ملاحظة في أهم محطات فرنسا التربوية:
من بين الذين قدرتهم كثيرا في فرنسا التربوية خلال عملي بالإعدادي هناك السيد "لويس لوغراند" الذي اقترح "الإعدادي الديمقراطي" والبيداغوجيا الفارقية ولكن ربما لأن التدريس بالأهداف لم يكن ملائما لإيقاع الإنتاجية بشكل عام ظهرت محدوديته منذ سنة 1987 ثم بعد ذلك كان السيد "فرونسوا بيرو" وزير التربية سابقا 1994 في فكرته القائلة نعم للإعدادي الفريد فقط أن لا يكون موحدا unique mais pas uniforme بحيث في تعاقده نظم الإعدادي في ثلاثة أسلاك ومسارات متنوعة للتلاميذ الذين يعانون....ولكن رغم ذلك لم تفيد الملاحظة المقترحة في الربط بين الابتدائي والإعدادي بل ولم تفذ في تدريس المفاهيم المجردة التي بقيت معلقة في أدهان المتعلمين رغم ما اقترحه من دعم...
وبعده كانت السيدة سيغولين رويال التي عملت سنة 1999 على تمفصل الابتدائي والإعدادي وكنت حينها في بداية اشتغالي بمركز تكوين المعلمين CFI كما عملت على مساعدة المتعلمين في وضعيات صعبة بساعات الدعم وخاصة للسنتين السادسة والسابعة وتشجيع تعدد التخصصات la pluridisciplinarité مع بلورة ميثاق الواجب والحق للمتعلم... وقد اعتمدت في هذا التوجه على السوسويولوجي فرونسوا ديبي
لكن المفارقات بقيت قائمة بين المناهج والكتاب المدرسي والمنهجيات...لتنصب الاهتمامات في المسألة البيداغوجية منذ السيد جاك لانغ باعتماده على تقرير جوتارد سنة 2001 ثم الاهتمام بالتوجيه سنة 2005 تحت إشراف السيد فرونسوا فيلون حيث ستتحدد القاعدة المشتركة للمعارف والكفايات socle commun de connaissances في تعليم إجباري لإدراج المتعلم مهنيا...

من رؤيتي التربوية الجديدة
دون شك ستبقى القاعدة المعرفية المشتركة socle commun de connaissances فكرة تحترم في سياق تكافئ الفرص بل أؤكد أنه لا يمكن الاستغناء عنها ولكنها تحد من الملكات ومن المواهب ومن الإمكانيات والقدرات التفكيرية potentialisation بما سيؤثر سلبا على الكفايات في قيمتها الإبداعية والتجديد ويحد من تنافسية التشهيد علما أن الخلفية التي تحكم الفكر السوسيولوجي التربوي القائم تعود إلى" بيير بورديو" و"رايموند بودان".
فأما عن بورديو فينسب ألا مساواة المدرسية إلى التوزيع الغير المتكافئ بين المتعلمين للرأسمال الثقافي والاقتصادي و الاجتماعي, في الحين أن "بودان" يقول بأن الأمر يعود إلى الاستراتيجيات العائلية المتباينة. ولكن علاوة على بعض المنتقدين للنموذجين الذين أذكر منهم فرونسوا ديبي François Dubet الذي نعتهما بأنهما متباينان على الإحصائية فإني شخصيا أرى أن النموذجين ليسا سوى من الأعراض أو النتائج وليس الجوهر حيث الخلل الأساس الذي يفترض أن لا يختلف فيه أي متعلم مهما كانت مستوياته الاقتصادية والمجتمعية وإن صحيح لهذه المستويات دور مهم في تنويع الموارد وإثراء المعارف ولكنها ليست بالضرورة مؤثرة على مستوى القدرات الفكرية وخصوصا الإرادة الحرة للمتعلم التي هي من أهم ما يجب أن تشتغل عليه المدرسة بيداغوجيا ...وصحيح أيضا أن نظامنا التعليمي بالمملكة المغربية قاس جدا كما في فرنسا (حسب فرونسوا ديبي) من حيث السلطة التعلمية...
في هذا تتميز مقاربتنا التي نعتبر فيها الديداكتيكي والبيداغوجي متلازمان بحيث أحدهما ظل الآخر وذلك لجعل التربية تعطي دلالات ومعنى للعالم وإن صحيح تأخذ أيضا التميز عن الإغريق ولكن من حيث هو تنمية للملكات والقدرات والمواهب وليس انتقاء بمفهوم الامتياز. وطبعا في هذه نقاش كبير وغني ورائع.
ولأجل هذه اعتمدت في التصور الجديد بشكل كبير على العلوم العصبية علما أن كل فلسفة تربوية هي أيضا رؤية أخلاقية وسياسية لذلك لا يمكن أن لا يأخذ برؤية الجدارة نظرا لما تنطوي عليه من مفاهيم أخلاقية وثقافية كالمواطنة ولكن ليس بالتلقين والشحن ... فثمة حرية أخلاقية وجودية ليس لأحد الحق في أن يحرمها لمن كرم بين المخلوقات بما له من قدرة على الاستقلالية.
إنها في خيارنا البيداغوجي التي نتبناها أساسية في الديمقراطية ليكون المتعلم كما هو وليس كما يسقط عليه لأنه خلق لجيل غير من سبقه... هكذا تكلمت أيضا العلوم العصبية التي أعادت النظر في البنائية والسوسيو بنائية و... آليات اشتغال الدماغ البشري منذ جنينيته.
ملحوظة: حنا هما حنا تكريما للغيوان