2010-11-01, 12:19
|
رقم المشاركة : 1 |
 إحصائية
العضو | | | 
|  إصلاح بنايات المدارس بإقليم تاونات: من يقاوم التغيير؛ العقل أم الحجر؟
|  |
إصلاح بنايات المدارس بإقليم تاونات: من يقاوم التغيير؛ العقل أم الحجر؟
خالد التوزاني تاونات بريس : 01 - 11 - 2010 من مقتضيات المخطط الاستعجالي لتسريع وتيرة إصلاح التعليم بالمغرب، تحسين ظروف عمل الأطر التربوية من خلال تأهيل المؤسسات التعليمية وترميمها وتزيين فضاءاتها، حتى تصبح المدرسة فضاء جذابا ومحببا للتلميذ، ومكانا لائقا لعمل الأستاذ، يعين هذا الأخير على أداء واجبه المهني والوطني، ويشجعه على المزيد من العطاء والبذل، بما ينسجم مع مكانته ودوره الهام داخل المجتمع.
وبالفعل فقد لوحظ خلال العام الأول من بداية تطبيق المخطط الاستعجالي، تطبيق عدد من الإجراءات الجريئة؛ منها تأسيس جمعيات "دعم مدرسة النجاح" وتعميمها بكل المؤسسات التعليمية، مع تخصيص اعتمادات مالية لهذه الجمعيات عبر فتح حساب بريدي مخصص لدعم مشروع المؤسسة، والرفع من كفاءة المدرسة، وذلك بمنحها فرصة المشاركة في التدبير المالي لعدد من المشاريع؛ كاقتناء الكتب واللوازم المدرسية، وترميم بنية المؤسسة، وشراء بعض الوسائل التعليمية. وهي مبادرة جريئة من الوزارة الوصية على قطاع التعليم المدرسي بالمغرب.
فما هي قيمة النتائج التي تحققت على الميدان؟ بمعنى هل انعكست هذه التدابير والإجراءات على الواقع اليومي للمدارس بإقليم تاونات ؟
يلاحظ كل من يمر بجانب مؤسسة تعليمية، أن الحجرات الدراسية قد تم تغيير طلائها من الخارج وكذلك من الداخل، على الأقل حجرة دراسية واحدة، ويتعلق الأمر بالقسم المخصص لتلاميذ المستوى الأول. كما أن بعض المدارس قد أنجزت إصلاحات همت الساحة والجنبات، ومؤسسات أخرى تم بناء سور لها..
وإذا كانت الوزارة الوصية على قطاع التعليم المدرسي قد أفلحت ولو نسبيا في تغيير فضاءات المؤسسات التعليمية، فهل نجحت في تغيير عقليات الأساتذة؟
إن الواقع العملي يسجل بكل أسف مقاومة بعض الأساتذة لهذا التغيير، وتوجسهم من كل المبادرات التي تسعى إلى زرع نوع من الحركية والفاعلية والتجديد في بؤرة ومحيط المدرسة، مع أن تأهيل الفضاء التربوية ليس مسؤولية الدولة فحسب، وإنما مسؤولية عدد لا بأس به من الأطراف الفاعلة؛ تبدأ بالوزارة ته على القطاع في بناء المدارس وتجهيزها وتتبعها، مرورا بإدارة المؤسسة والأساتذة في نشر الوعي والتحسيس بأهمية صيانة المدرسة، إلى الجماعات المحلية التي تقع هذه المؤسسات التربوية على ترابها بتقديم دعم مادي ومعنوي لها، وانتهاء بالساكنة التي عليها أن تحتضن المدرسة وتحميها، وأخيرا التلميذ الذي عليه أن يحافظ ويسهم في صيانة جمالية مدرسته.
فهل واقع المؤسسات التعليمية بإقليم تاونات يستجيب لطموح الإصلاح ويساير التغيير المنشود؟
ثم، هل هو تغيير في البنايات وألوان الصباغة والتزيين فقط، أم أنه إصلاح مواز لتغيير آخر أهم وهو تحسين جودة المنتوج التربوي بالرفع من مستوى التعلمات لدى التلميذ بؤرة هذا الإصلاح برمته؟
لقد واكب تطبيق المخطط الاستعجالي تنظيم عدد من الدورات التكوينية للأساتذة، قوبلت في بعض المناطق بالرفض والمقاطعة لدواعي معقولة (كالتعويض عن التكوين والتنقل والتغذية الجيدة وعدة التكوين..) وأخرى مفتعلة (كتحديد مدة التكوين ومواده..) كما تم توزيع بعض الكتب والدلائل النظرية العملية للتكوين الذاتي للأساتذة؛ كالدليل البيداغوجي ودلائل بيداغوجيا الإدماج، إضافة إلى وضع بعض رهن إشارتهم بإدارة كل مؤسسة تعليمية كدليل الحياة المدرسية وإصدارات الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين. وهي مبادرات تسعى لتحسين الكفاءة التربوية للأساتذة وحفزهم على تتبع المستجدات وتطوير خبراتهم وتجويد أدائهم المهني. وتأتي الامتحانات المهنية الأخيرة (دورة أكتوبر 2010) تطبيقا نظريا لجهود التحصيل العلمي وتراكم الخبرة والتجربة المهنية للأطر التربوية العاملة بإقيلم تاونات.
كما يأتي الأداء المهني للأستاذ داخل فصله مع تلاميذه تطبيقا عمليا لقراءاته وملاحظاته التربوية، بل يصبح القسم بالنسبة للأستاذ المجتهد مختبرا ومعملا تربويا للتجريب والتطوير... وهي الحركية التي يسعى إليها كل إصلاح للتعليم، بما يخدم في النهاية تعلم التلميذ وإكسابه فن الحياة.
عندما ينخرط الأستاذ في عملية الإصلاح، ويعيد التفكير في ممارساته داخل القسم، يتخذ القرار بالتغيير، ويكون بذلك قد وضع أول قدم في مسار النجاح والتفوق المهني، لأن نجاحه على مستوى المهنة ينعكس إيجابا على باقي مناحي حياته الأخرى.
إن أي تغيير لا يحدث بدون ألم ومعاناة، فكل نمو أو ارتقاء يصاحبه الألم، الولادة تتم بألم، وعملية التسنين كذلك، وتعلم الحبو ثم المشي..فكل رقي وعلو يتطلب الألم.. بل الانتقال إلى العالم الآخر يتم بتذوق طعم الموت.
قد يتبادر إلى الذهن تساؤل مشروع مفاده؛ ماعلاقة الألم بإصلاح المدرسة؟ إنه ثمن التغيير. فهل يأخذ الأستاذ نصيبه من هذا الألم؟
يلاحظ أن الأستاذ في كثير من المناطق، وخاصة ما يعرف بالمناطق النائية، يؤدي ثمن التغيير مرتين، مرة بتواجده في مقر عمل لا يستجيب بتاتا لأبسط الشروط الإنسانية للحياة الكريمة، ومرة ثانية بتواجده أمام وضعيات متناقضة: تلاميذ القسم المشترك ومدرسة لا تحمل من معناها إلا الاسم؛ حجرة مهددة بالسقوط وساحة غير موجودة أو تعرضت للانجراف..
ضمن هذه الظروف الصعبة، وُجد أطر وأساتذة جعلوا من مقر عملهم فضاءا جذابا ومفعما بالجمال والأناقة، بأدوات بسيطة مستمدة من البيئة، وبإمكانات محدودة حولوا المدرسة من كائن كئيب إلى وجود جميل ينبض بالحياة والحركة المتناسقة. والغريب أن بعض هذه المدارس تقع في مناطق بعيدة ذات تضاريس وعرة ومناخ قاس وظروف معيشة صعبة جدا. والأغرب من ذلك، أن هذه "الظروف القاهرة" لم تمنع الأساتذة من التكيف الإيجابي مع المحيط وخلق ظروف جديدة، في غياب لأي دعم من الجهات المسؤولة عن التربية والتعليم بإقليم تاونات، بل إهمال وتهميش ولامبالاة بهذه الفئة من رجال ونساء التعليم الذين لا يملكون قابلية التغيير فقط، بل يصنعون هذا التغيير، وينشرون ثقافة التجديد في محيط عملهم وفي أذهان ونفوس تلاميذهم.
فمتى ستنتبه وزارة التربية الوطنية لمثل هذه المبادرات الفردية والتطوعية، وتعيد الاعتبار لها؟
إن المدرسة المغربية في أمس الحاجة لمن يخدمها بغيرة وإخلاص ونكران ذات، ويدعمها بأي مجهود يرفع عنها النظرة السلبية التي أصبحت تلازمها وتسيء إليها وإلى العاملين بها.
والمخطط الاستعجالي اليوم إن كان يروم في جزء منه تغيير البنايات، فينبغي أن يستهدف تغيير العقليات أيضا، فكما أنه "لا تعلم بدون دافعية"، فإنه "لا إصلاح بدون قابلية للإصلاح"، وإلا فإن مقاومة التغيير ستطفو على السطح كطفح جلدي خبيث، يشوه تلك المبادرات الفردية القليلة والتي أصبحت تتناقص سنة بعد أخرى.. مع توالي السنون.
إن الأطر التربوية والأساتذة الذين راكموا سنوات التجربة والخبرة منذ الثمانينات من القرن الماضي، يختزنون في أذهانهم عددا من الذكريات الجميلة التي تمثل صورا رائعة لمدرسة كأنها بستان من الخضرة والجمال والأناقة، لكن سرعان ما اضمحلت هذه الصورة، مع تراكم إخفاقات المدرسة وتردي وضع الأساتذة؛ المادي والمعنوي، وعدم وفاء الوزارة التي يعملون تحت جناحها بالالتزامات والوعود، مما أدى إلى نوع من فقدان الثقة بين الطرفين، ومن ثم تقلص عدد المبادرات الفردية والأعمال التطوعية التي كان يقوم بها الأساتذة؛ وعلى رأسها إصلاح وتزيين أقسامهم ومدارسهم..
فهل إصلاح البنايات اليوم دليل نجاح المخطط الاستعجالي؟ إن هذا النوع من الإصلاح كان سائدا بشكل تطوعي وفردي من طرف العاملين بكل مؤسسة، والتخلي عنه مثل التخلي عن أشياء أخرى عديدة، مجرد مظهر من مظاهر سوء العلاقة بين سلطة التدبير والتسيير التربوي والعاملين بالمؤسسات التعليمية.
أم أن إصلاح البنايات يمثل تعمية وتغطية لواقع سيء ومتأزم، فضحته تقارير البنك الدولي حول جودة التعليم بالمغرب.؟
أم أن هذا النوع من الإصلاح يمثل تلك الخطوة التي يبدأ بها طريق الألف ميل؟
أم هو عودة لماضي الذكريات الجميلة للمدرسة المغربية.؟
وأيا كانت المبررات والنتائج، فإن سلطة تدبير الشأن المحلي والتربوي بإقليم تاونات وحدها الكفيلة بتقديم إجابات واضحة حول هذه الإشكالات، من خلال وقفة تأمل وحساب للذات، لا وقفة ذل وانكسار يضطر إليها اضطرارا أستاذ أو أستاذة أمام نيابة وزارة التربية الوطنية، تزيد من سوء العلاقة بين الطرفين (الوزارة والأساتذة)، تؤدي إلى إقبار كل مبادرة فردية إيجابية لخدمة المدرسة. فمن يقاوم التغيير بإقيلم تاونات: العقل أم الحجر؟ . يتبع... |
: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=282208 |
|
|  |
فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ :
مسابقة استوقفتني آية
|
ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج
