2010-02-28, 22:09
|
رقم المشاركة : 1 |
 إحصائية
العضو | | | 
|  ادب الحوار في المنتديات والصحف الالكترونية/شتواني
|  |
ادب الحوار في المنتديات والصحف الالكترونية
28/02/2010
 قد يجد الإنسان نفسه مضطرا بل مرغما على تناول موضوع ما يفرض نفسه بإلحاح شديد وإصرار على فكره ومن ثم لا يجد معه طريقة للهروب أو الإرجاء إلى وقت آخر. فيستسلم ويذعن ويمسك بقلمه ليسجل ما يدور في ذهنه، ويبدي رأيه، ويسوق حججه وبراهينه الداعمة لوجهة نظره. وهكذا وجدتني مستسلما بلا خيار لي في مناقشة موضوع أهمني وأزعجني كثيرا فداهمتني خواطر شتى أحسست فيها بألم وحزن شديدين لا يسرّ صديقا ولا تغيظ عدوا. إن ثقافتنا وموروثاتنا عن الآباء والأجداد كلها تؤصِّل فينا أخلاقا فاضلة وقيما أصيلة سامية تدل على عظمة أمتنا العربية وتفردها بها بين الأمم. لكن ما يدعو للأسى أن نلاحظ هبوطا وانحدارا في هذه الثقافة لدى كثير من مثقفينا ومفكرينا، فقد تخلّى الكثيرون حتى عن أبسط أدبيات الحوار والنقاش ليتحول إلى معارك حامية الوطيس يعلو فيها الصراخ فيصكّ الآذان ويؤذي المشاعر، ويصل المتحاورون إلى السب والشتائم والتفنن في توظيف الألفاظ السوقيّة بدرجة مقززة ومقرفة، تتفوق عما يتفوه به الجهلاء. وهكذا ينسى المتحاورون الموضوع الرئيسي الذي يدور حوله وينزلقون إلى أمور شخصية لا تخدمنا لامن قريب أو بعيد بل تؤذينا وتفقدنا ثقتنا في ما بيننا. من مبادئ ثقافتنا الموروثة التي شببنا عليها ورددناها صباح مساء " إن اختلاف الرأي لا يفسد للودِّ قضية " و " رأيي خطأ يحتمل الصواب، ورأيك صواب يحتمل الخطأ". هكذا كان المتحاورون ملتزمين بهذه الثقافة في نقاشاتهم وحواراتهم التي أثرت فكرنا العربي وأغنته وملأته حراكا وحيويّة وتركوا لنا مؤلفات تشهد لهم بالحكمة وصواب الرؤية وعمق الفكر وبُعد النظر وسداد الرأي. إن بعض مثقفينا اليوم همّهم الأول افتعال معارك كلامية يستعرضون فيها قدرتهم بالصراخ والشتائم والتنابز بالألقاب وكيل الادعاءات والافتراءات استخفافا منهم بعقولنا. فمثل هذه الحوارات والمناقشات تدور في حلقة مفرغة والتي لا يمكن أن تأتي بخير بل من شأنها تعميق الخلافات ونكء الجراحات وزيادة الفرقة. يكفي ما نشكو منه ونحن لسنا بحاجة إلى المزيد. آن الأوان للعودة إلى المنابع الأصيلة. فنغرف منها كل ما يزيدها خصوبة وغنى فننهل منها كما نهل منها من سبقنا. فالقرآن الكريم يبين الطريقة المثلى للجدال "وجادلهم بالتي هي أحسن ".الى جانب أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومنها: " ليس الشديد بالسرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "و " خالق الناس بخلق حسن "و" إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق"و" وهل يُكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " . إلى جانب أقوال الحكماء على سبيل الذكر لا الحصرقول الصفدي: واستشعر الحلم في كل الأمور ولا تسرع ببادرة يوما إلى رجلِ. وقول أبي الأسود الدؤلي : فاترك محاورة السفيه فإنها ندم وغبّ بعد ذاك وخيم. وقول الشاعر:وأحلم عن خلِّي وأعلم أنه متى أجْزِه حلما عن الجهل يندم. ومن أمثال العرب: " إن مع السفاهة الندامة " و " إن البلاء موكل بالمنطق " ... واسمحوا لي أن أذكركم- وان على ثقة أنكم لا تجهلوها- بأدبيات الحوار على الشبكة العنكبوتية, فهي منهجيات منتظمة لها أصولها ومسارات قويمة لها مركزاتها, ولا يسمى الحوار حوارا إذا ما خرج عن أطره الأدبية وذهب بعيدا عن مقومات وأسباب وجوده بين فردين أو أكثر والرؤى التي اعرضها هي أسس عامة يمكن اعتمادها في الحوارات التي تنشأ بين الأعضاء. فإذا تكاملت هذه الحلقة توالدت منظومة حوارية هادفة وفاعلة بين الجميع تصب في خانة رقي وسمو الصحيفة الالكترونية ورفعتها. فأدبيات الحوار بداية, هي الوصول للحقيقة بالدرجة الأولى, ولبس للوجاهة ونيل الإعجاب أو التباهي بالتفوق على الآخرين, وأن يكون المحاور المجيد مقتنعا بما يقوله, ويطابق قوله فعله. وعلى المحاور الجاد أن ينشد الصواب فيما يصبو إليه. وقد أصنف المحاورين إلى: · المحاور اللبق, يختار الظرف الزماني والمكاني الملائم والمناسب للخوض في حواراته, ويدرس المستوى الحضوري للطرف الآخر حتى لا يفسد النقاش بيهما. وعليه يجب أن يتعرف المحاور الى مستوى محاوره في الموضوع مدار الحوار بينهما, وذلك بالرؤيا العلمية والتفكر والفهم والوعي ويحسب لذلك الحسابات اللازمة. · المحاور الكييس لا يناقش في موضوع لا يعرفه جيدا ولا يمتلك حوله المعلومات والمعارف الكافية التي تدفعه بثقة ومسؤولية للخوض في متاهات الحوار, وبذلك فهو لا يدافع عن فكرة لا يقتنع بها, فقط يحاور لأجل الحوار. · المحاور الفطن يقدر الوقت ويعرف أن للوقت ثمنا باهظا, لذلك فهو لا يطيل في الحوار بدون طائل, ولا يمارس الأنانية في حواراته, بحيث لا يترك مجالا للغير من إبداء الرأي, وإعطائهم فرصة النقاش والاشتراك في الحوار. وبقدر ما يكون المحاور بارعا في حواره مع الآخرين عليه أن يكون بارعا في الإستماع للآخرين دون أن يقاطعهم أو يمتعض من آرائهم. · المحاور الهاديء هو المحاور الذي ينتبه لنفسه وهو يحاور ويناقش, ولا يستعلي بعلمه على الآخرين كونه يملك من المعلومات ما لا يملكه الآخرون, ويجب أن يسيطر على انفعالاته ويضبط حركاته فلا تأخذه العصبية ويتحرر من أدنى المقومات الحوارية. وعليه يجب على المحاور أن يضبط كلامه ويرتب أفكاره ويزن انتقاداته وإلا يقع في المحظور الذي يؤدي إلى الفشل في الحوار مع الآخرين. · المحاور الدقيق هو المحاور الذي ينطلق في حواراته من المسمات ونقاط الإتفاق مع الآخرين بحيث يؤكدها ويثني عليها, بحيث يبني من خلالها جسرا من الثقة والاحترام والتفاهم والتعاون والتفاعل الخلاق للوصول والحصول على أكبر عدد من الإجابات الإيجابية والابتعاد قدر الإستطاع عن السلبيات. ثم يتقدم نحو الأمور العالقة ليشبعها نقاشا وتمحيصا, بتقريب وجهات النظر وبالتالي ضرب الأمثلة في المكان الذي يجب أن تضرب فيه لتلعب دور التأثير والإقناع. · المحاور الحصيف هو المحاور الذي يسيطر على نفسه مهما كانت الأسباب المثيرة لها, ولا يسمح لنفسه بالإنزلاق باتجاه فقدان السيطرة عليها, لتلعب العاطفة البشرية دورها غير المستحب والذي يؤدي الى التصرف من دون لياقة أدبية, مما يفقد النقاش جدواه ويسيء للمحاور ومحاوره. وإذا ما اصطدم المحاور بمحاور غير جاد وغير باحث عن الحقيقة أو وجده دون المستوى المطلوب لاستكمال الحوار, فما عليه سوى إقفال الحوار بحكمة وترو دون تجريح أو قدح أو ذم. · المحاور المتواضع هو المحاور الذي يعترف بالحقيقة ولا يتجاهلها, بل يكون موضوعيا في كل شيء, فإذا واجهه محاوره الآخر بمعلومات يجهلها ولا معرفة له بها فعليه بكل برودة أعصاب واحترام أن يستوضح في الأمر وليس عيبا أن لا يعرف المحاور في أمر ما أو أن يكون هناك نقص في بعض معرفته ولكن العيب الأكبر هي الإدعاء بما ليس في دائرة علمه ومعرفته. فالمحاور هو بشر بالنتيجة وليس ملاكا من عالم سماوي آخر والبشري مهما تعلم ومهما كانت معرفته واسعة يبقى تنقصه بعض القضايا التي يجهلها. وهذا لا يسبب أبدا عند المحاور حرجا من الإقرار بالنقص أو القصور أو حتى الخطأ. · المحاور المنفتح هو المحاور الذي يعترف بقبول الحق مهما كان مرا وخاصة عند ظهور الدليل الكافي, وهو المستغني عن التعصب لأن التعصب لا يوصل للطريق القويم. وبذلك فالمحاور هذا عليه أن يحترم الحقيقة ولا يركن اعتماد الأدلة المغلوطة أو الضعيفة المصدر تحت أي حجة كانت... وعليه بالتالي اعتماد الأفكار الموثقة والرجوع اليها ساعة يتطلب ذلك. · المحاور المثقف هو المحاور الذي يسبغ صفة الذوق الرفيع, ويعمل جاهدا وبقناعة العارف على احترام مكانة الناس الاجتماعية والفكرية والأدبية حتى وإن اختلف معهم في الرأي أو المعتقد. ويجب أن يعرف المحاور أن ما يجوز النقاش فيه مع الخاصة قد لا يجوز النقاش فيه مع العامة, وما قد يصلح لشريحة معينة من الناس قد لا يصلح لشريحة أخرى. وما يتقبله أهل بلد قد لا يتقبله أهل بلد آخر. · المحاور الحذر هو المحاور الذي يقوم ببحث فكرة ما دون التركيز على صاحبها أو ذكر اسم كاتبها, وهكذا يضمن عدم تحويل الحوار إلى عملية لفعل الطعن والتجريح بالآخرين. ويبدي هذا المحاور من باب التقدير إعجابه بالأفكار الصحيحة ويشجعها. وإذا ما قام بنقاش أو بحث ما فإنما بلطف وهدوء واحترام مبتعدا قدر الامكان عن التسفيه. وعليه أن يعتمد المنادة لمحاوره باسمه أو لقبه الذي يجب عند حدوث النقاش أو الحوار. · المحاور الخبير هو المحاور الذي يعمل على كسب القلوب والعقول قبل كسب النقاش, فعملية الحوار قد تؤدي إجبار الطرف الآخر الى النزول عند رغبة المحاور ولكن لم يقتنع أساسا في النتيجة الحوارية التي توصل الحوار اليها. والجدل المستفحل بادرة خطيرة جدا بين المحاورين, بحيث إذا ما تعمق الخلاف والجدل بينهما, قد يذهب بالمودة والمحبة ويقضي على الصداقة, فعلى المحاور أن يجتنب الجدل الذي لا طائل منه في الحوارات مع الآخرين. كل فرد له قناعاته وله وجهات نظره التي يقتنع بها, وليس بالضرورة أن يقتنع بها الغير مهما كانت الأسباب, بحيث لا إكراه في وجهات النظر عند الآخرين. وفي كثير من الأحيان حين لا ينفع المنطق والبرهان في إحقاق ما يجب إحقاقه, فعلى المحاور أن يلجأ الدوافع النبيلة ويعتمد النصيحة ويمتطي الكياسة ويتعامل مع محاوره فردا أو جماعة كتعامله مع أسرته وأولاده وزوجته. وختاما على المحاور الذي يخوض غمار النقاشات و أن يضع نصب عينيه من البداية هدفا واضحا يريد الوصول اليه من خلال اجراء الحوار, ويعمل كل ما بوسعه لتنفيذ خطته الحوارية ضمن الأسس والأصول والآداب الحوارية الكفيلة بإظهار الحقائق. وبالتالي الاستفادة من الحوار في الحد الأقصى. وقد غيبت أصناف بعض المحاورين وتعفف عن ذكرهم... وأصلحوا ولا تفسدوا، وابنوا ولا تهدموا، واجمعوا ولا تفرقوا، وألِّفوا القلوب واملأوها ودّا وسلاما ومحبة ووئاما... والنقاش الهاديء خير وأبقى...والحوار الرزين أنفع وأجدى. تحياتي ومودتي للجميع. شتواني الهيئة الوطنية للدكاترة بالقطاع المدرسي
عن وجدة سيتي نت
|
: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=82554 |
|
|  |
فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ :
مسابقة استوقفتني آية
|
ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج
