2016-03-09, 16:23
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | دور المرأة في المجتمع بين العمق والسطحية: | دور المرأة في المجتمع بين العمق والسطحية: كم أطرقنا السمعَ لأهميةِ دَوْرِ المرأة في المجتمع وحقوقها في البناء والتشييد! وكم سَمِعْنا عن دَوْرِ المرأة الطبيبة، والمرأة الأديبة والمفكرة، والمرأة المدرسة، والمرأة الكيميائية، والمخترعة، ومدى فعالياتِهِنَّ في المجتمع، وتطلع الشابَّات لِيَحذون حَذْوَهُنَّ! واليومَ يُطالبْنَ بالمرأة القاضية، والمفتية، والوزيرة، وغدًا بالرياسة العامَّة.
فإنَّ الملاحَظَ على الأدوار التي تُحاول أنْ تُسدّدَ المرأة فيها، والتي يُصِرُّ الكثيرُ على التركيز عليها الآن هي أدوار ذات نفع مُتعدي، وهذا لا بأسَ به، وهو أَمَلٌ لكلِّ امرأة طَمُوح، بل إنَّه من الأهمية بمكان، وذلك إذا تَخلَّقت بروح الإسلام، ولم تُخالِفْ شَرْعَ الله عزَّ وجلَّ وهذا ليس موضع النِّقاش، فلنا في شرع الله حدودٌ لا نتعدَّاها.
لكن أحيانًا هذه الجملة القصيرة "النفع المتعدي" تتعدى أركانُها؛ ليكونَ نفعُ المرأة مُعْتَدِيًا، وليس مُتعدِّيًا، وذلك حين يُعتدَى على حُقُوقِها الشخصيَّة في مُقابل تطلعات المجتمع،
فيُعتدى على أنوثتها حين تقومُ بأعمال الرِّجال سواء بسواء، بغَضِّ النَّظَرِ عن اختلاف طبيعة العمل ومَجالاتِه، هل تُناسِبُها أو لا؟ ويُعتَدى على عِفَّتِها وكرامتها حين تُؤمَر بخلع سِتْرها، الذي أَمَرَها الله به، سواء فطنت لذلك أم لم تفطَن، ويُعتدى على تكوينها الفطري حين تُشاطِر الرجلَ ساعاتِ العمل من دون التفكير في الكثير من الاعتبارات، التي تَختلف فيها عن الرجل،
ويُعتدى على حقوق أسرتِها الصَّغيرة وحقوق أبنائها وبيتها، حين يُزيَّنُ لها ما لا تُطيقُه من الأحمال؛ ليُودي بها إلى إهمالِ رَعِيَّتِها التي يعدها الإسلامُ مَسؤولِيَّتَها الأولى، التي ستحاسَب عليها يومَ العرض، وكل ذلك في مُقابل تسديدها هذا النفعَ المتعدي.
وهذا النفع رَغْمَ ما قد يَحمله أحيانًا للمجتمع من خيرٍ، ورَغْمَ أنَّنَا لا ننكر حَقَّ المرأة في التعبير عن إمكانِيَّاتِها وقدراتها، ولا نغلق المجال لإبداعاتِها الفكريَّة والعلمية في تطوُّر المجتمع.
لكننا سنظل بحاجة إلى تقنين وضبط لهذا النَّفع؛ حتى نصلَ لمجتمعٍ مُتوازن ومُستقر ومبني على أُسسٍ وبِنًى تَحتيَّه متينة؛ حيث يظلُّ هذا النفع المتعدي سطحيًّا وقشريًّا، إذا ما لم نعي بحقِّ أولويات كل فرد في المجتمع، ونَسعى نحو تَحقيقه، فليس من المعقول أن ننسق أشجارَ الحي، ونترك زهور البيت مهملة، وهذا يؤكد ما جاءت به الآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: الآية11].
فتفرُّغ المرأةِ لهذا الدور وذاك التغيير الدَّاخلي والإعداد له والعمل عليه يُعَدُّ نقطة هامة وأساسية في تغيير المجتمع ككل، بل يُعَدُّ هو المنطلق الأَوْلَى لإصلاح المجتمع،
من هنا كان دور المرأة محوريًّا في الداخل قبل الخارج، فالتغيير الدَّاخلي ليس وظيفة ربِّ الأسرة فقط، بل هو من وظيفة ربة الأسرة من الدرجة الأولى، بل إنَّنا يُمكننا أن نَجد أُسَرًا ناجحة من دون عنصر أبوي، لكن يصعب أن نجد العكس.
من جانب آخر، من السهل أنْ نَجد وظائفَ عِدَّة ناجحة يَختفي فيها الدور النسائي، ومن الصَّعب أن نجد العكس، فالأمرُ ليس إلاَّ توزيعًا لأدوارٍ بحسب ما يُلائم كلَّ طرف، وما خُلِقَ له، وما تَمَّ تقديره له من لدن حكيم خبير، فالذي قَدَّر أن يكون للنحلة الأنثى الجانب القيادي والمحوري في بناء المجتمع النحلي هو الذي جَبَلَ البشر على عكس ذلك تمامًا، كما لا يُمكن تَخيُّل خلية نحل ناجحة يقودها مَجموعة من الذكور، الذين جُلُّ وظيفتهم هو البحث عن ملكة عذراء وتلقيحها.
لكن إعداد السكن والإطعام وسائر الأعمال، فالمناط به الأنثى فقط، وحين يزداد عددُ الذُّكور عن الحد المطلوب داخلَ الخلية، تقوم الإناث بما يُسمَّى بمذبحة الذُّكور؛ حيث تجرجرهم إلى خارج الخلية مُعرضين للجوع والبرد حتى الموت، وهذا بلا شك ما لا يرضاه عاقل لبني البشر في يومٍ مِنَ الأيام،
فعلى المجتمع البشري إذًا إنْ أراد الصلاح أنْ يَرْجِعَ للفطرة التي فطره الخالق عليها دون إفراطٍ أو تفريط، وفي النهاية يبقى لكلِّ جنسٍ وظيفته الكبرى الأساسية، التي يَجب عليه أنْ يبحثَ عنها، وذلك إنْ أراد بصدقٍ وحُسْنِ طوية الصلاح لهذا المجتمع غيرَ مُخَبِّئ تَحت ضميره بعضًا من مصالِحِه الشخصيَّة غير عابئ بالمصلحة العامة. مستقبل المرأة: إنَّ جعبتي بها العديد من الأسئلة المُلِحَّة والقلقة حول مُستقبل المرأة في المجتمع المغرب ، وعن مسارها الاجتماعي والأسري والعلمي والفكري، الذي ينبغي أن يُكتَب لَها بماء الورد؛ بأَنْ تُكلَّل جهودُها المتواصلة في السَّعي وراء مطالبها المفتقدة بنتائجَ حقيقية مَبنيَّة على أسس نابعة من هويتنا وعقيدتنا، فتخرج مُتناسقة الطباع، وليست أسسًا وتجاربَ مزيفة أو مستعارة تُحاك بأيدٍ لم تعرفْ طبيعةَ المرأة في مُجتمعاتنا، ولم يُسعدها يومًا ذلك، فتأتي ساخطةً شامتة على أقدار نسائنا متهمة هويتها بهذا الإهمال؛ لنخرجَ بنتائج فاسدة مغلفة بالخلط والتشويه.
وأتساءل حقًّا
• ترى هل نحن نسير في الاتجاة الصحيح لتقدُّم المرأة علميًّا وفكريًّا؟
• هل نسعى قُدُمًا إلى الأمام نحو إنصافٍ لقضايا المرأة، ومَنحها حقوقًا تَحميها من الظلم والقهر والعُدوان، أو أن خطواتنا التقدمية تجرنا ثانية إلى الخلف؟
• هل ترانا أهْمَلْنا دورًا مُهِمًّا ومحوريًّا لحياةٍ مُستقرة ومطمئنة وآمنة للمرأة في المجتمع، أو نحن حقًّا مَن نَمنحها هذا الدور؟
• وهل ترانا نسعى نحو الحقيقة والتوازُن والتكيُّف الفطري للمرأة حين نفتح أصواتًا بأبواق بعيدة عن الشرع للحديث عن المرأة؟
• هل نُعطي للمرأة مكانتَها المعتبرة حين نُكثِر الحديثَ عن حقوقها من دون دراسة واعية وكلية للقضية؟
• حتى متى سنترك الحديثَ عن هذه القضية المُقدَّسة لكل من هَبَّ ودَبَّ خارجين عن منهج البحث العلمي، الذي يطالب به الكثيرون، ثُمَّ نراهم يتجاهلون تلك المطالبةَ في بَحثهم عن المرأة وكل ما يتعلق بها؟
• متى سنرى مَن يتولَّى مشروعًا حقيقيًّا للمرأة المجددة، يتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام ويدعو إليه، ويرعى شؤونَها الحالية والمستقبلية، ويتابع أخبارَها، ويضع مؤشرات نجاحها؛ لأنَّه جزء مُهِم من مؤشرات النجاح المجتمعي في ظل تكاثُر المنظمات والمؤتمرات النسوية الهدَّامة؟
• هل مستقبل المرأة في المغرب يُحيطه الغموض وأدوات الاستفهام، أو أن الأجندة النسوية - والجمعيات الحقوقية - واضحة المعالم ومرضية للجميع؟
• مَن الذي يُمكنه بحق التحدث عن حقوق المرأة، ومن الأجدرُ لفتح هذا الملف؟ هل الرجل، أو المرأة ذاتها، أو أن هناك صوتًا هو أكبر من كلام البشر يتوجب علينا سماعه؟
تجربة الحرية خلال نصف قرن (مستويات تجربة تحرير المرأة).
المرأة العربية (تجربة من المستوى الأول والثاني).
إنَّنا إنْ أجبنا عن السؤال الأخير من أسئلتنا السابقة من خلال الجانب المادي البحت، الذي يَعتمدُه العَلمانيُّون والمستغرقون في المادية، فأعتقد -برأيي- أنَّه من المقنع أن نَدَعَ المرأة هي التي تبدأ بالإجابة، وتتحدث عن حقوقها، أو على الأقل عن تَجربتها، وأن تفتح هذا الملف بنفسها، وإنْ كنت سأدخر إغلاق الملف لمن بيده الأمر.
تجربة من المستوى الثاني (نساء أهل الأمصار على مدى ربع قرن وربع آخر).
وليت المجال يتَّسع لأرسل الحديث لنساءٍ عصريَّات عِشْنَ تجربةَ خروجِ المرأة من بيتها وتفاعلها في المجتمع، ومُمارسة الحقوق الجديدة الممنوحة على مدى ربع القرن الفائت، لكنني أكتفي بنقل كلمات لامرأة عربية عاشت تَجربةَ العمل والحرية النسوية على مدار واحد وثلاثين عامًا، ولا أظُنُّ أنَّ رأيَها يُعَدُّ شاذًّا عن شريحة المرأة العاملة في السبعينيَّات من القرن الماضي، وحتى الآن، بل أظنها مختصرًا لتجارب الكثيرات من بناتِ هذا الجيل؛ حيث تقول: "إنَّ المرأة ظُلِمَت يومَ أن خرجت من بيتها؛ لقد ضحكوا علينا وخدعونا حين أخبرونا أنَّ العمل سيكفيكِ ذُلَّ الطلب من الزوج، ويسكت فزع "أمينة وسي السيد" لملح داخلكِ، أو سيجعلكِ حرة وصاحبة القرار، لقد أصبحتِ النساءُ اليومَ عاملاتٍ في الداخل والخارج، فتَكيَّف الرجلُ على هذا، حتى أصبح يرى المرأةَ منفقة مثله، لكنه إنفاقٌ بلا قوامة.
لقد ظلمنا أنفسَنا بخروجنا في مُجتمع ذكوري يَحترم حقوقَ الرجل، ويُعطي له خصوصيته، ويَحترم حقوقَ المرأة أيضًا، ويعطي لها خصوصيتها، فلَمَّا هتكنا خصوصيتنا، تَفَرَّد الرجل بخصوصياته، فلَمْ يتنازل عنها، وصرنا الضحيةَ والجلادَ معًا، ثم تردَّى الحال تباعًا، حتى أصبحتِ المرأةُ المرغوبُ فيها للنكاحِ هي المرأةَ العاملة، بل لقد توجَّب على المرأة غير العاملة أن تحمد زوجها وأمه وأهله أنَّها لا تعمل، وأنه ينفق عليها، فتغيَّر مفهوم القوامة حتى أصبح الرجالُ يرون المرأة جهازًا لصرف العملة، إلاَّ من رحم ربي".
هذه عن قُرب خلاصة تَجربة امرأة عاملة في ظلِّ الأحكام الوضعية ومُؤتمرات وفتوحات المرأة الجديدة في عصر النهضة، ولقد فوجئتُ حقيقةً ذاتَ مرة بامرأة كادحة كانت تعرض خدماتِها المنزلية عليَّ، ولما جاذبتها الحديث عن سببِ خروجها للعمل، أخبرتني أنَّها مُتزوجة من رجل، ولها ثلاثُ ضرائر كلهن خادمات في البيوت مثلها، وفي نهاية المطاف يتمُّ جمع أموالهن في جيب الزوج؛ للإنفاق على متطلباته الخاصة مثل الدُّخان وغيره, هكذا يتم اختزال دور المرأة على رغم اختلاف شرائح المجتمع، وهاتان التجربتان أعتبرهما نماذجَ، وليستا حوادثَ فردية.
والأَمَرُّ ولست أتحدث لأرسمَ صورةً سوداوية عن عمل المرأة، ولستُ ضِدَّ دَوْرِها في المجتمع، لكنَّني كنت أعرض تَجربةً أعتقد أنَّها تُلخِّص نتائجَ لأسبابٍ وخطط سبقت هذا التاريخ بربع قرن آخر، بدأت تحديدًا منذ فتوحات قاسم أمين في المرأة الجديدة، ورفاعة الطهطاوي، ولطفي السيد، وصفية زغلول، وهدى شعراوي، وغيرهم من دُعاة التحرير، فماذا كسبت المرأةُ من حقوقٍ زَعموها، لقد تَحقَّقت الكثير من أمنيات قاسم أمين، التي دعا إليها في كتابه "المرأة الجديدة" التي كان من أهمها خلع اللفائف العائقة لحركة المرأة، والداعية لاحتقارها -الحجاب- ومسابقة المرأة مفاوزَ الرجلِ سواء بسواء، ومنع الطلاق والتعدد... إلخ، فما البطولاتُ التي حققتها المرأة تحت ظلِّ أحلام قاسم أمين؟
وما النتائجُ المنصفة التي اجتررناها من مَواقِفِه مع المرأة؟ لا أجد سوى المزيدِ من النساء العاملات عاملاتٍ في الخارج، ويُوظَّفْنَ خادماتٍ في الدَّاخل لرعاية أطفالهن؛ لتستمرَّ مأساة التحلل الأسري، وويل لأمة يصنع الخدم لها أبناءها. يتبع | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=827013 التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |