الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى المواضيع الأدبية المنقولة > قصص وروايات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-07-25, 16:33 رقم المشاركة : 1
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي مدخل لدراسة «اللص والكلاب»




مدخل لدراسة «اللص والكلاب»

للأديب الراحل نجيب محفوظ(1911 / 2006)

مداخل لدراسة المؤلَّف:

المدخل الأول: الرواية و الرواية العربية.

تعد الرواية ناتج رؤية فردية لا تنفصل عن المعطيات الاجتماعية ما دام يكتبها شخص معين عاش أو يعيش في ظروف اجتماعية محددة، تحكمه مشاكل معينة هي خليط من التاريخ و الاقتصاد والسياسة و الفكر. إن العالم الروائي هو الشكل الذي يعيشه الإنسان كل يوم، لذلك يقول الدكتور عبد الله العروي بأن موضوع الرواية المفضل هو الكشف عن بنية اجتماعية عبر تجربة فردية، بمعنى أن دور الرواية هو تعرية وضعية اجتماعية يعيشها أبطالها، و من خلال معايشتهم تلك البنية، يتم التعبير عن النوايا و الطموحات و الآلام و الآمال التي تظل أخيرا و دائما أفكاراً لصاحبها.

يتفق معظم الدارسين على أن رواية ( زينب ) لمحمد حسين هيكل، هي البداية الفعلية لمسار الرواية العربية. و إن كان مثل هذا الفن في هذه الفترة غير مرغوب فيه، لأن أشكالا أدبية كانت تفرض نفسها على الساحة الأدبية و الفكرية، ولأن الكشف عن هموم الذات، و علاقات الحب و الغرام، و الوضع العائلي، كانت تعتبر من الأشياء الحميمية التي لا يحسن الحديث عنها.

و قد كان الاهتمام في هذه البدايات الأولية للرواية قاصرا على اشتغال الكاتب إما بالتلوينات اللفظية و الأسلوبية، و إما بالقذف بالنصائح و المواعظ و العبر في وجه القارئ مفتقرةً إلى التقعيد الصحيح و المواصفات الضرورية للنص الروائي كما وُجِدَ عند الغربِ. و كان لاتصال العرب بأوروبا أثره الفاعل في إنتاج الكتابة الروائية العربية.فلعل الثقافة، و نشوء الطبقة الوسطى، و التحول الجديد في التركيبة الاجتماعية، و الآفاق التي انفتحت على المجتمع الأوروبي الحديث و ثقافته، لعل لكل هذا أثره في نشوء الرواية العربية تطورها عبر جميع مراحلها.










: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=667285
آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2013-07-25 في 16:35.
    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-25, 16:37 رقم المشاركة : 2
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مدخل لدراسة «اللص والكلاب»



تحليل رواية اللص والكلاب
الوصف في الرواية:

ينصب الوصف على الأشخاص والأمكنة والأشياء والوسائل، وله وظائف جمالية ودلالية وتوضيحية تفسيرية. ويقوم الوصف بتمثيل الموجود مسبقا ومحاكاته من أجل الإيهام بوجوده الحقيقي والمرجعي( الإيهام بالواقعية). ويهتم الوصف في الرواية الواقعية بتحديد المجال العام الذي يتحرك فيه الأبطال. ويعني هذا أن الوصف يستخدم في تحديد الخطوط العريضة لديكور الرواية، ثم لإيضاح بعض العناصر التي تتميز بشيء من الأهمية.
ومن العناصر التي تم التركيز عليها وصفا وتشخيصا وتجسيدا تصوير الشخصيات فيزيولوجيا واجتماعيا وأخلاقيا ونفسانيا، كوصف سناء التي أثارت أباها سعيد مهران بوجودها الرائع ؛ لأنه ترك بنته الوحيدة وهي طفلة صغيرة بين الأيدي الخائنة:” وعندما ترامى وقع الأقدام القادمة ، خفق قلب سعيد خفقة موجعة وتطلع إلى الباب وهو يعض على باطن شفتيه. مسح تطلع شيق وحنان جارف جميع عواصف الحنق. وظهرت البنت بعينين داهشتين بين يدي الرجل، ظهرت بعد انتظار طال ألف سنة. وتبدت في فستان أبيض أنيق وشبشب أبيض كشف عن أصابع قدميها المخضبتين. وتطلعت بوجه أسمر وشعر أسود مسبسب فوق الجبين فالتهمتهما روحه.”
ويصف الكاتب رؤوف علوان ساخرا من مبادئه الزائفة وثورته الواهمة التي ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء والفقراء والبؤساء وزجوا بهم في السجن من أجل أن يستفيدوا من المناصب السامية ويقتسموا الثروة ليعيش الآخرون جوعا وفاقة:” رؤوف علوان، خبرني كيف يغير الدهر الناس على هذا النحو البشع؟! الطالب الثائر. الثورة في شكل طالب. صوتك القوي يترامى إلي عند قدمي أبي في حوش العمارة، قوة توقظ النفس عن طريق الأذن،عن الأمراء والباشوات تتكلم. وبقوة السحر استحال السادة لصوصا. وصورتك لاتنسى وأنت تمشي وسط أقرانك في طريق المديرية بالجلابيب الفضفاضة وتمصون القصب… وكنت بين المستمعين لك عند النخلة التي نبتت عند جذورها قصة حبي وكان الزمان ممن يستمعون لك. الشعب… السرقة… النار المقدسة. الثروة…الجوع….العدالة المذهلة. ويم اعتقلت ارتفعت في نظري إلى السماء. وارتفعت أكثر يوم حميتني عند أول سرقة. ويوم رد حديثك عن السرقة إلي كرامتي. ويوم قلت لي في حزن” سرقات فردية لا قيمة لهان لابد من تنظيم!”. ولم أكف عن القراءة والسرقة بعد ذلك. وكنت ترشدني إلى السماء الجديرة بالسرقة. ووجدت في السرقة مجدي وكرامتي. وأغدقت على أناس كان من بينهم للأسف عليش سدرة.”
ووصف الكاتب عليش سدرة و زوجته نبوية وخليلته نور في عدة مواضع من الرواية عبر مستويات خارجية واجتماعية وأخلاقية ونفسية تكشف لنا انتهازية عليش وخيانة رؤوف علوان ومكر نبوية واستهتار نور وصفاء الشيخ الجنيدي ونكران سناء لأبيها الخارج من السجن .
وينقل لنا الكاتب أمكنة متناقضة ، البعض منها يوحي بالغنى والثراء كڤيلا رؤوف علوان الغاصة بالأشياء الثمينة، والبعض الآخر يوحي بالفقر والفاقة والخصاص كشقة نور.
وإليكم مقطعا وصفيا يتداخل فيه وصف المكان ووصف الأشياء لتجسيد التفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي:” وأضاء خادم النجفة بصر سعيد بمصابيحها الصاعدة ونجومها وأهلتها. وعلى ضوئها المنتشر تجلت مرايا الأركان عاكسة الأضواء، وتبدت التحف الثاوية على الحوامل المذهبة كأنها بعثت من ظلمات التاريخ، وتهاويل السقف وزخارف الأبسطة والمقاعد الوثيرة والوسائد المستقرة عند ملقى الأقدام. وأخيرا استقر البصر على وجه الأستاذ الممتلئ المستدير، ذلك الوجه الذي طالما عشقه وحفظه عن ظهر قلب لطول ما أحدق فيه منصتا. وبينا راح الخادم يفتح بابا مطلا على الحديقة في الجدار الأيسر ويكشف عنه ستائره مضى وهو ينظر إلى الأستاذ ويلحظ الروائع مسترقا.”
و يلاحظ أن الكاتب لم يفصل كثيرا في وصف شخصياته وأماكنه وأشيائه كما كان يفعل بلزاك وستندال وفلوبير، بل اكتفى بفقرات موجزة ومقاطع موحية. ولكن وصفه لم يكن مقلا كما هو الحال عند الروائيين الجدد والذي كان يتسم بالإضمار والحذف والاختزال. وقد أحسن نجيب محفوظ وصف الأشياء التي تشير إلى تبرجز المجتمع العربي وشروعه في التأثيث وتملك الأشياء واقتناء التحف والأدوات الثمينة.






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-25, 16:40 رقم المشاركة : 3
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مدخل لدراسة «اللص والكلاب»


ملخص رواية اللص و الكلاب - شرح و تلخيــص مفصل لرواية اللص و الكلاب


يعتبر نجيب محفوظ من أهم الروائيين العرب الذين أرسوا دعائم الرواية العربية تجنيسا وتجريبا وتأصيلا وقد تميز نجيب محفوظ بتعدد أشكاله السردية وتعدد المواضيع والقضايا التي تناولها في إطار رؤى فلسفية مختلفة في تصوير مصر و تشخيص فضاء القاهرة. وبذلك، يكون نجيب محفوظ الناطق المعبر عن مجتمع مصر وتاريخها، ومن أهم الروايات التي أنتجها نجيب محفوظ رواية" اللص والكلاب" التي اتخذت طابعا رمزيا وذهنيا على مستوى المقصدية المرجعية والرسالة الفنية .
رواية "اللص والكلاب "تقوم علي خط الصراع الأساسي بين "اللص والكلاب" أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور العمود الفقري الذي يربط فصول الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها، فلا يتكلف نجيب محفوظ مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه يدفع بالقارئ فورا إلي الموقف الأساسي في الرواية، ويمكن للقارئ أن يضع يده علي الخيط الأول وبذلك لا يحس بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني .


وتبدأ الوضعية الأولية مع الفصول الأربعة الأولى إذ يسجل الفصل الأول ( 01 ) خروج سعيد مهران من السجن بعد أربع سنوات قضاها فيه، ويتوجه إلى الحي الذي كان يقطنه، ويجتمع سعيد مع عليش بحضور المخبر وبعض الجيران لمناقشة مطالبته بابنته وماله وكتبه.إلا أن عليش ينكر وجود المال ويرفض تسليم البنت بدون محكمة ويعطيه ما تبقى من الكتب. وأمام هذا الوضع المخيب لآماله، يبدأ سعيد مع الفصل الثاني ( 02 ) التخطيط لمرحلة ما بعد السجن حيث توجه إلى طريق الجبل لمقابلة الشيخ صديق والده محاولا إقناعه بقبول ضيافته إلى أن يحقق الانتقام من زوجته الخائنة وعليش الغادر رافضا محاولة الشيخ تنيه عن قرار الانتقام بالتركيز في حواره على القيم الروحية المبنية على الإيمان ،وبعد قضاء سعيد أول ليلته في ضيافة الشيخ علي جنيدي ، يبدأ سعيد مع الفصل الثالث ( 03 ) خطوة تالية يتوجه فيها صوب صديق الطفولة الصحفي رءوف ، حيث انتظره قرب البيت ،بعدما فشل في مقابلته بمقر جريدة "الزهرة"، وتبادلا ذكريات الماضي على مائدة الطعام ،وقد انزعج رءوف من تلميحات سعيد التي تنتقد ما عليه من جاه ومكانة اجتماعية فانتهى اللقاء بتأكيد رءوف على أنه أول وآخر لقاء له مع سعيد ،مما جعل سعيد يستكمل في الفصل الرابع ( 04 ) شريط الخيانة التي تلقاها من أقرب الناس إليه عليش صبيه الذي بلغ عنه الشرطة للتخلص منه والإنفراد بغنيمة الزوجة والمال ،و نبوية الزوجة التي خانته بتواطئ مع صبيه عليش،ثم رءوف الانتهازي الذي زرع فيه مبادئ التمرد وتنكر هو لها. فكان كل ذلك دافعا قويا لاتخاذ قرار الانتقام والبداية برءوف أقرب فرصة مناسبة، إلا أن رءوف كان يتوقع عودته ونصب له كمينا أوقع به ليطرده من البيت خائبا .
وتبدأ سيرورة الحدث مع الفصل الخامس ( 05 ) بتوجه سعيد إلى المقهى حيث يتجمع أصدقاء الأمس،ومده صاحب المقهى "طرزان" بالمسدس الذي طلبه ، وكان الحظ في صفه هذه المرة عندما التقى ب "نور" التي خططت معه للتغرير بأحد رواد الدعارة وسرقة سيارته ،ويصور الفصل السادس ( 06 ) تفاصيل نجاح الخطة التي رسمتها ريم للإيقاع بغريمها وتمكن سعيد من السطو على السيارة والنقود ، ويشرع سعيد مع الفصل السابع ( 07 ) في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وكانت البداية بمنزل عليش الذي اقتحمه ليلا و باغث صاحبه بطلقة نارية أردته قتيلا ،وتعمد التغاضي عن الزوجة لرعاية ابنته سناء، ثم هرب سعيد من مسرح الجريمة بعدما تأكد من نجاح مهمته. إلا أن الفصل الثامن ( 08 ) ينقل لنا المفاجأة ،إذ بعد تنفيذ الجريمة،لجأ سعيد إلى بيت الشيخ رجب فجرا واستسلم لنوم عميق امتد حتى العصر ،فاستيقظ على حلم مزعج يتداخل فيه الواقع بالخيال ،ويصله خبر وقوع جريمة ضحيتها رجل بريء يدعى شعبان حسن،فكان خبر فشل محاولته مخيبا يندر ببداية المتاعب والمصاعب،فهرب سعيد إلى الجبل تفاديا لمطاردة الشرطة .
وهذا الحادث الطارئ أزم وضعية سعيد مما جعله مع الفصل التاسع ( 09 ) يغير خطة عمله بالتوجه إلى نور،وقد استحسن مكان إقامتها المناسب لاختفائه عن أعين الشرطة، ورحبت نور برغبة سعيد في الإقامة عندها مدة طويلة ، وأبان سعيد عبر الفصل العاشر ( 10 ) عن ارتياحه بإقامته الجديدة ،وكان خروج نور وبقائه وحيدا في البيت فرصة لاسترجاع ذكريات تعرفه على نبوية وزواجهما الذي أثمر البنت سناء. ،ثم التوقف عند غدر عليش وخيانة نبوية.ليعود إلى واقعه مع نور التي جاءته بالطعام والجرائد التي لا زالت مهتمة بتفاصيل جريمة سعيد ،مع إسهاب رءوف في تهويل وتضخيم صورة سعيد المجرم الذي تحول إلى سفاك الدماء،فطلب سعيد من نور شراء قماش يناسب بذلة ضابط لإعداد الخطة انتقامية جديدة ،ويعود سعيد مع الفصل الحادي عشر ( 11 ) إلى الذكريات التي تنسيه عزلته في البيت عندما تغيب نور مسترجعا تفاصيل طفولته المتواضعة مع والده البواب،وكيف تأثر بتربية الشيخ علي الجنيدي الروحية،وإعجابه بشهامة رءوف الذي زرع فيه مبادئ التمرد وشجعه على سرقة الأغنياء كحق مشروع ،وتأتي نور لتقطع شريط الذكريات وهي منهكة من ضرب مبرح تلقته من زبنائها،مع محاولة سعيد الرفع من معنوياتها المنهارة والتخفيف من آلامها. ومع الفصل الثاني عشر ( 12 ) يكون سعيد قد أكمل خياطة بذلة الضابط مما زاد تخوف نور من ضياع سعيد مرة أخرى خاصة وأن الصحافة لا زالت منشغلة بجريمته الأولى ،والشرطة تشدد الخناق عليه ،فحذره طرزان من التردد على المقهى التي تخضع لمراقبة المخبرين .
ويبدأ تأزم العقدة مع الفصل الثالث عشر ( 13 ) عندما عاود سعيد زيارة طرزان الذي اخبره بتواجد المعلم بياضة لعقد صفقة،فاعترض سعيد المعلم بياضة لمعرفة مكان عليش ،إلا أنه أخلى سبيله بعد الفشل في جمع معلومات منه تفيد في معرفة مكان عليش وهو الأمر الذي جعله يغير وجهة الانتقام إلى رءوف ليشرع مع الفصل الرابع عشر ( 14 ) في تنفيذ خطته بارتداء بذلة الضايط التنكرية والتوجه نحو بيت رءوف حيث باغته وهو يهم بالخروج من السيارة،ليفر سعيد بعد تبادل إطلاق النار مع عناصر الشرطة،وتعود نور للبيت متخوفة من ضياع سعيد بعد تداول خبر تعرض رءوف لمحاولة اغتيال .وجاء الفصل الخامس عشر ( 15 ) يحمل أخبار إخفاق سعيد في قتل رءوف ،وسقوط البواب ضحية جديدة لخطأ سعيد، فكانت خيبته كبيرة ولم تزده إلا إصرارا على معاودة المحاولة مهما كلفه ذلك من ثمن .
ومع الفصل السادس عشر ( 16 ) تبدأ الوضعية النهائية وتظهر النتيجة من خلال تطورات مفاجئة تسير عكس طموحات سعيد ، أولها غياب نور المفاجئ،و طرزان الذي زوده بالأكل وحذره من المخبرين الذين يتربصون بالمقهى.وتبدأ النهاية في الاقتراب مع الفصل السابع عشر ( 17 ) عندما تأتي صاحبة بيت نور تهدد بالإفراغ فأصبح البيت يشكل خطرا عليه، فقرر الهروب إلى طريق الجبل عند الشيخ علي ، حيث ستكون النهاية مع الفصل الثامن عشر ( 18 ) عندما يستيقظ سعيد من نوم عميق فيجد المنطقة محاصرة بالشرطة ويتحصن بالمقبرة حيث كانت نهايته بعد مقاومة يائسة .

تحــليل ملخـص

من خلال هذه المضامين يتبين أن القوى الفاعلة هي صانعة الحدث ،وأول هذه القوى الشخصيات والبداية كانت مع سعيد مهران بطل الرواية ، ضحية مؤامرة الغدر والخيانة خرج من السجن ليثأر من الكلاب ،بدأ في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وثأر، محتميا مع كل واقعة بنور حتى تهدأ العاصفة ويسترجع أنفاسه،ويتحرك من جديد مع جريمة ثانية ،إلا أن الفشل كان يلاحقه في كل مرة ، فيفقد التركيز والقدرة على التحرك بحرية مما عجل بنهايته .
ويعتبر عليش صبي سعيد بطل المؤامرة، أوقع بسعيد في السجن ليظفر بالمال ونبوية الزوجة الخائنة التي تواطأت مع عليش للتخلص من سعيد.أما رؤوف علوان ، صديق سعيد الذي زرع فيه مبادئ التمرد على المجتمع والطبقية وتنكر لها ولصديقه، تحول إلى عامل معاكس ،حرض الرأي العام وشدد الخناق على سعيد بمقالاته الصحفية المبالغة في تضخيم الحدث، ويصبح عامل موضوع عندما أصبح مستهدفا في عملية الانتقام ليزداد قوة كعامل معاكس أحبط خطة سعيد وأزم وضعيته .
وتتوزع باقي الشخصيات بين شخصيات معارضة كالمخبر الذي لعب دور الوسيط بين سعيد وعليش ويقدم الدعم والحماية القانونية لعليش،و سكان الحارة ويرى فيهم سعيد امتدادا للخيانة والغدر بقبولهم التعايش مع عليش وخاصة المعلم بياضة. أما الشخصيات المساعدة فنجد طرزان صاحب المقهى، يمد سعيد بمساعدات تعينه على متابعة مخططه الانتقامي،و نور امرأة تمتهن الدعارة وتقدم الدعم والعون لسعيد إلى حد المخاطرة بحياتها ،فكانت عاملا مساعدا تمثل الخلاص الآمن لسعيد قبل أن تصبح عاملا معاكسا بغيابها الذي عجل بنهاية سعيد ،كما نجد الشيخ على الجنيدي صديق والد سعيد، ويمثل الجانب الروحي الغائب عن سعيد، فأصبح ملاذا لسعيد كلما ضاقت به السبل ،وهناك شخصيات عارضة وضعتها الصدفة في طريق سعيد ولم تسلم من شره كصاحب السيارة غنيمة عرضية مكن سعيد من انجاز خطته الانتقامية بكل سهولة،و شعبان حسن ثم البواب ضحية تقديرات سعيد الخاطئة ،في حين يبقى رجال الشرطة عاملا معاكسا ضيق الخناق على سعيد إلى حد القضاء عليه .
وكانت المواقع هي المجال الذي تستثمر فيه الشخصيات الحدث والبداية من ميدان القلعة ، الحي الذي كان يقطنه سعيد ، منه دبرت مؤامرة سجنه، وإليه عاد للانتقام،وهو مسرح أول جريمة يقترفها ،ويعتبر طريق الجبل مأوى سعيد يلجأ إليه كلما ضاقت به السبل وعز الأصحاب كما مكنه من التخفي بعيدا عن أعين الشرطة ، و بيت " فيلا " رؤوف علوان يعتبر شاهدا على تبدل القيم وأول نقطة يباشر منها سعيد انتقامه وهو أيضا مسرح الجريمة الثانية الفاشلة،وهناك مواقع مساعدة كالمقهى الذي يمثل السند والحماية الخلفية لسعيد، و بيت نور عامل مساعد أيضا مكن سعيد من الشعور بالأمان، ومتابعة تطورات جريمته عن بعد قبل أن يتحول إلى مصدر تهديد لسعيد عند غياب نور المفاجئ ، وتمثل المقبرة النهاية الحتمية لأخطاء سعيد الطائشة .
من هنا كانت الوقائع كلها تتمركز حول أطوار عملية الانتقام التي باشرها سعيد بعد خروجه من السجن ،حيث تكونت لديه معطيات مقنعة لتبرير عملياته الانتقامية ،والبداية كانت مع صديقه رءوف الذي أحبط محاولته، ليشرع سعيد في مباشرة خطة الانتقام بطريقة عملية ومدروسة،إلا أن الفشل كان حليفه مرة أخرى،ليعاود عملية انتقامية جديدة صوبت نحو رءوف وكانت ناجحة على مستوى الإعداد وفشلت بفعل التسرع والتهور. فضيق سعيد الخناق على نفسه حيث تمت محاصرته من كل الجوانب والقضاء عليه دون أن يظفر بشيء مما كان يخطط له .
ففصول الرواية بكل تجلياتها تضعنا أمام وضع اجتماعي منحرف يجمع بين الجريمة وفساد القيم ،مع ما توفره السلطة من حماية وتغطية تزيد من قوة المفسدين الكبار ، إضافة إلى ما تكشف عنه الدعارة من مآسي إنسانية كارثيه ، و تجارة السلاح التي تغذي عنصر الجريمة وما يتنج عنها من ضحايا أبرياء لا علاقة لهم بالصراع .
وأمام هذا الغليان الاجتماعي لا يمكن إلا أن نجد بعدا نفسيا يطبعه التوتر والتوجس كقاسم مشترك بين كل الشخصيات وإن اختلفت الأسباب والدوافع ،وقد تطور إلى الغضب والحقد والرغبة في الانتقام في سادية واضحة تغمر سعيد وهو يقبل على الانتقام ،أو رءوف وهو يتلذذ بمطاردة سعيد للتخلص منه، لتكون النهاية مثخنة بالإحباط والندم ثم الموت،بعد مشوار طويل من القلق والاضطراب والضياع .
ونجيب محفوظ كان بارعا في نقل فصول وأطوار العملية الانتقامية التي كرس لها سعيد كل جهوده ،حيث أخضع الرواية لبناء محكم يبدأ بالوضعية الأولية،ثم سيرورة الحدث وتطوراته، وانتهاء بالوضعية النهائية التي تضعنا أمام نهاية الحدث والنتيجة التي آل إليها سعيد مهران .
ويستند الكاتب في نقل تفاصيل رواية " اللص والكلاب " إلى الرؤية من الخلف واستعمال ضمير الغائب والسارد المحايد الموضوعي الذي لا يشارك في القصة كما في الرؤية من الداخل، بل يقف محايدا من الأحداث يصف ويسرد الوقائع بكل موضوعية، فهو يملك معرفة مطلقة عن الشخصيات ويعرف كل شيء عن شخصياته المرصودة داخل المتن الروائي خارجيا ونفسيا .
ومن وظائف السارد في الرواية السرد والحكي، وهذه هي الوظيفة الأساسية للسارد، إضافة إلى وظيفة التنسيق بين الشخصيات، ووظيفة الوصف من خلال تشخيص الشخصيات ووصف الأمكنة والأشياء ، ووظيفة النقد التي تتجلى في نقد الواقع وتشخيص عيوبه ومساوئه الكثيرة ولاسيما تفاوته الاجتماعي والطبقي .
وهذا ما جعل الوصف ينصب على الأشخاص والأمكنة والأشياء والوسائل، وله وظائف جمالية ودلالية وتوضيحية تفسيرية. ويقوم الوصف بتمثيل الموجود مسبقا ومحاكاته من أجل الإيهام بوجوده الحقيقي والمرجعي ( الإيهام بالواقعية ). ويهتم الوصف في الرواية الواقعية بتحديد المجال العام الذي يتحرك فيه الأبطال. ويعني هذا أن الوصف يستخدم في تحديد الخطوط العريضة لديكور الرواية، ثم لإيضاح بعض العناصر التي تتميز بشيء من الأهمية .
ومن العناصر التي تم التركيز عليها وصفا وتشخيصا وتجسيدا تصوير الشخصيات فيزيولوجيا واجتماعيا وأخلاقيا ونفسانيا، كوصف سناء التي أثارت أباها سعيد مهران بوجودها الرائع؛ ويصف الكاتب رءوف علوان ساخرا من مبادئه الزائفة وثورته الواهمة التي ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء والفقراء ، ووصف عليش سدرة و زوجته نبوية وخليلة سعيد نور في عدة مواضع من الرواية عبر مستويات خارجية واجتماعية وأخلاقية ونفسية تكشف لنا انتهازية عليش وخيانة رءوف علوان ومكر نبوية واستهتار نور، وصفاء الشيخ الجنيدي ونكران سناء لأبيها الخارج من السجن .


وينقل لنا الكاتب أمكنة متناقضة ، البعض منها يوحي بالغنى والثراء كڤيلا رءوف علوان الغاصة بالأشياء الثمينة، والبعض الآخر يوحي بالفقر والفاقة والخصاص كشقة نور .
و يلاحظ أن الكاتب لم يفصل كثيرا في وصف شخصياته وأماكنه وأشيائه ، بل اكتفى بفقرات موجزة ومقاطع موحية.
و يلاحظ أن الزمن السردي في الرواية زمن صاعد خطي ينطلق من حاضر الخروج من السجن إلى مستقبل الاستسلام والموت. بيد أن هذا الزمن ينحرف تارة إلى الماضي لاسترجاعه( فلاش باك )، أو إلى المستقبل من أجل استشرافه. و يزاوج الكاتب على مستوى الإيقاع بين السرعة والبطء،ويتجلى إيقاع السرعة في الحذف والتلخيص، أما إيقاع البطء فيكمن في الوقفة الوصفية والمشاهد الدرامية .
وبهذا، تتخذ الرواية طابعا سينمائيا حركيا ، لأن المتن الروائي كتب بطريقة السيناريو القابل للتشخيص السينمائي والإخراج الفيلمي الدرامي. وفعلا، فقد تم إخراج هذا الفيلم سينمائيا منذ سنوات مضت في مصر؛ نظرا لتوفر الرواية على لقطات بصرية وحركية تستطيع جذب المتفرج .
وعلى مستوى الصياغة الأسلوبية وظف نجيب محفوظ في روايته عدة أساليب سردية لنقل الأحداث والتعبير عن مواقف الشخصيات. ولقد أكثر من السرد ليقترب من الواقع أكثر لمحاكاته وتسجيله وتشخيصه بطريقة تراجيدية. وفي نفس الوقت، يلتجئ إلى الحوار قصد معرفة تصورات الشخصيات وتناقض مواقفها الإيديولوجية. كما التجأ أيضاإلى المنولوج للتعبير عن صراع الشخصيات وتمزقاتها الداخلية ذهنيا ونفسيا.ويحضر أسلوب سردي آخر يسمى بالأسلوب غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلام السارد مع كلام الشخصية وهو كثير بين ثنايا الرواية وعلى الرغم من كل هذه الأساليب، فإن السرد يبقى هو المهيمن على غرار الروايات الواقعية والوجودية، كما استعان الكاتب بالوصف أثناء تقديم الشخصيات والأمكنة والأشياء والوسائل وتحيين المشاهد الدرامية .
وتمتاز لغة نجيب محفوظ بكونها لغة واقعية تصويرية تستند إلى تسجيل المرجع وتمويهه بلغة تتداخل فيها الفصحى والعامية المصرية ليقترب أكثر من خصوبة الواقع العربي المصري. لذالك استعمل الكاتب تعابير العامية المصرية وأساليبها وألفاظها وصيغها المسكوكة. كما استعمل قواميس تدل على حقول دلالية مثل: حقل الأثاث، وحقل الطبيعة، وحقل الدين والتصوف، وحقل الصحافة والإعلام، وحقل السلطة والجريمة، وحقل الوجود و العبث، وحقل القيم، وحقل المجتمع، وحقل السياسة ....
وعلى الرغم من استخدام اللغة الطبيعية الواقعية المباشرة التي تنبني على الخاصية التقريرية الجافة الخالية من كل محسن بلاغي وشاعري، إلا أن الكاتب يوظف في بعض الأحيان تعابير قائمة على المشابهة ( التشبيه والاستعارة )، والمجاورة (المجاز المرسل والكناية)، واستعمال الرموز (اللصوص والكلاب...) لتشخيص الأحداث والمواقف وتجسيدها ذهنيا وجماليا .
وعلى الرغم من كلاسيكية بناء الرواية، فقد استفاد نجيب محفوظ من تقنيات الرواية الجديدة ومن آليات الرواية المنولوجية وتيار الوعي أثناء استعمال الحوار الداخلي والارتداد إلى الخلف واستشراف المستقبل وتوظيف الأسلوب غير المباشر الحر، كما استفاد كثيرا من الرواية الواقعية في تجسيد الواقعية الانتقادية ذات الملامح الاجتماعية والسياسية عبث الحياة وقلق الإنسان في هذا الوجود الذي تنحط فيه القيم الأصيلة وتعلو فيه القيم المنحطة






    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-25, 16:41 رقم المشاركة : 4
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مدخل لدراسة «اللص والكلاب»





    رد مع اقتباس
قديم 2013-07-25, 16:45 رقم المشاركة : 5
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: مدخل لدراسة «اللص والكلاب»


مدخل إلى دراسة “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ



من أجل المساهمة في دعم تلاميذ 2باك أدب وعلوم إنسانية وهم في خضم الاستعداد للامتحانات الوطنية ، وتعميما للفائدة ، تنشر جمعية أساتذة اللغة العربية بوزان مجموعة من المقالات التوجيهية والملخصات في بعض مواد اللغة العربية .عسى أن ينفع بها الله تلامذتنا و يتوجون مجهوداتهم بالتوفيق والنجاح إن شاء الله .

/ لمحة تاريخية عن نشأة الرواية العربية وتطورها

اختلف النقاد والدارسون حول تحديد فترة نشوء الرواية العربية، كما اختلفوا حول النصوص الروائية التي تعد نصوصا رائدة في الرواية، لكن الأكيد أن نشأة الرواية العربية ترجع إلى أواخر القرن 19 مع محاولات أولى في اقتباس بعض الأعمال الغربية ومحاولة تقليدها من طرف بعض الأدباء في منطقة الشام (فلسطين-لبنان)، ثم جاءت مرحلة لاحقة حاول خلالها أدباء آخرون تجاوز اقتباس المضامين وتقليد بعض خصائص الرواية التقليدية الأوربية والروسية لمعالجة قضايا ترتبط بالمجتمعات العربية، وقد كانت هذه المحاولات الأولى في كتابة الرواية ينقصها الإتقان والنضج الفني. وقد أرجع بعض النقاد الفضل إلى محمد حسين هيكل صاحب رواية “زينب” 1914 في استواء الرواية العربية وبداية امتلاكها للنضج الفني، غير أن الدراسات الحديثة والأبحاث المتواصلة في الكشف عن النصوص الأولى بينت وجود بعض الأعمال الناضجة سبقت رواية “زينب”، منها “الأجنحة المتكسرة” لجبران خليل جبران 1912، ورواية “بديعة وفؤاد” لعفيفة كرم 1906، ولا شك أن هناك أعمالا أخرى سابقة على هذه الأعمال لكتاب آخرين من أقطار عربية مختلفة.

وقد تطور فن الرواية بدءا من ثلاثينيات القرن العشرين على يد رواد آخرين أسهموا بدور كبير في جعل الرواية فنا متميزا من فنون الأدب العربي نذكر منهم: محمود تيمور وتوفيق الحكيم وطه حسين ويحيى حقي وغيرهم، ثم جاء الجيل الثاني الذي تفرغ كليا لفن القصة والرواية فأبدع فيهما وعلى يديه احتلت الرواية المكانة الأولى بين أنواع الأدب، فصارت الرواية متداولة بشكل كبير بين القراء، وهو جيل نجيب محفوظ ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله وإحسان عبد القدوس وفتحي غانم…وقد تميزت الكتابة الروائية عند هؤلاء بطابع جمع بين التقليد والجدة.

ومع جيل الستينيات ستشهد الرواية العربية تحولات كبرى في طرح القضايا الاجتماعية والسياسية والحضارية للمجتمعات العربية، كما أصبحت الرواية تستفيد من التقنيات الفنية الحديثة في الرواية العالمية، وفي هذه الفترة ستبرز أسماء عديدة في مختلف البلاد العربية، نذكر من بينها: جمال الغيطاني ويوسف القعيد وجبرا إبراهيم جبرا وحنا مينه وغائب طعمة فرمان وعبد الرحمن منيف ومحمد زفزاف ومحمد برادة…

2/ سيرة نجيب محفوظ

ولد نجيب محفوظ سنة 1911 بحي الجمالية في القاهرة، تلقى تعليمه الابتدائي بمدارس فؤاد الأول، ثم بالمدارس الخديوية الثانوية، والتحق بجامعة القاهرة، قسم الفلسفة، حيث حصل على الإجازة في الفلسفة. سجل رسالته للحصول على شهادة الماجستير في الفلسفة لكنه تخلى عنها لينقطع إلى كتابة القصة والرواية. بدأ نجيب محفوظ نشر قصصه القصيرة في الصحف والمجلات المصرية، وقد نشر أول قصة له بعنوان:”ثمن الضعف” سنة 1934 ثم تتابعت أعماله بالظهور إلى أن أصدر روايته الأولى بعنوان “عبث الأقدار” وتلتها “رادوبيس” و”كفاح طيبة” باعتبارها روايات تتخذ التاريخ الفرعوني منطلقا لها، قبل أن ينتقل إلى الرواية الواقعية التي دشنها برواية “القاهرة الجديدة”. وقد حصل نجيب محفوظ على عدة جوائز مصرية وعربية وعالمية أهمها جائزة نوبل للآداب سنة 1988 وتوفي نجيب محفوظ في 31 غشت 2006.

3-إنتاجه الأدبي

تنوع الإنتاج الأدبي الذي تركه نجيب محفوظ ما بين القصة والرواية والمقالة والترجمة، وكان أول كتاب أصدره نجيب محفوظ كتابا مترجما عن الإنجليزية بعنوان:”مصر القديمة” لجيمس بيكير، قبل أن يصدر أعماله الروائية والقصصية. ويقسم النقاد والدارسون المراحل التي مر بها إنتاجه الأدبي/ الروائي خاصة إلى أربعة مراحل:

أ/المرحلة التاريخية الرومانسية

وبدأها نجيب محفوظ بعبث الأقدار ثم رادوبيس وعبث الأقدار. وفي هذه الأعمال تناول جوانب من التاريخ الفرعوني المصري القديم وربطها عبر إشارات رمزية بالتاريخ المعاصر.

