منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى المواضيع الأدبية المنقولة (https://www.profvb.com/vb/f210.html)
-   -   وقفات مع الشعر والتاريخ (https://www.profvb.com/vb/t134799.html)

روبن هود 2014-01-20 11:03

رد: وقفات مع الشعر والتاريخ
 
لم تطو هذه الصفحة إلا لتبدأ صفحة جديدة من العذاب والمعاناة دامت أكثر من قرن.

لقد كان تسليم غرناطة مشروطا بتحقيق بعض المطالب، منها الحفاظ على الهوية الدينية لسكان الأندلس واحترام ممارسة الشعائر. لكن وعود المسيحيين لم تجد طريقها إلى أرض التنفيذ، إذ فور تسلم الملكين الكاثوليكيين المدينة، دخل الكاردينال موندوسا إليها وقرع الأجراس وتلى صلاة الحمد، ثم يدأ نقض كل المواثيق. ويمكن تلخيص أنواع الإضطهاد التي تعرض لها المسلمون هناك فيما يلي:

ـ تحويل المساجد إلى كنائس ورفع الصلبان عليها.

ـ منع الأذان.

ـ إحراق الكتب.

ـ منع استخدام اللغة العربية.

ـ منع اللباس المرتبط بالهوية الأندلسية الإسلامية.

ـ منع الإحتفال بالعيد والمناسبات الدينية.

ـ سلب الأموال والممتلكات.

ـ العرض على محاكم التفتيش التي تكون أحكامها غالبا الإعدام حرقا.

وأمام هذا الإضطهاد، لم يكن أمام أهل الأندلس سوى المقاومة من أجل المحافظة على هويتهم. فبدأ ال**** في حي البيازين وجبل البشرات وغيرهما، وتظاهر بعض السكان باعتناق المسيحية في حين حافظوا على إسلامهم في السر، وهؤلاء هم الموريسكيون.

ثم بدأت مرحلة من الإضطهاد، اتسمت بالتهجير الجماعي، حيث كان ـ في بداية الأمر ـ يتم تهجير المسلمين إلى المدن ذات الغالبية النصرانية حتى يذوبوا في بيئتهم الجديدة وتنمحي هويتهم.

ولم تؤت هذه السياسة النتائج التي كان الإسبان يرجونها، فبدأت عملية واسعة من التهجير إلى خارج إسبانيا. وهذه العملية عرفت جرائم غير مسبوقة، إذ كان السكان يحملون في السفن بعد أن تسلب أموالهم وتصادر ممتلكاتهم ومنازلهم، ثم يلقى بهم في عرض البحر ليموتوا غرقا. والذين تم تهجيرهم برا لم يكونوا يبلغون وجهتهم: فقد كانوا في الغالب يذهبون ضحية الجوع والمرض.

وقد تجاوز عدد الشهداء من الأندلسيين منذ سقوط غرناطة إلى نهاية عملية التهجير الجماعي أزيد بكثير من ثلاثمائة ألف شهيد.

ولم ينج إلا أولئك الذين نجحوا في الهجرة إلى المغرب والجزائر وتونس وصالونيك باليونان وباقي المناطق التي كانت تحت حكم العثمانيين.

بعد أن استتب الأمر للإسبان، عمدوا إلى طمس معالم الحضارة الإسلامية، ليضيعوا، بسبب الكراهية والتعصب الديني، جزءا هاما من تاريخهم وتاريخ البشرية، وقسطا وافرا من التراث الإنساني. ولم تستمع إسبانيا إلى صوت العقل إلا تحت ضغط وتأثير المؤرخين المنصفين والجمعيات المدافعة عن الأصول الأندلسية لإسبانيا، فاتجه الأسبان نحو الحفاظ على ما تبقى من الإرث الأندلسي وتقديمه إلى العالم كرصيد سياحي وثقافي.

خادم المنتدى 2014-01-26 15:04

رد: وقفات مع الشعر والتاريخ
 
http://img191.imageshack.us/img191/2645/yje.gifhttp://img18.imageshack.us/img18/6640/6erh.gif

روبن هود 2014-01-29 09:52

رد: وقفات مع الشعر والتاريخ
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خادم المنتدى (المشاركة 712888)

شكرا لك أخي خادم المنتدى

روبن هود 2014-01-29 09:57

رد: وقفات مع الشعر والتاريخ
 
هذه قصة الأندلس.. قصة تجربة حضارية دامت ثمانية قرون، وألهمت العالم، وبانتهائها لم يعد العالم كما كان.

قصة الأندلس التي أعطت الفقيه ابن حزم، والعالم الأصولي المقاصدي أبا إسحاق الشاطبي، وأعطت ابن مالك، صاحب الألفية، وابن زهر الطبيب، وأعطت الزهراوي، الطبيب الجراح، وابن طفيل الفيلسوف، وغيرهم كثير.

قصة الأندلس، التي علمت الإنسانية الكثير، والتي كان سقوطها من أكثر الأحداث مأساوية.

هي قصة تحتاج إلى كثير من النظر والإعتبار.. إنها جزء من التاريخ، لكن التاريخ ليس مجرد ماض، وليس تراكما عشوائيا للأحداث. بل هو خلاصة تجارب بشرية، يحمل في طياته نواميس وقوانين وسنن، على الإنسان استكشافها، لأن اكتشافها يمكن من تفادي السقوط، وذلك إذا تم تعديل مقدمات السقوط الحضاري. فتعديل المقدمات هو نوع من التحكم في النتائج.

إن إحدى خاصيات السنن: الاطراد. فكلما تكررت المقدمات، تكررت معها نفس النتائج. وإذا عدل الإنسان المقدمة قبل فوات الأوان، تتعدل النتيجة.

لكن السنن تتميز أيضا بعدم المحاباة: فهي تجري على المسلم والكافر، وعلى البر والفاجر.. الأندلس كانت إسلامية لكن جرت عليها سنة الخالق.

هكذا التاريخ،الأمة أو الجماعة الأكثر استعدادا للقيادة هي من يقود البشرية، وعندما تظهر في هذه الجماعة أو الأمة بوادر الضعف وعوامل التراجع، تقوم أمة أكثر استعدادا وأهلية، أخلاقيا ومعرفيا، بتسلم القيادة.

لقد ظهرت في الأندلس عوامل، حين يتوفر واحد منها فقط يؤدي إلى الإنهيار، فما بالك إذا توفرت مجتمعة. لقد ظهرت في جسم الأندلس أمراض، أدت إلى السقوط، من بينها:

ـ التفرق والاستعانة بالأجنبي.

ـ النزعة القبلية، إذ كان بعض الملوك يتزوجون من العرب والبربر والصقالبة، وكل واحدة من النساء تريد ابنها وليا للعهد، الشيء الذي أدى إلى الدسائس والصراعات.

ـ الترف والبذخ.

التاريخ كتاب مفتوح، ليس للتسلية، بل لاستمداد أسباب القوة عبر الإستفادة من التجارب السابقة واستثمار التراكم الذي خلفته الإنسانية على هذه الأرض. لذلك دعا القرآن الكريم إلى الإعتبار والنظر من أجل التعرف على السنن التي تحكم التاريخ وتتحكم في صعود وانهيار الأمم والحضارات: "قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين". والأمة التي توافق السنن الكونية والتاريخية والشرعية تكون وجدت الطريق القويم.

أتمنى أن يكون هذا الموضوع (وقفات مع الشعر والتاريخ) راقكم.

بقلم: روبن هود


الساعة الآن 04:51

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd