعرض خدماته على أحد الزبائن على سطحية إحدى المقاهي، غير أن الزبون رفضها لمرتين قبل أن يقوم بركله .

تقدم الماسح إلى الشرطي كان شاهدا على الحدث شاكيا له ما تعرض له .طلب منه الشرطي الذهاب إلى حال سبيله لأنه هو المخطئ باعتبار أنه كان يتحرش بالزبون . إنها قصة طبعت حياتي ولا زالت ماثلة أمامي حتى اليوم من خلال الظلم الذي يتعرض له ملايين البشر في العالم …

وقد توسع هذا الشطط بعد بعد تفكك الإتحاد السوفياتي وبروز عصر الميغا-إمبريالية أي الإمبراطورية العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفها ذات الهندسة المتنوعة …’(4)
ومن بين الوقائع النادرة التي يستحضرهنا المهدي المنجرة في سياقات متنوعة من كتاباته علاقاته بالملك الراحل الحسين الثاني والتي لم يكشف عن الكثير من أسرارها وملابساتها :’علاقتي بالراحل الحسين الثاني ترجع إلى فترة الطفولة، تعرفت عليه وعمري ست سنوات،

وكانت
علاقتنا مبنية على الاحترام في إطار قول الحقيقة حتى أن أعضاء في أكاديمية المملكة كانوا يعتبرون جرأتي في الحديث عن أوضاع المغرب وعن الحياة السياسية راجعة إلى نوع خاص من الحماية أستمدها من معرفة قديمة بالملك، وهذا ليس صحيحا أبدا، ليس في الموضوع سر .كان الملك يعرف أرائي وطبعي وموقفي وعدم أستعدادي للتفاوض أو التنازل عن حريتي وكان يحترم ذلك.
يتبع


الساعة الآن 13:31

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd