الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات الــــتــــربـــــويــــة الــــعــــــامــــة > منتدى المكتبة التربوية العامة


منتدى المكتبة التربوية العامة خاص بتحميل وقراءة مختلف الكتب والمراجع والبحوث والدروس والمواضيع والمقالات العلمية والثقافية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2011-04-14, 08:52 رقم المشاركة : 91
أم طه
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم طه

 

إحصائية العضو







أم طه غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

وسام المنظم مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

مسابقة المبشرون بالجنة

الشخصية المتميزة رمضان 2014

وسام المنظم

وسام المنظم

وسام تحدي الصور2

وسام المركز الثالث مسابقات أم علاء

وسام المرتبة الرابعة في المسابقة الرمضانية الكبرى

افتراضي رد: ورشة عمل مجموعة الهمــــــــة الاستاذية


"تتمة"
القضية العادلة المعروضة كما ينبغي
تفرض احترامها حتّى على أعدائها

وفي التاريخ الحديث قصة لطيفة تبين مقدرة صاحبها في إقناع الآخرين. فقد اعتقلت حكومة عبد الكريم قاسم (في العراق) بعض علماء العراق، فذهب كل من الشيخ أمجد الزهاوي والشيخ محمد فؤاد الآلوسي والشيخ عبد القادر الخطيب لمقابلة رئيس الجمهورية عبد الكريم قاسم للتحدث معه في أمر تلك الاعتقالات. ولمّا وصلوا حيّاهم عبد الكريم قاسم ورحب بهم أجمل ترحيب، وأعرب عن سروره بوجوده معهم في هذه الليلة بالذات لمساعدته في اختيار نسخة من بين عدد كبير من مخطوطات القرآن الكريم التي ستقوم الحكومة بطبعها على نفقتها وتوزيعها في أنحاء العالم هدية.
فردّ الشيخ محمد فؤاد الآلوسي عليه: إن المصاحف كثيرة جداً، وليس المهم طباعة المصحف، بل المهم تطبيقه، فماذا يفيد البلاد والعباد أن تطبع آلاف المصاحف إذا لم تطبق أحكام القرآن وتعاليمه؟!
وتحدّث الشيخ أمجد الزهاوي في أمر اعتقال العلماء، وقال مخاطباً عبد الكريم قاسم:
أفندي! أنا أظن أن الحجاج كان أعقل منك، فانتفض عبد الكريم انتفاضة السليم، فواصل الشيخ: أتدري لماذا؟ قال: لا. قال الشيخ: لقد كان الحسن البصري معروفاً ببلاغته وفصاحته وتأثير مواعظه وخطبه، وكان كثيراً ما يندد بتصرفات الحجاج على المنبر، فقيل للحجاج: ما الذي يجعلك تترك الحسن البصري يصول ويجول وهو ينتقدك، وقد تقتل غيره بأقلّ من ذلك بكثير، وقد قتلت سعيد بن جبير من غير أن يقول فيك شيئاً مما قاله الحسن!!

فقال الحجاج: ويحكم! الحسن لا يملك إلا لسانه، والناس يسمعون عني ما يسمعون، لكنهم إذا سمعوا الحسن وما يقول، ورأوا صبري عليه واحتمالي له، فإنهم قد يكذبون كل ما قيل لهم فيّ. أما أولئك الذي لا يقولون مثل ما يقول الحسن ولا شيئاً مما يقول، ولكنهم لا يترددون في الانضمام إلى أي ثائر كان على أمير المؤمنين لو واتتهم الفرصة، فإن هؤلاء مكمن الداء ومصدر الخطر.
ثم أكمل الزهاوي وقال: إنه لا خطر على كرسيك من الشيخ الفلاني، ولا مني، ولا من جميع المشايخ والعلماء والخطباء، لكن مصدر الخطر عليك هؤلاء (وأشار إلى مرافقي عبد الكريم الواقفين خلفه) فهؤلاء يحملون السلاح، ويرون ما أنت فيه، وقد يغبطونك على ما أنت فيه من سلطان، ويتمنون لو استأثروا به دونك.
فابتسم الجميع، وقبل أن يرد عبد الكريم على الشيخ الزهاوي بكلمة واحدة، مدّ يده إلى الهاتف، وطلب مدير الأمن العام، وأمره بإطلاق المعتقلين من العلماء.
وظل عبد الكريم أسبوعاً يلوم مرافقيه لوماً شديداً، لأنهم لم يعرفوه بهذا النوع من العلماء طوال فترة حكمه، وقال: لقد أضعتم وقتي مع أناس لم يكونوا يستحقون من وقتي شيئاً، وحجبتموني وحجبتم عني أمثال هؤلاء.






التوقيع








    رد مع اقتباس
قديم 2011-04-14, 13:09 رقم المشاركة : 92
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

b2 رد: ورشة عمل مجموعة الهمــــــــة الاستاذية





صناعة التأثير

صناعة الرمز الديني .
محمد حسن علوان

تقول القصة غير الموثقة إن مواطناً أمريكياً مفلساً جمع ما تبقى من مدخراته، واتجه إلى إحدى محطات التلفزيون، وطلب حجز فترة زمنية من البث التلفزيوني لا تزيد عن بضع ثوان يظهر خلالها هو نفسه جالساً أمام الكاميرا دون أن ينبس ببنت شفة. واشترط الرجل أن يتم بث هذا المشهد القصير في أوقات متفرقة ولمدة شهر.










استجاب مسؤولو المحطة التلفزيونية لطلبه ما دام مستعداً لدفع ثمن البثّ، وبدأوا في عرض المشهد وهم على يقين أن الرجل يعاني من لوثة عقلية ما، أو أنه يرغب في تحقيق نزوة تلفزيونية أخيرة في حياته البائسة. في المقابل، أثار عرض هذا المشهد مراراً وتكراراً فضول المشاهدين حول هذا الرجل الذي يطالعهم بصمت عبر شاشات التلفزيون دون أن يقول أي كلمة أو يروج لأي منتج. تحول الفضول إلى تخمين، والتخمين إلى شائعات، والشائعات إلى هاجس شعبي شغل الناس لمدة شهر. بعد ذلك، اتجه الرجل نفسه إلى مجموعة من الشركات الكبرى، وعرض عليهم تكرار المشهد الإعلاني لشهر آخر على أن يعرض منتجهم في نهاية المشهد.







وفي ضوء تزايد الترقب الشعبي لانكشاف السر وراء هذا الرجل الغامض الذي يطالعهم عبر التلفزيون منذ شهر لم تفوّت هذه الشركات فرصة إعلانية ذهبية كهذه، وراحوا يزايدون في عروضهم، وانتهى الأمر بأن وافق الرجل على أن يعرض منتج الشركة التي دفعت أعلى سعر، وانتهت كل مشاكله وإفلاسه الوشيك بقبضه مبلغاً يكفيه بقية حياته. انتهت القصة.







إذا كان الظهور لعدة ثوان يومياً، ولمدة شهر واحد فقط، كفيل بتحويل رجل مفلس وبدون أي مؤهلات إلى رمز إعلاني تتسابق الشركات لتوقيع عقودها معه، فما هي العوائد المتوقعة من الظهور على شاشة التلفزيون لأكثر من ساعة يومياً، ولسنوات طويلة، في برنامج إفتاء يجيب عن أسئلة المشاهدين؟








هذه المقارنة بين الحالتين لا تهدف إلى التقليل من شأن برامج الإفتاء والدعوة والروحانيات ومن يقوم عليها، ولكنها تشير إلى ظاهرة اجتماعية يطرحها هذا العصر الإعلامي بوضوح وهي: سهولة صناعة الرمز، لاسيما الرمز الديني، في المجتمع.





وبما أنها صارت (صناعة)، فتنطبق عليها ثلاث حالات عامة تشترك فيها كل الصناعات:

أولاً، أنه يمكن أن يُحسن استخدامها أو يساء بحسب من تقع في يده أسرار هذه الصناعة ومخرجاتها من الرموز.

ثانياً، أنها مثل كل الصناعات كلما أصبحت أسهل كلما أصبحت أكثر عرضة للتقليد والغش والاستغلال.
ثالثاً، أن العوائد التي تدرها هذه الصناعة ستجذب إليها (المستثمرين) من وسائل الإعلام الكبرى والحكومات ومراكز التأثير التي لن تتوانى عن الاستثمار في هذه الصناعة الثمينة لتحقق منها الأرباح والأجندات السياسية والاجتماعية والثقافية والمادية.








ولعل المجتمعات العربية، كما يعكسها الفضاء الإعلامي، صارت مليئة بالرموز الدينية المصنوعة والتي تتحقق فيها الحالات الثلاث لهذه الصناعة. فمنهم الذي ينفع الناس ومنهم الذي يضر، ومنهم المقلد والمغشوش، ومنهم كذلك المستغلّ من قبل صانعيه من الإعلاميين أو السياسيين. وما دامت هذه الصناعة ما زالت حتى الآن غير مقيدة بقوانين تحدّ من أضرارها على المجتمع، فمن الطبيعي أن يكون الضرر أكثر من النفع، وأن تُبتلى المجتمعات العربية بالرموز الدينية ذات التأثير الشعبي الكبير، والأفكار السلبية المتأخرة، والأجندات المتحيزة والمؤدلجة.
فالمجتمع هنا يلعب دور المستهلك ذي الوعي المنخفض، ويتم تسويق تلك الرموز الدينية المصنوعة عليه ليتعلق بها بشكل ساذج، وهو عاجزٌ عن التفريق بين المنتج الذي ينفعه والذي يضره، ولذلك يتجه للمنتج الأكثر لمعاناً وحضوراً وإلحاحاً وتحقيقاً لاحتياجاته الأولية. وبالتأكيد أن (صنّاع) الرموز الدينية مدركون لأبعاد التسويق مثلما هم مدركون لأسرار الصناعة.



عدد كبيرٌ من الناس في مجتمعاتنا العربية متعلقون برموز دينية دون أن يملكوا أسباباً موضوعية يبررون بها هذا التعلق. فالمقارنة بين رمز ديني وآخر، على مستوى الأفكار والتوجهات، تتطلب عمقاً ودراية لا تتوفران لكثير من الناس، ولو كان لكل الناس ذلك الفهم وتلك الدراية التي تتيح لهم محاكمة الرموز والمقارنة بينهم ومنح كل رمز علامة النجاح أو الرسوب، فلماذا هم بحاجة لأن يتعلقوا برمزٍ هم أعلى وأعلم منه بما أنهم بلغوا مستويات الفهم والدراية التي تتيح لهم محاكمة هذا الرمز وتقييمه، وبالتالي اختياره رمزاً؟



إذن، من المسلّم به أن الناس الذين يميلون إلى رمز ما إلى حد التعلق لا ينخرطون في سلسلة من البحث والتقصي المعمقين قبل اتخاذ هذا القرار، وأن ثمة معايير أخرى، أكثر بساطة، تحكم عملية الاختيار هذه، وتحقق نتيجة الولاء الأبدية.







التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2011-04-14, 13:30 رقم المشاركة : 93
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

b2 رد: ورشة عمل مجموعة الهمــــــــة الاستاذية






صناعة التأثير
وسائل الإقناع و التأثير في الخطاب الديني في ضوء القرآن الكريم و السّنة النبوية .



المقدمة:

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ[1]
فإنّ من أجلّ ما يقوم به المسلم من أعمال يتقرب بها إلى الله الديان هي أنْ يدعو إلى سبيل الله، وهي من أشرف ما قام به الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم قال تعالى: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف 108 وقال سبحانه: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) ق45 وقال: (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى) الأعلى9
وقال: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ) الغاشية21




إن الدعوة إلى الله وهي أشرف رسالة بحاجة إلى رجال يحملونها، ويقومون بواجب تبليغها للناس ويسرعون بها إليهم، مثَلُهم مَثُل مؤمن سورة ياسين (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) سورة يس 20
ومؤمن آل فرعون القائل: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) غافر: 28
فالناس في مشارق الأرض ومغاربها بحاجة إلى الدعاة ليخرجوهم بهذه الدعوة من الظلمات إلى النور، ويهدوهم إلى صراط الله المستقيم.



والدعوة إلى الله تعالى بحاجة إلى همة وقوة يحيى عليه السلام حال أخذه الكتاب (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) مريم 12 وإلى تحرك الهدهد وانطلاقه ضد المشركين حتى كان له الدور الكبير في إسلام أهل اليمن. وأي فضل أعظم من أن يهدي الله علي يديك العصاة أو المشركين "فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ"[2]



والدعوة إلى الله تعالى بحاجة إلى بلاغة شعيب عليه السلام – خطيب الأنبياء[3] وهو يدعو قومه منذراً ومحذراً (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ... وَيَاقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) هود: 84 ، 89.





والدعوة إلى الله تعالى بحاجة إلى نوح عليه السلام في استحداث الوسائل والأساليب الكثيرة التي يبلغ بها دعوة الله إلى جميع الناس على اختلافهم مقنعاً لهم ومؤثراً عليهم؛ إذ دعاهم بالليل والنهار صغيراً وكبيراً رجلاً وامرأة، سراً وعلانية، ترغيباً وترهيباً.

والداعية إلى الله تعالى ينطلق في خطابه الدعوي من ثلاثة منطلقات:

الأول: دعوة الناس كافة لأنها رسالة عالمية، إلى مختلف الأجناس والألوان والبلاد لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ) سبأ 28.

الثاني: يدعو إلى الإسلام كله بشموليته، لا يترك شيئاً منه، ضمن فقه الأولويات: كما في وصية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْيَمَنِ قَالَ: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ".[4]

الثالث: يدعو إلى الإسلام بكافة الوسائل والأساليب الممكنة الحديثة والقديمة من وسائل الدعوة القولية كالخطابة والدرس والندوة والحوار والدعاية والإذاعة والتلفزيون والدعوة الكتابية: كالمجلة وشبكة المعلومات "الانترنت" والكتاب والدعوة بأخلاقه الحسنة، والدعوة بالتزامه بما يدعو إليه الداعية، والدعوة بالقيام على قضاء حوائج الناس، مستعيناً بالمثل والقصة والمناسبة والشعر... كل هذه الوسائل من أجل التأثير على الناس وإقناعهم بما يدعو إليه.



تعريف الوسيلة لغة: من الفعل وسل: والوَسِيلةُ: الدَّرَجة والقُرْبة. وَسَّل فلانٌ إِلى الله وسِيلةً؛ إِذا عَمِل عملاً تقرَّب به إِليه. والواسل: الراغِبُ إِلى الله؛ وتوَسَّل إِليه بوَسِيلةٍ: إِذا تقرَّب إِليه بعَمَل، والوَسِيلةُ: الوُصْلة والقُرْبى، وجمعها الوسائل قال الله تعالـى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) الإسراء: 57 [5]

الوسيلة اصطلاحاً: هي مجموعة الطرق التي يستعين بها الدعاة لتحسين الاتصال بالمدعوين، بهدف حضهم على الطاعة والبعد عن المعصية أو دعوتهم إلى الدخول في الإسلام.[6]



تعريف الإقناع لغة: القُنُوع: السؤال والتذلل، والقَنَاعةُ: الرضا بالقسم، أقْنَعَهُ الشيء: أي أرضاه، والقنوع بمعنى الرضا، والقَانِعُ: الراضي وفي المثل: "خير الغنى القُنُوعُ، وشر الفقر الخضوع"[7]

الإقناع اصطلاحاً: تأثير سليم ومقبول على القناعات لتغييرها كلياً أو جزئياً من خلال عرض الحقائق بأدلة مقبولة وواضحة.

أما الخطاب الديني فإنه أنواع كثيرة بحسب تنوع المخاطبين، ويمكننا أن نقسم الخطاب الديني في هذا البحث إلى نوعين رئيسيين:

النوع الأول: الخطاب الديني للمسلمين، وهو ينقسم إلى قسمين:

أولاً: الخطاب الديني للمسلمين الطائعين.

الثاني: الخطاب الديني للمسلمين العاصين.

النوع الثاني: الخطاب الديني لغير المسلمين، وينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: الخطاب الديني لأهل الكتاب.

الثاني: الخطاب الديني للمشركين.

الثالث: الخطاب الديني للملحدين المنكرين.

يتبع





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
آخر تعديل الشريف السلاوي يوم 2011-04-14 في 17:19.
    رد مع اقتباس
قديم 2011-04-14, 13:44 رقم المشاركة : 94
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

b2 رد: ورشة عمل مجموعة الهمــــــــة الاستاذية



تابع

النوع الأول: الخطاب الديني للمسلمين

أهداف الخطاب الديني للمسلمين كافة هو:



1. دعوة المؤمنين إلى ما يقوي إيمانهم، والاستعانة على ذلك بالطاعات كالصبر والصلاة.

2. دعوة المؤمنين إلى تكوين المجتمع المسلم.

3. دعوتهم إلى تهذيب الأخلاق.

4. دعوة المسلمين جميعاً إلى التزام الإسلام "السلم كافة" مع التحذير من المنافقين ووساوس الشياطين

5. نهي المسلمين عن الولاء لليهود والنصارى، وغير المؤمنين كافة أو طاعتهم.

6. تذكير المؤمنين بفضل الله تعالى عليهم الذي ألف بين قلوبهم، ومعيته لهم وبنصر الله تعالى.[8]






وسائل الإقناع والتأثير في الخطاب الديني للمسلمين


تختلف وسائل الإقناع والتأثير في الخطاب الديني للمسلمين بمقدار إيمانهم والتزامهم بدينهم، فما يؤثر في المسلم الطائع لربه قد لا يؤثر في المسلم العاصي، لأنهما ليسا متقاربين في مقدار الإيمان، مع ملاحظة أن القسمين يشتركان في الكثير من الوسائل التي تؤثر فيهما، وأنّ ما يحتاجونه - غالباً - هي الوسائل المؤثرة دون المقنعة، لأنّ مصدر التلقي لا شبهة فيه عندهما وهو القرآن والسنة، وإنما الإشكال في توافق العمل مع الإيمان، مع مراعاة أنّ بعض المسلمين قد تبدو له شبهات في جزئيات من الشريعة فيحتاج حينئذ إلى من يجلو عنها الغبار ببعض وسائل الإقناع.

ولنأت الآن إلى الوسائل:




الوسيلة الأولى: الدعوة بالقدوة:


المقصود من الدعوة بالقدوة أولاً: التزام الداعية بما يدعو إليه.

ثانياً: أخلاق الداعية التي يتحلى بها في حياته مع نفسه وأهله وأرحامه وجيرانه وسائر المسلمين.

وهذه الوسيلة هي أهم وسائل الإقناع والتأثير في المدعوين من المسلمين الطائعين والعاصين، لأن التزام الداعية بدعوته وتمسكه بأخلاقه أبلغ من بيانه وأسنان أقلامه، فيه القدوة للطائعين، فيزدادون بالتزامه تقرباً إلى الله تعالى، وبأخلاقه يبرأ العليل من المعاصي والآثام، هكذا كان سيدنا وإمامنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه عزّ وجل: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) سورة القلم: 4
أما زوجاته رضي الله عنهنّ فقد قلن فيه: "إِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ"[9] لقد كان عليه الصلاة والسلام قرآناً يمشي على الأرض لأن ما فيه من آيات خالطت قلبه وجوارحه كلها فما يقوم إلا في طاعة، ولا يجلس إلا في عبادة ولا يبطش إلا في سبيل الله ولا يغضب إلا لله، ولا يتحدث إلا فيما يرضي الله، فأصبح القرآن لحمه ودمه. والذين صاحبوه واتبعوه قالوا فيه: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ"، "وكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا"، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا[10]



من أخلاقه تعلم الصحابة، فحاله أغنت عن كثير الخطب والمواعظ. "فإنّ الداعية الموفق الناجح هو الذي يهدي إلى الحق بعمله، وإن لم ينطق بكلمة، لأنه مثلٌ حي متحرك للمبادئ التي يعتنقها، وقد شكا الناس في القديم والحديث من دعاة لا يحسنون القول ويسيئون الفعل... لأن تناقض فعلهم وقولهم أخطر شغب يمس قضايا الإيمان ويصيبها في الصميم"[11]

ومن أخطر نتائج مخالفة أفعال وأخلاق الداعية لما يدعو له أنّ المدعوين عادة ما يُحملون هذه المخالفات للدعوة التي يحملها، وقد جاء عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ: هَلْ تَعْرِفُ مَا يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ؟ قَالَ قُلْتُ: لَا. قَالَ يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ.[12] وقد قال سبحانه منكراً على هذا الصنف من الناس ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ) سورة الصف:2–3



الوسيلة الثانية: الدعوة بالقول:


وهي أصل الدعوة إلى الله تعالى وتشمل هذه الوسيلة: الخطب والدروس والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والحوار والإذاعة والتلفزيون والشريط المسجل. ونحن لن نستطيع أن نتحدث في هذا البحث عن كل هذه الوسائل.. بل سنكتفي بشرح بعضها، مع ذكر أهم الضوابط العامة للدعوة القولية التي تحكمها جميعاً:


1. أن يكون القول واضحاً بيناً لا غموض فيه ولا إبهام لأن الغرض منه إيصال المعاني المطلوبة للسامع.

2. أن يحرص الداعية على انتقاء ألفاظه التي يفهم منها حق وباطل مثل خطاب الله للمؤمنين (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا) سورة البقرة: 104.

3. أن يتأنى الداعي في الكلام فلا يسرع بل يتمهل ليفهم السامع.

4. أن يبتعد الداعي عن التفاصح والتعاظم والتكلف في حديثه، بل عليه أن يتلطف بالقول لهم لينزع من قلوب المدعوين الشر ويأخذ بأيديهم إلى الخير والحق ويهديهم إلى الرشاد والهداية. مع ضرورة الإشارة أنّ تلطف الداعية لا يعني النفاق أو المداهنة في الحق.

5. أن يكون الداعي متواضعاً شفيقاً فلا يستعلي على المدعوين أو يحتقرهم أو يتحداهم بإظهار فضله عليهم.

6. أن يستثير الداعي في نفوس المدعوين الهمم وينمي فيهم الخصال النبيلة التي فيهم كالشرف مثلاً والنخوة والحلم والأناة وطيب الأعراق، وحسن الجوار...الخ.[13]



أولاً الخطبة: هي ما يقوله الخطيب يعظ به الناس فيذكرهم بالآخرة، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويعالج به أمور حياتهم ومشكلاتهم، ويدفع عنهم الشبهات، وما يعترضهم من تحديات معاصرة.[14]

الخطابة معروفة منذ أقدم العصور، ولقد كان لها شأنها الكبير في الجاهلية والإسلام، وهي من الشعائر الإسلامية الهامة المفروضة على المسلمين أسبوعياً كل جمعة (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) الجمعة: 9
"والصلة بين الخطبة وحقيقة الدين كالصلة بين سيف المنبر وأسلحة القتال في البر والبحر والجو!!"[15]

وقد سنها الإسلام في غير الجمعة في العيدين وفي الكسوف والخسوف، وهي من مناسك الحج.. والخطبة الناجحة هي: ذات الموضوع الواحد الجامعة بين العلم وما يتصل بحياة الناس. والتي يجيد فيها الداعية أساليب الخطابة بحسب الموضوع الذي يتناوله أو الحدث والمناسبة التي يتحدث فيها. القصيرة البليغة لما جاء في الحديث: "إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ؛ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا"[16]

تعتبر الخطبة من أقوى وسائل التأثير المباشر على المسلمين بما يقوم به الخطيب من تصحيحٍ للمفاهيم والعقائد الباطلة والتذكير بالآخرة، وبما يوجه فيها المدعوين لاجتناب العادات الاجتماعية السيئة، وبما يدفع عنهم بعض الشبهات أو ينبههم إلى خطورة بعض الأفكار والمذاهب الفاسدة.

ثانياً: الدرس والمحاضرة والندوة والحوار: الخطبة لا تتسع للإسهاب في القضايا التي تطرح فيها لضيق وقتها، لأن الأصل في الخطبة أن تكون قصيرة، وهنا تأتي أهمية الدروس والمحاضرات والندوات.

الدروس: أهم أهدافها: تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، وحضهم على الطاعة، ودعوتهم للإقلاع عن المعصية. وعادة ما تتناول الدروس فرعاً من فروع الشريعة الإسلامية وعلومها، كالتفسير أو الفقه أو الحديث، أو مسائل في العقيدة، أو في السيرة النبوية...الخ ويقوم الداعية على شرحها بإسهاب.

أما دروس الترغيب والترهيب فليس لها وقت محدد بل يتخير فيها الداعية الوقت المناسب أو الحدث المناسب، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا " قال ابن حجر: "المعنى كان يراعي الأوقات في تذكيرنا, ولا يفعل ذلك كل يوم لئلا نمل"[17]




والمحاضرة: تتناول موضوعاً معيناً يُعِد فيه المحاضر المكلف بها إعداداً علمياً موثقاً، لتحقيق هدف أو أهداف معينة ومحددة بأسلوب علمي عقلي بعيد عن العاطفة، تحتشد فيه الأدلة والبراهين والمناقشات والنتائج. وعلى الداعية أن يراعي في محاضرته مستوى وقدرات الحاضرين العقلية والثقافية، فلا يخاطبهم بما لا تحتمله عقولهم وثقافتهم يقول عَلِيٌّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ"[18]
والندوة: مجموعة من المحاضرين - اثنان فأكثر – يتناولون موضوعاً واحداً، يشرحون جوانبه المختلفة، مع فتح باب المناقشة والحوار مع الحضور من المدعوين، بالرد على أسئلتهم، وتوضيح ما اشتبه عليهم، والاستفادة من آرائهم.



الحوار: ربما تتعلق شبهة بقلوب بعض المسلمين نتيجة التباس معنى آية أو حديث عليهم، أو بسبب إلحاح الشهوات والمعاصي أو نتيجة بعض الأفكار التي ينشرها الضالون في المجتمع، فيحتاج حينها هذا المسلم إلى داعية يأخذ بيده، يحاوره بشكل فردي برفق ولين، ويزيل عنه الشبهات ويبين له طريق الهدى والرشاد، وقد يكون الحوار بسبب الاختلاف في النظر في التعامل مع قضية ما من قضايا الأمة، ومن أمثلة ذلك في السنة كثيرة منها ما روي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا؛ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا مَهْ مَهْ، فَقَالَ: ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِم، قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.[19]

ومثل حوار المسلمين بسبب شروط صلح الحديبية[20] وحوارهم في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة[21]

ومنه حوار المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى الظلم الوارد في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) الأنعام: 82 [22] وقد يكون الحوار على طريقة السؤال والجواب من أجل التعليم كحديث جبريل[23] أو بسؤال المعلم لطلابه لجلب انتباههم[24]







الوسيلة الثالثة: الدعوة بالكتابة:


وتشمل هذه الوسيلة كافة وسائل الكتابة من الكتاب والمجلة والمقال والبحث والنشرة والمطوية وشبكة المعلومات "الانترنت" وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الرسائل الملوك والأمراء وغيرهم.[25]

تنبيه: أولاً: تعالج وسائل القول ووسائل الكتابة في الخطاب الديني للمسلمين ذات المواضيع العقائدية والعبادات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما تعالج القضايا الإسلامية المعاصرة من مستجدات وأفكار وعقائد، وأمراض اجتماعية، وأن كلا الوسيلتين متكاملتان، فما تطرحه الخطبة من مواضيع تستكملها الدروس والمحاضرات والندوات أو الحوارات، والمجلة والبحث والنشرة... وهي بشكل أدق وأوسع في الكتاب، فكلها تتعاون في إقناع المسلمين والتأثير إيجابياً عليهم.

ثانياً: نذكر أنّ الداعية يحتاج في وسائل الدعوة القولية والكتابية أن يستشهد بالشعر، وأن يستدعي القصة والمثل فإنّ لذلك أثراً بالغٌ في نفوس المدعوين، كما أن فيهما العبر الكثيرة وقد جاءا بكثرة في القرآن الكريم: كقصص الأمم السابقة والأنبياء، والأمثال: مثل قوله تعالى )إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا..( الآية البقرة 26



وفي السنة النبوية المشرفة قصص كثيرة: كقصة أصحاب الغار وقصة أصحاب الأخدود[26]، والأمثال كالحديث الذي رواه جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ... فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ. قَالَ: أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ!! فَقَالَ: فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ.[27]



ومن أهداف القصة والمثل:


1. توضيح الحق وتعرية الباطل.

2. استخلاص سنن الله تعالى في الكون والحياة والإنسان، وأخذ العبرة من الأحداث التاريخية وما فيها من نصر أو هزيمة أو محق للباطل، مع ربط هذه الأحداث بالحاضر.

3. التحذير من عاقبة كفر النعمة وبطر المعيشة وسيطرة الأهواء والشهوات والركون إلى الأرض.

4. تقريب الحقائق الغيبية للأذهان.

5. تصوير الحقائق الإيمانية المجردة بصورة محسوسة ليكون أقوى في إقناع النفس بها وأبلغ في التأثير.[28]

يتبع





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
آخر تعديل الشريف السلاوي يوم 2011-04-14 في 17:21.
    رد مع اقتباس
قديم 2011-04-14, 14:01 رقم المشاركة : 95
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

b2 رد: ورشة عمل مجموعة الهمــــــــة الاستاذية



تابع


النوع الثاني: الخطاب الديني لغير المسلمين


يتوجه الإسلام بخطابه الديني إلى جميع الناس سواء كانوا أهل كتاب أو مشركين أو منكرين وغيرهم، هادفاً للآتي:


1. دعوة الناس إلى عبادة الله وتوحيده وتنزيهه عن الشركاء والأنداد مثاله قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة البقرة21-22

2. تحذير الناس من البغي والشرك بالله مثاله قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة يونس: 23

3. دعوة الناس إلى تقوى الله وتخويفهم من أهوال يوم القيامة قال تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) سورة الحج: 1

4. البرهنة للناس أن البعث آت لا ريب فيه ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) الحج: 5 [29]



وسائل الإقناع والتأثير في الخطاب الديني لغير المسلمين


الإسلام دين عالمي أنزله الله تعالى للناس كافة، لهذا أُمر المسلمون أن يبلغوا به كل من استطاعوا أن يبلغوه بكافة الوسائل المشروعة عبر الحوار والمجادلة أو الكتاب والمجلة والمقالة أو وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفزيون وصحافة وشبكة معلومات "انترنت" وهاتف وشريط تسجيل أو فيديو...الخ وسواء كانوا أهل الكتاب أو مشركين أو ملحدين. فقال تعالى آمراً نبيه عليه الصلاة والسلام: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) المائدة67
وأمر عباده المؤمنين فقال: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) التوبة6.
كما ذكر سبحانه صفات المجتمع المسلم فقال: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) آل عمران110.




ومنْ أهم وسائل الإقناع والتأثير في خطاب غير المسلمين:


الوسيلة الأولى: الدعوة بالخلق الحسن:


أكثر الشعوب التي فتح بلادَها المسلمون تحولت إلى الإسلام طواعية، دون تسجيل حالة إكراه واحدة على الدخول فيه، بل إن هذه الأمم التي دخلت هذا الدين رأيناها تسابق أهله الذين حملوه إليهم في ميادين العلم والفضل، إذ تركوا لغاتهم التي كانوا عليها وتعلموا اللغة العربية - لغة القرآن - ثم تعلموا العلوم وعلموها الناس فكان منهم اللغوي والمحدث والفقيه والمفسر والطبيب .. فكانوا في الخير والعلم قادة. وما كان ذلك كله إلا بفضل أخلاق هؤلاء الفاتحين الجدد وما تحلوا به من صفات العدل والفضيلة والأمانة والوفاء والصدق والعفاف والاجتهاد ....الخ. وهم في ذلك متأسون برسول الله صلى الله عليه وسلم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب: 21. وهو صاحب الخلق القويم؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ ... فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ"[30] وقد أسر المسلمون عدواً لدوداً، له معهم ثارات وبغض شديد كان زعيماً لبني حنيفة يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يومين أو ثلاثة وإذا بصاحب الأخلاق العظيمة يقول: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ" وفي رواية: قال له: "قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقتك" فَانْطَلَقَ ثمامة إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ. وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ.وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ" [31] قال ابن حجر: "في قصة ثمامة من الفوائد: أن الإحسان يزيل البغض ويثبت الحب[32]

وقد أمر الله سبحانه الأنبياء بدعوة الناس إلى دينه بالكلمة الطيبة والخلق القويم مع الصبر عليهم قال سبحانه آمراً موسى وأخيه عليهما السلام: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) سورة طه: 43-44.





الوسيلة الثانية: الدعوة بالقول:


وتشتمل هذه الوسيلة على الحوار والجدل والمناظرة، والإذاعة والتلفزيون:

الحوار والجدل: يطلق لفظ الحوار غالباً على الجدل الذي يكون بين أهل الدين الواحد، الذين يختلفون في بعض المسائل الدينية أو بسبب بعض الشبهات، أو فيما يخص قضايا الأمة بشكل خاص والعالم من حولهم بشكل عام، فيتحاورون للوصول إلى ما يرونه صواباً.

أما الجدل فغالباً ما يطلق على ما يكون من الصراع الفكري والعقائدي بين أصحاب الأديان المختلفة، الذين يتناظرون بينهم في العقيدة، أو في النبوة، أو في صحة هذا الدين أو ذاك؟ أين نقاط الالتقاء والاختلاف بين هذين الدينين – هذا إن كانوا أهل كتاب – أما إن كانوا مشركين أو منكرين فالغالب أن يكون الجدل حول أصل الدين، وعقيدة البعث والجزاء وأركان الإيمان...الخ.



والقرآن الكريم والسنة النبوية فيهما الحوار الإسلامي الداخلي، وفيهما كذلك مساحة كبيرة لمناقشة أهل الكتاب أو المشركين والمنكرين فيما يعتقدون أو يدعون في مجالي العقيدة والشريعة، والهدف واضح – قد ذكرناه في أهداف الخطاب القرآني لغير المسلمين. بمعنى آخر: الجدل في الإسلام هو طريقة ووسيلة للتأثير على غير المسلمين وإقناعهم بأن هذا الدين هو خاتمة الرسالات السماوية أنزله الله تعالى على خاتم الأنبياء والمرسلين وأنّ البعث حق، وأن الجنّة والنّار حقٌ، وأنّ الله تعالى هو الحق وأنه صاحب الأمر والنهي والحكم في عباده في ملكوته ويوم يقوم الأشهاد، لا معبود سواه.



فالجدال تعبير عن الصراع الفكري بين العقائد المختلفة، كل منها يبحث عما يؤيد صدق ما يعتقده، وزيف ما عند الآخرين. والأصل في الجدال أن يكون بهدف الوصول إلى الحق والصواب، لا أن "يتحول إلى صناعة قد يقصدها الكثيرون لذاتها، من أجل التدرب على الأخذ والرد، والهجوم والدفاع في مجالات الصراع الفكري... ليعطل قوة خصمه، لا ليوصله إلى الحقيقة، أو ليصل معه إلى قناعة" [33]

وإشارة إلى هذا الأمر وجهنا الإسلام إلى الجدال الذي له ثمرة مرجوة، ونهانا في ذات الوقت عن الجدال العقيم كما في قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل: 125 والمقصود مجادلة أهل الكتاب كما في قوله تعالى: (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) العنكبوت: 46
ومن السنة المشرفة نقرأ في ثنايا الحديث عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا" فالمراء هو الجدل العقيم الذي لا ينتفع به.

ولذلك فإنّ الداعية المسلم قبل أن يشرع في مجادلة أهل الكتاب أو غيرهم عليه أن يحدد الهدف الذي على أساسه يقوم الحوار، حتى يتحقق الغاية المثمرة منه باقتناع المدعو بما ندعوه إليه أوالتأثير عليه فكرياً..



ماذا يريد الداعية من الحوار؛ وما هدفه؟ وما النقطة التي سينطلق منها في الحوار، وإلى أي نقطة يريد الوصول إليها؟

الشخصية أو المجموعة التي تريد مناظرتها: هل هم جادون فعلاً للوصول إلى الحقيقة وصادقون، وإن كانوا ليسوا كذلك، فهل الجمهور الذي سيشهد هذه المناظرة، هل يمكن التأثير على قناعاتهم بشكل إيجابيٍ؟

والداعية المسلم عليه أن يتسلح بأخلاق الإسلام حتى يكون مؤثراً مقنعاً، فلا يجوز له الاستخفاف بمن يناظره أو احتقاره، ولا يلجأ إلى أسلوب التجريح الشخصي أو الإساءة للآخرين، وعليه ألا ينفعل، مستهدياً في ذلك بقول رب العالمين لعباده المؤمنين (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الإسراء: 53 وأمر سبحانه نبيه موسى مخاطبة فرعون باللين فقال: (فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) طه: 44.

وعلى الداعية أن يخاطب في مناقشته العقل ويراعي التسلسل في الحوار، مع دعوة خصمه للاتفاق على مبادئ أساسية وعامة قبل الحوار حتى يساعده ذلك على الانتهاء سريعاً من الحوار والخروج بنتائج مرضية.



هذا هدي النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي ما كان يزيده جهل الكافرين عليه إلا حلماً، لا يسب ولا يشتم ولا يجرح مخالفيه، ويناقشهم ويصبر عليهم، انظر كيف استقبل وفد نصارى نجران في المسجد ومجادلتهم له وصلاتهم في داخل المسجد إلى قبلتهم، إلى أن دعاهم للمباهلة، أو للاتفاق على أساس يقبله الجميع [34] وانظر دعوته لليهود وجدالهم العقيم له، ولما أقر له يهوديان بالنبوة دعاهما إلى الإسلام فخافا أن تقتلهما يهود [35] وقد حاور عدي بن حاتم حتى أسلم [36]

وفي القرآن الكريم الكثير من مناظرات الأنبياء لأقوامهم مثل مناظرة إبراهيم عليه السلام لأهله وللنمرود، ومناظرة شعيب عليه السلام لقومه... فمن يراجع قصص الأنبياء يجد فيها آداباً وأساليب ودروساً وطرقاً مختلفة للحوار والمجادلة مع المخالفين.




ولا بأس أن يستعين الداعية في معرض تأثيره على غير المسلمين بقصص الأمم السابقة ولقد أكثر القرآن الكريم من القصص وضرب المثل لما في التاريخ من دروس وعبر وعظات لها تأثيرها الكبير على النفوس – انظر فوائد المثل والقصة في القرآن، وكان الدعاة من قبل ينذرون أقوامهم بما حدث للأمم من قبلهم مثل مؤمن آل فرعون: (يَاقَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرَّشَادِ* وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ) سورة غافر: 28 ـ 31.




الإذاعة والتلفزيون: وهما من الوسائل الهامة في وقتنا المعاصر إذ يستطيع الداعية أن يبلغ بصوته وصورته إلى بلاد من العسير عليه أن يبلغها إلا بشق النفوس، ويستطيع أن يخاطب جميع الطوائف والجماعات البشرية، وأن يوضح لهم أصول العقيدة وأخلاق الإسلام، ومعاني القرآن.. غير أن على المسلمين أن يجيدوا استخدام المحطات الإذاعية والتلفزيونية للوصول إلى جميع الناس، وعلى المسلمين كذلك أن يخاطبوا الناس بلغاتهم كل ذلك حتى يعذروا أمام ربهم عزّ وجل بأنهم فعلوا وسعهم في تبليغ دعوة الله تعالى؛ من خلال الكلمة الطيبة والأنشودة وحتى التمثيلية الهادفة التي أعدت إعداداً جيداً، إذ لا يشك راشد معاصر اليوم ما لوسائل الإعلام عامة والإذاعة والتلفزيون بشكل خاص من أثر بالغ على قناعات الناس وسلوكهم وأخلاقهم بل وطريقة حياتهم مما هو واقع مشاهد.

وقد نضيف إلى ما تقدم من وسائل قولية أخرى مؤثرة مثل شريط الفيديو والشريط المسجل..




الوسيلة الثالثة: الدعوة بالكتابة:


أهم أساليب الدعوة الكتابية اليوم الكتاب والمقال والمجلة وشبكة المعلومات "الانترنت".

الكتاب: يستطيع فيه الداعية أن يتناول مواضيع الإسلام المختلفة بشكل مفصل مع ذكر الأدلة ومناقشتها، وشبهات المبطلين على الإسلام وبيانها والردود عليها، كما يستطيع الكتاب أن يبرز معالم الإسلام وهديه في جوانبه العقائدية والتشريعية والأخلاقية والاجتماعية، والسياسية وفي العبادات ... الخ الأمر الذي يجعل الكتاب من الوسائل الدعوية المؤثرة التي نستطيع به أن ندخل بيوتاً كثيرة، وأن نعمل على أن يكون في متناول أكبر شريحة ممكنة من الناس غير المسلمين.



والمقال والمجلة والنشرة الموجهة يتناول فيها الداعية موضوعاً من مواضيع الإسلام المختلفة ليبينه للناس، أو ليوضح بعض معالمه التي تهم جمهور المخاطبين. وقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسائل وسيلة لتبليغ الدعوة إلى الإسلامية لكسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس والبحرين وعمان…الخ [37] وهي وسيلة استخدمها سليمان عليه السلام في بلقيس ورعيتها إلى الإسلام إذ قال للهدهد: (اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) النمل: 28.




أما شبكة المعلومات فلها شأن عظيم لو أحسن الداعية استخدامها في مخاطبة كل الناس إذ يستطيع وهو في بيته اليوم أن يتحدث مع كل الأجناس البشرية، وأن يناقشهم، وأن يدعوهم ويرد على أسئلتهم، مما يؤدي إلى التأثير فيهم؛ خاصة إذا علمنا أن غالبية جمهور شبكة المعلومات هم من فئة الشباب الذين يتميزون دائماً بتقبل الرأي الآخر والتأثر به إلى حد الاقتناع إن وجد الكلمة الطيبة والهادفة البعيدة عن التشنج والعصبية مع الأسلوب العلمي الرصين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً

وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


يتبع






التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
آخر تعديل الشريف السلاوي يوم 2011-04-14 في 17:16.
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجموعة , الاستاذية , الهمــــــــة , عمل , ورشة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 19:07 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd