وقد جاء في السنة ما يؤيد الوجه الثاني ، وهو أن مريم أفضل نساء العالمين إلى قيام الساعة، وليس على نساء زمانها فقط باستثناء فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الترمذي5\ 703برقم (3878)، والحاكم3\ 157 ، 158حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ،وخديجة بنت خويلد ،وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون
صححه الترمذي والحاكم وغيرهما ، وأخرج النسائي بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال
(الجزء رقم : 2،الصفحةرقم: 471)
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
النسائي في(الكبرى) 7\ 388 ، 391 برقم (8297 ، 8306) (ط : مؤسسة الرسالة)
أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ،ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون
.
قال الحافظ ابن كثير في(البداية والنهاية) : (وقال أبو القاسم البغوي :حدثنا وهب بن منبه ، حدثنا خالد بنعبد الله الواسطي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أنها قالت لفاطمة : أرأيت حين أكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ثم ضحكت ؟ قالت : أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت ، ثم أكببت عليه فأخبرني أني أسرع أهله لحوقا به ، وأني سيدة نساء أهل الجنة ، إلا مريم بنت عمران فضحكت . وأصل هذا الحديث في الصحيح ،وهذا إسناد على شرط مسلم ، وفيه أنهما- أي مريموفاطمة- أفضل الأربع المذكورات، وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، حدثنا عثمان بن محمد ، ثنا جرير عن يزيد هوابن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
مسند أحمد (3/80).
فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، إلا ما كان من مريم بنت
عمران
(الجزء رقم : 2،الصفحةرقم: 472)
إسناد حسن وصححه الترمذي ولم يخرجوه ، وقد روي نحوه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولكن في إسناده ضعف ، والمقصود أن هذا يدل على أن مريموفاطمةأفضل هذه الأربع ثم يحتمل الاستثناء أن تكون مريم أفضل من فاطمة ،ويحتمل أن يكونا على السواء في الفضيلة، لكن ورد حديث إن صح عين الاحتمال الأول ، فقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر : أنبأنا أبو الحسن بن الفراء ، وأبوغالب وأبو عبد الله ابن ا البنا قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبوطاهر المخلص ، حدثنا أحمد بن سليمان ، ثنا الزبير هو ابن بكار ، ثنا محمد بن الحسن، عن عبد العزيز بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ، ثم فاطمة ، ثم خديجة ، ثم آسية امرأة فرعون
فإن كان هذا اللفظ محفوظا بثم التي للترتيب فهو مبين لأحد الاحتمالين اللذين دل عليهما الاستثناء ، ويقدم على ما تقدم من الألفاظ التي وردت بواو العطف التي لا تقتضي الترتيب ولا تنفيه . والله أعلم .
وقد روى هذا الحديث أبو حاتم الرازي عن داود الجعفري ، عنعبد العزيز بن محمد ، وهو الدراوردي ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباسمرفوعا ، فذكره بواو العطف لا بثم
(الجزء رقم : 2،الصفحةرقم: 473)
الترتيبية ، فخالفه إسنادا ومتنا فالله أعلم) انتهى كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
البداية والنهاية) 2\ 428- 430 (ط : دار هجر) ، 2\60- 61 (ط : المعارف- بيروت ، وط : دار الفلاح 2\65)
.
والخلاصة : أن مريم عليها السلام هي أفضل النساء مطلقا، فالآية على عمومها ، إلا في حق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيها الاحتمالان : إما أن تكون مريم أفضل ، وإما أن يكونا على السواء . والله الموفق .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء>المجموعة الثانية>المجلد الثاني(العقيدة)>الصحابة>مكانة مريم وفاطمة رضي الله عنهما
(الجزء رقم : 2،الصفحة رقم: 469)
السؤال الثاني من الفتوى رقم( 20530 )