2016-04-15, 11:46
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | " إصلاح " التعليم بين الشرط الوجودي والهم الإيديولوجي | " إصلاح " التعليم بين الشرط الوجودي والهم الإيديولوجي محمد القسطاني يرجع إصلاح التعليم مرة أخرى كلازمة لحن حزين، وحتى يستساغ العود حمل شعارات جديدة من نوع المدرسة العادلة والمنصفة وتكافؤ الفرص، وركز على زوايا بعينها مثل التربية الدينية ولغة التدريس والتكوين المهني. في المطلق يبقى الشعار إيجابيا، كما أن الدعوة إلى مراجعة مضامين القيم والدين نحو مزيد من التسامح واحترام العقائد الأخرى يعد أمرا يجب تثمينه، كما أن التفكير في دمج التعليم بالإنتاج والسوق أمور محمودة منهجيا ومطلوبة مجتمعيا. لكن عند الفحص القريب نجد الأمر أعقد مما نظن، لنرجع شيئا ما إلى الوراء النظري. عندما نتتبع النظريات المهتمة بالمدرسة، في فرنسا خاصة، نجدها تطورت من مدرسة الإدماج والوظيفة الأخلاقية مع دوركايم في بداية القرن الماضي وسياق قيم الجمهورية واللائكية، والدور الذي يجب أن تلعبه المدرسة الإلزامية في التنشئة على استضمار قيم الجمهورية والمواطنة من تقوية حس الانتماء والتضامن، وتشجيع العلم والعقلانية وفق الأنوار والوضعية... بعد الحرب وتعميم الثانوية وجماهيرية المدرسة تبدأ الشكوك تحوم حول حياد المؤسسة التربوية، بل والتأكيد على دورها المركزي في إعادة إنتاج المجتمع بفئاته وطبقاته، ومن ثمة الحيف الذي تمارسه على من لا يملك الكافي من الرأسمال الثقافي. هي إذا وسيلة من وسائل الهيمنة، كما أكد على ذلك بيير بورديو في أطروحته القوية، إعادة الإنتاج. وجرت مياه كثيرة تحت جسر التعليم فرنسيا ودوليا، وتوالت تكاليف المدرسة على الحكومات، وانتشرت قيم النيوليبرالية ونماذج تعليمية شتى من الولايات المتحدة الأمريكية وفنلندا وجنوب شرق آسيا والصين، وهي كلها تجارب جد مختلفة عن النموذج الفرنسي الاجتماعي ومرتبطة أساسا بالنمو وإعداد الخريج للمقاولة. فظهرت نظرية نزع المدرسة عن المجتمعdéscolarisation de la société ، وعدم رهن نجاح المواطن في الحياة بنجاحه في المدرسة، وهي الفكرة المحورية التي يدافع عنها السوسيولوجي الفرنسي فرنسوا دوبي، وهي النظرية التي يبدو أنها وجدت صداها في ساحة ما يسمى بالإصلاح التعليمي في المغرب. ما هو نزع المدرسة عن المجتمع؟ هو نوع من معالجة الإشكالية المزمنة للمدرسة: كيف نوفق بين قيم الاستحقاق على أساس الموهبة والاستعدادméritocratie من جهة، وأثر الأوضاع الاجتماعية على النجاح في المدرسة والحياة من جهة أخرى؟ أثير نقاش كبير حول هذه المعضلة وقدمت حلول منها ما هو تقني مثل كوطا الولوج للمدارس العليا والأقسام التحضيرية لثانويات الأحياء الفقيرة وغير ذلك. ومنها ما هو استراتيجي يستوحي النموذج الأمريكي الذي يتجلى في عدم تكلف الدولة بمصارف المدرسة. غير أن الحل في السوسيولوجيا الفرنسية ليس أعمى، إذ يأخذ بعين الاعتبار اختلاف السياقات والثقافات، تكفل المتبرعين الأمريكيين بالمدرسة والجامعة مثلا، القدرة على التكوين فيما بعد في المقاولة، إلى غير ذلك من خصوصيات التجربة الأمريكية الفريدة... الأمر الذي يجب أن يتفهمه أي إصلاح استراتيجي مغربي، جميل أن يقتبس ويستوحي لكن مع الحذر المنهجي في اختلاف السياقات والثقافات والقيم. إن الاهتمام بالدين وإعادة النظر في مضامين الدروس أصبح أمرا بالغ الأهمية، بل وتأخر الأمر حتى أصبحنا نرى ما نراه من الغلو والتطرف والفكر القصي، صحيح أيضا أننا ضحينا بعقود في عدم الحسم في لغة/لغات التدريس...حتى أصبحنا في الرداءة المشهودة.. لكن ورغم ذلك ففي المستعجل مستعجل. في رأس قائمة ما يجب الانتباه إليه، محو الأمية، لأن كل شيء وكل إصلاح وكل نية حسنة تتحطم أمام الجهل المحيط، لا لغة ولا دين ولا تكوين مهني، اللهم إن شئنا أن نفكر لثلث المجتمع فحسب. لازالت ترن في أذني صرخة أم حاورتها بصدد التعليم ما قبل المدرسي: _ "ما تعطوينيش الفلوس، قروني بش نقدر نقري ولدي"، _ " ديرو الروض باش تحرر ابنتي لمكلفة بخوها، وتقرا حتى هيا" _" باهم ماعارف والو، يهرب الولد من المدرسة، يقول دربح، يجلس إيعاوني فلخدمة..." بعد محو الأمية يأتي الهدر المدرسي والجامعي ليحطمان النوايا الحسنة ويعيدان المجهود إلى البدء كأننا في أسطورة سيزيف. نحن لسنا في مستوى إنجاح الإنسان في الحياة حتى ولم ينجح مدرسيا، سياقنا قريب جدا من سياق بداية القرن الماضي في أوروبا، سياق الإدماج وإدخال المجتمع في المدرسة وتقوية عموميتها وربطها بالقيم الكبرى للإنسانية والحقوق الكونية. هي قضية وجود وليست قضية تجريب تقنوي. | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=828666 |
| |