إلى متى نهرب مِن حل مشاكلنا؟
إنها أحد أخطاء الحياة كلنا تواجهنا المشاكل , بصورة مستمرة , وتتباين مستواها , ومستوى تأثيرها على الشخص , لكنها بالعموم تشغل حيزا كبيرا من الذهن , وتشتت كثيرا من التركيز , وتثقل النفس بالهم والحزن , وتكسو الإنسان بالخمول والكسل وقد تتطور فتصيبه باليأس والقعود عن حياته بالكلية . بعض الناس يفضل الهروب من مشكلاته , بأشكال مختلفة , فما يزيده الهروب منها إلا هموما , وتراجعا , وانطواء , وخوفا من العاقبة , وحذرا من مقابلة الناس , وقد تكثر الأوهام وتتفاقم في نفسه ظنا منه أن مشكلته لن تنتهي , أو أنها ستكون القاضية عليه وعلى حياته , فيرتفع ضغط الدم , وتصيبه الأمراض النفسية المختلفة . الرؤية الصحيحة للمشكلة سبب مؤثر في صحة حلها أو مواجهتها , وصوابية الرؤية تؤدي إلى صوابية الحل . وكثير من الناس يصاب بتشويش الرؤية فلا يرى الأمور على حقائقها , بل يراها من خلال موقفه ( الضعيف أو المتردد أو المبالغ أو المهون ) لمشكلته , ومن ثم لا يستطيع توصيفها بحق ولا السير في طريق حلها , فيفضل الهروب من جديد ! الحل هنا أن تنظر إلى المشكلة من مكان أعلى منها , لا من جانبها ,بمعنى على صاحب المشكلة أن يخرج نفسه من دوامتها ليراها من أفق أوسع، فيصفها لنفسه وصفا دقيقا بغير تهويل ولا تهوين , ويعرف أطرافها جيدا , والعوامل المؤثرة فيها , ومدى أثرها المتوقع عليه وعلى من حوله، ثم لا يفتح لنفسه مجالا لتداخل الرؤى بين ما يمر به من مؤثرات أخرى وبين مشكلته حتى لا يضيع في المتاهات . إلا أن الجانب الأهم في التعامل مع المشكلات هو قرار مواجهتها وعدم الهروب منها , وأقصد بمواجهتها وضعها على طاولة التفكير والنظر والبحث لدراستها دراسة جيدة . فالذين يهربون من مواجهة مشكلاتهم تظل مشكلاتهم وأزماتهم بغير حل أو انقضاء , بل إن بعضهم يظل قيد مشكلته حتى بعدما تنقضي المشكلة . فبدلا من تضييع الوقت والجهد تأسفا على ما حدث , والسقوط في التيه النفسي تقليبا في أحداث المصاب , فأولى للإنسان في هذه الحالة أن يتفكر في أسباب ما حصل لك ..ويخطط للخروج من دائرتها. فإن كان أمرا قدريا ليس لك فيه دور فعليه بقبوله والصبر عليه , وسؤال الله التثبيت للنفس , فإنما هو ابتلاء يبتلي الله سبحانه به عباده , وعلى المصاب أني درب نفسك على تقبله والصبر عليه حتى تجاوزه. وإن كانت أزمة ذات أذرع وفروع فعلى الإنسان أن يفكر في أسبابها , لأن التفكير في الأسباب جزء من الحل , والموفق من وفقه الله الى مسببات الأشياء فتوكل على الله في الأخذ بأسبابها , واستعان بالله عليها . محور آخر هام في مواجهة المشكلات , هو سؤالك لنفسك كيف ستواجهها ؟ وما هو منهجك في مواجهتها ؟ وما هي المحظورات في مواجهتها , وما هي الاحتياطات التي ستضعها لنفسك أمامها ؟! ومن الحكمة في مواجهة المشكلات أن تقترح لها حلولا مختلفة , وألا تقتصر على حل واحد . بل إن بدائل الحلول هي كلمة السر في حل الأزمات , وكلما كان البديل واقعيا وقريبا من الإمكانات والقدرات كلما كان أقرب للتطبيق . ويجب ان تعلم نفسك أنك إذا اخترت حلا بديلا وبدأت فيه فإياك أن تتردد , بل سر فيه ما دمت قد اتخذت فيه خطواتك . و بعد تفنيد أسباب ما تواجهه , ووصفه وصفا دقيقا بعيدا عن التوتر , ووضع خيارات الحلول الذاتية , جاء الدور على استشارة أهل الخبرة والعلم خصوصا وأنهم يعيشون خارج دائرة مشاكلنا بحيث يسهل عليهم رؤية الأمر بتوازن , ثم علينا أن نضيف آراءهم وما تفضلوا به من اقتراحات ورؤى الى ما سبقناهم فيه ثم نضع وصفا جديدا وصورة نهائية للأزمة وحلها . وتأتي استخارة الله العظيم سبحانه قبل الهموم والبدء بالعمل وبالحل كأمر أساسي ومبارك في حل الأزمة ومواجهتها , بل علينا أن ننظر دائما إلى الاستخارة وكأنها بوصلة في الطريق توجهنا نحو هدف مرجو صحيح . ولي عودة للموضوع |