منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى النقاش والحوار الهادف (https://www.profvb.com/vb/f65.html)
-   -   الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟ (https://www.profvb.com/vb/t179087.html)

صانعة النهضة 2017-11-07 18:19

الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟



https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...YFw4BLDCSQbZXw









هي الاخلاقُ تنبتُ كالنبات اذا سقيت بماء المكرماتِ
تقوم إذا تعهدها المُربي على ساق الفضيلة مُثمِرات



ولم أر للخلائق من محلِّ يُهذِّبها كحِضن الأمهات
فحضْن الأمّ مدرسة تسامتْ بتربية ِ البنين أو البنات



واخلاقُ الوليدِ تقاس حسناً باخلاق النساءِ الوالداتِ
فكيف نظنُّ بالأبناء خيراً اذا نشأوا بحضن الجاهلات







صانعة النهضة 2017-11-07 18:28

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
آل الأستاذ الكرام ...
هذا التردي الا خلاقي الدي ينحدر بالمجتمع اليوم وهذا السلوك المتدني الذي نلمسه في ناشئتنا وهذا التفكك الأسري والإجتماعي الذي نلمسه ،وهذا التراجع على مستوى تضامن أفراد الشعب الواحد ...صار ينبئ بالخطر

فبعد حادثة اغتصاب فتاة الحافلة وأمام مرآى أشباه'رجال' ...
وحوادث السلب وغصب الناس ممتلكاتهم في واضحة النهار

وأمام مراهقين وشباب يضرب أستاذهم ويهان ويسحل وهم يتفرجون بل ويستهزئون...


أفراد مجتمع لا خير فيهم ... لاينصرون ضعيفهم

ولايوقرون كبيرهم

ولايشدون أزر صغيرهم ومظلومهم.


- فما سبب هذا التردي؟؟؟
- أين التربية الصالحة ؟؟


أنتظر بصماتكم ...وآراءكم الوازنة

صانعة النهضة 2017-11-07 18:31

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 

صانعة النهضة 2017-11-07 18:32

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 

صانعة النهضة 2017-11-07 21:27

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
الظاهرأن للتنشئة الإجتماعية علاقة قوية في صناعة مشاعر الناشئة إذ كلما كانت الروابط الاجتماعية سليمة صارت مصدرا للسلام النفسي، والاستقرار الاجتماعي ، وكلما انحرفت -كما هو في واقعنا- تحول إلى بؤرة للشر والضرر.
لذا فإن الأب والأم مطالبان اليوم بالنهل من المعرفة خصوصا الدينية ، وممارسة المطالعة المستمرة، ودراسة الإنسان وطباعه، وهما مطالبان بقراءة تجارب الآخرين في التربية، واستشارة أطباء علم النفس، خاصة فيما يخص كيفية معالجة المشاكل التي تظهر على الطفل وهو صغير.
فلا تربية بلا علم

ولا مشاعر صحية دون تربية صحيحة، خصوصا وأن الطفل أغلى ما يملكه الأبوان لذلك وجب عليهما الإعتناء به العناية التامة، حتى لا يكون ضحية لجهلهما وعدم تحمل مسؤوليتهما وخيانة أمانتهما تجاه تربية أبنائهما كما هو الشأن اليوم.












صانعة النهضة 2017-11-07 21:34

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
إن انحراف المشاعر لا يقف عند مستوى واحد من الشرّ، بل إنّ أخطر نهايات هذا الانحراف هو: انتشار القابلية للإيذاء، -إيذاءالآخرين - حيث تصبح بواعث الشر والكراهية والحقد في الإنسان أقوى ما يحركه، وأشد ما يشغل باله، فالعنف والضرب والإعتداء والشتم والطعن والتجريح والقذف ظواهر صارت تسيطر على المشهد العام للمغاربة وكأن الشر كامن من النفوس، ويمكننا التأكد من ذلك من خلال التموقع في شبكات التواصل الاجتماعي؛ لنرى وندرك حجم البراءة والمثالية التي يُغلف الناس بها ذواتهم وتواجدهم، ثم ليرى بعد ذلك حجم خطاب الكراهية المتسع في صفحاتهم، وحجم البؤس الذي يميز مواقفهم في الواقع.
فلعل قابلية الكبار للإيذاء يصبح درسا يتعلمه الصغار بفعل الأسوة السيئة.

ألا تتفقون معي ؟





صانعة النهضة 2017-11-07 21:50

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 


عندما انشرت مظاهر الإضرار والإيذاء بين أفراد المجتمع بدأت العلاقات الاجتماعية تتحول إلى ما يشبه ساحة حرب حقيقية بين الناس صغارا وكبارا، نساء ورجالا، بل وحتى داخل مختلف المؤسسات والقطاعات، حيث يصبح الانتصار الشخصي محصورا في معنى واحد، هو: إلحاق أكبر ضرر معنوي أو جسدي أو مادي بالآخر، ما يجعل سُحُب الانتقام والثأر تمطر حقدا وكراهية، ليكون حصادها في الأخير تمزق النسيج الاجتماعي، وشيوع الطلاق، وتفشي ظاهرة الغدر في المعاملات، وانتشار الخيانة، وغلبة المادية والأنانية على مختلف التعاملات اليومية بين البشر.

حتى أننا نجد أغلب الأسر المغربية بأنانيتها تتجه جماعات وفرادى الى مسالك التعليم ليس من أجل طلب العلم وإنما من أجل الوظيفة لا غير، وتشجع أبناءها على النجاح ولو بالغش مشجعة ثقافة : الغاية تبررالوسيلة ،وتشجيع كل السلوكات السلبية التي تؤثر على الناشئة .



خادم المنتدى 2017-11-08 12:34

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
الأخلاق في الإسلام



د. بدر عبد الحميد هميسه

بسم الله الرحمن الرحيم

الخلق في اللغة : معناه الطبع والسجية والدين والمروءة كما في القاموس المحيط ,وهو في لسان العرب :الدين والطبع والسجية . وهو في اصطلاح الأخلاقيين (عادة الإرادة ) أو ميل من الميول يغلب علي الإنسان باستمرار حتى يصير لة عادة . وقيل الخلق هو : قوة راسخة في الإرادة تنزع إلي اختيار ما هو خير وصلاح. إن كان الخلق حميداً. أو إلي اختيار ما هو شر وفساد إن كان الخلق ذميماً.وأما الفضيلة فهي في اللغة بمعنى الفضل والزيادة , أو هي الدرجة الرفيعة في الفضل,وهي بالنسبة لدوافعها قسمان :
إنسانية : تقوم علي مشاعر إنسانية بحتة من رقة في الطبع , وشرف في النفس , ورغبة في البر ونفور من الشر .
ربانية : وهي التي تقوم علي مشاعر روحية يبتغي فيها رضاء الله تعالي , وحسن منوتبه تحقيقاً لقولة سبحانة : " فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) سورة الكهف .
والفضيلة الإسلامية تمتاز عن الفضائل الاخري بأنها : جماع الفضيلتين لأن المسلم يحب الخير للناس كل الناس , ويكره الشر لهم وهو يهتم بأمر إخوانه لأن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس فهم , وهو لا يؤذى غيره , لأن من أذى ذمياً فقد أذي رسول الله – صلي الله علية وسلم هذا هو الجانب الإنساني , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أبنَاءِ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالََ :ألاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا ، أو انْتَقَصَهُ ، أوْ كَلَّفهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، أوْ أخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة.أخرجه أبو داود (3052).
أما الجانب الرباني : فإن المسلم حين يقدم علي الخير للناس , أو يبتعد إيذائهم لا يطلب مقابل ذالك إحساناً أو ثمناً لإرضاء ربه سبحانه : " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) سورة الإنسان .

والأخلاق الإسلامية :هي اعتياد الاستجابة للفضائل الإسلامية في التعامل مع مخلوقات الله تعالي وقف المنهج الرباني ابتغاء مرضاة الله تعالي وتمتاز الأخلاق الإسلامية عن الوضعية بما يلي :

1- الأخلاق الإسلامية ثابتة لا تتغير الزمان أو المكان فبر الوالدين واجب أبدى ,والكرم خلق دائماً والصدق لا تغيره المفاهيم المادية السائدة في المجتمع .

2- الأخلاق الإسلامية محددة بضوابط الشريعة وليست متروكة لأهواء الناس الحسن في نظر المسلم هو ما حسنة الشرع والقبيح هو ما قبحه الشرع مصداقاً لقول النبي صلي الله علية وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به". ابن أبى عاصم (1/12 ، رقم 15) .

3- الأخلاق الإسلامية غيرية وليست أنانية فالإحسان ليس سلعة تجارية للتبادل , أساعدك علي أن تساعدني فإذا توقفت عن مساعدتك لي أحجمت عن مساعدتك , فأخلاق الإسلام تدفع المسلم لمساعدة المحتاج دون طلب منه ودون اشتراط مكافأة علي إحسانه , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ.أخرجه "أحمد" 2/252(7421) و"مسلم" 6952 .

4- الأخلاق الإسلامية طوعية يقبل المسلم علي التزامها عن طيب خاطر " وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ (165) سورة البقرة .

5- الأخلاق الإسلامية تشترط حسن النية لضمان الأجر فالله تعالي لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجه الكريم صدق رسول الله صلي الله علية وسلم إذ يقول " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى "أخرجه "أحمد"1/25(168) و"البُخَارِي"1/2(1) و"مسلم"6/48(4962).

وهذه الأخلاق حينما يتمسك بها المسلم فإنها تعود علية بكل خير ,فإن الرسالة الإسلامية جاءت من أجل إتمام مكارم الأخلاق , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ. وفي رواية الموطأ " مكارم الأخلاق 2/ 904 " . أخرجه أحمد 2/381(8939) و"البُخاري" في "الأدب المفرد" 273 .
والأخلاق في الإسلام يجملها عقل وعلم وحلم , قال الشاعر :


إِنَّ الْمَكَارِمَ أَخْلاقٌ مُطَهَّرةٌ * * * فَالدّينُ أَوَلُّها وَالعَقْلُ ثَانِيهَا
وَالْعِلْمُ ثَالِثُها وَالحِْلْمُ رَابِعُها * * * وَالْجُودُ خَامِسُها وَالْفَضْلُ سَادِيهَا
وَالْبِرُّ سَابِعُها وَالصَّبْرُ ثَامِنُها * * * وَالشُكرُ تاسِعُها وَاللَينُ بَاقِيهَا
وَالنَفسُ تَعلَم أَنّي لا أُصادِقُها * * * وَلَسْتُ أَرشُدُ إِلا حِيْنَ أَعْصِيهَا
وَالعَينُ تَعلَمُ مِن عَينَي مُحدِّثِها * * * إِن كَانَ مِنْ حِزْبِهَا أَوْ مَنْ يُعَادِيهَا

عَنْ عَائِشَةَ ، رَحِمَهَا اللَّهُ ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.أخرجه أحمد 6/64 .
ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي ".


خادم المنتدى 2017-11-08 12:42

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 

موضوع إنشاء عن الأخلاق


تعتبر الأخلاق والقيم الحميدة من الركائز الأساسية لبناء أساس الحضارات، وهي الوسيلة القائمة للمعاملة بين الناس والشعوب، حيث تُعبّر الأخلاق عن سلوك وتربية الإنسان والعادات الطيبة أو السيئة التي يتعامل بها مع الآخرين، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ليظهر لنا بأن الخُلق هو المعيار الأساسي في تقييم الإنسان اجتماعياً، كما وصف الله سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بقوله تعالى (وإنك لعلى خُلق عظيم) صدق الله العظيم، ويُعبّر عن تلك الأخلاق سلوك الإنسان اليومي، الذي يعكس مستوى أخلاق المرء، وأن مكارم الأخلاق عند الناس تكون بالمعاملة الحسنة، والإصلاح بين المتخاصمين والعفو والتسامح مع الآخرين، وصلة الرحم وحسن المعاشرة مع أهل البيت والجيران والأقارب، لتكون هنا أجمل الأخلاق الحميدة ومكارمها، التي ترفع من مكانة ومقام الإنسان في الدنيا بين الناس وفي الآخرة الأجر والثواب عند رب العالمين.
دعا الإسلام منذ بدء انطلاق الدعوة إلى الإسلام الحنيف إلى أهمية الأخلاق والتحلي بالصفات الحميدة، التي تمنح المسلم السلوك السوي والسليم، والتحلي بأخلاق الإسلام كالصدق والصبر والحلم والكرم والتصدق على الفقراء والتواضع، والتي تنعكس جميعها في حسن المعاملة مع الآخرين، وقد حثّت الديانات السابقة التي آتت قبل الإسلام وجميع الأنبياء والرسل على حسن الخلق والالتزام بالأخلاق الحميدة، وقد تطرق الشعراء على ذكر مكارم الأخلاق الحميدة، وبيان دورها الكبير وتأثيرها الإيجابي في حياة وسلوك الإنسان، وبيان السلوك الأخلاقي السيئ الذي يجعل الإنسان غير محبوب ومكروهاً ممن حوله ويتجنبون التعامل والتقرب منه لسوء أخلاقه ورداءة خلقه معهم.
كما وأمر الإسلام المسلم بالالتزام والتحلي بمكارم الأخلاق والتحلي بها، مثل خلق الكرم الذي حث الله عز وجل ورسوله على إكرام المحتاجين والفقراء، والابتعاد عن البخل تلك الصفة السيئة والذميمة التي ينهى الإسلام عنها، وصفة الصبر عند المصائب وحمد الله على البلاء، الذي يختبر الله بها مدى قدرتنا على الصبر على الشدائد، والتحلي بصفة القناعة بما قسم الله للإنسان، والتواضع وعدم التكبر في التعامل مع الآخرين، ومواظبة الحمد والشكر لله تعالى وللمحسنين على المعروف وحسن المعشر وحفظ اللسان عن الكلام البذيء والألفاظ الجارحة، والتعامل بمكرمة الإيثار التي تدفع الإنسان لتفضيل أخيه وصديقه على نفسه ومصلحته، والوفاء بالوعود وعدم الكذب وصنع الخير مع الناس.
هذه هي أخلاق الإنسان المسلم العظيمة، التي تكون من صنع الإنسان نفسه، فتبسمه في وجه المسيء له، تجعله يستحق أن يفخر بأخلاقه وتشعره بأنه محبوباً بين الناس، وتصل به نحو الرقي والتواضع في التعامل مع الأخرين، ويكسب رضا الله ورسوله وتجبر من حوله على تقديره واحترامه، فالخلق صفة جميلة ومقدسة يفتقدها الكثير من الناس، في التعامل بأخلاق الكلام الجميل وحلاوة الأسلوب بالرفق واللين بالعمل وفي مجالات الحياة المختلفة، فالخلق الطيّب يترك في النفس الرضا والمحبة، وبأن الحياة لا تخلو من أهل الخير والأخلاق الحميدة.



خادم المنتدى 2017-11-08 12:46

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
خُلْقٌ، خلُقٌ جمَعها أخلاق، وتعني في اللغة الطبائع والعادات والطبيعة، وكذلك الدين والمروّة (المروءة)، وعند الحكماء وعلماء الأخلاق فإن (الخلق) صفة ثابتة أو هي الحالة الراسخة في النفس والتي تشكل العامل الأساس للممارسات الحسنة والسيئة.
تلك الممارسات التي تصدر من الإنسان بعفوية وبسهولة وبدون تفكير مسبق أو تأمل وصعوبة حيث يطلق العلماء على هذه الصفات الراسخة والحالة القائمة (المَلَكة) وجمعها (الملكات)، ويعبّرون عن (الخُلق) بالملكة التي تصدر عنها الأفعال الخيرة والشريرة، وعندما يؤكد الحكماء في تعريف الخُلق على السهولة في التعبير بمعنى إلغاء العناء أو الصعوبة وعلى أنه يأتي بدون تأمل أو تفكير فمعنى ذلك أنهم يستثنون الصفات غير الراسخة والانفعالات الآنية عند الإنسان من تعريف (الخُلق) مثل غضب الإنسان الحليم فإنه ليس من الصفات الثابتة لديه، وثانياً فإن بعض السلوكيات والتصرفات التي تصدر من الإنسان بالضغط على نفسه وبصعوبة بالغة وبتفكير وتأمل مسبقين وإن كانت ثابتة لديه إلا أنها لا تصنف ضمن الأخلاق، ومثال ذلك عطاء البخلاء وعطاء الكرماء الذي يكون بقصد الشهرة أو كسب السمعة(2).
وفي هذا المجال سنتطرق إلى ثلاثة مواضيع هي:
(1) تكوّن الأخلاق، (2) أنواع الأخلاق، (3) ثبات وتغير الأخلاق.
تكوّن الأخلاق
يعلل الخواجة نصير الدين الطوسي عندما يعرّف الخلق على أنه: (الملكة النفسية التي تستوجب عفوية صدور الأفعال وبلا رجوع إلى الفكر أو التريث والتأمل) بأمرين أو عاملين هما الطبيعة والعادة.
أ) الطبيعة: وذلك لأن لكل إنسان مزاج وسريرة خاصة بطبيعة تركيبته النفسية؛ فبعضهم سريع الغضب، ولأتفه الأسباب نراه يخرج عن طوره، والآخر يتمتع بقدرة عالية على الصبر والتحمل، والبعض يندهش بسرعة ويستغرق بالضحك والبعض الآخر على العكس من ذلك تماماً، فهو لا يندهش ولا يثار ولا يتبسّم أبداً فضلاً عن أنه لا يضحك.
ب) العادة: وهي إن الإنسان يقوم ابتداءً بانتقاد العمل بعد التفكير والإمعان، ومن ثم يضغط على نفسه لإنجاز وتنفيذ ذلك العمل، وفي النهاية وتحت تأثير تكرار العمل والتمرن عليه، وبالتدريج سوف يأنس بذلك العمل ويصبح في النهاية إنجازه أو ممارسته سهلاً لا يحتاج فيه للرجوع إلى الفكر أو التأمل أو التعرض لضغوط نفسية.
هكذا يرى الخواجة نصير الدين الطوسي سبب تكون الأخلاق في المكونات الطبيعية للإنسان من جهة؛ ومن جهة أخرى يعزوها إلى التكرار والتمرن والتآلف مع الأعمال والسلوكيات حتى تصبح عنده ملكة خاصة تسمى عندئذٍ الأخلاق(3).
أنواع الأخلاق
تنقسم الأخلاق إلى أخلاق حسنة وأخلاق سيئة، وكذلك الأفعال التي يمكن تقسيمها إلى أفعال جيدة وأخرى رديئة، انطلاقاً من الأسس النفسية لهذه الأفعال أو السلوكيات وانطلاقاً من الصفات الثابتة للأخلاق التي تنقسم بدورها إلى الصفات الحسنة والقبيحة وبذلك تكون الممارسات إفرازاً طبيعياً للأخلاق، وكما يعبر عنها في علم الأخلاق بالفضائل والرذائل.
أ) الأخلاق الحسنة: هي الملكة النفسية الراسخة التي تصدر عنها السلوكيات الجيدة بسهولة ويسر، تلك السلوكيات المقبولة طبقاً لموازين العقل والدين، والتي تتطابق مع ما يسمى في علم الأخلاق بـ (الأخلاق الفاضلة)، التي تكون عادة إحدى مباحث علم الأخلاق، ويكون اكتسابها من الأهداف الغائية عند كل إنسان في سلم الصعود والسلوك الأخلاقي(4).
حُسنُ الخلق، الخلق الحسن: هو ما أكدت عليه كلمات الله عز وجل والنصوص النبوية وكذلك النصوص الواردة عن الأئمة الأطهار(ع):
أولاً: مُدح الرسول الأعظم (ص) في القرآن الكريم بسبب عظمة أخلاقه فقال تبارك وتعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) (5).
وأكدت الأحاديث النبوية المروية على حسن الخلق بصورة خاصة، فجاء في الأحاديث الشريفة عن الرسول(ص): (حسن الخلق نماء، لا حسب كحسن الخلق، إن أحسن الحسب الخلق الحسن، البر حسن الخلق، من سعادة المرء حسن الخلق).
وفي حديث آخر يوصي الرسول الأكرم (ص) المسلمين بالتخلق بأخلاق الله، فيقول: (تخلقوا بأخلاق الله، إن أكثر الناس يدخلون الجنة بتقوى الله وحسن الخلق).
ويصرح الرسول (ص) في حديث له بأن الدين هو الخلق الحسن وهو الهدف النهائي والغائي من بعثة الأنبياء حيث يقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (6).
وجاء في الأحاديث عن الإمام علي (ع) تأكيده الصريح والواضح على حسن الخلق في موارد كثيرة، من جملتها (حسن الخلق رأس كل بر، حسن الخلق أفضل الدين، لا قرين كحسن الخلق، أكرم الحسب الخلق الحسن) (7).
ب) الخلق السيء (القبيح): وهو أيضاً ملكة نفسية راسخة تصدر عنها السلوكيات والممارسات السيئة بسهولة ويسر وعفوية، وتلك الأفعال التي لا يرضى بها العقل ولا الشارع المقدس (الدين) والتي تعكس الصفات البذيئة والأخلاق الرذيلة عند الإنسان. تناول علم الأخلاق الرذائل الأخلاقية بالبحث والدراسة وكذلك الحال بالنسبة للفضائل الأخلاقية، ذلك لأن علم الأخلاق الذي يعبر عنه بأنه (طب الأرواح والنفوس) يجب أن يتناول الآلام من جهة، ومن جهة أخرى يصف لها العلاج الناجع؛ ومن هنا فإن الرذائل الأخلاقية هي الآلام والأوجاع وعلاجها يكمن في الفضائل.
لم نجد في القرآن الكريم آية تتناول الخلق السيء بصورة صريحة، ولكن الروايات والأحاديث النبوية قد تناولته بشكل صريح لا لبس فيه؛ فجاء عن الإمام الصادق (ع) قوله: (إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل) (8)ونقل عن الرسول الكريم (ص) قوله: (من ساء خلقه عذب نفسه).
وجاء في الكلمات القصار المنقولة عن الإمام علي (ع) أربع وعشرون كلمة تتناول سوء الخلق جاء في إحداها بأن: (كل داء يداوى إلا سوء الخلق) (9).
وهناك ما يشير في كلمته إلى أن سوء الخلق هو سبب التعاسة في الحياة حيث قال: (من ساء خلقه ضاق رزقه) و (سوء الخلق نكد العيش وعذاب النفس)، ويعلل الإمام كل ذلك بالجهل حيث يقول: (الخلق المذموم من ثمار الجهل) (10).
ثبات وتغير الأخلاق
إن أهم استفسار أو سؤال يطرح في علم الأخلاق هو كالتالي: هل أن الصفات الخلقية ثابتة عند الإنسان ولا يمكن تغييرها أم لا؟! وهل أن تغير الأخلاق يرتبط عضوياً بالتربية والتعليم؟!، يجيب الحكماء على هذه الأسئلة بأن الأخلاق منها ما هو فطري (ذاتي) أو طبيعي فلا يمكن تغييره، ومنها ما هو اكتسابي (غير طبيعي) بمعنى أنه لا يستند إلى طبيعة النفس التكوينية.
ولكن (الخواجة نصير الدين الطوسي) يرى الأخلاق من زاوية ثالثة يمكن أن نعبر عنها بأنها تركيب من الفطرية والاكتسابية.
أ) النظرية الفطرية (الطبيعية): طبقاً لهذه النظرية فإن للأخلاق منشأ فطرياً يكمن في طبيعة الإنسان الذاتية، فالصفات الحسنة والسيئة مودعة في ذات النفس الإنسانية ويولد الإنسان في هذا العالم وهو يحملها بين جنبيه، وكما يقول علماء التربية والتعليم فإن نفس الإنسان أو ذهنه هي (لوحة مكتوبة) لوحة قد ثبتت عليها الأخلاق الحميدة والمذمومة سلفاً؛ ولذلك وطبقاً لهذه النظرية، أي النظرية الفطرية الطبيعية، يمكننا أن نستنتج على سبيل القطع نتيجتين هما:
1- تباين وتعدد النفوس: ويعني أن النفوس تختلف باختلاف اتصافها بالصفات الجيدة الحميدة أو المذمومة السيئة أو أنها قد تحمل من هذه وتلك بنسب متفاوتة وفي النهاية فهي تختلف مع بعضها البعض وتتباين تبعاً لتلك النسب.
2- عدم تغير الأخلاق: ويعني ثبات الأخلاق لأنها تنبع من الذات والفطرة للإنسان وبما أن الذات لا يمكن أن يطرأ عليها التغيير فكذلك ما ينتج عنها من أخلاق ذاتية لا يمكن تبديله(11).
أما الخواجة نصير الدين الطوسي فإنه يشرح النظرية الفطرية (الطبيعية) هكذا: (ذهب قوم إلى أن كل الأخلاق طبيعية ذاتية والتحول عنها مستحيل) (12).
ب) النظرية الفطرية - الاكتسابية: كما قلنا سابقاً فإن الخواجة نصير الدين الطوسي ذهب إلى نظرية ثالثة لا تدين بالنظرية الفطرية أو النظرية الاكتسابية بل تطرح مفهوماً آخر يمكن التعبير عنه بالنظرية الفطرية - الاكتسابية، ولكن يجب أن نصنف هذه النظرية ضمن النظرية القائلة بأصالة الأخلاق الفطرية أو إنها قريبة جداً منها، وذلك لسببين:
أولاً: لأن الأخلاق الاكتسابية وطبقاً لهذه النظرية تترسخ بالتدريج في النفس الإنسانية لتأخذ صفة الثبات الأخلاقي.
ثانياً: لأن أصحاب هذه النظرية لا يرون في الأخلاق الاكتسابية وتغيرها لدى الإنسان نفس القوة والأولوية التي ينسبونها للأخلاق النابعة من الفطرة والطبيعة الذاتية؛ فهم يعطون لهذا العامل الحظ الأوفر في تكون الأخلاق؛ ولذا انقسم أصحاب هذه النظرية إلى قسمين تبعاً للمقولة القائلة بأصالة صفة الخير أو الشر في الطبيعة البشرية.
الفريق الأول وهم الذين يذهبون إلى أصالة قوى الخير في الفطرة الإنسانية ويقولون بأن سريرة الإنسان مفطورة على الخير، وكما يعبر الخواجة: (فطر الله الناس جميعاً على طبيعة الخير)، ولكن في خضم الحياة ونتيجة لمخالطة الأشرار يترسخ الشر بصورة تدريجية داخل النفوس ليحول الإنسان في النهاية إلى إنسان شرير. ينسب الخواجة هذه النظرية إلى الحكماء الرواقيين.
الفريق الثاني الذي ذهب إلى الفطرة الشريرة وأصالتها؛ فهو يعتقد بأن سريرة الإنسان فطرت على الشر و السوء؛ ولذلك فهم يقسمون الناس - طبقاً إلى ما ذهبوا إليه - إلى قسمين: قسمٌ يمكن تربيته وتهذيبه وقسم يستحيل عليه ذلك؛ فالذين لا يمكن تهذيبهم هم الذين هبطت نفوسهم إلى قعر الرذيلة ومنتهاها؛ ولذلك لا يمكن بأي شكل من الأشكال إنقاذهم منها. وأما الذين يمكن تهذيب أخلاقهم فهم أولئك الذين يخالطون أو يجالسون الطيبين والخيرين منذ بدء نشأتهم وتحديد معالم شخصيتهم، وإذا فقدوا هذه الفرصة في الحياة فإنهم سيبقون على شرهم الفطري وسوف لن تتغير أخلاقهم السيئة(13).
وبذلك وكما قلنا سابقاً فإن دور عامل (اكتساب الأخلاق) وعامل (تغيير الأخلاق) لا يصلان في تأثيرهما إلى درجة تأثير العامل الفطري؛ ولهذا السبب سيكون من الطبيعي تصنيف هذه النظرية ضمن النظرية الفطرية الطبيعية.
ب) النظرية الاكتسابية (غير الفطرية): طبقاً لهذه النظرية (فإن النفس البشرية لوح خال من كل شيء وكل ما يسطر عليها تكتبه التجربة)، لذا فإن الإنسان على هذا الأساس لا يأتي إلى هذه الدنيا بأخلاق حسنة أو قبيحة ولكنه سيكتسب هذه الأخلاق من خلال تجاربه الحياتية وفي فترة من التربية والتعليم التي يجتازها. تعطينا هذه النظرية كسابقتها نتيجتين تقابلان النتائج الحاصلة من النظرية السالفة الذكر وهي:
1- وحدة النفوس: أي إن النفوس البشرية ليست متباينة ولا متفاوتة في خلقتها الأولى بل كلها متساوية وتعتريها التفاوتات والاختلافات نتيجة التجربة والتربية والتعليم.
2- إمكان تغيير الأخلاق: وبما أن الأخلاق الفاضلة والسيئة لها منشأ واحد وهو التجربة والتربية والتعليم فإنها قابلة للإنشاء والتكوين وكذلك للتغيير والتبديل، أي إن أخلاق الإنسان تتغير بمرور الزمن واختلاف التجارب والتربية والتعليم؛ فيمكن أن تحل الأخلاق الفاضلة محل السيئة وبالعكس، وذلك لكونها وطبقاً لهذه النظرية مكتسبة في الأصل، كما يعبر عن ذلك الشاعر حافظ الشيرازي (ديوان: طبعة قزوين، الغزل- 379).
في حديقة المجتمع لا توجد زهرة بـــرية
وكل زهرة تنمو كما تربيها وتباريها
لا تلومن زهرة برية في حديقة وجودي
فإن الزهور تنمو كما تربيها
فإذا كانت النتيجة الحتمية للنظرية الفطرية هي الإيمان بالجبر فإن النتيجة المنطقية للنظرية الاكتسابية ستكون الاختيار والتفويض لا محالة؛ لأنه في ظل الإيمان بنظرية الاختيار يمكن أن نبني نظرية تغيير الأخلاق تحت تأثير التربية والتعليم(14).
وبالرغم من أن الخواجة نصير لا يتحدث عن نظرية الاكتساب بصورة صريحة ضمن تقسيم أنواع النظريات ولكن كلامه في باب (الخلق غير الطبيعي) يتطابق مع ما تذهب إليه النظرية الاكتسابية(15). يقول الخواجة: (اختلف القدماء حول هل أن الأخلاق عند الإنسان طبيعية، بمعنى أنها لا تزول وملتصقة به كما الحرارة للنار، أم غير طبيعية). ومن الطبيعي فإن في مقابل (الأخلاق الطبيعية الممتنعة عن الزوال) تستقر (الأخلاق غير الطبيعية الممكنة الزوال).
ويطرح الشاعر سعدي الشيرازي أستاذ الحكمة والتربية في كتابه (كلستان) (16) النظرية الفطرية والاكتسابية للأخلاق في حكاية (جماعة اللصوص العرب) الذين (تمترسوا على جبل وقطعوا الطريق على القافلة)، في هذه الحكاية يلعب الملك دور المؤمن بنظرية فطرية الأخلاق وطبيعيتها ويذهب كما الخواجة نصير إلى أن : (كل الصفات الأخلاقية ذاتية وطبيعية ولا يمكن الخلاص منها)، وكما عبر عنها سعدي:
لا يتأثر من ذاته خبيثة بما يفيض عليه الطيبون (لا يؤثر شعاع الخيرين على من ذاته خبيثة) لأن تربية غير المؤهلين كوضع جوزة على قبة ولأن تربية السيئين كوضع جوزة على قبة أيضاً؛ ولهذا السبب وبعد وقوع اللصوص في يد الحراس سيقتلونهم جميعاً حتى الصبيان اللذين لم يتذوقوا فاكهة الحياة).
وفي حضرة الملك كان الوزير ممثلاً لنظرية الأخلاق الاكتسابية وضمن دفاعه عن الصبي ومطالبته بإطلاق سراحه قال: (لا يزال طفلاً وأخلاق البغي والعناد لم تتأصل به؛ ولذا نأمل أن يلتحق بالعلماء ويتربى بينهم ويتعلم الصلاح منهم) وتحدث الوزير عن الحديث النبوي حول الفطرة والفطرة الطاهرة (التوحيد الفطري)، للشاب وعن تحول أي فرد إلى السوء والخير، كما عبر عنه حديث التهود والتنصر والتمجس كنتاج للتربية (كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).
وهكذا ينهي سعدي حكايته عن تمرد الشاب الذي تربى تربية سيئة بقوله: إن الذئب لا يلد إلا ذئباً.. لكن في الواقع كان هدفه من هذا السرد هو طرح النظريتين معاً وليس تأييد أي منهما.
الخواجة نصير الدين الطوسي يصف النظرية الاكتسابية فيقول: (إن جماعة يقولون إن أي سلوك هو ليس طبيعياً أو مضاداً للطبيعة) لكن الناس فطروا على أن يكتسبوا أي خلق يريدون اكتسابه سواء بصعوبة أو بسهولة، تبعاً لطبيعة ومزاج المكتسب؛ فما كان موافقاً لهذه الطبيعة فإنه يكتسب بسهولة، ولما كان ضد المزاج فإنه يكتسب بصعوبة، وإن أي خلق يكون في البداية عبارة عن إرادة، ويتحول إلى خلق بالممارسة والدوام، وهذا هو الرأي الصواب في المسألة، وكل ما يشاهده الصبيان والشباب فإنهم يتلقونه، فيترسخ في النهاية في طباعهم (17) وعلى هذا الأساس فإن الخواجة يذهب إلى النظرية الاكتسابية بالنسبة للشباب، وبعبارة أخرى فإنه يتحدث عن (ذهن الإنسان الذي لم يكتب فيه) ولكنه مهيأ لأن يستقبل ويتأثر بالأخلاق والطباع فيكون في النهاية تبعاً لما يمليه الكاتب أو الموجه.

خادم المنتدى 2017-11-08 12:51

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
علوية الأخلاق الحميدة في القانون والمجتمع

الأخلاق الحميدة أساسية لصحة الجسم الإجتماعي، وهي قيم ثابتة في روحها ومثل عليا في أهدافها وغاياتها لأنها صالحة للإنسان في كل زمان ومكان بصرف النظر عن جنسه ونوعه ومكانه وزمانه. وهي وإن كان مصدرها الوحي في الإسلام، فهي لا تتعارض مع العقل البشري وما يتفق عليه الناس في مجتمعهم وعرفهم
http://nawaat.org/portail/wp-content.../07/moeurs.jpg


1 ـ ماهية الأخلاق الحميدة :
الأخلاق الحميدة أساسية لصحة الجسم الإجتماعي، وهي قيم ثابتة في روحها ومثل عليا في أهدافها وغاياتها لأنها صالحة للإنسان في كل زمان ومكان بصرف النظر عن جنسه ونوعه ومكانه وزمانه. وهي وإن كان مصدرها الوحي في الإسلام، فهي لا تتعارض مع العقل البشري وما يتفق عليه الناس في مجتمعهم وعرفهم، لذلك فهي غير متغيرة في لبها وروحها من ناحية، لكنها دوما متأقلمة مع المجتمع، متطورة مع مقتضيات العصر ومستجدات الطبيعة البشرية، من ناحية أخرى.
والأخلاق هي عنوان الشعوب، وقد حثت عليها جميع الأديان، ونادى بها المصلحون، إذ هي أساس الحضارة. وفي ذلك يقول أحمد شوقي :
وإِنَّمَـا الأُمَـمُ الأَخْـلاقُ مَا بَقِيَـتْ فَـإِنْ هُمُ ذَهَبَـتْ أَخْـلاقُهُمْ ذَهَبُـوا
ولعل أول الأخلاق الحميدة هي تزكية النفس عن التكبر والاعتداد بالذات كأن نعتبر أنفسنا أعلى وأكبر من غيرنا. فهذا لا يكون من الصحة بمكان إلا إذا كنا من الأتقياء؛ ولا شك أن التقوى هي أولا وقبل كل شيء احترام الآخر، حتى وإن كان كافرا في عرفنا، مع العمل بمكارم الأخلاق حتى نكون له القدوة المثلى؛ ولا يكون ذلك إلا في جو من الحرية التام بدون تحريم تصرف أو تجريم رأي هما من باب الحريات العامة التي يؤمن به كل هذا العالم المتطور الذي يحيط بنا.
2 ـ صفة الأخلاق الحميدة الإسلامية :
لا مراء في أن تعالي الإسلام في مبادئه وتساميه في مقاصده يجعلانه لا محالة فوق كل شيء، لكون محط تعاليمه القلوب السليمة. أما التي فيها مرض، فهي لا تضيره في شيء، بل تظلم ذاتها حتى ينتهي بها الحال إلى الرجوع للحق من تلقاء نفسها، إذ الحق يعلو أبدا ولا يُعلى عليه حتى وإن طال الزمن، وذلك عندما تميل الأمور بالناس إلى الزور امتحانا من الله للمؤمنين صدق نواياهم وطيبة أخلاقهم. وفي امتحان الله لخلقه يُكرم المؤمن ويُهان المرائي والمنافق!
وكما سبق أن قلنا، إن مثل هذا التعالي ليس ازدراء للآخر المختلف أو للمذاهب والملل غير الإسلامية، إذ الإسلام أولا وقبل كل شيء أخلاق عليا وصفات حميدة، فبقدر ما هو يؤمن بعلو منظومته الأخلاقية بقدر ما يقدر أحقية الغير في الانتماء إلى أخلاقية أخرى؛ بل هو لا يرفض ما صلح منها إذا أثبتت فضلها على الذات البشرية التي هي مقدسة في ديننا، إذ الأخلاق الحميدة في الإسلام هي أخلاق كونية تراعي الذات البشرية جمعاء.
فالأخلاق الإسلامية هي الأخلاق والآداب التي جاء بها القرآن ودعمتها السنة النبوية، وقد عرفها الشيخ محمد الغزالي بأنها
«مجموعة من العادات والتقاليد تحيا بها الأمم كما يحيا الجسم بأجهزته وغدده».
والإسلام دين صالح لكل الأزمان؛ وهذا لا يكون إلا بنص جاء في بلاغته ثائرا على وضع شائن، وهو في نفس الوقت متأقلم مع المحيط البشري الذي دعاه للتسليم لله. فهو يبقى أزليا ببقائه متأقلما مع الأوضاع الراهنة للبشرية بالتفعيل الدائم لروح الله التي تتجلى من خلال كلامه.
فالإسلام بيّن مثلا في زمن انعدمت فيه الحريات أن من الأخلاق الحميدة إعتاق رقبة الرقيق وقد كانت العبودية هي القاعدة في العالم، وقطع يد السارق عندما كان يُقتل في سائر البلاد، وتصريف حظ وحيد للمرأة في الميراث وهو قطعا أقل بكثير من حظي الرجل ولكنه كثير في عهد لم يكن للمرأة من الميراث أي حق. وليس من الضروري أن نعدد هنا الأمثلة التي تبين أن الأخلاق الحميدة كانت في الإسلام ثورية لأنها جاءت لتجعل من المجتمع الإسلامي مجتمعا متطورا سابقا لزمانه.
واليوم، لا يمكن للأخلاق الحميدة الإسلامية أن تحافظ على ثوريتها هذه إلا بالبقاء في أعلى المنظومة الأخلاقية العالمية. وبما أن الأخلاق في عالمنا اليوم تقتضي التمسك بمباديء الديمقراطية، وأن هذه تعني الالتزام بالمعايير الدُولية، فلا مناص من الأخذ بها حتى يبقى الإسلام ثورة عالمية وتبقى الأخلاق الحميدة به تلك المنارة الأخلاقية التي تستهوي كل بني آدم فتعمل على أسلمتهم بالجنوح إلى كل ما فيه من سماحة وعلو. أفليس الإسلام خاتم الأديان؟ أليست تعاليمه كونية وعلمية؟ فلا مناص إذن أن يكون مفهومنا للأخلاق الحميدة التي نستوحيها منه في علو كعبه وسمو قدره!
3 ـ العلوية النظرية للأخلاق الحميدة في الإسلام :
إن المسلم اليوم ينسى أو يتناسى أن الذات البشرية لتطغى أحيانا فتطلب دوما المزيد من كل شيء حتى وإن كان في ذلك التشويه الفاحش الفظيع لما جماله يكمن في الأفئدة، لا تلحقه معرة لقوة الإيمان به ورباطة الجأش في التمسك به، فلا تزعزعهما أعمال الشياطين من بني آدم، وقد يسلطها الله من حين لآخر لامتحان صدق نوايا المخلصين من عباده، غير المرائين ولا المخادعبن.
والزمن لا تنعدم حقبة منه من مثل هؤلاء؛ بل إن في وجودهم ما يقوي الدين ويزيد من محبة الناس له، فتؤلف قلوبهم سماحته والحريات التي يضمنها للمسلمين، فيأتون إليه بكل حب طواعية.
إن أمثال هؤلاء المسلمين ليتعلقون بأخلاق حميدة هي مجرد نظرية، بل هي كالأصنام المعنوية عندهم، إذ يتعاملون معها كما كان يتعامل الكافر مع أصنامه، فلا يعيرون أهمية للمثال الذي يقدمونه في احترام هذه المباديء بقدر المجهود الذي يأتونه للذب عنها وعما في رأيهم يمس بقداستها.
ذلك أن الإسلام لا يخاف على نبل مبادئه وقدرتها على فرض نفسها بنفسها من باب تعلق المؤمن الحق بالأخلاق الحميدة وتفعيلها بتصرف فعلي لا مجرد احترام نظري. لذا، فبما أن أخلاقه الحميدة هي في قلب المؤمن الحق، فالإسلام لا يُضطر إلى فرضها بشوكة القانون على الناس وإن أمكنه ذلك؛ كما أنه لا يخاف أن تنهار دعائمه المتينة لمجرد تصرف أحمق أو عمل أخرق، فيجرّم مثل تلك الأعمال التي تبقي إما صبيانية وإما هلوسة. فخلافا لما رأيناه عند بني إسرائيل من يهود ونصارى، لا ينزل الإسلام أبدا من عليائه إلى المستوى الدني لمن حاول المساس بقداسته، وهو في ذلك لا يدنس إلا نفسه.
هكذا كان السلف الصالح يرى دينه، فلا يسرف فيه ولا يغلو عملا وقولا، فإذا امتحنه الله بوقوعه مثلا بين قوم جاهلين، صبر واصطبر ، وغض النظر عن الفسق حتى وإن أمكنه اللجوء للقوة لفرض الحق، لأن الحق يفرض نفسه في الإسلام. لذا نراه يعمل ويجتهد حتى يعطي المثل على الأخلاق الحميدة، فيكون ذلك منه حقيقة الجهاد الأكبر في سبيل الدين الإسلامي السمح.
لننصت مثلا إلى ما يقول الامام الشافعي في سفهاء قومه:
يخاطبني السفيه بكل حمق فاكره ان اكون له مجيبا
يزيد سفاهة فازيد حلما كعود زاده الاحراق طيبا

ولنصغ إلى عالم اللغة أبي عمرو بن العلاء وهو يحدد نوعية الأخلاق الحميدة الحقة التي تزين كل مسلم عرف حقا قدر دينه :
شاتمني عبد بني مسمع فصنت عنه النفس والعرضا
ولم أجبه لاحتقاري له ومن يعض الكلب إن عضا؟

ولقد رأينا السلفية الحقة من أهل الأثر قد اتبعت الكتاب وسنة الرسول وأقوال الصحابة بذكاء وفطنة لا بجهالة؛ فلم تقتف الآثار كآثار، كأصنام وأنصاب لا تُمس ولا تُغيّر، بل اتبعتها كتشخيص لفكر وعلو مقاصد. لذا قبلت، إذا تغيرت الظروف واقتضت تعديل الأثر للحفاظ على روحه السنية، أن يكون ذلك جائزا حتى لا يصبح الأثر صنما لا نورا يُهتدى به.
لقد قيل، وصدق القول، أنه لا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها؛ ولا شك أن الذي أصلح أولها هو مباديء إسلامية كانت ثورية، متقدمة على زمانها، فأخرجت العالم من الجهالة إلى النور. ولم يكن الإصلاح الذي جاء به الإسلام إلا بالثورة على الجمود وجحود آلاء الله في نعمته على عباده بالعقل لأجل الاستنارة به في شؤون هذه الحياة الدنيا على هدي روح الدين ومقاصده لا على التقيد بنصوص أرادها الله فضلى لكونها تقدمية على الدوام، متدرجة في البيان وفي الأخذ بعلوم الآن.
والنور يتنوع حسب الزمان والمكان، أما الصنم فلا! خذ على ذلك مثلا في ابتداع السلف تحريم العبودية ولم ينص عليها الأثر؟ أفكان ذلك من باب البدعة أم التمسك بسنة الرسول الكريم في روحها؟ ذلك هو احترام روح الأثر لا الأثر نفسه؛ وذلك هو حقا التمسك بسنة السلف الصالح والتزام طريقه!
4 ـ العلوية الفعلية للأخلاق الحميدة في الإسلام :
فالإسلام لعلو كعبه ونبل رسالته لا يسطر أي خط أحمر لاحترام الناس له، لأنه لا يكتفي بعلوية أحكامه نظريا كما جرى العمل به في الأديان الأخرى؛ ، بل هو يرى، وحق له ذلك، أن علوية الأخلاق الصحيحة هي في قلوب المؤمنين. فواجب الإحترام لدين مثله، كوني وعلمي التعاليم، لهو واجب يفرضه العقل والتصرف الرصين لا يتأتى فحسب من أمر الحاكم أو بأي سلطة قهرية أخرى؛ إذ الإسلام يضمن الحرية كاملة للإنسان بما أنه لا يدين بالعبودية إلا لله، والحرية التامة كما أرادها ديننا في جميع الميادين هي التي ترفع من قدر الإنسان الحامل للأمانة الإلاهية.
فمن مكارم الأخلاق الصدق والأمانة والحلم والأناة والشجاعة والمروءة والمودة والصبر والإحسان والتروي والاعتدال والكرم والإيثار والرفق والعدل والحياء والشكر وحفظ اللسان والعفة والوفاء والشورى والتواضع والعزة والستر والعفو والتعاون والرحمة والبر والقناعة والرضى. فهل يقع التنصيص عليها كلها بالقانون؟ أليست هي قائمة الذات بدون تنصيص لأنها في الطبيعة البشرية؟
لذا، فإن أعظم الأخلاق الحميدة وأعلاها قدرا ليست تلك التي تقرها الدساتير والقوانين بصفة شكلية فلا تعبأ بها البشرية، بل هي تلك التي تجد في نفوس الناس الصدي والقبول الحسن بالعمل على الأخذ بها واحترامها بحذافيرها في حياتها اليومية. فمصدر الإلزام في الأخلاق الإسلامية هو شعور الإنسان بأن الله يراقبه، وحتى إن لم يكن هو يراه، فخالقه دوما يراه. فلا شك أن الأخلاق إذا كان مصدرها أولا الضمير أو الإحساس بالواجب قبل أن يكون ذلك بالقونين الملزمة لهي بحق مسلمة، مجتهدة في الأخذ بمبادئه.
والإسلام نادى بمثل هذا الجهاد الذي يجعل تعاليمه تأخذ بمجامع القلوب أخذا فترى الناس من جراء ذلك تأتي إليه زرافات ووحدانا من كل حدب وصوب بطواعية دون عنف أو إكراه، في محيط كله حرية، لأن تمام الحرية من تمام الأخلاق، وكمال الأخلاق في حرية التصرف؛ فلا أخلاق حميدة ولا تصرفات صادقة إذا كان الخوف مصدرها والسيف حارسها، لا الوازع الأخلاقي فحسب، ولا شيء آخر!

هذ، ولم يكن المسلم الحق يزدري ما حسن عند قوم من غير ملته، فينتقي منها الأحسن يضيفه إلى مكارم أخلاقه فتكون صالحة لكل زمان ومكان لتطورها الدائم وشديد تعلقها بالواقع المعاش.
ذلك أن الله يهدي من يشاء؛ ثم لأنه من سماحة الإسلام وتأسيسه للحرية الإنسانية أن لا مفر لغير المسلم أن يصبح مسلما طال الزمن أو قصر، ولكن ليس ذلك عسفا وقهرا بل بمحض اختياره وتمام حريته حبا وتقديرا لدين يحمي كامل الحريات الذاتية للإنسان ببقائه المثل الأعلى لكل الأديان وتكريسه لأعلى وأفضل منظومة أخلاقية أخذ بها كل من تحضر من بني آدم.
أما إذا غيرنا ما يميز هذا الدين وتأسينا بما كان من هوج في الدين اليهودي وهلوسة من الدين المسيحي فحاولنا، تماما مثل ما كان يفعل الرهبان والقساوسة، فرض تعاليم الإسلام على الناس بقوة، فضيقنا من حرية المعتقد والرأي والإبداع وقيدنا النفاذ إلى المعلومات في عالم المعلومة الحرة ومنعنا من الحرية الشخصية لارتياد المواقع الإفتراضية وقبضنا أوراح البشر دون الله الذي له وحده هذه القدرة لقداسة الروح البشرية، لعملنا ولا شك على انفضاض الناس عن ديننا آجلا إن لم يكن عاجلا عوض التشجيع للدخول فيه، وقد كان ولا يزال عزيزا بالتوافد المستمر عليه من المهتدين للحنيفية المسلمة.
ولا شك أن لنا في كل هذا من الرسول الأكرم أعلى المثل وأفضل القدوة. فليكن عملنا في تكريس علوية الأخلاق الحميدة الإسلامية في القانون وفي المجتمع بأن نكرس أفضلها عالميا لأن أخلاقية الإسلام وتعاليمه كونية لا محالة.
فالإسلام، لما جاء بإحكام مثل قطع اليد، كان في مقصده رحيما بالسارق الذي كان يقتل في ذلك العهد؛ لذا، فقد جاء قطع اليد رحمة من الله بالسارق لا نكالا به كما نعتقد، وإلا كيف يهدي الله الكافر إذا آيس هذا الأخير من رحمته وغفرانه بسد باب التوبة في وجهه؟
أما اليوم، وقد تطور العالم وأصبح السارق لا يُقتل ولا يُعذب، بل يسجن، يكون من ابتغاء الدين عوجا أن نفرغه من لبه، وهو الرحمة العارمة، بالتمسك بحكم أصبح مخالفا لروح النص. أفتكون المسيحية اليوم مثلا أرحم من الإسلام وأرقا قلبا في مثل هذا الموضوع وفي غيره؟
لذا فالمسلم الذي يتجاهل ذلك لفي غي، لا هم له إلا تتبع غي غيره؛ ولعل في ذلك منه مراوغة حتى لا يُحاسب نفسه على هناتها بالانشغال بمحاسبة هناة غيره، ولربما يداري كفره بكفر غيره ! فلردع الكافر اللهُ، وكفى بالله ناصرا لدينه السني؛ أما نفس المؤمن، فالله يوكلها لضمير هذا المؤمن حتى يبرهن بحق عن إيمانه. والله إن لم يغفر تصرفات كافرة ممن كفر بجهله وكفره، هل يغفر تصرفات كافرة ممن كفر بعلمه وبإسلامه؟
إن مثل هذه الأخلاق والآداب لهي من الأهمية بمكان؛ فالرسول الكريم جاء ليتمم مكارم الأخلاق لمكانها الحقيقي في نفوس الناس أجمعين، إذ غاية الإسلام أن تتعامل البشرية جمعاء بقانون حسن الخلق الذي ليس فوقه قانون. لذلك، فالتحلي بالأخلاق الحميدة والابتعاد عن الأفعال الرذيلة مدارها أولا وقل كل شيء النفس الانسانية التي لا يسهر على كبح جماحها إلا صاحبها بوازعه الأخلاقي.
5 ـ الأخلاق الحميدة والنظام العام الإسلامي :
إن البعض ممن يجهل حقا ما لدينه من قدسية لما فيه من تسامح كبير ودعم أكبر للحريات العامة ليحاول تزويق هذا الجمال بالإفراط في حمايته وهو في الحقيقة يشينه.
إنهم في ذلك كالأم الحنون التي تبتغي ولا شك حماية طفلها فتبالغ إلى حد خنق نموه الطبيعي، فتحرمه من نشأة سليمة تجعل منه ذلك القاصر الذي لا قدرة له ولا قوة لأجل ما بالغت فيه من الإحاطة والرعاية التي كان منها الغلو والشطط. ومن الحب الجارف ما يشين وما يقتل!
فنحن إذا نظرنا إلى الأخلاق الحميدة من زاوية ضيقة وأخضعناها إلى تعاريف معينة ورثناها من تلك الفترة التي كانت فيها تلك الأخلاق ثورية قبل أن يولي ذلك الزمن لحكمة الله وسنته التي تقتضي التطور المستديم، فنحن نفرغها من روحها النيرة فلا نحتفظ منها إلا بهيأة لا روح فيها، كمن تمسك لشدة حزنه على فراق حبيب له بجثته الهامدة بعد موته ورفض مواراتها التراب؛ أو نحن نتصرف كتلك الأم التي من فرط حبها لصغيرها تجني عليه و تقضي على حياته دون أن تشعر. لقد كان الإسلام من الحرية بمكان في زمن أظلمت الدنيا فيه في سائر بلدان العالم، فما كانت في البلاد الإسلامية محاكم تفتيش ولا قوانين كنسية لتكبيل المسلمين في حرياتهم، مما جعل ديننا ينمو وينتشر بأخذه أولا وقبل كل شيء بمجامع القلوب مما انعدم في الأديان الأخرى فهرب الناس منها لقسوتها ورعونة أحكامها وتسلط الحكام عليها باسم الدين يكبل به الحريات.
ليس دين الله الحق في التأكيد على أحكامه بنص قانوني كأي حكم بشري، إذ ذلك من محض الشكليات، فنجده في النصوص ولا نجد له أثرا في واقع المجتمع. إنما الإسلام أولا وقبل كل شيء في تعلق المؤمنين به بكامل جوارحهم عن طواعية وتعلق بسماحته، لا غير.
لذا رأينا هؤلاء الذين أحزنهم هذا النمو المطرد للإسلام بين الناس لأجل مثل هذه السماحة وذاك الاعتدال في كل شيء ينوون له الشر بلا هوادة ويعملون على أن ينقلوه من دين التسامح إلى دين المغالات والتعالي، فيدعون إلى أن يتصرف كغيره من الأديان، يفرض أحكامه بحد القانون ويتتبع كل من خالف تعاليمه، فيقض مضاجع الناس بعد أن كانوا آمنين على أنفسهم في ربوع هذا الإسلام الذي هو أولا وقل كل شيء الأمن التام والسلام العام للمؤمن ولغيره.
إن علوية الأخلاق الحميدة التي يكرسها الإسلام لهي عالقة أبد الدهر بالقلوب قبل أن تكون بالقانون. ولعل المبدأ الثابت في ديننا أن كل مسلم راع وكل مسلم مسؤول عن رعيته يؤكد هذا التوجه، بمعنى أن الرعاية لحقوق الله هي مسألة الجميع، فلا تُفرض قسرا، إذ هي تنبع أساسا من مكنون صدور المسلمين فليست هي إلا بتعاطي المثل الأفضل والدعوي للحسنى بالتي هي أفضل مع نبذ العنف وكل مظاهر الخوف من تتبعات زجرية لما فيها من إنقاص لحرية الإنسان في اختيار الأفضل. وذلك أس من أسس الإسلام الحق كما جاء به سيد الآنام.
إن الحرية في النظام العام الإسلامي هي حرية مسوؤلة، ولا تكون كذلك إذا انعدمت إمكانية تعاطيها دون خوف أو وجل من تتبعات عدلية لادعاء اعتداء على المقدسات أو مس بمحرمات. فلم يستعبد الإسلام الناس لرأي مخالف أو مذهب جديد وقد أرادهم الله أحرارا لا عبودية لهم إلا لربهم ولا سلطة لأحد عليهم في ما يخص دينهم إلا له، هو ربهم الأوحد!
6 ـ الأخلاق الحميدة الإسلامية والنظام العام :
فإذا كانت هذه خصائص النظام العام الإسلامي، فما تكون خصائص الأخلاق الحميدة الإسلامية في النظام العام؟
كما سبق أن قلنا، إن الأخلاق الإسلامية صالحة لكل إنسان في كل زمان ومكان، وهي كذلك من زاوية النظام العام. لأنها، ولا شك، ذلك التوازن المنشود بين مطالب الروح والجسد، إذ لا رهبنة في الإسلام ولا غلو في التدين.
فالمسلم الحق هو الذي يستنبط دوما الطريق السوي لأنه وسط بين من يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا، كما نرى ذلك في المجتمعات التي ذهبت أخلاقها، ومن يعمل لآخرته كأن يموت غدا، كما نراه عند المتبتلين من النساك والزهاد.
فلا تمانع أن الإسلام لا يعارض حاجات الجسد من شهوات ورغبات، وكيف له أن يفعل ذلك وقد وضعها الله فيه؟ كل ما في الأمر أن الإسلام يحددها بإطار شرعي هو من الذكاء بمكان، إذ هو يتأقلم مع الوضع الراهن من زاوية نصه وفي الوقت نفسه يتماهى تمام التماهي مع مستجدات العصر من ناحية روحه. وتلك ولا شك أزليته.
إن الأخلاق الحميدة اليوم هي ما نحمده عند عموم الإنسانية المتحضرة؛ بما أن الإسلام كان ولا يزال دينا حضاريا متساميا في مبادئه متناغما مع مستجدات عصره، لكونه في نفس الوقت دنيا. وبذلك فإن مفهوم الأخلاق الحميدة الإسلامية لا يمكن بحال أن يكون متناقضا بشكل من الأشكان مع ما ثبتت صحته وجدواه في الحضارة الإنسانية قاطبة لتعلق رواد دول العصر به.
ومثال ذلك اليوم حرية الوصول للمعلومة ومنع عقوبة الإعدام وعدم تجريم التجديف، فلا مجال في الإسلام للخلط بين طلاقة الرأي وحرية التعبير وبين المقدس الذي لا تطاله أية شائبة لعلوه المبدئي وتساميه فوق مساويء البشر.

أما كيف السبيل إلى ذلك فبأن تتصف الأخلاق الحميدة الإسلامية بالسهولة والسيولة واليسر ورفع الحرج. ألم يقل الله «وما جعل عليكم في الدين من حرج» (الحج 78) وأيضا «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» (البقرة 286)؟
فالإسلام في تحديده لإحترام النظام العام بالمجتمع ليس بوسعه أن يغض النظر عن مثل هذه المباديء الأساسية للأخلاق الفعلية، كما أنه لا يمكنه البتة الحكم على الأفعال اعتمادا على ما ظهر منها فقط. بل أوجب قبل الحكم البحث على النوايا والمقاصد الكامنة وراء ما يخاله المرء أول وهلة إخلالا بالأخلاق الحميدة متجاهلا البواعث الحقيقية التي حركت مثل هذه الأفعال. أليس الرسول الأكرم يقول : «إنما الأعمال بالنيات»!
كما أن من خصائص الأخلاق الحميدة في نظام عام إسلامي حقيقي وفعلي أن تكون ضرورة المبادىء التي يسهر الحاكم والقانون على أن تُحترم مقنعة للعقل كما هي مرضية للقلب، إذ الأخلاق الإسلامية تقبلها الفطرة البشرية السليمة ولا يرفضها العقل الإنساني الصحيح؛ فلا نهي من الشرع لشيء إلا وله مسوغات ودوافع لهذا النهي، سواء أكان تحريما أو تكريها.
نعم، هناك من يقول أن الأخلاق الإسلامية هي في ما جاء به الوحي وهو كلام الله، واحترام كلام الله كاحترام النظام العام، بل وأوكد؛ وهذا صحيح. ولكن ليس كلام الله مجرد كلام انعدمت منه روحه الزكية؛ فهو أولا وقبل كل شيء روح ومقصد ومغزى. فليس بالإمكان الأخذ بحرف نص نحترم شكله ونحن في نفس الآن نرمي بأهم ما فيه عرض الحائط، أي مقصده الشريف الذي تعبر عنه روحه الأزلية . فإننا إذا فعلنا ذلك لا نحترم لا ديننا ولا عمل السلف الصالح! أما رأينا الخليفة الراشد الثاني لا يتردد مثلا في مخالفة سنة الرسول الأكرم في المؤلفة قلوبهم وكان أقرب عهدا وصلة به وبها أكثر من أي أحد اليوم؟

لذا، لا يحق لنا، باسم قدسية الوحي، التمسك بنص كلام الله والتنصل من روحه. فقد علمنا الإسلام أن الروح، وهي من أمر الله، أعلى شأنا من كل شيء في مخلوقاته؛ فلا مجال لأن نتجاهل روح الإسلام بدعوى احترام نصه.
لذا، فاحترام الوحي ليس في احترام النص فقط، بل هو أساسا في احترام روح النص؛ أما إذا اختلف ظاهر النص مع روحه، فالروح أولى أن تحترم! ويكفي الرد على من يقول غير ذلك : أليست روح النص كلام الله تماما كالنص؟ أليست الروح أعلى من الشكل؟
ولنسق على ذلك مثال عقوبة الإعدام التي لا نجد أي أثر لها اليوم في دساتير الدول المتحضرة، ولعل الدستور الإسلامي أجدر بها من أي دستور آخر إذ أقر الإسلام هذا المبدأ بصفة غير مباشرة في عصر كان الإعدام فيه القاعدة، فحد منه وحرض على الاستثناء بأن أكد على قيمة العفو وأسبقيته على القصاص.
والشأن نفسه بخصوص حرية المعتقد إذ أكد الإسلام على أن لا إكراه في الدين وذلك في زمن كان الإكراه هو القاعدة. وحدث ولا حرج عن تسامح الإسلام على تصرفات الفاسقين حتى في مهاجر الرسول الأكرم، حيث حث على مكارم الأخلاق في غض النظر عن فسق الفاسقين، لأن قداسة الإسلام في عليين.
7 ـ العلوية الكاملة للأخلاق الحميدة في كونيتها :
ولا شك أن علوية الأخلاق الحميدة الإسلامية هي أيضا في كونيتها نظرا لنزعة ديننا العالمية، فأحكامه تتوجه إلى الأمم بأكملها، لأنه إذا انعدمت الأخلاق عند أمة، كان مصيرها الزوال. والأخلاق لا علاقة لها بالضرورة بالنظام السياسي أو الملة المذهبية، فكم من مسلم ساءنا تصرفه وكم من مسيحي أو مجوسي وجدناه العجب العجاب في قمة الأخلاق والتواضع وكأنه أخذ ذلك، وهو غير المسلم، من سيد الآنام!
ذلك أن الأخلاق الحميدة هي رسالة ربانية من الله لكل البشرية تجد آثارها عند كل خلقه، فلا تحتكرها أمة حتى وإن كانت خير تلك التي أخرجت للناس. فكما تحلى الرسول الأكرم بالأخلاق الكريمة، تحلى بها جميع الأنبياء الذين سبقوه.
فلا مجال للانفراد في مجال الأخلاق الحميدة الحقة بتميز خاص أو تصور معين يقصينا عما وصلت إليه الإنسانية من تطور وتحضر في مجال الإنسانيات. فحسن التصرف وثراء الثقافة العقلية في وضع الكلام في موضعه الصحيح ليس حكرا على المسلم، بل هو إن كان إسلاميا فلكونه ليس خاصا بالمسلم حيث تعاليم الحنيفية هي للعالم وللبشرية كلها.
فلا بد عندما نتحدث عن أخلاقنا الحميدة أو نكتب فيها أن نراعي ما وصل إليه العالم في مجال الأخلاق من تقدم في شؤون دنياه للاعتبار بتجاربه والأخذ بالطيب منها حتى يكون تصرفنا دوما في الطليعة، فلا نفسح لغيرنا المجال للاستخفاف بنا ورمي ديننا بالجمود والتحجر وأخلاقنا بالإنحطاط وانعدامها من الواقعية، إذ بدأت وتبقى ثورية أبد الدهر!
إن الأخلاق الإسلامية الحقيقية هي التي من شأنها أن تكون دوما تلك الأخلاق التي تختزل الأخلاق الإنسانية والأعمال البشرية برمتها حتى تكون خير داعية للمقبل على الإسلام كما أقبل عليه الكثير في بداية انتشاره في حقبة من التاريخ كان الإسلام فيها بأحكامه الثورية منارة لسائر الأمم.
فالمسلم بأخلاقه الحميدة هو القدوة لغير المسلم للدخول فيه، ولا شك أن أخلاقا نعتقدها حميدة بينما هي تخل بما تعارفت عليه الأنظمة المتحضرة اليوم لتمنع الناس من دخول الإسلام إذ تكون حجة على تأخر ديننا عن مصاف المجتمعات المتحضرة بعد أن كان في طليعتها.
ولا شك أن مما ساعد الإسلام على أن يكون كذلك أن المسلم، بصريح عبارة الرسول، لا يضره من خالفه ولا من خذله، لأنه يصبر على الحق ويداوم العمل على إعلاء كلمته بالتي هي أحسن دون إفساد في الأرض. فالصبر على المصائب من أوكد وأسمى صفات المسلم الحق، لا مسلم اليوم، وكأنه من قوارير، يفتخر بلمعان الزجاج ولا يأبه بما يحتويه مما فسد بداخله ولا بهشاشته إذ يتصدع أو ينكسر لأدنى هزة.
ففي زمن ما بعد الحداثة الذي أظلنا،،وهو زمن رجوع الوعي إلى عظمة خالق هذا الكون، وعصر عودة الروحانيات، لا يمكن للمسلم أن يكتفي بطبيعة من قوارير في هشاشتها، بل عليه السمو بها إلى أعلى المصاف التي تليق بقدر دينه السمح.
8 ـ كونية الأخلاق الحميدة يختزلها التسامح :
فلنكن في كتابة دستورنا وهو أعلى مثل لأخلاقنا الحميدة مضربا للمثل كما بلدنا اليوم هو المثال الذي يُحتذى به في العالم أجمع لمثالية ثورته وذكاء شعبه وفطنته!
وليكن ذلك بالتزام تلك الخاصية العظمي لديننا الحنيف التي ميزته عن سائر الأديان، ألا وهي التسامح، وهي وإن كانت مجمع لمكارم الأخلاق، فهي أيضا من أصعب الصفات، إذ من السهل الافتقار إليها في أنفسنا وأبنائنا وعند أئمتنا ومثقفينا ونساء ورجال سياستنا.
إن التسامح ليس فقط من أركان الأخلاق الحميدة وبه تكتمل شخصية المسلم، بل هو قمة تلك الأخلاق! فبالتسامح يكون المؤمن متسامحا مع نفسه ومتصالحا مع غيره؛ ألم يقل الله : «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم » (فصلت 34)، وألم يقل أيضا «وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم» (النور 22) وأيضا «ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور»(الشورى 43)؟
إن التسامح في سماحته مطلب حضاري وإنساني، وهو المطلب الديني الأساسي للإسلام، فلابد منه في كل أمر نقوم به، وخاصة في الأخلاق الحميدة التي نتشبث بها ونعيش على هديها. فالتسامح في كل شيء زينة، وانعدامه يجعل من الخلة شينة، إذ يدينها انعدامه.
فإذا كانت الشدة في أخذ الحق وفي الأمر بالدين أو في الدعوة إلى الله أو الغيرة على شريعته هو من المطلوب والمستحب والمندوب، فلا شك أن نتيجة كل ذلك تنقلب إلى عكس ما نبتغي فندين بتصرفنا ما كنا ندعو إليه من خير إذ نقلبه شرا بتشددنا في طلبه واستخدامنا الأسلوب القمعي من أمر ونهي وغلظة وعنف؛ ألم يقل تعالى : «ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين» (النحل 125)؟
وبما أن الحكمة هي ضالة المؤمن في عصرنا الحاضر، فهي تُطلب بكل رفق ولين وسماحة وتسامح من كل مكان، خاصة عند من كان في ركب الحضارة حتى لا يتخلف الإسلام عنه. فلنكن كنبينا الكريم في الدفاع عن مباديء دينه، فقد قال الله فيه : «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» (آل عمران)!
وبما أن الإسلام يقدس النفس البشرية التي تميل دائماً إلى الرفق واللين والحب والعطف ولا تميل إلى العنف بكافة أشكاله وأنواعه، فليكن دستورنا الذي نكتب كديننا في إعلاء الأخلاق الحميدة به، فيكون في أخذه بمعالم الحضارة البشرية والمعايير الديمقراطية العالمية كما قال الشاعر :
ولقد وجدتك بالسماحة والندى بحرا وبالاداب روضا مزهرا
9 ـ الأخلاق الحميدة في دستورنا :
إن النظام الإسلامي الحق بما أنه دين وسياسة في الآن نفسه، لا فرق ولا تفريق بين الإثنين، فهو نظام عالمي النزعة والتطلعات التي غايتها أن تطبق بالعالم أجمع، علمي الأحكام إذ هي تحترم كل ما تفرزه المعارف العقلية والاكتشافات العلمية في جميع الميادين، وخاصة ميدان العلوم الإنسانية والإجتماعية.
لذا، فلا مناص لمن يسعى لإقامة دستور نظام إسلامي حق من أن يراعي مثل هذه الإعتبارات في ما يقره من بنوده حتى لا يكون مدى فاعلية هذه البنود خاصا ببلد معين أو رافضا لتوجهات فرضت نفسها في كل البلدان المتحضرة.
فعلمية الإسلام وكونيته تقتضي بأن يأخذ بكل ما حسن في بلاد الله وأقرتها دساتير البلاد المتحضرة وإن لن تكن مسلمة، لأن إقرارها بذلك يجعل منها معايير إنسانية لا يمكن تجاهلها إذا كنا نعتقد حقا أن الإسلام هو الدين الأزلي الذي ختم جميع المعتقدات لتضمنه على كل ما حسن لإصلاح أمور البشرية قاطبة.
نعم، هناك من يعتقد ضرورة العودة بالإسلام إلى ما كان عليه سلفنا الصالح من مثال وقدوة؛ وتطلعهم هذا من الحكمة وحصافة الرأي بمكان لو كان ينتهج في ذلك السبيل القويم والمحجة السوية.
فإن السلفية الحقيقة هي تلك التي تعود إلى روح الإسلام، وهي روح التسامح والمحبة، لا روح الكراهية والبغض. أما سلفية شوارعنا، فقد زاغت عن الحق حين دعت شكلا إلى العودة إلى مثال السلف الصالح في حين هي تعمل فعلا على تقويضه؛ فليس مثلها الأعلى في ذلك إلا سلف اليهودية والمسيحية اللتان كان فيهما فرض الدين بحد السيف والتخيير بين الإيمان والقتل. وليس هذا إيمان المسلم المؤمن بالله الرحمان الرحيم؛ وليس هو إسلام محمد، خاتم الإنبياء، الذي جاء لتتمة مكارم الأخلاق!
لقد عمل أعداء الإسلام منذ الفتنة الكبرى الأولى، وحتى قبلها، في الخفاء، وها هم اليوم يعملون جهرة تحت قناع الدفاع عن الإسلام، جاهلين أو متجاهلين أنه دين التسامح ونظام المحبة، أحب من أحب وكره من كره!
ولنختم بما نراه على شاشات التلفاز اليوم. فلقد كان من المستحيل البارحة أن يقع تقمص أي شخصية إسلامية من الشخصيات الهامة، ثم بدأ الشيء يتغير إلى إن رأينا هذه السنة شخصية عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة الأجلاء وقد رُفع المنع في تقمصها.
فتلك عجلة التاريخ لا يديرها إلا الله ولا يتوقف دورانها؛ فمنع التشخيص ما كان من الدين في شيء وقد امتلأت كتبنا في الأدب والتاريخ بالأوصاف الدقيقة لكل شخصيات الإسلام، فجاءت أبلغ وصفا وأكثر دقة من أي شريط سينمائي أو تلفزي. وكان الأجدر بنا استغلال مثل هذه الوسائل والتقنيات الحديثة للتعريف بديننا والدعوة له عوض معارضتها غير المجدية.
كان علينا أن نفعل ذلك، وكان بإمكاننا النجاح فيه على قاعدة حسنى وطريقة فضلى عوض أن يفعلها غيرنا، وقد فعلها، مع إمكانية الإساءة للإسلام عن قصد أو عن غير قصد.
هذه الإشكالية اليوم في تفهم ديننا والعمل على إعزازه، وهي نفسها في كتابة دستورنا؛ فإما أن نأخذ بما يفرضه الواقع اليوم من معالم الحضارة والحداثة، بل وما بعد الحداثة، وإما أن تطحن آمالنا الساذجة عجلةُ التاريخ. ذلك هو الخيار اليوم، ولا خيار غيره!
فالتاريخ لا يرحم؛ ومسؤوليتنا أمامه وأمام الأجيال القادمة لكبيرة إذا أخفقنا في الإعداد لدستور يكون المنارة التي تهدي بسماحة بنوده إلى الدين القيم، دين متسامح، تعاليمه كونية وغاياته علمية؛ ذلك الإسلام الحق الذي جهله الكثير ممن تاه في ظلمات التزمت وجاهلية التحجر!

