كان كل شيء معدا للسفر. الحقيبة الجلدية الوحيدة والحذاء الذي لُمع بعناية فائقة وبعض البيض المسلوق.فاطمة بنشاطها المعهود كانت تتجول بين حجرة النوم والمطبخ برشاقة وخفة متناهيتين. اكانت تخدم زوجها برغبة جارفة أم أنها كانت تستبق الزمن لتراه بعيدا عن عينيها؟ تلك السرعة نفسها التي يعمل بها المشيعون في المقابر ليواروا فقيدهم الثرى.
كان علي يعيد تقليب اغراضه خشية أن ينسى شيئا مهما وكان يقلب أفكاره وهواجسه. سيسافر للمرة الأولى لوحده تاركا أسرته الصغيرة وراءه.
كاد في لحظة أن يذرف الدمع لولا خوفه من أن تراه زوجته. ذلك الرجل الصلب الذي كان يرعد ويزبد يتهاوى دموعا وزفرات؟ هذا ليس ممكنا على الأقل الآن.فلينتظر حتى يكون خارج البيت فالوقت ظلام والشارع خال من المارة وما عليه إلا أن يفرغ عينيه ويبلل شاربه.
لما دقت ساعة الفراق تصاعدت دقات قلبه.ذهب ليودع ابنه النائم في سريره الخشبي الصغير. وضع شفتيه المرتعشتين على جبهته الندية فأحس أنهما التصقتا بالرأس ولم يستطع منه فكاكا. اغرورقت عيناه بالدموع . فاطمة تراقبه وتعد أنفاسه.
حمل حقيبته ودع فاطمة التي ذرفت دمعتين . عندما تجاوز العتبة رن هاتفه الخلوي توقف للحظة يحدث مخاطبه تحت عيني زوجته المبللتين. عاد إلى البيت وهو يصيح :"فُرجت ....فرجت"

يسرني أن أقرأ عملا بهذا الانسجام
بورك قلمك
لدي ملاحظة صغيرة حول القفلة
يعني لو تشتغل عليها أكثر لأنها أنزلت من قيمة النص قليلا لكونها جاءت مبهمة
مارأيك؟؟

-********************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك
-***********************************-