بحث قصير لأعجب المسائل أن الاستخارة توفق بين مطليين شرعيين متناقضين !!
توطئة :
هذه المقالة
السابعة لترسيخ أهداف الدرس الأول : أهمية الاستخارة ، وهو متاح على الرابط :
http://www.profvb.com/vb/t140093.html#post731422 أولا : الخوف من الرياء
الخوف من الرياء مطلب شرعي قلما ينتبه له ، لأن له صور كثيرة جدا وخصوصا تلك الصور التي تلازم المسلم أثناء تحقيق الذات أو اعتقاده بأنه ميسر للدعوة ونحو ذلك ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
أ) ((
ألا أخبرُكم بما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيحِ الدجالِ؟ قالوا: بلى، قال: الشركُ الخفيُّ، يقومُ الرجلُ فيصلي فيزيِّنُ صلاتَه، لما يرى من نظرِ رجلٍ )) .
أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني .
ب) (
( يا أبا بكرٍ ، لَلشِّركُ فيكم أخْفى من دبيبِ النَّملِ والذي نفسي بيدِه ، لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ ، ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ و كثيرهُ ؟ قل : اللهم إني أعوذُ بك أن أشرِكَ بك و أنا أعلمُ ، و أستغفِرُك لما لا أَعلمُ )) . صحيح الأدب المفرد / الألباني .
ثانيا : الطمأنينة على الإخلاص
1)
الطمأنينة على الإخلاص أيضا مطلب عقلي وشرعي ؛ حتى لا يصير العبد ضحية للوسواس أو يترك العمل الصالح لأجل الناس، ولطالما كان الهم الأكبر عند الصالحين من أهل الورع والتقوى الاطمئنان على إخلاصهم ؛ لأن العبد كلما أغلق باباً على الشيطان جاء من باب آخر ، فإذا لم يستطع إغواءه سعى جاهداً ليلبس عليه أمر إخلاصه حتى يجعله في حيرة من أمره خوفاً من الرياء أو أن يُـظن به مراء فيترك العمل . يقول الفضيل بن عياض :
(( ترك العمل من أجـل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما)) .((شعب الإيمان : 5/347 للبيهقي )) .
فائدة :
هناك خطأ شائع في فهم مراد الفضيل ، فالمقصود ليس ترك العمل خوفا من الرياء بل ترك العمل خوفا من أن يظن الناس أنه مراء .
ولمزيد ينظر: (( خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس )) . متاح على الرابط :
http://www.almeshkat.net/books/open....t=60&book=8135 ثالثا : الاستخارة والتوفيق بين المطلبين الشرعيين المتناقضين
1) بعد الذي تقدم يبرز سؤال مهم ، كيف يمكن التوفيق بين هذين المطلبين الشرعيين - السالف ذكرهما - ؛ لتحقيق التوافق والتوازن ؟، والمطلبان هما :
أ) الخوف من الرياء .
ب) الطمأنينة على الإخلاص .
2) هنا يظهر سر من أسرار الاستخارة ، فالاستخارة تزيد من الإخلاص ، لكثرة وجود شروط وأركان الإخلاص فيها ، وما ينتج عن ذلك من ثمار ، مثل المراقبة والمجاهدة والتوكل . الرضا ، السكينة ، الطمأنينة ، صلاح البال . وسوف يأتي معنا بإذن الله في دروس قادمة .
3) كلما أكثر العبد من الاستخارة زاد إخلاصه ، وكلما زاد إخلاصه عرف الرياء ، وفي ذلك يقول الإمام الشافعي في معرفة الرياء :
(( لا يعرف الرياء إلا المخلصون )).(( تهذيب الأسماء :1/76، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن حزام)) .
4) ونتيجة لما تقدم إذا استخار العبد ربه ، أطمأن على إخلاصه ، ثم إذا انقضى الأمر اطمأن أكثر ، وانقطع – بإذن الله _ وسواس شياطين الإنس والجن ، بينما قد تجد قليلا أو كثيرا من الناس قد يقدم أو يحجم عن أمر دون استخارة ، ثم يظل زمنا وهو يشك هل ما فعلته أو تركته كان لله ؟ وهذه صورة من صور استفزاز و تسلط الشيطان ، وفي ذلك يقول المولى سبحانه :
((وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ..)) ." الإسراء : 64 " رابعا : فوائد مستخرجة من هذا البحث
هذه بعض الفوائد ومن أحب أن يضيف ، فليتفضل مشكورا .
1)
خوف الرسول صلى الله عليه وسلم أمته ، وحرصه على تعليمهم
2) صعوبة تحقيق الإخلاص . وبإذن الله سوف يتم التفصيل في ذلك إذا تم فتح ملتقى خاص بإتقان فقه أعمال القلوب ، سواء كان في هذا المنتدى المبارك - بإذن الله - أو غيره .
صعوبة تمييز الرياء . 4)
كثرة انتشاره الرياء في هذه الأمة ، وكذلك يدل عليه قول المولى : ((وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ )) . " يوسف : 106" - والشرك نوعان ، أصغر وأكبر .
5) بيان أن الرياء أخطر على هذه الأمة من المسيح الدجال .
6)
الإشارة إلى أهمية الدعاء والاستغفار ، والاستغفار من الجهل . وبإذن الله إذا يسر المولى فتح قسم (( تكوين وتنمية الملكة الفقهية )) . سيتم التفصيل أكثر في بيان الفروق بين المتشابهات . مثل سبب التفريق بين كلمة البيان والإشارة – وردت في فقرة 5و6 - ، الفرق الشجاعة و التهور ، والفرق بين الحذر والجبن . والأمر يطول .
7)
الحذر من تحقيق الذات دون مراقبة الإخلاص ، فتصبح الدنيا أكبر همه ، وينزع البركة من علمه وعمله ، ويجعل الفقر بين عينيه ، ويفرق له جمعه .
8) )
الخوف من الرياء مطلب شرعي ، وعلامة من علامات الإخلاص الكثيرة .
9)
الطمأنينة مطلب شرعي .
10)
من الصعوبة بمكان أن تجد مطلبين شرعيين متناقضين ،بحيث لا يمكن التوفيق بينهما إلا باستخارة .
11)
بيان أهمية الاستخارة وعظيم فوائدها وكثرتها وكما قال شيخ الإسلام (( فَإِنَّ فِيهَا مِنْ الْبَرَكَةِ مَا لَا يُحَاطُ بِهِ)) .
12)
خوف الرسول صلى الله عليه وسلم أمته ، وحرصه على تعليمهم .
وفي الختام أن الحمد لله رب العالمين .