2009-09-17, 09:24
|
رقم المشاركة : 3 |
إحصائية
العضو | | | رد: عوامل و أسباب ظهور المسرح في العالم العربي | السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وهذافصـل من الكتاب: في نشأة التمثيل
تمتد جذور التمثيل إلي العصر اليوناني ، وتعليمات الكنيسة النصرانية القديمة – قبل الإسلام كما صرح بذلك جماعة من علماء الأدب .
أما المسلمون فلم يعرفوا هذا العمل منذ قيام دعوة نبينا محمد ( إلي ما قبل خمسين ومائة عام – تقريباً – يوم انفتح الشرقيون علي علوم الغرب وحضارته وثقافته ،وعندئذ اكتسبوا هذا العمل منهم وتعلموا أصوله وقواعده في مدارسهم ، ثم نقلوه إلي بلادهم الإسلامية ، ليكون نواة لما نشاهده الآن من تمثيليات (( دينية )) وغير دينية .
قال (( بطرس البستاني )) في كتابه (( أدباء العرب في الأندلس وعصر الانبعاث )) :
(( لم يترك العرب في الدولة العباسية علماً من العلوم اليونانية إلا نقلوه ، واطلعوا عليه ، واستغلوا به ، ما خلا الأدب ، فإنهم استغنوا بما لديهم، فلم تصل إليهم ملاحم اليونان ،ولا قصصهم التمثيلية .
ولو قدر لها الوصول ، لما كان الحكم الإسلامي يوم ذاك يعمل لإحياء التمثيل شأن الكنيسة المسيحية في القرون المتوسطة ، لأن التمثيل عندهم تزوير لعظماء الرجال ... )) ا هـ (6) -
وقال صاحب (( تاريخ اليونان )) :
(( تكمن الأصول الأولي للمسرح اليوناني في الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في المناطق المختلفة في بلاد اليونان والتي كانت تدور حول عقيدة الإله ديونيسوس Dionysos ( وهو اسم آخر للإله باخوس Bakkos ) الذي كان إلهاً للحصاد والثمار والكروم ، وإن كان قد اشتهر بصفته إلهاً للخمر .
واليونان كانوا يقومون بهذا النوع من الاحتفالات كمظهر من مظاهر الابتهاج والشكر للقوى الإلهية التي تتحكم في الطبيعة ، إذا كان المحصول وافراً ، أو كمظهر للابتهال والتضرع لهذه القوى الإلهية إذا قصر المحصول عن الوفاء المنتظر .
ولم تكن هذه الاحتفالات في الحقيقة بدعة اقتصرت علي بلاد اليونان ، وإنما عرفتها مجتمعات أخري من بينها مصر وسورية علي سبيل المثال لا الحصر .
ففي مصر كانت تقام في بداية الربيع احتفالات تمثل تناوب الفصول ،،تدور حول الإله أوزريس ( الذي أرتبط أسمه بالحبوب والحصاد) تمجد عودته للحياة بعد أن قتله أخوه الإله الشرير (( ست )) . وفي هذه الاحتفالات كانت القصة الكاملة تمثل في شكل ديني شعبي تبين كيف قتل (( ست )) أخاه (( أوزيريس )) ، ثم كيف سعت الألهة إيزيس ( زوجة أوزيريس ) بكافة الطرق حتي أستعادت جثة زوجها وأعادت إليه الحياة ، وكيف تم الانتقام من (( ست )) وفي سورية كانت تقام احتفالات مماثلة تدور حور أسطورة مماثلة كذلك مؤداها أن الإله بعل ( أو آذون أدونيس ) قد قتله خنزير بري ، ثم حاولت زوجته الإله عشتار ( أو عشتروت ) إعادته للحياة حتى تعود الحياة تعود الحياة إلي الطبيعة التي ماتت في الشتاء . )) ا هـ
وقال أحمد حسن الزيات في كتابه (( تاريخ الأدب )) (7)
التمثيل بمعناه الحديث لم تعرفه اللغة العربية إلا في أواسط القرن الماضي وكان (( اللبنانيون )) أسبق الشرقيين إلي اقتباسه لتخرجهم في المدارس الأجنبية ودراستهم للآداب الفرنجية .
وأول من فعل ذلك منهم ( ....... ) فقد مثل أول رواية عربية : سنة 1840 م ... إلخ (8)
هذا هو كلام أهل الاختصاص في إرجاع هذا العمل إلي مصدره الأول .
* * * *
أما علماء الشرع فلهم نصيب – أيضاً – في تبيين أصله ومنشئه .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله – في التعريف بعيد (( الشعانين )) عند النصارى : أن ذلك مشابهة لما جري للمسيح – عليه السلام – حين دخل بيت المقدس .... وكان اليهود قد وكلوا قوماً معهم عصى ، يضربونه بها ، فأورقت تلك العصي ... فعيد (( الشعانين )) مشابهة لذلك الأمر . وهو الذي سمي في شروط عمر – رضي الله عنه – وكتب الفقه : أن لا يظهروه في دار الإسلام )) . ا هـ (9) .
وقال عبد الله بن الصديق في رسالته (( إزالة الالتباس )) :
(( التمثيل لا يعرف إلا عن طريق الأوربيين وهم الذين أظهروه في الشرق )) . ا هـ .
قال أحمد بن الصديق في رسالته (( إقامة الدليل علي حرمة التمثيل ))
(( فهو مما ابتدعه الكفار )) . ا هـ .
وقد علم مما تقدم أن التمثيل نشأ عن اليونان ، فالنصارى ، فالحضارة الغربية الكافرة ، وأنه من خصائصهم وشعائرهم . وأن العرب لم يعرفوه إلا بعد الانفتاح علي العالم الغربي ،والإعجاب بحضارته وتقييم الأفعال والأخلاق بميزانه .
ويوضح زكي طليمات (10) أسباب عزوف المسلمين عن فن (( التمثيل )) فيقول :
إن من أبرز الأسباب التي تصرف الذهنية الإسلامية عن الأخذ بأسباب التعبير عن طريق (( المسرحية )) للدعاية والتفسير هو : أن العقيدة الإسلامية علي وضوح أركانها ، وجلاء تعاليمها ومنطق أحكامها ، عقيدة لا يشوبها لبس ولا غموض ، يتطلبان تحايلاً في التفسير ... إلي أن قال : مثل هذه العقيدة القوية في معنوياتها ، البسيطة في شعائرها ، القائمة علي مناهضة كل مظهر من مظاهر تعدد الأرباب ، وما يتصل به من فنون السحر ، لإحياء طقوسه ، ومناسكه ، لا يمكن أن تتمخض عن فن تمثيلي )) . ا هـ .
فإذا أضفنا إلي ذلك أن العرب بطبيعة عقلهم ينظرون إلي الكليات ، عفنا إلي أي مدي نجد التباين الضخم بين الأدب العربي ، والآداب الأجنبية في مجال القصة والمسرح . ا هت . نقلاً عن كتاب (( كتاب الفنون والمسرح )) لأنور الجندي ص 20-21 .
ويقول أحمد باكثير معللاً عدم وجود فن التمثيل عند العرب :
(( إذا لم يوجد المسرح عن العرب في جاهليتهم ، فأحرى ألا يوجد لديهم بعد الإسلام ، الذي قضي علي تلك الوثنية ، وأعاد إليهم دين التوحيد كأصفى ما يكون . وتقديس الأشخاص من مظاهر الوثنية ،والإسلام ينهى عن ذلك نهياً تاماً ، مما أدي إلي عدم ظهور (( الدراما )) لأن نشأة (( الدراما )) في عهودها الوثنية كانت قائمة علي تقديس من كانوا ملوكاً أو أبطالاً ، ثم ألهوهم بعد وفاتهم )) . ا هـ (11)
قال أنور الجندي :
(( وبالجملة فقد كانت هذه الفنون المختلفة ، ومنها (( القصة )) و (( المسرح )) دخيلة علي الأدب العربي ، والفكر الإسلامي ، لأنها نتاج مجتمعات أخرى ، وقائمة علي ظروف وأوضاع لم يعرض لها المجتمع الإسلامي القائم علي روح التوحيد الخالص ، والذي يعتبر الأخلاق جزء لا يتجزأ من العقيدة الدينية )) . ا هـ . (12)
فصــــــــــــل
وقد رمي جماعة من المستشرقين : الأدب العربي بالتأخر ، لعدم وجود فن (( التمثيل )) فيه ، مما أثار نزعة عرقية عند أدباء العرب ، فراحوا ينبشون الكتب ، بغية الحصول علي وثيقة (( تمثيلية )) عند المتقدمين يرفعون بها ما عابهم به المستشرقون . (13)
ولكنهم لم يظفروا بنص واحد يفصح عن وجود التمثيل بأصوله الحاضرة عند المسلمين ، بينما وجدوا ما يعتبرونه نواة للتمثيل عند العرب ، وفيما يلي ذكر بعض ذلك ، لرفع اللبس ، الذي قد ينجم عن قولهم : (( إن التمثيل أصلاً عند المسلمين ))
فمن ذلك ما ذكره أحمد بن الصديق في (( جؤنة العطار )) ج 1/7 نقلاً عن (( العقد الفريد )) : (( أن بعض الصوفية في زمن المهدي العباسي كان يصعد تلاً ثم يقول : ما فعل النبيون ... ؟ أليسوا في أعلى عليين ... وهكذا يأتي بكبار الصحابة والخلفاء ويحاكم كلاً منهم ويقضي فيه قضاءه ا هـ بتصرف .
وهذه القصة لا تدل علي وجود التمثيل عند العرب لوجوه :
أولاً : من ذكرها هو ابن عبد ربه – فيه تشيع شنيع . والقصة فيها سب لمعاوية رضي الله عنه – فلا يبعد أن ذلك من اختلاف الشيعة .
ولما تكلم صاحب (( العقد )) علي خالد بن عبد الله القسري قال فيه ابن كثير :
(( وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح ، لأن صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع ، ومغالاة في أهل البيت ... )) ا هـ (14)
ثانياً : علي تقدير ثبوتها في ذاك الزمن ، فإنها تصرف فرد صوفي ، لا يجوز أن ينسب عصره إلي ذلك الفعل لمجرد فعله ، لا سيما وأنه لم ينتشر . وعند الصوفية ما هو أحط من هذا الفعل ، يعرفه من نظر في سيرهم . وما أحسن ما قاله عمر الدسوقي في كتابه (( المسرحية )) علي هذه القصة :
(( ويذكرنا ما كان يفعله هذا الصوفي ... بالمسرحية الأخلاقية التي عنيت بها الكنيسة )) . ا هـ (15)
ثالثاً : لو أن هذه القصة علي تقدير ثبوتها – بلغت العلماء وأهل الفضل لأنكروها – قطعاً – لما فيها من المنكرات ، كجعل هذا الصوفي نفسه في منزلة الرب – تعالي وتقدس – وسب الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – وغير ذلك .
فهذه أوجه فيها نفي وجود التمثيل عند العرب بهذه القصة وفيها إبطال الاستدلال بهذه القصة أو الاستئناس بها علي التمثيل – إن صحت - .
ومما ذكروه أيضاً ما يسمي (( خيال الظل )) وهو نوع من أنواع اللهو بالدمى جمع دمية ، وهي : الصنم (16). وهي شبيهة بلعب الأطفال المجسمة الآن .
وهي ثلاثة أنواع :
الأول : الدمى التي تحرك بالأسلاك .
الثاني : الدمى التي تحرك بالأيدي
الثالث : خيال الظل (17)
وقد عرف (( لاندو )) خيال الظل فقال :
(( هو نوع من العروض المسرحية تعتمد علي تسليط الظلال علي شاشة تظهر الأشكال أمام المشاهدين )) ا هـ .
وقال العلامة أحمد تيمور في كتابه (( التصوير عند العرب )) :
(( تماثيل خيال الظل : لعبة معروفة تتخذ شخوصها من جلود ، وتحك بعصي من وراء ثوب أبيض مشدود ، فيظهر خيالها فيه .
ويقال أن أصلها من لعب الهند القديمة :
وأقدم ما وصل إليه علمنا عن اشتغال العرب بها ، أنها كانت من ملاهي القصر بمصر ، مدة الفاطميين .... )) . ا هـ .
وترجع أقدم نصوص (( خيال الظل )) – عند العرب – إلي أواخر القرن السابع الهجري ، حيث كتب الطبيب المصري محمد بن دانيال ( 647 هـ -710 هـ ) ثلاث روايات بالشعر والنثر المسجوع . أولها : (( طيف الخيال )) ، وثانيها : (( عجيب وغريب )) وثالثها : (( المتيم ))
قال الكاتب (( لاندو )) عن روايته (( عجيب وغريب )) :
(( وفي المسرحية ليس هناك حبكة مفتعلة ، وإنما تدور المسرحية حول مواقف من حياة الأشخاص ، مما يذكرنا بقصص المقامات والقصص الشعبية )) . ا هـ . (18)
فما كتبه ابن دانيال لم يمثل علي مسرح ، وإنما هو محفوظ في القرطاس ، شأن المقامات الأدبية والروايات القصصية ذلك الوقت .
ومما يجدر إيراده هنا ما ذكره السخاوي في كتابه (( التبر المسبوك في حوادث شهر ذي القعدة من سنة 885 هـ حيث قال :
(( وفي يوم الثلاثاء العشرين منه حرق السلطان ما مع أصحاب (( خيال الظل )) من الشخوص ، ونحوها ، وكتب عليهم قسائم في عدم العود لفعله .
ونعم الصنع جوزي خيراً )) ا هـ كلام السخاوي (19) .
وفي (( درر الفوائد المنظمة )) للجريري : أن أحد السلاطين حمله معه ، لما ذهب إلي الحج سنة 778 هـ ، فأنكر الناس ذلك عليه )) . ا هـ (20)
وقد ذكر بعض المؤرخين بيتين من الشعر ورد فيهما ذكر (( خيال الظل ))
هما
رأيت خيال الظل أكبر عبــــــرة لمن كان في علم الحقيقة راقي
شخوص وأشباح تمر وتنقضي الكل يفني والمحـــــــرك باقي
وقد أختلف في نسبتها ، فنسبها الأتابكي ( 874 هـ ) في (( النجوم الزاهرة )) ( 6/176 ) إلي ابن الجوزي ( 597 هـ ) .
ونسبها المرادي ( 1206 هت ) في (( سلك الدرر )) ( 1/133 ) إلي الإمام الشافعي ( 204 هـ )
وعلي كل فإن نسبة البيتين لأحدهما تحتاج إلي توثيق ، ولا أظن ثبوتها عنهما ، وذلك لأن خيال الظل بمعناه الذي نقل إلينا فيه منكر متفق علي تحريمه هو الصور المجسمة ( الأصنام الصغيرة ) وينزه الإمام الشافعي ، وابن الجوزي عن ضرب العبر بذلك .
والناظر في نسبة كثير من المقطوعات الشعرية ، المنثورة في كتب الأدب والتاريخ ، يري عجباً من اضطراب النسبة إلي قائل البيت حتى أن البيت الواحد لينسب إلي أربعة أو خمسة ، مما يدفع إلي عدم الجزم بنسبته لواحد بعينه .
ومما ذكروه – أيضاً – أصلاً للتمثيل : فن القصة . فإنها موجودة عند المتقدمين..
وحتى لا أطيل في الكلام عن فن القصة أكتفي بنقل كلام لأنور الجندي في كتابه (( الفنون والمسرح )) تحت عنوان : ( القصة فن دخيل ) قال :
(( ولا شك الآن أن هدف القصة في الآداب الغربية هو : إعطاء الشعوب جرعة من الخيال ، للتعويض عن الواقع ، وأن القصة الخرافية الوثنية هي اللذة الكاذبة ، التي تعطي الوهم بدلاً من إعطاء الحقيقة .
أما المسلم فإنه لا يحتاج إليها ، لأنه يعيش في جو من الوضوح والصراحة بين أوامر الدين ونواهيه .
لقد عرف الأدب الإسلامي العربي (( الصدق )) القصصي فيما روى القرآن من قصص وما وجه إليه الفكر من التحرك داخل إطار الواقع ، لا يدخل في إطار الشر والإباحة .
ولذلك فقد كان الإسلام حريصاً علي أن يعيش المسلم في واقعه وأن لا يتخذ وسائل الخداع الكاذبة المخدرة سبيلاً إلي إخراجه إلي عالم الأوهام .
ولقد قدم القرآن الكريم للمسلم القصة الصادقة بعيداً عن الأسطورة والخيال الوثني والوهم ... وما زال مفهوم القصة الإسلامي في اللغة العربية وهو : الإخبار بالواقع المجرد ، وتتبع آثار الحقيقة ، ولا يفهم منه تأليف الحكايات ، أو تلفيق الوقائع ، أو اصطناع الأخبار المكذوبة التي تصدر عن الكبت والظلم ...
قال : ون هنا فإن النقد الأدبي الإسلامي المصدر يرفض أمثال قصص (( شهرزاد )) و (( ألف ليلة وليلة )) وغيرها من الأساطير ، لأنها لا تمثل مفهوم الإسلام الصحيح .
وغاية ما يقال في هذا : إن الإسلام عزل المجتمع الإسلامي عن الإباحيات والخياليات المغرقة في الخرافات ، وطبع الفكر الإسلامي ،والمجتمع بطابع التوحيد والفطرة والواقعية بعيداً عن المغالاة والإسراف .
أما المسرح فإنه دخيل وافد ، وليس فنا أصيلاً لا في الأدب العربي ، ولا في المجتمع العربي الإسلامي )) . ا هـ (21)
هذا وإن هناك وقائع ذكرت ، لتقرير وجود نواة (( التمثيل )) عند العرب ، غير ما ذكر ، إلا أنني أذكر خلاصة خرج بها الأستاذ عمر الدسوقي – رئيس قسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم – في كتابه (( المسرحية – نشأتها وتاريخها وأصولها )) ، بعد أن عرض ما يدل علي وجود أصول التمثيل عند العرب ، قال :
(( ومهما يكن من أمر فإن المسرحية الحديثة – كما عرفتها أوربا – لم تدخل مصر إلا بعد عصر النهضة ، وبعد اتصالها بالأدب الغربي )) . ا هـ . (22)
وهذا الذي خرج به الأستاذ هو الحق الذي لا مرية فيه . وهو الذي لا يليق بالمسلمين ولا بالعرب سواه .
قال الدكتور محمد يوسف نجم – رئيس دائرة اللغة العربية وآدابها وأستاذ الأدب العربي الحديث في الجامعة الأمريكية ببيروت :
(( المسرح بمعناه الاصطلاحي الدقيق ، فن جديد ، ولج باب حضارتنا في النهضة الحديثة التي أعقبت الحملة الفرنسية علي مصر . وإذا أردنا الحديث عن المسرح ، كفن له أصوله وأدبه ، فعلينا أن نسقط من حديثنا ألوان الملاهي الشعبية التي قد تحوي مشابه من الفن ولكنها تختلف عنه اختلافاً كبيراً ، إذ لابد من التحديد الدقيق الذي يهيئ لنا تمييز هذا الفن عن غيره من ألوان التسلية الشعبية ، كخيال الظل والقره قوز وأعمال المقلدين والشعراء الشعبيين ، فمثل هذه الألوان ، لا تندرج في سجل هذا الفن وإن حوت بعض عناصره التشكيلية )) . ا هـ (23)
وقد قرأت في الفصل الماضي ما قاله جماعة من أدباء العرب – نصارى ومسلمين – عن نفي وجود هذا الفن بصوته الحالية – دينية كانت أو غيرها – عند المسلمين إلي عصر النهضة الأدبية الحديثة المهجنة .
وأخيراً أختم هذا الفصل بما كتبه محمد السنوسي ( 1313 هـ ) في (( الرحلة الحجازية )) له ، عندما تكلم عما شاهده من (( التياترو )) – التمثيل – في بلاد النصارى ، فقال – وهو لا يري مانعاً من إقامة التمثيل :
(( قلت وبالوقوف عند حد الصدق ، وسلامة القصد ، لم يبق مانع في الحكاية بالمثال في المسارح .
هذا وإن نظرنا إلي مجرد العمل ، أما إن نظرنا إلي ما يصحبه من الاجتماع الذي لا ينبني إلا علي النساء والغلمان من اللاعبين المتفرجين . ونظرنا إلي أنه عمل جاهلي في الأصل ، نصراني في الحالة الراهنة ، فأصول شريعتنا الإسلامية تمعه بدون نزاع .
وكذلك تشخيص الروايات للسخف مما نهي عنه . وفي الحديث : (( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك منه ويل له ويل له )) . وهو من اللغو المجتنب لا محالة )) . ا هـ (24) 6 ) ط 3 – مكتبة : دار صادر ، بيروت : ص 308 -309 -310 .
7 ) ص 427 . ط الرسالة عام 1374 هـ . .
8 ) وللمزيد من هذه المعلومات ينظر : (( الأدب اليوناني القديم )) للدكتور علي عبد الواحد وافي . ط دار المعرب بمصر ص 132 -245 ، و (( النقد الأدبي )) للدكتور بدوي طبانة . ص 142 .
9 ) الاقتضاء 1/478 .
10 ) زكي طليمات وعلي باكثير – اللذان نقلت عنهما – من كتاب التمثيلية العربية ، وليسا من العلماء والكلام المنقول عنهما هو في محاولة تفسير السبب المانع للعرب من إحياء هذا الفن اليوناني . وهناك تفسيرات لذلك عند الأدباء العصريين كثيرة ،ولكن المتأمل ري أن ما ذكره الكاتبان هو أرجى الأسباب وأقربها من الصواب . ينظر : (( القصة في الأدب العربي )) لمحمود تيمور ص 62 مبحث لماذا لم يعرف العرب المسرح ؟ . .
11 ) فن المسرحية – علي أحمد باكثير ص 22 . وقد نقله عنه أنور الجندي في كتابه (( الفنون والمسرح )) بتصرف ص 22 وهو المثبت هنا . .
12 ) الفنون والمسرح ص 23 .
13 ) أر إلي ذلك الدكتور يوسف عوض في مقدمته ترجمة لكتاب (( لاندو )) ( تاريخ المسرح العربي ) . ص 5 ط دار القلم بيروت
14 ) البداية والنهاية ( 10/21 ) . .
15 ) المسرحية – عمر الدسوقي ص 16 . ط دار الفكر العربي .
16 ) ينظر اللسان 2/143 . ط المعارف المصرية .
17 ) تاريخ المسرح العربي – تأليف (( لاندو )) ترجمة يوسف عوض . ص 19 .
18 ) المصدر السابق .
19 ) (( التبر المسبوك في ذيل السلوك )) ص 353 ط الكليات الأزهرية وقد أفاد ذلك العلامة أحمد تيمور في كتابه (( التصوير عند العرب )) ص 85 ، ط لجنة التأليف والترجمة والنشر بمصر .
20 ) بواسطة (( التصوير عند العرب )) ص 85
21 ) الفنون المسرحية – أنور الجندي – ص 17-19 . ط دار الإصلاح .
22 ) المسرحية ص 18 – ط . دار الفكر العربي .
23 ) المسرحية في الأدب الحديث ص 17 . 17 . ط . دار الثقافة .
24 )الرحلة الحجازية ج 1 /159 . | |
| |