ارتجالية الوزارة الوصية إنما هي خسارة تلحق المنظومة التربوية في الجهة الشرقية 15/10/2010





قبل الخوض في موضوع التغيير الذي طال أطر تدبير شأن المنظومة التربوية في الجهة الشرقية عن طريق تسريح مدير الأكاديمية وتعويضه بنائب نيابة وجدة أنكاد لا بد أن أقطع الطريق على كل أصحاب التأويلات المتهافتة من قبيل اتهامي بالحسد أو النكاية أو الشماتة أو التشفي في الغير، فليست هذه من أخلاقي ولا من صفاتي ، ولست طرفا معنيا ولا مهتما ولا راغبا في تدبير الشأن التربوي لا محليا ولا جهويا ولا مركزيا ، وأنا أعتز بمهمتي كمفتش تربوي أحرس المنظومة التربوية بما تسمحه لي طبيعة مهمتي وأجهر بالحق ولا أخشى في الله لومة لائم ولا لؤم لئيم .
من المعلوم أن دأب وديدن الوزارة الوصية على الشأن التربوي الارتجال في اختيار وتسريح من توكل إليهم أمر تدبير الشأن التربوي محليا وجهويا إذ لا توجد معايير موضوعية واضحة و مصرح بها ينتقى بموجبها من ينتقى لتحمل مسؤولية تدبير شأن المنظومة التربوية ، فتارة تعلن الوزارة الوصية عن رغبتها في اقتناء من ينوب عنها أو يمثلها في الأقاليم والجهات وتتظاهر بفتح الترشيحات وتقديم ما يسمى المشاريع وهي محض ذرائع ورماد يذر في العيون ، وطورا تمرر اقتناء المناصب في سرية عبر الهواتف الخلوية فيصبح أو يمسي فلان أو فلتان منكوبا نكبة البرامكة أو مرغوبا فيه إلى حين حلول النكبة به وهي قدر محتوم ، ومن سره تعيين ساءه عزل وتسريح ولله الأمر من قبل ومن بعد .
فالملاحظ في تعيين المسؤولين عن تدبير شأن المنظومة التربوية في بلادنا أن الأحزاب السياسية ضالعة في اختراق الوزارة الوصية وفرض مناضليها عليها في المناصب ، مما جعل بعض عشاق المسؤولية ينتقلون من حزب إلى آخر ويغيرون من جلودهم الحزبية على طريقة الثعابين رغبة في الوصول إلى منصب النيابة أو إدارة الأكاديمية . وقد يصل بعضهم إلى المنصب عن طريق ركوب حزب من الأحزاب أو عن قرابة من صاحب قرار ، ثم يتولى بعد ذلك إحاطة نفسه ببطانة من طينته لترسيخ قدمه في المنصب ، وستر ما لا يخفى من عيب تدبيره ، وما أكثر من يرضى بلعب دور ستر عيوب فاشل التدبير من المتزلفين والوصوليين والانتهازيين وساء أولئك رفيقا من أصحاب عقيدة الغاية تبرر الوسيلة .
ولقد ابتليت المنظومة التربوية في الجهة الشرقية بشر كبير منذ أن عين بها مدير الأكاديمية المعفى من منصبه حيث حصل على المنصب شكلا من خلال الترشح وتقديم مشروع الله أعلم به ومضمونا من خلال قرابة تربطه ببعض صناع القرار. ومضى على تعيينه بالجهة الشرقية أكثر من الوقت القانوني ، واستمر في المنصب لأشواط إضافية فوق حد الوقت المخصص للأشواط الإضافية وكاد أن يورث المنصب لولده إن كان له ولد على طريقة بعض الرؤساء العرب . ومعلوم أن فشل المدير المعفى من منصبه بعد فوات الأوان يعزى إلى طريقة تواصله الفاشلة التي تؤثر سلبا على طريقة تدبيره ذلك أن منصب التدبير يقتضي الريادة في طرق التواصل. فقد يكون المسؤول محنكا وذا كفاءة في مهمته ولكنه إذا ما عدم التواصل مع محيطه أفسد حنكته وكفاءته وكان كناكثة الغزل .
لقد أثبت المدير المعفى أنه أبعد ما يكون عن الخبرة بالتواصل إذ سجل اصطدامه المتكررمع كل محيطه بقضه وقضيضه ، وكان أول القض أطر المراقبة التربوية ، وهي أطر لا مندوحة عن مسؤول مهما علا كعبه عنها لأمر لا يخفى على ذي كياسة وبعد نظر. وقد أساء المدير المعفى إلى سمعته شر إساءة من حيث لا يدري أو حيث يدري من خلال فشله في التواصل وتماديه في ذلك بل واعتباره مكسبا وما علمت بمتكبر عن النصح منه . وكانت حكايته مع المهندس مولاي الطيب الرمضاني رئيس مصلحة الامتحانات الفضيحة التي كشفت للرأي العام مستوى تواصله المنحط الذي بلغ حد المساس بكرامة طاقمه الإداري عن طريق الإهانة المتعمدة ، وردا على انتفاضة المهندس وغضبه لكرامته لفق المدير له التهم ووظف لذلك شهود زور من أجل التخلص منه مع أن المحكمة الإدارية أنصفت المهندس ابتداء واستئنافا ولا زلنا ننتظر تنفيذ حكم محكمة شأنها كشأن مفعول خاتم الخائن ابن عرفة زمن الاحتلال الفرنسي البغيض .
وكان موقفه مع الأستاذ الشاعر محمد اليوسفي المنتدب لمهمة بالأكاديمية على غرار موقفه من المهندس إذ عوقب الشاعر خلافا لكل الأعراف في كل بلاد الدنيا على شعره ، مع أن الأعراف تبيح للشعراء حتى مخافة قواعد اللغة المتعارف عليها عند الضرورة الشعرية . ولم يراع المدير ضرورة شعرية بل انتقم من الشاعر وأعاده إلى منصبه حيث كرامته وهي أفضل من العمل بمكان لا كرامة فيه لموظف أمام صلف مدير يفخر بالصلف.
ولم تقف إساءة المدير المعفى للمنظومة عند هذا الحد بل حاول أن يقرب كل من يعزف على وتره ويبعد من يخالفه ، لهذا عرفت تعيينات نواب الجهة الشرقية ما لم تعرفه جهات أخرى حيث لم يدم تعيين بعض النواب أكثر من سنة كما هو حال نواب النيابة المشئومة في فجيج ، وعن هؤلاء يصدق قول القائل : " أصيب الخليفة ابن المعتز بحرفة الأدب فلم يدم حكمه أكثر من يوم وليلة " ذلك أن بعض المفتشين أصابتهم حرفة النيابة فلم تتجاوز مدة تكليفهم بالمهمة أكثر من موسم دراسي واحد مع أنه من المفروض أن النائب يكلف وفي جعبته مشروع يتطلب على الأقل أربع أو خمس سنوات للتطبيق قبل أن يبث في كفاءته قدحا أو مدحا . وكان المدير المعفى يحكم مزاجه في تعيين نواب الجهة ، وهو مزاج لا يتعدى سنة واحدة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل جاءت التعيينات الواضحة الزبونية والفاضحة ، والأدهى من ذلك أن هذه التعيينات استخدمت بشكل فاضح للتخلص من بعض النواب المشاكسين من أمثال النائب الناجي شكري الذي نقل دون علمه إلى الجنوب بناء على وشاية من مدير الأكاديمية المعفى لدى المصالح المركزية ، والحالة أن هذا النائب لما ينه مشروع إصلاح كان قد بدأه وكان يبشر بالخير لأنه كشف النقاب عن اختلالات ممقوتة موروثة في نيابة وجدة أنكاد. واستغل المدير المزاجي الذي من دأبه عدم الصفح على من خالفه شغور منصب نيابة وجدة أنكاد لممارسة لعبة الشطرنج من خلال نقل نائب نيابة الناظور لإبعاد نائب نيابة بركان وهو صاحب خبرة حتى بتدبير الأكاديمية إذ سبق له أن شغل منصب مدير أكاديمية ، ودرءا لقرب هذا الأخير من النيابة الواقعة في تراب الأكاديمية والذي قد يكون مصدر تهديد للمدير المزاجي كيد له كيدا خفيا بعد أن راجت أخبار مفادها أن نائب بركان المبعد إلى الناظور كان من المقرر أن يعين بنيابة وجدة أنكاد
.وفي سابقة في الجهة الشرقية عين مدير إعدادية نائبا بنيابة تاوريرت كمحطة أولى ليحل بعد ذلك محل نائب الناظور المنقول إلى نيابة وجدة أنكاد شطرنجيا إن صح التعبير . وتصرف المدير الناقم في باقي المناصب الشاغرة وفق مزاجه من خلال التمويه على لعبة الشطرنج ، ولم يدر بحسبان أحد ولا بحسبان المدير لاعب الشطرنج أن إحدى قطع الشطرنج التي حركها وفق مزاجه ستخرجه من اللعبة جملة وتفصيلا. لقد حدث كل هذا والمنظومة التربوية هي الضحية الخاسرة بسبب مزاج المدير المعفى بعد فوات الأوان وحصول ضرر جسيم قد لا تتعافى منه المنظومة إلا بعد مرور زمن طويل .
إن إلحاق الضرر بالمنظومة التربوية هو إلحاق ضرر بالناشئة التي هي رأسمال الوطن وأساس رافعة تنميته . لقد كانت الجهة الشرقية مضرب المثل في المجال التربوي سواء تعلق الأمر بنتائج المتعلمين أو بجهود المدرسين أو بانضباط المسؤولين فصارت مضرب المثل في التسيب على كل الأصعدة بسبب ارتجال الوزارة الوصية الخابطة خبط عشواء في إسناد المهام إلى من هم دون حجم المسؤولية إذ كيف يعقل أن يسجل النائب الأسبق شكري الناجي على مدير إعدادية القدس ما سجله على مدير آخر فيعفى هذا الأخير من منصبه و أعتبره شخصيا ضحية مع وجود معيار ازدواجية المكيال عند مدير الأكاديمية المعزول في حين يجازى مدير سجلت عليه نفس الزلة أو أكبر فيصير نائبا ثم مدير أكاديمية في زمن إفلاس القيم .
لقد تنبأت من قبل في مقال سابق على هذا الموقع بأن مدير الإعدادية قد يصير بقدرة قادر نائبا ومدير أكاديمية ومدير مديرية وقد يصير كاتب دولة أو زيرا ولكنه لن يكون أبدا مفتشا ليس نكاية في رجال الإدارة الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير و لا أشك في كفاءتهم الإدارية وقدتهم على تدبير شأن نيابة أو أكاديمية ولكن تعبيرا عن اعتراض على مدير أساء قبل كل شيء إلى سمعة الإدارة التربوية بالتستر على أشباح ، ومع ذلك لا يخفي تنطعه وتطاوله على المفتشين الذين لهم أيادي بيضاء على رجال الإدارة إذ هم الذين يصاحبونهم ويقرونهم في مناصبهم ، ولا ينكر فضل المفتشين من رجال الإدارة إلا من لا حياء فيه . ليس من المشرف للجهة الشرقية أن يروج عن مدير إعدادية أنه تستر على شبح ينهب مال الأمة وهو خارج التراب الوطني ، وزور محاضر خروجه ودخوله ثم يصير بعد ذلك نائبا ومدير أكاديمية ويكون إسوة سيئة قد تطمع كل من يعبثون بالمنظومة التربوية في مسؤولية جسيمة تمس قضية حيوية بعد قضية الوحدة الترابية .
فعلى الوزارة أن تراجع ارتجالها في الجهة الشرقية فهي جناح المغرب الغالي في الشرق ولا يمكن أن يكسر هذا الجناح بالارتجال وبالحسوبية والزبونية . وإذا ما صمت الوزارة آذانها عن هذا النداء كما أتوقع ، وهو ليس بنداء شخصي لحارس من حراس المنظومة التربوية ،وأتحدى من يزعم العكس باستطلاع للرأي ، فعلى الغيورين من أبناء الجهة الشرقية وهم كثر ولا تعوزهم شجاعة ولا جسارة التحرك من أجل إنقاذ منظومتنا التربوية البائسة ومن أعان على شر فقد ظلم كما يقول المثل العربي والساكت على الحق شيطان أخرس .

محمد شركي www.oujdacity.net