2015-11-14, 11:11
|
رقم المشاركة : 3 |
إحصائية
العضو | | | رد: هل تتقدم أمة تفكر بلسان غيرها ؟! | أدرك السياسيون أهمية اللغة منذ المراحل المبكرة للتوسع الإمبريالي، فكانت تستخدم لغة المستعمر لصهر لغة المستعمَر وذوبانها وذوبان الشخصية، وأيقن المستعمر أنه ليتغلغل في البلاد والمجتمعات لا بد من السيطرة على اللغة، بترويج لغة أخرى، وحين استقلت البلاد من المستعمر إلا أنها بقيت تحت وطأتهم ثقافيا ومن حيث اللغة. فإن اللغة هوية، وليست "الهوية" لغة، بمعنى أن اللغة ليست المقوم الوحيد للهوية، وإن كانت من أهم هذه المقومات، وأشدها خصباً وعمقاً وتركيباً. إن العلاقة بين اللغة والهوية هي علاقة الخاص بالعام، فالهوية أعم من اللغة؛ لأن الهوية لها تجليات عديدة غير "اللغة" إذ إنها (الهوية) ببساطة متناهية ليست سوى تلك القواسم المشتركة أو القدر المتفق عليه بين مجموعة من الناس، ذلك الذي يميزهم ويوحدهم، وليست اللغة وحدها التي تقوم بهذه المهمة، وهذا يعيدنا إلى المقومات الأخرى للهوية. فاللغة هي أساس الأمة وهي التي تربط الحضارات بعضها ببعض، وهي التي تخلد الأمم، فكأنها مفتاح الغد الذي يختزل الماضي وإرثه؛ فالثقافات تتحاور وتتداخل وتتلاقح وكذلك اللغات، بل هناك أيضاً لغة تهيمن على الأخرى؛
يقول (ابن خلدون): إن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه، إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب، فإذا غالطت بذلك واتصل لها حصل اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به، وذلك الاقتداء، أو لما تراه، والله أعلم، من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية ولا قوة بأس، وإنما هو بما انتحلته من العوائد والمذاهب تغالط أيضا بذلك عن الغلب"،
ومن هنا تكمن الهيمنة؛ هيمنة اللغة، فالقوة تكمن باللغة في الأساس، فالمغلوب يتبع الغالب ويقلده، ويبقى مبهوراً به، متأثراً به من الناحية اللغوية والثقافية والسلوكية وحتى في الزي كما يقول ابن خلدون، فاللغة المهيمنة هي لغة الدولة المهيمنة، فحينما كانت الدولة الإسلامية قوية ومسيطرة شاع اللسان العربي وتفوق على غيره من الألسنة، لكن بعد ذلك تزعزع اللسان العربي، وخاصة مع دخول العجم بكثرة،
يقول (ابن خلدون): ولما تملّك العجم وصار لهم الملك والاستيلاء على جميع الممالك الإسلامية فَسُد اللسان العربي لذلك، لولا ما حفظه من عناية المسلمين بالكتاب والسنة. | التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |