كلمات/أشياء


.. نضحك على أنفسنا عندما نوهمها أن الهزيمة في معركة الإنتخابات داخل الإتحاد العربي لكرة القدم هي هزيمة سعيد بلخياط وليست هزيمة المغرب، وأن الإقصاء ليس إقصاء لكرة القدم المغربية وإنما هو إقصاء لرجل ما كان يجب المجازفة به، لأنه بكل بساطة رجل تجاوزته الأحداث ولم يعد يمثل قوة نافذة داخل منظومة كروية نعرف كيف تدار بداخلها لعبة الدخول إلى مراكز القرار.
هالني أن نشخص الإخفاق ونضيق لحد سافر خناق الهزيمة والفشل على طوق سعيد بلخياط، وكأنه ذهب إلى الجمعية العمومية للإتحاد العربي لكرة القدم بجدة ليمثل شخصه ونفسه، ومع أن الحقيقة المعلنة والمصرح بها في الوثائق الرسمية أن سعيد بلخياط حضر في الجمعية العمومية ممثلا لكرة القدم المغربية ومفوضا من قبل الجامعة وأكثر من ذلك كله، دخل المعركة الإنتخابية مدعوما من عضوين جامعيين هما السيد عبد الإله أكرم رئىس نادي الوداد والسيد كريم عالم رئيس لجنة العلاقات الخارجية داخل الجامعة..
وعندما أصر على وَضع إخفاق سعيد بلخياط في نيل عضوية اللجنة التنفيذية للإتحاد العربي لكرة القدم في سياقه العام، فلأقيم الدليل والبرهان وهما معا دامغين، على أن هناك تحرشا معلنا بكرة القدم المغربية، بل إن هناك مؤامرة مبرمجة ومخططا لها بإتقان من أجل تهميش دور المغرب داخل هيئة الإتحاد العربي لكرة القدم، وما يعزز اليقين بوجود فكر المؤامرة، أن هناك أشخاصا بعينهم يبرمجون لتسيد مستقبلي، ويرون أن من موجبات هذا التسيد تحييد جامعات بعينها، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم واحدة منها..
وما يعطيني الحق في تحويل الشك إلى يقين، هو ما خلصت إليه العملية الإنتخابية مجتمعة، فقد أوحت بأن الأمور رتبت بشكل دقيق وذكي، وأن من حيك المسرحية بإتقان فريد خطط بشكل ذكي أيضا لإقصاء المغرب، ليس لأن هناك إجماعا من أية طبيعة على رفض سعيد بلخياط لشخصه، ولكن لأن هناك رغبة مبرمجة لأن يكون المغرب خارج الحلقة وهذا أخطر ما في الأمر..
ويحز في النفس أن يكون صناع القرار برغم تفاوت قدراتهم ومساحات نفوذهم بكل هذا الجحود وبكل هذا القدر الكبير في التنكر للمعروف، فليس هناك بلد حكم القضية الرياضية العربية أكثر من المغرب، وليست هناك كرة قدم رفعت رأس العرب في كبريات البطولات العالمية أكثر من المغرب، وليس هناك جامعة ضحت بنواديها وببطولاتها وتجرعت المرارة مثل جامعة المغرب من أجل أن تعيش بطولات ودورات الإتحاد العربي لكرة القدم..
فكيف يقبل أهل بيت الإتحاد العربي لكرة القدم أن يهان المغرب بهذه الصورة، أن يحجم دوره ويتنكر لتاريخه ولتضحياته، فيحصل ممثله على ثمانية أصوات وقد أيقن ليلة المؤامرة على أن هناك إجماعا عربيا حول ضرورة الحضور المغربي في تنفيذية الإتحاد العربي لكرة القدم..
وعندما أقول أن الإخفاق كان إخفاق الجامعة وليس إخفاق سعيد بلخياط، وعندما أتوصل مثل غيري بما لا يدع مجالا للشك إلى وجود فكر المؤامرة، وهو ليس جديدا على الإتحاد العربي لكرة القدم، فإنني في كل ذلك أنبه إلى ضرورة التعمق في قراءة هذا الذي حدث بجدة في انتخابات الإتحاد العربي لكرة القدم.
والتعمق في القراءة لا يقول بتعليق الإخفاق على شماعة بلخياط ولا يقول أيضا بشخصنة الفشل، فبلخياط أحبنا أم كرهنا هو منا وإلينا، وقد كان صوتنا في تلك الإنتخابات، ولكنه يقول بضرورة أن نربط الأشياء فيما بينها، نقرأ تداعياتها وعواقبها وأيضا كل الإشارات التي أرسلتها، لنؤسس على ذلك مواقف يلزمنا بها إنتماؤنا لهذا الوطن ودفاعنا المستميث عن قيمه ونضالاته وتضحياته، فلا أحد بيننا يقبل بالإهانة وبالمهانة.
وقد يكون من ضرورات الرد على فكر المؤامرة بعد أن نكون قد تأكدنا قطعيا من وجوده، أن نعيد حساباتنا من أنفسنا ومع الآخرين، أن نعتبر الإخفاق صفعة قوية تفيقنا من حلم قديم عشنا عليه، وضحينا من أجله وقد أصبح لغيرنا أضغاثا..
أن نعتبر الإخفاق محرضا على مساءلة الذات وبقسوة، لطالما أن الدفاع عن المرجعية وعن التاريخية وأيضا عن رهانات الحاضر والمستقبل يفترض وجود مقاربة جديدة لنوعية العلاقات التي تربطنا بالهيئات الرياضية العربية والإفريقية والدولية، وهي إلى الآن علاقات مطبوعة بكثير من الهشاشة ويتأسس كثيرها على وهم التقدير وليس على حقيقة المصالح.
أنا لا أقول بمقاطعة الإتحاد العربي لكرة القدم وبالإحجام