الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الأخبار والمستجدات التربوية > منتدى أخبار التربية والتعليم


منتدى أخبار التربية والتعليم خاص بالأخبار والمستجدات التربوية الوطنية والدولية،مذكرات و مراسيم الوزارة ،المقالات التربوية الصحفية ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-08-12, 09:31 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي من ﭐلتَّعْرِيب ﭐلأعْجَم إلى ﭐلتعريب ﭐلأفْصح/عبد الجليل الكور



من ﭐلتَّعْرِيب ﭐلأعْجَم إلى ﭐلتعريب ﭐلأفْصح


عبد الجليل الكور

هسبريس : 12 - 08 - 2010
قد يبدو لكثير من "ﭐلعرب" أَنَّهم لا يَجِدُون، بِما هم عَرَبٌ، أي مَحِيد أو بديل عن "ﭐلتَّعْرِيب" ﭐلذي يظهر أنه يَفْرِض نفسَه عليهم من دون أيّ إشكال. لكنَّ مسألةَ "ﭐلتَّعريب" لا يُمكِنها، في ﭐلواقع، أن تَمُرَّ دون أن تُثير إشكالات، بل إشكالات كُبرى تتعلق بواقع ﭐلشعوب ﭐلمُكوِّنة للأمة ﭐلعربية كواقع مرتبط أصلا بالتعدُّد وﭐلِاختلاف. وهذا ما يَجعلُ تناوُل "ﭐلتَّعريب" موضوعًا للأخذ وﭐلرَّد بين ﭐلأنصار ﭐلمُنافِحين عنه وﭐلخصوم ﭐلرافضين له وﭐلمتشككين في جدواه. ولِذا أيضا، لا يزال "ﭐلتَّعريب"، في مُعظم ﭐلبلدان ﭐلعربية، مُتعثِّرا وسطحيا إلى ﭐلحد ﭐلذي جعل بعض ذوي ﭐلأطماع لا يتردَّدُون في ﭐلتهجُّم عليه من دون تَبَيُّن كافٍ ولدى كل سانحة.
لقد ﭐرتبط "ﭐلتَّعريب" في أذهان ﭐلناس بجعل "ﭐللسان ﭐلعربي" لسانَ ﭐلتعليم وﭐلإدارة بَدَلًا من ﭐلألسن ﭐلتي بَوَّأَتْها ﭐلسيطرةُ ﭐلِاستيطانيةُ للأروبيين ﭐلمكانةَ ﭐلتي كان يَحْتَلُّها من قبلُ، بهذا ﭐلقدر أو ذاك، ذلك ﭐللسان. وعلى ﭐلرغم من رُسُوخ هذا ﭐلمعنى وسيادته، فإنه لا يُمثِّلُ -في ﭐلواقع ﭐلفعلي- سوى أحد أبعاد "ﭐلتَّعريب"، لأن "ﭐللسان ﭐلعربي" -بما هو ﭐللسان ﭐلقومي للعرب- لا بُدَّ أن يكون ﭐللسان ﭐلمُستعمَل في ﭐلتعليم وﭐلإدارة. غير أنَّ هذيْن ﭐلمجالَيْن (ﭐلمدرسة وﭐلإدارة) لا يُمكنُهما أن يُكَرِّسا من "ﭐللسان ﭐلعربي" سوى جانِبَيْه ﭐلظاهرين: ﭐلمدرسي وﭐلرسمي. وتبقى ﭐلحياة ﭐلعامّة، رغم ذلك، خارج إطار "ﭐلتعريب" ﭐلذي يتحدَّد (أو ينبغي أن يتحدَّد) بالفعل كسَيْرورة ﭐجتماعية وثقافية قائمة أساسا على "ﭐلتَّفْصيح" و"ﭐلتَّهْذيب" و"ﭐلتَّنْشيط" لكل مناحي ﭐلحياة ﭐلعمومية (وليس فقط للتواصل ﭐللغوي من خلال ﭐستعمال "ﭐلعربية" كما هو ﭐلظن ﭐلسائد). ولا أَدَلَّ على قُصور ﭐلمعنى ﭐلشائع للتعريب من أن عامَّة "ﭐلعرب" كانت وما زالت لا تَعْرِف من ﭐللُّغتَيْن ﭐلمدرسية وﭐلإدارية إلا ﭐلِاسم، وهما ﭐللغتان ﭐللتان تَسري سُلطتُهما -بصفتهما لُغتيْن تَتَّسمان بمشروعية تَضمنُها "ﭐلدولةُ"- على ﭐلجميع ؛ لأنَّ "ﭐلدولة" (كحقل مُؤَسَّسِي مُرْتَهن، بهذا ﭐلقدر أو ذاك، لِنُخَب مسيطرة ﭐجتماعيا وﭐقتصاديا وثقافيا) ظلت لا ترى معنى لِلتَّعريب إلا أَنْ يكون "ﭐللِّسان ﭐلعربي" -في صيغته ﭐلصُّورِيَّةِ/ﭐلشكْلِية- ﭐللغة ﭐلمُعلَنة رسميةً للبلد. لهذا، ولِكَيْ تَضْمن هذا ﭐلأمر كان لا بُدَّ أَنْ تَجعله، خصوصًا في ﭐلمستوى قَبْلَ ﭐلجامعي، لُغةَ ﭐلتَّعليم وَتَخْريج ﭐلأُطُر. فلا عَجَبَ، إذن، أنْ يبقى "ﭐللِّسان ﭐلعربي" رَمْزًا قوميًّا أَكثر ممَّا هو أداةٌ ﭐجتماعية للإنتاج ﭐلثقافي وﭐلبِناء ﭐلحضاري. وﭐلسبب ﭐلذي لا يَخفى على أحد هو أَنَّ ﭐلشعوب ﭐلعربية، في سوادها ﭐلأعظم، لا تعرف من ﭐللغة سوى أنها وسيلةٌ مُبتذَلةٌ لِقضاء أغراض ﭐلمَعاش ﭐليومي ﭐلخَاضِعِ للمدى ﭐلزمني ﭐلقريب وﭐلمُنْقَطِع عن ﭐلقَصْدية ﭐلِانعكاسية في واقع يتميَّز أساسا بكونه غير خاضع لِآليَّات ﭐلتدبير ﭐلراشد ﭐلتي من شأنها ضمان ﭐلوصول ﭐلمتكافئ إلى ﭐللغة ﭐلمشروعة ﭐلتي قد لا يُمثِّلها، في حقيقة ﭐلأمر، "ﭐللسان ﭐلعربي" (في ﭐلعالم ﭐلعربي تُعدّ ﭐللغة ﭐلمشروعة هي لُغة ﭐلمستوطن ﭐلسابق: ﭐلإنجليزية وﭐلفرنسية بالنسبة لمُستعمِلي ﭐلعربية، وﭐلعربية نفسها بالنسبة لمُستعمِلي غيرها كالأمازيغية مثلا).
ومن ثَمّ، فإِنّ "ﭐلتعريب" ﭐلذي كان يَقِف في ﭐلماضي ضد ﭐلموجات ﭐلشُّعُوبية ﭐلطَّاعِنة في هُوِيّة "ﭐلعرب" وﭐلرَّامِية إلى إِقْصائهم من مَسارات ﭐلحضارة ﭐلبشرية، قد ضاع -أولًا- في زَحْمة "ﭐلثورات" ﭐلقومية لتحرير ﭐلوطن وإنشاء ﭐلدولة ﭐلقُطرية ﭐلمستقلة، ثُمّ طُمِس طَمْسًا -بَعْدَ ذلك- في طُوبَيَات ﭐلِاشتراكية ﭐلقومية أو ﭐللِّيبرالية ﭐلمُتَرسمِلة ﭐللَّتيْن لم تَكُونا تَعْرِفان سوى تحقيق ﭐلتنمية و"ﭐلعدالة ﭐلِاجتماعية" حتى لَوْ تَمّ ذلك بأَكْوام من ﭐلموادّ ﭐلبشرية ﭐلتي لا تَنْطِق إلا أنْ يُؤْذَن لها، وإِذا نطقتْ فلا تَملِك أنْ تُخالِف أمرًا لِزُعماء صَدَّقوا على أنفسهم ﭐلظن بأنهم مُلْهَمون ومُلْهِمون!
وهكذا، ضيَّع "ﭐلعرب" أنسب فُرصة في ﭐلقيام ب"تعريب ﭐجتماعي" شامِلٍ وناجع لا يُفرِّق بين ﭐلمدرسة وﭐلحياة ﭐلعامّة، ولا بين ﭐلمجال ﭐلرسمي وﭐلفضاء ﭐلعُموميّ، تعريبٌ يَبْدأ بتعليم ﭐلناس أنَّهم شعوب صاحبة تاريخ حضاري عريق ورسالة سامية في موْكِب ﭐلإنسانية، وليس بإلهائهم ب"عُرُوبة" تَهْوِي هُوِيةً عَصَبيّة ونَخْوَةً شِعْرية فتَرْتَكِس أمام من يَصنع من محض أوهامه تاريخا ويَبْنِي دولة وأُمّة بفضل ﭐلنَعَرات ﭐلقومانيّة لأُناس أُشربوا حبّا بماض من أساطير ﭐلأولين.
لقد وَهِمَ "ﭐلعرب" طويلا وكثيرا! ولمّا يَقِفُوا بعدُ على أصل ﭐلبلاء ﭐلذي ما ﭐنْفَكُّوا يَصْطَلُون بشدائده: لم ينهزموا في معارك ﭐلتاريخ ﭐلحديث لأنهم كانوا أقل رُجُولة أو لأنهم يجهلون لسان ﭐلأجداد، بل لأنهم ظلوا لا يُفَرِّقُون بين ﭐلحُلْم كرمز لإرادة حيّة وفاعِلة وبين ﭐلحُلْم كدُوَّامة من ﭐلِانْتِشاء ﭐلدائم بخُرافات ﭐلعجائز وأفانين ﭐلحُكاة. ولذا، فإنّ "ﭐلتعريب" لم يُنظَر إليه إلّا بكونه عملا على ﭐسْترداد حقّ ﭐللسان ﭐلسَّلِيب وجَعْله ينبَعِث على ألسنة ﭐلشعراء وﭐلخطباء لِيَهِيم ﭐلناس في أودية ﭐلعَنْتريّات. ولقد كان من كل ذلك فنّ جمّ!
إِنّ "ﭐلتعريب" ليس إجراءات لُغوية تَخُصّ ﭐلتعليم وﭐلإدارة وتَحْفَظ رُموز ﭐلعبادة في ﭐلمساجد وأيام ﭐلأعياد. وإلا، فَقَدْ كُفِيتُمْ شرّ ﭐلقتال -يا مَعْشر ﭐلعرب- بَعْدَ أنْ ﭐعْتُرف بلسانكم في أكبر ﭐلمَحافل ﭐلعالميّة وصار لسانا يُدْرَس ويُدَرَّس في كثير من ﭐلجامعات داخليا وخارجيا!
من أجل ذلك، فإنّ تعريبا مُنحصرا في ﭐلحُدود ﭐلتي رُسِمَت له في أثناء مُدافَعة ﭐلسيطرة ﭐلِاستيطانيّة لم يَسْتَجِب لحاجات ﭐلتنمية وﭐلتقدُّم، ولن يُفْلِح في ﭐلوُقوف أمام آليّات ﭐلتَّعْجيم ﭐلتي تَعْمَل من داخل ﭐلمجتمعات على ﭐمتداد ﭐلعالَم ﭐلعربي. ولهذا كُلّه، من ﭐلمُؤسِف جِدًّا أنْ يُضْطَرّ ﭐلمرء، بَعْد خمسين عاما من قيام ﭐلدُّوَيْلات ﭐلقُطرية بهذه ﭐلمنطقة، على ﭐلِاعتراف بأنّ خُطَط "ﭐلتعريب" كانت بصريح ﭐلعبارة "أعجميّة"، وذلك لسبب جوهري: لم تُؤسَّس وَفْق إمكانات ﭐلواقع ﭐلعربي ﭐلحقيقيّ ﭐلذي يتحدَّد ضرورةً كواقع قائم على ﭐلتعدُّد ﭐجتماعيا ولغويا وثقافيا، وهو ﭐلأمر ﭐلذي كان ولا يزال يُوجِب إقامة آليات حقيقية لتدبير ديموقراطي وعقلاني.
لقد كان "ﭐلتعريب" ولا يزال ضرورةً، ليس لأن "ﭐلعرب" وُوجِهُوا -تحت نِير ﭐلسيطرة ﭐلِاستيطانية- بألسُن أجنبية لا تَمُتّ بصلة إلى لسانهم ﭐلقوميّ، وإنّما لأن "ﭐللسان ﭐلعربي" -ﭐلذي يُراد له أن يكون وسيلة ﭐلتبادُل ﭐليومي وعِماد ﭐلوُجود ﭐلثقافي وﭐلحضاري للأمّة ﭐلعربية بين أُمَم ﭐلعالَم- لم يَعْرِف أهلُه كيف يُواجِهون ﭐلتحدِّيات ﭐلتي وَضَعَهم أمامها، منذ أواخِر ﭐلقرن ﭐلهجريّ ﭐلأول (أواخر ﭐلسابع وبداية ﭐلثامن بعد ميلاد ﭐلمسيح)، ظهور مجال تداوُلي قائم في أصله على ﭐلتعدُّد وﭐلِاختلاف في صورةِ قبائل وعشائر وفئات مُتمايزة ومتنازعة على كل ﭐلمستويات، وهو المجال الذي صار مُوجَّها نحو ﭐلتوحيد بفعل ﭐنتشار ﭐلإسلام ﭐلذي أَدْخَل إليه شُعوبا مختلفة زادت ووسَّعت عوامل ﭐلتعدُّد وﭐلِاختلاف فيه. وإنّ هذا ﭐلِانقِلاب ﭐلكبير في سَيْرُورة ﭐلأمّة ﭐلعربية هو ﭐلذي شَكَّل ضرورة "ﭐلتعريب".
وإنّه لَمِن عجائب ﭐلأقْدار أن يكُون ﭐلردّ ﭐلعربي، بذلك ﭐلخصوص، قد تَمثَّل منذ ﭐلقديم في شكليْن مُتباعديْنِ: وُقوفُ ﭐلعلماء وﭐلمُخْتصِّين مَوْقفا "مدرسانيّا" لا هَمَّ له سوى إنقاذ ﭐللسان "ﭐلفصيح" من ﭐلضّيَاع، وذلك بالعمل على تَدْوين ﭐلنصوص وتقعيد ﭐلنحو وحفظ ﭐلبَيان ؛ ووُقوف ﭐلأمراء وﭐلحُكّام موقفا "إراداني" يَضْمَن رسميّة "ﭐللسان ﭐلعربي" ويُنَاوِش بين ﭐلقُوَى ﭐلشُّعُوبيّة وﭐلعُرُوبيّة في ﭐلمجالين ﭐلمدرسي وﭐلعموميّ من دون أي عمل على بناء وترسيخ ﭐلتدبير ﭐلمدني وﭐلسياسي لِأشكال ﭐلتعدُّد وﭐلاختلاف ﭐلسارية ﭐجتماعيا ولغويا وثقافيا.
وَمُنذُئذٍ تَرسَّخ ﭐلمَوقِف ﭐلعربي ﭐلمُزدَوِج من مسألة "ﭐلتعريب"، وﭐسْتقَرَّت معه عادةُ ﭐلردّ ﭐلِانفعالي على ﭐلزحف "ﭐلأعجمي". ومن هنا، كانت هذه ﭐلمُفارقة ﭐلمُحيِّرة: على ﭐلرغم من ﭐلتَّفانِي في توسيع وتَقْوية ﭐلتعليم ﭐلمدرسي لِلِّسان ﭐلعربي تحت رعاية "ﭐلدولة" ومُرَاقبتها، فإِنّ جُموع ﭐلشعب تبقى على حالها في ﭐستعمال لهجاتها ﭐلعامِّيَّة وإِنتاج وُجُودها ﭐلثقافي وﭐلِاجتماعي ﭐلخاص، على هامش ﭐلزُّمَر ﭐلتي تَتَعاطى ﭐلعِلم وﭐلأدب، وﭐلفئات ﭐلتي تتنافس ﭐلحُكْم وﭐلرِّياسة في إطار ﭐلتنازُع على ﭐلمَوارد ذات ﭐلقيمة ماديا و/أو رمزيا.
وهكذا، يبدو أنّ أيَّ تَناوُل جادٍّ لمسالة "ﭐلتعريب" مُضطَرٌّ لأن يقف عند واقِع مُعقَّد ومُتَشعِّب: تاريخٌ طويلٌ من ﭐلتعايُش بين "لسان عربي" (لا يعرفه، في أحسن ﭐلأحوال، إلا ﭐلأُدباء وﭐلعلماء وﭐلحُكَّام) ومجموعة من ﭐللهجات ﭐلعاميّة وﭐلجِهَوِيَّة ﭐلتي تُشكِّل لُغةَ ﭐلتَّداوُل ﭐليوميّ في أهمِّ مجالات ﭐلحياة، وهي لهجات ما فَتِئَ بَعْضُها يَستوِي على شكل نِظام لُغوي مُتميِّز -إلى هذا ﭐلحدِّ أو ذاك- عن "ﭐللسان ﭐلعربي". ويُضاف إلى هذا كُلِّه ما يَفِدُ على مجال ﭐلتَّداوُل ﭐلعامّ من ﭐلألسُن ﭐلأجنبية ﭐلتي تتقَوَّى بمدى تَوَسُّع وتَجذُّر ﭐلغزو وﭐلسيطرة ﭐلمرتبطين بالغزو أو بالِاستيطان ﭐلأجنبي.
لا يَصِحُّ، إذن، أن يُتَصوَّر "ﭐلتعريب" أو يُنفَّذَ بعيدًا عن ذلك ﭐلواقعِ مُعتبَرًا في كُلِّ جوانبه. وبالتالي، فإنه لا يُمْكِنُ ولا يَسُوغُ أنْ يُقْضَى على ﭐللَّهجات "ﭐلعاميّة"، كما لا يُمْكِنُ ولا يُعقَل ﭐلِانغلاق تُجَاه ﭐلألسُن "ﭐلعالَميّة". وفي هذا ﭐلخِضَمِّ ﭐلمَائِر من ﭐلحَركات وﭐلتَّنافُسات وﭐلتَّدفُّقات ﭐللُّغويّة يُفرَض أنْ يَشُقَّ "ﭐلتعريب" سبيلَه بصفته حَرَكِيّةً ﭐجتماعيّةً وثقافية شَامِلةً تَقُوم باستنفار مُختلِف قُوَى ﭐلأمة "ﭐلعربية" من خلال مجموع ما تَستخدمه من نُظُم لُغوية تَتَّصِل من قريبٍ أو بعيد باللِّسان ﭐلعربيّ ﭐلفصيح وﭐلمعياري، وذلك لإنتاج ﭐلوُجود ﭐلتاريخي وﭐلحضاريّ للإنسان "ﭐلعربي" في سِياق ﭐلمسيرةِ ﭐلإنسانية ﭐلعامة.
ومن ثَمّ، فإِنّ "ﭐلتعريب" يتجلَّى كتَفْعِيل حَرَكِيّ وتدبير عَمَليّ يَنْصَبّان على إِمكانات لُغوية وثقافية كامنة في ﭐلجسم ﭐلِاجتماعي وﭐلتاريخي للأمة "ﭐلعربية"، على ﭐختلاف شُعوبها وتنوُّع مُكوِّناتها، من أجل ﭐلِانبعاث في سبيل ﭐلرُّقي وﭐلتقدُّم. و"ﭐلتعريب"، بهذا ﭐلمعنى، سيرورةٌ ﭐجتماعية وثقافية قائمة على "ﭐلتفصيح" و"ﭐلتهذيب" و"ﭐلتنشيط" كعوامل مُقوِّمة للبناء ﭐلمدني وﭐلعُمراني بعيدا عن "ﭐلتعجيم" و"ﭐلتفحيش" و"ﭐلتَّثْبيط" كآثار مرتبطة بالتبعية وﭐلدُّونية والتخلُّف. ولِأن "ﭐلتعريب" لا معنى له إلا ك"ﭐستنهاض" و"ﭐنبعاث"، فإن ﭐلِانخراط فيه لا يكون إلا طوعا على أساس ما يُمثِّله من إمكانات في حال ﭐلتفاعُل ﭐلمدني، وإغراءات في واقع ﭐلتبادُل ﭐلحضاري. وحيثما وُجِد هذا "ﭐلتعريب"، فإن ﭐلناس "يَتعرَّبُون" و"يَستَعْرِبُون" من دون حاجة إلى أي إكراه، وذلك بفعل ﭐلضرورة ﭐلطبيعية ﭐلمُلازِمة للسيرورة ﭐلِاجتماعية وﭐلتاريخية، وليس تَبَعا لآليّات ﭐلترهيب وعوائد ﭐلتسلُّط. ومن هنا، فإن ما يُروِّجه بعض ﭐلمُتنطِّعين عن "ﭐلتعريب" كحركة قَوْمَانيّة وطُغيانيّة تقوم، في ظنِّهم، على ﭐلمركزية ﭐلوُجودية ل"ﭐلعرب" و"ﭐلعربية" وتهدف، في زعمهم، إلى محو وﭐستئصال أصناف ﭐلتعدُّد ﭐللغوي وﭐلثقافي، ليس سوى أُسطورة أعجب ما فيها أن تسطيرها مفضوح بما لا يُحوِجُ إلى أي تكذيب من لدن ﭐلوقائع بالعالم ﭐلعربي ﭐلقائم تاريخيا وﭐجتماعيا وثقافيا ولُغويا على ﭐلتنوُّع وﭐلِاختلاف إلى أقصى ﭐلمناحي، من حيث وجود ما لا يُحصَى من ﭐلطوائف وﭐلجماعات وﭐلأعراق وﭐللغات ﭐلمتعايشة وﭐلمتنافسة إلى حدّ ﭐلتفرُّق ﭐلبعيد وﭐلتمزُّق ﭐلمُبِيد.
وإنَّكَ، إذا تأملت جيدا، لا تَستطيعُ أنْ تَقُوم بصَهْر أُمّةٍ كاملة في لسان لا يَكاد يَنْفَكُّ عن وسطه ﭐلمدرسيّ وﭐلدِّيوانيّ ﭐلمحدُود، ما لمْ تُفجِّرْ حَرَكِيَّةً تُقرِّب وتُدْمِجُ -بشكل تَكامُلِيٍّ وتَزامُنِيٍّ- بين كُلِّ مُكوِّنات وطاقات هذه ﭐلأُمّة، حتّى تَصِيرَ فاعِلًا ومفعولًا في آنٍ واحد لجِمَاع ﭐلإنتاج ﭐلِاجتماعي وﭐلتاريخي ﭐلذي تَكُون ﭐللغة أَدَاتَه ﭐلبَانِيَة ووسِيلَةَ ﭐشتغاله ﭐلمُحرِّكة. ومن المؤكد أنّ "ﭐللِّسان ﭐلعربي"، بِصورته ﭐلحاليّة، لا يَملِك ﭐلقابِلِيّةَ ﭐلمطلُوبةَ لِلِاكتساب وﭐلِاستعمال في مجموعة بشريّة تُقَارِب أربعَمِئَةِ مِلْيُون نَسَمة.
فلا بُدَّ، إذن، لإِنجاح عَمل "ﭐلتَّعريب" ذاك من إنجاز خُطَّة تَثقيفية وتعليمية تَستنِد إلى مُعْطيَات حقيقية تَخُصُّ ﭐلواقع ﭐلبشريّ ﭐلعامّ للناس ﭐلمُستهدَفِين وتَعتمِد برامجَ تِقْنيّةً مُدقَّقةً ومنهجيّةً مُستجدّة وحَيَّة في ﭐلتعليم ﭐللُّغوي، وتَقُوم على أُطُر كُوِّنَت بشكل عَمَليّ مُختلِف عن رَتابة وجُمُود ﭐلتَّلْقين ﭐلمدرسي. وقبل هذا كُلِّه، لا بُدَّ من قيام إرادة ﭐجتماعية وقوميّة تَبتعِدُ عن ﭐلتَّصوُّر ﭐلمدرسانيّ والإراداني لِ"ﭐلتَّعريب"، وتَتَجاوَز مَسْعَى ﭐلتَّبْسيطات ﭐلتَّسايُسيّة وﭐلغوغائية ﭐلتي تَختزِل ﭐلمشكلة في إرضاء نُزُوعات فئوية أو ظرفية بواسطة ما يُسمّى "حَمَلات مَحْو ﭐلأُمِّيَّة"، وهو ﭐلمسعى عَيْنُه ﭐلذي يُوشِك أنْ يُنْهِي نصف قرن من ﭐلتَّخبُّط دون جدوى.
إنّ إخراجَ "ﭐلتَّعْريب" من مَآزِقه يَقتَضِي إعادة ﭐلنَّظر فيه بِتَصوُّره، بالأساس، كتدبير راشد وﭐستراتيجي لواقِع مُتعَدِّد ومُتبايِن في لُغاته ولَهَجاته بسبب تعدُّد ﭐلأسباب ﭐلفاعلة فيه تاريخيا وﭐجتماعيا وثقافيا. وإلّا، إذا كان ﭐلمقصود ب"ﭐلتعريب" هو فقط جعل "ﭐللِّسان ﭐلعربي" لِسانًا يُدرَّس في ﭐلمدارس وتُحرَّر به ﭐلوثائق وتُلقَى به ﭐلخُطَب وتُنْشَد ﭐلأناشيد، فهذا أَمْرٌ مُتَحقِّقٌ بِلا مُنازِع. لكِنَّ "ﭐللِّسان ﭐلعربي" يبقى، رغْمَ ذلك كله، بعيدا عن ﭐلحياة ﭐلعامّة ومُنهزِمًا أمام زحف ﭐلألسُن ﭐلأجنبيّة، لأنَّ "ﭐلتَّعْريب" -ﭐلذي طَالَما دُوِّخْت به رُؤُوسُنا- ظَلَّ أعجميًّا مُنْطلَقُه حِفْظ "ﭐللِّسان ﭐلعربيّ" في ﭐلأَعالي، ومُنْتَهاهُ تَرْكُ ﭐلأمر كما كان مُنذ زمن بعيد: طُوفانٌ مُحيطٌ ومُكْتسِحٌ من "ﭐلبَلْبَلة ﭐللُّغوية" ﭐلتي ليست، في ﭐلحقيقة، سوى تَجَلٍّ لسوء تدبير أنواع ﭐلتفاوُت ﭐلراسخة في ﭐلبنيات ﭐلمادية وﭐلرمزية ﭐلمتعلقة بكل ﭐلمجتمعات، وليس فقط ﭐلخاصة بالمجتمعات ﭐلعربية ﭐلتي لا تتميز إلا بفشلها في تأسيس سيرورة للتدبير ﭐلراشد لأنواع ﭐلتفاوُت تلك!
وبناء على ذلك، يَتبيَّن ﭐلسُّخف ﭐلكبير في كثير من ﭐلمحاولات ﭐلتي لا تفعل شيئا سوى ﭐلإصرار -في معظم ﭐلأحيان من دون وعي لعدم تحقُّق أصحابها بمعرفة كافية بشروط ﭐلضرورة ﭐلاجتماعية- على تغذية نوع من "ﭐلفِكْرى" أو "ﭐلطُّوبى" ﭐلتي تَنظُر إلى مشكلات ﭐلتعدُّد وﭐلاختلاف كما لو كانت مشكلات خاصة ب"صراع هُوِيّات" أو "تمايُز أقوام" وﭐلنزوع، من ثم، إلى تشييد توهُّمات تُراوِح بين ﭐضطرابات ﭐلقلق ﭐلهُوِيَّاني وتَعصبُّات ﭐلِانطواء ﭐلقَوْمَاني، وهي ﭐلِاضطرابات وﭐلتعصبُّات ﭐلتي تَزيد تلك ﭐلمشكلات تعقُّدا، فتُعمِّقُ بذلك مُعاناة ﭐلمستضعفين ﭐلواقعين ضرورةً تحت وطأة قانون ﭐلسيطرة ﭐلِاجتماعية ﭐلتي لا سبيل للانفكاك عن شيء من إكراهاتها إلا بمُناهَضتها علميا وعمليا على أساس ﭐلتمكُّن من معرفة ﭐلنوابض ﭐلمُقوِّمة لِما تتَّسِم به من حتمية تَنْزِل على عامة ﭐلناس كما لو كانت أقدارًا عمياء لا تَعرِف رحمةً ولا رأفة ولا تُرَدّ لها مشيئة.







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=215015
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ﭐلأعْجَم , ﭐلأفْصح/عبد , ﭐلتعريب , ﭐلتَّعْرِيب , من , الدليل , الكور , إلى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 08:45 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd