الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التواصل العام > منتدى النقاش والحوار الهادف > أرشيف مواضيع النقاش


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-08-31, 18:42 رقم المشاركة : 1
mkochkar
أستـــــاذ(ة) متميز
 
الصورة الرمزية mkochkar

 

إحصائية العضو









mkochkar غير متواجد حالياً


افتراضي محاولة فلسفية ثالثة: هل ندرس في العالم العربي، علوما أم قيما؟ مواطن العالم د محمد كشك



محاولة فلسفية ثالثة: هل ندرس في العالم العربي، علوما أم قيما؟ مواطن العالم د محمد كشكار
هل ندرّس معلومات أم قيما؟ هنا يكمن السؤال.
أبدأ بنقل هذا الحوار العلمي الشيق حول هذا السؤال:
- قال المنظّر في البيولوجيا و البيوفيزياء و العضو في الهيئة الاستشارية للأخلاق في علوم الحياة و الصحة، هنري أتلان، 1994: " تصدر أقوال العلماء أنفسهم من قيمهم الذاتية، على الأقل كما تصدر من معرفتهم الموضوعية ".
- طرحت الصحافية العلمية و الكاتبة الفرنسية كاترين بوسكيه، 1994، على أتلان، السؤال التالي حول البيولوجيا: " هل تكلّمنا البيولوجيا عن الحياة؟ حياتنا؟... عندما يتعلق الأمر بمعرفة كيف يجب أن نعيش، نحب، نتألّم...نموت، لا يسعنا إلا الجواب بلا على هذا السؤال ، نلاحظ أن التجربة المعيشة ليست في الحقيقة موضوع البيولوجيا. في الواقع، العلوم، حتى المنتسبة منها للحياة، ليس لها الشيء الكثير لتقوله حول هذه الأسئلة الوجودية!
- أتلان: في الجدل الذي يعارض فيه "سقراط"، قال الفيلسوف الإغريقي "بروتاقوراس" في موضوع "كيف ندرّس الفضيلة؟": بالنسبة لسقراط، يكفي أن ندرّس العلوم: معرفة الحقيقة تؤدي حتما إلى معرفة الخير. بالنسبة لبروتاقوراس، يجب تدريس الشعر الملحمي: الخير ليس نظرية هندسية أو قاعدة فيزيائية، الخير هو تقمّص نفسيّة بطل. لقد سخرنا من بروتاقوراس لكن ماذا يحصل اليوم ؟ تدرّس التلفزة الأخلاق ببث صور تثير السخط أو الإعجاب. إذا لقد كان بروتاقوراس على صواب في جميع ما قاله.
- بوسكيه: هل تأسف لذلك؟
- أتلان: نعم و لا. لا أتأسف لذلك لو أدى الأسف مرة أخرى إلى إعادة تأهيل الموقف الذي يدافع عنه سقراط في هذا الحوار لأن هذا الموقف وهمي. لكن أقول نعم، أسف لأن التعليم الشامل للأخلاق التي يقوم به الإعلام هو مجرد غضب أخلاقي.

يقرّ النظام الأساسي الرسمي التونسي لمادة علوم الحياة و الأرض ما يلي: مجالات المعرفة التي تغطيها المادة تهم مباشرة حياة الإنسان و صحته و علاقاته بالمحيط البيئي و استغلال الثروات البيولوجية و الجيولوجية مما يعطي هذا الفرع من المعرفة بعدا تربويا كبيرا يحمل قيما و مواقف و سلوكيات تصب في صالح الصحة و البيئة.

هل يقوم المدرّس التونسي بتطبيق ما جاء في النظام الأساسي الرسمي؟ أشك كثيرا في ذلك! خاصة فيما يهم القيم العلمية الإنسانية الراقية. سأضرب لكم مثلا يؤكد شكي: سأل أستاذ إعدادي زميلته في نفس المادة: هل تدرّسين تلامذتك وسائل الوقاية من مرض السيدا؟ أجابته بكل الوثوق غير العلمي: طبعا لا، لأن من ارتكب معصية يتحمل وحده وزر ما فعل من عقاب إلهي.
أولا، أعلق علميا على قول زميلتي المحترمة: "يفعل الجاهل بنفسه ما يفعل العدو بعده" لأن التلميذ غير الواعي بوسائل الوقاية قد يساهم في انتشار المرض دون قصد و قد يصبح وباء لن تسلم منه زميلتنا الموقرة لا قدر الله لا هي و لا عائلتها.
ثانيا، أردّ إنسانيا و دينيا، لأن لا تناقض في تعريف الأخلاق السامية بين العلم و الدين و القوانين الوضعية: نسيت هذه الزميلة أو تناست أن التشفي في المريض هو فعل غير أخلاقي تنكره و تحرّمه كل الشرائع السماوية و الأرضية حتى و لو أخطأ الفاعل عن قصد و أساء إلى نفسه دون قصد. يحتاج المريض، مهما كان دينه و سلوكه، إلى علاج و مواساة عوض اللوم و المحاسبة. توعية المريض علميا و وقاية السليم صحيا تمنع انتشار المرض المعدي وتضمن السلامة لباقي أفراد المجتمع. أستنتج أن الزميلة لم تتمسك لا بميثاق وزارة التربية التونسية و لا بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان و لا بدينها الحنيف الذي يجرّم العالم الذي لا يفيد بعلمه و ينهى كذلك عن الإيذاء بالنفس و بالغير.


في الفقرة الموالية و بحكم اختصاصي، سأحاول التطرّق إلى القيم البيولوجية الإنسانية الراقية التي يعتقد البعض أنها حكرا على الأديان و الإيديولوجيات. نحن ندرك الآن أن العلم منحاز و ليس موضوعي كما ذكرت في مقالي السابق " هل العلم موضوعي أم متحيّز؟". منحاز لمن ينتجه و نحن نستورده فكيف تطلب منه أن يكون في صفنا؟ عندما نكون في صفه إن شاء عقلنا سيكون من جانبنا ضد عدونا الداخلي قبل الخارجي المتمثل في جهلنا و تخلفنا و كسلنا و نفاقنا و عنصريتنا و تمييزنا العرقي و الديني و تكبرنا و إقصائنا للآخر بدعاوى باطلة و إيماننا بالغيب في مسائل مادية غير غيبية.

سأعدد على سبيل الذكر لا الحصر بعض القيم العلمية المنتجة و المفيدة للبشرية جمعاء دون تمييز ديني أو عرقي أو جنسي:

1. العمل الجماعي:

لم يعد بوسع عالم منزو في مخبره أن ينتج شيئا مهمّا لاستحالة الإلمام بعديد الاختصاصات الضرورية في كل علم. قال العالم المصري - الأمريكي، صاحب جائزة نوبل في الكيمياء، 1999، أحمد زويل في حديث تلفزي: "قبل هجرتي إلى الولايات المتحدة لإتمام دراساتي العليا، كنا معشر البحاثة في جامعة الإسكندرية، يقفل كل واحد منا على بحوثه الخاصة في خزانته حرصا عليها من عيون زملائه. سافرت إلى أمريكا حاملا معي قفلي و عندما وصلت إلى مخبر الجامعة أخرجته، سخر مني زملائي الأمريكيين قائلين أن بحوثنا تكمّل بعضها البعض فلا داعي للقفل يا أستاذ. ضحكت من جهلي و من تخلف البحث العلمي عندنا. توصلت لاكتشافي الذي نلت بموجبه جائزة نوبل بفضل قيمة العمل الجماعي الشفاف".

2. القناعة كنز لا يفنى:

أدرّس للسنة الثالثة رياضيات التنمية المستديمة، هذا المفهوم العلمي الجديد نسبيا الذي يحث على عدم الاستغلال المفرط للمصادر الطبيعية للإنتاج كالتربة و البحر حتى لا نلوثها و نتركها إرثا فقيرا للأجيال القادمة. التنمية المستديمة تجعل من مصادر إنتاجنا الغذائي كنزا لا يفنى. حتى لا تنعت بعض العقول العربية القاصرة أفكاري بأضغاث أحلام و تنظير فلسفي يستحيل تطبيقه، أسوق لكم تجربة دولة النورفاج الناجحة في التنمية المستديمة و هي الدولة المصنفة عالميا منذ سنة 2000، على رأس الدول التي يطيب فيها العيش: أعدّت الدولة إستراتيجية أخلاقية، نعم أخلاقية و ليست غلطة مطبعية، لإدارة ثروتها النفطية، إستراتيجية لم يسبقها إليها أحد و لن تقلدها الدول العربية على ما أظن. إستراتيجية تتمثل في ادّخار نسبة من أرباح البترول الحالية للأجيال القادمة - أليست القناعة كنز لا يفنى؟ - و تتجسم هذه الإستراتيجية أيضا في قرارها سنة 2004 القاضي بمقاطعة كل شركات الصناعات الحربية اللائنسانية مثل صناعة الأسلحة الكيميائية و النووية و البيولوجية و طبقت مقاطعتها فعليا على أربع شركات كبرى.

لومي الوحيد، كمواطن يحمل بطاقة تعريف عالمية، على حكومة النورفاج أنها نسيت حقي القانوني و حق المليارات أمثالي في حصة من ثرواتها النفطية. الثروات النفطية النورفيجية، ثروات أحفورية، صنعها تاريخ الأرض الجيولوجي عبر أربعة مليارات من السنين و لم يشارك في صنعها نورفيجي واحد، بل لم يكونوا موجودين أصلا عند تشكّلها في باطن الأرض. لماذا يحتكر استغلالها النورفيجيون وحدهم إذن؟ ثقتي في النورفيجيين كبيرة و أكيد سيدخرون نسبة أخرى للإنسانية! كذلك الثروات النفطية و الغازية السعودية و العراقية و القطرية و البريطانية و الكويتية و الأمريكية، لماذا لا تأمّم عالميا و تقسّم عن طريق الأمم المتحدة و يصبح لكل تونسي دخل سنوي محترم حلال محلّل من ريع ممتلكاته الطبيعية العالمية؟

أما نحن العرب، فحالنا يسرّ العدو و يحبط الصديق: السعودية تزيد في إنتاجها عندما تطالب مجموعة الأوبيك للدول المنتجة للبترول بالزيادة في الأسعار. العراق يفرّط في ثروته النفطية للأمريكان و البريطانيين حماة نظامه الحاكم. مصر تبيع غازها بأبخس الأثمان لعدوها الإسرائيلي و تترك مواطنينا يموتون من الازدحام في طوابير لشراء قنينة غاز المطبخ. حكومة المجاهدين الجزائريين الثوريين الوطنيين السابقة أبرمت صفقة سرية مع الحكومة الفرنسية السابقة لإجراء تجارب نووية في الصحراء الجزائرية، حكومة النورفاج تدّخر المال لأجيالها القادمة و حكومة الجزائر تدّخر الإشعاعات النووية المسرطنة لآلاف الأجيال الجزائرية القادمة!

3. الوطنية الحقيقية:

أدرّس للسنة الثالثة رياضيات محور التغذية، لي درس ثابت سنويا عنوانه "البسيسة"، غير موجود في البرنامج الرسمي. ما هي العلاقة بين البسيسة و الوطنية؟ هي الراعي للوطنية و الرافض للتبعية الغذائية الغربية. هزم غاندي بريطانيا باعتماده على الصناعة التقليدية الهندية للقطن و الحرير المحاكين يدويا على آلة تقليدية الصنع و بسيطة جدا. البسيسة سلاح من لا سلاح له، وجبة وطنية و تقليدية بامتياز، نظيفة من صنع الأمهات و بيولوجية خالية من المواد الكيميائية، سهلة الوصفة في الصنع و الإعداد، وجبة كاملة و متوازنة، غنية بالألياف فقيرة بالدهنيات تصلح للطفل و الشيخ والسليم و مرضى السكري و القلب و الشرايين، غذاء متعدد الاختيارات (باللوز، بالحمص، بالشامية، بالحلبة، بالدرع، بالعدس، بزيت الزيتون، بالسكر أو بالعسل، معطرة بالإكليل أو الزعتر أو القشور الجافة للبرتقال الحلو، ألخ)، تسهّل مرور الطعام في الأنبوب الهضمي و تمنع القبض و تحمينا من سرطان القولون، غذاء اقتصادي جدا (كنت و أنا أنهي دراساتي العليا بليون، أكتفي بكأس بسيسة غداء أو عشاء لقلة ذات اليد و غياب تشجيع البحث العلمي)، أكلة غير تمييزية بل تسوّي بين البشر، يستهلكها الغني و الفقير، سهلة النقل في كيس من البلاستيك أو الكاغظ أو القماش، عابرة للقارّات، خفيفة الوزن، صديقة المسافرين و الحرّاقة، سهلة الحفظ خارج الثلاجة صيفا و شتاء، سهلة التناول في أي وقت و في أي مكان في أواني بسيطة. لماذا لم نطوّر هذا السلاح الغذائي الرهيب لنتخلص من التبعية الغذائية الغربية المقيتة و المذلّة ؟ لماذا لم نصنّع البسيسة و نصدّرها على أوسع نطاق تحت علامة ّصنع تونسي"، آه سبقنا الغرب و فعلها كما سرق بذورنا المحلية و سرق خرّيجي معاهدنا النموذجية الذين صرفنا عليهم دم قلوبنا و سرق علمائنا الذين تكونوا في جامعاتنا و سرق أمهر عمّالنا و سرق أفضل معارضينا و سرق آمالنا و أحلامنا في النهضة و التقدم، كل هذه المصائب بسبب غياب القيمة الأساسية في أوطاننا، ألا و هي الحرية. لماذا لا نعلّب البسيسة و نغيث بها إخواننا في الدين الباكستانيين في محنة الفيضانات و نجهّز طائرات البسيسة و نزوّد كل منكوب بكيس بسيسة يسدّ رمقه في هذا الشهر المبارك. لماذا لا نعطيها لمجة لأطفالنا في الروضات و المدارس الابتدائية؟ لماذا لا نجدها وجبة تباع في المطاعم التونسية بنصف دينار للموظف التونسي الفقير حتى يفرّج عليه فرّاج الكروب؟ هل بعد كل هذا الشرح ستقولون لي: أفكارك أضغاث أحلام و صعبة التطبيق! أم تسلّطكم و قوميتكم وطنيتكم الشعاراتية و السياسية و وحدتكم العربية الناصرية و الصدامية و القذافية و اشتراكيتكم اللينينية - الستالينية و أمتكم الإسلامية المتناحرة شيعة و سنة و معارضتكم السياسية الصورية هي التي يستحسن أن تنعت بأضغاث أحلام؟ صناعة و ترويج البسيسة أفضل عندي من صناعة القنبلة النووية!

4. حرية المبادرة و الصدق و الأمانة العلمية و الشفافية و تجنّب السرقة الفكرية:

نستطيع أن نرسّخ كل هذه القيم في التلاميذ بتطبيق النموذج التربوي الحديث المتمثل في "بيداغوجيا المشروع" حيث يبادر التلميذ باختيار موضوع للبحث العلمي منذ الثانوي و يطوّره دون أستاذ رقيب على سكناته و حركاته، ينتفي فيه الغش و ننمّي مكانه العمل المشترك و الثقة في الغير و النقل الأمين من المصادر العلمية دون نسبة مجهودات الآخرين لأنفسنا.

5. الاعتماد على النفس:

يتخلى الأستاذ تدريجيا عن التدريس التلقيني العقيم و يترك المجال لتطبيق النموذج التربوي الحديث المتمثل في "المقاربة البنائية لبياجي و فيقوتسكي" حيث يصنع التلميذ معرفته بنفسه تحت إشراف أستاذه و دون توجيه "بافلوفي" منه. يتعلم التلميذ قيمة الاعتماد على النفس فيتخرّج مواطنا واثقا من نفسه و من قدراته التي بناها بنفسه و لم يمنحها له الأستاذ على شكل شهادة دكتورا يتباهى بها كتباهي زائر الكعبة بلقب حاج أو ديبلوم هندسة فلاحية و هو لا يعرف كيف يغرس نخلة.

6. الاختلاف لا يفسد للود قضية:

يختلف العلماء و لا يجاملون بل يعمّقون خلافهم و ينشرونه بشفافية على صفحات المجلات العلمية و في المؤتمرات العلمية و يجلسون مع بعضهم يشربون القهوة و يتبادلون النكات و ينزلون إلى الشارع و يساندون القضايا العادلة كما يفعل العالم الفرنسي الكبير في علم الوراثة، ألبير جاكار، عندما يخلع أبواب بيوت مهجورة في باريس ليسكّن فيها عائلة صومالية أو عراقية دون مأوى و دون مصدر رزق كريم معرّضا نفسه للمساءلة القانونية.

7. التقييم الذاتي و الاعتراف بالفشل و الإصرار على النجاح:

نحن الأساتذة، يكفينا تعسّفا و ظلما لملايين التلاميذ: نقيّمهم و نسند لهم أعدادا و شهائد و نحن لم ندرس علم التقييم. لماذا لا نطالب مدرسينا بشهادة في علم التقييم حتى يعلّموا تلامذتهم التقييم الذاتي. يعترف التلميذ بأخطائه عندما يكتشفها بنفسه و بمساعدة الأستاذ و لا تفرض عليه فرضا دون نقاش و دون معارضة. يعترف التلميذ بفشله بمحض إرادته فيصرّ و بمحض إرادته أيضا على إعادة الكرّة و السعي إلى النجاح. في القسم، نفرض على التلميذ الاستكانة و الجبن و السكوت عن الظلم و عدم المعارضة و نغيّب الديمقراطية تماما و في المقهى نلعن سلطة القمع و الاستبداد و غياب حرية التعبير، من هي السلطة؟ أنت في القسم سلطة، فمن أمرك بالظلم و من أباح لك شتم التلميذ و ضربه و إهانتهّ؟ إذا لم تقدر على تغيير نفسك فكيف تطالب الآخرين بالتغيير؟
نوبّخ التلميذ الذي يفشل و يخطئ و ننسى أن أكبر العلماء أخطؤوا في مسيرتهم العلمية أخطاء فظيعة لا يرتكبها الآن تلميذ في السادسة أساسي. أصبح الخطأ في القسم إيجابيا بعد ما كان سلبيا و هو كما يقول علماء التربية محرّك القسم.

8. الحرية:

قال أحد الفقهاء غير المعترف بفقههم لأنه يعارض الفقه المتكلس السائد: لو كان للمذاهب بصمة كبصمة الإبهام عند الإنسان لكان التوحيد بصمة اليهودية (ربما لأنها أول ديانة توحيدية وصلت إلينا) و المحبة بصمة المسيحية و العدل بصمة الإسلام و المساواة بصمة الشيوعية و الحرية بصمة الرأسمالية. أضيف على ما قاله الفقيه و أعلّق: لم يحقق أي واحد من هذه المذاهب السماوية و الأرضية بصمته على أرض الواقع و بقيت محنّطة في نصوصهم القديمة و الحديثة. لم تحقق اليهودية التوحيد و خاصة اليهود الصهاينة الذين ما زالوا يعبدون ناتنياهو و أوباما. لم تحقق المسيحية المحبة لأنهم ما زالوا يكرهوننا نحن العرب و المسلمين خاصة. لم يحقق الإسلام العدل منذ موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 13 هجري و حجب عنّا الحاكم المسلم المستبد الحرية و معها العدل طيلة 1412 سنة. لم تحقق الشيوعية المساواة بل خلقت طبقة هجينة من أعضاء الحزب الشيوعي تحكم باسم العمّال و الفلاحين و تقمع بالحديد و النار العمّال و الفلاحين و المثقفين المستقلين المعارضين. حققت الرأسمالية الحرية لكن أفرغتها من العدل، حققت الحرية للطبقة البورجوازية على حساب عرق العمّال و الفلاحين الغربيين و الشرقيين و العرب و الهنود و غيرهم من المستضعفين في الأرض. فهل يتساوى في أمريكا الشمالية، المعارض اليهودي غير الصهيوني ناعوم شومسكي في حرية التعبير مع مالك قناة "السي آنان"؟

لكن، من حسن حظنا، العلم حقق و جمّع و وحّد البصمات الأربع الأخيرة فقط لأن التوحيد الإلهي يخرج عن اختصاص العلم. يستطيع مستعملي النات، متساوين لا فرق بين أعرابي و أعجمي إلا بسرعة التحميل، الإبحار بكل حرية عدى بعض المطبّات التي ستزول إن شاء "القوقل". يوزّع النات المعلومات على جميع أنحاء العالم بالعدل و القسطاس. سكان العالم الافتراضي يحبون بعضهم بعضا و يتبادلون التهاني بمناسبة أعياد الميلاد و الأعياد المحلية و العالمية و يشكون هموم بعضهم لبعض و يختلفون في الرأي و يحافظون على صداقاتهم و يتصارعون فكريا و حتى و إن غضبوا فالنات يجنّبهم تبادل العنف المادي و يقاومون الظلم و غياب الحريات سلميا دون سلاح. سيصبحون قوة ديمقراطية إن شاء "القوقل" أو سيصبح لكل واحد منا "قوقله"!

يتميّز العلم عن كل هذه المذاهب ببشريته و استقلاليته و ماديته و شكهو ضعفه الكامن في إمكانية تفنيده كما أشرت سابقا في مقالي "ما الفرق بين التفكير العلمي و التفكير الديني؟". يتميّز عنهم بكونه النادي الوحيد الذي يجتمع فيه و يصلي في محرابه، دون حرج و دون تمييز، المسلم و المسيحي و اليهودي و الرأسمالي و الشيوعي و السني و الشيعي و الكاتوليكي و البروتستانتي و البوذي و الملحد و غيرهم. يحاول كل طرف من مرتادي ناديه تدجينه و ضمّه إلى صفه و هو، العلم، متكبر و جبار و عصيّ و صعب المراس أكثر من منتجيه. يحاول كل طرف تجميل نفسه بوروده دون التقرح بأشواكه. أنساهم سعيهم الدؤوب إلى استغلاله لأغراض سياسية، أنّ قوته تكمن في هشاشته و ظرفيته و قابليته للتكذيب و المراجعة في أي وقت و هو غير صالح لكل زمان و مكان. تتعسف الأديان و الإيديولوجيات على نصوصها و تحاول توظيف اكتشافات العلم و حقائقه المؤقتة و هذا اعتراف ضمني بتفوقه عليهم جميعا و في جميع المجالات ما عدى مجال الإيمان بالله، مجال لا يخضع للتجربة المادية. يزيّنون بأحجاره الكريمة صدورهم جاهلين أو متجاهلين أن أحجار العلم الكريمة قد تتحول تحت مطرقة اكتشاف نظرية علمية جديدة إلى أحجار غير كريمة تنزلهم من سماوات الإيمان العليا إلى أراضي العلم الدنيا. لو تفكروا و أفاقوا من غفوتهم لعرفوا أن الإيمان بالله لا يحتاج إلى إثباتات علمية تأكده أو تنفيه لأنه اعتقاد سرّي ذاتي شخصي غير موضوعي في علاقة غيبية عمودية لا وساطة فيها لا للأنبياء و لا العلماء. كيف يتكئ الإيمان على العلم و العلم لا دين له و لا ملّة؟ الإيمان أزلي و العلم موضوع، الإيمان ثابت و العلم يغير جلده مع كل عصر دون حياء و على الملأ ، الإيمان يتمسك بقوة بتراثه و العلم يغربل و ينتقد تراثه يوميا و يوظف الجيد منه و يترك الباقي في سلة تاريخ العلوم، العلماء بشر ليسوا مقدسين و لا معصومين من الخطأ و الأنبياء بشر أيضا ليسوا مقدسين أيضا و لا معصومين من الخطأ إلا في تبليغ رسالتهم الإلهية رغم ما يضفونه عليهم أتباعهم من صفات لم يدّعونها لأنفسهم في حياتهم و لا نزلت في كتبهم.

9. العدالة:
أنا أثق في العلماء المثقفين المستقلين العلمانيين مؤمنين و غير مؤمنين و أدعوهم عند الإمكان الابتعاد عن الشركات الصناعية الحربية اللائنسانية حتى يستفيد من علمهم كل البشر و ينتشر العدل بسلاح العلم رغم أنف الرأسماليين الجشعين و الحكام الدكتاتوريين و العلماء الانتهازيين. تشفي المضادات الحيوية من الحمّى كل مريض دون تمييز لا عرقي و لا ديني.

الخلاصة:
نحن ندرّس في مدارسنا و معاهدنا و جامعاتنا علوما جافة دون قيم. يتخرّج من جامعات سنويا آلاف المهندسين و المعلمين و الأساتذة و الأطباء و المحامين و غيرهم حاملين علما فاقدين للقيم السامية المشتركة بين البشر أجمعين. فكيف سننهض بآلات بشرية فاقدة للإنسانية؟ علينا بالجمع في تعليمنا بين العلوم و القيم و لا نترك هذه المهمة للعلماء المختصين المحتكرين للمعرفة أو للدجالين السياسيين الانتهازيين المرتزقة أو للدعاة الجهلة بالدين و الدنيا أو للأنترنات.
قيم العلم، لا يختلف حولها اثنان و لا تحمل أحكاما و لا تلزم أحدا بتطبيقها و لا تعاقب أحدا على تركها لكن يفعل الجاهل بنفسه ما يفعله العدو بعدوه.



أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"..."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي ".

ملاحظة: تعريف مختصر لأكلة البسيسة:
دقيق القمح أو الشعير المحمّص أو المحمي على النار بشدة و المرحي غير المكرر و المصفّى في غربال تقليدي. نضيف له ما شئنا من زيت الزيتون و دقيق البقول الجافة و المواد الغذائية الأخرى و النباتات الجبلية البيولوجية المعطّرة.






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=236183
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أم , محمد , محاولة , مواطن , العالم , العربي، , ثالثة: , علوما , فلسفية , فى , هل , ودرس , قيما؟ , كشك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 10:19 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd