الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير


شجرة الشكر3الشكر
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام
  • 1 Post By أم سهام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2017-07-29, 16:00 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة فاطر



* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } * { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } * { وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }

اللغَة:

{ فَاطِرِ } الفاطر: الخالق، وأصل الفطر الشَّق يقال: فطره فانفطر أي انشق ومنه
{*السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ*}
[المزمل: 18] وفطر اللهُ الخلق: خلقهم وبرأهم { تُؤْفَكُونَ } تُصرفون من الإِفك بمعنى الكذب سمي إِفكاً لأنه مصروف عن الحق والصواب { حَسَرَاتٍ } جمع حسرة وهي الغم الذي يلحق النفس على فوات الأمر، وفي المختار: الحسرةُ أشدُّ التلهف على الشيء الفاقد { ٱلنُّشُورُ } مصدر نشر الميت إذا حيي قال الأعشى:
حتى يقول الناس ممَّا رأوا
***
يا عجباً للميّت الناشر
{ يَبُورُ } يهلك يقال: بار يبور أي هلك وبطل، والبوار: الهلاك { فُرَاتٌ } حلو شديد الحلاوة { أُجَاجٌ } شديد الملوحة قال في القاموس: أجَّ الماء أُجوجاً إذا اشتدت ملوحته { قِطْمِيرٍ } القمطير: القشرة الرقيقة البيضاء التي بين التمرة والنواة.

التفسِير:
{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي الثناء الكامل، والذكر الحسن، مع التعظيم والتبجيل لله جلَّ وعلا، خالق السماوات والأرض ومنشئها ومخترعها من غير مثالٍ سبق، قال البيضاوي: { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي مبدعهما وموجدهما على غير مثال { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } أي جاعل الملائكة وسائط بين الله وأنبيائه لتبليغهم أوامر الله، قال ابن الجوزي: يرسلهم إلى الأنبياء وإِلى ما شاء من الأمور { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } أي أصحاب أجنحة، قال قتادة: بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة، وبعضهم له أربعة، ينزلون بها من السماء إلى الأرض، ويعرجون بها إلى السماء { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } اي يزيد في خلق الملائكة كيف يشاء، من ضخامة الأجسام، وتفاوت الأشكال، وتعدد الأجنحة، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل ليلة الإِسراء وله ستمائة جناح، بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب وقال قتادة: { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } الملاحةُ في العينين، والحسنُ في الأنف، والحلاوة في الفم { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي هو تعالى قادر على ما يريد، له الأمر والقوة والسلطان، لا يمتنع عليه فعل شيءٍ أراده، ولا يتأبى عليه خلق شيء أراده، وصف تعالى نفسه في هذه الآيات بصفتين جليلتين تحمل كل منهما صفة القدرة وكمال الإِنعام الأولى: أنه فاطر السماوات والأرض أي خالقهما ومبدعهما من غير مثالٍ يحتذيه، ولا قانون ينتحية، وفي ذلك دلالة على كمال قدرته، وشمول نعمته، فهو الذي رفع السماء بغير عمد، وجعلها مستويةً من غير أوَد، وزينها بالكواكب والنجوم، وهو الذي بسط الأرض، وأودعها الأرزاق والأقوات، وبثَّ فيها البحار والأنهار، وفجَّر فيها العيون والآبار، إلى غير ما هنالك من آثار قدرته العظيمة، وآثار صنعته البديعة، وعبَّر عن ذلك كله بقوله: { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } والثانية: اختيار الملائكة ليكونوا رسلاًَ بينه وبين أنبيائه، وقد أشار إلى طرفٍ من عظمته وكمال قدرته جل وعلا بأن خلق الملائكة بأشكال عجيبة، وصور غريبة، وأجنحة عديدة، فمنهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له ستمائة جناح، ما بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب، كما هو وصف جبريل عليه السلام، ومنهم من لا يعلم حقيقة خِلقته وضخامة صورته إلا الله جل وعلا، فقد روى الزهري أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: " يا محمد كيف لو رأيت إسرافيل! إنَّ له لاثنيْ عشر ألف جناح، منها جناح بالمشرق وجناح بالمغرب، وإِن العرش لعلى كاهله " ولو كشف لنا الحجاب لرأينا العجب العجاب، فسبحان الله ما أعظم خلقه، وما أبدع صنعه!! ثم بيَّن تعالى نفاذ مشيئته، ونفوذ أمره في هذا العالم الذي فطره ومن فيه، وأخضعه لإِرادته وتصرفه فقال: { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } أيْ أيُّ شيء يمنحه الله لعباده ويتفضل به عليهم من خزائن رحمته، من نعمةٍ، وصحةٍ، وأمنٍ، وعلمٍ، وحكمةٍ، ورزقٍ، وإِرسال رسلٍ لهداية الخلق، وغير ذلك من صنوف نعمائه التي لا يحيط بها عدٌّ، فلا يقدر أحدٌ على إِمساكه وحرمان خلق الله منه، فهو الملك الوهاب الذي لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع { وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ } أيْ وأيُّ شيء يمسكه ويحبسه عن خلقه من خيري الدنيا والآخرة، فلا أحد يقدر على منحه للعباد بعد أن أمسكه جلا علا { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي هو تعالى الغالب على كل شيء، الحكيم في صنعه، الذي يفعل ما يريد على مقتضى الحكمة والمصلحة، قال المفسرون: والفتحُ والإِمساك عبارة عن العطاء والمنع، فهو الذي يضر وينفع، ويعطي ويمنع، وفي الحديث:" أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ثم ذكَّرهم تعالى بنعمه الجليلة عليهم فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } أي اشكروا ربكم على نعمه التي لا تُعدُّ ولا تُحْصى التي أنعم بها عليكم، قال الزمخشري: ليس المراد بذكر النعمة ذكرها باللسان فقط، ولكن المراد حفظها من الكفران، وشكرها بمعرفة حقها، والاعتراف بها، وإِطاعة موليها، ومنه قول الرجل لمن أنعم عليه: أذكرْ أياديَّ عندك { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ } استفهام إِنكاري بمعنى النفي أي لا خالق غيره تعالى، لا ما تعبدون من الأصنام { يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } أي حال كونه تعالى هو المنعم على العباد بالرزق والعطاء، فهو الذي ينزل المطر من السماء، ويخرج النبات من الأرض، فكيف تشركون معه ما لا يخلق ولا يرزق من الأوثان والأصنام؟ ولهذا قال تعالى بعده { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا ربَّ ولا معبود إلا اللهُ الواحد الأحد { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } أي فكيف تُصرفون بعد هذا البيان، ووضوح البرهان، إلى عبادة الأوثان؟ والغرض: تذكير الناس بنعم الله، وإِقامة الحجة على المشركين، قال ابن كثير: نبه تعالى عباده وأرشدهم إلى الاستدلال على توحيده، بوجوب إِفراد العبادة له، فكما أنه المستقل بالخلق والرزق، فكذلك يجب أن يُفرد بالعبادة، ولا يُشرك به غيره من الأصنام والأوثان { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ } تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه له والمعنى: وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون فلا تحزن لتكذيبهم، فهذه سنة الله في الأنبياء من قبلك، فقد كُذّبوا وأُوذوا حتى أتاهم نصرنا، فلك بهم أسوة، ولا بدَّ أن ينصرك الله عليهم { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } أي إلى الله تعالى وحده مرجع أمرك وأمرهم، وسيجازي كلاً بعمله، وفيه وعيد وتهديد للمكذبين.
ثم ذكَّرهم تعالى بذلك الموعد المحقَّق فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي إِن وعده لكم بالبعث والجزاء حقٌّ ثابتٌ لا محالة لا خُلف فيه { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } أي فلا تلهكم الحياة الدنيا بزخرفها ونعيمها عن الحياة الآخرة، قال ابن كثير: أي لا تتلهَّوا عن تلك الحياة الباقية، بهذه الزهرة الفانية { وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } أي ولا يخدعنكم الشيطان المبالغ في الغرور فيطمعكم في عفو الله وكرمه، ويمنيكم بالمغفرة مع الإِصرار على المعاصي. ثم بيَّن تعالى عداوة الشيطان للإِنسان فقال: { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً } أي إِن الشيطان لكم أيها الناس عدوٌ لدود، وعداوته قديمة لا تكاد تزول فعادوه كما عاداكم ولا تطيعوه، وكونوا على حذرٍ منه قال بعض العارفين: يا عجباً لمن عصى المحسن بعد معرفته بإِحسانه، وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته { إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } أي إِنما غرضه أن يقذف بأتباعه في نار جهنم المستعرة التي تشوي الوجوه والجلود، لا غرض له إلا هذا، فهل يليق بالعاقل أن يستجيب لنداء الشيطان اللعين؟ قال الطبري: أي إنما يدعو شيعته ليكونوا من المخلدين في نار جهنم التي تتوقد على أهلها { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } أي الذين جحدوا بالله ورسله لهم عذاب دائم شديد لا يُقادر قدره، ولا يوصف هولُه { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي جمعوا بين الإِيمان والعمل الصالح { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } أي لهم عند ربهم مغفرةٌ لذنوبهم، وأجر كبير وهو الجنة، وإِنما قرن الإِيمان بالعمل الصالح ليشير إِلى أنهما لا يفترقان، فالإِيمان تصديقٌ، وقول، وعمل { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً } الاستفهام للإِنكار وجوابه محذوف والتقدير أفمن زيَّن له الشيطان عمله السيء حتى رآه حسناً واستحسن ما هو عليه من الكفر والضلال، كمن استقبحه واجتنبه واختار طريق الإِيمان؟ ودلَّ على هذا الحذف قوله تعالى { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } أي الكلُّ بمشيئة الله، فهو تعالى الذي يصرف من يشاء عن طريق الهدى، ويهدي من يشاء بتوفيقه للعمل الصالح والإِيمان { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } أي فلا تغتمَّ يا محمد ولا تُهلك نفسك حسرةً على تركهم الإِيمان { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } أي هو جل وعلا العالم بما يصنع هؤلاء من القبائح ومجازيهم عليها، وفيه وعيد لهم بالعقاب على سوء صنيعهم { وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ } أي والله تعالى بقدرته هو الذي أرسل الرياح مبشرة بنزول المطر { فَتُثِيرُ سَحَاباً } أي فحركت السحاب وأهاجته، والتعبيرُ بالمضارع عن الماضي { فَتُثِيرُ } لاستحضار تلك الصورة البديعة، الدالة على كمال القدرة والحكمة { فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ } أي فسقنا السحاب الذي يحمل الغيث إلى بلدٍ مجدب قاحل { فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فيه حذفٌ تقديره فأنزلنا به الماء فأحيينا به الأرض بعد جدبها ويبسها { كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } أي كما أحيا الله الأرض الميتة بالماء، كذلك يحيي الموتى من قبورهم، روى الإِمام أحمد عن أبي رُزين العقيلي قال
" قلت يا رسول الله: كيف يُحْيِي اللهُ الموتى؟ وما آيةُ ذلك في خلقه؟ فقال: " أما مررتَ بوادي أهلك مُمْحلاً، ثم مررتَ به يهتز خضراً؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: فكذلك يُحْيِي اللهُ الموتى، وتلك آيتهُ في خلقه " " قال ابن كثير: كثيراً ما يستدل تعالى على المعاد بإِحيائه الأرض بعد موتها، فإِن الأرض تكون ميتة هامدة لا نبات فيها، فإِذا أرسل الله إِليها السحاب تحمل الماء وأنزله عليها
{*ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ*}
[الحج: 5] كذلك الأجساد إِذا أراد الله بعثها ونشورها، ثمَّ نبَّه تعالى عباده إِلى السبيل الذي تُنال به العزة فقال { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } أي من كان يطلب العزة الكاملة، والسعادة الشاملة، فليطلبها من الله تعالى وحده، فإن العزة كلَّها لله جلَّ وعلا قال بعض العارفين: من أراد عزَّ الدارين فليطع العزيز { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } أي إليه جلَّ وعلا يرتفع كل كلام طيب من ذكر، ودعاءٍ، وتلاوة قرآن، وتسبيح وتمجيد ونحوه قال الطبري: إلى الله يصعد ذكرُ العبد إيَّاه وثناؤه عليه { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } أي والعمل الصالح يتقبله الله تعالى ويثيب صاحبه عليه قال قتادة: لا يقبل الله قولاً إلاَّ بعمل، من قال وأحسن العمل قبل الله منه، نقله الطبري { وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } هذا بيانٌ للكلم الخبيث بعد بيان حال الكلام الطيب أي والذين يحتالون بالمكر والخديعة لإِطفاء نور الله، والكيد للإِسلام والمسلمين، لهم في الآخرة عذاب شديد في نار جهنم { وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } أي ومكر أولئك المجرمين هالكٌ وباطل، لأنه ما أسرَّ أحد سوءاً ودبَّره إلا أبداه الله وأظهره{*وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ*}
[فاطر: 43] قال المفسرون: والإِشارة هنا إلى مكر قريشٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة وأرادوا أن يقتلوه، أو يحبسوه، أو يخرجوه كما حكى القرآن الكريم
{*وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ*}
[الأَنفال: 30] ثم ذكَّرهم تعالى بدلائل التوحيد والبعث، بعد أن ذكَّرهم بآيات قدرته وعزته فقال { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي خلق أصلكم وهو آدم من تراب { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أي ثم خلق ذريته من ماءٍ مهين وهو المنيُّ الذي يُصبُّ في الرحم { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً } أي خلقكم ذكوراً وإِناثاً، وزوَّج بعضكم من بعضٍ ليتم البقاء في الدنيا إلى انقضائها قال الطبري: أي زوَّج منهم الأنثى من الذكر { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي وما تحمل أنثى في بطنها من جنين، ولا تلد إِلاَّ بعلمه تعالى، يعلم أذكر هو أو أُنثى، ويعلم أطوار هذا الجنين في بطن أمه، لا يخفى عليه شيء من أحواله { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ } أي وما يطول عُمر أحدٍ من الخلق فيصبح هرماً، ولا يُنقص من عُمر أحد فيموت وهو صغير أو شاب إلا وهو مسجَّل في اللوح المحفوظ، لا يُزاد فيما كتب الله ولا يُنقص { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي سهلٌ هيّن، لأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، ثم ضرب تعالى مثلاً للمؤمن والكافر فقال: { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ } أي وما يستوي ماء البحر وماء النهر { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ } أي هذا ماء حلوٌ شديد الحلاوة يكسر وهج العطش، ويسهل انحداره في الحلق لعذوبته { وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي وهذا ماءٌ شديد الملوحة، يُحرق حلق الشارب لمرارته وشدة ملوحته، فكما لا يتساوى البحران: العذبُ، والملح، فكذلك لا يتساوى المؤمن مع الكافر، ولا البرُّ مع الفاجر، قال أبو السعود: هذا مثلٌ ضُرب للمؤمن والكافر، والفراتُ الذي يكسر العطش، والسائغ الذي يسهل انحداره لعذوبته، والأُجاج الذي يُحرق بملوحته { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } أي وما كل واحدٍ منهما تأكلون سمكاً غضاً طرياً، مختلف الأنواع والطعوم والأشكال { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } أي وتستخرجون منهما اللؤلؤ والمرجان للزينة والتحلي { وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } أي وترى أيها المخاطب السفن العظيمة، تمخرُ عُباب البحر مقبلة ومدبرة، تحمل على ظهرها الأثقال والبضائع والرجال، وهي لا تغرق فيه لأنها بتسخير الله جل وعلا { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي لتطلبوا بركوبكم هذه السفن العظيمة من فضل الله بأنواع التجارات، والسفر إلى البلدان البعيدة في مدة قريبة { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي ولكي تشكروا ربكم على إنعامه وإِفضاله في تسخيره ذلك لكم، ثم انتقل إلى آية آخرى من آيات قدرته وسلطانه في الآفاق فقال { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ } أي يدخل الليلَ في النهار، ويدخل النهار في الليل، فيضيف من هذا إلى هذا وبالعكس، فيتفاوت بذلك طول الليل والنهار بالزيادة والنقصان، حسب الفصول والأمصار، حتى يصل النهار صيفاً - في بعض البلدان - إلى ستة عشرة ساعة، وينقص الليل حتى يصل إلى ثمان ساعات - آيةٌ من آيات الله تُشاهد لا يستطيع إِنكارها جاحد أو مؤمن، ويحس بآثارها الأعمى والبصير.
. آيةٌ شاهدة على قدرة الله، ودقة تصرفه في خلقه، وهذه الظاهرة الكونية دستور لا يتغيَّر، ونظام محكم لا يأتي بطريق الصدفة، وإِنما هو من صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه، فسبحان المدبر الحكيم العليم!! { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى } أي ذلَّلهما لمصالح العباد، كل منهما يسير ويدور في مداره الذي قدَّره الله له لا يتعداه، إِلى أجلٍ معلوم هو يوم القيامة { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ } أي ذلكم الفاعل لهذه الأمور البديعة، هو ربكم العظيم الشأن، الذي له المُلك والسلطان والتصرف الكامل في الخلق { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } أي والذين تعبدون من دون الله من الأوثان والأصنام لا يملكون شيئاً ولو بمقدار القطمير، وهو القشرة الرقيقة التي بين التمرة والنواة قال المفسرون: وهو مثلٌ يضرب في القلة والحقارة، والأصنامُ لضعفها، وَهَوان شأنها وعجزها عن أي تصرف صارت مضرب المثل في حقارتها بأنها لا تملك فتيلاً ولا قطميراً، ثم أكد تعالى ذلك بقوله: { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ } أي إن دعوتم هذه الأصنام لم يسمعوا دعاءكم ولم يستجيبوا لندائكم، لأنها جمادات لا تسمع ولا تفهم { وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } أي ولو سمعوا لدعائكم - على الفرض والتسليم - ما استجابوا لكم لأنها ليست ناطقة فتجيب { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } أي وفي الآخرة حين ينطقهم الله يتبرءون منكم ومن عبادتكم إياهم { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } أي ولا يخبرك يا محمد على وجه اليقين أحدٌ إلا أنا - الله - الخالق العليم الخبير، قال قتادة: يعني نفسه عز وجل.

البَلاَغَة:

تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان نوجزها فيما يلي:

1- الاستعارة التمثيلية { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } شبَّه فيه إِرسال النعم بفتح الخزائن للإِعطاء وكذلك حبس النعم بالإِمساك، واستعير الفتح للإِطلاق والإِمساك للمنع.

2- الطباق بين { يَفْتَحِ..و.. يُمْسِكْ } وكذلك بين { يُضِلُّ..و.. يَهْدِي } وبين { تَحْمِلُ..و.. تَضَعُ } وبين { يُعَمَّرُ..و.. يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ }.

3- المقابلة بين جزاء الأبرار والفجار { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ.. وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وكذلك بين قوله { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ.. وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } وكل من الطباق والمقابلة من المحسنات البديعية إلا أن الأول يكون بين شيئين والثاني بين أكثر.

4- حذف الجواب لدلالة اللفظ عليه { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ }؟ حذف منه ما يقابله أي كمن لم يُزين له سوء عمله؟ ودّل على هذا المحذوف قوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ }.

5- الإِطناب بتكرار الفعل { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } ثم قال { وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }.

6- الكناية { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } كناية عن الهلاك لأن النفس إذا ذهبت هلك الإِنسان.

7- الالتفات من الغيبة إلى التكلم للإِشعار بالعظمة { أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ }.

8- السجع لما له من وقع حسن على السمع مثل { لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وأمثال ذلك وهو من المحسنات البديعية.







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=946899
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-07-30, 16:06 رقم المشاركة : 2
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة فاطر


[COLOR="magenta"]* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

[/COLOR]{ يظ°أَيُّهَا ظ±لنَّاسُ أَنتُمُ ظ±لْفُقَرَآءُ إِلَى ظ±للَّهِ وَظ±للَّهُ هُوَ ظ±لْغَنِيُّ ظ±لْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ظ±للَّهِ بِعَزِيزٍ } * { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىظ° وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىظ° حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىظ° إِنَّمَا تُنذِرُ ظ±لَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِظ±لْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ظ±لصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىظ° فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىظ° لِنَفْسِهِ وَإِلَى ظ±للَّهِ ظ±لْمَصِيرُ } * { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَعْمَىظ° وَظ±لْبَصِيرُ } * { وَلاَ ظ±لظُّلُمَاتُ وَلاَ ظ±لنُّورُ } * { وَلاَ ظ±لظِّلُّ وَلاَ ظ±لْحَرُورُ } * { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَحْيَآءُ وَلاَ ظ±لأَمْوَاتُ إِنَّ ظ±للَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ظ±لْقُبُورِ } * { إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِظ±لْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } * { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ وَبِظ±لزُّبُرِ وَبِظ±لْكِتَابِ ظ±لْمُنِيرِ } * { ثُمَّ أَخَذْتُ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ أنزَلَ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ ظ±لْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ } * { وَمِنَ ظ±لنَّاسِ وَظ±لدَّوَآبِّ وَظ±لأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى ظ±للَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ظ±لْعُلَمَاءُ إِنَّ ظ±للَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } * { إِنَّ ظ±لَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ظ±للَّهِ وَأَقَامُواْ ظ±لصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } * { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { وَظ±لَّذِيغ¤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ظ±لْكِتَابِ هُوَ ظ±لْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ ظ±للَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ }

المنَاسَبَة:
لمَّا عدَّد تعالى نعمه على العباد، وأقام الأدلة والبراهين على قدرته وعزته وسلطانه، ذكَّرهم هنا بحاجتهم إِليه، واستغنائه جل وعلا عن جميع الخلق، وضرب الأمثال للتفريق بين المؤمن والكافر، والبرُّ والفاجر، بالأعمى والبصير، والظلام والنور، " فبضدّها تتميز الأشياء ".

اللغَة:
{ وِزْرَ } الوزرُ: الجبل المنيع الذي يعتصم به ومنه
{*كَلاَّ لاَ وَزَرَ*}
[القيامة: 11] ثم قيل للثقيل: وِزْرٌ تشبيهاً له بالجبل، ثم استعير للذنب لما فيه من إثقال كاهل الإِنسان { تُنذِرُ } تخوف، والإِنذار التخويف { ظ±لْغَيْبِ } ما غاب عن الإِنسان ولم تدركه حواسه، قال الشاعر:
وبالغيب آمنا وقد كان قومنا
***
يُصلُّون للأوثان قبل محمد
{ ظ±لْحَرُورُ } شدة حر الشمس قال في المصباح: الحرُّ خلاف البرد والاسم الحرارة، وحرَّت النار: توقَّدت واستعرت، والحَرور: الريح الحارة { جُدَدٌ } جمع جدَّة بالضم وهي الطريقة والعلامة قال الجوهري: والجُدَّة: الخُطَّة التي في ظهر الحمار تخالف لونه، والجُدة الطريقة والجمع جدد وهي الطرائق المختلفة الألوان، قال القرطبي: قال الأخفش: لو كان جمع جديد لقال " جُدُد " بضم الجيم والدال نحو سُرر { غَرَابِيبُ } جمع غربيب وهو الشديد السواد، يقال: أسود غربيب أي شديد السواد قال امرؤ القيس:
العينُ طامحةٌ، واليدُ سابحةٌ
**
والرجلُ لافحةٌ، والوجه غربيب
التفسِير:
{ يظ°أَيُّهَا ظ±لنَّاسُ أَنتُمُ ظ±لْفُقَرَآءُ إِلَى ظ±للَّهِ } الخطاب لجميع البشر لتذكيرهم بنعم الله الجليلة عليهم أي أنتم المحتاجون إليه تعالى في بقائكم وكل أحوالكم، وفي الحركات والسكنات { وَظ±للَّهُ هُوَ ظ±لْغَنِيُّ ظ±لْحَمِيدُ } أي وهو جل وعلا الغنيُّ عن العالم على الإِطلاق، المحمودُ على نعمه التي لا تُحْصى قال أبو حيان: هذه آيةُ موعظةٍ وتذكير، وأن جميع الناس محتاجون إلى إحسان الله تعالى وإِنعامه، في جميع أحوالهم، لا يستغنى أحدٌ عنه طرفة عين، وهو الغنيُّ عن العالم على الإِطلاق، المحمود على ما يسديه من النعم، المستحق للحمد والثناء، ثم قرر اسغناءه عن الخلق بقوله { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } أي لو شاء تعالى لأهلككم وأفناكم وأتى بقومٍ آخرين غيركم، وفي هذا وعيدٌ وتهديد { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ظ±للَّهِ بِعَزِيزٍ } أي وليس ذلك بصعبٍ أو ممتنع على الله، بل هو سهر يسير عليه سبحانه، لأنه يقول للشيء كنْ فيكون { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىظ° } أي لا تحمل نفسٌ آثمةٌ إثم نفسٍ أخرى، ولا تعاقب بذنبٍ غيرها كما يفعل جبابرة الدنيا من أخذ الجار بالجار، والقريب بالقريب { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىظ° حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىظ° } أي وإِن تدع نفس مثقلةٌ بالأوزار أحداً ليحمل عنها بعض أوزارها لا يتحمل عنها ولو كان المدعو قريباً لها كالأب والابن، فلا غياث يومئذٍ لمن استغاث، وهو تأكيد لما سبق في أن الإِنسان لا يتحمل ذنب غيره، قال الزمخشري: فإِن قلت فما الفرق بين الآيتين؟ قلت: الأول في الدلالة على عدل الله تعالى في حكمه، وأنه تعالى لا يؤاخذ نفساً بغير ذنبها، والثاني في أنه لا غياث يومئذٍ لمن استغاث { إِنَّمَا تُنذِرُ ظ±لَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِظ±لْغَيْبِ } أي إِنما تنذر يا محمد بهذا القرآن الذين يخافون عقاب ربهم يوم القيامة { وَأَقَامُواْ ظ±لصَّلاَةَ } أي وأدوا الصلاة على الوجه الأكمل، فضموا إلى طهارة نفوسهم طهارة أبدانهم بالصلاة المفروضة في أوقاتها { وَمَن تَزَكَّىظ° فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىظ° لِنَفْسِهِ } أي ومن طهَّر نفسه من أدناس المعاصي فإِنما ثمرة ذلك التطهر عائدة عليه، فصلاحه وتقواه مختص به ولنفسه { وَإِلَى ظ±للَّهِ ظ±لْمَصِيرُ } أي إليه تعالى وحده مرجع الخلائق يوم القيامة فيجازي كلاً بعمله، وهو إخبار متضمنٌ معنى الوعيد { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَعْمَىظ° وَظ±لْبَصِيرُ } هذا مثلٌ ضربه الله للمؤمن والكافر أي كما لا يتساوى الأعمى مع البصير فكذلك لا يتساوى المؤمن المستنير بنور القرآن، والكافر الذي يتخبط في الظلام، { وَلاَ ظ±لظُّلُمَاتُ وَلاَ ظ±لنُّورُ } أي لا يتساوى كذلك الكفر والإِيمان، كما لا يتساوى النور الظلام { وَلاَ ظ±لظِّلُّ وَلاَ ظ±لْحَرُورُ } أي وكذلك لا يستوي الحقُّ والباطل، والهدى والضلال كما لا يستوي الظل الظليل مع شدة حر الشمس المتوهجة، قال المفسرون: ضرب الله الظل مثلاً للجنة وظلها الظليل، وأشجارها اليانعة تجري من تحت الأنهار، كما جعل الحرور مثلاً للنار وسعيرها، وشدة أوارها وحرها، وجعل الجنة مستقراً للأبرار، والنار مستقراً للفجار كما قال تعالى{*لاَ يَسْتَوِيغ¤ أَصْحَابُ ظ±لنَّارِ وَأَصْحَابُ ظ±لْجَنَّةِ*}
[الحشر: 20] ثم أكد ذلك فقال { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَحْيَآءُ وَلاَ ظ±لأَمْوَاتُ } أي كما لا يستوي العقلاء والجهلاء قال أبو حيان: وترتيب هذه الأشياء في بيان عدم الاستواء جاء في غاية الفصاحة، فقد ذكر الأعمى والبصير مثلاً للمؤمن والكافر، فذكر ما عليه الكافر من ظلمة الكفر، وما عليه المؤمن من نور الإِيمان، ثم ذكر مآلهما وهو الظلُ والحرور، فالمؤمن بإِيمانه في ظل وراحة، والكافر بكفره في حر وتعب، ثم ذكر مثلاً آخر على أبلغ وجه وهي الحيُّ والميت، فالأعمى قد يكون فيه بعض النفع بخلاف الميت، وجمع الظلمات لأن طرق الكفر متعددة، وأفرد النور لأن التوحيد والحق واحدٌ لا يتعدد، وقدَّم الأشرف في المثلين الأخيرين وهما " الظل، والحيُّ " وقدَّم الأوضح في المثلين الأولين وهما " الأعمى، والظلمات " ليظهر الفرق جلياً، ولا يقال ذلك لأجل السجع لأن معجرة القرأن ليست في مجرد اللفظ، بل في المعنى أيضاً، فللّه سرُّ القرآن، ثم زاد في الإِيضاح والبيان فقال { إِنَّ ظ±للَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ظ±لْقُبُورِ } أي إن الله يسمع من يشاء إسماعه دعوة الحق، فيحبِّبه بالإِيمان ويشرح صدره للإِسلام، وما أنت يا محمد بمسمع هؤلاء الكفار، لأنهم أموات القلوب لا يدركون ولا يفقهون قال ابن الجوزي: أراد بمن في القبور الكفار، وشبههم بالموتى، أي فكما لا يقدر أن يسمع من في القبور كتاب الله وينتفع بمواعظه، فكذلك من كان ميّت القلب لا ينتفع بما يسمع { إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ } أي ما أنتَ إلا رسول منذر، تخوّف هؤلاء الكفار من عذاب النار { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِظ±لْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً } أي بعثناك بالهدى ودين الحق، بشيراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } أي ما من أمةٍ من الأمم في العصور والأزمنة الخالية إلا وقد جاءها رسول { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم للتأسي بالأنبياء في الصبر على تحمل الأذى والبلاء، قال الطبري: أي وإِن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون من قومك فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم السابقة رسلهم { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِظ±لْبَيِّنَاتِ } أي جاءتهم الرسل بالمعجزات البينات، والحجج الواضحات فكذبوهم وأنكروا ما جاؤوا به من عند الله { وَبِظ±لزُّبُرِ وَبِظ±لْكِتَابِ ظ±لْمُنِيرِ } أي وجاءوهم بالزُّبُر أي الصحف المنزلة على الأنبياء، وبالكتب السماوية المقدسة المنيرة الموضحة وهي أربعة: " التوراة، والإِنجيل، والزبور، والفرقان " ومع ذلك كذبوهم وردّوا عليهم رسالتهم فاصبر كما صبروا { ثُمَّ أَخَذْتُ ظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ } أي ثم بعد إمهالهم أخذتُ هؤلاء الكفار بالهلاك والدمار { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي فكيف كانت عقوبتي لهم وإنكاري عليهم؟ ألم آخذهم أخذ عزيز مقتدر؟ ألم أبدِّل نعمتهم نقمة، وسعادتهم شقاوة، وعمارتهم خراباً؟ وهكذا أفعل بمن كذَّب رسلي، ثم عاد إلى تقرير وحدانية الله بالأدلة السماوية والأرضية فقال { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ أنزَلَ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً } أي ألم تر أيها المخاطب أن الله العظيم الكبير الجليل أنزل من السحاب المطر بقدرته؟ { فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا } أي فأخرجنا بذلك الماء أنواع النباتات والفواكه والثمار، المختلفات الأشكال والألوان والطعوم قال الزمخشري: أي مختلف أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب وغيرها مما لا يُحصر، أو هيئاتها من الحمرة والصفرة والخضرة ونحوها { وَمِنَ ظ±لْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا } أي وخلق الجبال كذلك فيها الطرائق المختلفة الألوان - وإِن كان الجميع حجراً أو تراباً - فمن الجبال جُدَد - أي طرائق - مختلفة الألوان، بيضٌ مختلفة البياض، وحمر مختلفة في حمرتها { وَغَرَابِيبُ سُودٌ } أي وجبال سودٌ غرابيب أي شديدة السواد، قال ابن جزي: قدَّم الوصف الأبلغ وكان حقه أن يتأخر، وذلك لقصد التأكيد وكثيراً ما يأتي مثلُ هذا في كلام العرب، والغرضُ بيان قدرته تعالى، فليس اختلاف الألوان قاصراً على الفواكه والثمار بل إن في طبقات الأرض وفي الجبال الصلبة ما هو أيضاً مختلف الألوان، حتى لتجد الجبل الواحد ذا ألوانٍ عجيبة، وفيه عروق تشبه المرجان، ولا سيما في صخور " المرمر " فسبحان القادر على كل شيء { وَمِنَ ظ±لنَّاسِ وَظ±لدَّوَآبِّ وَظ±لأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ } أي وخلق من الناس، والدواب، والأنعام، خلقاً مختلفاً ألوانه كاختلاف الثمار والجبال، فهذا أبيض، وهذا أحمر، وهذا أسود، والكلُّ خلق الله فتبارك الله أحسن الخالقين.
. ثم لما عدَّد آياتِ الله، وأعلام قدرته، وآثار صنعه، وما خلق من الفطر المختلفة الأجناس أتبع ذلك بقوله { إِنَّمَا يَخْشَى ظ±للَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ظ±لْعُلَمَاءُ } أي إِنما يخشاه تعالى العلماء لأنهم عرفوه حقَّ معرفته، قال ابن كثير: أي إِنما يخشاه حقَّ خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم، والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر { إِنَّ ظ±للَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } أي غالب على كل شيء بعظمته، غفور لمن تاب وأناب من عباده، ثم أخبر عن صفات هؤلاء الذين يخافون الله ويرجون رحمته فقال { إِنَّ ظ±لَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ظ±للَّهِ } أي يدامون على تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار { وَأَقَامُواْ ظ±لصَّلاَةَ } أي أدوها على الوجه الأكمل في أوقاتها، بخشوعها وآدابها، وشروطها وأركانها { وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } أي وأنفقوا بعض أموالهم في سبيل الله وابتغاء رضوانه في السر والعلن { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } أي يرجون بعملهم هذا تجارة رابحة، لن تكسد ولن تهلك بالخسران أبداً { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } أي ليوفيهم الله جزاء أعمالهم، وثواب ما فعلوا من صالح الأعمال، ويزيدهم - فوق أجورهم - من فضله وإِنعامه وإِحسانه قال في التسهيل: توفية الأجور هو ما يستحقه المطيع من الثواب، والزيادة: التضعيف فوق ذلك أو النظر إلى وجه الله { إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } أي مبالغ في الغفران لأهل القرآن، شاكر لطاعتهم قال ابن كثير: كان مطرف إذا قرأ هذه الآية قال: هذه آية القراء { وَظ±لَّذِيغ¤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ظ±لْكِتَابِ هُوَ ظ±لْحَقُّ } أي والذي أوحيناه إليك يا محمد من الكتاب المنزَّل - القرآن العظيم - هو الحق الذي لا شك فيه، ولا ريب في صدقه { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي حال كونه مصدقاً لما سبقه من الكتب الإِلهية المنزلة كالتوارة والإِنجيل والزبور قال أبو حيان: وفي الآية إِشارة إلى كونه وحياً، لأنه عليه السلام لم يكن قارئاً ولا كاتباً وأتى ببيان ما في كتب الله، ولا يكون ذلك إلا من الله { إِنَّ ظ±للَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } أي هو جل وعلا خبير بعباده محيط ببواطن أمورهم وظواهرها، بصيرٌ بهم لا تخفى عليه خافية من شؤونهم.

البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1ـ الطباق بين { يُذْهِبْ..و.. يَأْتِ } وبين { ظ±لأَعْمَىظ°..و.. ظ±لْبَصِيرُ } و { ظ±لظُّلُمَاتُ..و.. ظ±لنُّورُ } و { ظ±لظِّلُّ..و.. ظ±لْحَرُورُ } و { ظ±لأَحْيَآءُ..و.. ظ±لأَمْوَاتُ } وبين { نَذِيراً.. وبَشِيراً } وبين { سِرّاً.. وَعَلاَنِيَةً }.

2ـ جناس الاشتقاق { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ } { حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ }.

3ـ الاستعارة التصريحية { وَمَا يَسْتَوِي ظ±لأَعْمَىظ° وَظ±لْبَصِيرُ.. } الآية شبه الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير بجامع ظلام الطريق وعدم الاهتداء على الكافر، ووضوح الرؤية والاهتداء للمؤمن، ثم استعار المشبه به { ظ±لأَعْمَىظ° } للكافر، واستعار { وَظ±لْبَصِيرُ } للمؤمن بطريق الاستعارة التصريحية.

4ـ الالتفات من الغيبة إلى التكلم { أنزَلَ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا } بدل فأخرجنا لما في ذلك من الفخامة ولبيان كمال العناية بالفعل، لما فيه من الصنع البديع، المنبىء عن كمال قدرة الله وحكمته.

5ـ قصر صفة على موصوف { إِنَّمَا يَخْشَى ظ±للَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ظ±لْعُلَمَاءُ } فقد قصر الخشية على العلماء.

6ـ الاستفهام التقريري وفيه معنى التعجب { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ظ±للَّهَ أنزَلَ مِنَ ظ±لسَّمَآءِ مَآءً.. } الآية.

7ـ الاستعارة { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } استعار التجارة للمعاملة مع الله تعالى لنيل ثوابه، وشبهها بالتجارة الدنيوية وهي معاملة الخلق بالبيع والشراء لنيل الربح ثم رشحها بقوله { لَّن تَبُورَ }.

8ـ توافق الفواصل مما يزيد في جمال الكلام ورونقه ووقعه في النفس مثل { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } { إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } ومثل { وَبِظ±لْكِتَابِ ظ±لْمُنِيرِ } { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } وهكذا.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-07-30, 16:31 رقم المشاركة : 3
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة فاطر


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا ظ±لْكِتَابَ ظ±لَّذِينَ ظ±صْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِظ±لْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ظ±للَّهِ ذَلِكَ هُوَ ظ±لْفَضْلُ ظ±لْكَبِيرُ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } * { وَقَالُواْ ظ±لْحَمْدُ للَّهِ ظ±لَّذِيغ¤ أَذْهَبَ عَنَّا ظ±لْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } * { ظ±لَّذِيغ¤ أَحَلَّنَا دَارَ ظ±لْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } * { وَظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىظ° عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } * { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ظ±لَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ظ±لنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } * { إِنَّ ظ±للَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ظ±لصُّدُورِ } * { هُوَ ظ±لَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ظ±لأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ظ±لْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ظ±لْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ظ±لأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىظ° بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ ظ±لظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } * { إِنَّ ظ±للَّهَ يُمْسِكُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } * { وَأَقْسَمُواْ بِظ±للَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىظ° مِنْ إِحْدَى ظ±لأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { ظ±سْتِكْبَاراً فِي ظ±لأَرْضِ وَمَكْرَ ظ±لسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ظ±لْمَكْرُ ظ±لسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ظ±لأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ظ±للَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ظ±للَّهِ تَحْوِيلاً } * { أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ظ±لأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوغ¤اْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ظ±للَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَلاَ فِي ظ±لأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } * { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ظ±للَّهُ ظ±لنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىظ° ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـظ°كِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىظ° أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ظ±للَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }


المنَاسَبَة:

لما أثنى تعالى على الذين يتلون كتاب الله، ذكر هنا انقسام الأمة الإِسلامية أمام هذا الكنز الثمين إلى ثلاثة أقسام: الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات، ثم ذكر مآل الأبرار والفجار، ليظل العبد بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة.

اللغَة:
{ نَصَبٌ } تعب ومشقة جسمانية { لُغُوبٌ } اللُّغُوب: الإِعياء والضعف والفتور ومنه
{*وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ*}
[ق: 38] { يَصْطَرِخُونَ } من الصراخ وهو الصياح بصوت عال، والصارخ: المستغيث، والمُصْرخ: المغيث، قال سلامة بن جندب:
كنَّا إذا ما أتانا صارخٌ فزعٌ
***
كان الصُّراخ له قرعُ الظَّنابيب
{ ظ±لنَّذِيرُ } المنذر الذي يخوّف الناس من عذاب الله { خَلاَئِفَ } جمع خليفة وهو الذي يخلف غيره في أمرٍ من الأمور { مَقْتاً } المقت: أشد البغض والغضب { خَسَاراً } هلاكاً وضلالاً { يَحِيقُ } حاق به الشيء: نزل وأحاط.

التفسِير:
{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا ظ±لْكِتَابَ ظ±لَّذِينَ ظ±صْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } أي ثم أورثنا هذا القرآن العظيم لأفضل الأمم - وهم أمة محمد عليه السلام - الذين اخترناهم على سائر الأمم، وخصصناهم بهذا الفضل العظيم، القرآن المعجز خاتمة الكتب السماوية قال الزمخشري: والذين اصطفاهم الله هم أمة محمد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة.. ثم قسمهم إلى ثلاثة أصناف فقال { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِظ±لْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ظ±للَّهِ } أي فمن هؤلاء الذين أورثناهم الكتاب من هو مقصِّر في عمل الخير، يتلو القرآن ولا يعمل به وهو الظالم لنفسه، ومنهم من هو متوسط في فعل الخيرات والصالحات، يعمل بالقرآن في أغلب الأوقات، ويقصِّر في بعض الفترات وهو المقتصد، ومنهم مَن هو سبَّاق في العمل بكتاب الله، يستبق الخيرات وقد أحرز قصب السبق في فعل الطاعات بتوفيق الله وتيسيره وهو السابق بالخيرات بإِذن الله قال ابن جزي: وأكثر المفسرين أن هذه الأصناف الثلاثة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالظالم لنفسه: العاصي، والسابق: التقيُّ، والمقتصد: بينهما وقال الحسن البصري: السابقُ من رجحت حسناته على سيئاته، والظالم لنفسه من رجحت سيئاته، والمقتصد من استوت حسناته وسيئاته، وجميعهم يدخلون الجنة { ذَلِكَ هُوَ ظ±لْفَضْلُ ظ±لْكَبِيرُ } أي ذلك الإِرث والاصطفاء لأمة محمد عليه السلام لحمل أشرف الرسالات والكتب السماوية هو الفضل العظيم الذي لا يدانيه فضل ولا شرف، فقد تفضل الله عليهم بهذا القرآن المجيد، الباقي مدى الدهر، وأنعم به من فضل! ثم أخبر تعالى عما أعده للمؤمنين في جنات النعيم فقال { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } أي جنات إِقامة ينعَّمون فيها بأنواع النعيم، وهي مراتب ودرجات متفاوتة حسب تفاوت الأعمال، وإِنما جمع { الجَنَّاتُ } لأنها جنات كثيرة وليست جنة واحدة، فهناك جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة النعيم، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة السلام، وجنة عليين، وفي كل جنة مراتبُ ونُزلٌ بحسب مراتب العاملين { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } أي يزينون في الجنة بأساور من ذهب مرصَّعة باللؤلؤ { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } أي وجميع ما يلبسونه في الجنة من الحرير، بل فرشهم وستورهم كذلك قال القرطبي: لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور والتيجان، جعل الله ذلك لأهل الجنة، وليس أحد من أهل الجنة إلا في يده ثلاثة أسورة: سوارٌ من ذهب، وسوار من فضة، وسوار من لؤلؤ { وَقَالُواْ ظ±لْحَمْدُ للَّهِ ظ±لَّذِيغ¤ أَذْهَبَ عَنَّا ظ±لْحَزَنَ } أي وقالوا عند دخولهم الجنة الحمدُ لله الذي أذهب عنا جميع الهموم والأكدار والأحزان قال المفسرون: عبَّر بالماضي { وَقَالُواْ } لتحقق وقوعه، والحزن يعمُّ كل ما يكدِّر صفو الإِنسان من خوف المرض، والفقر، والموت، وأهوال القيامة، وعذاب النار وغير ذلك { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } أي واسع المغفرة للمذنبين، شكور لطاعة المطيعين، وكلا اللفظتين للمبالغة أي واسع الغفران عظيم الشكر والإِحسان { ظ±لَّذِيغ¤ أَحَلَّنَا دَارَ ظ±لْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ } أي أنزلنا الجنة وأسكننا فيها، وجعلها مقراً لنا وسكناً، لا نتحول عنها أبداً، وكل ذلك من إنعامه وتفضله علينا { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } أي لا يصيبنا فيها تعب ولا مشقة { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } أي ولا يصيبنا فيها إِعياءٌ ولا فتور، قال ابن جزي: وإِنما سميت الجنة { دَارَ ظ±لْمُقَامَةِ } لأنهم يقومون فيها ويمكثون ولا يُخرجون منها، والنَّصبُ تعبُ البدن، واللغوبُ تعب النفس الناشىء عن تعب البدن.
. ولما ذكر تعالى حال السعداء الأبرار، ذكر حال الأشقياء الفجار فقال { وَظ±لَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ } أي والذين جحدوا بآيات الله وكذبوا رسله فإِنَّ لهم نار جهنم المستعرة جزاءً وفاقاً على كفرهم { لاَ يُقْضَىظ° عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } أي لا يحكم عليهم بالموت فيها حتى يستريحوا من عذاب النار { وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا } أي ولا يخفف عنهم شيء من العذاب، بل هم في عذاب دائم مستمر لا ينقطع كقوله
{*كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً*}
[الإِسراء: 97] { كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } أي مثل ذلك العذاب الشديد الفظيع، نجازي ونعاقب كل مبالغ في الكفر والعصيان { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ظ±لَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } أي وهم يتصارخون في جهنم ويستغيثون برفع أصواتهم قائلين: ربنا أخرجنا من النار وردنا إلى الدنيا لنعمل عملاً صالحاً يقربنا منك، غير الذي كنا نعمله قال القرطبي: أي نؤمن بدل الكفر، ونطيع بدل المعصية، ونمتثل أمر الرسل.. وفي قولهم { غَيْرَ ظ±لَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } اعترافٌ بسوء عملهم، وتندُّمٌ عليه وتحسر، قال تعالى رداً عليهم وموبخاً لهم { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } أي أولم نترككم ونمهلكم في الدنيا عمراً مديداً يكفي لأن يتذكر فيه من يريد التذكر والتفكر؟ فماذا صنعتم في هذه المدة التي عشتموها؟ وما لكم تطلبون عُمراً آخر؟ وفي الحديث
. ثم ذكر تعالى دلائل قدرته ووحدانيته فقال { إِنَّ ظ±للَّهَ يُمْسِكُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضَ أَن تَزُولاَ } أي هو جل وعلا بقدرته وبديع حكمته، يمنع السماوات والأرض من الزوال، والسقوط، والوقوع كما قال تعالى
{*وَيُمْسِكُ ظ±لسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ظ±لأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ*}
[الحج: 65] قال القرطبي: لما بيَّن أن آلهتهم لا تقدر على خلق شيء من السماوات والأرض، بيَّن أن خالقهما وممسكهما هو الله، فلا يوجد حادث إلا بإِيجاده، ولا يبقى إِلا ببقائه { وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } أي ولئن زالتا عن أماكنهما ـ فرضاً ـ ما أمسكهما أحدٌ بعد الله، بمعنى أنه لا يستطيع أحدٌ على إِمساكهما، إِنما هما قائمتان بقدرة الواحد القهار { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } أي إِنه تعالى حليم لا يعاجل العقوبة للكفار مع استحقاقهم لها، واسع المغفرة والرحمة لمن تاب منهم وأناب { وَأَقْسَمُواْ بِظ±للَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } أي حلف المشركون بالله أشدَّ الأيمان وأبلغها قال الصاوي: كانوا يحلفون بآبائهم وأصنامهم فإِذا أرادوا التأكيد والتشديد حلفوا بالله { لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } أي لئن جاءهم رسول منذر { لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىظ° مِنْ إِحْدَى ظ±لأُمَمِ } أي ليكونُنَّ أهدى من جميع الأمم الذين أرسل الله إليهم الرسل من أهل الكتاب قال أبو السعود: بلغ قريشاً قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ أهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا: لعن اللهُ اليهودَ والنصارى، أتتهم الرسلُ فكذبوهم، فواللهِ لئن أتانا رسول لنكوننَّ أهدى من اليهود والنصارى وغيرهم { فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } أي فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم أشرف المرسلين { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } أي ما زادهم مجيئه إلا تباعداً عن الهدى والحق وهرباً منه { ظ±سْتِكْبَاراً فِي ظ±لأَرْضِ وَمَكْرَ ظ±لسَّيِّىءِ } أي نفروا منه بسبب استكبارهم عن اتباع الحق، وعتوهم وطغيانهم في الأرض، ومن أجل المكر السيء بالرسول وبالمؤمنين، ليفتنوا ضعفاء الإِيمان عن دين الله قال أبو حيان: أي سبب النفور هو الاستكبار والمكر السيء يعني أن الحامل لهم على الابتعاد من الحق هو الاستكبار، والمكرُ السيءُ وهو الخداع الذي يرومونه برسول الله صلى الله عليه وسلم والكيد له، قال تعالى رداً عليهم { وَلاَ يَحِيقُ ظ±لْمَكْرُ ظ±لسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } أي ولا يحيط وبال المكر السيء إلا بمن مكره ودبَّره كقولهم " من حفر حفرة لأخيه وقع فيها " { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ظ±لأَوَّلِينَ } أي فهل ينتظر هؤلاء المشركون إلا عادة الله وسنته في الأمم المتقدمة، من تعذيبهم وإِهلاكهم بتكذيبهم للرسل؟ { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ظ±للَّهِ تَبْدِيلاً } أي لن تتغير ولن تتبدل سنته تعالى في خلقه { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ظ±للَّهِ تَحْوِيلاً } أي ولا يستطيع أحد أن يحوّل العذاب عنهم إلى غيرهم، قال القرطبي: أجرى الله العذاب على الكفار، فلا يقدر أحد أن يُبدّل ذلك، ولا أن يُحوّل العذاب عن نفسه إلى غيره، والسُّنة هي الطريقة.
. ثم حثهم تعالى على مشاهدة آثار من قبلهم من المكذبين ليعتبروا فقال { أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ظ±لأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ظ±لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }؟ أولم يسافروا ويمروا على القرى المهلكة فيروا آثار دمار الأمم الماضية حين كذبوا رسلهم ماذا صنع الله بهم؟ { وَكَانُوغ¤اْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي وكانوا أقوى من أهل مكة أجساداً، وأكثر منهم أموالاً وأولاداً { وَمَا كَانَ ظ±للَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ظ±لسَّمَظ°وَاتِ وَلاَ فِي ظ±لأَرْضِ } أي أنه سبحانه لا يفوته شيء، ولا يصعب عليه أمر في هذا الكون { إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } أي بالغ العلم والقدرة، عالم بشئون الخلق، قادر على الانتقام ممن عصاه { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ظ±للَّهُ ظ±لنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىظ° ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } بيانٌ لحلم الله ورحمته بعباده أي لو آخذهم بجميع ذنوبهم ما ترك على ظهر الأرض أحداً يدب عليها من إنسان أو حيوان قال ابن مسعود: يريد جميع الحيوان مما دبَّ ودرج { وَلَـظ°كِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىظ° أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي ولكنه تعالى من رحمته بعباده، ولطفه بهم، يمهلهم إلى زمن معلوم وهو يوم القيامة فلا يعجل لهم العذاب { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ظ±للَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } أي فإِذا جاء ذلك الوقت جازاهم بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، لأنه تعالى العالم بشئونهم المطلع على أحوالهم قال ابن جرير: بصيراً بمن يستحق العقوبة، وبمن يستوجب الكرامة، وفي الآية وعيدٌ للمجرمين ووعد للمتقين.

البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الإِطناب بتكرير الفعل { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } للمبالغة في انتفاء كل منهما استقلالاً، وكذلك الإِطناب في قوله { وَلاَ يَزِيدُ ظ±لْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ظ±لْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } لزيادة التشنيع والتقبيح على من كفر بالله.

2ـ التهكم في صيغة الأمر { فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } مثل
{*ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ظ±لْعَزِيزُ ظ±لْكَرِيمُ*}
[الدخان: 49].

3ـ المبالغة مثل { غَفُورٌ } ، { شَكُورٌ } ، { كَفُورٍ } ومثل { حَلِيماً } ، { عَلِيماً } ، { قَدِيراً } فإِنها من صيغ المبالغة.

4ـ الاستفهام الإِنكاري للتوبيخ { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ظ±لأَرْضِ }؟ وكذلك { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ }؟

5ـ الاستعارة المكنية { مَا تَرَكَ عَلَىظ° ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } شبَّه الأرض بدابة تحمل على ظهرها أنواع المخلوقات ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الظهر بطريق الاستعارة المكنية.

6ـ السجع غير المتكلف، البالغ نهاية الروعة والجمال مثل { وَجَآءَكُمُ ظ±لنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } وهو من المحسنات البديعية.
" أعذر الله إلى امرىءٍ أخَّر أجله حتى بلغ ستين سنة " ومعنى " أعذر " أي بلغ به أقصى العذر { وَجَآءَكُمُ ظ±لنَّذِيرُ } أي وجاءكم الرسول المنذر وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعث بين يدي الساعة، وقيل: { ظ±لنَّذِيرُ } هو الشيبُ، والأول أظهر { فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } أي فذوقوا العذاب يا معشر الكافرين، فليس لكم اليوم ناصر ولا معين يدفع عنكم عذاب الله قال الإمام الفخر: والأمرُ أمرُ إِهانة { فَذُوقُواْ } وفيه إشارة إلى الدوام، وإِنما وضعَ الظاهر { لِلظَّالِمِينَ } موضع الضمير " لكم " لتسجيل الظلم عليهم، وأنهم بكفرهم وظلمهم ليس لهم نصيرٌ أصلاً لا من الله ولا من العباد، ثم قال تعالى { إِنَّ ظ±للَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ } أي هو تعالى العالم الذي أحاط علمه بكل ما خفي في الكون من غيب السماوات والأرض، لا يخفى عليه شأن من شئونهما { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ظ±لصُّدُورِ } أي يعلم جلَّ وعلا مضمرات الصدور، وما تخفيه من الهواجس والوساوس، فكيف لا يعلم أعمالهم الظاهرة؟ قال المفسرون: والجملة لتأكيد ما سبق من دوام عذاب الكفار في النار، لأن الله تعالى يعلم من الكافر أنه تمكَّن الكفر في قلبه بحيث لو دام في الدنيا إلى الأبد ما آمن بالله ولا عبَده، فالعذابُ الأبديُّ مساوٍ لكفرهم الأبدي، فلا ظلم ولا زيادة
{*وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً*}
[الكهف: 49] قال القرطبي: والمعنى في الآية علم أنه لو ردكم إلى الدنيا لم تعملوا صالحاً كما قال تعالى
{*وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ*}
[الأَنعام: 28] { هُوَ ظ±لَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ظ±لأَرْضِ } أي هو تعالى جعلكم أيها الناس خلائف في الأرض، بعد عاد وثمود ومن مضى قبلكم من الأمم، تخلفونهم في مساكنهم جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن { فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي فمن كفر بالله فعليه وبال كفره، لا يضر بذلك إلا نفسه { وَلاَ يَزِيدُ ظ±لْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً } أي ولا يزيدهم كفرهم إلا طرداً من رحمة الله وبعداً وبغضاً شديداً من الله { وَلاَ يَزِيدُ ظ±لْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } أي ولا يزيدهم كفرهم إلا هلاكاً وضلالاً وخسران العمر الذي ما بعده شر وخسار!! قال أبو حيان: وفي الآية تنبيه على أنه تعالى استخلفهم بدل من كان قبلهم، فلم يتعظوا بحال من تقدمهم من المكذبين للرسل وما حلَّ بهم من الهلاك، ولا اعتبروا بمن كفر، ولا اتعظوا بمن تقدم، والمقتُ أشد الاحتقار والبغض، والخسارُ خسارُ العمر، كأنَّ العمر رأس مال الإِنسان فإذا انقضى في غير طاعة الله فقد خسره، واستعاض به بدل الربح سخط الله وغضبه، بحيث صار إلى النار المؤبدة، ثم وبَّخ تعالى المشركين في عبادتهم ما لا يسمع ولا ينفع فقال { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ظ±لَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ظ±للَّهِ }؟ قال الزمخشري: { أَرَأَيْتُمْ } معناها أخبروني كأنه قال: أخبروني عن هؤلاء الشركاء وعما استحقوا به الإِلهية والشركة، ومعنى الآية: قل يا محمد تبكيتاً لهؤلاء المشركين: أخبروني عن شأن آلهتكم - الأوثان والأصنام - الذين عبدتموهم من دون الله، وأشركتموهم معه في العبادة، بأي شيء استحقوا هذه العبادة؟ { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ظ±لأَرْضِ } أي أروني أيَّ شيء خلقوه في هذه الدنيا من المخلوقات حتى عبدتموهم من دون الله؟ { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ } أي أم شاركوا اللهَ في خلق السماوات فاستحقوا بذلك الشركة معه في الألوهية؟ { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىظ° بَيِّنَةٍ مِّنْهُ } أي أم أنزلنا عليهم كتاباً ينطق بأنهم شركاء الله فهم على بصيرة وحجة وبرهان في عبادة الأوثان { بَلْ إِن يَعِدُ ظ±لظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } إضرابٌ عن السابق وبيانٌ للسبب الحقيقي أي إِنما اتخذوهم آلهة بتضليل الرؤساء للأتباع بقولهم: الأصنام تشفع لهم، وهو غرور باطل وزور قال أبو السعود: لما نفى أنواع الحجج أضرب عنه بذكر ما حملهم عليه، وهو تغرير الأسلاف للأخلاف، وإِضلال الرؤساء للأتباع بأنهم يشفعون لهم عند الله.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-08-26, 17:46 رقم المشاركة : 4
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير سورة فاطر





    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 14:59 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd