منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

إنتاج النص الأدبي

إن القانون الذي يحكم تفسير الظواهر الكونية بمختلف أنواعها و أشكالها يقتضي بأن ظاهرة ما سواء أكانت طبيعية أو علمية أو فنية أو غيرها لا تنشأ من فراغ ..فالاكتشافات العلمية سلسلة ممتدة ومتعددة الحلقات و ذات بنية متواترة الوقوع بانتظام ..وهذه النظرية قابلة للاستثمار في مجال العلوم الإنسانية و في مجال الدراسات الأدبية
والنص الأدبي تحديدا من أكثر الظواهر تعقيدا واستعصاء على الفهم و التفسير ..إن النقد العربي سجل حضوره من خلال مجموعة من التفسيرات أذكر منها أربعة :

التفسير الأول : تفسير غيبي ..إذ أن العرب القدامى ذهبوا إلى أن لكل شاعر شيطانه أو جنيه الذي يقول له الشعر ، و الشاعر يكتفي بإيصاله إلى الجمهور و هذا بالطبع يعطل الإمكانات الذاتية للشاعر ، فيضل مجرد وسيط لقوى غيبية ..هذه الفكرة لم تقتصر على العرب لكنها موجودة كذلك عند اليونان
التفسير الثاني : مرتبط بخصوصية الثقافة العربية في علاقتها بالشعر ..ذلك أنه إذا كانت :
1 – العقلية اليونانية عقلية فلسفية و منطقية
2- العقلية الفارسي عقلية خطابية .

فإن العقلية العربية عقلية شعرية قائمة على الارتجال ..فالشعر ينثال عليهم انثيالا و يتدفق على ألسنتهم تدفقا لا يحتاجون معه إلى تصنع واحتذاء على نمط سابق .

التفسير الثالث : مرتبط بأولية الشعر إذ أن أول ما وصلنا من شعر على أنه الأول لم يكن إلا امتدادا واستمرارا لأولية مجهولة ( امرؤ القيس و المهلهل ابن ربيعة يعتبران أول شعراء العرب غير أن هذا لم يثبت )
التفسير الرابع : مرتبط بتحكم مبدإ النمطية ممثلا في العمود الشعري .فمن شأن هذا النمط أن يجعل الأشعار تتشابه وتتقارب لانها تمتح من معين واحد و الذي سماها " حسين الواد " التقاليد الأدبية .

بعد هذا التقديم حول الظروف التي تحيط بإنتاج النص الأدبي أعود لموضوع السرقات الأدبية – بالجمع – لا المفرد .
سبق أن تطرقت إلى أن النص الأدبي لا يولد من فراغ إذ أن كل الانتاجات الأدبية تقوم على أساس علاقات :

** علاقة قائمة على التبعيةو الاقتداء والسير على المنوال ( الاصطراف – الالمام – الاحتذاء الاستخلاف )
** علاقة قائمة على أساس من النقل و التحويل
- نقل وتحويل من داخل الجنس الأدبي ( الاختلاس – التضمين – الادماج )
- نقل و تحويل من خطابات أخرى ( اقتباس – حل – عقد )
- نقل و تحويل من داخل و خارج النص ( عكس – نقد )
** علاقة قائمة على مبدإ الاختيار و الانتقاء
- اختيار مقصود ( التلميح- الالتقاط – التلفيق – الاهتدام - الاجازة – التمليط – المرادفة )
- اختيار غير مقصود ( المواردة )
** علاقة مبنية على مبدإ القهر و الغلبة ( الإغارة – الغصب )
** علاقة مبنية على مبدإ الإدعاء ( الانتحال )
** علاقة قائمة على مبدإ التشويه ( المسخ و النسخ )

أما مصطلح الأخذ فهو ينفرد بخاصية مميزة إذ هو محايد بامتياز و هو أيضا مركز ونواة كل الاصطلاحات التي تفيد ظاهرة الاقتراض الشعري وعنه تتولد باقي الاصطلاحات المذكورة . و يعتبر الأخذ الشاهد الأمثل في تحديد مقولة المصطلحات والشاهد الامثل يتمركز دائما في قلب المجموعة و كلما انتقلنا من المركز إلى الأطراف ضعفت القوة التمثيلية للمصطلح وتناقصت درجيتها .