محمد بنعزيز
Tuesday, March 30, 2010
ارتفعت في الأيام الأخيرة أصوات - بأفق محدود - تزعم بنهاية مهام المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وقد تحدث بعضهم باحتفالية عن فشل المجلس وأنه ولد ميتا ووو... ونشرت جريدة المساء 29-03-2010 ص 7 حوارا مع مصطفى النعيمي عضو المجلس قال فيه:

1-المجلس ولد ميتا وأضاف أنه يستحسن أن يتم تجديد هياكل المجلس في أقرب وقت.

2-أدت مردودية الكوركاس إلى تعميق الانفصال في الصحراء.

3-عدم تفعيل لجن المجلس هو سبب الفشل وأكد "لو فعّلت هذه اللجن لكانت حصيلة الولاية الأولى إيجابية".

4-اتهم رئيس المجلس بالاستبداد.

5-"تكمن مسؤولية الدولة في إفشال عمل المجلس في صمتها وعدم تدخلها"

6-المجلس لم يشتغل قط.

7-هناك شبه رضى على عمل المجلس.

8-لابد من انتخاب أعضاء الكوركاس.

9-نفى أن تكون القبلية تتحكم في تدبير المجلس.

الصحفي محمد بوهريد الذي سجل هذا المونولوج لا الحوار لم يبد أية ملاحظة على ما سمع، لذا أسجل:

-هذا كلام كله تناقض، كيف يطالب بتجديد عظام الميت؟

- كيف يتهم الدولة بعدم التدخل، بينما كان الاتهام الرائج هو شدة التدخل واحتكار الملف؟

- إذا كان هناك رضى فأين الاستبداد؟

- الانتخابات شيء رائع، لكن عندما ينفي المتحدث وزن القبيلة، هل يعرف ما الذي يتحدث عنه؟

هو يعرف ما يريد.

يريد أن تحكم العيون مثل أثينا، بانتخابات علنية وأكورا... للإشارة، قضى الإغريق 900 سنة لينتقلوا من حالة النظام القبلي إلى النظام المدني في المجتمع اليوناني، وفي القرن الخامس قبل الميلاد فقط ظهر هيراقليطس، وظهرت مدينة أثينا حيث تفتحت عقلية جديدة، تقدر الإبداع والمعرفة والنقد والحجاج... الساحة التي يتحرك فيها ولد الرشيد بعيدة عن أثينا.

السيد النعيمي معارض إعلامي لا ميداني، ليس سياسيا، وإلا لكان رد على احتكار ولد الرشيد بمنازعته النفوذ والجاه، والجاه ينتزع ولا يعطى، والجاه حسب ابن خلدون هو "القدرة الحاملة للبشر على التصرف فيمن تحت أيديهم من أبناء جنسهم... ليحملهم على دفع مضارهم وجلب منافعهم" المقدمة ص 362.

المعارض الذي يصرخ عاليا ضعيف على الأرض، غير ان الصراخ يجلب له وسائل الإعلام لتحاوره... أما المساندون لولد الرشيد فهم يشتغلون ليل نهار... ومن السهل أن نملي عليهم، يقول المثل الصحراوي "اللي فالجرف عوام"

أي الذي يجلس على الصخرة، يعرف أن يعوم أفضل من الذي يوجد في فم الموج، الجالس في مقهي ينصح ويتفلسف ويُنظّر للأقاليم واهم وعليه أن يعرف قواعد اللعبة السائدة في المكان.

لماذا لا يقفز من الجرف ليطبق ما يقوله؟

سيد النعيمي احتكرْ أنت أيضا إن قدرت.

بعد الرد أقول:

من الخطر أن يتحول قرار إنهاء مهام المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية إلى مثار للخلاف مع الجهاز الإداري فيمنح خصوم الوحدة الترابية فرصة للانتعاش الإعلامي.

أرى أن يتم تمديد مهام المجلس إلى أن نصل إلى حل نهائي لمشكل الصحراء، وأن يتم التجديد للمجلس لأنه يضم أعيان الصحراء الذين أفرزتهم بيئة قبلية يعرفونها وتعرفهم... ويمكن إضافة أعضاء من العائدين مؤخرا من تيندوف.

يمكن لهذا الاقتراح أن يثير أولئك الذين لا يحبون قيم القبيلة، ولكن هذا ليس موضوعنا، السياسة ليس هي تصفية حسابات مع من لا نحبهم، بل مراعاة مصالح الدولة، في الخيارات الإستراتيجية لا مكان للأهواء، الذين يتهمون ولد الرشيد باحتكار النفوذ لا يفهمون السياسة، يستطيع ولد الرشيد أن يهزم عبد العزيز المراكشي انتخابيا عندما سيطبق الحكم الذاتي في الصحراء.

شخصيا، أجد في ولد الرشيد رائحة نزعة قبلية شديدة، كما أجدها في شيخ قبيلتي، وهذا شخصيا ينفرني. ولكن السياسة ليست هي أهوائي، ليست هي ما أحب وما لا أحبه، إنها الواقع على الأرض.

فما هو هذا الواقع؟

يوجد في الصحراء مجتمع قبَــــــــلـــي. وهو أفرز قيادته.

لكل مكان قانونه.

لا يمكن تجاهل واقع وطبوغرافية المجتمع الصحراوي.

الواقع لا يرتفع.

حاليا، بعد أن فهمت أميناتو حيدر وأتباعها أنهم لن يستقووا بإسبانيا على الوطن،

نحتاج وحدة الصف، في هذه اللحظة الحاسمة، نحتاج لمزيد من التنظيمات في الميدان، نحتاج الكثير من الجمعيات مثل رابطة أنصار الحكم الذاتي والمنظمة المغربية للصحراويين الوحدويين وتنسيقية الطلبة الصحراويين... ونحتاج الكوركاس أيضا لأن مهامه مازالت قائمة.

لماذا أسس المجلس؟

الجواب حسب الظهير المؤسس:

"إبداء الرأي في ما يستشيره فيه جلالة الملك من قضايا عامة أو خاصة ذات الصلة بالدفاع عن الوحدة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة وبالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية المندمجة للأقاليم الجنوبية للقيام بأية مهمة تناط به ارتباطا بالمجالات السالفة الذكر" 25-03-2006.

هذه مهام لم تنته بعد، ليتابع المجلس مهامه، كمنظمة وسيطة بين الدولة والمجتمع، كمخاطب لصحراويين يسهل عليهم التواصل مع أبناء عمومتهم في المجلس بدل الوالي والباشا.

في هذا المطلب الجلل، من الخطر أن يصغي صاحب القرار لمستشارين مبتدئين في السياسة، أو إعلاميين يعتبرون أن السياسة هي مقررات جامعية لكنهم لا يرون الفرق بين الجدل في مدرج والسياسة في الميدان، وقد سبق لإمبراطورة روسيا كاترين الثانية أن ردت على أحد المنظرين في باريس يملي عليها ما ستفعله في القوقاز، وهو يتوهم أنه يمكن تسيير دولة والرأس متكئ على وسادة، قالت له:

"إنك تنسى يا سيد ديدرو، وفي كل مخططاتك الإصلاحية، الفرق بين وضعية كل منا، فأنت لا تعمل إلا على الورق الذي يقبل بكل شيء... أما أنا الإمبراطورة المسكينة، فأعمل على الجلد البشري السريع الانفعال والحساس جدا، خلافا للورق".



هيسبريس.