الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الأخبار والمستجدات التربوية > منتدى أخبار التربية والتعليم


منتدى أخبار التربية والتعليم خاص بالأخبار والمستجدات التربوية الوطنية والدولية،مذكرات و مراسيم الوزارة ،المقالات التربوية الصحفية ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2010-04-25, 17:20 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

b3 مشاهير يتحدثون عن معلميهم (2 ـ 5 )أقبِل يا أعمى.. انصرف يا أعمى!



العدد 118 / مشاهير يتحدثون عن معلميهم (2 ـ 5 )أقبِل يا أعمى.. انصرف يا أعمى!



إبراهيم مضواح الألمعي – عسير :




الثناء قليلٌ على معلمي الكُتَّاب، ولعل ذلك يرجع إلى افتقار أكثرهم لمعرفة الأساليب التربوية، ولظن أكثرهم أن الترهيب هو الوسيلة الوحيدة لتعليم الصغار، بخلاف كثير من معلمي المدارس النظامية في المراحل الأولية، فقد حظي كثير منهم بثناء تلاميذهم، فالدكتور إحسان عباس(1) ـ مثلاً ـ يشيد بمعلميه في سنته الدراسية الأولى فيقول: «في المدرسة معلمان أحدهما المعلم الأول ـ وهو مدير المدرسة ـ واسمه عبدالرحيم الكرمي، والثاني مساعده، وهو شيخ معمَّم تخرج في جامع الجزار بعكا واسمه محمد حجازي وكل منهما وقت الدوام يدرِّس صفين معًا..



أشهد أنهما كانا مخلصين في مهمتهما، كما كان أكثرنا مخلصًا في حب التعلُّم، وكنا نهابهما فلا نحب أن يريانا ونحن نلعب، هذا مع أنهما لم يعرفا معنى العقوبة البدنية في التعليم»(2). ويذكر لأستاذه عبدالرحيم موقفين، أحدهما عزز انتماءه لمدرسته، والثاني حفزه على الاجتهاد في دروسه فيقول: «واقترح الأستاذ عبدالرحيم أن يتعهد كل طالب منا برعاية شجرة، تُضاف إلى اسمه، فهو يرويها بالماء عند حاجتها إليه، وقد كانت هذه العلاقة من أقوى العوامل التي حببت إلينا المدرسة.وكان عبدالرحيم قد عمد إلى تشجيع الطلاب المجتهدين بتخصيص جوائز، كانت الجائزة شيئًا بسيطًا لا تزيد عن دفتر جميل الغلاف نقي الورق، ولكنها كانت حافزًا»(3). زلة معلموليس خافيًا ضرورة إقصاء التلاميذ عما قد يقع بين المعلمين من جفاء أو خلاف، وعدم إقحامهم في ذلك، بأي صورة، وهذا ما لم يتنبه له أحد معلمي الدكتور إحسان عباس، فيرويه بعد ستين سنة من وقوعه فيقول: «وفي أحد الدروس قال لنا الشيخ هل تعرفون من هو المتكبر؟ فبقينا صامتين ننتظر شرحه، فقال المتكبر رجل يحمل عصا ويلوّح بها وهو يمشي ـ في خيلاء ـ على إيقاعها، وفهمنا رسالة الشيخ، وعجبت أنا في سري من هذا اللمز، وأخذت أقدِّر أن الصفاء بين الرجلين ليس تامًا، وأن الظاهر لا ينبي عن الخفايا في النفس»(4).تشجيع الصغارومن أساليب التشجيع ما ذكره الشيخ حسن البنا(5) عن أستاذه في مدرسة المعلمين بالإسكندرية، إذ يقول:«ولا زلت أذكر أن الأستاذ عبدالعزيز عطية، وقد كان يدرس لنا التربية العلمية، وقد أجرى لنا اختبارًا شهريًا فأعجبته إجابتي فكتب على الورقة أحسنت جدًا ولو كان هناك زيادة على النهاية لأعطيتك، وحجز الورقة بيده عند توزيع الأوراق، ثم طلبني وسلمها لي وزودني بكثير من عبارات النصح والتشجيع والحث على القراءة والدرس والمطالعة، واختصني بتصحيح (بروفات) كتابه (المعلم) في التربية الذي كان يُطبع إذ ذاك بمطبعة المستقبل بدمنهور»(6).ولم يختلف كثيرًا منهج الشيخ حسن البنا مع تلاميذه، فهذا ما باح به أحد تلاميذه في مرحلة مبكرة، إنه الدكتور علي الراعي، الذي كتب مقالة نُشرت في مجلة العربي الكويتية عام 1998م قال فيها: «كان(حسن البنا)رجلاً شديد الذكاء فصيح العبارة، ساحر الشخصية، وكان حفيًا بي بصفة خاصة، لما لمسه فيَّ من حب للغة العربية وإتقانها، أذكر أنه دخل علينا الفصل ذات يوم وبدأ بندائه المألوف: أخرجوا كتب المطالعة وأقلام المتابعة، ثم قص علينا قصة الشيخ الفاني المشرف على الهلاك، الذي جمع أولاده، إلى جواره وأمر كلاً منهم أن يكسر عودًا من الخيزران فكسروه جميعًا بلا عناء، ثم أمرهم أن يضموا الأعواد على شكل حزمة، وطلب إليهم أن يحاولوا كسرها فلم ينجح أحد منهم، فتغنى الشيخ قائلاً:كونوا جميعًا يا بَني إذا اعترى خطبٌ ولا تتفرقوا آحاداثم أمرنا الشيخ حسن أن نكتب موضوعًا إنشائيًا في هذا المعنى ولما قرأت له ما كتبت اهتز طربًا، فقد قلت: فلما مات الشيخ وواروه التراب... إلخ، فشاقه أن يعرف حدث مثلي هذه الكلمة(واروه).وكان الشيخ حسن يُسهم في نشاط المدرسة الرياضي، مدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية، وطلب إليه أن يكتب كلمات لنشيد يلقى في حفل آخر العام الرياضي»(7).ثناء بالشعر وتأنيب بالشعرويتحدث حسن البنا عن أستاذه محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد الدينية فيقول: «رحم الله أستاذنا الشيخ محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد الدينية، الرجل الذكي الألمعي، العالم التقي، الفطن اللقن الظريف، الذي كان بين الناس سراجًا مشرقًا بنور العلم والفضل يضيء في كل مكان... كان يدرس للعامة في المسجد ويفقه السيدات في البيوت. وأنشأ مع ذلك مدرسة الرشاد الدينية في سنة 1915م تقريبًا لتعليم النشء على صورة كتاتيب الإعانة الأهلية.. التي تعتبر دار علم ومعهد تربية على السواء ممتازة في مادتها وطريقتها...وكان للرجل أسلوب في التدريس والتربية مؤثر منتج، رغم أنه لم يدرس علوم التربية، ولم يتلق قواعد علم النفس، فكان يعتمد أكثر ما يعتمد على المشاركة الوجدانية بينه وبين تلاميذه، وكان يحاسبهم على تصرفاتهم، حسابًا دقيقًا مشربًا بإشعارهم الثقة بهم، والاعتماد عليهم،.. ولا أزال أذكر بيتًا من الشعر كان مكافأة على إجابة في التطبيق أعجبته، فأمر صاحب الكراسة أن يكتب تحت درجة الموضوع:حسنٌ أجاب وفي الجواب أجادا فالله يمنحه رضًا ورشاداكما أذكر بيتًا آخر أتحف به أحد الزملاء على إجابة لم ترقه، فأمره أن يكتب تحت درجته: يا غارة الله جدي السير مسرعة في أخذ هذا الفتى يا غارة الله ولقد ذهبت مثلاً وأطلقت على هذا الزميل اسمًا، فكنا كثيرًا ما نناديه إذا أردنا أن نغيظه«يا غارة الله». وإنما كان الأستاذ يوصي صاحب الكراسة بأن يكتب بنفسه ما يمليه عليه رحمه الله، لأنه رحمه الله كان كفيفًا ولكن في بصيرته نور كثير عن المبصرين (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)...لقد كنا نحب أستاذنا حبًا جما رغم ما كان يكلفنا من مرهقات الأعمال، ولعلي أفدت منه رحمه الله مع تلك العاطفة الروحية حب الاطلاع وكثرة القراءة، إذ كثيرًا ما كان يصطحبني إلى مكتبته وفيها الكثير من المؤلفات النافعة لأراجع له وأقرأ عليه ما يحتاج إليه من مسائل»(8).نور البصيرةومن نوادر المعلمين المكفوفين الذين رزقهم الله بصيرة عوضًا عن البصر، ما ذكره الدكتور زاهر الألمعي(9) عن أستاذه في معهد شقراء الشيخ صالح بن غصون إذ يقول: «تتلمذت في معهد شقراء على مجموعة طيبة من الأساتذة الأفاضل وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر فضيلة الشيخ صالح بن علي الغصون: قاضي محكمة شقراء آنذاك والقاضي بهيئة التمييز بالرياض وعضو هيئة كبار العلماء حاليًا، وكان يدرس لنا مادة الفقه تعاونًا مع إدارة المعهد، وكان يلزم الطلاب بحفظ المقرر من متن زاد المستقنع، وهو من العلماء الأجلاء في فقه الكتاب والسنة وفي المذاهب الإسلامية، وكان كفيف البصر ولكنه ثاقب البصيرة مرهف الحس.في إحدى الحصص طلب الشيخ من الطلاب أن يستمع منهم الدرس حفظًا، وبدأ الدور، وكان أحد الزملاء في آخر الفصل ويبدو أنه لم يحفظ ففتح الدرج بخفية... وأظهر الكتاب ليقرأ فيه فنهره الشيخ بشدة، وقال يا فلان أعد الكتاب إلى مكانه، وقد دهش الطلاب لهذا إذ لم يسمعوا أي حركة عند الطالب وإنما كانت محاولة، وفطن لها الشيخ في حينها»(10).أثر المكتبة المدرسيةوكثيرون هم الذين يعزون الفضل في اتجاههم العلمي والأدبي إلى أساتذتهم في مراحل دراستهم الأولية، ومن أولئك الدكتور عبدالرحمن بدوي الذي يقول عن أستاذه (حسن جوهر) وأثره في المدرسة الداخلية التي أقام فيها: «أقام في الداخلية مُدرِّس جغرافيا كان قادمًا لتوه من بعثة بإنجلترا، واسمه حسن جوهر.. كان مدرسًا جادًا، واسع الاطلاع، قد صقلت ذهنه إقامته في إنجلترا، وكان يؤثر العلم والتحصيل، ولهذا كان يؤثر الطلاب المجتهدين ويرعاهم رعاية خاصة. ولإيثاره للعلم والتحصيل أنشأ في قاعة صغيرة بالطابق الثاني من البلوك الذي يسكن فيه الطلاب الداخليون مكتبة صغيرة،ولكنها ثمينة لأنها كانت تحتوي على عدد من أمهات كتب الأدب العربي، وأخص بالذكر منها: كتاب(نفح الطيب) للمقري، و(شرح سقط الزند) لأبي العلاء المعري، و(الحماسة) لأبي تمام، والمنتخبات الشعرية التي اختارها سامي البارودي. وقد أقبلت على قراءة هذه الكتب بحماسة شديدة وخصوصًا في شهر رمضان حيث كنت أُكِبُّ على القراءة في هذه المكتبة الصغيرة بعد الإفطار مباشرة وأستمر حتى ساعة السحور. وكان الأستاذ حسن جوهر يجلس معنا في المكتبة أحيانًا، ويسأل عما نقرأ بلطف وتقدير. وليس من شك عندي في أنه كان لهذه المكتبة الصغيرة تأثير عميق في تكويني الأدبي،وبفضلها تدفق العزف الشعري عندي في نهاية سن الثالثة عشرة»(11).تشجيع وتوجيهوبهذا القدر من التأثر كان تأثر الدكتور غازي القصيبي(12) بأستاذه في مرحلة الدراسة المبكرة فنقرأ في كتابه ( سيرة شعرية ) قوله: «لقد كان من أسباب تعلقي بالأدب التشجيع الذي لقيته من أحد مدرسينا في تلك الفترة، الأستاذ أحمد يتيم رحمه الله، وكان قارئًا ذواقة يحب القصص ويجيد روايتها، وكان المشرف على النشاط المسرحي بالمدرسة، ولا تزال في مكتبتي حتى اللحظة قصص تلقيتها منه كهدايا تشجيعية في مختلف المناسبات»(13). المعلم الشاعروفيما يشبه هذا نجد الشاعر نزار قباني(14) يذكر أثر أستاذه الشاعر خليل مردم بك(15) فيقول: « إنه لمن نعمة الله عليَّ وعلى شعري معًا، أن معلم الأدب الأول الذي تتلمذت عليه، كان شاعرًا من أرق وأعذب شعراء الشام، وهو الأستاذ خليل مردم بك».هذا الرجل ربطني بالشعر منذ اللحظة الأولى، حين أملى علينا في أول درس من دروس الأدب مثل هذا الكلام المصقول كسبيكة الذهب:إن التي زعمتْ فؤادكَ ملَّها خُلقت هواك كما خُلقتَ هوىً لها منعتْ تحيّتَها فقلتُ لصاحبي ما كان أكثرها لنا.. وأقلَّها واستمر خليل مردم يقطف لنا من شجرة الشعر العربي عشر زهرات جديدة في كل درس من دروسه، حتى كانت ذاكرتنا الشعرية في نهاية العام بستانًا يموج بالأخضر، والأصفر، والأحمر...لقد جنَّـبَنا هذا الشاعر الكبير، بذوقه المترف وإحساسه المرهف، السير على حجارة أكثر الشعر الجاهلي، ونباتاته الصحراوية الشائكة، ودلنا على طرقات ظليلة، وواحات في الشعر العربي، أنستنا متاعب الرحلة...ومن حسن حظي، أنني كنت من بين التلاميذ الذين تعهدهم هذا الشاعر المفرط في حساسيته الشعرية، وأخذهم معه في نزهاته القمرية، ودلَّهم على الغابات المسحورة التي يسكن فيها الشعر..إنني أدين لخليل مردم بك، بهذا المخزون الشعري الراقي الذي تركه على طبقات عقلي الباطن. وإذا كان الذوق الشعري عجينة تتشكل بما نراه، ونسمعه، ونقرؤه في طفولتنا.. فإن خليل مردم كان له الفضل العظيم في زرع وردة الشعر تحت جلدي.. وفي تهيئة الخمائر التي كوَّنت خلاياي وأنسجتي الشعرية»(16).أثر المنتخبات الشعريةوهذه القيمة العظيمة والأثر الجميل للمنتخبات الشعرية التي ينتقيها المعلم ذو الحس الأدبي تترك أثرها ولا شك، مع اختلاف منازع المعلمين واتجاهاتهم، ومما يزيد ذلك تأكيدًا، ما ذكره الشيخ يوسف القرضاوي في ذكرياته عن أستاذه (سعيد سليمان) الذي كان يحفظهم أبياتًا يختارها، ونلمس تركيزه على المضامين أكثر من الناحية الجمالية لتلك الأبيات، فيقول الدكتور القرضاوي:«وعندما انتقلت من الفرقة الأولى إلى الفرقة الثانية وحصلت على الإجازة لنستمتع بحق اللعب والراحة فيها، وعدنا إلى المدرسة، كان مدرسنا من أبناء القرية، وهو الأستاذ المربي الفاضل: سعيد سليمان ثابت، ابن شيخ معلمي القرية الشيخ سليمان تائب أو ثابت. وكان الأستاذ سعيد أو سعيد أفندي معلمًا بفطرته وخبرته، وكانت بيننا وبينه مودة ومحبة، وكان يدرس لنا التاريخ والجغرافيا وعلم (الأشياء) ويعنى به ما نريد الآن من مادة (العلوم). والصحة والحساب والإملاء والخط والمطالعة والمحفوظات. فلم يكن مدرس مادة، إنما هو مدرس فصل أو صف. وقد درس لنا سعيد أفندي أكثر من سنة، وكان له حس أدبي قوي يتجلى في اختياراته لما نحفظه من قطع أدبية، ومما أذكره مما حفظه لنا شعر للإمام الشافعي: ومن لم يذق ذل التعلم ساعـة تجرع ذل الجهل طول حياتهومن فاته التعليم وقـت شبابه فكبر عليه أربعًا لوفاتـهحياة الفتى ـ والله ـ بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته»(17).ويذكر القرضاوي أيضًا معلمًا آخر امتاز باختياراته الرائعة، وتربية ذائقة طلابه ذلك هو الشيخ فوزي خشبة الذي قال عنه الشيخ القرضاوي: «ومن هؤلاء: الشيخ فوزي خشبة مدرس الأدب العربي المحبوب من طلبته، وذو التأثير القوي فيهم، والذي كان يقارن بأساتذة الأدب العربي في الكليات الجامعية، وكان رجلاً جادًا مهيبًا برغم لطفه ودماثته، وذا عبارات ساخرة يحفظها طلابه. وكان يهتم بمادة (الإنشاء) ويدفع طلابه دفعًا إلى إتقان الكتابة، والتفنن فيها، ويعلق على بعض الطلاب بعبارات مشجعة حينًا، ولائمة أحيانًا، مثل: وضعت رجلك على أول الطريق، فسر على بركة الله، أو: بينك وبين الإنشاء مراحل ومراحل. أو: أنت مشرِّق وموضوعك مغرّب.. إلخ.ولم أر الشيخ فوزي خشبة إلا في حصة إضافية، كان مدرّسنا فيها غائبًا، وكانت حصة محفوظات، ودائمًا كانت حصص المحفوظات للراحة، فكيف إذا كانت حصة إضافية؟! ولكن الشيخ خشبة رجل ملتزم لا يسمح لنفسه إلا أن يعطي كل شيء حقه، فهذه مسؤولية أمام ربه، وأمام ضميره، ولا ينبغي منه أن يضيع وقت الطلاب سدى، دون أن يستفاد منه في علم أو أدب. ولهذا بمجرد دخول الفصل مسح السبورة، وبدأ يكتب عليها شعرًا لابن زيدون الشاعر الأندلسي الشهير، فيما كان بينه وبين ولادة بنت المستكفي. وطلب منا أن نتابع هذه الأبيات وراءه، ونجتهد في حفظها في أثناء كتابتها. وهي أبيات ثلاثة ما أسرع ما تحفظ، وهي التي تقول: بيني وبينك ما لو شئت لم يضع سِرٌّ إذا ذاعت الأسرار لم يذعيا بائعًا حظه مني، ولو بُذِلَتْ لي الحياة بـحظي منه لم أبعِتْه أحتمل، واستطل أصبر، وعز أهن وول أقبل، وقل أسمع، ومر أطعوبعد كتابتها قدمها لنا بحديث عما كان بين ابن زيدون وولادة من حب سارت به الركبان، وما كان بينهما من مودة ووصال حينًا، وجفوة وهجران حينًا آخر، كما حدثنا عن المعاني التي تحتويها هذه الأبيات القصيرة. ثم سأل: هل منكم من حفظ هذه الأبيات؟ وذلك بعد أن كان مسحها من السبورة، فرفعت يدي، وسمَّعتُها وهي يسيرة. وسأل عدة طلاب، منهم من حفظ بيتين، ومنهم من حفظ بيتًا واحدًا، ولم يجد من حفظ البيت الأخير غيري، وهو الذي يشتمل على اثني عشر فعلاً من بين فعل أمر وفعل مضارع.ثم وجد في الوقت سعة، فأعطانا قطعة أخرى في نفس الموضوع لابن زيدون، وهي التي يقول فيها: ودع الصبر محب ودعك ذائع من سره ما استودعكيقرع السن على أن لم يكن زاد في تلك الخطا إذ شيعكيا أخا البدر سنا وسنا رحم الله زمانا أطلعكإن يطل بعدك ليلي، فلكم بت أشكو قصر الليل معكوقد حفظت هذه الأبيات كما حفظت تلك، من حصة الشيخ خشبة الإضافية في مادة (المحفوظات) التي لم يكن أكثر المشايخ يعيرونها أي التفات»(18).المعلم الشاعر مرة أخرىولنعد للحديث عن الشاعر خليل مردم بك، ولنقرأ ما ذكره الأديب عبدالغني العطري(19) في كتابه (عبقريات من بلادي) إذ قال: «كان درس الأدب عندي أحلى الدروس. كنت أنتظره بفارغ الصبر. وكان أستاذ الأدب الشاعر الكبير خليل مردم بك، أحب أساتيذ المدرسة إليَّ. فعدا حبي وتعلقي بالأدب، كان خليل مردم بك مثلي الأعلى في لباقته، ووقاره واتزانه وأخلاقه الرفيعة، وحضور شخصيته، وسلوكه المثالي مع طلابه»(20).معلمو اللغة العربية والذائقة الأدبيةثم يشير نزار قباني إلى مدى تأثير معلمي اللغة العربية ودورهم في تشكيل ذائقة تلاميذهم فيقول: «إن مُدرسي اللغة العربية وآدابها يؤدون دورًا خطيرًا في فتح شهية الطلاب الأدبية، أو سدِّها، فمدرسٌ يجعل ساعة الأدب ساعة تعذيب واحتضار.. ومُدَّرسٌ يجعل المادة التي بين يديه حقل جلّنار.. يحول النصوص الجامدة إلى نزهة في ضوء القمر..»(21).بين طه حسين وشيوخهوعودًا إلى طه حسين ومعلميه وما أكثر حوادثه التي رواها في كتابه (الأيام) عن معلميه، منذ حداثة سنه في الكُتَّاب كما أشرت، وبعد ذلك في الأزهر، ومن ذلك حديثه عن شيوخ كبار مشهورين، أمثال الشيخ المرصفي(22) والشيخ الخضري(23)، والشيخ عبدالله دراز والشيخ محمد المهدي فيقول: «أشيع ذات يوم أن الشيخ المرصفي سيخصص يومين من أيام الأسبوع لقراءة المفصل للزمخشري في النحو. فسعى صاحبنا إلى هذا الدرس الجديد. ولم يسمع للشيخ مرة ومرة حتى أحبه وكلِف به، وحضر درسه الأدب في أيامه من كل أسبوع، ولزم الشيخ منذ ذلك الوقت.وكان الصبي قوي الذاكرة، فكان لا يسمع من الشيخ كلمة إلا حفظها، ولا رأيًا إلا وعاه، ولا تفسيرًا إلا قيده في نفسه. وكثيرًا ما كان يعرض البيت وفيه كلمة قد مضى تفسيرها أو إشارة إلى قصة قد قصها الشيخ فيما قَدُم من درسه، فكان صاحبنا يعيد على الشيخ ما حفظ من قصصه وتفسيره وما قيد من آرائه وخواطره ونقده لصاحب الحماسة وشراحها، وتصحيحه لرواية أبي تمام، وإكماله للمقطوعات التي كان أبو تمام يرويها...وكان من بين الأساتذة المصريين الشيخ محمد الخضري، «رحمه الله» كان يدرس التاريخ الإسلامي، وقد سحر الفتى بعذوبة صوته وحسن إلقائه وصفاء لهجته، وأحب دروسه في السيرة وفي تاريخ الخلفاء الراشدين وفتوحهم وفي تاريخ الفتن ودولة بني أمية والصدر الأول من دولة العباسيين. وكان يظنّ أن ليس فوق علم الأستاذ علم، ولكنه لم يكد يسمع دروس التاريخ في أوروبا حتى عرف أن الأستاذ رحمه الله كان ينقل دروسه نقلاً من كتب القدماء في غير نقد ولا تعمق وفي أيسر ما كان يمكن من فقه التاريخ...وأخذ الغلام يسمع على الشيخ عبدالله درَّاز شرح ابن عقيل، وبينما الأستاذ وطلابه ماضون في درسهم، راضون عن عملهم، صدر الأمر إلى الأستاذ بالانتقال إلى معهد الإسكندرية.فمانع في ذلك ما استطاع، ومانع طلابه ما استطاعوا، ولكن المشيخة لم تسمع له ولا لهم، فلم يجد بدًا من إنفاذ الأمر. ولم ينسَ الغلام ذلك اليوم الذي ودَّع الأستاذُ فيه طلابه، وإنه ليبكي مخلصًا، وإنهم ليبكون مخلصين ويشيعونه باكين إلى باب المسجد... وكان من الأساتذة المصريين أستاذان أحبهما الفتى أشد الحب، وعبث بهما أشد العبث، واستغل سذاجتهما ووداعتهما أشنع الاستغلال. كان أحدهما الشيخ محمد المهدي، رحمه الله، أقبل يدرس الأدب العربي بعد حفني ناصف، فكان الفرق بين الأستاذين خطيرًا بعيد المدى. كان أحدهما عميق العلم، وكان الآخر أبعد ما يكون عن العمق. كان أحدهما سمحًا لا يتكلف ولا يتصنَّع، وكان الآخر متكلفًا متفاصحًا لا يتكلَّم إلا العربية الفصحى مغربًا فيها يملأ بها فمه، وربما أضحك منها طلابه»(24). ثناء القرضاوي على الشيخ محمد درازونجد القرضاوي يسبغ حلل الثناء على أستاذه: الدكتور محمد عبدالله دراز(25)، ولستُ أدري أله صلة بالشيخ عبدالله دراز الذي ذكره آنفًا طه حسين، أم أنه توافق في الاسم، والذكر الحسن؟ ومن كلام الشيخ القرضاوي عنه قوله: «ومن أهم ما استفدته في تخصص التدريس: أن كان من أساتذتنا فيه الشيخ الدكتور العلامة محمد عبدالله دراز، الذي كان يدرسنا علم (الأخلاق).وكان يتدفق في معارفه كأنما يغرف من بحر، ويبهر سامعه كأن كلامه السحر، ويشرح الدقائق فيجليها، والغوامض فيكشف عن خوافيها، ويبين عن معانيها، لقد كنت أستمع إليه، وأنا معجبٌ متابع، ورأيت أنه ينطبق عليه ما كان يكتبه الأولون، عن علمائهم ومؤلفيهم، مثل العالم العلامة، والحبر البحر الفهَّامة.فهذا ما يمكن أن نقوله عن الشيخ، فقد أحاط بعلوم الدين من التفسير والحديث والتوحيد والأصول والفقه، وبعلوم اللغة من النحو والصرف والبلاغة، وبالأدب وتاريخه، وبالعلوم الإنسانية العصرية، التي درسها في (السوربون) وحصل بها على الدكتوراه، وقدَّم فيها أكثر من رسالة، وبخاصة رسالته للدكتوراه (دستور الأخلاق في القرآن الكريم).كان الشيخ دراز علمًا من أعلام الفكر، وإمامًا من أئمة الدين، وبحرًا من بحور العلم والثقافة، جمع حقًا بين الأصالة والمعاصرة، فإن شئت نسبته إلى جامع (الأزهر) فهو ابنه البار، وتكوينه الأزهري قويٌ متين، وإن شئت نسبته إلى جامعة (السوربون) فهو من خريجيها الذين تعتز بهم، وتفخر بانتمائهم إليها، وهو أحد رجال الفلسفة والأخلاق المعدودين في عالمنا العربي والإسلامي»(26).طه حسين ومرجع الضميروعودًا إلى طه حسين وشيوخه فقد نقم طه حسين على أكثرهم وشنع عليهم كما شنعوا عليه، ومن قصصه مع أولئك، قصته مع الشيخ الذي تولى تدريسهم مكان الشيخ عبدالله دراز، ومن قوله فيه: «أقيم مقام الشيخ عبدالله دراز شيخ آخر ضرير، وكان مشهورًا بالذكاء الحاد والتفوق الظاهر والنبوغ الممتاز، وكان لا يُذكر إلا أثنى عليه ذاكروه والسامعون لذكره بهذه الخصال.أقبل هذا الشيخ، فأخذ الدرس من حيث تركه عبدالله دراز، وكانت حلقة الشيخ عبدالله دراز عظيمة تملأ رقعتها القبة من مسجد محمد بك أبي الذهب. فلما خلفه هذا الشيخ ازدادت هذه الحلقة ضخامة واتساعًا حتى اكتظ بها المكان. وألقى الشيخ درسه الأول فرضي عنه الطلاب، ولكنهم لم يجدوا عنده وداعة أستاذهم القديم ولا عذوبة صوته. ثم ألقى درسه الثاني والثالث، وإذا الطلاب ينكرون منه رضاه عن نفسه وإعجابه بها، وثقته بما كان يقول، وغضبه الحاد من مقاطعيه. ولم يكد يتقدم في درسه حتى كانت بينه وبين صاحبنا قصة صرفت الغلام عن النحو صرفًا.. كان الشيخ يفسر قول تأبط شرًا:فأبتُ إلى فهم وما كدت آئبًاوكم مثلها فارقتها وهي تصفرُفلما وصل إلى قوله (تصفرُ) قال: إن العرب كانت إذا اشتدت على أحدهم أزمة أو محنة وضعوا أصابعهم في أفواههم ونفخوا فيها، فكان لها صفير يُسمع.قال الغلام للشيخ: وإذن فما مرجع الضمير في قوله (وهي تصفرُ؟) وفي قوله (وكم مثلها فارقتها؟) قال الشيخ: مرجعه (فهم) أيها الغبي. قال الغلام: فإنه قد عاد إلى فهم والبيت لا يستقيم على هذا التفسير قال: فإنك وقح وقد كان يكفي أن تكون غبيًا. قال الغلام: ولكن هذا لا يدلُ على مرجع الضمير. فسكت الشيخ لحظة ثم قال: «انصرفوا فلن أستطيع أن أقرأ وفيكم هذا الوقح»(27).المعلم الذي طرد القرضاوي من الفصلويشبه هذا الموقفَ موقفُ الشيخ القرضاوي وهو يعترض على أستاذ الفقه الحنفي، فيطرده من الفصل، وإليكم الحكاية بقلم الشيخ القرضاوي: «كان يدرسني في السنة الخامسة الفقه الحنفي مدرس كفء وإن كان مكفوف البصر، هو الشيخ محمود الدفتار، وهو من آل الدفتار، وهم أسرة معروفة بالانتساب إلى المذهب الحنفي، والاعتزاز به، فأحدهم يقال له: أبو حنيفة، والثاني: أبو يوسف، والثالث: محمد. كما كان لهم نزعة صوفية ظاهرة تتمثل في الاعتقاد في الأولياء، والمبالغة في إثبات كراماتهم وخوارقهم. وقد كان الذي يدرسنا مادة (العروض والقافية) في السنة الأولى الثانوية، هو الشيخ أمين الدفتار، وكان يختار أمثلته من شعر الصوفية الذي ينـزع هذا المنـزع، فهو يمثل لنا عن بحر (الكامل) بقول الشاعر: لذ بالمقام الأحمدي وقل: مدد يا سيد الأقطاب يا نعم السند!وكان لا يقبل أي مناقشة حول هذه القضية، وكان يذهب كل ليلة ليجلس في مقام السيد ما بين المغرب والعشاء، لا يكاد ينقطع عن ذلك إلا لسبب. وكذلك كان الشيخ محمود من أحباب السيد البدوي والمدافعين عنه. وقد اجترأت مرة فناقشته في أن الأضرحة التي تقام للأولياء ويدفنون فيها، ليست على منهج السنة، وأن النبي [ نهى عن الصلاة إلى القبور، والصلاة عليها، كما نهى عن إضاءتها وإيقاد السرج عليها، ولعن من اتخذ قبور الأنبياء مساجد. ودخلت مع الشيخ في مناقشة، وقال لي: أيهما أولى: أن تصلي قرب الميضأة أم تصلي بجوار الضريح؟ قلت له بصريح العبارة: أن أصلي قرب الميضأة فنهرني بشدة، وقال: أنت وهابي تبغض الأولياء. قلت له: أنا أقول ما درسته في هذا المعهد في (صفوة صحيح البخاري) فأسكتني وأغلق المناقشة. وفي مرة أخرى، كان الشيخ يشرح لنا (باب الأضحية) في الفقه، وما لها من فضل أغفله أكثر الناس، أو قَلَّتْ قدرتهم عن القيام به، وهنا تدخلتُ وقلت له: يا فضيلة الشيخ، إن كثيرًا من الناس يذبحون بالفعل، ولكنهم يذبحون للبدعة، ولا يذبحون للسنة. قال لي: كيف يذبحون للبدعة؟ قلتُ: عندنا في قريتنا وفي غيرها من القرى أناس كثيرون ينذرون خرافهم لتذبح في مولد السيد، وهذه بدعة ولا يذبحون يوم عيد الأضحى، وهي سنة. ولو أن العلماء قاموا بواجبهم، ونبهوا الناس على ذلك، لأحيينا السنة وأمتنا البدعة. فغضب الشيخ، وقال لي: اخرج من الفصل»(28). اسكتْ يا أعمىويروي طه حسين قصة أخرى مع أحد شيوخه فيقول: «غضب القصر على شيخ كبير من شيوخ الأزهر؛ فمنع الشيخ من إلقاء دروسه، ورأى الناس أن في هذا المنع ظلمًا للشيخ وعدوانًا على حقوق الأزهر، ولكنهم لم يصنعوا شيئًا، وكان الأزهريون أشدهم فتورًا وخضوعًا، ولكن صديقًا من أصدقاء الفتى أقبل عليه ذات يوم فقال له: ألستَ ترى فيما حلَّ بشيخنا ظلمًا وعدوانًا؟ قال الفتى: بلى وأي ظلم وأي عدوان! قال له الصديق: ألا تشارك في الاحتجاج على هذا الظلم؟ قال الفتى: وكيف السبيل إلى ذلك؟ قال الصديق: نجمع نفرًا من أصدقائنا الذين كانوا يسمعون دروس الشيخ ونسعى إليه نتمنى عليه أن يمضي في إلقاء دروسه علينا في بيته، فإذا قبل انتفعنا بالدرس وأعلنا ذلك في الصحف فعرف الظالمون للأزهر أن في الأزهريين من لا يقرون الظلم ولا يذعنون له. قال الفتى: هذا حسن. واجتمع نفرٌ من طلاب الشيخ فسعوا إليه بما أرادوا، وأجابهم إلى ما طلبوا فأعلنوا ذلك في الصحف، وأعلنوا أن الشيخ سيقرأ لهم (سُلَّم العلوم) في المنطق (ومسلم الثبوت) في الأصول، يقسم الأسبوع بين هذين الكتابين.وبدأ الشيخ دروسه في بيته، وكثر الطلاب المقبلون على هذه الدروس حين علموا بها، ورضي هؤلاء الشباب عن أنفسهم وعن شجاعتهم، وعاد إلى الفتى قليل من الأمل.ولكنه في ذات يوم جادل الشيخ في بعض ما كان يقول. فلما طال الجدل غضب الشيخ وقال للفتى في حدة ساخرة: «اسكت يا أعمى ما أنت وذاك». فغضب الفتى وأجاب الشيخ في حدة: «إن طول اللسان لم يثبت قط حقًا ولم يمح باطلاً». فوجم الشيخ ووجم الطلاب لحظة، ثم قال الشيخ لطلابه: «انصرفوا اليوم فهذا يكفي».ولم يعد الفتى منذ ذلك اليوم إلى دروس الشيخ، بل جهل كل ما كان من أمرها»(29).أقبل يا أعمى.. انصرف يا أعمىوما أقسى تلك الكلمات التي تَصِمُ التلميذ بعيب لا يد له فيه، كما حدث للدكتور طه حسين أيضًا مع شيخ آخر وصفه بالأعمى، فروى تلك القصة في كتابه الأيام فقال: «سعى، يعني نفسه، إلى مكان الامتحان في زاوية العميان خائفًا أشد الخوف مضطرب النفس أشد الاضطراب، ولكنه لم يكد يدنو من الممتحنين حتى ذهب عنه الوجل فجأة، وامتلأ قلبه حسرة وألمًا، وثارت في نفسه خواطر لاذعة لم ينسها قط؛ فقد انتظر أن يفرغ الممتحنان من الطالب الذي كان أمامهما، وإذا هو يسمع أحد الممتحنين يدعوه بهذه الجملة التي وقعت من أذنه ومن قلبه أسوأ موقع: «أقبل يا أعمى».ولولا أن أخاه أخذ بذراعه فأنهضه في غير رفق وقاده إلى الممتحنين في غير كلام، لما صدَّق أن هذه الدعوة قد سيقت إليه، فقد كان تعود من أهله كثيرًا من الرفق به وتجنبًا لذكر هذه الآفة بمحضره. وكان يُقدّر ذلك وإن كان لم ينس قط آفته ولم يُشغل قط عن ذكرها. ومع ذلك فقد جلس أمام الممتحنين وطُلب إليه أن يقرأ سورة الكهف فلم يكد يمضي في الآيات الأولى منها حتى طُلب منه أن يقرأ سورة العنكبوت، فلم يكد يمضي في الآيات الأولى منها حتى قال له أحد الممتحنين: «انصرف يا أعمى، فتح الله عليك»(30).الشيخ الذي ملأ الجامعة فكاهةويتحدث طه حسين أيضًا عن شيخه طنطاوي جوهري فيقول: «وكان الأستاذ الآخر الذي ملأ الجامعة فكاهة ودعابة، وملأ الطلاب عبثًا به واجتراءً عليه، وملأ بطون الطلاب من طعامه هو الشيخ طنطاوي جوهري، رحمه الله.كان يدرس الفلسفة الإسلامية.. وكان يتكلَّم كثيرًا ولا يقول شيئًا، وكانت كلمات الجمال والجلال والبهاء والكمال والروعة والإشراق أكثر الكلمات جريانًا على لسانه منذ يبدأ الدرس إلى أن يتمه، وكان لا ينطق بكلمة منها إلا مد ألفها فأسرف في المد، وربما أخذه شيء من الذهول وهو يمد هذه الألف فيغرق الطلاب في ضحك يخافت به بعضهم ويجهر به بعضهم الآخر؛ ويفيق الأستاذ من ذهوله على هذا الضحك، فيلوم الطلاب لا على أنهم يضحكون، بل على أنهم لا يشاركونه في الإعجاب بجمال الطبيعة وجلال الكون، وبهاء القمر حين يرسل ضوءه المشرق على صفحة النيل، ويمد ياء النيل فيسرف في مدها ويأخذه ذهول يجرُّ الطلابَ إلى ضحك متصل»(31).


تم إضافته يوم الإثنين 15/06/2009 م - الموافق 22-6-1430 هـ

http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=2370






: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=119146
    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(2 , )أقبِل , مشاهير , معلميهم , أعمى! , أعمى.. , انصرف , يا , يتحدثون , عن


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 10:57 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd