2010-02-07, 18:54
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | العنف المدرسي...و أي دور للأستاذ | العنف المدرسي...و أي دور للأستاذ تتواثر في السنوات الأخيرة أخبار العنف والاعتداءات المقترفة من طرف التلاميذ في حق أساتذتهم أو زملائهم في الدراسة، وقد نحت هذه الاعتداءات في العديد من الحالات منحى مأساويا.
ويمكن أن نقول ،بلا وجل، أن العنف المدرسي كان دائما ملازما للمدرسة المغربية كملازمته للمجتمع المغربي، وإن بوثائر متفاوتة طبعا. وتتغير الأطراف التي يصدر عنها ،العنف، والتي تكون هدفا له. وقد كان في السابق غالبا ما يصدر العنف عن المدرس، رمز السلطة والقوة داخل الفصل، وهنا يمكن أن نستحضر صورة الفقيه الشاخص بعصاه فوق رؤوس تلامذته، والذي لا يتوانى عن استعمالها وبسادية لا تمت للتربية وأساليبها بصلة، وهذا العنف المادي غالبا ما كان يرافق بعنف آخر معنوي، كالتجريح والإهانة والطرد من الصف ...
لكن ما يمكن تسجيله في الآونة الأخيرة هو تراجع هذا العنف الممارس من طرف المربّي ليحل محله العنف الممارس من طرف التلاميذ**، سواء في حق مدرسيهم أو زملائهم. وهذا الأمر هوجزء من التحوّل الحاصل في المجتمع- بدءا بالأسرة كوحدة أولى للنظام الاجتماعي- والتسم باستشراء الجريمة والانحراف الناجمين عن الإقصاء والحرمان الاقتصادي والاجتماعي، وغياب المواكبة التربوية، علاوة على الانفتاح على إنتاجات إعلامية تحض على العنف وتقدمه كمعيارللنجاح وإثبات الذات... وهكذا تحولت المؤسسات التعليمية إلى سوق لترويج وتعلم أبجديات تعاطي جميع أنواع المخدرات وأشكال العربدة، في ظل إهمال يبدو مقصودا من طرف المسؤلين المفترضين عن محاربة المخدرات ومروجيها، وكذلك في ظل انعدام الثقة في التعليم بسبب انعدام الأفق والخوف من المستقبل الغامض المفتوح أمام المتعلم، الذي هو في الغالب الأعم، سليل عائلة فقيرة تطفح بمعطّلين أفنوا سنوات من عمرهم في الجدّ والتضحية.
المؤسسات التعليمية هي مؤسسة محافظة بطبيعتها، ذلك أن دورها هو إنتاج وإعادة إنتاج الايديولوجيا السائدة بواسطة البرامج والمقررات التعليمية التي تبرر وتشرعن الواقع كما هوقائم، وبالتالي فهي تروم تأبيد وضع غير سوي، أو هو كذلك من معيار مصلحة الغالبية العظمى من الشعب..لكن ثمة فارقان مهمان بين المؤسسة التعليمية وأي مؤسسة إنتاج أخرى. والفارق الأول هو كون "منتوج" المؤسسة التعليمية ذاتا/إنسانا وليس بضاعة، أما الثاني فهو ما يمكن أن نسميه فاعلية المدرس أي قدرته على تحجيم الجانب الرجعي للمؤسسةالتعليمية.
من نافل القول، الاعتراف بأن الأستاذ يعيش بدوره مشاكل لا حصر لها، ما دام هو عنصرا من هذا المجتمع، وبالتحديد من الطبقات الكادحة فيه، لكن وبسبب من حساسية الوظيفة التي يشغلها في مؤسسة تساهم في تشكيل شخصية أجيال هي بذور المجتمع المقبل فإن دوره حاسم لأنه ينتمي لفئة واعية، افتراضا على الأقل، ونظرا لفارق السن والتجربة ( فهو تلميذ سابق وفي الغالب أب) وهو كذلك متضرر في نفس الآن من الوضع القائم، إذن فمطلوب منه أن يكون أكثر تفهما وأنصاتا للتلميذ وأن يقوّم اعوجاجه عن طريق تعامله معه بطريقة تحترم شخصيته وتساعده على النمو والتفتح، وتغرس فيه شيمة الاعتماد على النفس والميل إلى الابتكار..ومن المفيد في هذا الجانب استلهام تجربة النوادي والجمعيات الثقافية سواء من داخل المؤسسات التعليمية أو خارجها.
ولا يمكن للمدرس النهوض بهذه المسؤولية،طبعا، إلا بالتكوين المستمر، والإنكباب على مطالعة المناهج التربوية الحديثة والعلمية، كما التسلح بذخيرة معرفية تشمل جميع المجالات، ليتمكن من تحليل المجتمع بشكل علمي وشمولي وبالتالي يتبوأ المكانة المنوطة به. بدل أن يزجي وقته في الثرثرة حول الترقيات وأنواع الموضة على قارعة المقهى.
هامش
**أغفلت عمدا الحديث عن الجامعة رغم مظاهر العنف المستشري هناك- سواء بين الطلبة وقوات القمع العمومية، أوالصادرعن بعض التيارات الفاشستية والمخترقة- لأن شخصية الفرد في هذا المستوى تكون غالبا قد تشكلت. | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=72090 |
| |