بَعْدَ أسبُوع مِن اختِفاء ِ ابْنتِي ألِجُ لأوّل مَرّةٍ بنبْض ٍ مُنكسِر ٍ غـُرفتـَها أنشدُ آثارَ ذكريَاتِها، أبْصرُ مُحتواهُ فتـُغرَقُ جُفونِي دمُوعا، أحْضنُ قِطعا مِن مَتـَاعِها فتـُجْهشـُنِي بكاءً، عَلى مِنضدةٍ صَغيرةٍ، أضعُ يديَّ عَلى كتابِ مُذكراتِها وأحْمِلهُ، بـِشفـَتـَيَّ أرسُمُ عَليهِ قـُبْلة قويَّة وَطويلة النـّـَفـَس ِ أسْتحضِرُ مِن لمْسـِهِ ذكراها، أفتـَحُهُ على أوّل صَفحةٍ مِنهُ أجـِدُ رَسْمَ قلب ٍ يَخرقـُهُ سَهمٌ وقطراتُ الدّم تنزفُ مِنهُ مَكتوبٌ أسْفلهُ "فـَتـَكـَا بك غدْرا يَا قلبي وَلنْ تلتئم جروحُكَ" أبْكِي... وأبْكِي... وأبكِي لشدّةِ وقع الكلماتِ على نبْض قلبي المُثقل بالهمّ، أطـْوي عدّة صفحاتٍ في كل واحدةٍ منها أذرفُ سيلا من الدموع إلى أن وصلتُ بالقِراءة... أحِبّكِ يا أمّي كثيرا...مَنحْتِنِي كلّ شيء في حياتي...إلا أني حُرمتُ مِن تواجدكِ بجنبي...حبذا لو أضفتِنِي سطرا صغيرا جدا بيْن سُطور بَرامِجكِ الخيريّة... أخرّ ُ بوجْهي على الصّفحَةِ أشهق وأشهق بكاء ثم أتابع... كم أحبّـُكَ يا أبي... وَكمْ تمَنيتُ لوْ مَنحْتنِي وقتا قصِيرا مِن وقتِك، ترسُمُ شـَفتيْها بقبلةٍ وضَعَتـْها فِي أسْفل الصّفحةِ بلوْن أحْمَرَ أ ُقـَبّـِلـُهـَا ثم أقلـِبُ الصفحة َ وأقرأ... ناريمان بنتُ صديقةِ أمّي... هيّـَأتْ لِي الحبيبَ في منزلِها، راودنِي عَلى مُعاشرَتِهِ فقاومتُ غريزتِي إلى أن استسْلمْتُ لهُ فِي سريرها، أفِيقُ مِن سكراتِ الهوَى فأكتشِفُ هوْلَ المُصيبَةِ... تـُواسينِي وتـُبَسّـِطـُها، تـَذكرُ لي أن الحياة أصبحَتْ هكذا وأن المُصيبَة سِرّا ومَنْ يَعْلمُها، عِيشِي وتـَمَتـّـَعِي وحِبّـِي كما تشائينَ فإنَّ الحياة فـُرصَة واحِدَة فاغـْتـَنِمِيها... أ ُصْدَمُ لهوْل مَا قرأتُ فأتابع... أشعُرُ بشيء بيْنَ أحْشائي يَرْقـُصُ، عندَ الطبيب أكدّ لي بأنهُ جنين يصعبُ عليه في مراحلهِ المُتطورةِ أن يُجهضه، فكانتِ الحيلة الوحيدَة أمامي أن أختـَفِيَ نهائيا لأتفادَى القصَاصَ وَالفضيحة... يا للمُصيبة، كلـّي أرتعِدُ وأرجفُ كأني أصبتُ برعشة برْدية، أتابعُ... عصيتُ ربّي وإني مسلمة، أشهدُ أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا تنسوني بدعائكم، فإني أثوق إلى التوبة... فسقطتُ سقطة المغشية...