2013-11-25, 19:33
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | هكذا كان السلف أكثر حكمة منا | الأصل في الخوض في مسائل العقيدة هو الكف والإمساك، خصوصا تلك التي لا يترتب عليها عمل. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج على الصحابة وهم يتكلمون في إحدى المسائل وكل فريق يستدل بكلام الله تعالى، يضربون القرآن بعضه ببعض، فغضب صلى الله عليه وسلم. وقد سار على ذلك من جاؤوا بعده، وهذا إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله أجاب جوابا صارما لما سأله أحدهم عن معنى الاستواء في قوله تعالى: "الرحمان على العرش استوى"، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء. أخرجوه من مجلسنا. أما التناظر في قضايا العقيدة من أسماء وصفات وغير ذلك مما اشتهر عن علماء السنة، فقد كان من باب الضرورة، لأن ظهور الانحراف في مجال الاعتقاد هو من حتم الرد، قياما بواجب التبيين الذي أنيط بورثة الأنبياء. وقد كان علماء السنة أكثر حكمة، بحيث أنهم تمثلوا بشكل صحيح فريضة الوقت، فلم يخوضوا معارك متوهمة كما لم يحجموا عن خوض المعارك الحقيقية ومواجهة الإشكاليات الراهنة. فمثلا، لا نجد أحدا من علماء السنة يناظر حول الأصنام والأوثان لأن ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة ولأنه لم يعد مطروحا في زمنهم. علماء السنة لم يكونوا يعيشون خارج زمنهم وكانوا يدركون أن لكل مرحلة استحاقاتها، وكما يقول الفقهاء: المناسبة شرط. وهذا ما يغيب عن الكثيرين اليوم. وأتخيل أن البعض من الناس يعيشون حالة من التماهي مع فترة السلف، وكأنهم يريدون استدراك ما فاتهم من تلك الفترة الذهبية من تاريخ المسلمين، فحاولوا تكرار المعارك مع الجهم بن صفوان وواصل بن عطاء والجعد بن درهم وغيلان الدمشقي، وصاروا يناقشون قضايا مثل: هل الأعمال مخلوقة، وهل الإيمان مخلوق وغيرها من القضايا التي لم تعد مطروحة. أين العيب هنا: مبدئيا ليس هناك عيب طالما أن الشخص الذي تبحر في العلوم يريد أن ينظر إلى ما قاله علماء السنة بخصوص هذه المسائل. لكن العيب هو أن يخوض المرء هذه المعارك ويغفل المعارك الحقيقية التي لا يوجد في المعسكر المخالف فيها المعتزلة والجهمية والمرجئة والمشبهة، وإنما يمثل المعسكر المخالف تيار الإباحية والتفسيق الذي أخذ يجد لها موقعا في هذا المجتمع، وهذا التيارأكثر وصولا إلى الفئات انمستهدفة لما يتوفر عليه من إمكانيات مادية وإعلامية وسياسية وثقافية. إنها معركة القيم، وساحتها الأخلاق والممارسة الاجتماعية اليومية. والسبيل الأنجع ليس هو الإحجام عن المواجهة، بل هو الإقدام عليها بخطاب ثقافي وفكري واضح ومنظومة أخلاقية أصيلة، مع فقه للواقع وترتيب للأولويات، وبدل أن نعيش عصر أبي الفرج بن الجوزي وتقي الدين بن تيمية والحافظ الذهبي والحافظ العراقي وبن عبد البر رحمهم الله جميعا، لنعش عصرنا بمعاركه ولنعرف الاستحقاقات والتحديات الحقيقية، كما كان سلفنا في مستوى اللحظة التاريخية. فهل سنكون في مستوى اللحظة أم سنكون خارج التاريخ ونحن نحسب أننا نحسن صنعا؟
بقلم: روبن هود | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=696221 |
| |