2010-04-09, 18:58
|
رقم المشاركة : 18 |
إحصائية
العضو | | | رد: عزاء بطعم الموازين | هناك الموازين بالقسط ، وهي الموازين التي سنجدها منصوبة للحساب غدا يوم لقاء الله .. وهناك موازين الرباط ، وهي التي أصبحت تهجم على أسماعنا و أبصارنا كلما فكرنا في الجلوس لحظة قرب الإذاعة أو التلفزة " الوطنيتين " .... موازين بمليارات السنتيمات ، مناسبة للإغداق الفاحش على كل مغن أو مغنية أضناهم البؤس في أوطانهم ، وقد سمعت أحد المُنظمين يتشدق فرحا بإنجازه الباهر ويردد : لقد استطعنا في آخرلحظة إقناع " الفنانة " فلانة بالحضور !!! عدت ُ لمنتدانا الشامخ ، وبعد القراءة و إعادتها للإبداع الجديد لسيدة الحرف القصصي و الشعري ، الأستاذة سعيدة سعد ، قلت مخاطبا ذاتي : لم لا يكون هناك تقاطع بين خيال المبدعة و مهزلة الرباط المُقبلة و السنوية ؟؟؟ لم لا تلجأ المبدعة إلى نصب خيمة عزاء لصالح هذا الوطن ، ولصالح أبنائه الذين أغرقتهم الفياضانات و السيول ، فهدمت المساكن و شردت الأطفال ، وتحتفل رغم جو المأثم ، برحيل أجواء المحبة الزائفة ! وكانت الوقفة الأولى ، بعد مشهد الجنازة ، وقفة صرخة في وجه النفاق الإجتماعي ، أو لنقل النفاق و الكذب السياسي .. فالتضامن الحقيقي يتجلى في تحمل المسؤولية قبل وقوع الكوارث و إدراك وقوع الأزمات ، وليس بالتضامن التلفزي ! وتعود الكاتبة المبدعة في المرحلة الموالية إلى " تعرية " التضادات الكامنة بين مشهدين – للأسف - وطنيين : مشهد الرقص و السكر أثناء أنشطة موازين ، و مشهد الأطفال و الرضع الجياع ، و الذين يقضون لياليهم الباردة تحت الخيام المنصوبة و الرياح العاتية . في آخر القصيدة النثرية الرائعة ، نقف أمام مشهد معبر و عظيم جدا .. مشهد سقوط صومعة مسجد باب بردعين بمدينة مكناس الصامدة .. وبصورة فنية قامت المبدعة سعيدة سعد برسم الفصل البئيس من مهزلة الإهمال الذي طال بيوت الله ، وذلك بفعل التهاون المقصود ، ومع سبق الإصرار .. لم يكن من المتوقع أن تصير بيوت الله كأعجاز النخل الخاوية تتهاوى فوق رؤوس المؤمنين !!! ولمزيد من الفُرجة أنهوا " حفل " العزاء بتوزيع بطاقات الصبر على الأسر المكلومة في الأبناء و الآباء. كانت تلك صورة عامة لمحاولتي الصغيرة لإدراك ما خطته يمين المبدعة المتألقة سعيدة سعد ، أما من ناحية فنية الكتابة ، فما يميز وقفتها الإبداعية هي تلك الرؤية التي اعتمدتها في بناء العلاقات بين الاشياء و الفضاءات والشخوص الوهمية ..فالمسألة الجوهرية هي في العمق قدرتها على بناء رؤية و مخيال لمعاجة موضوع شائك و غير مستهلك ... صياغة ارتقت بالنص إالى الأفق الذي ترتضيه المبدعة و حقيقة المشاهد ، وإخراج لم " يتهاون " في اختيار أحسن العبارة و أجمل مشاهد التصوير الفني .. وعباراتها الشاعرية نزعت نحو تجاوز اليومي و العرضي و العابر ، لتتعلق بالكون المتعالي و المطلق . وهناك الكثير مما يُقال في شأن المجال الفني للنص الرائع ، أكتفي بهذا القدر البسيط .. وستتاح فرص أخرى لتشريح الخطاب الفني للأستاذة سعيدة سعد . القراءة التأويلية تظل محاولة و مساهمة فردية ، ربما أصبت ، وربما أخطأت .. المهم هي المشاركة.ههههه. موتي الغالية. | |
| |