2010-05-04, 16:29
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | صحافة بلا سلطة | محمد الراجي Tuesday, May 04, 2010 1- احتفل العالم يوم الاثنين الماضي (3 ماي)، باليوم العالمي لحرية الصحافة. تخليد هذه الذكرى بالنسبة للدول الديمقراطية لا تعني شيئا، ما دام أن الصحافة في تلك البلدان لها سلطة أعلى من باقي السلط، وتشكل "بعبعا" حقيقيا يرتعد منه أصحاب السلطة التنفيذية، وتلعب دورها كممثل للسلطة الرابعة على أكمل وجه، بينما عندنا في المغرب، ما تزال هذه الصحافة المسكينة بلا سلطة، ولا تمثل السلطة الرابعة ولا الخامسة ولا السادسة! لذلك يظل الاحتفال بمثل هذه المناسبات بالنسبة لها فرصة كي تشعر بوجودها! 2- صحافتنا مع الأسف ليست لديها أي سلطة. نعم، هذه هي الحقيقة المرّة التي يجب علينا أن نعترف بها ونتقبلها، وإلا، فما على الذين يقولون العكس سوى أن يشرحوا لنا كيف أن صحافيا، اسمه إدريس شحتان، ما يزال يقبع في السجن، رغم حالته الصحية المريضة، ورغم كونه لم يقتل أحدا، ولم يسرق مال أحد، ولم يرتكب جنحة ولا جناية، في الوقت الذي يصول ويجول ناهبو المال العام في المملكة، ويفعلون ما يريدون، رغم أن الصحافة تفضحهم صباح كل يوم، وتنشر أسماءهم والمناصب التي يحتلونها، وعوض أن يتمّ إدخال هؤلاء اللصوص والمفسدين إلى السجون، ينقلب السحر على الصحافيين الذين يفضحونهم. فكيف، والحالة هذه أن نتحدث عن تمثيل الصحافة في بلدنا للسلطة الرابعة؟ 3- إن الذين يعتقدون ويقولون بأن الصحافة المغربية تتمتع بسلطة ما واهمون. فما دمنا نعيش في بلد مليء بالخطوط الحمراء، وما دمنا نتوفر على قانون للصحافة مليء بـ"كل ما من شأنه" التي يؤولها القضاة كل حسب هواه فلا يمكننا أن نتحدث مطلقا عن سلطة رابعة، بل لا يحق لنا حتى أن نتحدث عن حرية التعبير. لكن البعض يصر على قول العكس، وهو بطبيعة الحال على علم مسبق بأنه يضحك على نفسه! 4- ويبقى الأهم في هذه القضية هو أننا، حتى إذا أرغمنا أنفسنا على تصديق أكذوبة حرية التعبير هذه، هو أن ما تكتبه الصحافة عندنا، لا يثير شعرة واحدة في رأس أي مسؤول مغربي. وكم هو مخجل أن نرى كيف أن رئيس الوزراء البريطاني كوردن براون يرتعش هذه الأيام ويعيش على أعصابه خوفا على مستقبله السياسي، بعد زلة لسان كشفتها الصحافة، بعدما نقلت أنه وصف سيدة إنجليزية بـ"المتعصبة"، ما جعله يقدم إليها اعتذاره الحار، ويطلب منها الصفح والعفو، في الوقت الذي تنشر فيه الصحافة المغربية كوارث المسؤولين المغاربة في حق المواطنين العزل، مثل ذلك المستشار البرلماني الذي أرغم مواطنا على وصف نفسه بالحمار وسط الشارع العام، ومع ذلك مرت القضية وكأن شيئا لم يكن. فأين هي سلطة الصحافة المغربية يا ترى؟ 5- ولكي نقتنع أكثر بأن الصحافة المغربية صحافة بلا سلطة، يكفينا أن ننظر كيف تعاملت الدولة مع ما تورده هذه الصحافة خلال هذه الأيام بخصوص مبذري المال العام في المملكة. ففي الوقت الذي كنا ننتظر بشغف شديد، خصوصا مع الحديث عن عزم الدولة على إدخال إصلاحات عميقة على وجه عدالتنا المشوه مع مجيء وزير عدل جديد، خاب أملنا من جديد. فعوض أن نرى هؤلاء المبذرين يساقون على المحاكم واحدا تلو الآخر، خرج علينا السيد محمد الناصري، ليخبرنا بأن هناك صعوبات تحول دون تدخّل وزارة العدل في هذا الموضوع. فما جدوى هذه الصحافة إذن، ما دام عملها لا يتم أخذه بعين الاعتبار؟ 6- إن ما يحتاجه المغرب اليوم، قبل التفكير في حرية الصحافة أو أي حرية أخرى، هو القيام بإصلاح سياسي عميق. ففي ظل هذا الوضع السياسي الذي يستطيع فيه مسؤول حكومي عندما كان وزيرا للتشغيل أن ينصب على ثلاثين ألف مواطن مغربي، بعدما وعدهم بالتشغيل قبل أن يكتشفوا بأن الأمر لم يكن سوى وهما، وبعد ذلك يرتقي المناصب الوزارية حتى صار وزيرا أول، لا يمكننا أن نتحدث عن أي سلطة رابعة. فلو أن السيد عباس الفاسي فعل تلك الفعلة في بلد آخر غير المغرب لكانت حياته السياسية قد انتهت منذ أن كشفت الصحافة أولى تفاصيل فضيحة "النجاة". لذلك فما نحتاجه قبل المطالبة بقانون للصحافة وحرية التعبير هو أن تكون لدى الشعب المغربي سلطة وقرار اختيار من يسيّر شؤونه. وقتذاك ستصير كلمة الصحافة مسموعة، عندما يعلم أعضاء الحكومة والبرلمان وسائر السياسيين بأن مصيرهم يوجد بين أيدي الشعب وليس في مكان آخر. وقتذاك يمكن أن تصير أخبار الصحافة مصدر قلق دائم للسياسيين. أما اليوم، وبما أن أكبر طموح لهؤلاء السياسيين هو المشاركة في الحكومة، حتى وإن كانت لائحة الوزراء "تنزل عليهم من السماء"، فإن ما تنشره الصحافة مع الأسف ليس سوى مجرد كلام يُكتب في الصباح وينمحي مفعوله مع غروب شمس نفس اليوم. إن أكبر إهانة للصحافة المغربية، وأكبر دليل على عدم امتلاكها لأي سلطة، هو أن يخرج عباس الفاسي، في حوار صحفي مع مجلة "جون أفريك"، ويقول بأنه لا يقرأ الصحافة المغربية. الديمقراطية هي الحل، مثلما يقول علاء الأسواني. هيسبريس. | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=126061 التوقيع | | |
| |