السلام عليكم
كَانْ يَامَكَانْ فْقَدِيمْ الزَّمَانْ، كَانْ الْخِيرْ مَالِي الْمْكَانْ، كَانْتْ الرِّيشَة تَقْهَرْ الْمِيزَانْ، وْكَانْ الشِّيخْ يَقْطَعْ الْبَلْدَانْ وْكَانْتْ الْعَرْصَة تْغَذِي الْقْبِيلَة
وَتْزِيدْ الجِيرَانْ، وْكَانْت الْخُبْزَة تَكْفِي الْقَانْعْ وَالْجِيعَانْ، كَانْ وْكَانْ حَتَّى كَانْ.
وْفِي قَرْيَة بْعِيدَةُ، طْرِيقْهَا شْدِيدَة، الرَّكْبَانْ إِلَى قَصْدُوهَا يَعْيَاوْ، وَإِلِي مَاقَصْدُوهَا يَتَمَنَّاوْ، حِيثْ الْخْبَارْ اللِّي تَوْصَلْ عْلِيهَا وَالْخِيرْ اللِّي فِيهَا مَاتْخَلِّي حَدْ فْدَارُو، قَرْيَة الْخِيرْ وَنَاسْهَا اخْيَارْ مَافِيهِمْ لاَحْسَدْ لاَمْكَرْ مَا حَبْدُو عَارْ، الضِّيفْ فِيهَا مَكْرُومْ، وَالْهَارْبْ فِيهَا مَحْمِي وَالْمَظْلُومْ.
وَفْهَادْ الْقَرْيَة كَانْ فِيهَا واَحَدْ الدَّرَّازْ(1) راَجْلْ طَيِّبْ، اللِّحْيَة بِيْضَا كِيفْ كْلَمْتُو، وَكْلَامُو صَافِي مَتْقُونْ كِيفْ خْدَمْتُو، فْالصِّيفْ يَنْسَجْ الْحَيْكْ وَالْمْخَابَلْ وَالْبَرْدْ يَنْسَجْ الجْلاَلْبْ وْالدّْرَابْلْ، وَكانْتْ عَنْدُو بَنْتُو، وْبَنْتُو كَانْتْ صُورَة لْبُوهَا فْاخْلاقْهَا وَمْنَاقْبْهَا، كَانْتْ تَسْمَعْ الْكْلاَمْ وَماتْرُدُّو، وَاللِّي ظْلْمْهَا أَوْ ظْلَمْ بُوهَا تْوَقْفـُو عِنْدْ حَدُّو، حِيثْ غِيرْ هُوَ اللِّي عَنْدْهَا، الأُمْ ادَّاهَا الله وْخَلاَّ لِيهَا ابَّاهَا، بَعْدْ مَا رْعَاهَا فِصْغُرْهَا هِي وَلاَّتْ تْرْعَاهْ.. وَبَنْتُو كَانْتْ مَسْكِينَة عَمْيَة مِنْ زْيَادْتْهَا، لَكِنْ عْمَى البَصَرْ ما خْدَا مِنْهَا الْبَصِيرَة.
وْبَعْدْ مَا كَانْ بُوهَا بْصَحْتُو، يَدْرَزْ وْيَاخُذْ دْرَازُو لِلسُّوقْ، دَابَا خَانْتُو الصِّحَة وَاللاَّ للِّي دَرْزُو، تَاخْذُو بْنْتُو لِلسُّوقْ، تَرْكَبْ الْحْمَارَة، وْالْحْمَارَة كَانْتْ عَارْفَة الطْرِيقْ، غِيرْ تَسْمَعْ «أَرَّازِيدْ» تْشَدْ طْرِيقْهَا، وَغِيرْ تْوْقَفْ تْعَرَفْ بِنْتْ الدَّرَّازْ بْلِّي وَصْلاَتْ للسُّوقْ، وْعَلَى أَيٍّ، مَامْحْتَاجَاشْ تْوْقَفْ، حِيثْ صُوتْ السُّوقْ مَعْرُوف، الْكُلْ يْنَادي عْلَى سْلَعْتُو وبِنْتْ الدَّرَّازْ، كَانْتْ فِي السُّوقْ مَعْرُوفَة، مَايْخُونْهَا شَارِي وْمَا يْغْدَرْهَا تَاجِْرْ.
وْفِي الْعْشِيَّة تْرْكَبْ الْحْمَارَة، وْتْحْزَمْ الصْرَايْر، وْتْقْصَدْ الدَّارْ، وْالدَّرَّازْ بُوهَا كُلْ لِيلَة يَتْسَنَاهَا، ومَايْتَهنَّى حَتَّى تَفْتَحْ الْبَابْ سَالْمَة غَانْمَة.
وْكَانْ كُلْ لِيلَة بَعْدْ الْعْشَى يَقُولْ :
- الله يْفَرْشَكْ أَبِنْتِي بِالرْضَى وْ يَغَطِيكْ بِالرْضَى.
وْبْنْتُو كَانْتْ تْجَاوْبُو وْتْقُولْ :
- رْضَاكْ عْلِيَّ يْزِيد البَصِيرَة، كَنْشُوفْ الدْنْيَا قْصَرْ وْدَارْنَا كْبِيرَة.
وْاسْتَمَرْ الْحَالْ هَكْذَا، الدَّرَّازْ يْخْدَمْ فْالدَّارْ بِالصِّحَة اللِّي بَاقْيَة لِيهْ، وْبْنْتُو تْبِيعْ وْتْشْرِي فِالسُّوقْ، وْفِي الْعْشِيَة تْرْجَعْ بِالصْرَايْرْ لِيهْ، عَايْشِينْ فِي الْخِيرْ والْخْمِيرْ.
وَاحْدْ النْهَارْ، كِيفْ الْعَادَة، حَمّْلَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ الْحْمَارَة باِلدْرَابْلْ، حِيثْ كَانْ سَاعْتْهَا الشْتَا وْالْبَرْدْ، وْقَصْدَتْ السُّوقْ تْشُوفْ رْزَقْهَا.
قَرَّبْ يِظْلامْ الْحالْ، وْخَفْ صُوتْ النَّاسْ، وْعَرْفَتْ بِللِّي السُّوقْ بْدَا يَخْوَى مِنْ اصْحَابُو، جَمْعَتْ صْرَايْرْهَا وَرَكْبَتْ الْحْمَارَة قَاصْدَة دَارْهَا.
فِالطْرِيقْ، كَانْتْ الشْتَا خِيطْ مِنْ السْمَا وْالطْرِيقْ عَمْرَتْ بِالْمَا، وْخْطَاوِي الْحْمَارَة تْقَالُو وْاللِّيلْ قَرّْبْ يْرْخِي حْبَالُو.
ضَرْبَتْ وَاحْدْ الرَّعْدَة تْصَمْ الآذَانْ، وْحِيثْ وَذْنِينْ الْحْمَارَة طْوَالْ، خَافَتْ وْهَرْبَتْ، هَرْبَتْ بِبِنْتْ الدَّرَّازْ وَسْطْ الْغَابَة، جْرَاتْ وْجْرَاتْ وْمَا وَقْفَتْ حَتَّى تَنْصَّفْ اللِّيلْ، وْاللِّيلْ فِالْغابَة مَاهْوَاشْ لِيلْ الْقبِيلَة.
بِنْتْ الدَّرَّازْ مَاعَنْدْهَا بْصَرْ وْمَاعَرْفَتْ الْمْكَانْ اللِّي وْصْلَتْ لِيهْ الْحْمَارَة. نَزْلَتْ، وْصَاحْتْ وْنَادَاتْ، لَكِنْ مَاجَاوْبْهَا حَدْ، خَافْتْ الْمْسْكِينَة وْبْكَاتْ.
رَبْطَتْ حْمَارْتْهَا مَعَ وَاحَدْ الشْجْرَة، وَنْعْسَتْ حَتَّى الصّْبَاحْ مُمْكِنْ يْشُوفْهَا الْغَاشِي(1).
فْالصّْبَاحْ، صْحَى الْجَوْ وْطَلْعَتْ الشَّمْس، لَكِنْ حَتَّى آدَمِي مَاسَمْعَاتُو غِيرْ الفْرَاخْ فْالسْمَا وْالرِّيحْ تْحَرَكْ الْوْرَاقْ.
الدَّرَّازْ فْدَارُو، لِيلْ كَامَلْ يْقَلَّبْ عْلَى بِنْتُو، مْشَى الْسُّوقْ وْدْرُوبْ الْقْبِيلَة سَوَّلْ الجِيرَانْ وْالصْحَابْ والْحْبَابْ، لِكِنْ حَتَّى حَدْ مَاعَنْدُو خْبَارْ بِنْتُو، قَالْ غِيرْ الشَّفَارَة هَادُو طَمْعُو فِالصْرَايْرْ وْ آذَاوْ بِنْتِي، رْجَعْ الْدَّارْ كَيْتْسَنَّى مِينْ جِيبْ لْخْبَارْ.
بِنْتْ الدَّرَّازْ، رَكْبَتْ الْحَمَارَة وْكْمْلاَتْ الطْرِيقْ، إِلَى تْلاَقَاهَا تَاجِرْ وْلاَمْسَافَرْ تَحْكِيلُو الْحْكَايَة وْيَرَجَعْهَا للدُوَارْ.
لَكِنْ الْغَابَة سَالاَتْ وْحْتَى وَاحَدْ مَالْقَاتْ، صَاحَتْ وْنَادَاتْ وْلاَ مِنْ يَسْمَعْ صْيَاحْهَا. الْحْمَارَة شْوِيَة وَقْفَتْ، وْمَابْقَاتْ تْحَرْكَاتْ.. خَافَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ وْقَالَتْ : يَاكْمَا هَادِي شِي حَافَة ؟.
نْزْلَتْ مِنْ فُوقْ الْحْمَارَة، وْحَرْكَاتْ عْصَاهَا لْقَدَّامْ، عْصَاهَا مْسَّاتْ الْعُودْ. وْالْعُودْ تْحَرَّكْ، حِيثْ الْحْمَارَة وَصْلاَتْ لْدَارْ وَسْطْ الْغَابَة، وَقْفَتْ قُدَّامْ بَابْهَا، بِنْتْ الدَّرَّازْ فَرْحَاتْ، وْقَالْتْ :
- يَا هَلْ الدَّارْ.. هَادِي ضْرِيرَة(1) مَضْرُورَة، تَاهَتْ فْالْغَابَة الْمَهْجُورَة، بُويَا شِيخْ دْرَّازْ مَايَقْدَرْ عَلَى الْهَمْ وَالْمْرُورَة.
جَاوْبَاتْهَا مِنْ دَاخَلْ الدَّارْ مْرَا كْبِيرَة :
- تْعَالِي اَبِنْتِي، اللِّي ضَرَّكْ ضَرّْنِي، إِلَى كُنْتِي ضْرِيرَة، أَنَا بْحَالَكْ وْإلَى بُوكْ بْعِيدْ عْلِيكْ، حْتَّى وَلْدِي بْعِيدْ عْلِيَّ..
تْحَسْسَتْ بِنْتْ الدّرَّازْ المْكَانْ وَرَبْطَتْ الْحْمَارَة وْدَخْلَتْ لِلدَّارْ.
الْمَرْأة العَجُوزَة حْتَّى هِي كَانْتْ مْسْكِينَة ضْرِيرَة، خْرَجْ وَلْدْهَا يْجِيبْ دْوَاهَا مِنْ بْلادْ بْعِيدَة، وْبْقَاتْ مُّو الْعْجُوزَة فِالدَّارْ وْحِيدَة.
كَانْ عِنْدَهَا فِالدَّارْ طِيرْ وْقَطْ وْكَلْبْ.. كَانْتْ مْللِّي تَبْغِي تَاكُلْ وتَمْشِي لْبِيتْ الطّْيَابْ تْبَعْ صُوتْ الطِيرْ، فِينْ مَا تْحَرَكْ وَسْمْعَاتْ صُوتُو تَّبْعُو حِيثْ هُو دَرّْبُو وَلْدْهَا بَاشْ يْعَاوْنْهَا فِالطْيَابْ، وَكِيفْ الطِيرْ ؛ كَانْ القِطّْ خْبِيثْ الرْقَادْ وَالْكَلْب فالحْطَبْ وحْرَاسَة البَابْ.
وْهَكْذَا كَانْتْ الْعَجُوزَة عَايْشَة فِالأَمَانْ حَتَّى يَرْجَعْ وُلْدْهَا، لَكِنْ صَحَّتْهَا مَاعَادْتْ دْيَالْ الْخْرُوجْ وْالسَّفَرْ، هَادْ الشِّي عْلاَشْ مَاقَدْرَتْ تَمْشِي مَعَ بِنْتْ الدَّرَّازْ تْوَرِّيهَا طْرِيقْ الْقْبِيلَة.
مَرَّتْ الأَيَّامْ، وَبِنْتْ الدَّرَّازْ مْعَ الْعَجُوزَة فْدَارْهَا، وْبِينَاتْنَا ؛ مَا شَافْتْ مِنْهَا غِيرْ الْخِيرْ وْالْكَرَمْ.
كَانْتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ تْعَاوْنْهَا فِالطّْيَابْ وْالْحْطَبْ وْتْسْقِّي وْتْنَقِّي وْحْتَّى الْعَجُوزَة كَانْتْ دَايْرَاهَا بْحَالْ وُلْدْهَا اللِّي غَابْ شْهُورْ.
فْالْقْبِيلَة، الدَّرَّازْ حَارْ فْأَمْرُوا، وْمَا صْبَرْ عَلَى فْرَاقْ بِنْتُو وْعَمْرُو، حِيثْ بْنْتُو اللِّي بْقَاتْ لِيهْ، كَانْ يْشُوفْ فِالْمْنَامْ بِللِّي بِنْتُو حِيَّة وْمْعَاهَا بِنْتْ بْحَالْهَا يَجْرِيوْ وْلَعْبُو، وْمَاعْرَفْ يَفَسَّرْ المْنَامَة.. زَارْ فْقِيهْ الْقْبِيلَة وَقَالْ :
- وَاشْ هَادْ المْنَامَة حَقّْ وْ لاَ بَاطِلْ أَسِيدِي الْفْقِيهْ ؟
وْكَانْ يْجَاوْبُو الْفْقِيهْ :
- الْمْنَامَة حَقّْ، وْالضْرِيرَة بَنْتَكْ مْعَ مَنْ يُوَنَّسْهَا، مَاهِيَ سَحَّارَة تَغْدَرْهَا وْلاَ أَذِيَّة تَدَنَّسْهَا.. بَنْتَكْ لاَمَحَالَة(1) رَاجْعَة، غِيرْ الْمَكَانْ اللِّي فِيهَا مَايَعْرْفُو الْقْرِيبْ وَلاَ الْبْْعِيدْ أَسِيدِي الدَّرَّازْ.
الدِّرَّازْ مْللِّي عْرَفْ كَشْفْ الْحَلْمَة رْتَاحْ قَلْبُو وْتْرَفَعْ كَرْبُو، لَكِنْ مَا يَطْمَأْنْ حَتَّى يْشُوفْ بِعِينُو بَنْتُو وْيَمْسّْهَا بِإيدِيهْ.
أَمَّا بِنْتْ الدَّرَّازْ فْالْغَابَة، لْقَاتْ أُمْ جْدِيدَة، وَخَّا ضْرَايْرْ بْجُوجْ كَانُوا مْفَاهْمِينْ مْتْعَاوْنِينْ وْرَاضْيِينْ بِللِّي كْتَبْ عْلِيهُمْ الخَالَقْ.
وَاحَدْ الْيُومْ غَابْ الطِّيرْ، فَرْفَرْ بَجْنَاحُو وْغَابْ لِيهْ الأَثَرْ، وَفِي الْيُومْ التَّالِي تَبْعُو الْقَطّْ، وْالْكَلْبْ تْبَعْهُمْ فِاليُومْ الثَّالِثْ، وَهَكْذَا الْحْمَلْ كُلُّوا طَاحْ عْلَى بِنْتْ الدَّرَّازْ.. خَاصْهَا طَّيِّبْ وْتْنَقِّي وْتْسْقِي.
بِنْتْ الدَّرَّازْ طَيِّبَة، وْمَاتْرَدْ النَّعْمَة بِالْجْحُودْ(1) كِيفْمَا ضَايْفَاتْهَا الْعَجُوزَة فْدَارْهَا، خَاصْهَا تْرَدْ الْجَمِيلْ.
مْضَاتْ الأَيَّامْ، وَالْعَجُوزَة بْدَاتْ تَعْيَى وْتَمْرَضْ، وْمِنْ غِيرْهَا مَاكَايْنْ للِّي يْقَابْلْهَا، وْعْيَاهَا مَالْقَاتْ لِيهْ دْوَا، غِيرْ الصْلاَة وْالدُّعَاء.
فَوَاحْدْ الْيُومْ قَرّْبَاتْ الْعَجُوزَة بنْتْ الدَّرَّازْ لْعَنْدْهَا وْضَحْكَتْ وْقَالْتْ :
- انْتِي عَنْدِي بْحَالْ بِنْتِي، خْدَمْتِينِي وْصْدَقْتِينِي، وْبَاشْ نَعْرَفْ نْجَازِيكْ مَا عْرَفْتْ كِيفْ، إِيلَي شِيحَاجَة تْشَافْ، مَاشَفْتْهَا مَاتْشُوفِيهَا، وْإِيلِي شِيحَاجَة تّْكَالْ تَاكْلِيهَا وْتَنْسَايْهَا.
جَاوْبَاتْهَا بِنْتْ الدَّرَّازْ :
- جَازِيتِيني بِرْضَاكْ عْلِيَّ، حِيثْ الضّْرِيرْ مَا يَرْضَى عْلَى الضْرِيرْ بْحَالُو غِيرْ إلِي صَدَقْ مْعَاهْ فْقُولُو وْافْعَالُو.
قَالَتْ الْمَرْأَة العَجُوزَة بَعْدْمَا خَرْجَتْ صَرَّة صْغِيرَة مِنْ صْدَرْهَا :
- أنَا غَادِي نْجَازِيكْ خِيرْ الْجَزَاءْ، هَادْ الصْرِيرَة، فِيهَا خَاتَمْ، وَهَادْ الخَاتَمْ مْذَهَّبْ مَا يَاخْذُوا غِيرْ الصَّادَقْ الأَمِينْ، كُنْتْ مْخَلّْيَاهْ لْوَلْدِي إلَى رْجَعْ لَكِنْ مَا بَايْنْ لِي لِيهْ رْجُوعْ.
بْكَاتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ لْحَالْهَا وْلْحَالْ الْعَجُوزَة، لَكِنْ مَا فَقْدَاتْ الأَمَلْ، وْكَانْتْ تْقُولْ اللِّي قَادْهَا لْدَارْ الْعَجُوزَة وَسْط الْغَابَة، يْقُودْهَا لِلْقْبِيلَة،غِيرْ الصْبَرْ وْالتَّوَكُّلْ.
مَرَّتْ الأَيَّامْ، وْالْعَجُوزَة تْسُوءْ حَالْهَا يُومْ بَعْدْ يُومْ، ضْعَافْ عُودْهَا(1) وْقَلْ كْلاَمْهَا.
فَوَاحَدْ الصْبَاحْ، فَاقَتْ بَنْتْ الدَّرَّازْ كِالْعَادَة، وْمْشَاتْ طَيْبَتْ عْصِيدَة خْفِيفَة، وْجَاتْ تْفَيَّقْ الْعَجُوزَة، لَكِنْ الْعْجُوزَة كَانْتْ عَنْدْ الله رُوحْهَا.
وْشْحَالْ بْكَاتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ مْللِّي عَرْفَتْ أنَّها بْقَاتْ بُوحْدْهَا فِالدَّارْ وَسْطْ الْغَابَة لاَوْنِيسْ وْلاَ جْلِيسْ.
خَافَتْ لاَتَخْرُجْ مِنْ الدَّارْ وْمَاتَعْرَفْ لِيهَا رْجُوعْ وْخَافَتْ تَبْقَى فْالدَّارْ يَقْتَلْهَا الْخَوْفْ وْالْجُوعْ.
وْدَازْ الْيُومْ الأَوَّلْ وْتَبْعُو الثَّانِي، وْبِنْتْ الدَّرَّازْ وَسْطْ الْغَابَة تْسَنَّى، وْبُوهَا يَتْسَنَّى وَسْطْ الْقْبِيلَة، وَاحَدْ مَا عْرَفْ للآخَرْ طْرِيقْ.
فِالْيُومْ الثَّالْثْ، سَمْعَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ صُوتْ العَوْدْ يَجْرِي فِالْغَابَة، وْالصُوتْ قَاصَدْ الدَّارْ… وْشْوِيَة الصُوتْ هْدَأْ وْخْطَاوِي الرَّاكَبْ قَرْبَتْ، فَرْحَتْ بِللِّي سَمْعَتْ الْبَابْ تَفْتَحْ وْدْخَلْ الدَّاخَلْ، قَالَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ :
- شْكُونْ الدَّاخَلْ، يَاكْمَا قْطَّاعْ الطْرِيقْ نَاوِي بِأَهْلْ الدَّارْ الْغْدَرْ، الْغَدَّارْ قَدْ مَا رْبَحْ خْسَرْ.
جَاوْبْهَا :
- شْكُونْ انْتِي، انْتِي الْغَدَارْ الشّْفَّارْ، هَادِي دَارِي وْدَارْ وَالْدِيَّ، بْنِيتْ حِيطْهَا وْسْقَفْهَا بِإِيدِيَّ.
مِللِّي كَمَّلْ الضِيفْ كْلاَمُو، عَرْفَاتُو بِنْتْ الدَّرَّازْ بِللِّي هَذَا هُو وُلْدْ العْجُوزَة اللِّي حْكَاتْ عْلِيهْ، فَرْحَاتْ وْحَزْنَاتْ، فَرْحَاتْ حِيثْ عَرْفَتْ مَامْنُّو إِذَايَة وْحَزْنَاتْ حِيثْ اللِّي جَا عْلَى قْبَلْهَا مْشَاتْ وْخَلاَّتُو، مْشَاتْ حْيَاتْهَا وْبْقَاتْ حْيَاتُو.
الضِّيفْ مْللِّي شَافْ امُّو مِيْتَة، ظَنْ بِللِّي بِنْتْ الدَّرَّازْ قَتْلَتْهَا، حِيثْ ما عْرَفْ بِللِّي حَتَّى هِيَ ضْرِيرَة، لَكِنْ مْللِّي عْرَفْ الحْكَايَة وْعْرَفْ بِللِّي هِي اللِّي رْعَاتْهَا فْغْيَابُو، بَرْدَاتْ نَارُو.
كَانْتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ هَازْلَة(1) بِالجُوعْ وْيَابْسَة بِالْبَرْدْ، وْكِيفْ مَارْعَاتْ هِيَ مُّو، خَصُّو يَرْعَاهَا.
بَعْدْ مَا وْقَفَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ وْرَجْعَتْ لِيهَا الْعَافِيَة، قاَلَ لِيهَا :
- إِلَى شَفْتِي أَلْوَانْ الْغَابَة وَأَلْوَانْ النَّاسْ، وْشَفْتِي ذْهَبْ الزِّينَة وْشَفْتِي الْمَاسْ وْلُونْ الشّْعَرْ وْزْوَاقْ الْحَيْكْ اللِّي فُوقْ الرَّاسْ.
سَمْعَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ كْلاَمُو وْقَالَتْ :
- كَنْشُوفُو فَظّْلاَمْ اللِّيلْ، حِيثْ اللِّي خْذَا الْبَصَرْ خَلاَّ لِيَّ الْبَصِيرَة، لَكِنْ كَنَحْلَمْ نْشُوفْ بُويَا وْقْبِيلْتِي وْاحْبَابِي وْصْحَابَاتِي.
وْقَفْ وْقَالْ :
- الدّْوَا اللِّي جَبْتْ مْعَايَا، مَا ضَاعْ إِلَى مَاكْتَابشْ لْمِّي، رَاهْ مَكْتَابْ لِيكْ. هَاكِي هَادْ الْمَا رْشِّيهْ عْلَى وَجْهَكْ وْقَطّْرِيهْ فْعَيْنِيكْ وْالْبَصَرْ غَادِي يَرْجَعْ لِيكْ. فَرْحَتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ بِالْخْبَارْ، وْخْدَاتْ الدّْوَا، رَشَّاتُو وْفْعَيْنِيهَا قَطّْرَاتُو.
الظّْلاَمْ وللاَّنْهَارْ وْنُورْ، وْالْعِينْ اللِّي عَمّْرْهَا مَا بَصْرَتْ وللاَّتْ تْشُوفْ.
فَرْحَتْ وْزْغَرْدَتْ وْكَبّْرَاتْ. خَرْجَتْ تَجْرِي للْغَابَة تْشُوفْ الْوَرْدْ اللِّي سَمْعَاتْ عْلِيهْ وْشَمَّاتُو، وْتْشُوفْ الرْبِيعْ اللِّي مْشَاتْ عْلِيهْ.
وْهَكْذَا وَلاَّتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ الضْرِيرَة وللِّي كَانْتْ ضْرِيرَة، زَادْهَا البْصَرْ عْلَى البَصِيرَة. فَاعْلْ الخِيرْ فْرَحْ بللِّي كَانْ، وْعْرَفْ قْبِيلَة بِنْتْ الدَّرَّازْ، وْهَزْهَا فْعَوْدُو وْقْصَدْ الْقْبِيلَة.
الدَّرَّازْ فْرَحْ بِبنْتُو اللِّي رَجْعَاتْ سَالْمَة وْبْعَيْنِيهَا غَانْمَة، الْقْبِيلَة كُلْهَا فَرْحَاتْ.
فَاعَلْ الخِيرْ بْمُوتْ مُّو، مَا بْقَى عَنْدُو لاَ فَرْعْ لاَ أَصْلْ، وْكَجَزَاءْ لِلْخِيرْ للِّي دَارُو، زَوّْجُو الدَّرَّازْ بِبَنْتُو، وْعَاشُو فِالْقْبِيلَة، عِيشَة هَانْيَة فَرْحَانَة، وخْدَا حَرْفَة الدَّرَّازَة مِنْ الدَّرَّازْ، وْبْعَدْمَا كَانْتْ بِنْتْ الدَّرَّازْ تَمْشِي للسُّوقْ ضْرِيرَة، وللَّاتْ تَمْشِي بِنُورْ عَيْنِيهَا، لاَحْمَارَة تْقُودْهَا وْلاَ شَفَّارْ يَضْحَكْ عْلِيهَا.
وْهَكْذَا مْشَاتْ حْكَايْتِي مِنْ وَادْ لْوَادْ ومِنْ بْلاَدْ لْبْلاَدْ، يَحْكِيهَا الْجْدَادْ لِلصِّبْيَة وْلْحْفَادْ .