سادسا : الفرق بين الرضا والعزم على الرضا سادسا : الفرق بين الرضا والعزم على الرضا يقول الإمام ابن القيم (( مدارج السالكين : 2/124)) (( وَمِنْهُ: اشْتِبَاهُ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ بِكُلِّ مَا يَفْعَلُ بِعَبْدِهِ - مِمَّا يُحِبُّهُ وَيَكْرَهُهُ - بِالْعَزْمِ عَلَى ذَلِكَ، وَحَدِيثِ النَّفْسِ بِهِ. وَذَلِكَ شَيْءٌ وَالْحَقِيقَةُ شَيْءٌ آخَرُ. كَمَا يُحْكَى عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أُعْطِيتُ طَرَفًا مِنَ الرِّضَا، لَوْ أَدْخَلَنِي النَّارَ لَكُنْتُ بِذَلِكَ رَاضِيًا. فَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ: هَذَا عَزْمٌ مِنْهُ عَلَى الرِّضَا وَحَدِيثُ نَفْسٍ بِهِ. وَلَوْ أَدْخَلَهُ النَّارَ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. وَفَرْقٌ بَيْنَ الْعَزْمِ عَلَى الشَّيْءِ وَبَيْنَ حَقِيقَتِهِ.)) . 000000 |
سابعا : علاقة الاستخارة بالرضا سابعا : علاقة الاستخارة بالرضا تتضح هذه العلاقة جليا من خلال : 1) أن الرضا ثمرة من ثمار الشرط الثالث ( التوكل ) فالاستخارة مبنية عليه . وقد تقدم . 2) العزم على الرضا قبل انقضاء الأمر . 3) الرضا شرط لصحة الاستخارة ، بعد انقضاء الأمر . وقد تقدم الفرق بين العزم على الرضا ، والرضا بالمقدور . وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم (( مدارج السالكين 2/123)) . (( قُلْتُ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ» . فَهَذَا تَوَكُّلٌ وَتَفْوِيضٌ. ثُمَّ قَالَ :: «فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَتَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» . فَهَذَا تَبَرُّؤٌ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، وَتَوَسُّلٌ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِهِ الَّتِي هِيَ أَحَبُّ مَا تَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِهَا الْمُتَوَسِّلُونَ. ثُمَّ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ ذَلِكَ الْأَمْرَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَتُهُ، عَاجِلًا أَوْ آجِلًا، وَأَنْ يَصْرِفَهُ عَنْهُ إِنْ كَانَ فِيهِ مَضَرَّتُهُ، عَاجِلًا أَوْ آجِلًا. فَهَذَا هُوَ حَاجَتُهُ الَّتِي سَأَلَهَا. فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إِلَّا الرِّضَا بِمَا يَقْضِيهِ لَهُ. فَقَالَ: «وَاقَدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» . فَقَدِ اشْتَمَلَ هَذَا الدُّعَاءُ عَلَى هَذِهِ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالْحَقَائِقِ الْإِيمَانِيَّةِ، الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا التَّوَكُّلُ وَالتَّفْوِيضُ، قَبْلَ وُقُوعِ الْمَقْدُورِ، وَالرِّضَا بَعْدَهُ. وَهُوَ ثَمَرَةُ التَّوَكُّلِ. وَالتَّفْوِيضُ عَلَامَةُ صِحَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا قُضِيَ لَهُ، فَتَفْوِيضُهُ مَعْلُولٌ فَاسِدٌ.))أهـ . 0000000 |
ثامنا : علامات الرضا ثامنا : علامات الرضا 1) سكون القلب إلى صدق الوعد ، لأنه مطمئن بأن الله قد يسر الله له خيرا أو عنه شرا . 2) عدم الشك بعد انقضاء الأمر بأن الله قد يسر له خيراً أو صرف عنه شراً . 3) التسليم بما يسره الله لك . 4) الصبر على مايسره الله لك . وقد تقدم قول الإمام ابن القيم . 5) ترك الاختيار قبل القضاء ، أي عدم الرغبة في تيسير أمر بعينه ، فذلك علامة على اتباع الهوى ، وفقدان المرارة بعد انقضاء الأمر . قال الإمام ابن القيم : (( مدارج السالكين :2/172)) : (( وَقَالَ ذُو النُّونِ: ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الرِّضَا: تَرْكُ الِاخْتِيَارِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَفُقْدَانُ الْمَرَارَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ. وَهَيَجَانُ الْحُبِّ فِي حَشْوِ الْبَلَاءِ )) . 6) الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ بما يسره الله لك وتلك منزلة عالية . يقول الإمام ابن القيم : (( (( مدارج السالكين : / 2/174)) (( وَثَمَرَةُ الرِّضَا: الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ بِالرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى)) . ومن الفرح والسرور الرضا بما ييسره الله لك بعد الاستخارة . وتظهر هذه العلامة في المسائل المهمة والصعبة والمقلقة والمحيرة ، وخصوصا إذا ظهرت حكمة التيسير أو الصرف . مثال : شخص استخار لشراء سيارة ، ثم بعد فحصها ؛ وجد بها عيبا ، فانصرف عن الأمر ، ثم استخار على أخرى ؛ فيسر الله له ذلك .فظهور حكمة الصرف عن الأولى تجعله يشعر بالفرح والسرور ، ويزداد فرحا بأن يسر له أخرى ، وكذلك سوف يزداد سرورا لأنه سيشعر بأنه كان قريبا من الله . فسدده بسبب الاستخارة . 000000 |
الساعة الآن 15:13 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd