بنكيران وسوق النسا - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2014-06-27, 15:05

رقم المشاركة : 1

ابو ندى

بروفســــــــور

إحصائية العضو

ابو ندى غير متواجد حالياً

بنكيران وسوق النسا

بنكيران وسوق النسا

أحمد امشكح
العدد :2411 - 26/06/2014

يبدو أن عمنا بنكيران قد سقط في المحظور حينما أجاز لنفسه الدخول إلى سوقٍ كان يفترض أن يعرف خباياه وكواليسه والكثير من أسراره، وهو سوق النساء.
سقط بنكيران لأن الخصم لم يكن هذه المرة هو «البام» أو شباط، ولا العفاريت أو التماسيح، ولكن الخصم هذه المرة كان هو المرأة، بكل تلاوين انتماءاتها.
قال بنكيران في الجلسة الشهرية لمجلس المستشارين، التي تناولت موضوع «قضايا وانتظارات المرأة المغربية في برامج وسياسات الحكومة»، إن «البيوت انطفأت منذ خرجت النساء إلى العمل، وإن الأولاد تضرروا كثيرا من غياب الأم»، الأمر الذي يوحي بدعوة مبطنة إلى سحب المرأة من الفضاء العام ومن سوق الشغل والرجوع بها إلى الوظيفة البيولوجية الإنجابية والعمل المنزلي.
لقد أطلق الرجل -الذي وجد نفسه بين اليقظة والحلم رئيسا لحكومة ما بعد الربيع العربي، وما بعد دستور 2011 الذي قيل إنه دستور المملكة الثانية ودستور المناصفة- للسانه العنان لكي يقفز على كل ما حققته المرأة المغربية حينما دعا المرأة، ولو بشكل ضمني، إلى أن تعود إلى بيتها، فهي الثريا التي تنير البيت وليس غير ذلك، يقول بنكيران.
كان لا بد أن تغضب النساء من رئيس حكومتنا، وكان لا بد أن توقع العرائض بالمئات وتنظم الوقفات الاحتجاجية، ويردد الغاضبون، أو لنقل الغاضبات، أن ما أقدم عليه الرجل هو تصريف لإيديولوجية حزبية ظلت تعيش ما يشبه البيات الشتوي، قبل أن تظهر معالمها اليوم.
المثير في الحكاية هو أن عبد الإله بنكيران ظل يسقط تحديدا في مثل هذه الجلسات الشهرية التي يعقدها، سواء في مجلس النواب أو مجلس المستشارين؛ فمن على هذه المنصات قال قولته الشهيرة «عفا الله عما سلف»، ومن هنا صب جام غضبه على من اعتبرهم تماسيح وعفاريت لاتزال تقض مضجعه في كل وقت وحين. وفي كل مناسبة من هذه المناسبات، ظل بنكيران يقدم نفسه على أساس أنه الضيحة في مواجهة جلاده، وكأني به يستدر عطف الرأي العام الذي يمثله أولئك الناخبون الذين منحوه أصواتهم عقب الربيع العربي.
هل ظل يسقط لأن الرجل لا يرتب أفكاره كلما جاء إلى قبة البرلمان أم لأن حماسه الزائد هو الذي يسقطه في المحظور كلما اعتلى منصة الخطابة؟
حينما فتح بنكيران سيرة النساء اللواتي أعلن غضبهن الشديد، وهددن بالنزول إلى الشارع احتجاجا على ما قاله وما دعا إليه، كاد ينسى أنه قدم يوم عرض برنامجه الحكومي أمام ممثلي الأمة جملة من الوعود التي تعنى بقضية المرأة، ومنها محاربة كل أشكال التمييز ضدها، ومقاربة النوع، ووضع هيئة للمناصفة، ومحاربة العنف، هذا الذي كان واحدا من مشاريع القوانين التي تحمست لها حكومة بنكيران، قبل أن تتراجع عنها إلى الوراء وتدخل المشروع إلى ثلاجتها. والحصيلة هي أن الرجل، الذي فشل في جل هذه الوعود التي قدمها إلى المرأة بعد أن أصبح رئيسا، اختار أن يهاجم أبسط ما حققته هذه المرأة في ما يمكن اعتباره هجوما، وهو أحسن طريقة للدفاع.
تقول النساء الغاضبات من بنكيران، في ما يشبه التنبيه، إن الأرقام تؤكد أن أكثر من سبعين في المائة من النساء المغربيات، هن متفوقات في المجالات التي يشغلنها، وإن ثلاثين في المائة من الأسر المغربية تعيلها نساء.
أما النساء اللواتي منحن أصواتهم لبنكيران ولحزب العدالة والتنمية في استحقاقات 2011، فقد قدر عددهن بمليون صوت.
هل غابت كل هذه المعطيات والأرقام عن السيد بنكيران وهو يردد أن المرأة يجب أن تعود إلى بيتها؟
الكثيرون رأوا في هذا الخروج الجديد لبنكيران، وفتحه لملف حساس اسمه حقوق المرأة، أشبه بمن اختار السير فوق حقل ألغام، أو أن الرجل اختار أن يضع رأسه في عش الدبابير.
هل لأنه فشل في تدبير الملفات الاجتماعية والاقتصادية، لذلك فضل أن ينهج أسلوب الهروب إلى الأمام، حتى وإن كان على حساب حقوق نصف المجتمع التي أضحت من الأبجديات.
بقي فقط أن نذكر السيد بنكيران بما سبق أن قاله عبد الرحمان المجدوب وهو يتناول موضوع المرأة في بعض حكمه :
سوق النسا سوق مطيار
آ الداخلو رد بالك
يوروك من الربح قنطار
ويخسروك في راس مالك
هل نجزم بأن رئيس عبد الإله بنكيران خسر، بهذا، كل رسمأله الرمزي كرئيس وزعيم سياسي؟