ب/المرحلة الواقعية النقدية

بدأها برواية “القاهرة الجديدة” التي تلتها مجموعة من الروايات التي عالجت الواقع الاجتماعي السياسي الاقتصادي لمصر خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين. من أهم هذه الأعمال: خان الخليلي- زقاق المدق- بداية ونهاية، وتوج هذه المرحلة بثلاثيته الشهيرة: بين القصرين- قصر الشوق- السكرية.

ج/المرحلة الرمزية السيكولوجية

وفي هذه الفترة انتقل نجيب محفوظ إلى معالجة قضايا إنسانية وكونية شاملة من منظور فلسفي رمزي يطرح الأسئلة ويغوص في قضايا الروح والدين والنفس والعلم، وإلى هذه الفترة تنتمي أهم أعماله الروائية: الطريق- الشحاذ- اللص والكلاب- ثرثرة فوق النيل، وتوج نجيب محفوظ هذه المرحلة برواية:”أولاد حارتنا”.

د/المرحلة التجديدية التجريبية

وفي هذه الفترة ركز نجيب محفوظ على استثمار التراث العربي إلى جانب توظيف تقنيات فنية حديثة في كتابة الرواية، وإلى هذه الفترة تعود روايات مثل: ملحمة الحرافيش- رحلة ابن فطومة- حديث الصباح والمساء- ليالي ألف ليلة…

إلى جانب الأعمال السابقة أصدر نجيب محفوظ حوالي 20 مجموعة قصصية وعملين آخرين حمل الأول منهما:”أصداء السيرة الذاتية” والثاني كان بعنوان:”أحلام فترة النقاهة”، كما جمعت، بعد وفاته، مقالاته الأدبية والفلسفية والسياسية في عدة أجزاء.

4-قراءة عنوان الكتاب

إن لعنوان النص دلالات ترتبط بالمتن الحكائي وتتخذ منحى رمزيا بحكم أن الرواية تعالج قضايا ذات أبعاد فكرية ونفسية واجتماعية. قد يوحي العنوان بنوعية الرواية من خلال ما يحمل من إشارات إلى احتمال المطاردة بين الشرطة وكلابها المدربة واللص الهارب مما يجعل القارئ يصنفها في سياق الرواية البوليسية، غير أن الدلالات العديدة والمكثفة للعنوان إذا ما نظر إليه في سياق الرواية يجعل التصنيف الأول/المحتمل مجرد عنصر واحد من عناصر أخرى تشكل فنية رواية اللص والكلاب. إن لفظة اللص في النص تحمل دلالة مزدوجة إنها تدل على فعل مرفوض في المجتمع وعلى جريمة في عرف القانون من جهة، وتدل من جهة ثانية على فعل مبرر محمود لدى البطل الذي آمن -بإيعاز من صديقه رؤوف علوان- بأن السرقة حق مشروع للفقير. أما لفظة الكلاب فقد تدل على الكلاب بمعناها الحقيقي المباشر (الحيوان) وقد تحمل دلالات رمزية فتحمل معاني متنوعة وترمز إلى شخصيات روائية ذات سمات خاصة جعلت السارد يصفهم بهذا الوصف.

ومن يعود إلى الرواية ويقرأ سياقات ورود لفظة الكلاب بين ثناياها يجد أن هذه الكلمة ارتبطت بعدد من الشخصيات، ولعل أهمها عليش ونبوية ورؤوف علوان والبوليس والأغنياء…مما يدل على حمولتها الرمزية، وعلى دلالاتها الاجتماعية.

5-المتن الحكائي

حين خرج سعيد مهران من السجن، بعد أربع سنوات مستبقا نهاية الحكم المقرر بعام نتيجة حسن سيرته، اكتشف متأخرا أن سبب معاناته، إنما كان تآمر زوجته نبوية مع صديقه عليش عليه، فبعد التنسيق مع عشيقها ، جاءت نبوية التي كانت تعمل في البيت موضوع السرقة، بخبر كاذب عن سفر سكانه، صدقها زوجها سعيد مهران، وراح للتنفيذ، كي يلقى عليه القبض بعد التبليغ عنه من طرف صديقه، ومن هنا بدأت المعاناة مع الخيانة ومكابدة التفكير في الثأر والانتقام، ممن سيشكلون أمامه الصورة الأولى للكلاب بالمعنى القدحي، لما يمثلونه من خداع ومكر وضرب لأعمق القيم التي لا يمكن أن يتنازل عنها حتى اللص في مستوى سعيد مهران. و مما يزيد في عمق الجرح، عجزه عن التواصل مع ابنته ” سناء” التي أنكرته ببراءة، ورفضت حتى مصافحته في لقاء بالبيت القديم، مشحون بالانفعالات في حضور الغفير وبعض الجيران. فلم يجد وجهة غير الشيخ الجنيدي صديق أبيه، يكاشفه بحزن الصدمة، قبل البحث عن اسم كان يعرفه أيام العمل ببيت الطلبة، توصل إلى أنه صار محررا في جريدة، يتذكر جيدا كيف كان رؤوف علوان، مدافعا عنه لتبرئته من تهمة سرقة الساعة، رغم أن سعيد اعترف له بظروف حاجته إليها، بل يتذكر بالتفصيل، ما أقنعه به لتبرير ما أقدم عليه من فعل السرقة، ما دام الأمر يتعلق باسترجاع حق الفقراء من أيدي الأغنياء ، لقد كان رؤوف علوان مرجع سعيد مهران في الوعي الذي تشكل لديه فأصبح لصا ، لكنه ليس كسائر اللصوص”الحرامية”. بعد الفشل في لقائه بالجريدة، ذهب سعيد مهران إلى السؤال عن صديقه في بيته، ليفاجأ بالنعيم الذي يعيش فيه، كما تفاجأ بالتحول في شخصيته، فالرجل ما عاد نفس الرجل الذي يحمل قيم الدفاع عن الكادحين. وأمام الصدمة، وبعد الخروج مهزوما وبيده عشر جنيهات كأنها صدقة من رؤوف علوان، تحركت في أعماق سعيد مهران مشاعر الغضب, وتحولت إل رغبة في الانتقام منه. لكنه بعد انتظار الليل للعودة إلى بيته كي يسرقه، سيجده له بالمرصاد، فلم يسلمه للشرطة بعد استعطافه، لكنه زاد من تعميق جرحه بالإهانة والاحتقار، مما سيولد لدى سعيد مهران، حقدا جديدا على الواقع، تجسده خيانة من مستوى آخر، لكنه لا يختلف من حيث التأثير النفسي ، عن خيانة زوجته نبوية وصديقه عليش. لتبدأ رحلة السجن الكبير في واقع تحكمه خيانة القيم الاجتماعية والفكرية، حيث الضحية في النهاية، هذا الإنسان البسيط الذي صدق زوجته وصديقه كما صدق وآمن برؤوف علوان. من هذه الوضعية تحديدا، يبدأ التحول نحو الفعل، بعدما تحققت شروط الصراع في مواجهة إكراهات الظروف.
بحث سعيد مهران عن مسدس للدخول في مغامرة استعادة الحق في الحياة، ممن سلبوه كيانه وكينونته. لجأ أولا إلى البيت الذي يحتله الخائنان العشيقان، طرق الباب، وما إن استوي خيال الرجل المستعد لفتحه، حتى يطلق سعيد مهران رصاصات عليه. ليكتشف بعد ذلك ، أنه قد قتل بريئا بعدما رحلت نبوية وابنتها مع زوجها الجديد إلى بيت آخر. ولم يكن القتيل الضحية سوى الساكن الجديد لنفس البيت. يتجه سعيد مهران للانتقام هذه المرة من رؤوف علوان باغتياله، لكنه يخطئ الهدف، إذ تبين أنه قد أطلق الرصاص على بواب رؤوف علوان فأرداه قتيلا. وتبدأ مطاردة الشرطة لسعيد مهران، بعد إحكام الطوق عليه بتواطؤ علوان مع الأمن، والذي توصل إلى عنوان نور من وصفة طبية كان سعيد مهران قد قدمها للصيدلي من أجل دواء لمغص مزمن تعاني منه نور. ضاق الخناق عليه فاتجه إلى الشيخ الجنيدي، لكنه اضطر لمتابعة فراره حتى آخر رمق، رافضا الاستسلام لنداءات الشرطة و توسلات ”نور”، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاة… بلا مبالاة…

6-القوى الفاعلة

تستثير القارئ ظاهرة المقابلة بين شخصيات الرواية ، انسجاما مع تقابل المواضيع المهيمنة على دلالاتها العامة. حتى ليبدو كأن نجيب محفوظ يمرر من خلال شخوصه المنتقاة بعناية، جملة من الصور الذهنية المتصلة بحمولة وعيه عن الواقع الكائن وما يمكن أن يكون عليه، باعتبار تلك الشخوص نماذج اجتماعية تعبر عن مواقف وقضايا المجتمع في صيرورته. فمن جهة، نجد سعيد مهران ونور والعتر والشيخ الجنيدي و طرزان، ممثلين بقوة لحالات البساطة والبراءة والصدق والنظرة الإنسانية بمشاعر التعاطف والتآلف على خلفية علاقة تنطلق من قيم الوفاء والحب والصداقة والتناصح. ومن جهة أخرى، نجد نبوية وعليش ورؤوف علوان، مجسدين بنفس القوة لحالات التراجع والخيانة والمكر والنظرة الحسابية للمصالح الذاتية في بعدها المادي الضيق. وقد ينسحب هذا التقابل بين القوى الفاعلة على الواقع، باعتبار ما كان يعيشه من تحولات، انتهت إلى وضعية كارثية على مستوى القيم، وتراجيدية على مستوى السلوك الفردي، في غياب ضوابط التحكم الموضوعية، والتي تخفي وراءها فقدان التوازن بين رغبات الناس وإكراهات الواقع.
بوقفة أولية مع الشخوص الروائية في ”اللص والكلاب”، يمكن ملاحظة ظاهرتين بارزتين، أولاهما متصلة بالظهور والاختفاء، وثانيهما مرتبطة بما يمكن أن تحيل عليه دلالة أسمائها، فبينما يظهر سعيد مهران منذ البداية، ليستمر في الحضور المكثف كشخصية محورية، يطفو وجود نور ورؤوف علوان برمزيتهما في مسار الرواية، لمسايرة جل التحولات التي يعيشها سعيد مهران حتى آخر لحظة من حياته. وفي المقابل ، نجد اختفاء سريعا لكثير من الشخصيات رغم تأثيرها القوي في تنامي الأحداث، لعل أبرزها شخصيتا نبوية وعليش ومعهما سناء ابنة مهران، بعد تغيير سكناهم خوفا من انتقام الجريح في وجدانه العاطفي. ويمكن أن يلحق بهم العتر رفيق الزنزانة أو الصيدلاني، بينما ظلت الجارة طاهرة و المعلم طرزان والشيخ الجنيدي ضمن الذين تواصل وجودهم متأرجحين بين الظهور والاختفاء، وهي ظاهرة تثري الأسئلة حول أبعاد الظهور والاختفاء لتلك الشخصيات، فيما يمكن أن تكون له صلة باختيار مسبق للمؤلف، كالإيحاء والدلالة على ما يمكن للقارئ أن يشارك به في الاحتفال بالمشهد الروائي كرسائل مشفرة.
أما الظاهرة الثانية، والمتعلقة بأسماء تلك الشخصيات، على افتراض وجود نية مسبقة في اختيارها، فيمكن رصدها من خلال نماذج موحية بدلالات متصلة بالرواية، حتى لتكاد أن تبدو أقرب إلى التمثيل بالمطابقة أو بالمخالفة، فسعيد مهران لم يكن بشقه الأول سعيداً، ولا كان بشقه الثاني موفقا فيما سعى إلى التمهر فيه، بل ظل تعيسا تتراكم عليه الأزمات، بقدر ما ظل فاشلا بعجزه عن بلوغ أبسط رغباته في الانتقام، حين أخذ رصاصه يصيب الأبرياء دون الظلمة ممن انتهى إلى وصفهم بالكلاب. ولم يكن لرؤوف علوان شيء يمكن أن يتصل باسمه المركب، فلا هو مثل الرأفة المعبر عنها في اسمه بصيغة المبالغة ، ولا هو بلغ السمو المطلوب في علوان المزيد بألف ونون لمفرد العلو. بل مثل في الرواية كل ما يناقض القيم التي يحيل عليها اسمه، من وضاعة وانتهازية ووصولية. أما الأسماء المفردة للأعلام في الرواية، فبعضها متصل بمعانيها العامة، كطرزان والجنيدي وطاهرة، إذا تحيل في الرواية على الفتوة والصوفية والبراءة على الترتيب. بينما تقبل الأسماء الأخرى إمكانية الربط بينها وبين دلالاتها، فنور التي صاحبت سعيد مهران على امتداد تطور الأحداث، ظلت تجسد النقطة المضيئة في حياته إلى أن أغمض عينيه بين يديها، بالرغم من وضعيتها القاسية اجتماعيا كفتاة يحضنها الليل كي تجد ما تعيل به نفسها في النهار. ونبوية الزوجة الخائنة، لم تحمل من معنى النبوة في بعدها الديني أي شيء، ربما كانت أقرب إلى النبو بمعنى الابتعاد والانفصال..

7-الأبعاد النفسية والاجتماعية في الرواية

أ/ الكشف عن الأبعاد النفسية في الرواية

يستند تحليل البعد النفسي في الرواية إلى الكشف عن ثلاثة عناصر:

الحقل العاطفي- الموضوعات النفسية- دلالات النص وأبعاده السيكولوجية.

أ/1- الحقل العاطفي

يتسع الحقل العاطفي في رواية “اللص والكلاب” ليشمل مجموعة من المشاعر والأحاسيس والأفعال وردود الأفعال المرتبطة بالقوى الفاعلة المحورية في النص. ونظرا إلى تعدد الفواعل في النص الروائي سيتم التركيز على الحقل العاطفي المتصل بسعيد مهران وببعض الشخصيات الرئيسية في الرواية. إن الحقل العاطفي الذي يعكسه النص يبين طبيعة العلاقات التي جمعت البطل سعيد بابنته وزوجه وصديقه وتابعه وبباقي الشخصيات التي قد تمثل بعض الفئات الاجتماعية في الرواية. ويمكن اختزال هذا الحقل العاطفي في محاور أربعة:

علاقة المحبة: هي علاقة ربطته بزوجته نبوية(في البداية قبل خيانته والتآمر عليه لإدخاله السجن) وابنته سناء وصديقته نور والشيخ الجنيدي والمعلم طرزان. إن مهران لم يكن شخصية بلا قلب لا تفكر إلا في الانتقام ولا تعرف إلا الكراهية. إن الشعور بثقل الخيانة والإحساس بخيبة الأمل في الأقربين هما اللذين حولا محبته الشديدة إلى كراهية عمياء. كان سعيد يحب زوجته وصديقه رؤوف، لكن خيانة الأولى وتبدل الثاني وتحوله عن مبادئه جعلت سعيدا يحمل لهما في قلبه الضغينة والحقد. ولكن رغم هيمنة الشعور بالكراهية على مجرى الرواية إلا أن دفء المحبة لا يخلو من سطورها. إن سعيدا ظل يحمل حبه لابنته سناء على الرغم من تنكرها له، كما ظل محبا للشيخ علي الجنيدي وللمعلم طرزان نظرا إلى إخلاصهما ووفائهما له ومساعدتهما له في محنته. أما نور التي كانت تعتبره رجلا بلا قلب، فقد أحس سعيد أنه يحبها ويخشى عليها من الأذى، بل تمنى لو يفديها بنفسه في مشهد دال من الرواية(ص.126).

علاقة الصداقة: إن هذه العاطفة الإنسانية الرفيعة ربطته برؤوف علوان والمعلم طرزان، فكانت عاملا هاما في حياة سعيد وبعدا محفزا على التصرف واتخاذ القرار. قبل السجن كان رؤوف علوان صديقا حميما لسعيد، بل كان معلما يشحن ذهنه بالأفكار الثورية وبالحقد على الأغنياء متعللا بالانتصار للفقراء. ولطالما اقتسم الطالب مع ابن البواب أشياء كثيرة، وطالما رافقه إلى منزل الشيخ الجنيدي فشهد مثله جلسات الذكر وشارك مثله في أماسي الشيخ، لكن بعد الخروج من السجن واكتشاف حالة الغنى التي صار عليها رؤوف علوان تتحول صداقة الرجلين إلى عداوة شديدة جعلت سعيدا يسعى إلى الانتقام. أما المعلم طرزان فقد ظل صديقا وفيا لسعيد وناصحا أمينا ومساعدا وفيا على الرغم من إدراكه خطورة ما يفعله.

علاقة الكراهية: تتجلى في كراهيته لمن خانه جميعا: الزوجة(نبوية)، والصديق(رؤوف علوان)، والتابع (عليش سدرة)، وقبل السجن الاستعمار الإنجليزي والأغنياء والبوليس. إن سعيدا كان قبل السجن يخص بكراهيته الاستعمار الذي كان يجثم على وطنه ويسلب حرية الناس، ولذلك كان يتدرب رفقة المجاهدين على السلاح قرب مقهى المعلم طرزان ليشارك في المقاومة، كما أنه كان يكره الأغنياء لأنهم يسلبون الفقراء حقهم في الحياة والعيش الكريم كما كان يوعز إليه صديقه رؤوف علوان، ومن ثم صار يسطو على ممتلكاتهم ويراه حقا مشروعا لأمثاله. ونظرا إلى أن البوليس كان يطارده بسبب سرقاته فقد كان يخص المخبرين ورجال الشرطة بكراهيته لأنهم إن أمسكوا به سيسلبونه حريته. وبعد خروجه من السجن سينضاف إلى العناصر السابقة أولئك الذين كان يخصهم بثقته ومحبته لأنهم سلبوه كل مقومات وجوده. هكذا ستتحول محبته إلى كراهية- وبعنف شديد- نحو نبوية وعليش ورؤوف. أصبحت الكراهية الشعور المهيمن عليه بحيث دفعته إلى الرغبة في الانتقام من الأعداء. إن خيانة الزوجة والتابع والصديق غيرت مشاعر البطل نحو الكراهية المطلقة للمرأة : “لم تعد لي ثقة في جنسها كله…”(ص.32 )، وجعلته يسعى إلى تصفية الخونة الثلاثة جسديا دون أن يفلح في ذلك.

علاقة التوتر: وهي علاقة طبعت علاقة البطل بالأغنياء والبوليس. في مرحلة ما قبل السجن كان سعيد يرى أن الأغنياء هم سبب بؤس أمثاله من الفقراء والمهمشين، فكانت هذه الرؤية حافزا له على اقتحام قصورهم وفيلاتهم للسطو على أموالهم ومجوهراتهم، كما أن البوليس بحكم سعيه إلى الإمساك بسعيد كان سببا من أسباب شعوره بتوتر العلاقة بينهما، وسيزداد هذا التوتر حين تتطور وقائع الرواية ليسقط البطل في فخ جريمة قتل الأبرياء، وقد انتهى هذا التوتر إلى المطاردة وتبادل إطلاق النار الذي أدى إلى موت سعيد برصاص الشرطة.

أ/2- الموضوعات النفسية

تتعدد الموضوعات (التيمات) النفسية في الرواية ويمكن أن نشير إلى بعضها: المعاناة- الندم- الغربة- الشعور بالاضطهاد- الإحساس بالقهر- اليأس- الانتقام- ثقل الخيانة- نكران الجميل- الوفاء- الإخلاص- الإخفاق- الموت …وغيرها من الموضوعات التي تحفل بها الرواية. وكل هذه التيمات تكشف عن نفسية سعيد مهران وتبلور علاقته بالشخصيات الأخرى التي يتفاعل معها سلبا وإيجابا في الرواية. ولعل هذه الموضوعات هي التي شكلت توتر هذه الشخصية ودرامية وضعها في الرواية. وقد تمكنت هذه التيمات أيضا من تجسيد موقف سعيد من الحياة والوجود كما سنرى في العنصر اللاحق. إن هذه الأحاسيس النفسية المتضاربة والمشاعر المتناقضة تبين لنا أن سعيدا لم يكن شخصية نمطية ونموذجا ثابتا؛ بل إنه يتجلى في صورة إنسان مظلوم يعاني من تآمر الخونة والانتهازيين، ويطارد من الكلاب والبوليس بسبب أخطائه القاتلة وعدم قدرته على الانتقام من أعدائه حتى انتهى به الأمر إلى الموت.

أ/3- دلالات النص وأبعاده السيكولوجية

في ضوء العناصر السابقة يمكن الكشف عن دلالات وأبعاد سيكولوجية هامة في النص الروائي. يعد سعيد مهران القوة الفاعلة الأولى في النص، فهي التي تحرك الأحداث أو بالأحرى إن الوقائع تتطور بفعل أفعالها وردود أفعالها. ومن ثم، فإن الدلالات السيكولوجية في الرواية تتبلور من خلال حالات هذه الشخصية وأوضاعها النفسية. ولعل أهم حالة تهيمن على سعيد تتمثل في الاضطراب النفسي الذي صار يحركه لأنه اصطدم بالواقع من حوله بعد مغادرة السجن، فبعد معاناته من خيانة زوجته وتابعه، سيجد نفسه أمام أوضاع نفسية لا تخلو من توتر وحدة أدت به إلى الاضطراب، ومن ثم فقدان القدرة على الفعل الصحيح والسلوك السوي. وتكشف الأحداث عن هذا البعد السيكولوجي بوضوح بحيث إن محاولات سعيد في الانتقام من أعدائه كشفت عن فقدانه للسيطرة على نفسه والتحكم في قواه، كما أن هذا البعد السيكولوجي يتبين من خلال حوار سعيد مع رؤوف علوان والشيخ الجنيدي ونور، بل حتى في حواره الداخلي يكشف عن اضطرابه وعدم تمكنه من التحكم في أفعاله، يقول مخاطبا نفسه بعدما اكتشف أنه نسي بدلة الضابط في بيت نور:

“ولكن كيف نسيت البدلة الرسمية؟ لففتَها مصمما على أخذها معك فكيف نسيتها في آخر لحظة؟. حقا فقدت جميع مزاياك بالسهاد والوحدة والظلمة والقلق.”(ص.133)

إن الاضطراب النفسي والشعور بالقلق ومعاناة السهاد والوحدة وغيرها من الحالات التي أشرنا إليها سابقا جعلت البطل يسقط في شرك الهزيمة بعد ثقته المطلقة في نفسه وفي مهاراته(السرقة- إطلاق الرصاص- التربص بالأعداء)، ومن ثم كان الفشل والشعور بالإخفاق بعدا سيكولوجيا آخر هيمن على البطل، خاصة بعد قتله للأبرياء وعدم تمكنه من الانتقام من الأعداء.

ب/ الكشف عن الأبعاد الاجتماعية في الرواية

يستند الحديث عن البعد الاجتماعي إلى الكشف عن عنصرين:

الحقل الاجتماعي- الدلالات والأبعاد الاجتماعية.

ب/1- الحقل الاجتماعي

تعكس رواية “اللص والكلاب” علاقة سعيد مهران(اللص) بالمجتمع من حوله. ويمكن تقسيم هذه العلاقة إلى مستويين:

-علاقة بالخونة والانتهازيين(ما يطلق عليهم سعيد الكلاب).

-علاقة بالأصدقاء وعامة الناس (من المتعاطفين معه باعتباره ضحية أوضاع مختلة وظروف مضطربة).

وهذه الثنائية في العلاقات تكشف بعض مستويات الصراع في المجتمع وتناقضاته. ومن خلال هذه العلاقات يرصد النص حقلا سوسيولوجيا تعكسه الوقائع الاجتماعية في الرواية، وما تشير إليه من قيم وأنساق فكرية. هذه الوقائع و الفئات والأنساق والقيم يمكن إجمالها حسب الجدول التالي:

الوقائع الاجتماعية

الفئات الاجتماعية

القيم والأنساق

-الاحتلال الاستعماري الإنجليزي لمصر.

-اهتمامات الشرائح الاجتماعية بالمقاومة(التدرب على السلاح: مهران ورؤوف والطلبة ودور المعلم طرزان وزملاؤه في ذلك)

-موقف الأغنياء من الفقراء.

-تشكل وعي سعيد بالوضع الاجتماعي من خلال رؤوف وكتبه.

-السرقة من الأغنياء والرغبة في مساعدة الفقراء.

-الخروج من السجن واكتشاف تغير الواقع الاجتماعي.

-تعاطف “الملايين”(بتسمية سعيد)/ عامة الناس معه، واتخاذ الانتهازيين موقع المحرض ضده.

-تحول الواقع الاجتماعي بعد ثورة 1952.

-اللص سعيد باعتباره رمزا للمثقف الذي آمن بالكتاب والسلاح، لكنه تشبث بالأخير وتخلى عن الكتاب بوصفه رمزا للتعقل وإدراك الحياة.

-رؤوف علوان باعتباره مثالا للمثقف الانتهازي.

-المعلم طرزان بوصفه نموذجا للإنسان البسيط الذي ينتمي إلى طبقة شعبية متوسطة الحال لكنها ذات قيم ومبادئ.

-الشيخ الجنيدي مثال الزهد والتصوف والارتباط بالله، والنظر إلى الدنيا باعتبارها دار فتنة وبلاء…

-نبوية وعليش رمزين للفئة الانتهازية التي تتخذ شتى السبل(الوشاية-الخيانة-النذالة…)للوصول إلى المال والارتقاء الطبقي…

-الموقف المعادي للمستعمر الإنجليزي.

-الوعي الوطني تجاه الاستعمار.

-تحول هذا الوعي إلى وعي طبقي لدى رؤوف ومهران(صراع الغنى/الفقر).

-الإيمان بشرعية السرقة من الأغنياء.

-الارتباط بقضايا الفقراء والفئات المهمشة والضعيفة.

-رفض الخيانة والسعي إلى مقاومة الاستغلال والانتهازية.

-حب الانتقام ورد الاعتبار للذات.

-الهزيمة والفشل.

-تعاطف الفئات الشعبية مع سعيد.

-إصرار المؤسسة(الصحافة-السلطة..) على تدمير ثورة سعيد وتمرده.

-تحول الأفكار وتغير الواقع الاجتماعي وعلاقة الناس بعد الثورة المصرية.

يحيل الجدول على حقل سوسيولوجي يشكل خلفية الرواية الاجتماعية، خاصة أن نجيب محفوظ يعترف بانطلاقه من وقائع اجتماعية حقيقية ارتبطت بسفاح الإسكندرية محمود سليمان الذي حير البوليس المصري إلى أن مات تحت الرصاص، وذلك خلال بداية الخمسينات من القرن العشرين. وقد شكلت هذه الخلفيات الاجتماعية منطلقا لبلورة رؤية الكاتب للمجتمع المصري خلال فترة ما بعد ثورة يونيو 1952 وما فرضته من تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية.

ب/2- الدلالات والأبعاد الاجتماعية

إن تركيز نجيب محفوظ في رواية “اللص والكلاب” يقع على التحولات التي شهدها المجتمع المصري بعد فترة الأربعينات وإثر الثورة المصرية. فالفترة التي قضاها سعيد مهران في السجن (أربع سنوات) سيطرت خلالها فئة اجتماعية جديدة هي فئة الخونة والانتهازيين الذين سيطروا على مختلف القطاعات وصار لهم نفوذ في المجتمع: – امتلاك المال والعقار وتوظيفه لصالحها: (نموذج عليش ونبوية) – امتلاك السلطة والتحالف مع رموزها: (عليش والمخبرين- رؤوف وجريدته) – التحكم في الإعلام وتوجيه الرأي العام: (رؤوف علوان الذي ألب الناس على سعيد بعدما فشل في قتله مما جعل البوليس يطارده)…وقد خاض سعيد حربا ضارية ضد هذه الفئة الاجتماعية الجديدة التي سلبت منه كل شئ له معنى وقيمة في الحياة: الحب والدفء الأسري(سناء)-البيت والمال- الحرية والقدرة على الاستمرار والبقاء…

ويعكس النص من جهة أخرى تعاطف الفئة الاجتماعية المهمشة أو المتوسطة (المعلم طرزان ورجاله، ونور..) وعامة الناس (سائق التاكسي..)، والمؤسسة الدينية الشعبية (الشيخ الجنيدي) مع سعيد مهران في محنة مطاردته ومعاناته مع الخونة، ويبين النص رفض هذه الفئات الاجتماعية للخونة والانتهازيين، وجعلها من اللص بطلا ورمزا. يكشف الحوار التالي بين نور وسعيد هذا البعد الاجتماعي الدال؛ تقول نور مخاطبة سعيد مبينة صورته لدى الناس:

“-يتحدث عنك ناس كأنك عنترة ولكنهم لا يدرون عذابنا…

فقال ببساطة:

-أكثرية شعبنا لا تخاف اللصوص ولا تكرههم…

وتواصلت خمس دقائق في التهام الشواء ثم قال:

-ولكنهم بالفطرة يكرهون الكلاب…”(ص.100).

8-دراسة الأسلوب

أ/ تقنيات تيار الوعي

وظف السارد تقنيات تيار الوعي التي تتمثل أساسا في الحوار الداخلي والتداعي الحر والاستبطان. وهذا ما جعله ينتقل من موضوع إلى آخر في ظرف وجيز، ويعمد إلى تفتيت الوجود إلى ذرات متناثرة (هذه الطرقات المثقلة بالشمس، وهذه السيارات المجنونة، والعابرون والجالسون والبيوت والدكاكين ولا شفة تفتر عن ابتسامة…)، وينفذ أكثر إلى أعماق شخصية سعيد لنقل اضطراباته النفسية، وإعادة استحضار مشاهد من ماضيه، وإبراز تطلعاته إلى الانتقام ولو كان ظاهريا يوهم بأنه سيغير مجرى حياته حتى يوفر لابنته «مكانا طيبا».

ويلاحظ أن نجيب محفوظ قد استفاد من التقنيات الغربية على مستوى الكتابة الروائية ( المنولوج، والأسلوب غير المباشر الحر، وفلاش باك، واستشراف المستقبل…)، وفي هذا الصدد يقول نجيب محفوظ:” كانت كل الأساليب أمامنا في وقت واحد. فعندما نشرع في الكتابة قد نستفيد من أي الطرق التي عرفناها ودخلت في آلية المنسي عندنا بدون وعي. فعندما أكتب قد استفيد من الواقعي التقليدي من الواقعي الحديث، من تيار الوعي….من…من…لأنني قرأت كل هذا في فترة واحدة بمعنى أن التجارب التي عاشتها أوربا في مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة اطلعت عليها أنا في عشر سنوات، وبهذه الطريقة استفدت من أكثر من أسلوب روائي ومن كل في لحظة أي في اللحظة المناسبة.”

وظف نجيب محفوظ في روايته إذن عدة أساليب سردية لنقل الأحداث والتعبير عن مواقف الشخصيات.. وفي نفس الوقت، يلتجئ إلى الحوار قصد معرفة تصورات الشخصيات وتناقض مواقفها الإيديولوجية. كما التجأ أيضا إلى المنولوج للتعبير عن صراع الشخصيات وتمزقاتها الداخلية ذهنيا ونفسيا. ويحضر أسلوب سردي آخر يسمى بالأسلوب غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلام السارد مع كلام الشخصية وهو كثير بين ثنايا الرواية:” آن للغضب أن ينفجر وأن يحرق، وللخونة أن ييأسوا حتى الموت، وللخيانة أن تكفر عن سحنتها الشائهة. نبوية عليش، كيف انقلب الاسمان اسما واحدا؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب، وقديما ظننتما أن باب السجن لن ينفتح، ولعلكما تترقبان في حذر، ولن أقع في الفخ، ولكني سأنقض في الوقت المناسب كالقدر. وسناء إذا خطرت في النفس انجاب عنها الحر والغبار والبغضاء والكدر. وسطع الحنان فيها كالنقاء غب المطر. ماذا تعرف الصغيرة عن أبيها؟ لاشيء.

ب/ صورة اللغة



وتمتاز لغة نجيب محفوظ بكونها لغة واقعية تصويرية تستند إلى تسجيل المرجع وتمويهه بلغة تتداخل فيها الفصحى والعامية المصرية ليقترب أكثر من خصوبة الواقع العربي المصري. لذلك استعمل الكاتب تعابير العامية المصرية وأساليبها وألفاظها وصيغها المسكوكة. كما استعمل قواميس تدل على حقول دلالية مثل: حقل الأثاث، وحقل الطبيعة، وحقل الدين والتصوف، وحقل الصحافة والإعلام، وحقل السلطة والجريمة، وحقل الوجود و العبث، وحقل القيم، وحقل المجتمع، وحقل السياسة….

وعلى الرغم من استخدام اللغة الطبيعية الواقعية المباشرة التي تنبني على الخاصية التقريرية الجافة الخالية من كل رونق بلاغي وشاعري، إلا أن الكاتب يوظف في بعض الأحيان تعابير قائمة على المشابهة ( التشبيه والاستعارة) ، والمجاورة (المجاز المرسل والكناية)، واستعمال الرموز (اللصوص والكلاب…) لتشخيص الأحداث والمواقف وتجسيدها ذهنيا وإحاليا وجماليا. ويوظف الكاتب جملا بسيطة ومركبة، وغالبا ما تكون الجمل الروائية جملا فعلية بفواصل قصيرة، تنمي مسار الأحداث وتؤزمها، وقد أورد الكاتب هذه الجمل ليحبك الأحداث، ويحقق حركية السرد وتطوره الدرامي، ويثري توتره على مسار الحبكة السردية والعقدة القصصية.
9-خاتمــــة

إن رواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ، من خلال أساليبها وطرائق عرضها، تجسد برؤيتها الواقعية الانتقادية ذات الملامح الاجتماعية والسياسية عبث الحياة وقلق الإنسان في هذا الوجود الذي تنحط فيه القيم الأصيلة وتعلو فيه القيم المادية المنحطة. وتعتبر هذه الرواية من حيث القالب والبناء والصياغة كلاسيكية الشكل والنمط؛ بسبب تسلسل الأحداث وتعاقبها كرونولوجيا وتعاقب الأحداث زمنيا ومنطقيا ، وهيمنة السرد غير المباشر، وتشغيل الرؤية من الخلف وضمير الغياب، واستعمال الوصف الواقعي. والرواية كذلك في مسارها السردي والدلالي والإيقاعي رواية مأساوية تراجيدية قوامها العبث واللاجدوى واللامبالاة، كما أنها ذات بناء دائري إلى حد ما تبدأ بالسجن وتنتهي بالاستسلام والعودة إلى السجن مرة أخرى، أو بالسقوط بين أحضان المقبرة وصمت الموت.

وعلى الرغم من كلاسيكية بناء الرواية، فقد استفاد نجيب محفوظ من تقنيات الرواية الجديدة ومن وتيار الوعي أثناء استعمال المنولوج والاسترجاع واستشراف المستقبل وخطاب الأحلام وتوظيف الأسلوب غير المباشر الحر. لتصبح واحدة من أهم الروايات العربية.






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 18:47 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd