2014-09-02, 13:24
|
رقم المشاركة : 8 |
إحصائية
العضو | | | رد: الاستبداد بالرأي صفة ذكورية ترهق النساء | @@@ لا للتعصب والاستبداد بالرأي @@@ تعالوا معاً نقرأ هذه السطور القليلة ونتفكر بها قليلاً حتى نعرف معنى التعصب والاستبداد بالرأي حين لا يكون هناك جديد تحت الشمس، وحين يظن الواحد أن ما يملكه هو الحقيقة المطلقة وما عداها فليس سوى أكاذيب وخرافات.. وحين لا يكون التسامح مظلة يسير تحتها الجميع.. يصبح التعصب البذرة التي تنمو بعد أن تتوفر لها التربة الصالحة والغذاء الكافي لتصبح غلواً وتطرفاً ممقوتاً في الفكر وسوء تقدير ، أن انعدام الإحساس بإنسانية الآخر وتفهم مواقفه المطروحة يعتبر شكلاً من أشكال التعصب الذي يقود إلى الغلو في الأقوال ومن ثم الغلو في الأفعال.. وهذا نتيجة لانكفاء الحب في زوايا النسيان وبروز الكراهية نحو الآخر.. أن التعصب للرأي والاعتقاد بصحته دون الآراء الأخرى هو علامة صارخة من علامات الجهل والتخلف لأنه دلالة على ضيق الأفق ومحدودية الرؤية أو انعدامها في أحيان كثيرة.. والناس الذين ينطون تحت قوس الجهل والتخلف لا تجد لديهم استعداداً لقبول فكرة ما قد تصيب وقد تخطئ لانهم دوماً على صواب وغيرهم المختلفون معهم على خطأ.. إن مفاهيم التشبث بالرأي والقطعية واليقينية والجزم تشير إلى اخذ المرء بمبدأ أو عقيدة على نحو لا يرقى إليه الشك أو لا يخضع للتساؤل.. فالمقدمات التي يجري الاعتماد عليها ـ دون دراسة ـ بالقبول ودون اخضاعها للتمحيص المنطقي الكافي.. والقطعية لا تلجأ إلى الأدلة بل تصدر عن اليقين الجازم. إن أساس هذا التعصب والتشبث واليقينية هو الجهل بالحقائق الإنسانية والتي من أبرز مفاصلها هو اعتبار كل شيء نسبي وغير مطلق.. ولا يمكن اجبار الآخرين على ذلك المطلق الذي لا يوجد إلا في مخيلتهم الضيقة.. ولا يمكن زحزحة هذا الاعتقاد الخاطئ بالعقل والمنطق ويتحول فيما لو تشبث المرء به إلى هذيان جنوني... إن هذا التعصب الذي يبدأ بفكرة ما يتطاول في عقل الإنسان ووعية ويسد عليه منافذ التفكير السليم مما يولد التطرف الذي هو بدوره نفي للآخر المحاور أو الصامت الآخر وحكم عليه بالعدم والإلغاء.. إن معرفتنا بان كل الحقائق نسبية وإن لا شيء مطلق يسحب من الآخرين البساط الذي يدعون من خلاله انهم وحدهم يملكون الحقيقة وإن الآخرين عيال عليهم ـ وتمنحنا تلك المعرفة القدرة على مد جسور الحوار البناء مع الآخرين وليس الخلاف معهم لان في الحالة الأولى يوجد تواصل وتقارب وفي الحالة الثانية إلغاء وقطيعة.. إن المجتمع الذي يقاوم حرية التعبير وحرية الاختلاف ينقض في حقيقة الأمر مبدأ توحيد الله وتنزيهه، فالذي لا يرد قوله ولا يُسأل عما يفعل هو الله سبحانه.. فهل يريد المانعون أن يجلسوا على عرش الله وأن يلبسوا رداءه فيكونوا مثله لا يرد لهم قول ولا يسألون عن فعل؟ يقول تعالى {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } نحن جميعاً نتحدث عن الأخوة والوحدة ونسعى إليها وهذه لا تكون إلا بين المختلفين أما بين المتفقين ـ عن علم أو غير علم ـ فلا حاجة للوحدة لأنها قائمة.. فهل نحن متفقين أم نحتاج إلى اتفاق أولا ؟ ولا يمكن اقامة الوحدة قبل الاعتراف بحق التعدد داخلها، مع الاقرار بسقف الانعكاسات المادية للتعدد والاختلاف.. مجموعة من الاتباع الأوفياء الذي يسيرون وفق تلك الأفكار والتعاليم التي لا تعلو عليها أفكار أخرى.. نتيجة لعملية التلقين التي تتم بصورة غالبة للوصول ـ حسب ادعاء كل فريق ـ إلى الحقيقة الممكنة والوحيدة أو للبصيرة اللازمة للتجلي وقطف ثمار الكشوفات وبالتالي تصبح عقلية هؤلاء الاتباع مجهدة أو لاغية ويصبح معها عقل الفرد الملقن وكأنه لسان ببغاء يردد ما لُقّن به دون أن يفقه ما يقول وبدون أية مقدرة على تفحص محتواه واخضاع هذا المحتوى إلى ما يتطلبه الحكم الصحيح.. وإن هذا الذي يحكم بدون أن يزود نفسه باقصى ما يستطيعه من المعرفة فانه لا يستطيع تبرئة نفسه من انه قد حكم خطأ... وتأسيساً على هذه المكونات لاتباع ما يسمى بالعقل الاستبدادي والذي هو عقل اطلاقي يرفض أن يكون هناك وجهات نظر مبنية على تجارب شخصية ومعارف مختلفة، وأن يكون لكل فرد وجهة نظر مخالفة، وأن يعترف بان ما يراه يمكن أن لا يمثل إلا جانباً من الحقيقة وأن بإمكان الآخرين أن يروا جوانب أخرى قد تكون أصوب من التي رآها هو.. فنحن أما أن نكون على حق ومن ثم فإن الآخر المخالف لابد أن يكون على خطأ ولابد عندئذ أن نكون على صواب.. وفي الحالة الأولى نشعر أمام الآخر الذي نعتبره على خطأ كما لو كان وجود ذاته خطأ ويهدد وجودنا ويقتضي منا بالتالي أن نصلحه بالقول أو بالفعل وإن لم نستطع فندعوا له بالهداية فإن لم يمتثل فيترك وحيداً حتى يمارس استبداده على نفسه ويجني ثمار تشبثه برأيه... {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } صدق الله العظيم | |
| |