المغرب... هنا و الآن : "لاتنمية مع الأمية" - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2010-02-05, 14:03

رقم المشاركة : 1

ابن خلدون

بروفســــــــور

إحصائية العضو

ابن خلدون غير متواجد حالياً

المغرب... هنا و الآن : "لاتنمية مع الأمية"

" إن المغرب مرت أمامه فرص عديدة ضيع كثيرا منها منذ بداية الاستقلال إلى حدود الآن (بداية العشرية الثانية من الألفية الثالثة) ولازال يضيع كثيرا من الفرص – ولو تم استغلالها بشكل عقلاني وبرؤية مستقبلية مضبوطة وبدون حسابات ضيقة لكان المغرب اليوم في مصاف الدول المتقدمة ولتجاوز ألان التفكير والانشغال في /بقضايا تعتبر هامشية بالنسبة لبعض الدول مثل : تعميم التعليم وتعميم الكهرباء والماء الصالح للشرب وحقوق الإنسان ومحاربة الأمية وتكافؤ الفرص بين الجنسين.....الخ إن المغرب اليوم أمامه فرصة ذهبية تاريخية تجلت بوادرها الأولى منذ بداية الألفية الثالثة في إعلان ملك البلاد عن الإرادة القوية والرغبة الأكيدة في إحداث تغييرات جذرية،وإزالة كل العراقيل التي تقف أمام المجتمع المغربي للانخراط في التنمية المستدامة ،وتمنعه من ولوج عالم المعرفة والحداثة والديمقراطية".

وقد تجسدت هذه الفرصة حاليا في :"المفهوم الجديد للسلطة-المفهوم الجديد للوطنية والمواطنة-مدونة الأسرة –هيئة الإنصاف والمصالحة التصدي لآفة التطرف والإرهاب والانفصال –إصلاح المنظومة التربوية (بما فيها التربية النظامية وغير النظامية ومحاربة الأمية –إصلاح الشأن الديني وإعادة هيكلته –قانون الأحزاب –الاهتمام بالشأن الحقوقي والتركيز على قيم حقوق الإنسان وأخيرا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية و الجهوية الموسعة، بما هي تدبير عقلاني و ديمقراطي للحكامة الترابية...".

بالفعل لقد نجح مجموعة من الخبراء والمختصين ومجموعة من الدارسين ، في مجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتربية، في الوصول إلى هذه الخلاصات والاستنتاجات –من بين هؤلاء الأساتذة مصطفى محسن، محمد جسوس، محمد عابد الجابري، عبد الله العروي، البردوزي وكذلك الأستاذ لحسن مادي المختص في محاربة الأمية ...-نفس الخلاصات والاستنتاجات وصل إليها التقرير الخمسيني فكيف وصل هؤلاء إلى ذلك ؟وما هي السبل التي سلكوها في مسعاهم هذا؟

هذا ما سوف أحاول إبرازه، مجيبا فيه عن هذين السؤالين وأسئلة أخرى نسترشد بها –منهجيا-في هذه المحاولة المتواضعة...فما هو،أولا وقبل كل شيء، السياق العام الذي تندرج فيه تلك الخلاصات والاستنتاجات ؟يتحدد هذا السياق في:

1. النقاش الدائر عالميا حول التقارير الصادرة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة حول التنمية البشرية.

2. النقاش المأمول حول مضمون التقرير الخمسيني حول التنمية البشرية بالمغرب.

3. النقاش المفترض / الدائر محليا ووطنيا حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،والحكم الذاتي والجهوية الموسعة

سوف نحاول المساهمة قدر الإمكان، في توضيح مجموعة من المفاهيم مثل مفهوم التنمية البشرية ومفهوم محاربة الأمية ...مع توضيح ضرورة الربط بين هذين المفهومين ،وكيفية جعل محاربة الأمية من بين المداخل التي يمكن اعتمادها لتفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب واعتبارها دعامة أساسية من دعاماتها. يمكن القول، إن تلك الخلاصات والاستنتاجات تكمن في المعطيات والأفكار والمضامين والتصورات والأطروحات التي تحيل إليها .أيضا تتجلى أهميتها في نوع التساؤلات والإشكالات التي توحي بها و الإجابات التي تقدمها:

 ما هي الدواعي التي جعلت المغرب يتبنى منهجية التنمية البشرية للقضاء ومحاربة الاستغلال باعتباره منبع ومصدر الفقر،لذا أحبذ الحديث عن محاربة الاستغلال بدل الحديث عن محاربة الفقر،لأن الفقر لايمكن محاربته إلا بمحاربة الاستغلال والتهميش والإقصاء والهشاشة الاجتماعية والاقتصادية ؟ ما هي العوائق والإكراهات التي تحول دون تحقيق هذه التنمية ؟

 ما هي أبعاد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب ؟ وهل المغرب يتوفر على استراتيجية فى هذا الموضوع

 ما هي العلاقة المفترضة بين محاربة الأمية والتنمية البشرية ؟

 كيف نجعل من محاربة الأمية مدخلا من بين المداخل لتحقيق التنمية؟

في تقديري المتواضع، يمكن اعتبار هذه التساؤلات /الإشكالات بمثابة منظومة/ Systèmeمن الأسس و المرتكزات والمقدمات النظرية –الفكرية لبناء وتأسيس أطروحة حول التنمية البشرية في علاقتها بمحاربة الأمية.إنها مدخل /قراءة تشخيصية"للمشروع التنموي –الحداثي –الديمقراطي الذي يفكر فيه المغرب دولة ومجتمعا، والذي يعمل من أجل تحقيقه على ارض الواقع ....

لتحليل ومناقشة تلك الإشكالات وتلك الخلاصات يجب الانطلاق من إن مفهوم التنمية البشرية يعتمد تصورا واضحا لدور الإنسان ، وان سر تقدم الأمم ورقيها يكمن بالأساس في ما تتوفر عليه من عقول وكفاءات قادرة على المبادرة والإبداع والابتكار،وعلى التكيف مع مختلف المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، المحلية والجهوية والوطنية والدولية .

أ يضا قادر على التعامل و العمل على إن تحقيق التنمية يشكل نظرة جديدة للإنسان ولامكاناته ولقدراته في المشاركة وبناء مجتمع تتحقق فيه المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ...إن التنمية البشرية –وفق هذا المنظور اعتراف بالبشر،بكونهم ثروة حقيقية يجب استثمارها بشكل عقلاني من أجل القضاء على التخلف ،لان الإنسان هو غايتها ومصدرها وفاعلاها وصانعها والمستفيد من نتائجها،لأنها تنمية شاملة لا تقاس بوفرة السلع والقدرة على شرائها واستهلاكها بل تتوجه إلى تحقيق كرامة الإنسان ،

و بذلك فهي تتجه إلى الذات لتجعل البشر يعيشون حاضرهم في طمأنينة وينظرون إلى مستقبلهم بكل ثقة وتفاءل .بمعنى إن الغاية الإستراتجية للتنمية البشرية هي تحقيق إنسانية الإنسان وإخراجه من دائرة التخلف والتأخر والانحطاط والبداوة ...الخ،على اعتبار إن التنمية البشرية ليست فعلا اعتباطيا أو خطاب استهلاكيا مؤقتا يستعمل لتحقيق إغراض محدودة وانية وإنما هي رؤية شاملة لمشروع مجتمعي يستهدف القضاء على التخلف ووضع المجتمع في/على سكة التقدم،وجعله قادرا على الاستمرار في هدا التقدم وتطوير نفسه بنفسه،والتمكن من الانفتاح على مختلف شعوب وثقافات العالم، خاصة وان مكونات التنمية البشرية مختلفة متنوعة ومتعددة ،متشابكة ومتكاملة في نفس ألان .

2 بعد هذا التحديد المفاهيمي، الذي حاولنا أن نبرز فيه البعد الحقوقي وبعد الديمقراطية ،الضروريين لكل تنمية بشرية، نشير إلى الأسس السوسيو –اقتصادية و السوسيو-ثقافية التي يرتكز عليها وهي:

‌أ. الاستناد على المعطيات الموضوعية للإشكالية الاجتماعية في المغرب ...

‌ب. إعادة التأهيل الاجتماعي: :وذلك بتبني سياسة اجتماعية تقوم على تحسين وتعزيز نوعية الحياة للمواطنين والقطع النهائي مع المفهوم الضيق للتنمية الاجتماعية ،وذلك بإقامة مؤسسات نزيهة وشفافة تحترم فيها حقوق الإنسان وكرامته وحرياته الأساسية وبالتالي سيادة القانون ودولة الحق .

في هذا الأفق لابد من طرح هذا التساؤل الذي يفرض علينا نفسه وبإلحاح :

هل المغرب .... هنا والآن يتوفر على سياسة اجتماعية فعلية (على اعتبار أن السياسة الاجتماعية هي آلية منهجية لبناء مجتمع تسوده العدالة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي )؟ إن تشييد السياسة الاجتماعية في بلادنا نروم من خلاله بناء مجتمع أكثر إنتاجية وأكثر فعالية /فاعلية ،مجتمع يعتمد التصميم والتخطيط والتنفيذ والمراقبة والمحاسبة والمساءلة كأدوات أساسية ومركزية في إستراتيجية التنمية وفي علاقتها الجدلية بمحاربة الأمية .

‌ج. تمتين المجال العام، وذلك بالعمل على إيجاد مجتمع مدني قوي فاعل وفعال ،وصحافة حرة موضوعية ومهنية ،وحوار ونقاش عمومي يشمل جميع مكونات المجتمع ،كما يشمل جميع القضايا والملفات ، ومؤسسات نزيهة وشفافة ومتجاوبة مع الرأي العام

‌د. الانفتاح على تحولات العالم والتغيرات التي يعرفها والتفاعل الايجابي مع معطيات ونتائج العولمة ...

‌ه. معرفة/ التعرف على تجارب الشعوب والأمم الأخرى في محاربة الفقر والاستغلال والإقصاء والهشاشة الاقتصادية والاجتماعية ...ذلك كله من أجل : ◄ التصدي للعجز الاجتماعي ◄ تشجيع الأنشطة المساهمة في خلق فرص شغل ◄ الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص / للمواطنين ...

إن الأمر إذن، يتعلق بوضع سيناريوهات التنمية البشرية الحقيقية التي تنطلق أساسا من لغة الصراحة والجرأة الفكرية وقول الحقيقة كلها دون نقصان أو تنميق. بناء على كل ما تقدم وتأسيسا عليه، نطرح التساؤل الأتي:

كيف يمكن اعتماد محاربة الأمية مدخلا من بين المداخل الأساسية التي يمكن الانطلاق منها لتشييد وتحقيق التنمية الإنسانية ؟إن طرحنا لهذا السؤال –بهذا الشكل- يدفعنا إلى القول : إن محاربة الأمية ليست المدخل الوحيد للوصول إلى هذا الهدف ؟ولكن هناك مداخل عديدة مختلفة ومتنوعة من الضروري الاشتغال عليها في الوقت نفسه في إطار تصور شمولي وواضح المعالم عبر مشاريع مندمجة.

اعتبارا لذلك إذن فإن الهدف هو المساهمة في توضيح كيف يمكن تحويل الأنشطة التقليدية الخاصة بمحاربة الأمية التي تسهر عليها مجموعة من الجمعيات، ومنظمات المجتمع المدني، إلى أنشطة مندمجة تندرج ضمن توجهات وغايات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية...على اعتبار،أن محاربة الأمية،في تقديري المتواضع هي ما يخول للناس استقلاليتهم، و ما يمنحهم الكفايات التي هم في حاجة إليها ، وكذلك ما يستجيب لحاجاتهم المتنوعة ،مثل معرفة حقوقهم الخاصة .إن محاربة الأمية كانت وما تزال المعضلة الأساسية التي تقف أمام مختلف المبادرات التي ترمي إلى القضاء على الفقر والتخلف والبداوة في التفكير والممارسة، وإلى محاولات إدماج العنصر البشري (الإنساني) في التنمية.

ان الامية في بلادنا كانت و لا تزال نسبتها مرتفعة تحول دون استفادة اقتصادنا و مجتمعنا و تنميتنا من طاقات هي في امس الحاجة الى اكتشافها.

هكذا إذن، لا نملك إلا أن نردد مع مجموع الدارسين والخبراء والمختصين :أن المغرب –دولة ومجتمعا- أمامه فرصة تاريخية لا يجب إن يضيعها كما ضيع فرصا عديدة وكثيرة مرت أمامه، لو تم استغلالها واستثمارها بشكل عقلاني وبرؤية مستقبلية لكان مغرب اليوم في مصاف الدول المتقدمة.... في الأخير ،وبهذه المناسبة ،مناسبة الحديث عن إشكالية العلاقة بين التنمية والأمية ،ورصد طبيعة هذه العلاقة ، باعتبارها علاقة جدلية ، كل طرف فيها يشترط حضور الآخر، ندعو القارئ الكريم إلى التفكير معنا وبصوت مرتفع في الأنواع المتعددة والمختلفة والكثيرة من الأمية ،التي يعاني منها المجتمع المغربي من قبيل

الأمية السياسية ، الأمية الثقافية ، الأمية الفكرية....الخ).
http://hibapress.com/PeupleMaqual/050210_DVLPM/

: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=71230


	للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :