الفراغات ترسم دوائرها بتأن، تبتلع صمت القوافي، و ترصع الوجود باللامعنى وبالذات المنسحبة من الذات. هكذا تسجن الأيام أشباه الوجود وأشباحه في تعاريج المادة المتموجة في زمان يلفظ تواريخه و أمجاده الضاربة في جذور "إقرأ"، و في مكان يعبق برائحة الصدأ والمخمل النفطي.
تنحل أرصفة الشوارع المؤدية إلى العقل، تنفلت من عقالها، وتنشط الخفافيش معلنة ليلا سرمديا، قيل له اشرب نخب النوم حد الفتنة، و سطر لامتدادك حدودا حد الضيق، و اختم على بابك المفضي لنور السؤال بالشمع الأحمر، وتذكر: أن حد التفكير تكفير، وحد التذكير أمر بالنسيان والتناسي. إقرأ ما شاء لك أن تقرأ ولا تتجاوز حد الحروف فالحد أمضى من الفهم وأسرع، إقرأ التعليمة الرسمية واسكنها، لازمها، فأنت ملزم بالسكون عقلا، فالحركة في النص إعدام سريع الخطو.
إقرأ و " هَيْكِل" فهمك، فصل فكرك على مقاس الشيخ والتابع والمريد، واجعل هواك وفق لما يريد، و إلا كان ما نريد و ما لا تريد أن تريد. إقرأ و اعدم فكرك على مقصلة النقل والنسخ واللصق، وقل قالوا، و اكتب قالوا، و احفظ عن ظهر قلب ما قالوا وما كتبوا، وما وراء هذه الذاكرة التي تذكر ما لا تعقل، وتكتب ما لا تذكر، ما وراءها محظور بأمر الفهم الرسمي المحنط لما نريد.
بقلم: شلا زموري.