خادم المنتدى 2017-11-08 12:56

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
المدح ومكارم الأخلاق

  • بالعلم تجذب العقول وبالأخلاق تجذب القلوب. مصطفى نور الدين
  • كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا،، يلقي بحجر فيجود بأطيب الثمر
  • الصادق بصدقه يكسب ثقة الصديق و ينال احترام العدو. - راشد خليفة المزروعي
  • لا ينفع الرجل الكبير عمره إذا قل أدبه ، ولا يضر الطفل الصغير عمره إذا زاد أدبه .-راشد خليفة المزروعي.
  • جسد المرأة ثمين, و كلما أحتكرته غلا ثمنه. - راشد خليفة المزروعي
  • لا تـنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج، والمعروف، وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث واداء الامانة "الرسول الاعظم"
  • ثلاث ليس عليهن مستزاد: حسن الادب، ومجانبة الريب، والكف عن المحارم "الامام علي"
  • عقل المرء نظامة، وادبه قوامة، وصدقة امامة، وشكرة تمامة "الامام علي"
  • الحياة لن تُعطيك كل شيء , وإن لم تعطيك الأخلاق , فإنها لم تعطيك شيء. - راشد خليفة المزروعي.
  • الادب كمال الرجل "الامام علي"
  • إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.
  • إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل.
  • إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.*ومن ذاالذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه.
  • إذا حضر الماء بطل التيمم.
  • اذالم تستحي فأفعل ما تشاء.
  • النفس كالسماء ، تجمل بصفائها . - راشد خليفة المزروعي
  • أطهر الناس أعراقاً أحسنهم أخلاقاً.
  • أعرف الناس بالله أرضاهم بما قسم الله له.
  • اعف عما أغضبك لما أرضاك.
  • أفضل الجود العطاء قبل الموعد.
  • أقصد البحر وخل عنك السواقي.
  • الأقربون أولى بالمعروف (حديث).
  • الْبِشْرَ دال على الكرم.
  • التكبر على المتكبر تواضع.
  • التواضع من مصائد الشرف.
  • الجود من الموجود.
  • الحر تكفيه الإشارة.
  • الحِلْمُ سيد الأخلاق.
  • الدال على الخير كفاعله.
  • الرفق بالجاني عتاب.
  • السر أمانة.
  • الشريف إذا تَقَوَّى تواضع والوضيع إذا تَقَوَّى تكبر.
  • الصدق دليل التقوى.
  • الصدق يحسن بالفتى والكذب يحسب من عيوبه.
  • الضحك بلا سبب من قلة الأدب.
  • العتاب خير من الحقد.
  • العتاب صابون القلب.
  • العفة جيش لايهزم.
  • العفو عند المقدرة.
  • العفو يصلح الكريم ويفسد اللئيم.
  • الغنى في يد اللئيم قبيح قدر قبح الكريم في الإملاق.
  • الفضل ما شهدت به الأعداء.
  • القدوة الحسنة خير من النصيحة.
  • القدوة الحسنة خير من الوصية.
  • القناعة كنز لا يفنى.
  • الكذب داء والصدق دواء.
  • الكريم من أكرم الأحرار.
  • الكريم يظلم من فوقه واللئيم يظلم من تحته.
  • المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتضع طيبا.
  • المرء بالأخلاق يسمو ذكره.
  • المرء بأصغريه : قلبه ولسانه.
  • النظافة من الإيمان.
  • النعمة عروس مهرها الشكر.
  • الوعد سحاب والإنجاز مطره.
  • أملك الناس لنفسه من كتم سره.
  • إن الله يحب معالي الأمور ويبغض سفاسفها.
  • إن المقْدِرة تُذْهِبَ الحفيظة.
  • إنما سُمِّيتَ هانئاً لتهنأ.
  • إنه نسيج وحده.
  • أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة.
  • إياك وما يعتذر منه.
  • بالأرض ولدتك أمك.
  • بِشْرُ الكريم في وجهه يلوح.
  • بيت المحسن عمار.
  • تاج المروءة التواضع.
  • ترك الذنب أيسر من الاعتذار.
  • تمام الصدق الإخبار بما تحمله العقول.
  • تناس مساوئ الإخوان يدم لك وُدُّهُمْ.
  • حُسْنُ الخلق خير قرين.
  • حُسْنُ الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد.
  • حُسْنُ الخلق يوجب المودة.
  • حق من كتب بمسك أن يختم بعنبر.
  • خلقت مُبَرَّأً من كل عيب كأنك قد خُلقْتَ كما تشاء.
  • خير الناس أنفعهم للناس.
  • خير الناس من فرح للناس بالخير.
  • خير صِلاتِ الكريم أَعْوَدُها.
  • خيركم خيركم لأهله (حديث).
  • ذكر الفتى عمره الثاني.
  • ساقي القوم آخرهم شراباً.
  • سر النجاح على الدوام هو أن تسير إلى الأمام.
  • سيد القوم خادمهم.
  • شكرت جميل صنعكم بدمعي ودمع العين مقياس الشعور.
  • صلاح أمرك بالأخلاق مرجعه فَقَوِّم النفس بالأخلاق تستقم.
  • عامل الناس برأي رفيق والق من تلقى بوجه طليق.
  • عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.
  • عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة.
  • عندما تكون في روما تصرف كما يتصرف الرومان.
  • فرط الأنس مكسبة لقرناء السوء.
  • فلان دُرَّةُ التاج وواسطة العقد.
  • فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (قرآن كريم الزلزلة 7).
  • في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق.
  • قُل كُلٌّ يَعمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (قرآن كريم الإسراء 84).
  • قلب المؤمن دليله.
  • قليل في الجيب خير من كثير في الغيب.
  • قَولٌ مَّعرُوفٌ وَمَغفِرَةُ خَيرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتبَعُهَا أَذًى (قرآن كريم البقرة 263).
  • كل امرئ بما يحسنه.
  • كما أن السؤال يُذِلُّ قوما كذاك يعز قوم بالعطاء.
  • لا تحقرن من المعروف شيئا و لو أن تلقى أخاك بوجه طلق (حديث شريف).
  • لا تشن وجه العفو بالتأنيب.
  • لا تكن حلواً فتؤكل ولا مراً فترمى.
  • لا تمازح الشريف فيحنق عليك ولا الدنيء فيتجرأ عليك.
  • لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم.
  • لا خير فيمن لا يَأْلَفُ ولا يؤلف.
  • لكل مقام مقال ولكل زمان رجال.
  • للشدائد تُدَّخَرُ الرجال.
  • لو كان الكذب ينجي فالصدق أنجى.
  • ما كل من قال قولا وفى.
  • ما هو إلا بستان.
  • من حسن إسلام المرء تَرْكُهُ ما لا يعنيه.
  • معاتبة الإخوان خير من فقدهم.
  • من تواضع لله رفعه.
  • من حسن خُلُقُه استراح وأراح.
  • من حسن خُلقُه وجب حقُّه.
  • من شابه أباه فما ظلم.
  • من شَبَّ على شيء شاب عليه.
  • من عرف نفسه عرف ربه.
  • من لم يقنع باليسير لم يكتف بالكثير.
  • ملء السنابل تنحي تواضعاًََ""""والفارغات رؤوسهن شوامخُ
  • نعم الثوب العافية إذا انسدل على الكفاف.
  • نعم العون على المروءة المال.
  • نعم المؤَدِّبُ الدهر.
  • نعم حاجب الشهوات غض البصر.
  • هذا الشبل من ذاك الأسد.
  • هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سقيت بماء المكرمات.
  • هيهات تكتم في الظلام مشاعل.
  • وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء.
  • وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
  • وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل.
  • وأي الناس ليس به عيوب.
  • وتأتي على قدر الكرام المكارم.
  • وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم.
  • وَلَو كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلبِ لاَنفَضُّواْ مِن حَولِكَ (قرآن كريم آل عمران 159).
  • ومهما يكن عند امرئ من خَليقَةٍ وإن خالها تَخْفَى على الناس تُعْلَمِ.
  • يد الحر ميزان.
  • يَغْرِفُ من بحر.

جورج برنارد شو: "إذا فشلت في رفع احد لمستوى اخلاقك فلا تدعه ينجح في انزالك لمستوى اخلاقه"
  • من وصايا لقمان الحكيم لابنه:

يا بني .. إنه من يَرحم يُرحم، ومن يصمت يسلم، ومن يقل الخير يغنم، ومن لا يملك لسانه يندم

صانعة النهضة 2017-11-09 09:14

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
بارك الله فيك أخي خادم المنتدى على ما تفضلت به من إضافات تصب في محور مكارم الأخلاق ،وقد فصلت ماهية الأخلاق ومزاياها وكيف نحقق أفضلها وأحسنها ،كما أشرت لمقامها العالي في القانون وفي المجتمع.

كل هذا جميل ،وقد زاد الموضوع قيمة وأهمية علمية ،لكن بما أنه موضوع حوار ونقاش ،حبذا لو أننا نركز على جانب الواقع ،فنظريا كلنا يعلم مل للأخلاق الحسنة من فوائد على الفرد والمجتمع ،وما لها من آثار ...لكن حقيقة المشكل أننا اليوم في مجتمعنا المغربي عجزنا في تحقيق هكذا قيم وفضائل حتى وصل بنا الحال إلى الحضيض ،حيث بدأ التلاميذ يضربون ويعنفون أساتذتهم ...
فما السر في ذلك ؟
لماذا ناشئتنا فقدت الأخلاق الحميدة والمكارم؟
وةلماذا أسرنا المغربية فقدت مقود سياقة أبنائها ؟
ولماذا فقدت المدرسة المغربية بأطرها التربوية والإدارية قدسيتها ومكانتها الإعتبارية ؟

هذه بعض الإشكالات التي علينا أن نخلخل الأسباب الكامنة من وراء ما وصلنا إليه اليوم من تردي أخلاقي مشين ...

ولعلي في هذا الموضوع الذي طرحته للنقاش ركزت على نقطة هامة ألا وهي الأم .لماذا الأم ؟



الأم هي المدرسة الحقيقية التي تربي أبناءها ،فإن كانت أما صالحة تعتمد التربية الصالحة فلاشك سيكون الجيل صالحا ،وإن فسدت الأم فسد الجيل...

(طبعا أنا لا أسقط مسؤولية الأب ،ولكنني أركز على الأم )


- من هنا أتساءل ...أين دور الأمهات في المجتمع المغربي؟
- لماذا تخلت الأمهات عن أدوارهن ؟
- أين هن هؤلاء المشغولات عن دورهن الأساسي (التربية والتوجيه ) ؟؟؟؟

أتمنى حقا إخوتي لو تدلون بدلوكم في الموضوع على الأقل انطلاقا من تجاربكم في الوسط الأسري الخاص بكم -كآباء أو أمهات-

دمتم في رعاية الله.


روبن هود 2017-11-09 17:21

رد: الأم مدرسة ...هل انتهى دورها في هذا التردي الأخلاقي ؟
 
أمهات اليوم هن فتيات الأمس، وأمهات الغد هن فتيات اليوم.
هل يمكن أن تكون فتيات اليوم مدارس؟ ماذا يمكنهن تلقينه؟ هل من تقضي يومها على الفايسبوك مع أصدقائها ستكون مدرسة؟ هل من تمارس الأفعال المشينة أمام باب المدرسة ستكون مدرسة؟
مع استثناءات تخص الفتيات اللواتي استفدن من تربية صحيحة.


الساعة الآن 22:09

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd